أهلا وسهلا بكم في منتدى المراجع المصرى/المحاسب القانونى محمد صفوت نتمنى لكم اجمل الاوقات برفقتنا
ضع وصفاً للصورة الأولى الصغيره هنا1 ضع وصفاً للصورة الثانية الصغيره هنا2 ضع وصفاً للصورة الثالثه الصغيره هنا3 ضع وصفاً للصورة الرابعه الصغيره هنا4
العودة   منتدى المراجع المصرى/المحاسب القانونى محمد صفوت > المنتدى الاقتصادى > منتدى الاقتصاد الاسلامى
« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: مفهوم الدعم والمقاومة (آخر رد :دعاء يوسف علي)       :: أفضل أنواع التداول (آخر رد :دعاء يوسف علي)       :: خطوات التسجيل في فرنسي تداول (آخر رد :دعاء يوسف علي)       :: شروط تسجيل عضوية بموقع حراج (آخر رد :دعاء يوسف علي)       :: رسوم الحساب الاستثماري في تداول الراجحي (آخر رد :دعاء يوسف علي)       :: اعتماد العزل (آخر رد :مروة مصطفي)       :: شركة امتلاك (آخر رد :مروة مصطفي)       :: كيفية شراء الاسهم الامريكية الحلال (آخر رد :سلمي علي)       :: طريقة تحويل العملات المختلفة (آخر رد :سلمي علي)       :: حجابات شيفون (آخر رد :سلمي علي)      

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 07-10-2013, 04:26 PM
المحاسب المتميز المحاسب المتميز غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jul 2013
المشاركات: 765
Smile أسس النظام الإقتصادي الإسلامي في القرآن الكريم



مقدمــة:
النظام الاقتصادي مجموعة من القواعد والمبادئ والقوانين المنظمة للنشاط الاقتصادي، وهو ما يتعلق بالإنتاج والنقود والتبادل بين الناس كأفراد أو شركات ومؤسسات ودول. هناك عدة أنظمة اقتصادية وضعية حدد الاقتصاديون قوانينهما ومؤسساتها حسب هواهم ومصالحهم كالنظام الرأسمالي والنظام الاشتراكي والاقتصاد الموجه. وهناك النظام الاقتصادي الذي حدد الله تعالى معالمه وقوانينه في كتبه وشرائعه التي أنزلها للناس عبر مختلف مراحل الإنسانية، والقرآن الكريم هو الشريعة التي نسخ بها الله تعالى كل الشرائع السابقة وحدد فيه معالم نظام اقتصادي متكامل بين فيه القواعد العامة الآمرة وترك مسألة سن قوانين وضعية مطبقة لها للسلطة الإسلامية حسب تطورات المجتمع الإسلامي والنشاط الاقتصادي والتطور العلمي والتقني.
وقد سمعت كثيرا من الأصوات عبر الفضائيات تطالب المسلمين بتحديد معالم وأسس وقوانين النظام الاقتصادي الإسلامي على إثر الأزمات المالية والاقتصادية المتتالية في العالم، وتلبية لهذا النداء وغيرة مني على شرع الله تعالى القرآن الكريم وفي إطار مساهمتي في الدعوة الإسلامية والدفاع عن نعمة القرآن الحكيمة الخالدة التي أنعم بها الله تعالى على بني آدم كلهم فإني أقدم للباحثين المحترمين ورجال الاقتصاد والسياسية هذه الدراسة حول الاقتصاد الإسلامي. وقد استنبطت قوانينه وأحكامه الشرعية من آيات القرآن الكريم، ولها أهمية بالغة لأنها صالحة لكل زمان ومكان. والأزمات المتتالية في مجال الاقتصاد سببها الرئيسي الابتعاد عن شرع الله وعدم الالتزام بالقوانين الاقتصادية الإسلامية المحددة في القرآن الكريم وفيما يلي أحدد تصميم هذا البحث وهو:

المبحث الأول: الله تعالى يتحكم في اقتصاد الفرد والمجتمع.
أ- الله تعالى هو الذي يوفر المصادر الأساسية لنمو الاقتصاد.
ب- الله تعالى هو الذي يحرم الناس من المصادر الأساسية لنمو الاقتصاد.
المبحث الثاني: القوانين الاقتصادية في القرآن الكريم
أ- القوانين التي تفرض على الإنسان واجبات لتنمية الاقتصاد.
ب- القوانين التي تحرم على الإنسان ما يخرب الاقتصاد.


المبحث الأول: الله تعالى يتحكم في اقتصاد الفرد والمجتمع.
من الأحكام الشرعية الدالة على هذه الحقيقة ما يلي: يونس 3 ﴿إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يدبر الأمر﴾ والنور 42 ﴿ولله ملك السماوات والأرض وإلى الله المصير﴾ والزخرف 85 ﴿وتبارك الذي له ملك السماوات والأرض وما بينهما وعنده علم الساعة وإليه ترجعون﴾ طه 6 ﴿ له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى ﴾ آل عمران 180 ﴿ ولله ميراث السماوات والأرض﴾ والحديد 10 ﴿ وما لكم لا تنفقوا في سبيل الله ولله ميراث السماوات والأرض﴾ والمؤمنون 84-85 ﴿ قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون سيقولون لله قل أفلا تذكرون﴾ البقرة 107 ﴿ ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير﴾ المائدة 120 ﴿ لله ملك السماوات والأرض وما فيهن وهو على كل شيء قدير﴾ يونس 66 ﴿ ألا إن لله من في السماوات ومن في الأرض﴾ هذه الآيات الكريمة تؤكد أن الله تعالى هو الذي خلق الكون وكل ما هو موجود ومنه الأرض وما فيها وما عليها من أشياء ومخلوقات ومنها الإنسان. فنحن والمنشآت والأموال وكل مصادر الاقتصاد من مواد أولية ومنتجات وغيرها ملك لله تعالى يتصرف فينا كما يشاء لكن الله عز وجل عادل وحق ولا يظلم أحدا أبدا بل يجازي كل واحد عن أعماله. وأحيلكم على الفصل الثاني حول عدل الله تعالى المنشور في موقعي المذكور.
والله تعالى خلق الإنسان وسخر له ما في الدنيا واستخلفه للنيابة عنه في إعمار الأرض وممارسة النشاط الاقتصادي فيها ولكن في إطار نظام الاستخلاف وهو شرع الله.
والدليل الشرعي: الذاريات "56" ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون﴾ وعبادة الله ليست الصلاة فقط بل طاعة الله والالتزام بكل أحكام القرآن بما فيها القوانين الاقتصادية. النمل "62" ﴿ويجعلكم خلفاء الأرض﴾ والأنعام 165 ﴿وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم فيما آتاكم﴾. فالحياة الدنيا دار ابتلاء استخلفنا الله تعالى في ملكه ومنه مصادر نمو الاقتصاد والأموال ليرى من يتصرف فيها طبقا لقوانين الله وقرآنه ويطيعه باحترام نظام الاستخلاف فيحييه حياة طيبة في الدنيا والآخرة. ومن أعرض عن القرآن يعاقبه الله في الدنيا والآخرة. فاطر "39" ﴿هو الذي جعلكم خلائف في الأرض فمن كفر فعليه كفره ولا يزيد الكافرين كفرهم عند ربهم إلا مقتا ولا يزيد الكافرين كفرهم إلا خسارا﴾ وهود "61" ﴿هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها﴾ والأعراف 129 ﴿قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون ﴾ الكهف "7" ﴿ إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا﴾ كل ما على الأرض من زينة ومصادر النمو الاقتصادي خلقها الله تعالى واستخلف الإنسان ليتمتع بها ولكن بشرط الالتزام بالشرع الذي نزله لكل أمة حسب مرحلتها الزمنية، فهذا امتحان وابتلاء واختبار من الله للإنسان، وعلى أساسه يختار الله تعالى المؤمنين الصالحين المتقين الملتزمين بنظام الاستخلاف ليعودوا إليه ويحيوا حياة دائمة أبدية بعد البعث في الجنة، والدليل الملك 1 و 2 ﴿ تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور﴾ الحديد "7" ﴿وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه﴾ هذه الآية دليل قاطع على أن ما تتصرف فيه من نشاط اقتصادي وما وفر لنا الله تعالى من خيرات الأرض ملك لله ونحن ملك له ونتصرف في الاقتصاد نيابة عنه لإعمار الأرض وعبادة الله تعالى.
ولكن الله تعالى حدد لهذا الاستخلاف قوانينه ونظامه في الشرائع التي أنزلها للناس وناسخها وخاتمها القرآن الكريم، وعلى ضوء تعامل الناس مع نظام الاستخلاف يتصرف الله تعالى في ملكه ومنه المصادر الأساسية لنمو الاقتصاد سواء اقتصاد الفرد أو المجتمع، وهذا ما أبينه في النقطتين أ و ب.
أ- الأدلة الشرعية على أن الله تعالى هو الذي يوفر للناس مصادر نمو الاقتصاد.
تأملوا إخواني آيات الكون. معمل النسيج يتوقف نشاطه الاقتصادي على المواد الأولية وهي الصوف والقطن والماء وعلى عمل الإنسان لتحويل هذه المواد إلى ألبسة جاهزة، فإذا انقطع المطر عدة سنوات وانتهى الاحتياط ونفذ هل ينبت القطن وهل تبقى الحيوانات التي تعطى الصوف، إذا لم تجد ما تأكل بسبب موت النباتات لعدم وجود الماء؟ وهل يستطلع الإنسان العمل إذا لم يجد مصادر الطعام؟ طبعا يتوقف النشاط الاقتصادي للمعمل.
وهذا المثل ينطبق على كل القطاعات الاقتصادية الأخرى. فإذا انهار الاقتصاد الزراعي والفلاحي ينهار حتما الاقتصاد الصناعي والتجاري والمالي. وما هو سبب ازدهار أو عدم ازدهار الاقتصاد الزراعي والفلاحي؟ إنه رزق الله من السماء وهو الماء ورزق الأرض وهو ما ينبت فيها من نباتات وزرع وأشجار وفواكه ومعادن وغيرها طبعا عمل الانسان أساسي لنمو الاقتصاد. كل نشاط اقتصادي يتوقف على رزق الله من السماء والأرض بل كل المخلوقات الحية ومنها الإنسان تموت إذا منع الله نزول الماء وبركات الأرض. الطائرة تتوقف وتسقط من السماء إذا مات قائدها جوعا. هذه أدلة منطقية وحقيقية ومحققة في الواقع ومقنعة ولا أحد نهائيا يملك دليلا موضوعيا على ما يخالفها. لا أحد يستطيع إنزال الماء من السماء، إلا الله عز وجل. وأعطى أدلة شرعية من القرآن الكريم لأنه كلام الله تعالى وحق وصدق. البقرة 21-22 ﴿يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون﴾ لقمان "20" ﴿ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير﴾ سبأ "24" ﴿قل من يرزقكم من السماوات والأرض قل الله﴾ العنكبوت "17" ﴿إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له إليه ترجعون﴾. وقال الله تعالى على لسان نبيه نوح عليه الصلاة والسلام نوح "10" "12" ﴿فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا﴾ والحجر "19" "22" ﴿والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل شيء موزون وجعلنا لكم فيها معايش ومن لستم له برازقين. وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم وأرسلنا الرياح لواقح فأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه وما أنتم له بخازنين﴾ الأعراف "10" ﴿ولقد مكناكم في الأرض وجعلنا لكم فيها معايش قليلا ما تشكرون﴾. إن توفير مصادر معيشة الإنسان وهي الماء الذي ينزله الله تعالى وما ينبت بحكمته وخلقه من الأرض هو المصدر الأساسي لكل نشاط اقتصادي وعليه تقوم كل الأنشطة الاقتصادية سواء في الفلاحة أو الصناعة والتجارة، لهذا قال الله تعالى عن الزوجات مما ملكت الإيمان في النور "33" ﴿وآتوهن من مال الله الذي آتاكم﴾ والحديد "7" ﴿وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه﴾. فكل ما يهم الاقتصاد من أشياء منقولة وغير منقولة وأموال ملك لله تعالى. والإنسان متصرف فيها بالنيابة عن الله تعالى. الإسراء "6" "7" ﴿وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها﴾ غافر "61" ﴿إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون﴾ فالنعم التي يتمتع بها بنوا آدم في الدنيا فضل من الله تعالى ورزقه إن أمسكه تموت كل الكائنات الحية ومنها الإنسان. والدليل: الداريات "58" ﴿إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين﴾ فهو يرزق الناس من الماء وما ينبث في الأرض، وإن شاء وفر أسباب الرزق الأخرى مكافأة للمتقين أو ابتلاء وإن شاء أمسك أسباب الرزق عقابا للمجرمين أو ابتلاء، والداريات "22" "23" ﴿وفي السماء رزقكم وما توعدون فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون﴾ فالله تعالى هو الذي يوفر مصادر طعام كل المخلوقات الحية ومنها الإنسان. هود "6" ﴿وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين﴾، ولكن فرض الله تعالى العمل على كل مخلوقاته للبحث عن طعامها ومنها الإنسان، فالطائر لا يأتيه طعامه إلى عشه والإنسان لا تأتيه التفاحة من الشجرة إلى سريره. الله تعالى مصدر نمو الاقتصاد وتكوين الأموال والدليل: المدثر "11" "17" ﴿ذرني ومن خلقت وحيدا وجعلت له مالا ممدودا وبنين شهودا ومهدت له تمهيدا ثم يطمع أن أزيد كلا إنه كان لآياتنا عنيدا سأرهقه صعودا﴾.
الله تعالى ربط توفير مصادر الرزق ونمو الاقتصاد بالتقوى أي طاعة الله واحترام نظام الاستخلاف وهو شرع الله تعالى. طه "81" ﴿كلوا من طيبات ما رزقناكم ولا تطغوا فيه فيحل عليكم غضبي ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى﴾ إبراهيم "31" ﴿قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة وينفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال﴾. فكل ما على الأرض من خيرات أصله رزق الله تعالى. ومن الآيات المؤكدة لذلك غافر "13" ﴿هو الذي يريكم آياته وينزل لكم من السماء رزقا وما يتذكر إلا من ينيب﴾ يس "33" ﴿وآية لهم الأرض الميتة أحييناها وأخرجنا منها حبا فمنه يأكلون﴾ والنمل "64" ﴿أمن يبدأ الخلق ثم يعيده ومن يرزقكم من السماء والأرض أإلاه مع الله قل هاتوا برهانكم إن كنت صادقين﴾. شجرة التفاح بدرتها الأولى خلقها الله تعالى ولولا الماء الذي لا ينزله إلا الله لما كبرت ولما أعطتنا التفاح، ملايير البشر في الكون أصلها من آدم، ولولا مصادر الطعام التي يتكون منها المني لما تناسل البشر، الدجاجة تخلق من البيضة ولكن الدجاجة التي باضت البيضة الأولى خلقها الله تعالى، فكل مصادر الطعام والمواد التي يحتاج إليها نمو الاقتصاد من خلق الله تعالى الذي يتصرف فيها، والأدلة ما يلي: الأعراف "96" ﴿ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون﴾ الجن "16" "17" ﴿وألو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غذقا لنفتنهم فيه ومن يعرض عن ذكر ربه يسلكه عذابا صعدا﴾ والشورى "26" ﴿ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله والكافرون لهم عذاب شديد﴾ والشورى "27" ﴿ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء إنه بعباده خبير بصير﴾، فاسألوا التاريخ أيها الناس فكلما طغى الطغاة حطمهم الله بأسباب متعددة وهو على كل شيء قدير ويضع لكل عقاب أجلا. والجاثية "5" ﴿وما أنزل الله من السماء من رزق فأحيا به الأرض بعد موتها وتصريف الرياح آيات لقوم يعقلون﴾ وق "9" "11" ﴿ونزلنا من السماء ماء مباركا فأنبتنا به جنات وحب الحصيد والنخل باسقات لها طلع نضيد رزقا للعباد وأحيينا به بلدة ميتا كذلك الخروج﴾ الملك "15" ﴿هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور﴾ النازعات "30" "33" ﴿والأرض بعد ذلك دحاها أخرج منها ماءها ومرعاها والجبال أرساها متاعا لكم ولأنعامكم﴾ الحديد "29" ﴿لئلا يعلم أهل الكتاب ألا يقدرون على شيء من فضل الله وأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم﴾. وفضل الله تعالى هو ما يوفر من رزق السماوات والأرض. ولهذا أمر الله تعالى المسلمين بالعمل للكسب من فضل الله عز وجل الجمعة "10" ﴿فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله﴾ الأعراف "32" ﴿قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون﴾ والبقرة "267" ﴿يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض﴾، هذه الآية دليل على أن عمل الإنسان أي نشاطه الاقتصادي ضروري لنمو الاقتصاد الفردي واقتصاد المجتمع. وسوف أتعرض للأحكام الشرعية التي تفرض العمل الحلال للكسب من رزق الله وفضله عندما أتعرض للقوانين الاقتصادية الإسلامية. والشعراء "132" "134" ﴿واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون أمدكم بأنعام وبنين وجنات وعيون﴾ والنبأ "14" "16" ﴿وأنزلنا من المعصرات ماء تجاجا لنخرج به حبا ونباتا وجنات ألفافا﴾ والأعراف "57" ﴿وهو الذي يرسل الرياح بشرى بين يدي رحمته حتى إذا أقلت سحابا ثقالا سقناه لبلد ميت فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من كل الثمرات كذلك نخرج الموتى لعلكم تذكرون﴾ فالدورة المائية كما اكتشفها العلماء من خلق الله الذي خصص لها ملائكة يسيرونها بأمره.
وأضيف الأحكام الشرعية المؤكدة أن الله تعالى يتحكم في مصادر النشاط والنمو الاقتصادي، وإني أكثرت منها لتدعيم البرهان والدليل ومنها النمل "60" ﴿أمن خلق السماوات والأرض وأنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ما كان لكم أن تنبتوا شجرها أإلاه مع الله بل هم قوم يعدلون﴾ والشعراء "7" "8" أو لم يروا إلى الأرض كم أنبتنا فيها من كل زوج كريم إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين﴾. والفرقان "48" "50" ﴿وهو الذي أرسل الرياح بشرى بين يدي رحمته وأنزلنا من السماء ماء طهورا لنحيي به بلدة ميتا ونسقيه مما خلقنا أنعاما وأناسي كثيرا ولقد صرفناه بينهم ليذكروا فأبى أكثر الناس إلا كفورا﴾ فالماء أصل الحياة وهو المصدر الأساسي والضروري لكل نشاط اقتصادي بدون الماء لا حياة ولا اقتصاد.
أكد ذلك الله تعالى في الأنبياء "30" ﴿وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون﴾ هل يستطيع الإنسان العيش بدون ماء وطعام هل هناك من يوفر الماء للناس إذا أمسكه الله تعالى؟ إن مصادر نمو الاقتصاد بيد الله تعالى: فاتقوا الله أيها الناس وتدبروا القرآن الكريم والتزموا به يوفر لكم الله تعالى رزق السماء والأرض. وتدبروا أيها الناس هذه الآيات التي ذكرتها ومنها عبس "24" "32" ﴿فلينظر الإنسان إلى طعامه أنا صببنا الماء صبا ثم شققنا الأرض شقا فأنبتنا فيها حبا وعنبا وقضبا وزيتونا ونخلا وحدائق غلبا وفاكهة وأبا متاعا لكم ولأنعامكم﴾ والإسراء "70" ﴿ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا﴾ لقمان "20" ﴿ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير﴾ وقريش "1" "4" ﴿لإيلاف قريش إلافهم رحلة الشتاء والصيف فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف﴾. هذه الأحكام الشرعية التي أدليت بها في هذا البحث دليل قاطع وبرهان مؤكد على أن اقتصاد الفرد والمجتمع خاضع لإرادة الله تعالى لأن عوامل الإنتاج الأساسية خاضعة لإرادة الله تعالى ولا أحد يوفرها غير الله عز وجل.
ونستنتج ما يلي: إن قطاع التجارة والمال لا يزدهر ولا ينمو إلا إذا توفر النمو والازدهار في قطاع الزراعة والفلاحة وقطاع الصناعات بمختلف أنواعها. وقطاع الصناعات يتوقف على ازدهار ونمو قطاع الزراعة والفلاحة وما في الأرض من مواد أولية للصناعة ومصادر الطعام لتغذية العنصر البشري الذي هو عامل أساسي من عوامل الإنتاج. والنمو الاقتصادي ومصادر الطعام يتوقف على بركات ورزق الله من السماء والأرض أي الماء وما يخلق الله في الأرض من نباتات ورزق ومعادن وغيرها، من الخضر والفواكه. ومما يؤكد هذه الحقيقة أن الإنسان ولو أراد العمل لكسب المعيشة ومهما تطورت وسائل عمله فإن ذلك لا يفيده شيئا إذا منع الله تعالى رزق السماء والأرض، هل هناك من يوفره للإنسان؟ الله وحده يتحكم في المصادر الأساسية لنمو الاقتصاد بل حياتنا في الدنيا خاضعة لإرادة الله تعالى في أية لحظة، فآمنوا أيها الناس وأطيعوا الله واعملوا بأحكام القرآن الكريم واشكروا الله تعالى على نعمه وفضله وإحسانه لأن هذه القوانين الاقتصادية حتمية وحقيقية ومؤكدة فعلا في الواقع وعبر مراحل التاريخ البشري.

ب- الله تعالى يمسك مصادر نمو الاقتصاد عقابا أو ابتلاء
الله تعالى هو المدبر للكون وما فيه وهو الذي يوفر مصادر رزق الكائنات الحية ومنها الإنسان ومن قدرته عز وجل المطلقة العادلة إمساك رزقه وفضله ونعمه عمن أراد عقابا عن السيئات والفساد أو ابتلاء للناس للكشف عن حقائق النفوس ومدى إيمانها وصدقها وتقواها أو مدى كفرها ونفاقها، وسأعطي كثيرا من الأحكام الشرعية الدالة على هذه الحقيقة. الله تعالى لا يمسك رزقه عن الناس ظلما أبدا. فقضاء الله تعالى وقدره مطلق ولكنه عادل والدليل ق "29" ﴿ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد﴾ والأنبياء "47" ﴿ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين﴾ الله تعالى لا يمسك مصادر نمو الاقتصاد إلا بسبب ظلم الناس وابتعادهم عن شرع الله. القصص "59" ﴿وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا يتلوا عليهم آياتنا وما كنا مهلكي القرى وإلا وأهلها ظالمون﴾ والتوبة "70" ﴿فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون﴾.
الله تعالى قادر على إمساك رزق السماوات والأرض بل قادر على إتلاف وتخريب الإنتاج وتحطيم الاقتصاد عقابا أو ابتلاء والدليل: يونس "23" "24" ﴿إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون﴾ والملك "20" "21" ﴿أمن هذا الذي هو جند لكم ينصركم من دون الرحمان إن الكافرون إلا في غرور أمن هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه بل لجو في عتو ونفور﴾ والروم "50" "51" ﴿فانظر إلى آثار رحمة الله كيف يحيى الأرض بعد موتها إن ذلك لمحيي الموتى وهو على كل شيء قدير ولئن أرسلنا ريحا فرأوه مصفرا لظلوا من بعده يكفرون﴾ والأحقاف "24" "25" ﴿بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين﴾ والحديد "20" ﴿اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور﴾، الله تعالى حتى ولو أعطى رزق السماوات والأرض للناس فهو قادر على معاقبتهم بإتلاف وتدمير اقتصاد الفرد واقتصاد المجتمع إذا أعرضوا عن شرع الله وفسدوا في الأرض والدليل: الزخرف "36" "37" ﴿ومن يعش عن ذكر الرحمان نقيض له شيطانا فهو له قرين وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون﴾ طه "123" ﴿فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا﴾ الطلاق "2" "3" ﴿ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب﴾ ومحمد "7" "9" ﴿يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم والذين كفروا فتعسا لهم وأضل أعمالهم ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم﴾ ومحمد "1" "2" ﴿الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد وهو الحق من ربهم كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم﴾ فالذين آمنوا وعملوا الصالحات واتقوا الله والتزموا بالقرآن قولا وعملا سرا وعلانية لابد أن يوفر الله تعالى لهم رزقه من السماء والأرض ولكن لابد من عملهم الحلال للكسب من رزق الله، أما الذين خالفوا القرآن وفسدوا في الأرض فالله تعالى قادر على إمساك رزقه عنهم، ولكن يعطيهم فرصة للتوبة قبل العقاب، والدليل يونس "62" "64" ﴿ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم﴾ والأعراف "156" ﴿ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون﴾ وفصلت "30" "31" ﴿إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون﴾، هذا وعد من الله تعالى والقرآن صدق وحق، الأنعام "115" ﴿وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته﴾ وهذه قاعدة اقتصادية شرعها الله تعالى، فمن اتقى الله حقا وصدقا لا يحرمه من رزق السماوات والأرض ولكن المفسدين والمخالفين لشرع الله معرضون لعقاب الله في الدنيا والآخرة ومن عقابه في الدنيا إمساك رزقه من السماوات والأرض أو إتلاف الإنتاج والدليل الزمر "21" ﴿ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض ثم يخرج به زرعا مختلفا ألوانه ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يجعله حطاما إن في ذلك لذكرى لأولي الألباب﴾ والمؤمنون "18" ﴿وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض وإنا على ذهاب به لقادرون﴾ هود "44" ﴿وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي﴾ والملك "30" ﴿قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين﴾. وذكر لنا الله تعالى مثلا رجلا من عليه بالماء وأنبت له في أرضه ما شاء فزاغ وطغى وأشرك بالله تعالى فحطم الله تعالى اقتصاده الفردي وأتلف محصوله، فتدبر أخي سورة الكهف "34" "36" ﴿وكان له ثمر فقال لصاحبه وهو يحاوره أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا﴾ والكهف "40" "44" ﴿ويرسل عليها حسبانا من السماء فتصبح صعيدا زلقا أو يصبح ماؤها غورا فلن تستطيع له طلبا وأحيط بثمره فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها وهي خاوية على عروشها ويقول يا ليتني لم أشرك بربي أحدا ولم تكن له فئة ينصرونه من دون الله وما كان منتصرا هنالك الولاية لله الحق هو خير ثوابا وخير عقبا﴾ والكهف "45" ﴿واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تدروه الرياح وكان الله على كل شيء مقتدرا﴾ والقلم "14" "20" ﴿إن كان ذا مال وبنين إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين سنسمه على الخرطوم إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين ولا يستثنون فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون فأصبحت كالصريم﴾ والقلم "26" "27" ﴿فلما رأوها قالوا إنا لضالون بل نحن محرومون﴾ والقلم "31" ﴿قالوا يا ويلنا إنا كنا ظالمين﴾ وهناك مثال آخر النحل "112" "113" ﴿وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون ولقد جاءهم رسول منهم فكذبوه فأخذهم العذاب وهم ظالمون﴾.
الله تعالى قد يعاقب الظالمين بإمساك رزق السماوات والأرض فينهار الاقتصاد وقد يبتلي الناس لإظهار حقائق أنفسهم هل هم مؤمنون حقا أم منافقون ويعطى كذلك فرصا للتوبة. الرعد "13" ﴿ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال﴾ بل يرسل الله تعالى الفيضانات الجازفة. والزلازل والبرد القارص وأشعة الشمس المحرقة فيتحطم المحصول الزراعي وينهار الإنتاج الصناعي إذا انهار الإنتاج الزراعي والفلاحي وتبعا لذلك حتما يتوقف النشاط التجاري والمالي وينهار الاقتصاد، وهناك أدلة شرعية أخرى تؤكد أن الله تعالى قد يمسك المصادر الأساسية لنمو الاقتصاد ومنها: البقرة "266" ﴿أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب تجري من تحتها الأنهار له فيها من كل الثمرات وأصابه الكبر وله ذرية ضعفاء فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون﴾ الواقعة "68" "70" ﴿أفرأيتم الماء الذي تشربون أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون لو نشاء جعلناه أجاجا فلولا تشكرون﴾ والشورى "28" ﴿وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قتطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد﴾ والبقرة "155" "157" ﴿ولنبلوكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون﴾ الله تعالى يتصرف في ملكه وهو كل ما في الكون من أشياء وإنسان وغيره، ويبتلي الناس بإمساك رزق السماوات والأرض لإظهار إيمانهم أو كذبهم والدليل العنكبوت "2" "3" ﴿أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين﴾ وآل عمران "186" ﴿لتبلون في أموالكم وأنفسكم﴾ وفاطر "2" "3" ﴿ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم﴾ والتوبة "75" "76" ﴿ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون﴾ التوبة "77" "78" ﴿فأعقبهم نفاقا في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون، ألم يعلموا أن الله يعلم سرهم ونجواهم وأن الله علام الغيوب﴾ النحل "53" "54" ﴿وما بكم من نعمة فمن الله ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون ثم إذا كشف الضر عنكم إذا فريق منكم بربهم يشركون﴾ يونس "12" ﴿وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون﴾ ويونس "21" ﴿وإذا أذقنا الناس رحمة من بعد ضراء مستهم إذا لهم مكر في آياتنا قل الله أسرع مكرا إن رسلنا يكتبون ما تمكرون﴾.
تدبروا أيها الناس هذه الآيات الكريمة وما فيها من أحكام شرعية حكيمة لأنها صدرت من حكيم عليم هو الله تعالى، فالاقتصاد والمال وما في الكون ومنه الإنسان ملك لله تعالى خوله للإنسان الذي استحلفه لتنميته والعمل للاستفادة منه في مرحلة الدنيا المؤقتة وليكون أداة امتحان واختبار لعمل الإنسان الذي يجب أن يكون مطابقا لنظام الاستخلاف في الدنيا وهو شرع الله تعالى، فادرسوا أيها الباحثون المحترمون الواقع الإنساني وتأملوا تاريخه الاجتماعي والاقتصادي والسياسي فسوف تتأكدون من حقيقة أبدية خالدة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهي أنه عز وجل المتحكم في الاقتصاد سواء بالنسبة للفرد أو المجتمع وأنه وضع له قوانينه في القرآن، الروم "40" ﴿الله الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شيء سبحانه وتعالى عما يشركون﴾ والفتح "11" ﴿قل فمن يملك لكم من الله شيئا إن أراد بكم ضرا أو أراد بكم نفعا بل كان الله بما تعملون خبيرا﴾ والنحل "40" ﴿إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون﴾ والرعد "11" ﴿إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له وما لهم من دونه من وال﴾ والإسراء "83" ﴿وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه وإذا مسه الشر كان يؤوسا﴾ من عذاب الله في الدنيا إمساك الماء ورزق الله في الأرض قد يكون هذا الإمساك ابتلاء، والدليل السجدة "21" "22" ﴿ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه ثم أعرض عنها إنا من المجرمين منتقمون﴾ والأنعام "42" ﴿ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذتاهم بغتة فإذا هم مبلسون﴾. فحتى ولو ازدهر اقتصاد الكفار أحيانا فإن ذلك ابتلاء من الله تعالى في مرحلة مؤقتة وقد يكون فتنة وعذابا لهم، والدليل التوبة "85" ﴿ولا تعجبك أموالهم وأولادهم إنما يريد الله أن يعذبهم بها في الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون﴾. فرغم الازدهار الاقتصادي والمالي فإن الكفار يعيشون في عذاب الدنيا والاضطراب والخوف والأمراض والحروب والطغيان وعدم الاستقرار النفسي والصراع من أجل إشباع الرغبات والشهوات الغير المشروعة بخلاف المؤمنين الصالحين المتقين فإنهم يعيشون في السعادة والاطمئنان النفسي ورحمة الله تعالى ولو كان اقتصادهم غير مزدهر مثل الكفار، والمؤمنون الصالحون يحيون الحياة الدائمة في الجنة وسعادتها أما الكفار إذا لم يتوبوا وماتوا كفارا فلا ينفعهم ازدهار الاقتصاد ومتاع الدنيا لأن مصيرهم نار جهنم خالدين فيها، والدليل الكهف "105" "106 ﴿أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا ذلك جزاؤهم جهنم بما كفروا واتخذوا آياتي ورسلي هزؤا﴾ والبقرة "161" "162" ﴿إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون﴾. الله تعالى يبتلي الكفار فيرزقهم أحيانا مثل المؤمنين لعلهم يتوبون وقد يفتنهم بالمال إذ تأكد من استمرار كفرهم وعدم توبتهم والدليل لقمان "24" ﴿نمتعهم قليلا ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ﴾ والمائدة "41" ﴿ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم﴾ والشورى "20" ﴿من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وماله في الآخرة من نصيب﴾ وهود "15" "16" ﴿من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون﴾ والبقرة "86" ﴿أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة فلا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرون﴾ والإسراء "18" "19" ﴿من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا﴾.
فليس المهم في الدنيا ازدهار الاقتصاد أو كساده وتدهوره لأن الحياة الدنيا ومتاعها وزينتها مؤقتة والحياة الدائمة الأبدية والمتاع الدائم الأبدي في جنة الآخرة. لهذا يجب العمل للآخرة في الدنيا أي العمل للكسب من رزق الله ولكن في إطار التقوى والالتزام بشرع الله تعالى القرآن الكريم، المنافقون "9" ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون﴾. لأن ازدهار اقتصاد الكفار وأموالهم ابتلاء من الله تعالى لا ينفعهم يوم القيامة أبدا ولا يقام لهم وزن أعمالهم كالمسلمين. بل قرر الله تعالى لهم النار في جهنم حتما إذا لم يتوبوا لله وماتوا كفارا. والدليل آل عمران "10" ﴿إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا وأولئك هم وقود النار﴾ وآل عمران "116" ﴿إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون﴾ ويونس "7" "8" ﴿إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها والذين هم عن آياتنا غافلون أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون﴾ والتوبة "69" ﴿كالذين من قبلكم كانوا أشد منكم قوة وأكثر أموالا وأولادا فاستمتعوا بخلاقهم فاستمتعتم بخلاقكم كما استمتع الذين من قبلكم بخلاقهم وخضتم كالذي خاضوا أولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك هم الخاسرون﴾ وطه "74" "76" ﴿إنه من يأت ربه مجرما فإن له جهنم لا يموت فيها ولا يحيى ومن يأته مؤمنا قد عمل الصالحات فأولئك لهم الدرجات العلى جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء من تزكى﴾ والشعراء "205" "207" ﴿أفرأيت إن متعناهم سنين ثم جاءهم ما كانوا يوعدون ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون﴾. فلا تغتروا أيها الناس بمتاع الدنيا وحده بل اعملوا لمتاع الآخرة كذلك لأنه هو الدائم ولكي تنجوا من نار جهنم وعذابها الدائم وتسعدوا برحمة الله تعالى في الجنة.
فتدبروا إخواني المحترمين سورة الأعراف "163" ﴿واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا ويوم لا يسبتون لا تأتيهم كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون﴾ فالثوراة حرم فيها الله تعالى صيد الأسماك يوم السبت ولكن الله تعالى بقدرته منع مجيئ الأسماك إلى مكان الصيد إلا يوم السبت عمدا ليبتليهم أي أهل القرية المحادية للبحر الأحمر وليختبر إيمانهم ويظهر حقائق أنفسهم. فلو كانوا مؤمنين آنذاك حقا لما اصطادوا السمك يوم السبت المحرم عليهم، ولو بقوا بدون أسماك. عاقبهم الله تعالى عن عصيانهم البقرة "65" ﴿ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين﴾ الأعراف "166" ﴿فلما عتوا عن ما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين﴾. الله تعالى قد يوفر مصادر ازدهار الاقتصاد وهي رزقه من السماوات والأرض لينظر كيف يعمل الناس وهل يلتزمون بشرع الله أم لا. ولنا في قصة قارون وفرعون وهامان دليل آخر على تحكم الله تعالى في الكون وما فيه ومنه البشر والثروات والأموال، القصص "81" "82" ﴿فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين وأصبح الذين تمنوا مكانه بالأمس يقولون ويكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر لولا أن من الله علينا لخسف بنا ويكأنه لا يفلح الكافرون﴾ قارون أتاه الله أموالا كثيرة وهو من قوم موسى عليه وعلى كل الرسل صلاة الله وسلامه فطغى واغتر بالمال وأنكر نعم الله تعالى وأعرض عن شرع الله التوراة فعاقبه الله حيث ابتعلته الأرض بداره وأمواله.
فاحذروا أيها المؤمنون ابتلاء الله عز وجل وليكن إيمانكم صلبا صادقا قويا والتزموا بالقرآن الكريم قولا وعملا سرا وعلانية واعملوا في الحلال لازدهار اقتصادكم ولكن لا يؤثر على إيمانكم وحبكم لله ابتلاء لله لكم أو ظلم الكفار وتهديدهم والدليل آل عمران "186" ﴿لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور﴾.
إن الله تعالى يمسك مصادر نمو الاقتصاد عمن أراد في إطار الجزاء، فاطر "2" ﴿ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم﴾. الروم "36" "37" ﴿وإذا أذقنا الناس رحمة فرحوا بها وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون أو لم يروا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون﴾ والشورى "27" ﴿ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء إنه بعباده خبير بصير﴾ الإسراء "30" ﴿إن ربك يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إنه كان بعباده خبيرا بصيرا﴾ والفجر "15" "20" فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول رب أكرمن وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول رب أهانن كلا بل لا تكرمون اليتيم ولا تحضون على طعام المسكين وتأكلون التراث أكلا لما وتحبون المال حبا جما﴾. الله تعالى يرسل ويوفر مصادر نمو الاقتصاد أو يمسكها ويمنعها في إطار الجزاء عن أعمال الناس، ولا ينفع الإنسان عمله لكسب طعامه مهما كانت وسائله إذا قرر الله تعالى إمساك رزق السماوات والأرض لأنها المصدر الأساسي والضروري لنمو الاقتصاد بل لاستمرار الإنسان على قيد الحياة، والزمر "49" "51" ﴿فإذا مس الإنسان ضر دعانا ثم إذا خولناه نعمة منا قال إنما أوتيته على علم بل هي فتنة ولكن أكثرهم لا يعلمون، قد قالها الذين من قبلهم فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون فأصابهم سيئات ما كسبوا والذين ظلموا من هؤلاء سيصيبهم سيئات ما كسبوا وما هم بمعجزين﴾. ومن المصائب التي يعاقب بها الله الناس عن ظلمهم ومخالفتهم للقرآن الكريم إمساك الله تعالى مصادر نمو الاقتصاد وهي رزق السماوات والأرض (الماء وخيرات الأرض) فيتدهور وينهار حتما إذا شاء الله تعالى.
وهناك أيضا الزمر "8" ﴿وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيبا إليه ثم إذا خوله نعمة منه نسي ما كان يدعو إليه من قبل وجعل لله أندادا ليضل عن سبيله قل تمتع بكفرك قليلا إنك من أصحاب النار﴾ ولقمان "24" ﴿نمتعهم قليلا ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ﴾.
تأكد لنا في هذا المبحث الأول بالأدلة القرآنية والمنطقية والعقلية والكونية أن الله تعالى مالك الكون وما فيه ومنه الإنسان، والله تعالى هو الذي يعطي رزق السماوات والأرض وأساس الحياة وهو الماء، ومن آمن بالله وبالقرآن وعمل بأحكامه واتقى الله وأطاعه ضمن الله تعالى له الأمن والأمان والرحمة ورزق السماوات والأرض.
الله تعالى ينفذ تدبيره للكون مباشرة أو بواسطة جنوده من الملائكة والجن، والدليل سبأ "12" ﴿ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه ومن يزغ منهم عن أمرنا ندقه من عذاب السعير﴾ التحريم "6" ﴿عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون﴾ النحل "2" ﴿ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده﴾ يس "82" ﴿إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون﴾ ويس "28" و "29" ﴿وما أنزلنا على قومه من بعده من جند من السماء وما كنا منزلين إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم خامدون﴾ لله تعالى قادر على حماية المؤمنين الصالحين المتقين الصادقين والدليل الصافات "171" "173" ﴿ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون﴾ وغافر "51" ﴿إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد﴾ والروم "47" ﴿وكان حقا علينا نصر المؤمنين﴾ والشورى "26" ﴿ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله والكافرون لهم عذاب شديد﴾ آل عمران "160" ﴿إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون﴾ النمل "53" ﴿وأنجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون﴾ فصلت "53" ﴿سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أو لم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد﴾.
فتأملوا أيها الناس بصدق هذه الآيات وما فيها من أحكام شرعية وتأملوا آيات الكون وتصرف الله تعالى في ملكه ومخلوقاته ورزق السماوات والأرض الذي لا أحد يستطيع التحكم فيه إلا الله تعالى. إذا بسط الله تعالى هذا الرزق ازدهر الاقتصاد إذا عملنا بجد في إطار احترام القرآن والعمل به، وإذا أمسك الله تعالى رزق السماوات والأرض عقابا أو ابتلاء ينهار اقتصادنا ولو أردنا العمل، بجد بأحدث الوسائل. ونتيجة هذا المبحث أنه يجب علينا أيها الناس في كل أنحاء العالم محبة الله تعالى والإيمان به بصدق وطاعته وعبادته والتقوى أي الالتزام بالقرآن الكريم لنحصل على رزق السماوات والأرض الذي يتحكم فيه الله تعالى حتى تتوفر مصادر عيشنا ونمو وازدهار اقتصادنا، ولكي نفوز بمتاع الآخرة أيضا وهي الحياة الدائمة في سعادة الجنة مع الله عز وجل وننجو من عذاب الله تعالى في الدنيا ونار جهنم في الآخرة.

المبحث الثاني: القوانين الاقتصادية الإسلامية
القرآن الكريم شريعة الله الناسخة لكل الشرائع السابقة ومنها الثوراة والإنجيل، يتضمن القرآن القوانين المنظمة لنظام شامل للبشر منه الجانب العقائدي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي. وأحكام القرآن ملزمة لكل الناس في الكون. فرض الله تعالى فهم القرآن وتدبره والالتزام به وأحيلكم على دراسة نشرتها في موقعي بالانترنيت حول فهم القرآن الكريم، وقد بينت فيها الأدلة على أن فهم القرآن والالتزام به قولا عملا سرا وعلانية واجب شرعي فرضه الله تعالى وبينت قواعد فهم القرآن الكريم مساهمة مني في الدعوة الإسلامية. وأذكر آية كريمة حول واجب الالتزام بالقرآن الكريم الزمر "55" ﴿واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون﴾ ومن عذاب الله تعالى الجوع والفقر وانهيار الاقتصاد لدى الفرد والمجتمع والسجدة "22" ﴿ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه ثم أعرض عنها إنا من المجرمين منتقمون﴾ طه "123" "124" ﴿فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا﴾. هذه الأحكام الشرعية دليل قاطع على القوانين الاقتصادية في القرآن والتي تتعلق بالجوانب الاقتصادية في الدولة الإسلامية، وسأبينها حسب ما استطعت استنباطه وتدبره من آيات القرآن الكريم، وقد وزعتها وقسمتها إلى مجموعتين: الأولى أبين فيها القوانين الاقتصادية التي تأمر بأفعال لها علاقة بنمو وازدهار الاقتصاد الإسلامي والثانية القوانين الاقتصادية التي تحرم أفعالا لها علاقة بتدهور الاقتصاد وانهياره.
أ- القوانين الاقتصادية الإسلامية التي تفرض ما ينمي الاقتصاد
القوانين الاقتصادية الواردة في القرآن ملزمة للناس مثل كل أحكام القرآن الأخرى، وأولها العمل الحلال للكسب من رزق الله تعالى وهو رزق السماوات والأرض وتوفير مصادر وعوامل نمو وازدهار النشاط الاقتصادي سواء بالنسبة للفرد أو المجتمع مما خلق الله تعالى.
أيها الأخوة المحترمون إن العمل الحلال لكسب الرزق أول فريضة من فرائض الإسلام. فمن لم يأكل ثلاثة أيام فأكثر لا يستطيع عبادة الله التي خلقه من أجلها الذاريات "56" ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون﴾ بل إذا لم يعمل الإنسان لتوفير طعامه من رزق السماوات والأرض يموت جوعا ولا يقوم بعبادة الله تعالى الواجبة عليه.
وسأعطي أدلة شرعية على هذه الحقيقة. وأحيلكم إلى الفصل الثاني حول عدل الله تعالى (فرض الله العمل الحلال) وهو منشور في موقعي المذكور بالإنترنيت، ومنها التوبة "105" ﴿وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون﴾ والجمعة "10" ﴿فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون﴾ هذه الآية الكريمة قانون اقتصادي أساسي ومهم. الله تعالى أمر بصلوات الفرض الخمس ولكن بمجرد الانتهاء منها أمر الله تعالى بالعمل الفعلي في الإنتاج الحلال المفيد لنمو الاقتصاد. فالإنسان مجبر بأمر من الله تعالى بالعمل الحلال بعد أداء الصلاة لتوفير طعامه وحاجيات ومتاع الدنيا الحلال. وتذكروا وتدبروا إخواني الأنفال "60" ﴿وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة...﴾ كل مسلم عليه واجب العمل الحلال للمساهمة في إعداد القوة الاقتصادية والعلمية والتقنية والعسكرية للدفاع عن الإسلام والمسلمين ودار الإسلام في مواجهة الكفار أعداء الله وأعداء الإسلام والمسلمين. إن الله تعالى لم يأمر بصلاة النوافل كالفرائض. والذين يشتغلون بالنوافل ولا يعملون للإنتاج إذا كانت استطاعة العمل متوفرة فيهم عصوا الله وفسقوا عن أمره. وهناك أدلة أخرى النبأ "11" ﴿وجعلنا النهار معاشا﴾ النهار يعمل فيه المسلم لكسب معاشه ويصلي في آن واحد صلوات الفرض الخمسة. أمر الله تعالى بالعمل المنتج من فضله ورزقه والنشاط الاقتصادي وليس بجمع الأموال في البورصات ودور القمار والمسير والمضاربات المالية والربا. فالاقتصاد في الإسلام اقتصاد مادي يقوم على إنتاج السلع وليس على الاقتصاد المالي والنقدي لأن الذين يعيشون على الاقتصاد المالي والنقدي والربا وتجارة المحرمات يخربون الاقتصاد لأنهم يستهلكون ولا ينتجون وهم يعيشون بظلم المنتجين للسلع. والأدلة: الإسراء "12" ﴿وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلا من ربكم﴾ وفضل الله هو رزق السماوات والأرض وليس استثمار الأموال في الأبناك بالربا وفي البورصة. والبقرة "267" ﴿يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض..﴾ وفاطر "12" ﴿ونرى الفلك فيه مواخر لتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون﴾ فلولا إبحار السفينة لما حصل الصياد على السمك وهو فضل الله للإنسان. والروم "23" ﴿ومن آياته منامكم بالليل والنهار وابتغاؤكم من فضله﴾ ويس "32" "35" ﴿وآية لهم الأرض الميتة أحييناها وأخرجنا منها حبا فمنه يأكلون وجعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب وفجرنا فيها من العيون ليأكلوا من ثمرة وما عملته أيديهم أفلا يشكرون﴾ الله تعالى يوفر رزق السماوات والأرض ولكن لابد من عمل الإنسان لتحويل مصادر الطعام والإنتاج وكل ما يتعلق بالنشاط الاقتصادي المادي. هل الرضيع يستطيع الاستفادة من رزق الله وفضله بنفسه؟ إنه لا يستطيع الحركة والعمل، ولابد من عمل والده أو من تكفل به لتوفير طعام هذا الرضيع وإلا تعرض للموت جوعا.
ولهذا فرض الله تعالى على الأبناء البالغين الإحسان للوالدين والإنفاق عليهما إذا كانا محتاجين بل أمرهم بشكر الوالدين مثل شكر الله على فضله ونعمه وإحسانه والدليل لقمان "14" ﴿ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير﴾، فكل صغار الإنسان والحيوان والطيور وكل الكائنات الحية تتوقف حياتها على من يطعمها من رزق الله من السماوات والأرض. وهذه الحقيقة المطلقة عن نمو الرضيع دليل قاطع على أن الله تعالى فرض العمل الحلال للكسب من رزق السماوات والأرض. فالعمل الحلال هو القانون الأساسي الاقتصادي الإسلامي. بدون العمل لا يمكن الاستفادة من رزق الله وفضله. ولذلك استخلف الله تعالى الإنسان لعبادته وإعمار الأرض هود "61" ﴿هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها﴾ والحديد "7" ﴿آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه﴾ هذا الاستخلاف لهذه المهمة وواجب إطعام النفس وتلبية حقوقها المشروعة ومنها الزواج الحلال المشروع والنسل يعتبران من أسس فرض واجب العمل الحلال لتنمية اقتصاد الفرد والمجتمع. لكن العمل يجب أن يكون حلالا وفي إطار حدود الله المحددة في القرآن الكريم. فمن ينتج ويبيع وينقل الخمر والمخدرات ومن يعمل في البغاء والدعارة عمله حرام وما ينتجه حرام ينال عنه عذاب الله تعالى وعقاب السلطة الإسلامية ومن يعمل في الربا والمضاربات النقدية والمالية عمله حرام أيضا لأن فيها أكل أموال الناس بالباطل حرمه الله تعالى البقرة "188" ﴿لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون﴾.
ومن القوانين الاقتصادية الإسلامية ممارسة السلطة الإسلامية من طرف الأمة الإسلامية في دار الإسلام بحيث تنتخب من يمارس سلطة تنفيذ القوانين تحت إشرافها ومراقبتها لتنفيذ أحكام القرآن ومنه القوانين الاقتصادية وإقامة العدل بين الناس لأنه من عوامل الازدهار الاقتصادي و السلم الاجتماعي.
فالأمة الإسلامية ملزمة بممارسة الحكم لأنها مسؤولة أمام الله تعالى عن تطبيق منهج الله تعالى والدليل أن أوامر الله تعالى ونواهيه صدرت للمسلمين كافة. فتدبروا إخواني آيات القرآن الكريم لتتأكدوا من ذلك ومن الأحكام الدستورية الإسلامية التي أسندت الحكم في دار الإسلام للأمة الإسلامية الشورى "38" ﴿والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم﴾. لا يجوز أن يحكم على المسلمين إلا المسلمون الذين تنتخبهم الأمة الإسلامية بناءا على تقواهم ومؤهلاتهم. المائدة "55" "56" ﴿إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون﴾ والنساء "58" ﴿إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل﴾ والمائدة "8" ﴿يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون﴾ هذه الأحكام الدستورية في القرآن فرضت على المسلمين المكونين للأمة الإسلامية إقامة العدل بين الناس، ولا يمكن إقامته إلا بممارسة السلطة والحكم في دار الإسلام. لهذا فرض الله طاعة أولي الأمر والدليل النساء "59" ﴿يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم﴾ ولكن هذه القاعدة الدستورية هي أيضا تعطي الحكم والسلطة في دار الإسلام للحكام المسلمين الذين ننتخبهم وتختارهم الأمة الإسلامية. فتدبروا إخواني عبارة ﴿أولي الأمر منكم﴾ "أي من الذين آمنوا لأن كلمة" منكم تعود لمن خاطبهم وأمرهم الله تعالى وهم الذين آمنوا. ولكن قيد الله تعالى طاعة الحكام وأولي الأمر فيما لا يخالف شرع الله تعالى. فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق وهو الله تعالى. وهناك دليل آخر النساء "83" ﴿وإلى أولي الأمر منهم﴾ أي من المسلمين. والتوبة "105" ﴿وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون﴾، فالمؤمنون أعطتهم هذه القاعدة الدستورية سلطة مراقبة المسلمين وفرض احترامهم لمنهج الله لأن أعمال الناس في دار الإسلام خاضعة لمراقبة الله تعالى وملائكته والأمة الإسلامية.
والقوانين الاقتصادية الإسلامية من منهج الله الواجب التطبيق من طرف الأمة الإسلامية. ولهذا بينت الأحكام الدستورية الإسلامية التي تؤكد صراحة وبدون شك أن الحكم والسلطة في دار الإسلام للأمة الإسلامية. فهي المسؤولة عن تدبير الاقتصاد وكل ما يتعلق بالنشاط الاقتصادي ومؤسساته. وهي المسؤولة عن فرض الالتزام بالقوانين الاقتصادية الإسلامية التي حددها الله تعالى في القرآن الكريم. ولهذا اعتبرت ممارسة الأمة الإسلامية للحكم في دار الإسلام من القوانين الدستورية الاقتصادية الإسلامية. ومن الأحكام الدستورية الإسلامية أضيف قاعدة هامة وأساسية في القرآن الكريم هي التوبة "71" ﴿المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم﴾. هكذا بين الله تعالى أن المؤمنين كلهم والمؤمنات يشكلون نظاما لتدرج السلط والولايات من أجل أداء واجب مفروض عليهم شرعا وهو من فرائض الإسلام ألا وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومعناه فرض الالتزام بالقرآن الكريم لأنه في أحكامه أمر بالمعروف ونهي عن المنكر. هذا واجب لا يمكن أن يعفى منه أحد وخاصة الأمة الإسلامية صاحبة السلطة والحكم.
هذه الآية "71" من التوبة من الأسس الشرعية التي تسند للأمة الإسلامية السلطة الإسلامية والحكم في دار الإسلام. فلا يمكن النهي عن المنكر والأمر بالمعروف وتنفيذ هذه الأوامر بدون سلطة وحكم. والقوانين الاقتصادية الإسلامية من قوانين الله التي شرعها في القرآن الكريم، والأمة الإسلامية مسؤولة عن فرض تطبيقها والالتزام بها.
وهناك قاعدة دستورية أخرى مؤيدة ومؤكدة للتوبة "71" وهي سورة الحج "41" ﴿الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور﴾ فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أي تطبيق شرع الله المحدد للمنكر والمعروف من الأسباب التي استخلف من أجلها الله تعالى الإنسان في الدنيا. والأعراف "181" ﴿وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون﴾ والحق هو القرآن الكريم وعدل الله تعالى. لهذا يجب على الأمة الإسلامية انتخاب أولي الأمر من بين المتوفرين على الكفاءة العلمية والصحية والعلم بشرع الله تعالى والتقوى فالحكم بالعدل بين الناس وفرض تطبيق القوانين الاقتصادية من عوامل ازدهار ونمو اقتصاد الفرد والمجتمع والأمن والاستقرار. لهذا فالحكم بالعدل بين الناس من القوانين الاقتصادية الإسلامية.
وأبين الأدلة على أن الله تعالى فرض إقامة العدل بين الناس ومنها: النحل "90" ﴿إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهي عن الفحشاء والمنكر والبغي﴾ والنساء "135" ﴿يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا﴾ والمائدة "87" ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين﴾. الأعراف "29" ﴿قل أمر ربي بالقسط﴾ وهو العدل والإنصاف. والحديد "25" ﴿لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط﴾. فكل الأمم أنزل عليها الله تعالى شرائعه وأمرها بالحكم بين الناس بالعدل والإنصاف. وهذه الآية قاعدة دستورية أخرى وقانون اقتصادي آخر يعتبر العامل الأساسي بجانب العمل الحلال لازدهار ونمو اقتصاد الفرد والمجتمع، والأساس الدستوري الذي يسند الحكم والسلطة للأمة الإسلامية. ومن الأحكام التي تفرض العدل بين الناس وفي العلاقات الاقتصادية بينهم هناك كثير من الآيات أذكر منها الأعراف "85" ﴿فأوفوا الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ذلك خير لكم إن كنتم مؤمنين﴾ والأنعام "82" ﴿الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم يظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون﴾ فعدم ظلم الناس وإقامة العدل بينهم من شروط الإيمان فالعدل شرط من شروط ازدهار الاقتصاد ونموه وتطبيق منهج الله من عوامل ازدهاره أيضا. لهذا يجب الالتزام بكل أحكام القرآن الكريم وعدم تفضيل متاع الدنيا على متاع الآخرة الدائم. إذا التزم المسلمون بالقرآن قولا وعملا سرا وعلانية يوفر لهم الله تعالى رزق السماوات والأرض ويرزقهم من حيث لا يحتسب. والدليل القصص "77" ﴿وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين﴾ يونس "7" "8" ﴿إن الدين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها والذين هم عن آياتنا غافلون أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون﴾ والمنافقون "9" ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون﴾ الأعلى "16" "19" ﴿بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خير وأبقى إن هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى﴾ والعصر "1" "3" ﴿والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر﴾. أقسم الله تعالى أن المؤمنين الصالحين المتقين الذين يعملون لمتاع الدنيا الحلال ومتاع الآخرة الدائم هم الفائزون في الدنيا والآخرة والناجون من عذاب الله طه "74" "76" ﴿إنه من يأت ربه مجرما فإن له جهنم لا يموت فيها ولا يحيى ومن يأته مؤمنا قد عمل الصالحات فأولئك لهم الدرجات العلى جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء من تزكى﴾ فالالتزام بالقرآن والعمل بأحكامه الشرعية قولا وعملا سرا وعلانية من عوامل ازدهار اقتصاد الفرد والمجتمع والدليل كثير من الآيات منها الطلاق "2" "3" ﴿ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب﴾ طه "123" "124" ﴿فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى﴾ الأعراف "96" ﴿ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض﴾ وهذه القاعدة عامة وثابتة في كل شرائع الله التي أنزلها للناس والدليل: الأعراف "35" ﴿يا بني آدم إما يأتينكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي فمن اتقى وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون﴾ والتقوى هي الالتزام يشرع الله تعالى. ومن اتقى وأصلح وعمل صالحا ضمن له الله تعالى الأمن والسعادة في الدنيا والآخرة ومنها ازدهار الاقتصاد إلا حالة الابتلاء من الله تعالى والعقاب.
ومن القوانين الاقتصادية الإسلامية فريضة أداء الزكاة على من يتوفر فيه النصاب الشرعي والدليل النور "56" ﴿وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون﴾ المزمل "20" ﴿وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة...﴾ والبقرة "83" ﴿وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة﴾ والنمل "1" "3" ﴿طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين هدى وبشرى للمؤمنين الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم يوقنون﴾ ولقمان "2" "5" ﴿تلك آيات الكتاب الحكيم هدى ورحمة للمحسنين الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم يوقنون أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون﴾. والمؤمنون "1" "4" ﴿قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون والذين هم للزكاة فاعلون﴾ والبينة "5" ﴿وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة﴾ هذه الأحكام الشرعية تؤكد صراحة أن الزكاة أهم فرائض الإسلام لأن لها دور اقتصادي واجتماعي مهم. فهي تنقد المحتاجين المسلمين الذين لا يتوفرون على مصدر الطعام لأسباب خارجة عن إرادتهم وفي ذلك الإنقاد تقوية للعنصر البشري المنتج وللأمة الإسلامية حيث يعتبر المؤمنون بحكم الشرع إخوة في الدين متكافلين متضامين، فالمؤمن الذي أنقدت الزكاة حياته من خطر الجوع قد يفيد الأمة في حمل السلاح والدفاع عن الإسلام. ومن الناحية الاقتصادية فإن الزكاة قانون اقتصادي إسلامي فرضه الله تعالى لمنع تكدس الثروات وتبذيرها أو استهلاكها بالإسراف لأن في ذلك ضرر للاقتصاد. كما أن الزكاة تشجع على السيولة وعلى رفع الطلب على إنتاج السلع مما يساعد على الازدهار الاقتصادي.
لهذا خصص الله تعالى عذاب الدنيا ونار جهنم لمن رفض إعطاء الزكاة المستحقة عليه عمدا وجعلها من شروط الإيمان الصادق. والدليل: الليل "5" "11" ﴿فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى وما يغني عنه ماله إذا تردى﴾ والليل "14" "18" ﴿فأنذرتكم نارا تلظى لا يصلاها إلا الأشقى الذي كذب وتولى وسيجنبها الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى﴾. فتدبروا إخواني المحترمين هذه الآية. فالذي يمتنع عمدا عن أداء الزكاة الواجبة عليه إذا لم يتب ويؤد ما عليه لابد له من نار جهنم ولو صام وصلى مئة سنة وحج عدة مرات.
فلا يدخل الجنة من لم يؤد الزكاة الواجبة عليه عمدا ولا ينال رحمة الله في الدنيا والآخرة. والدليل الأعراف "156" ﴿ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون﴾. فيا أيها الناس أدوا ما يجب عليكم من زكاة فإن بخلتم وتحايلتم فإن الله يحرمكم من رحمته ويعذبكم في الدنيا والآخرة. ومن عذاب الله في الدنيا تدهور الاقتصاد وكساده لأن مصادره الأساسية بيد الله وهي رزق السماوات والأرض ولا أحد نهائيا يوفره للناس إلا الله تعالى يونس "58" ﴿قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون﴾ المسد "1" "5" ﴿تبت يدا أبي لهب وتب ما أغنى عنه ماله وما كسب سيصلى نارا ذات لهب وامرأته حمالة الحطب في جيدها حبل من مسد﴾. وعلى السلطة الإسلامية وضع مؤسسات الزكاة تراقب تطبيق هذه الفريضة وتحدد المستحقات وإن لم يكن هناك من يستحقها تجمع وتصرف في الأعمال الخيرية والدعوة الإسلامية والجيش. والصدقة هي أيضا قانون اقتصادي إسلامي فرضها الله تعالى لمصلحة المؤمنين الصالحين المحتاجين لأسباب خارجة عن إرادتهم. (سأبين الأدلة على أن الزكاة والصدقة لا تعطى إلا للمسلمين في الدراسة التي أبين فيها أمثلة تطبيقية عن استنباط الأحكام الشرعية من القرآن الكريم فيما بعد) ومنها الأنفال "60" ﴿وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة...﴾ فالحكم الشرعي الغير المنطوق في هذه الآية الكريمة هو أنها حرمت ومنعت إعطاء الصدقة والزكاة للكفار وأية وسيلة أو فرصة للتفوق على المسلمين بمختلف أشكالها والممتحنة "1" ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق﴾ والمجادلة "22" ﴿لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون﴾ الله تعالى حرم المودة بين المسلمين و الكفار لهذا فرض اعطاء الصدقة و الزكاة لمن يستحقها من المسلمين .
وللصدقة نفس الآثار الاقتصادية والاجتماعية التي ذكرتها بالنسبة للزكاة. والأدلة المؤكدة لفرض الصدقة مما هو فائض في أموال المسلمين ما يلي: الروم "38" ﴿فآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ذلك خير للذين يريدون وجه الله وأولئك هم المفلحون﴾ الإسراء "26" ﴿وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا﴾. حرم الله تعالى تبذير الموارد الاقتصادية وجعله كفرا معاقبا عليه بجهنم.
ومن الأدلة على فرض الصدقة الذاريات "19" ﴿وفي أموالهم حق للسائل والمحروم﴾، فالزكاة والصدقة حكم الله تعالى بإعطائهما للمسلمين المحرومين لأسباب خارجة عن إرادتهم كالمعاقين والمرضى بمرض مزمن والله أحكم الحاكمين والدليل: الممتحنة "10" ﴿ذلكم حكم الله يحكم بينكم والله عليم حكيم﴾ الرعد "41" ﴿والله يحكم لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب﴾ والأحزاب "36" ﴿وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا﴾ كل أحكام القرآن الشرعية حكم الله تعالى وأوامره التي قضى بها ومنها فريضة الزكاة والصدقة.
ومن لم ينفذ حكم الله فإنه معرض لعذاب الله عز وجل في الدنيا ومنه الكساد والتدهور الاقتصادي وعذاب نار جهنم في الآخرة. وهذا أمر الله تعالى وحكمه بأداء الصدقة في سورة إبراهيم "31" ﴿قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة وينفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال﴾.
فالزكاة والصدقة تنمي الاقتصاد وتحقق التكامل والتكافل والتضامن الاجتماعي بين المسلمين، فهي تمنع تراكم الأموال واكتنازها وتنشط الدورة الاقتصادية والسيولة النقدية وتدعم القوة الشرائية لدى الفقراء والمحرومين مما يساعد على نمو الاقتصاد.
والله تعالى أكد في عدة آيات أنه كلما التزم المسلمون بأحكام القرآن ومنه القوانين الاقتصادية واتقوا وفر لهم مصادر نمو الاقتصاد وهي الرزق الذي يوفره من السماوات والأرض.
ومن القوانين الاقتصادية التي فرضها الله عز وجل في القرآن الكريم الإنفاق على الدعوة الإسلامية لنشر دين الإسلام وإقناع الناس بوجود الله تعالى وأنه خالق الكون وما فيه ومدبر أموره وأن القرآن الكريم كلام الله تعالى وشرعه للناس كافة وأنه صدق وحق وأن كل الناس في الكون ملزمون بفهمه والعمل بأحكامه قولا وعملا سرا وعلانية. الإنفاق على الدعوة الإسلامية له آثار مهمة على نمو الاقتصاد وازدهاره لأن الأمة الإسلامية تتقوى بزيادة العنصر البشري ويسود الأمن والسلم في دار الإسلام لأن المسلمين إخوة في الدين بحكم القرآن. فيجب الجهاد بالمال والنفس للدعوة الإسلامية والدفاع عن الإسلام ودار الإسلام وما خلق الله تعالى فيها من موارد اقتصادية. والدليل: المائدة "35" ﴿يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون﴾ الحجرات "15" ﴿إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون﴾ والأنفال "74" ﴿والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقا لهم مغفرة ورزق كريم﴾ والصف "10" "13" ﴿يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين﴾ والبقرة "261" ﴿مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مئة حبة والله يضاعف لمن يشاء ولله واسع عليم﴾ . فالإنفاق في سبيل الله فريضة إسلامية ويعني الإنفاق على الدعوة الإسلامية والجهاد للدفاع عن الإسلام والمسلمين ودار الإسلام في حالة الاعتداء من طرف الكفار. والله تعالى قوي وغني ولا يحتاج إلى من يدافع عنه وينفق من أجله لأنه أوجد كل ما هو موجود ويملك الكون وما فيه وهو قادر على أن يجعل كل الناس مؤمنين مسلمين وله جنود من الملائكة والجن وله القدرة على حماية دار الإسلام والمسلمين والإسلام ولكن في إطار الابتلاء والامتحان والاختبار أسند مهمة الجهاد بالنفس والمال للمسلمين وخصص لهم رحمته في الدنيا والآخرة إذا أطاعوه واتقوا وفرضوا تطبيق القرآن الكريم ومنه القوانين الاقتصادية.
فالنشاط الاقتصادي والعمل الحلال للإنتاج فريضة على كل من تتوفر فيه الاستطاعة العقلية والصحية. والدليل الأنفال "60" ﴿وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة...﴾ ولا يمكن إعداد القوة إلا بالعمل لتنمية الاقتصاد والالتزام بالقوانين الاقتصادية الإسلامية. ومن لم يساهم بالعمل الحلال للإنتاج إذا توفرت فيه الاستطاعة عصى الله الذي أمر بالعمل الحلال وارتكب جريمة في حق الأمة الإسلامية وكذلك من أعطى الزكاة والصدقة للكفار وللمسلم القادر على العمل ارتكب نفس الجريمة.


ب- القوانين الاقتصادية الإسلامية التي تحرم ما يخرب الاقتصاد:
هذه الأفعال التي حرمها الله تعالى لها آثار سلبية على اقتصاد الفرد والمجتمع فهي تخرب الاقتصاد وتدمره وتؤدي به إلى الكساد والانهيار والأزمات الاقتصادية والمالية وقيام الحروب والنزاعات والصراع بين الأفراد والجماعات والدول من أجل مصادر الطعام والبقاء على قيد الحياة. وسأتعرض لها مبينا الآيات الكريمة المحتوية على الأحكام الشرعية والقوانين الاقتصادية المحرمة لها حسب ما استطعت تدبره واستنباطه.
إن أخطر جرثومة لتخريب الاقتصاد عاجلا أم آجلا هي الربا الذي حرمه الله عز وجل وجعله كفرا واعتبر كل من يتعامل به عن قصد وعلم ويقبضه ويعطيه مرتكبا للكبائر من السيئات مصيره نار جهنم مثل الزنا والشرك بالله وقتل النفس بخير حق وأكل أموال الناس بالباطل إلا إذا تاب توبة نصوحا صادقة بدون رجعة وعودة إلى السيئات. والدليل: البقرة "275" "276" ﴿الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم﴾ والبقرة "278" ﴿يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين﴾. الربا حرمه الله ويعني الفائدة التي يأخذها من أقرض غيره سواء فرد أو مؤسسة وسواء كانت هذه الفائدة نقدا أو غيره. والربح المتفاحش الذي يتجاوز ثلث ثمن كلفة السلعة أو الخدمة ربا هو أيضا وكل غبن في تقدير الثمن الحقيقي ربا محرم.
الربا من العوامل الأساسية التي تخرب الاقتصاد في كثير من البلدان وأعطى مثلا حسابيا عن آثار الربا السلبية: لنتصور مجتمعا مكونا من 100 فرد، 30 منهم لهم رؤوس أموال يستثمرونها في الأبناك بالربا ويعيشون بمداخيله، ولا يعملون بل يستهلكون ويبذرون. و20 فردا يعيشون من مداخيل الميسر والقمار ولا يعملون في الإنتاج بل يستهلكون ويبذرون و 10 أفراد يعيشون من مداخيل وعائدات البورصة والسرقة والرشوة والنصب والاحتيال وتجارة المخذرات والخمر والدعارة وتزوير ميزانيات الإدارات والجماعات والمؤسسات الأخرى. 30 فردا من هذا المجتمع يعيشون هم أيضا من عائدات الخدمات الغير المنتجة باستثناء قطاع التعليم والتكوين العلمي والتقني وأذكر من هذه الخدمات الضارة اقتصاديا مثلا قطاع الكرة الذي تصرف عليه أموال طائلة بدون أية فائدة، خاصة وأن هذا القطاع يجمد طاقة مهمة مؤهلة للإنتاج وهي طاقة الشباب لا تشارك في الاقتصاد المادي. وتنفق وتبدر وتستهلك أموالا باهضة مقابل فقط التصفيق على كرة دخلت شبكة وليس مقابل إنتاج وتصنيع دواء أو دبابة أو طائرة. وهناك من الأفراد في هذا المجتمع من يستهلكون ويبذرون عائدات المضاربات والاحتكارات والأرباح المتفاحشة، فسكان هذا المجتمع المئة منهم 10 هم الذين ينتجون ويشتغلون في الاقتصاد المادي وإنتاج السلع بينما 90 الباقون يشتغلون في الاقتصاد المالي النقدي ولا ينتجون هل يستطيع 10 أفراد إنتاج ما يطعم 90 فردا ماذا يفعل 90 فردا بأطنان الذهب والفضة وملايير النقود الورقية والمعدنية والأسهم والسندات والكمبيالات؟ إنها لا تقيدهم شيئا. بل يرتفع الطلب على عرض السلع وترتفع الأسعار وينتج التضخم والكساد الاقتصادي وتكون السيولة مرتفعة ولا يكفي إنتاج السلع فتنشأ الأزمات والحروب حول مصادر العيش فيموت من يموت ويحيى من يحيى. أما إذا منع الله وأمسك رزق السماوات والأرض عقابا للناس فالأرض تموت والنباتات والحيوانات وأشجار الفواكه والخضر وبالتالي تموت كل المخلوقات الحية ومنها الإنسان. فآمنوا أيها الناس والتزموا بالقرآن واتقوا واعلموا صالحا تفوزوا بسعادة الدنيا والآخرة.
حرم الله تعالى السرقة مثل الربا لأنها جريمة في حق من سرق له ماله وفي حق اقتصاد المجتمع والدليل المائدة 38: ﴿والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم﴾ وطبعا السرقة تعددت أشكالها ووسائلها فهناك السرقة بالكمبيوتر وتزوير الميزانيات والفاتورات والنقود وهي جريمة خطيرة في حق اقتصاد الفرد والمجتمع. وحرم الله تعالى الاحتكار والمضاربة في الأموال والسلع والدليل: التوبة "34" "35" ﴿والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون﴾ حرم الله تعالى خزن الذهب والفضة لأنهما كانا وسيلة وعملة للتبادل وتقييم السلع ولكن الحكم الشرعي في هذه الآية التوبة "34" "35" يدل على أن كل الوسائل والعملات المستعملة في التبادل وتقييم السلع والخدمات كالنقود المعدنية والورقية والسلع نفسها حرم الله تعالى اكتنازها وخزنها والمضاربة فيها ومنعها من التداول بين الناس ورفع أسعارها عمدا لأن ذلك يجمد النشاط الاقتصادي والإنتاج ويؤدي إلى التضخم أو الكساد والانهيار الاقتصادي. محمد "38" ﴿ها أنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله فمنكم من يبخل ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغني وأنتم الفقراء وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم﴾ وآل عمران "180" ﴿ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خير لهم بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة ولله ميراث السماوات والأرض والله بما تعملون خبير﴾ والنساء "37" ﴿الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم الله من فضله واعتدنا الكافرين عذابا مهينا﴾ والحديد "24" ﴿الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ومن يتول فإن الله هو الغني الحميد﴾ هذه حكمة الله تعالى وقوانينه الاقتصادية التي يجب على المسلمين الامتثال لها. حرم الله الاحتكار في السلع والأموال والنقود لكي لا يتأثر الاقتصاد ويبقى هناك التوازن بين العرض والطلب ولا تنقص السيولة النقدية فينهار الاقتصاد.
وحرم الله تعالى كذلك أكل أموال الناس بالباطل كالرشوة والنصب والغبن والظلم والدليل البقرة "188" ﴿ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون﴾ والنساء "29" ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل...﴾ والنساء "30" ﴿ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذلك على الله يسيرا﴾ هذه قاعدة قانونية اقتصادية هامة وحكمة الله تعالى لو طبقت في دار الإسلام لازدهر الاقتصاد الإسلامي. إن أكل أموال الناس بالباطل مثل الربا لا يؤدي إلا إلى الظلم والفحشاء. ومن يأكل أموال الناس بالباطل ولم يتب ولم يرد الأموال إلى أصحابها فإن مصيره عذاب الله تعالى في الدنيا والآخرة ولو صلى مئة سنة وحج وصام.
لقد حرم الله تعالى كل أشكال ظلم الناس كيفما كان وضعهم والدليل: الأنعام "82" ﴿الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون﴾ والشورى "42" ﴿إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم﴾ وهود "85" ﴿ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين﴾ والشعراء "183" ﴿ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين﴾ والنساء "10" ﴿إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا﴾ والنساء "5" ﴿ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفا﴾ فالسفيه والمبذر يضر بالاقتصاد لهذا يجب إبعاده عن الأموال والتصرف فيها. والدليل الإسراء "26" "27" ﴿وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا﴾ وطه "81" ﴿كلوا من طيبات ما رزقناكم ولا تطغوا فيه فيحل عليكم غضبي ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى﴾ فالمسلم ملزم بعدم ظلم الناس في دمائهم وأعراضهم وأموالهم. فإذا كان لديه المال فعليه أن لا يطغى ويتجبر على الناس بل عليه استعمال المال في ما أمر به الله تعالى.
والتجارة في السندات والأسهم والكمبيالات هي أيضا مضرة بالاقتصاد لأنها تخلق فئات مبذرة ومستهلكة تعيش على عائدات المضاربات واقتصاد المال والنقود ولا تشارك في الاقتصاد المادي للسلع مما يؤدي إلى نقص عرض الإنتاج أمام الطلب وبالتالي التضخم والكساد الاقتصادي.
فقوة الدولة لا تقاس بما لديها من نقود وذهب وفضة لأنها وسيلة تبادل وليس استهلاك. بل تقاس قوة الدول بما لديها من إنتاج فلاحي وزراعي وصناعي وسلاح وجيوش ومصادر الطعام وتقدم علمي وتقني فالإنسان لا يستطيع العمل إذا كان جائعا بل يموت.
وبالنسبة للقوانين الاقتصادية الإسلامية المتعلقة بعلاقة المسلمين بغيرهم فقد استنبطتها من الآيات الحكيمة المتعلقة بعلاقة المسلمين بغيرهم. وأحيلكم على الفصل الثاني حول عدل الله تعالى المنشور في موقعي المذكور بالإنترنيت.
فرض الله تعالى على المسلمين الحذر من الكفار وعدم مودتهم وأمر بإعداد القوة الضرورية لمواجهة عدوانهم لأنهم أعداء الله والإسلام والمسلمين. فتدبروا إخواني الأنفال "60" ﴿وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون﴾. فالحكم المسكوت عنه والغير المنطوق في الأنفال "60" هو تحريم استثمار أموال المسلمين في بلاد الكفار لأنها تزيدهم قوة على المسلمين ويستعملونها في الربا والمحرمات الأخرى كإنتاج الخمر والمخدرات والميسر وغيره مما حرم الله لأن الكفار لا يلتزمون بأحكام القرآن الكريم، وكذلك لا يجوز استثمار أموال الكفار في دار الإسلام لأنها حرام فيها الربا وعائدات المحرمات وتحصد أرباحا من دار الإسلام تقوي اقتصاد الكفار.
وفي حالة الضرورة ومصلحة الدولة الإسلامية يتم تبادل السلع الحلال بالمقايضة مع الكفار أي سلعة مقابل سلعة وليس مقابل النقود لأن الكفار يستعملون السياسة النقدية لإفقار المسلمين واستنزاف خيراتهم والدليل الأنفال "60" المذكورة. وفصلت "19" ﴿ويوم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون﴾ فكل من لا يلتزم بأحكام القرآن ومنه القوانين الاقتصادية الإسلامية عدو الله تعالى وعدو المسلمين محمد "1" "2" ﴿الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد وهو الحق من ربهم كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم﴾. أموال الكفار قائمة على الربا والاستثمار في المحرمات فلا يجوز شرعا أن تكون لهم شركات واستثمار في دار الإسلام. وكل مشاركة للدولة الإسلامية في المؤسسات البنكية والتمويلية التي يسيطر عليها الكفار محرمة شرعا لأنها قائمة على الربا والاستثمار في المحرمات ولا تجوز ولاية الكفار وحكمهم السياسي والاقتصادي على المسلمين. والأدلة الشرعية كثيرة في القرآن الكريم سبق ذكرها. فعلى البلدان الإسلامية أن تتضامن وتتكافل فيما بينها لأن المسلمين طبقا للقرآن الكريم إخوة في الدين الإسلامي، والاقتصاد الإسلامي اقتصاد كل المسلمين ومن الواجب شرعا أن يتعاونوا ويتوحدوا لتطبيق شرع الله تعالى القرآن الكريم. وعلى المسلمين إنشاء عملة إسلامية موحدة في دار الإسلام ومؤسسات تمويلية إسلامية موحدة. ولكن يجب أن تكون هذه المؤسسات التي تودع فيها ودائع الناس وتعطى القروض للاستثمار بدون فائدة نهائيا خاضعة لإدارة السلطة الإسلامية ومراقبتها فتكون عمومية والعاملون فيها يتقاضون أجورهم من الدولة. القروض للاستثمار تعطى لمن له أهلية بدون فائدة أبدا لأنها ربا حرمه الله تعالى ولكن تعطى القروض مقابل ضمانة مشروعة وبشرط مراعاة المخطط الاقتصادي الذي حددته السلطة الإسلامية. وتحدث لذلك شرطة اقتصادية قضائية تسهر بجد على فرض تطبيق القوانين الاقتصادية الإسلامية ومنها المراقبة الصارمة وحفظ التوازن بين عرض السلع والطلب عليها ومستوى السيولة النقدية.
إن النظام البنكي الخاص الحالي وقوانين الاستثمار المبنية على الحرية واقتصاد النقود والمال والبورصات ابتكار الكفار وهو من عوامل انهيار الاقتصاد رغم فترات النمو المؤقتة. فالحل هو العودة إلى القرآن وتطبيق قوانينه كلها ومنها الاقتصادية.
يجب تحكم الدولة الإسلامية في النقود والاحتياط من تزويرها أو طبعها دون مقابل في النمو الاقتصادي وحاجة السيولة النقدية التي يجب أن تكون دائما مطابقة لمستوى إنتاج السلع والمعاملات الاقتصادية لهذا يجب تكوين خبراء ومهندسين أكفاء في التخطيط الاقتصادي والقوانين الاقتصادية الإسلامية بحيث يكونون مؤمنين صالحين متقين يراقبون النشاط الاقتصادي بتعاون مع الشرطة الاقتصادية القضائية فيجب أن يكون التوازن دائما بين سيولة النقد ومستوى إنتاج السلع بحيث لا يكون التضخم ولا الكساد. ويجب إلغاء الاقتصاد النقدي المالي كالتجارة في الأسهم والسندات والكمبيالات والتجارة في المخدرات وكل المحرمات والربا لأنها تخرب الاقتصاد وتعطي مداخيل للاستهلاك والتبذير دون مساهمة بالعمل الحلال لتقوية الاقتصاد المادي أي إنتاج السلع الذي أمر به الله تعالى: فتذكروا إخواني الجمعة "10" ﴿فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون﴾ فهل الجلوس على طاولة وحصد وجمع الأموال الطائلة من المسير والقمار وتجارة المخدرات والأسهم والسندات والمحرمات والربا يفيد البطن شيئا إذا توقف إنتاج الطعام؟ إن الله تعالى حكيم والقرآن حكمة الله عز وجل شرعها للناس لمصلحتهم ومنها القوانين الاقتصادية الإسلامية، لهذا فإن حل مشكلة الاقتصاد وازدهاره ونموه تتوقف على تطبيق الشريعة الإسلامية من طرف السلطة الإسلامية تحت مراقبة الأمة الإسلامية والتزام الناس بالقرآن قولا وعملا سرا وعلانية والإيمان الصادق بالله تعالى وحبه والتقوى لأن الله تعالى مصدر نمو الاقتصاد أو انهياره لأن مصادر الاقتصاد رزق الله من السماوات والأرض. بل حياة كل إنسان بيد الله تعالى في أية لحظة. إن حل مشكلة الاقتصاد ليست في النظام الرأسمالي ولا الاشتراكي ولا في قوانين الكفار الاقتصادية ولا في تطبيق القوانين الاقتصادية الإسلامية وحدها بل في الالتزام بأحكام القرآن الكريم كلها قولا وعملا سرا وعلانية. إذا ترك مجال النقود والسيولة والاستثمار وتنظيم المؤسسات التمويلية للقطاع الخاص وحرية الفرد ينهار الاقتصاد بالتدريج وتتوالى الأزمات الاقتصادية والاجتماعية لأن الفرد بطبيعته البشرية إذا لم يكن مؤمنا صالحا متقيا لا تهمه إلا مصالحه الخاصة والحصول على الثروات المالية وتكديسها ومتاع الدنيا، فالكفار والمنافقون هم الذين يتسببون في الأزمات الاقتصادية لأنهم لا يلتزمون بالقرآن الكريم وقوانينه الاقتصادية ولا يهمهم إلا متاع الدنيا ولا يستعملون الأموال فيما يرضي الله بل حسب شهواتهم ونزواتهم وأذكركم بالمعارج "29" "33" ﴿إن الإنسان خلق هلوعا إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا إلا المصلين الذين هم على صلاتهم دائمون﴾.
فالاقتصاد الإسلامي لا يقوم على الحرية المطلقة للفرد في نشاطه الاقتصادي لأن الأرض والسماوات وما فيها من مصادر النشاط الاقتصادي والناس وكل المخلوقات ملك لله تعالى الذي يعطي الناس من رزق السماوات والأرض أو يمسكه ولا يعطيه. وهذه حقيقة مطلقة خالدة ونهائية ولا أحد يستطيع إثبات ما يخالفها نهائيا. وهذا دليل قاطع على أن السلطة الإسلامية ملزمة بإدارة النشاط الاقتصادي والتحكم فيه وتوجيهه ومراقبته مراقبة صارمة ليكون مطابقا لقوانين الله تعالى الاقتصادية المحددة في القرآن الكريم. واستدل بالسؤال الذي وجهه قوم نبي الله شعيب عليه السلام هود "87" ﴿قالوا يا شعيب أصلواتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء﴾ لقد فضلوا عبادة الأصنام والشرك بالله واستعمال الأموال حسب هواهم وشهواتهم، فبحثت عن الجواب في كتاب الله العزيز في آيات كثيرة منها طه "81" ﴿كلوا من طيبات ما رزقناكم ولا تطغوا فيه فيحل عليكم غضبي ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى﴾ الحديد "7" ﴿وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه﴾ والنور "33" ﴿وآتوهم من مال الله الذي آتاكم﴾ والقصص "77" ﴿وابتغ فيما آتاك لله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا﴾ فالمال وما يتعلق بالاقتصاد ملك لله تعالى وحرية الناس للتصرف في ما يملك لله عز وجل ليست مطلقة ولكنها مقيدة بأحكام القرآن الكريم ومنه القوانين الاقتصادية الإسلامية.
لهذا من أوجب الواجبات على الأمة الإسلامية والسلطة الإسلامية إلزام الناس في دار الإسلام بالقوانين الاقتصادية وسائر أحكام القرآن وإلا تعرضوا لعذاب الله تعالى في الدنيا ومنه انهيار الاقتصاد وعذاب نار جهنم في الآخرة أيضا. والدليل كثير من الآيات منها النازعات "37" "41" ﴿فأما من طغى وآثر الحياة الدنيا فإن الجحيم هي المأوى وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى﴾. فإذا ترك النشاط الاقتصاد للأفراد ولم تتدخل السلطة الإسلامية بالتخطيط والمراقبة وفرض تطبيق القوانين الاقتصادية الإسلامية ينهار الاقتصاد والمجتمع لأن تكدس الأموال والثروات بدون إيمان وبدون استعمالها فيما يرضي الله تعالى يؤدي إلى الطغيان والظلم والفساد. لهذا قال الله تعالى في الشورى "27" ﴿ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء إنه بعباده خبير بصير﴾. فعلى السلطة الإسلامية مراقبة النشاط الاقتصادي في دار الإسلام ليكون مطابقا للقرآن الكريم لاستمرار نموه وازدهاره.
والخاتمة التي أستخلصها من هذا البحث حول أسس النظام الاقتصادي الإسلامي جعلتها نداء صادقا لبني آدم في كل أنحاء العالم وهو التالي: أيها الناس في كل أنحاء العالم نصارى ويهود وعرب وفرس أفارقة وأسيويون وأمريكيون وأوروبيون وفي كل مكان إن الله حق وموجود، وهو الذي أوجد كل ما هو موجود والمدبر لأمور الكون وما فيه وحياتكم بيده في كل لحظة. وهو معكم أينما كنتم يسمع ويرى أعمالكم ويعلم ما تسرون وما تعلنون وإشاراتكم ولغاتكم في كل لحظة . وقوانين القرآن الكريم شرعها الله تعالى لتلتزموا بها قولا وعملا سرا وعلانية ومنها القوانين الاقتصادية التي استنبطها حسب استطاعتي. فآمنوا بالله إيمانا صادقا واعبدوه واتقوا تسعدوا في الدنيا والآخرة وتحيوا الحياة الدائمة الخالدة في سعادة الجنة مع الله تعالى وتنجوا من عذاب لله في الدنيا ونار جهنم في الآخرة بعد البعث وهو حق وحتمي. وهذه قوانين وسنن الله عز وجل التي يسير ويدبر بها الكون . وآخر توصية أقدمها في هذا البحث ما يلي: على الأمة الإسلامية في دار الإسلام أن تشرع القوانين الوضعية المحكمة المطبقة لقوانين الله تعالى الواردة في القرآن الكريم ومنها القوانين الاقتصادية التي ساهمت في توضيحها للناس . وعلى السلطة الإسلامية المنتخبة من طرف الأمة الإسلامية تنفيذ هذه القوانين بعدل مطلق وبصرامة. ولكن هل تكونت الأمة الإسلامية وهل انتخبت فعلا أولي الأمر الأكفاء المؤمنين الصالحين المتقين لممارسة السلطة الإسلامية وتطبيق قوانين القرآن الكريم ومنها ما يهم الاقتصاد الإسلامي؟ أترك الجواب للباحثين المحترمين والحمد لله رب العالمين.

ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك

رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Facebook Comments by: ABDU_GO - شركة الإبداع الرقمية
كافة الحقوق محفوظة لـ منتدى المراجع المصرى/المحاسب القانونى محمد صفوت