لماذا القلق من انتهاء التيسير الكمي في مجلس الاحتياطي الفيدرالي ؟

[الصحفى المحترف]

انا : الصحفى المحترف

تسببت تلميحات تطورت فيما بعد إلى تصريحات لرئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بن برنانكي، ولكبار معاونيه، ولبيانات صادرة عن المجلس، حول وجود إمكانية لتقليص حجم دفعات التسهيل الكمي تم التوقف عن العمل بها كلياً، أي توقف الفيدرالي عن شراء السندات (استعادتها من حائزيها من شركات وبنوك القطاع الخاص)، وهي العملية التي تتم بمعدل 85 مليار دولار شهرياً تحت مسمى التسهيل الكمي، تسببت تلك التلميحات والتصريحات في إحداث موجة من عدم الارتياح والرضا، بل والاحتجاج من جانب حكومات بلدان الأسواق الصاعدة، خصوصاً الصين وروسيا والبرازيل والهند وتركيا .بحسب جريدة الخليج

فلماذا هذا الخوف والانزعاج من قرار سيادي لمصرف مركزي (مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي) بإحداث تغيير في سياسته النقدية؟

على مدى السنوات الخمس الماضية (اعتباراً من عام 2008) أطلقت حكومة الولايات المتحدة برنامجها للتسهيل الكمي “Quantitative easing” بمعدل 85 مليار دولار شهرياً، كانت وما زالت تقوم بموجبه، باستبدال أصول ورقية معطلة في خزائن البنوك والشركات، ومعظمها سندات حكومية “Government bonds” مستندات دين تصدرها الحكومة وتدفع لحاملها فوائد دورية مضافة إليها القيمة الاسمية للسند في تاريخ استحقاقه)، وسندات خزانة “Treasury notes” سندات تصدرها وزارة الخزانة الأمريكية كأداة نقدية لتغطية نقص موارد التمويل منذ عام ،1863 وتستحق فائدة أعلى من السندات الحكومية لكون فائدتها مؤجلة الدفع مع القيمة الاسمية للسند)، وذلك لدفع أسعار هذه الأصول إلى أعلى بما يفضي إلى خفض أسعار الفائدة في الاقتصاد ويخلق بيئة ملائمة للانتعاش . بيد أن أعراضاً جانبية صاحبت هذا التدبير المبتدع لإخراج الاقتصاد من أزمته، ومنها أن المستثمرين وبعد أن مكنهم الاحتياطي الفيدرالي من تسييل سنداتهم، فإنهم استخدموا هذه السيولة “للتبضع” الاستثماري خارج الحدود، خصوصاً في الأسواق الصاعدة، من ريو دي جانيرو إلى جاكرتا، حيث فرص التوظيف أجزى . وحين تتدفق مثل هذه الرساميل على هذه الأسواق، ترتفع أسعار الأسهم وتنخفض تكلفة الاقتراض الحكومي بسبب وفرة المعروض، وتزدهر بالتالي أوضاع الطبقة الوسطى وترتفع مؤشرات التوظيف في هذه الأسواق . ولكن حين ينعكس اتجاه مجرى تدفق هذه الاستثمارات (من الداخل إلى الخارج)، فإن ذلك يضع اقتصادات هذه الأسواق في مأزق مالي خطر . وهذا ما يفسر خشية ساسة الدول الصاعدة من الانعكاسات السلبية لتوجه مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لوضع حد لبرنامجه الخاص بحزم التيسير الكمي . حيث أعربت كل من الصين وروسيا عن قلقهما إزاء نية الولايات المتحدة إنهاء العمل ببرنامجها للتسهيل الكمي، مشيرتان إلى مخاطر هذه الخطوة على النمو العالمي وتدفقات رؤوس الأموال وأسعار صرف العملات .
الرئيس أوباما في قمة العشرين التي عُقدت في سانت بطرس بيرغ في الخامس والسادس من سبتمبر/أيلول ،2013 استمع من رؤساء مجموعة بريكس (البرازيل، روسيا، الهند، الصين وجنوب إفريقيا)، ما يعبر عن قلقهم من التحول الفجائي في السياسة النقدية الأمريكية وأثر ذلك في اقتصادات بلدانهم . ولكن هذا لن يغير من الأمر شيئاً . فالمسألة تتعلق بقرار سيادي مرتبط بانتهاء الغرض الذي طبقت من أجله سياسة التسهيل الكمي،
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك