أهلا وسهلا بكم في منتدى المراجع المصرى/المحاسب القانونى محمد صفوت نتمنى لكم اجمل الاوقات برفقتنا
ضع وصفاً للصورة الأولى الصغيره هنا1 ضع وصفاً للصورة الثانية الصغيره هنا2 ضع وصفاً للصورة الثالثه الصغيره هنا3 ضع وصفاً للصورة الرابعه الصغيره هنا4
العودة   منتدى المراجع المصرى/المحاسب القانونى محمد صفوت > منتدى المحاماه والقوانين والتشريعات > القانون المدني
« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: مفهوم الدعم والمقاومة (آخر رد :دعاء يوسف علي)       :: أفضل أنواع التداول (آخر رد :دعاء يوسف علي)       :: خطوات التسجيل في فرنسي تداول (آخر رد :دعاء يوسف علي)       :: شروط تسجيل عضوية بموقع حراج (آخر رد :دعاء يوسف علي)       :: رسوم الحساب الاستثماري في تداول الراجحي (آخر رد :دعاء يوسف علي)       :: اعتماد العزل (آخر رد :مروة مصطفي)       :: شركة امتلاك (آخر رد :مروة مصطفي)       :: كيفية شراء الاسهم الامريكية الحلال (آخر رد :سلمي علي)       :: طريقة تحويل العملات المختلفة (آخر رد :سلمي علي)       :: حجابات شيفون (آخر رد :سلمي علي)      

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 02-06-2013, 08:27 AM
أبا محمد أبا محمد غير متواجد حالياً
مدير عام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
المشاركات: 479
افتراضي أحكام عدم الدستورية



قضية رقم232لسنة26 قضائية المحكمة الدستوريةالعليا"دستورية"
نصالحكم
------------------

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 15 من ابريل سنة 2007 م، الموافق 27 ربيع الأول سنة 1428ه.
برئاسة السيد المستشار/ ماهر عبدالواحد رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين :ماهر البحيرى وإلهام نجيب نوار وماهر سامى يوسف ومحمد خيرى طه وسعيد مرعى عمرو والدكتور عادل عمر شريف .
وحضور السيد المستشار / نجيب جمال الدين علما رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 232 لسنة 26 قضائية "دستورية"
المقامة من
السيد / جيرار د جميس بصفته الممثل القانونى لشركة دون للغطس
ضد
1السيد رئيس الجمهورية .
2 السيد رئيس الوزراء .
3 السيد وزير المالية .
4 السيد رئيس مصلحة الضرائب على المبيعات .

الإجراءات
بتاريخ 15 ديسمبر سنة 2004 أودع المدعى قلم كتاب المحكمة صحيفة الدعوى الماثلة ، طالباً الحكم بعدم دستورية نص المادة (3) من القانون رقم 2 لسنة 1997 بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 ، فيما تضمنه من فرض الضريبة على الخدمات الواردة بالجدول رقم ( ه ) المرافق لهذا القانون ، الواردة به تحت مسلسل رقم (11) " خدمات التشغيل للغير " ، وكذا جميع نصوص القانون رقم 11 لسنة 2002 بتفسير بعض أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات المشار إليه .
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى .
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها .
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق تتحصل فى أن المدعى بصفته مدير شركة دون للتدريب على الغوص وممارسته ، والممثل القانونى لها ، كان قد أقام ضد المدعى عليه الثالث الدعوى رقم 1031 لسنة 2004 مدنى كلى أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية ، بطلب الحكم بإلغاء تسجيل الشركة لدى مصلحة الضرائب على المبيعات ، وأحقيتها فى استرداد مبلغ مقداره ثلاثون ألف جنيه قيمة ضريبة المبيعات التى قامت بسدادها ، على سند من أن المصلحة قامت بعد صدور القانون رقم 11 لسنة 2002 المشار إليه بإلزام الشركة بالتسجيل لديها ، وتقديم الإقرارات الضريبية ، وسداد الضريبة بفئة ( 10% ) من قيمة الخدمة ، عن نشاط الشركة فى التدريب على الغوص وممارسته فى الفترة من عام 2000 حتى عام 2002 ، السابقة على تسجيل الشركة لدى المصلحة ، وأثناء نظر الدعوى دفع المدعى بعدم دستورية نص المادة (3) من القانون رقم 2 لسنة 1997 فيما تضمنه من إضافة " خدمات التشغيل للغير " الواردة بالجدول ( ه ) المرفق بهذا القانون ، إلى الجدول رقم (2) المرافق للقانون رقم 11 لسنة 1991 ، قرين المسلسل رقم (11) ، وكذلك كامل نصوص القانون رقم 11 لسنة 2002 سالف الذكر ، وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع ، وصرحت للمدعى برفع الدعوى الدستورية ، فقد أقام الدعوى الماثلة ، خلال الأجل الذى حددته محكمة الموضوع ، وبجلسة 30/1/2005 قضت محكمة الموضوع برفض الدعوى .

وحيث إن المقرر فى قضاء هذه المحكمة ، أن اتصال الخصومة الدستورية بها وفقاً للأوضاع المنصوص عليها فى قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 ، يعنى دخولها فى حوزتها لتهيمن عليها وحدها ، فلا يجوز بعد انعقادها ، أن تتخذ محكمة الموضوع إجراءً أو تصدر حكماً يحول دون الفصل فى المسائل الدستورية التى قدرت جدية ما أثاره ذوو الشأن بخصوصها ، بما مؤداه أنه فيما عدا الأحوال التى تنتفى فيها المصلحة فى الدعوى الدستورية بقضاء من هذه المحكمة ، أو التى ينزل فيها خصم عن الحق فى دعواه الموضوعية من خلال ترك الخصومة فيها ، أو انتهاء الدعوى الموضوعية صلحاً ، وفقاً للقواعد المنصوص عليها فى قانون المرافعات ، أو التى يتخلى فيها عن دفع بعدم الدستورية سبق لمحكمة الموضوع تقدير جديته ، أو التى يكون عدولها عن تقدير الجدية مبناه إعمالها للآثار المترتبة على قضاء المحكمة الدستورية العليا فى شأن ذات النصوص التى كانت محلاً للدفع بعدم الدستورية ، وفيما عدا الحالات المتقدمة فإن على محكمة الموضوع أن تلتزم قضاءها بتقدير جدية الدفع فلا تنحيه ، وأن تتربص قضاء المحكمة الدستورية العليا فى الدعوى الدعوى الدستورية ، فإذا ما خالفت ذلك وقضت فى الدعوى المطرحة عليها كما هو الشأن فى الدعوى الراهنة فإن قضاءها يقع بالمخالفة لنصوص المواد ( 65 ، 68 ، 175 ) من الدستور ، الأمر الذى ينحدر به إلى مرتبة الانعدام ، بما يقتضى إسباغ الولاية من جديد على محكمة الموضوع لتفصل فى النزاع المطروح عليها فى ضوء قضاء المحكمة الدستورية العليا ، دون التقيد بالحكم الصادر عنها فى النزاع الموضوعى .

وحيث إن المادة (3) من القانون رقم 2 لسنة 1997 المشار إليه تنص على أنه " اعتباراً من 5/3/1992 : أولاً : ................................. ثانياً : تعدل فئة الضريبة الواردة قرين المسلسل رقم (3) من الجدول رقم (2) المرافق للقانون رقم 11 لسنة 1991 المشار إليه ، لتكون 10% ، وتضاف إلى هذا الجدول الخدمات الواردة بالجدول ( ه ) المرفق بهذا القانون " .

وقد ورد بالمسلسل رقم (11) من الجدول آنف الذكر تحت عبارة نوع الخدمة " خدمات التشغيل للغير " ، ووحدة تحصيلها قيمة الخدمة ، وفئة الضريبة المستحقة عليها ( 10% ) .

وتنص المادة (1) من القانون رقم 11 لسنة 2002 آنف الذكر على أن : تفسر عبارة " خدمات التشغيل للغير " الواردة قرين المسلسل رقم (11) من الجدول رقم (2) المرافق لقانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 بأنها الخدمات التى تؤدى للغير باستخدام أصول أو معدات مورد الخدمة المملوكة له أو للغير ويتم تشغيلها بمعرفة مورد الخدمة أو قوة العمل التابعة له أو تحت إشرافه ، وهى جميع أعمال التصنيع بما فى ذلك تشغيل المعادن ، وأعمال تغيير حجم أو شكل أو طبيعة أو مكونات المواد ، وأعمال تأجير واستغلال الآلات والمعدات والأجهزة ، وأعمال مقاولات التشييد والبناء وإنشاء وإدارة شبكات البنية الأساسية وشبكات المعلومات ، وخدمات نقل البضائع والمواد ، وأعمال الشحن والتفريغ والتحميل والتستيف والتعتيق والوزن ، وخدمات التخزين وخدمات الحفظ بالتبريد ، وخدمات الإصلاح والصيانة وضمان ما بعد البيع ، وخدمات التركيب وخدمات إنتاج وإعداد مواد الدعاية والإعلان ، وخدمات استإلال الأماكن المجهزة " .

وتنص المادة (2) من هذا القانون على أنه " مع مراعاة الأثر الكاشف لهذا القانون ، ينشر هذا القانون فى الجريدة الرسمية ، ويعمل به من اليوم التالى لتاريخ نشره ... " وقد نشر هذا القانون فى الجريدة الرسمية العدد رقم (16) مكرر بتاريخ 21/4/2002 .

وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة فى الدعوى الموضوعية ، وذلك بأن يكون الفصل فى المسألة الدستورية لازماً للفصل فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة أمام محكمة الموضوع ، وكان النزاع الموضوعى يدور حول مدى خضوع مركز الغوص التابع للشركة المدعية والمتمثل نشاطه فى التدريب على الغوص وممارسته ( رحلات غوص سفارى سنوركل ) طبقاً للترخيص رقم 204 الصادر بتاريخ 8/7/2003 من وزارة السياحة والمرفق صورته بالأوراق للضريبة العامة على المبيعات ، والتزام الشركة بالتسجيل لدى مصلحة الضرائب على المبيعات عن هذا النشاط ، وأحقيتها فى استرداد قيمة الضريبة المسددة للمصلحة عن مزاولته فى الفترة من عام 2000 حتى عام 2002 ، ومن ثم فإن المصلحة الشخصية المباشرة فى الدعوى الماثلة تكون متحققة فى الطعن على عجز البند ثانياً من المادة (3) من القانون رقم 2 لسنة 1997 المعمول به بأثر فورى مباشر من اليوم التالى لتاريخ نشره ، وذلك فيما تضمنه من إضافة عبارة " خدمات التشغيل للغير " إلى الجدول رقم (2) المرافق للقانون رقم 11 لسنة 1991 ، قرين المسلسل رقم (11) ، وتحديد وعاء الضريبة وسعرها بفئة مقدارها (10%) من قيمة الخدمة ، ونص المادة (1) من القانون رقم 11 لسنة 2002 فيما تضمنه من تحديد المقصود بخدمات التشغيل للغير ، ومن بينها أعمال تأجير واستغلال الآلات والمعدات والأجهزة ، وكذا نص المادة (2) من القانون رقم 11 لسنة 2002 المشار إليه ، وهى النصوص التى طبقت على نشاط مركز الغوص التابع للشركة المدعية ، وأضيرت منها ، وذلك لما للفصل فى دستوريتها من أثر على الفصل فى الدعوى الموضوعية .

وحيث إن المدعى ينعى على النصوص المطعون فيها مخالفتها للمواد (12 ، 38 ، 86 ، 119 ، 120 ) من الدستور ، على سند من أن عبارة " خدمات التشغيل للغير " الواردة بالمسلسل رقم (11) من الجدول رقم (2) المشار إليه جاءت عامة وغير محددة ، بما يتضمن تفويضاً من السلطة التشريعية للسلطة التنفيذية بإضافة خدمات جديدة وإخضاعها للضريبة ، فضلاً عن عدم تحديد سعر عادل للضريبة على نشاط مراكز الغوص كنشاط سياحى ، إذ أخضعه المشرع لفئة ضريبة مقدارها (10%) من قيمة الخدمة ، خلافاً للأنشطة السياحية الأخرى كخدمات الفنادق والمطاعم السياحية وخدمات شركات النقل السياحى التى حدد لها فئة ضريبة مقدارها (5%) من قيمة الفاتورة ، وكذا خروج القانون رقم 11 لسنة 2002 فى تفسيره لعبارة " خدمات التشغيل للغير " وحصره للأنشطة التى تندرج تحتها عن إرادة المشرع وما مقصده منها .

وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن السلطة التشريعية طبقاً لنصوص المواد ( 61 ، 119 ، 120 ) من الدستور هى التى تقبض بيدها على زمام الضريبة العامة ، إذ تتولى بنفسها تنظيم أوضاعها بقانون يصدر عنها ، متضمناً تحديد وعائها وأسس تقديره ، وبيان مبلغها والملتزمين أصلاً بأدائها ، والمسئولين عنها ، وقواعد ربطها وتحصيلها وتوريدها ، وكيفية أدائها ، وضوابط تقادمها ، وغير ذلك مما يتصل ببنيان الضريبة ، عدا الإعفاء منها ، إذ يجوز أن يتقرر فى الأحوال التى يبينها القانون ، وإلى هذه العناصر جميعها يمتد النظام الضريبى فى جمهورية مصر العربية ليحيط بها فى إطار من قواعد القانون العام ، متخذاً من العدالة الاجتماعية على ما تنص عليه المادة (38) من الدستور مضموناً وإطاراً ، بما مؤداه أن حق الدولة فى اقتضاء الضريبة لتنمية مواردها ، ولإجراء ما يتصل بها من آثار عرضية ، ينبغى أن يقابل بحق الملتزمين بها والمسئولين عنها ، فى تحصيلها وفق القوالب الشكلية والأسس الموضوعية التى ينبغى أن تكون قواماً لها من زاوية دستورية ، وبغيرها تنحل الضريبة عدماً .

وحيث إن المقرر أن تحديد دين الضريبة يفترض التوصل إلى تحديد حقيقى للمال الخاضع لها ، باعتبار أن ذلك يعد شرطاً لازماً لسلامة بنيان الضريبة ، ولصون مصلحة كل من الممول والخزانة العامة ، وبالتالى يتعين أن يكون وعاء الضريبة ممثلاً فى المال المحمل بعبئها ، محققاً ومحدداً على أسس واقعية واضحة لا تثير لبساً أو غموضاً ، بما يمكن معها الوقوف على حقيقته على أكمل وجه ، ولا يكون الوعاء محققاً إلا إذا كان ثابتاً بعيداً عن شبهة الاحتمال ، ذلك أن مقدار الضريبة أو مبلغها أو دينها ، إنما يتحدد مرتبطاً بوعائها ، وباعتباره منسوبا ً إليه ومحمولاً عليه ، وفق الشروط التى يقدر المشرع معها واقعية الضريبة وعدالتها بما لا مخالفة فيه لأحكام الدستور ، وبغير ذلك لا يكون لتحديد وعاء الضريبة من معنى ، ذلك أن وعاء الضريبة هو مادتها ، والغاية من تقرير الضريبة هو أن يكون هذا الوعاء مصرفها ، إذ كان ذلك ، وكان المشرع قد حدد النشاط الخاضع للضريبة العامة على المبيعات فى الحالة المعروضة قرين المسلسل رقم (11) من الجدول رقم (2) المرافق للقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 2 لسنة 1997 ، بأنه خدمات التشغيل للغير ، وعين وعاء هذه الضريبة فى قيمة تلك الخدمة ، وحدد سعرها بفئة مقدارها (10%) من تلك القيمة ، وكانت عبارة " خدمات التشغيل للغير " المشار إليها قد وردت عامة ، يشوبها الغموض وعدم التحديد ، ولم تأت واضحة صريحة ، مما أثار ظلالاً من الشك حول تحديد مضمونها ومحتواها ، وخلافاً حول تطبيقها ، وحال بين المكلفين بأدائها والإحاطة بالعناصر التى تقيم البناء القانونى لهذه الضريبة على نحو يقينى جلى ، استحال معه عليهم بوجه عام توقعها عند مزاولتهم للنشاط وأدائهم للخدمة ، وهو ما يناقض الأسس الموضوعية والإجرائية للضريبة ، ويجافى العدالة الاجتماعية التى يقوم عليها النظام الضريبى طبقاً لنص المادة (38) من الدستور ، فوق كونه يعد إعراضاً من جانب السلطة التشريعية عن مباشرة ولايتها الأصلية فى تحديد النشاط الخاضع للضريبة ووعائها ، ونقل مسئوليتها إلى السلطة التنفيذية ، وتفويضها فى ذلك ، الأمر الذى يمس بنيان الضريبة التى فرضها القانون ، ويشرك تلك السلطة فى المجال المحجوز للسلطة التشريعية دون غيرها بصريح نص المادة (119) من الدستور ، ليغدو النص الطعين مصادماً لأحكام الدستور .

وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن سلطة تفسير النصوص التشريع سواء تولتها السلطة التشريعية أم باشرتها الجهة التى عُهد إليها بهذا الاختصاص ، لا يجوز أن تكون موطئاً إلى تعديل هذه النصوص ذاتها بما يخرجها عن معناها أو يجاوز الأغراض المقصودة منها ، ذلك أن المجال الطبيعى لهذا التفسير ، لا يعدو أن يكون وقوفاً عند المقاصد الحقيقية التى توختها السلطة التشريعية من وراء إقرارها للنصوص القانونية ، وهى مقاصد لا يجوز توهمها أو افتراضها كى لا تحمل هذه النصوص على غير المعنى المقصود منها ابتداء ، بل مناطها ما تغياه المشرع حقاً حين صاغها ، وتلك هى الإرادة الحقيقية التى لا يجوز الالتواء بها ، ويفترض فى النصوص القانونية أن تكون كاشفة عنها مبلورة لها ، وهى بعد إرادة لا يجوز انتحالها بما يناقض عبارة النص ذاتها ، أو يعتبر مسخاً أو تشويهاً لها ، أو نكولاً عن حقيقة مراميها أو انتزاعاً لبعض ألفاظها من سياقها ، كذلك لا يجوز أن يتخذ التفسير التشريعى ذريعة لتصويب أخطاء وقع المشرع فيها ، أو لمواجهة نتائج لم يكن قد قدر عواقبها حق قدرها حين أقر النصوص القانونية المتصلة بها ، إذ يؤول ذلك إلى تحريفها ، ويتمخص عن تعديل لها .

وحيث إن القانون رقم 11 لسنة 2002 ، وإن صدر بدعوى تفسير المقصود من عبارة " خدمات التشغيل للغير " الواردة قرين المسلسل رقم (11) من الجدول رقم (2) المرافق للقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 2 لسنة 1997 ، إلا أن نصوصه تقطع بعزوف المشرع عن التعريف العام المجرد وغير المحدد للخدمات والأعمال التى ارتأى إخضاعها للضريبة ، وتعداده لخدمات بعينها أضافها على سبيل الحصر والتعيين إلى الجدول رقم (2) المشار إليه ، رامياً بذلك إلى تصحيح الخطأ الذى وقع فيه عند تحديد النشاط الخاضع للضريبة ووعائها بالمسلسل رقم (11) آنف الذكر ، وتقنين ما صدر عن مصلحة الضرائب على المبيعات من قرارات ومنشورات فى هذا الشأن ، وذلك لتحقيق مصلحة مالية تتمثل فى الحفاظ على موارد الخزانة العامة من حصيلة تلك الضريبة ، ليغدو هذا القانون فى حقيقته تعديلاً لأحكام القانون رقم (11) لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 2 لسنة 1997 ، وليس تفسيراً له ، يؤكد ذلك أن مشروع القانون لم يقدم من الحكومة تفسيراً تشريعياً ، وإنما تم هذا التعديل بواسطة مجلس الشورى كما أشار وزير العدل بمضبطة مجلس الشعب بالجلسة السابعة والخمسين المعقودة فى 13/4/2002 إذ كان ذلك ، وكان القانون رقم 11 لسنة 2002 المشار إليه قد جرى إنفاذه على الوقائع السابقة على تاريخ العمل به ، باعتباره تفسيراً تشريعياً ذا أثر كاشف ، حال كونه فى حقيقته الأثر الرجعى بعينه ، وعلى الرغم من أنه قد توافرت لهذا القانون على ما يبين من مضبطة مجلس الشعب الجلسة الستين المعقودة فى 15/4/2002 الأوضاع الشكلية التى تطلبها الدستور فى المادة (187) منه لإقرار القوانين رجعية الأثر ، وهى موافقة أغلبية أعضاء مجلس الشعب ، غير أن ذلك لا يعصمه على ما جرى به قضاء هذه المحكمة من الرقابة التى تباشرها المحكمة الدستورية العليا ، إذ لا يكفى لتقرير دستورية نص تشريعى أن يكون من الناحية الإجرائية موافقاً للأوضاع الشكلية التى يتطلبها الدستور ، بل يتعين فوق هذا أن يكون فى محتواه الموضوعى غير منطوٍ على إهدار لحق من الحقوق التى كفلها الدستور ، أو متضمناً فرض قيود عليه تؤدى إلى الانتقاص منه ، وأن يكون ملتئماً مع القواعد الموضوعية فى الدستور ، وهو ما يتقيد به المشرع عند تقرير الرجعية خاصة فى مجال الضريبة ، والتى يتعين أن يلجأ إليها إلا إذا أملتها مصلحة عامة جوهرية ، وذلك بالنظر للآثار الخطيرة التى تحدثها الرجعية فى محيط العلاقات القانونية ، وهو ما لم يراعه المشرع بالنسبة للأثر الرجعى الذى تضمنه القانون الطعين ، الذى استهدف كما تقدم تصحيح الأوضاع التشريعية السابقة عليه وما شابها من أخطاء ، متخذاً من جباية الأموال فى ذاتها منهجاً ، بما لا يعد مصلحة جوهرية مشروعة تبرره ، كما لا يعتبر هدفاً يحميه الدستور ، فضلاً عن مصادمته للتوقع المشروع من جانب المكلفين بأداء هذه الضريبة ، والذى ينافيه غموض عبارة " خدمات التشغيل للغير " وعدم تحديدها للبناء القانونى للضريبة على نحو يتحقق به علم المكلفين بها بالأداة التى حددها الدستور بالعناصر التى يقوم عليها على نحو يقينى واضح ، بحيث لا يكون عبؤها ماثلاً فى أذهانهم ، بما يجعل تقرير الأثر الرجعى فى هذه الحالة ، نوعاً من المداهمة والمباغتة تفتقر لمبرراتها ، ليصير تقريره على هذا النحو بعيداً عن الموازين الدستورية لفرض الضريبة ، ومناقضاً لمفهوم العدالة الاجتماعية ، كما يعد عدواناً على الملكية الخاصة من خلال اقتطاع بعض عناصرها دون مسوغ ، الأمر الذى يضحى معه صدر المادة (2) من القانون رقم 11 لسنة 2002 فى نصها على أنه " مع مراعاة الأثر الكاشف لهذا القانون " مخالفاً لأحكام المواد ( 32 ، 34 ، 38 ، 61 ، 119 ) من الدستور .

وحيث إنه متى كان ما تقدم ، وكان القانون رقم 11 لسنة 2002 المشار إليه يسرى بأثر فورى مباشر من تاريخ العمل به فى 22/4/2002 ، وكان المشرع فى تحديده للنشاط الخاضع للضريبة ، وهو فى خصوصية الدعوى الراهنة أعمال تأجير واستغلال الآلات والمعدات والأجهزة التى يدخل ضمنها نشاط مراكز الغوص وهو النشاط الذى تمارسه الشركة المدعية وكذا وعاء الضريبة ، وسعرها المحدد بفئة مقدارها (10%) من قيمة الخدمة ، قد التزم القوالب الشكلية والأسس الموضوعية التى ينبغى أن تكون قواماً لها من زاوية دستورية ، فإن فرضها فى هذا الإطار وحده يكون متفقاً مع أحكام الدستور ، ولا ينال من ذلك ما نعاه المدعى على هذه النصوص مخالفتها للعدالة الاجتماعية ، لعدم تحديدها سعراً عادلاً للضريبة على نشاط مراكز الغوص ، إذ أخضع المشرع هذا النشاط لفئة ضريبة مقدارها (10%) من قيمة الخدمة ، على الرغم من كونه نشاطاً سياحياً مثله فى ذلك مثل خدمات الفنادق والمطاعم السياحية وخدمات شركات النقل السياحى التى حدد لها فئة ضريبة مقدارها (5%) من قيمة الفاتورة ، فإن ذلك مردود بأن المشرع يتوخى بالضريبة التى يفرضها أمرين ، يكون أحدهماً أصلاً مقصوداً منها ابتداء ، ويتمثل فى الحصول على غلتها لتعود إلى الدولة وحدها ، تصبها فى خزانتها العامة لتعينها على مواجهة نفقاتها . ويكون ثانيهما مطلوباً منها بصفة عرضية جانبية أو غير مباشرة كاشفاً عن طبيعتها التنظيمية ، دالاً على التدخل بها لتغيير بعض الأوضاع القائمة ، وبوجه خاص من خلال تشجيع مزاولة بعض الأنشطة أو تقييد مباشرتها أو حمل المكلفين بها عن طريق عبئها على التخلى عن نشاطهم ، وذلك كله فى إطار أحكام الدستور الضابطة لها ، وهو ما لم تخرج عليه النصوص المطعون فيها فى حدود نطاقها المتقدم ، إذ التزمت فى تحديد سعر الضريبة المعايير والضوابط والمقاصد الدستورية الحاكمة لها ، غير منافية فى ذلك للعدالة الاجتماعية ، هذا فضلاً عن أنه قد صدر القانون رقم 89 لسنة 2004 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 11 لسنة 1991 المشار إليه ، وقضى فى المادة (1) منه بتعديل فئة الضريبة العامة على المبيعات المستحقة على خدمات الفنادق والمطاعم السياحية وخدمات شركات النقل السياحى ، لتصير (10%) من قيمة الفاتورة ، ليضحى سعر الضريبة بالنسبة لها مماثلاً فى فئته لما هو مقرر فى خصوص النشاط الذى تمارسه الشركة المدعية ، والمتمثل فى الخدمات التى تقدمها مراكز الغوص ، الأمر الذى يضحى معه ما ينعاه المدعى فى هذا الشأن فى غير محله حقيقاً بالرفض .

وحيث إنه وقد انتهت المحكمة إلى ما تقدم جميعه ، فإن ذلك يقتضيها إسباغ الولاية من جديد على محكمة الموضوع ، لتفصل فى النزاع المطروح عليها على ضوء قضاء المحكمة الدستورية العليا ، دون التقيد بحكمها السابق صدوره فى النزاع الموضوعى .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة :
أولاً : بعدم دستورية عبارة " خدمات التشغيل للغير " الواردة قرين المسلسل رقم (11) من الجدول رقم (2) المرافق لقانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 2 لسنة 1997 .
ثانياً : بعدم دستورية صدر المادة (2) من القانون رقم 11 لسنة 2002 بتفسير بعض أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 والذى ينص على أنه " مع مراعاة الأثر الكاشف لهذا القانون " .
ثالثاً : رفض ما عدا ذلك من الطلبات ، مع إلزام الحكومة المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة .



قضية رقم178لسنة19 قضائية المحكمة الدستوريةالعليا"دستورية"
نصالحكم
------------------

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 15 أبريل سنة 2007م، الموافق 27 ربيع الأول سنة 1428ه.
برئاسة السيد المستشار/ ماهر عبد الواحد رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين :ماهر البحيرى وعدلى محمود منصور وعلى عوض محمد صالح والدكتور حنفى على جبالى وماهر سامى يوسف والدكتور عادل عمر شريف
وحضور السيد المستشار / نجيب جمال الدين علما رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 178 لسنة 19 قضائية "دستورية"
المقامة من
السيد/ حمدى محمد محمد الشرقاوى
ضد
1– السيد وزير المالية بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الضرائب
2- السيد رئيس مجلس الوزراء

الإجراءات
بتاريخ السادس عشر من سبتمر سنة 1997، أودع المدعى صحيفة الدعوى الماثلة قلم كتاب المحكمة ، طالباً الحكم بعدم دستورية نص المادتين 96 و172 من قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981 المعدل بالقانونين رقمى 87 لسنة 1983 و187 لسنة 1993، وكذا نص البند (1) أولاً من المادة الأولى من القانون رقم 147 لسنة 1984 بفرض رسم تنمية الموارد المالية للدولة.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرتان طلبت فيهما الحكم أولاً:- بعدم قبول الدعوى بالنسبة للطعن على المادة (172) من القانون رقم 157 لسنة 1981 تأسيساً على سبق صدور حكم من المحكمة الدستورية العليا برفض الطعن على هذه المادة، وثانياً رفض الدعوى، ثم قدمت مذكرة أخيرة طلبت فيها الحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى برمتها واحتياطياً برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع -على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- تتحصل فى أنه سبق أن ثار خلاف بين المدعى وبين مصلحة الضرائب حول تقدير أرباحه عن نشاطه فى تجارة الحديد عن السنوات من 1980 حتى 1987 تم حسمه بالحكم الصادر من محكمة بنها الابتدائية فى الدعوى رقم 536 لسنة 1993 ضرائب بنها، والمؤيد استئنافياً بالاستئناف رقم 267 لسنة 27 قضائية، قامت على أثره مصلحة الضرائب بتقدير ضرائب أرباح تجارية، وإيراد عام ورسم تنمية الموارد المالية للدولة المستحقة عليه عن السنوات من 1980 حتى 1986، إلا أن المدعى اعترض على هذا التقدير وما أضيف إليه من غرامات تأخير، ومن ثم فقد أقام الدعوى رقم 362 لسنة 1997 مدنى كلى ضرائب بنها ضد وزير المالية طالباً الحكم بإعادة حساب الضرائب المستحقة بعد استنزال جميع المبالغ التى لم تستنزل وقصر المطالبة على المبلغ الذى يسفر عنه الحساب النهائى وإلغاء مقابل التأخير، واحتياطياً ندب مكتب خبراء وزارة العدل لتحقيق أوجه اعتراضاته وإعادة حساب الضرائب المستحقة على التفصيل الوارد بصحيفة دعواه. وأثناء نظر الدعوى دفع بعدم دستورية نص المادتين 96 و172 من القانون رقم 157 لسنة 1981 المعدل بالقانونين رقمى 87 لسنة 1983 و187 لسنة 1993 وكذا نص البند (1) أولاً من القانون رقم 147 لسنة 1984، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية دفعه وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية، فقد أقام الدعوى الماثلة.

وحيث يبين من الوقائع أن الضرائب محل النزاع فى الدعوى الموضوعية مستحقة عن السنوات من سنة 1980 حتى سنة 1986، كما أن مصلحة الضرائب تطالب المدعى بفوائد تأخير عن قيمة الضرائب التى لم يسددها حتى سنة 1997، ومن ثم فإن نطاق الدعوى الماثلة يتحدد فى المادة (96) من القانون رقم 157 لسنة 1981 قبل تعديلها بالقانون رقم 87 لسنة 1983 وبعد تعديلها بالقانون المذكور، وكذا نص المادة (172) من القانون رقم 157 لسنة 1981 قبل تعديلها بالقانون رقم 187 لسنة 1993 وبعد تعديلها بالقانون المذكور، بالاضافة إلى نص البند (1) أولاً من المادة الأولى من القانون رقم 147 لسنة 1984.

ولا ينال من ذلك إلغاء النصوص المذكورة بالمادة الثانية من قانون إصدار قانون الضريبة على الدخل رقم 91 لسنة 2005، وذلك فى ضوء ما هو مقرر من أن إلغاء المشرع لقاعدة قانونية بذاتها لا يحول دون الطعن عليها من قبل ممن طبقت عليه خلال فترة نفاذها، وترتبت بمقتضاها آثار قانونية بالنسبة إليه تتحقق بإبطالها مصلحته الشخصية المباشرة فى الطعن عليها.

وحيث إن المحكمة الدستورية العليا سبق لها أن حسمت المسألة الدستورية المثارة فى الدعوى الماثلة بالنسبة لنص المادة (172) من القانون رقم 157 لسنة 1981 قبل تعديلها بالقانون رقم 187 لسنة 1993، وذلك بحكمها الصادر فى الدعوى رقم 26 لسنة 16 قضائية "دستورية" بجلسة 16/11/1996، والقاضى برفض الدعوى. وقد نشر هذا الحكم فى الجريدة الرسمية، العدد رقم 47 بتاريخ 28/11/1996. وإذ كان مقتضى المادتين (48، 49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 أن يكون لقضاء هذه المحكمة فى الدعاوى الدستورية حجية مطلقة فى مواجهة الكافة، وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة، باعتباره قولاً فصلاً فى المسألة المقضى فيها، وهى حجية تحول دون المجادلة فيه أو إعادة طرحه عليها من جديد لمراجعته، الأمر الذى يتعين معه عدم قبول هذا الشق من الدعوى.

وحيث إنه عن الدفع المقدم من هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى برمتها على سند من أن تقدير الضرائب المستحقة على المدعى عن السنوات من سنة 1980 حتى سنة 1986 صار نهائياً بموجب الحكم الصادر فى الدعوى رقم 536 لسنة 1993 ضرائب كلى بنها والمؤيد استئنافياً فى الدعوى رقم 267 لسنة 27 قضائية، بما تنتفى معه مصلحة المدعى فى الطعن على النصوص المتعلقة بفرض هذه الضرائب، فإن هذا الدفع مردود بأن ما قضى به الحكمان المذكوران يقتصر على تحديد الأرباح التى حققها المذكور خلال السنوات المشار إليها، أما تقدير الضرائب المختلفة المستحقة على هذه الأرباح فمازال محل نزاع متداول أمام محكمة الموضوع والتى ثار أمامها الدفع بعدم دستورية النصوص المقررة لهذه الضرائب على النحو سالف البيان.

وحيث إن المادة (96) من قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981 قبل تعديلها بالقانون رقم 87 لسنة 1983 تنص على أن "يحدد سعر الضريبة سنوياً على الوجه الآتى:-

الشريحة الأولى: حتى 2000 جنيه معفاه.

الشريحة الثانية: أكثر من 2000 جنيه حتى 10000 يكون السعر 8% عن الألف جنيه الأولى ويزاد بواقع 1% عن كل ألف جنيه تالية.

الشريحة الثالثة: أكثر من 10 آلاف جنيه حتى 50 ألف جنيه يكون السعر 8% عن العشرة آلاف جنيه الأولى ويزاد بواقع 2% عن كل خمسة آلاف جنيه تالية.

الشريحة الرابعة: أكثر من 50 ألف جنيه يكون السعر 22% عن العشرة آلاف جنيه الأولى ويزاد بواقع 5% عن كل خمسة آلاف جنيه تالية.

الشريحة الخامسة: أكثر من 75 ألف جنيه يكون السعر 50%

وتنص المادة المذكورة بعد تعديلها بالقانون رقم 87 لسنة 1983 بشأن تعديل قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981 على أن: "يحدد سعر الضريبة سنوياً على الوجه الآتى:

الشريحة الأولى: حتى 2000 جنيه معفاه.
الشريحة الثانية: أكثر من 2000 – 3000 جنيه 8%.
الشريحة الثالثة: أكثر من 3000 – 4000 جنيه 9%.
الشريحة الرابعة: أكثر من 4000 – 5000 جنيه 10%.
الشريحة الخامسة: أكثر من 5000 – 6000 جنيه 11%.
الشريحة السادسة: أكثر من 6000 – 7000 جنيه 12%.
الشريحة السابعة: أكثر من 7000 – 8000 جنيه 13%.
الشريحة الثامنة: أكثر من 8000 – 9000 جنيه 14%.
الشريحة التاسعة: أكثر من 9000 – 10000 جنيه 15%.
الشريحة العاشرة: أكثر من 10000 – 20000 جنيه 18%.
الشريحة الحادية عشر: أكثر من 20000 – 25000 جنيه 22%.
الشريحة الثانية عشر: أكثر من 25000 – 30000 جنيه 24%.
الشريحة الثالثة عشر: أكثر من 30000 – 35000 جنيه 26%
الشريحة الرابعة عشر: أكثر من 35000 – 40000 جنيه 28%.
الشريحة الخامسة عشر: أكثر من 40000 – 45000 جنيه 30%.
الشريحة السادسة عشر: أكثر من 45000– 50000 جنيه 32%.
الشريحة السابعة عشر: أكثر من 50000 – 60000 جنيه 35%.
الشريحة الثامنة عشر: أكثر من 60000 – 65000 جنيه 40%.
الشريحة التاسعة عشر: أكثر من 65000 – 70000 جنيه 45%.
الشريحة العشرون: أكثر من 70000 جنيه – 75000 جنيه 50%.
الشريحة الواحد والعشرون: أكثر من 75000 جنيه – 100000 جنيه 55%
الشريحة الثانية والعشرون: أكثر من 100000 جنيه – 200000 جنيه 60%
الشريحة الثالثة والعشرون: أكثر من 200000 جنيه 65%".

وتنص المادة (172) من القانون رقم 157 لسنة 1981 بعد تعديلها بالقانون رقم 187 لسنة 1993 على أن "يستحق مقابل تأخير على:

1- ما يجاوز مائتى جنيه ما لم يورد من الضرائب الواجبة الأداء من واقع الإقرار أو الربط حتى لو صدر قرار بتقسيطها.

ويسرى مقابل التأخير إعتباراً من الشهر التالى لإنتهاء مدة شهر على تاريخ إخطار الممول بالتنبيه بصدور الورد أو من نهاية الميعاد المحدد لأداء الضريبة من واقع الإقرار.

2- ما لم يورد من المبالغ أو الضرائب التى ينص القانون على حجزها من المنبع............

وفى جميع الأحوال المبينة فى هذه المادة يحسب مقابل التأحير بواقع 1% عن كل شهر تأخير حتى تاريخ السداد مع جبر كسور الشهر والجنيه إلى شهر أو جنيه كامل".

وتنص المادة الأولى من القانون رقم 147 لسنة 1984 بفرض رسم تنمية الموارد المالية للدولة على أن " يفرض رسم يسمى" رسم تنمية الموارد المالية للدولة " على ما يأتى:

1 – الإيرادات التى تزيد على 18000 جنيه سنوياً:

أولاً : 2 % على ما يزيد على 18000 جنيه من صافى الأرباح الخاضعة لضريبة الأرباح التجارية والصناعية.

2 % على ما يزيد على ....."

وينعى المدعى على النصوص الطعينة فيما تضمنته من فرض ضريبة على الإيراد العام فضلاً عن الضريبة المقررة أصلاً على الأرباح التجارية وحساب مقابل تأخير عما لم يسدد منها، ثم إضافة ضريبة أخرى تحت مسمى "رسم تنمية الموارد المالية للدولة" بما يجاوز مجموعها – على حد قوله – صافى أرباحه المحققة عن نشاطه التجارى بالمخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية وقواعد العدالة ويشكل إعتداءً صارخاً على ملكيته الخاصة، وهو ما يتعارض مع المادتين (2 و 34 ) من الدستور.

وحيث إن هذا النعى مردود فيما يتعلق بنص المادة (172) من القانون رقم 157 لسنة 1981 معدلاً بالقانون رقم 187 لسنة 1993، ذلك أن النص المذكور لايناقض حكماً شرعياً قطعى الثبوت والدلالة، وإنما يقع فى إطار الأحكام الظنية غير المقطوع بثبوتها أو بدلالتها أو بهما معاً وهى التى يجوز الإجتهاد فيها لأنها بطبيعتها متطورة تتغير بتغير الزمان والمكان لضمان مرونتها وحيويتها ولمواجهة النوازل على اختلافها تنظيماً لشئون العباد بما يكفل مصالحهم المعتبرة شرعاً ولا يعطل بالتالى حركتهم فى الحياة. كما أن مقابل التأخير الوارد بالنص المذكور لا يعتبر من قبيل ربا الديون المحرم شرعاً فى صورته المتفق عليها، والتى تفترض اتفاق طرفيه على زيادة فى الأجل يمنحها الدائن للمدين لتقابلها وتعوضه عنها زيادة فى أصل الدين يقبلها المدين، وإنما يعتبر المقابل المذكور جزاءً يتمثل فى تعويض مقدر وفق الأسس التى بينها، بقصد حمل الملتزمين بدين الضريبة على الوفاء بها فى الآجال المحددة قانوناً ضماناً لحصول الدولة على الموارد اللازمة لمواجهة نفقاتها، فلا يعنيها غير استئدائها فى المواعيد المقررة لها، وكان ايقاع هذا الجزاء غير مرتبط بمهلة جديدة تمنحها الدولة لمدينها بالضريبة، لتحصل مقابل هذا الأجل على زيادة فى مبلغها، بل متوخياً ردع المدين إذا ماطل فى أدائها، فلا يكون متباطئاً أو متخاذلاً، بل مبادراً إلى إيفائها تلافياً للجزاء المقرر للتراخى فى دفعها، فإن النص المطعون فيه لا يكون منطوياً على ربا بالمعنى المتقدم، يؤيد ذلك أن الجزاء المقرر بهذا النص ليس وليد الإرادة بل يرتد فى مصدره المباشر إلى نص القانون، باعتباره محدداً – فى نطاق علائق القانون العام، وعلى ضوء قواعد آمرة لايجوز الاتفاق على خلافها- لخصائص الضريبة ومقوماتها وقواعد تحصيلها.

وحيث إنه فيما يتعلق بنص البند (1) أولاً من المادة الأولى من القانون رقم 147 لسنة 1984 سالف الإشارة إليه بفرض رسم مقداره 2% على ما يزيد على 18000 ج من صافى الأرباح الخاضعة لضريبة الأرباح التجارية والصناعية، فإن هذا الرسم، وإن كان فى حقيقته ضريبة جديدة تضاف إلى الضرائب المفروضة على صافى الأرباح التجارية والصناعية، إلا أنه ورد بنسبة معقولة لا تصادر فرص رأس المال فى النمو ولا ترهق بأعبائها المكلفين بها فتصدهم عن مباشرة نشاطهم المشروع، أو تبهظ هذا النشاط بقيود لا مبرر لها، كما أنها جاءت موائمة للهدف من تقريرها – حسبما أفصحت الأعمال التحضيرية للنص المطعون عليه – والمتمثل فى تحقيق العدالة الاجتماعية والتضامن الاجتماعى وتدعيم المقومات الاقتصادية بإنماء الموارد المالية للدولة حتى تتمكن من تنفيذ خطة التنمية الشاملة دون زيادة أعباء القاعدة العريضة عن الشعب وذوى الدخول المحدودة أو الانتقاص من الاعتمادات المالية المخصصة لهذه الفئات، ومن ثم فإن النص المذكور لايخالف حكماً شرعياً ولا يشكل اعتداءً على حق الملكية.

وحيث إن إقرار السلطة التشريعية لقانون الضريبة العامة، لا يحول دون مباشرة هذه المحكمة لرقابتها فى شأن توافر الشروط الموضوعية لعناصر بنيانها، وذلك بالنظر إلى خطورة الآثار التى تحدثها هذه الضريبة، وعلى الأخص من زاوية اتصالها بمظاهر الانكماش أو الانتعاش، وتأثيرها على فرص الاستثمار والإدخار والعمل وحدود الانفاق، فلا تنحسر رقابتها بالتالى فى شأن الضريبة التى فرضها المشرع عن الواقعة القانونية التى أنشأتها، وقوامها صلة منطقية بين شخص محدد يعتبر ملتزماً بها، والمال المتخذ وعاء لها متحملاً بعبئها. وهذه الصلة هى التى لاتنهض الضريبة بتخلفها سوية على قدميها، وتتحراها هذه المحكمة لضمان أن يظل إطارها مرتبطاً بما ينبغى أن يقيمها على حقائق العدل الاجتماعى محِّدد مضمونها وغاياتها على ضوء القيم التى احتضنها الدستور، ويندرج تحتها أن تكون صور الدخل على اختلافها- أيا كان مصدرها- وباعتباره إيراداً مضافاً إلى رؤوس الأموال التى أنتجتها، وعاءً أساسياً للضريبة، كافلاً عدالتها وموضوعيتها، ومرتبطاً بالمقدرة التكليفية لمموليها، فلا ينال اتخاذ الدخل قاعدة لها، من رؤوس الأموال فى ذاتها بما يؤول إلى تآكلها أو يحول دون تراكمها، بل تظل قدراتها فى مجال التنمية، باقية مصادرها، متجددة روافدها.

كذلك فإن المشرع وإن توخى أصلاً بالضريبة التى يفرضها، أن يدبر من خلالها موارد مالية لأشخاص القانون العام يقتضيها لنفقاتها، إلا أن تحديده لهذه الموارد لا يجوز أن يكون توجهاً نهماً مؤثراً فى بنيان الضريبة، عاصفاً بحقوق الملكية التى تتصل بها بما ينال من أصلها، أو يفقدها مقوماتها، أو يفصل عنها بعض أجزائها، أو يقيد من نطاق الحقوق التى تتفرع عنها فى غير ضرورة تقتضيها وظيفتها الاجتماعية. وهو ما يعنى أن أغراض الجباية وحدها لا تعتبر هدفاً يحدد للضريبة مسارها، ولايجوز أن تهيمن على تشكيل ملامحها، فذلك مما لا يحميه الدستور، وعلى الأخص كلما كان عبؤها فادحاً يحيل أمرها عسراً.

وحيث إن الضريبة العامة على الدخل المفروضة بنص المادة (96) من القانون رقم 157 لسنة 1981 محل الطعن الماثل يبين أنها فرضت – سواء قبل تعديلها بالقانون رقم 87 لسنة 1983 أو بعد تعديلها بالقانون المذكور– بنسب عالية رغم أن وعاءها المتمثل فى الأرباح الناتجة عن نشاط تجارى أو صناعى أوغيره من مصادر الدخل الأخرى سبق أن فرضت عليه ضرائب مباشرة فى ذات القانون، الأمر الذى يشكل عبئاً ثقيلاً على الممول يتعارض من زاوية مع الحماية الدستورية المقررة لحق الملكية، ويؤدى من زاوية أخرى إلى احجامه عن التوسع فى نشاطه طالما لن يجنى من الأرباح الاضافية التى يحققها إلا الفتات بما يؤثر بالسلب على فرص الاستثمار والادخار والعمل، ومن ثم يكون النص الطعين مخالفاً لأحكام المواد (13 و 23 و 34) من الدستور.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية نص المادة (96) من قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981 قبل تعديلها بالقانون رقم 87 لسنة 1983 وبعد تعديلها بالقانون المذكور، ورفض ماعدا ذلك من طلبات، وألزمت المدعى والحكومة المصروفات مناصفة ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.



قضية رقم9لسنة28 قضائية المحكمة الدستوريةالعليا"دستورية"
نصالحكم
------------------

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 4 من نوفمبر سنة 2007 م ، الموافق 23 من شوال سنة 1428 ه .
برئاسة السيد المستشار /ماهر البحيرى نائب رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين : محمد على سيف الدين وعدلى محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وعلى عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصى وإلهام نجيب نوار
وحضور السيد المستشار / رجب عبد الحكيم سليم رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 9 لسنة 28 قضائية " دستورية " .
المقامة من
السيد / عمرو أمين حسن تاج الدين أبو الدهب
ضد
1 السيد رئيس مجلس الوزارء
2 السيد وزير المالية
الإجراءات
بتاريخ الثامن عشر من يناير سنة 2006 ، أقام المدعى هذه الدعوى بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة ، طالباً الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (43) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 91 لسنة 1996 .
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرتين طلبت فى ختامهما الحكم برفض الدعوى .
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها .
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة .
حيث إن الوقائع حسبما يتبين من صحيفة الدعوى ، وسائر الأوراق تتحصل فى أن النيابة العامة كانت قد قدمت المدعى إلى المحاكمة الجنائية أمام محكمة جنح فى القضية رقم 52 لسنة 2005 جنح – تهرب ضريبى – لأنه فى غضون الفترة من شهر يناير سنة 1994 حتى شهر ديسمبر سنة 2000 بدائرة قسم الدقى محافظة الجيزة بصفته مسجلاً وخاضعاً لأحكام الضريبة العامة على المبيعات تهرب من أداء الضريبة المستحقة ، عن نشاطه فى بيع وتجارة مستلزمات الحاسب الآلى خلال الفترة المشار إليها وذلك بأن باع السلعة دون الإقرار عنها أو سداد الضريبة المستحقة عليها ، وطلبت عقابه بالمواد 2/1 ، 3/1 ، 5 ، 43/1 و2 ، 44/2 من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 ، المعدل بالقانون رقم 91 لسنة 1996 ، وأثناء نظر الدعوى بجلسة 8/11/2005 ، دفع المدعى بعدم دستورية المادة (43) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 ، المعدل بالقانون رقم 91 لسنة 1996 ، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع ، وصرحت له برفع الدعوى الدستورية فقد أقام الدعوى الماثلة .
وحيث إن الفقرة الأولى من المادة (43) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 91 لسنة 1996 تنص على أنه " مع عدم الإخلال بأى عقوبة أشد يقضى بها قانون آخر ، يعاقب على التهرب من الضريبة بالحبس مدة لا تقل عن شهر وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تجاوز خمسة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين ، ويحكم على الفاعلين متضامنين بالضريبة والضريبة الإضافية وتعويض لا يجاوز مثل الضريبة " .
وحيث إن نطاق الدعوى وفقاً لطلبات المدعى وما دفع به أمام محكمة الموضوع وصرحت به يكون مقصوراً على العقوبات الواردة بالنص المطعون عليه ومداها دون أن يتعداه إلى غيره من أحكام خاصة بتجريم الفعل المعاقب عليه إذ بهذا النطاق وحده تتحقق المصلحة الشخصية المباشرة للمدعى فى الدعوى الراهنة .
وحيث إن الطاعن ينعى على النص المطعون عليه مخالفته لنص المادة (38) من الدستور لأسباب حاصلها أن العقوبات المتعددة التى وردت به قد جاءت مفرطة ومبالغاً فيها ، ومناهضة لروح العدالة التى يقوم عليها النظام الضريبى ، كما يؤدى إلى الانتقاص من العناصر الإيجابية للذمة المالية للممول مما قد يترتب عليه مصادرة وعاء الضريبة بالكامل بالمخالفة لنص المادة (34) من الدستور .
وحيث إن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن السلطة التشريعية هى التى تقبض بيدها على زمام الضريبة العامة ، إذ تتولى بنفسها تنظيم أوضاعها بقانون يصدر عنها متضمناً تحديد وعائها وأسس تقديره ، وبيان مبلغها ، والملتزمين بأدائها ، وقواعد ربطها وتحصيلها وتوريدها ، وكيفية أدائها ، وضوابط تقادمها ، وما يجوز أن يتناولها من الطعون اعتراضاً عليها ، ونظم خصم بعض المبالغ أو إضافتها لحسابها ، وغير ذلك مما يتصل ببنيان هذه الضريبة عدا الإعفاء منها إذ يجوز أن يتقرر فى الأحوال التى يبينها القانون . وإلى هذه العناصر جميعها يمتد النظام الضريبى فى جمهورية مصر العربية ، ليحيط بها فى إطار من قواعد القانون العام ، متخذاً من العدالة الاجتماعية وعلى ما تنص عليه المادة (38) من الدستور مضموناً وإطاراً ، وهو ما يعنى بالضرورة أن حق الدولة فى اقتضاء الضريبة لتنمية مواردها ، ولإجراء ما يتصل بها من آثار عرضية ، ينبغى أن يقابل بحق الملتزمين بها وفق أسس موضوعية ، يكون إنصافها نافياً لتحقيقها ، وحيدتها ضماناً لاعتدالها ، بما مؤداه أن قانون الضريبة العامة ، وإن توخى حماية المصلحة الضريبية للدولة باعتبار أن الحصول على إيرادها هدف مقصود منه ابتداء ، إلا أن مصلحتها هذه ينبغى موازنتها بالعدالة الاجتماعية بوصفها مفهوماً وإطاراً مقيداً لنصوص هذا القانون فلا يكون دين الضريبة بالنسبة إلى من يلزمون بها متمخضاً عقاباً بما يخرجها عن بواعثها الأصلية والعرضية ، ويفقدها مقوماتها . ولا يجوز أن تعمد الدولة كذلك استيفاء لمصلحتها فى اقتضاء دين الضريبة إلى تقرير جزاء على الإخلال بها ، يكون مجاوزاً بمداه أو تعدده الحدود المنطقية التى يقتضيها صون مصلحتها الضريبية وإلا كان هذا الجزاء غلواً وإفراطاً ، منافياً بصورة ظاهرة لضوابط الاعتدال ، واقعاً عملاً وبالضرورة وراء نطاق العدالة الاجتماعية ، ليختل مضمونها بما ينافى القيود التى فرضها الدستور فى مجال النظام الضريبى .
وحيث إن الدستور قرن العدل بكثير من النصوص التى تضمنها ، ليكون قيداً على السلطة التشريعية فى المسائل التى تناولتها هذه النصوص ، وإنه وإن خلا من تحديد لمعنى العدالة فى تلك النصوص إلا أن المقصود بها ينبغى أن يتمثل فيما يكون حقاً وواجباً سواء فى علائق الأفراد فيما بينهم ، أم فى نطاق صلاتهم بمجتمعهم ، بحيث يتم دوماً تحديدها من منظور اجتماعى ، ذلك أن العدالة تتوخى بمضمونها التعبير عن القيم الاجتماعية السائدة فى مجتمع معين خلال فترة زمنية محددة .
وحيث إنه من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن النصوص القانونية لا تؤخذ إلا على ضوء ما يتحقق فيه معناها ويكفل ربط مقوماتها بنتائجها ، وكان الأصل فى صور الجزاء ألا تتزاحم جميعها على محل واحد بما يخرجها عن موازين الاعتدال ، وألا يتعلق جزاء منها بغير الأفعال التى تتحد خواصها وصفاتها ، بما يلائمها ، فلا يكون من أثره العدوان دون مقتض على حقوق الملكية الثابتة لأصحابها مما يتعين معه أن يوازن المشرع قبل تقريره للجزاء بين الأفعال التى يجوز أن يتصل بها ، وأن يقدر لكل حال لبوسها ، فلا يتخذ من النصوص القانونية ما تظهر فيه مكامن مثالبها ، بل يبتغيها أسلوباً لتقويم أوضاع خاطئة.
وحيث إنه بالبناء على ما تقدم وإذ كانت الجزاءات الواردة فى النص المطعون عليه تنقسم إلى قسمين رئيسيين فى ضوء الأغراض التى توخاها المشرع من تقريرها أولهما : 1 عقوبات جنائية بحتة هى الحبس والغرامة وقد استهدف المشرع من تقريرها تحقيق الردع العام والخاص ، والأخير يتحقق بحرمان الجانى من حريته أو من جزء من ملكه ، وهو الإيلام المقصود من العقوبة بوجه عام ، فهما عقوبتان جاءت كل عقوبة منها ذات حدين أدنى وأقصى يعمل القاضى سلطته فى إيقاع القدر المناسب منها فى كل حالة على
حدة ، ومن ثم تكون هاتان العقوبتان قد جاءتا متناسبتين مع الفعل المنهى عنه، وفقاً لما رآه المشرع محققاً للفائدة الاجتماعية المبتغاة ، وفى إطار سلطته التقديرية فى مجال تنظيم الحقوق ، كما جاءت العقوبتان بالقدر اللازم لحمل المدين بدين الضريبة على الإقرار عن مبيعاته والوفاء بالضريبة المستحقة فى مواعيدها ، من غير غلو أو إسراف ، ومن ثم فإن هاتين العقوبتين لا مخالفة فيهما لحكم المادة (38) من الدستور .
وثانى تلك الجزاءات التى أوردها النص المطعون عليه هى العقوبات التى تجمع بين فكرتى الجزاء والتعويض ، وهى التى أوجب النص المطعون عليه الحكم بها وتتمثل فى إلزام المحكوم عليه بأداء الضريبة والضريبة الإضافية وتعويض لا يجاوز مثل الضريبة .
وحيث إن الشق الأول من العقوبة والمتعلق بأداء الضريبة أمر لا مطعن عليه إذ إن هذه الضريبة هى محور النزاع وأساسه وهى أصل جريمة التهرب وبنيانها ، لذا كان الإلزام بأدائها واجباً فى كل الأحوال باعتباره من قبيل الرد العينى ، ذلك أن الأصل فى الالتزام أن ينفذ عيناً ، فإذا صار ذلك مستحيلاً بخطأ المدين آل الأمر إلى التنفيذ بطريق التعويض ، ولما كان أداء الضريبة المتهرب منها هو أمر ممكن عملاً ودائماً فإن النص على وجوب الحكم بها لا يشكل مخالفة لأحكام الدستور .
أما الضريبة الإضافية فقد استهدف بها المشرع أمرين " أولهما " تعويض الخزانة العامة عن التأخير فى تحصيل الضريبة عن الآجال المحددة لها قانوناً ، و" ثانيهما " ردع المكلفين بتحصيل الضريبة عن التقاعس فى توريدها للمصلحة، وحثهم على المبادرة إلى إيفائها ، ومن ثم فإن هذا الجزاء يكون قد برئ من شبهة العسف والغلو ، وجاء متناسباً مع جسامة الفعل المنهى عنه وبعد منح الممول مهلة سداد كافية وأن مناط استحقاق ضريبة المبيعات هو بيع السلعة أو أداء الخدمة بما مؤداه أن تلك الضريبة تندمج فى ثمن السلعة وتعد جزءاً منه، ولا يتصور بالتالى بيع هذه أو أداء تلك دون تحصيل الضريبة من مشترى السلعة أو متلقى الخدمة ، وإلا كان المكلف متراخياً فى أدائها بمحض إرادته واختياره وسواء أكانت الأولى أم الثانية فإنه يلتزم بتوريد الضريبة فى الميعاد ، وإلا كان عدلاً ومنطقياً تحمله بالجزاء المقرر على عدم توريدها فى الميعاد المحدد قانوناً وبما لا مخالفة فيه لحكم المادتين (13 ، 38) من الدستور .
وإذ كانت هذه المحكمة قد سبق لها القضاء برفض الدعوى طعناً على الضريبة الإضافية حال التراخى فى توريد الضريبة الأصلية فى المواعيد المقررة فى المادة (16) من قانون الضريبة العامة على المبيعات وهى أعمال لا ترقى إلى جريمة التهرب من الضريبة فإن الوصول إلى النتيجة ذاتها فى حال التهرب منها النص المطعون عليه يكون أوجب .
وحيث إن المشرع أوجب بالنص المطعون فيه الحكم على الممول المتهرب بتعويض لا يجاوز مثل الضريبة إذ ورد النص بعبارة " ويحكم على الفاعلين متضامنين " ولا يملك القاضى إزاء هذا الوجوب إلا أن يقضى بهذا التعويض فى جميع الحالات بالإضافة إلى الجزاءات الجنائية المحددة بالنص المطعون عليه والتى تتمثل فى الحبس أو الغرامة أو هما معاً لتتعامد هذه الجزاءات جميعها على فعل واحد هو مخالفة أى بند من البنود الواردة بنص المادة (44) من قانون الضريبة العامة على المبيعات رقم 11 لسنة 1991 ، والتى ورد من بينها نص البند (2) والمنسوب للمدعى مخالفته والذى يتمثل فى بيع السلعة أو تقديم الخدمة دون الإقرار عنها وسداد الضريبة المستحقة عنها ، وكان مبدأ خضوع الدولة للقانون مؤداه ألا تُخل تشريعاتها بالحقوق التى يعتبر التسليم بها فى الدول الديمقراطية مفترضاً أولياً لقيام الدولة القانونية ، وضمانة أساسية لصون حقوق الإنسان وكرامته ، ويندرج تحتها طائفة الحقوق الوثيقة الصلة بالحرية الشخصية ومن بينها ألا تكون العقوبة متضمنة معاقبة الشخص أكثر من مرة عن فعل واحد ، وألا يكون الجزاء مدنياً كان أو جنائياً مفرطاً بل يتعين أن يكون متناسباً مع الفعل المؤثم ومتدرجاً بقدر خطورته .
متى كان ذلك ، وكان التعويض المقرر بالنص المطعون فيه على سبيل الوجوب ، إضافة إلى تعامده مع الجزاءات الجنائية التى تضمنها النص ذاته على فعل واحد وهو التهرب من أداء الضريبة العامة على المبيعات سواء كان هذا التهرب ناتجاً عن سلوك إيجابى أم سلبى ، ناشئاً عن عمد أم إهمال ، متصلاً بغش أم تحايل ، أم مجرداً منهما ، فإنه يعد منافياً لضوابط العدالة الاجتماعية التى يقوم عليها النظام الضريبى فى الدولة ومنتقصاً بالتالى دون مقتض من العناصر الإيجابية للذمة المالية للممول الخاضع لأحكام القانون المشار إليه مما يعد مخالفة لحكم المادتين (34 و38) من الدستور .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة (43) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 91 لسنة 1996 فيما تضمنه من وجوب الحكم على الفاعلين متضامنين بتعويض لا يجاوز مثل الضريبة وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة .



قضية رقم116لسنة27 قضائية المحكمة الدستوريةالعليا"دستورية"
نصالحكم
------------------
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد الرابع من مايو سنة 2008م، الموافق الثامن والعشرين من ربيع الآخر سنة 1429ه.
برئاسة السيد المستشار / ماهر عبد الواحد رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: ماهر البحيرى ومحمد عبد القادر عبد الله وأنور رشاد العاصى والسيد عبد المنعم حشيش وسعيد مرعى عمرو وتهانى محمد الجبالى
وحضور السيد المستشار الدكتور / حمدان حسن فهمى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 116 لسنة 27 قضائية "دستورية".
المقامة من
السيد/ سامى محمد عبدالوهاب ندا

ضد
1 – السيد رئيس الجمهورية
2 – السيد رئيس مجلس الوزراء
3 – السيد وزير العدل
4 – السيد / أسامه محمد حسنى حماد
5 – السيدة/ نوال محمد إبراهيم شتا
الإجراءات
بتاريخ الثامن عشر من مايو سنة 2005، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا طالباً الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة (19) من القانون رقم 136 لسنة 1981 فى شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.

ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

حيث إن الوقائع -على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- تتحصل فى أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم 747 لسنة 2004 مدنى أمام محكمة طنطا الابتدائية ضد المدعى عليهما الرابع والخامس، بطلب الحكم بطرد المدعى عليه الرابع من الشقة المؤجرة له وتسليمها له خالية، وقال بياناً لذلك، أنه اشترى العقار المبين بالأوراق من المدعى عليها الخامسة، وكان المدعى عليه الرابع يستأجر إحدى وحداته لاستعمالها سكناً خاصاً، وإذ تبين له ان المستأجر قام بتغيير جزئى للاستعمال إلى غير أغراض السكنى دون موافقة المالك، فقد أقام الدعوى للحكم بطلباته السالفة.

وأثناء نظر الدعوى، دفع المدعى بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة (19) من القانون رقم 136 لسنة 1981 المشار إليه – وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية دفعه وصرحت له بإقامة دعواه الدستورية فقد أقام الدعوى الماثلة.
وحيث إن المادة (19) من القانون رقم 136 لسنة 1981 فى شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر تنص على أنه "وفى الأحوال التى يتم فيها تغيير استعمال العين إلى غير أغراض السكنى تزاد الأجرة القانونية بنسبة 1-................ 2-................... 3-................ 4-................

ونصت الفقرة الثانية فيها محل الطعن الماثل على أنه:-
"وفى حالة التغير الجزئى للاستعمال يستحق المالك نصف النسب المشار إليها. ويشترط ألا يترتب على تغيير الاستعمال كلياً أو جزئياً إلحاق ضرر بالمبنى أو بشاغليه وتلغى المادة 23 من القانون رقم 49 لسنة 1977 وذلك اعتباراً من تاريخ العمل بهذا القانون".

ومؤدى هذا النص أن تغيير استعمال العين المؤجرة سكناً إلى غير غرض السكنى غدا رخصة للمستأجر يجوز له أن يستعملها –دون توقف على إرادة مالكها-وذلك بعد إلغائه صراحة المادة (23) المشار إليها التى كانت تشترط موافقة المالك على هذا التغيير، وهو ما أكدته أعماله التحضيرية على ما يبين من مضبطة الجلسة رقم (69) لمجلس الشعب المعقودة بتاريخ 22 يونيه سنة 1981 والتقارير الملحقة به.

وحيث إن المدعى ينعى على النص المطعون فيه إنه إذ منح المستأجر حرية تغيير استعمال جزء من العين المؤجرة سكناً إلى غرض آخر دون موافقة المالك، فقد تمخض عدواناً على الملكية التى يحميها الدستور، منشئاً بذلك حقوقاً مبتدأة للمستأجر لا يتوازن بها مركزه القانونى مع المؤجر، ولا يقيم علاقتهما ببعض على أساس من التضامن الاجتماعى، مخالفاً بذلك أحكام الشرعية الإسلامية ومهدراً مبدأ حرية التعاقد الذى هو فرع من الحرية الشخصية المكفولة بنص المادة 41 من الدستور.

وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن حرية التعاقد قاعدة أساسية يقتضيها الدستور صوناً للحرية الشخصية التى لا يقتصر ضمانها على تأمينها ضد صور العدوان على البدن، بل تمتد حمايتها إلى أشكال متعددة من إرادة الاختيار وسلطة التقرير التى ينبغى أن يملكها كل شخص، فلا يكون بها كائناً يحمل على ما لا يرضاه.

وحيث إن حرية التعاقد – بهذه المثابة - فوق كونها من الخصائص الجوهرية للحرية الشخصية، فهى كذلك وثيقة الصلة بالحق فى الملكية، وذلك بالنظر إلى الحقوق التى ترتبها العقود – المبنية على الإرادة الحرة - فيما بين أطرافها، بيد أن هذه الحرية – التى لا يكفلها انسيابها دون عائق، ولا جرفها لكل قيد عليها، ولا علوها على مصالح ترجحها، وإنما يدنيها من أهدافها قدر من التوازن بين جموحها وتنظيمها – لا تعطلها تلك القيود التى تفرضها السلطة التشريعية عليها بما يحول دون انفلاتها من كوابحها، ويندرج تحتها أن يكون تنظيمها لأنواع من العقود محدداً بقواعد آمرة تحيط ببعض جوانبها، غير أن هذه القيود لا يسعها أن تدهم الدائرة التى تباشر فيها الإرادة سلطانها، ولا أن تخلط بين المنفعة الشخصية التى يجنيها المستأجر من عقد الإيجار – والتى انصرفت إليها إرادة المالك عند التأجير – وبين حق الانتفاع كأحد الحقوق المتفرغة عن الملكية.

وحيث إن النص المطعون فيه خول المستأجر تغيير استعمال جزء من عين كان قد استأجرها مسكناً إلى غير غرض السكنى، وكان هذا النص – وباعتباره واقعاً فى إطار القيود الاستثنائية التى نظم بها المشرع العلائق الإيجارية، قد استهدف إسقاط شرط موافقة المالك على قيام المستأجر بهذا التغير، وكان حق المستأجر لا زال حقاً شخصياً مقصوراً على استعمال عين بذاتها فيما لا يجاوز الغرض الذى أجُرت من أجله، فلا يمتد إلى سلطة تغير جزء من استعمالها بغير موافقة مالكها، وبالمخالفة لشرط اتصل بإجارة أبرماها معاً، صريحاً كان هذا الشرط أم ضمنياً، فإن هذا النص يكون متضمناً عدواناً على الحدود المنطقية التى تعمل الإرادة الحرة فى نطاقها، والتى لا تستقيم الحرية الشخصية – فى صحيح بنيانها بفواتها – فلا تكون الإجارة إلا إملاء يناقض أساسها.

وحيث إن من المقرر – فى قضاء هذه المحكمة – أن صون الدستور للملكية الخاصة مؤداه أن المشرع لا يجوز أن يجردها من لوازمها، ولا أن يفصل عنها بعض أجزائها، ولا أن ينتقص من أصلها أو يغير من طبيعتها دون ما ضرورة تقتضيها وظيفتها الاجتماعية، وكان ضمان وظيفتها هذه يفترض ألا ترهق القيود التى يفرضها المشرع عليها جوهر مقوماتها، ولا أن يكون من شأنها حرمان أصحابها من تقرير صور الانتفاع بها، وكان صون الملكية وإعاقتها لا يجتمعان، فإن هدمها أو تقويض أسسها من خلال قيود تنال منها، ينحل عصفاً بها منافياً للحق فيها.

وحيث إن مكنة استغلال الأعيان ممن يملكونها من خلال عقود إجارة إنما تعنى حقهم فى اختيار من يستأجرونها من ناحية، والغرض من استعمالها من ناحية أخرى، وكانت حريتهم فى هذا الاختيار جزءا لايتجزأ من حق الاستغلال الذى يباشرونه أصلاً عليها، وكان من المقرر أن لحقوق الملكية –بكامل عناصرها- قيما مالية يجوز التعامل فيها، وكان الأصل أن يظل مؤجر العين متصلاً بها، فلا يعزل عنها من خلال سلطة مباشرة يمارسها آخرون عليها بناء على نص فى القانون، بيد أن النص المطعون فيه أجاز للمتسأجر بإرادته المنفردة الحق فى تغيير استعمال جزء من العين إلى غير غرض السكنى، فى إطار علائق إيجارية شخصية بطبيعتها، مهدراً كل إرادة لمؤجرها فى مجال القبول بهذا التغيير أو الاعتراض عليه.

وحيث إن مقتضى ما نص عليه الدستور فى المادة (7) من قيام المجتمع على أساس من التضامن الاجتماعى، يعنى وحدة الجماعة فى بنيانها، وتداخل مصالحها لا تصادمها، وإمكان التوفيق بينها ومزاوجتها ببعض عند تزاحمها، وترابط أفرادها فيما بينهم فلا يكون بعضهم لبعض إلا ظهيراً، ولا يتناحرون طمعا، وهم بذلك شركاء فى مسئوليتهم عن حماية تلك المصالح، لا يملكون التنصل منها أو التخلى عنها، وليس لفريق منهم أن يتقدم على غيره انتهازاً، ولا أن ينال قدراً من الحقوق يكون بها –عدواناً- أكثر علواً، وإنما تتضافر جهودهم وتتوافق توجهاتهم، لتكون لهم الفرص ذاتها التى تقيم لمجتمعاتهم بنيانها الحق وتتهيأ منها تلك الحماية التى ينبغى أن يلوذ بها ضعفاؤهم، ليجدوا فى كنفها الأمن والاستقرار.

وحيث إن النص المطعون فيه، ليس إلا حلقة فى اتجاه عام تبناه المشرع أمداً طويلاً فى إطار من مفاهيم تمثل ظلماً لمؤجرين ما برح المستأجرون يرجحون عليهم مصالحهم. متدثرين فى ذلك بعباءة قوانين استثنائية جاوز واضعوها بها حدود الاعتدال فلا يكون مجتمعهم معها إلا متحيفاً حقوقاً ما كان يجوز الإضرار بها، نائياً بالإجارة عن حدود متطلباتها، وعلى الأخص ما تعلق منها بتعاون طرفيها اقتصادياً واجتماعياً، حتى لا يكون صراعهما – بعد الدخول فى الإجارة- إطاراً لها.
وحيث إنه لما تقدم، يكون النص المطعون فيه مخالفاً للمواد 7، 32، 34، 41 من الدستور.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة (19) من القانون رقم 136 لسنة 1981 فى شأن بعض الأماكن الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، فيما تضمنه من عدم اشتراط موافقة المؤجر عند تغيير المستأجر استعمال جزء من العين المؤجرة إلى غير غرض السكنى، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتى جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة.




قضية رقم131لسنة21 قضائية المحكمة الدستوريةالعليا"دستورية"
نصالحكم
------------------

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 1 يوليه سنة 2007م ، الموافق 16 من جمادى الآخرة سنة 1428ه ،
برئاسة السيد المستشار/ ماهر عبد الواحد رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين : ماهر البحيرى وعدلى محمود منصور وعلى عوض محمد صالح والدكتور حنفى على جبالى ومحمد خيرى طه والدكتور عادل عمر شريف.
وحضور السيد المستشار / رجب عبد الحكيم سليم رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 131 لسنة 21 قضائية "دستورية"
المقامة من
السيد/ عادل عطية محمد شريف
ضد
1 – السيد رئيس الجمهورية
2 - السيد رئيس مجلس الوزراء
3 – السيد وزير العدل
4 – السيد وزير المالية
5 – الممثل القانونى لبنك ناصر الاجتماعى

الإجراءات
بتاريخ السابع عشر من يوليو سنة 1999، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالباً الحكم بعدم دستورية المادتين (12) و (80) من قانون ضريبة الدمغة الصادر بالقانون رقم 111 لسنة 1980 معدلاً بالمادة الأولى من القانون رقم 224 لسنة 1989
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فى ختامها الحكم؛ أولاً: بعدم قبول الدعوى بالنسبة لما جاوز الفقرة الثانية من المادة (12) من قانون ضريبة الدمغة المشار إليه، ثانياً: برفض الدعوى. كما قدم المدعى عليه الخامس مذكرة طلب فى ختامها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع – على ما يتبيَّن من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم 3653 لسنة 1998 أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية ضد كل من المدعى عليه الرابع، ومدير عام مأمورية ضرائب الدمغة فى مواجهة المدعى عليه الخامس؛ بطلب الحكم برد مبلغ 14335.381 جنيهاً مضافاً إليه الفوائد القانونية، وذلك على سند من القول أنه بتاريخ 14/10/1987 تم إبرام عقد اتفاق بين المدعى والمدعى عليه الخامس؛ موضوعه التزام الأول بأعمال (الإصلاح والسمكرة والدوكو) لبعض سيارات مشروع (ليموزين) التابع للآخر، فى مقابل استحاق المدعى ما يعادل نسبة 63% من قيمة هذه الأعمال. وخلال الفترة من تاريخ إبرام العقد المشار إليه حتى 30/6/1997 قام المدعى عليه الخامس بخصم قيمة ضريبة الدمغة محسوبة بنسبة 100% من قيمة الأعمال التى أنجزها المدعى؛ إعمالاً لنص المادة (12) من قانون ضريبة الدمغة المشار إليه، وقام بتوريدها إلى المدعى عليه الرابع مع تحميله كامل قيمة ضريبة الدمغة المستحقة على تلك الأعمال التى أنجزها، بما فيها حصة المدعى عليه الخامس التى تعادل نسبة 37% من قيمة تلك الأعمال، ومن ثم فقد أقام دعواه الموضوعية السالفة الذكر. وبجلسة 19/4/1998 دفع المدعى بعدم دستورية المادتين (12) و (80) من قانون ضريبة الدمغة المشار إليه؛ معدلاً بالمادة الأولى من القانون رقم 224 لسنة 1989، بيد أن المحكمة ارتأت عدم جدية هذا الدفع، وقضت فى موضوع الدعوى برفضها، فطعن المدعى على هذا الحكم بالاستئناف رقم 12634 لسنة 115 قضائية أمام محكمة استئناف القاهرة. وبجلسة 25/5/1999 دفع المدعى مجدداً بعدم دستورية المادتين المشار إليهما، وإذ قدرت محكمة الموضوع (جدية الدفع) وصرحت للمدعى برفع الدعوى الدستورية، فقد أقام الدعوى الماثلة

وحيث إن المادة (12) من قانون ضريبة الدمغة الصادر بالقانون رقم 111 لسنة 1980 تنص على أنه " لا تسرى الضريبة على المعاملات التى تجرى بين الجهات الحكومية أو بينها وبين شخص معفى من الضريبة

وإذا كان التعامل بين جهة حكومية وشخص غير معفى من الضريبة، فيتحمل هذا الشخص كامل الضريبة المستحقة على التعامل

على أنه فى حالة تعدد النسخ أو الصور التى تحتفظ بها الجهة الحكومية لدواعى العمل بها، فلا يتحمل المتعامل معها سوى الضريبة المستحقة على نسخة أو صورة واحدة من تلك النسخ أو الصور.

وتعفى من الضريبة أوراق حركة النقود المملوكة للحكومة

وتنص المادة (80) من القانون ذاته على أنه "فيما عدا المرتبات والأجور والمكافآت، وما فى حكمها والإعانات، تُستحق على كل مبلغ تصرفه الجهات الحكومية من الأموال المملوكة لها، وسواء أتم الصرف مباشرة أم بطريق الإنابة، علاوة على الضريبة المبينة فى المادة السابقة، ضريبة إضافية مقدارها ثلاثة أمثال الضريبة المشار إليها.

ويُقصد بالصرف عن طريق الإنابة أن تعهد الجهة الحكومية إلى أى شخص بمبلغ مملوك لها ليتولى الصرف منه نيابة عنها".

وتنص المادة الأولى من القانون رقم 224 لسنة 1989 المشار إليه على أن "تُزاد بمقدار المثل ضريبة الدمغة المنصوص عليها فى قانون ضريبة الدمغة الصادر بالقانون رقم 111 لسنة 1980 المعدل بالقانون رقم 104 لسنة 1987، وذلك عدا الأوعية المبينة فى الجدول المرفق فتكون الضريبة عليها، وفقاً لما هو مبين قرين كل منها".

وقد تضمن الجدول المذكور زيادة الضريبة التى فرضها نص المادة (79) من قانون ضريبة الدمغة المشار إليه على ما تصرفه الجهات الحكومية وشركات القطاع العام والجمعيات التعاونية من المرتبات والأجور والمكافآت وما فى حكمها والإعانات؛ وذلك بالنسب المئوية المقررة لكل شريحة منها

وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة – وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية – مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة فى الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل فى المسألة الدستورية لازماً للفصل فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها، والمطروحة أمام محكمة الموضوع. فإذا لم يكن النص التشريعى المطعون عليه قد طُبق على المدعى أصلاً أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان قد أفاد من مزاياه أو كان الإخلال بالحقوق التى يدعيها لا يعود إليه؛ فإن المصلحة الشخصية المباشرة تكون منتفية، ذلك أن إبطال النص فى هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعى أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانونى بعد الفصل فى الدعوى الدستورية عما كان عليه عند رفعها.

وحيث إن المدعى كان قد أقام دعواه الموضوعية السالفة الذكر بطلب الحكم برد قيمة ضريبة الدمغة المستحقة على حصة المدعى عليه الخامس التى تعادل نسبة 37% من قيمة الأعمال وفقاً للعقد المبرم بينهما، وكان نص الفقرة الثانية من المادة (12) من قانون ضريبة الدمغة المشار إليه يحمل الشخص غير المعفى من الضريبة بكامل الضريبة المستحقة على تعامله مع جهة حكومية، مما يحول بين المدعى وبين استرداد قيمة الضريبة المخصومة منه سداداً لحصة المدعى عليه الخامس، الأمر الذى تتوافر معه للمدعى المصلحة فى الدعوى الدستورية طعناً على هذا النص فى ذلك النطاق فقط، لما للحكم بعدم دستوريته فى هذه الحالة من انعكاس على طلباته فى الدعوى الموضوعية، ومن ثم تنتفى مصلحته فى سائر النصوص القانونية المطعون عليها فى الدعوى الدستورية الماثلة

وحيث إن المدعى عليه الخامس قد دفع – فى مذكرته المشار إليها – بسقوط حق المدعى فى استرداد الضريبة؛ إعمالاً لما تنص عليه المادة (26) من قانون ضريبة الدمغة المشار إليه من سقوط حق الممول فى المطالبة برد المبالغ المسددة كضرائب بدون وجه حق بمضى خمس سنوات من يوم أدائها، مما يترتب عليه انتفاء مصلحة المدعى فى دعواه الدستورية الماثلة، وكانت الفترة التى يطالب المدعى باسترداد الضريبة عنها تبدأ من 14/10/1987 حتى 30/6/1997 وأقام دعواه الموضوعية بتاريخ 16/3/1998 مما تنقطع معه مدة سقوط الحق المشار إليها، وكان من المقرر – وفقاً لقضاء هذه المحكمة – أن الدفع بالتقادم المسقط للحق يقتضى ابتداءً تحديد ما إذا كانت المدة التى عينّها المشرع لسقوطه قد اكتمل مداها بدءاً من التاريخ المحدد لسريانها، أم أن عارضاً اعتراها مستوجباً وقفها أو انقطاع جريانها؛ وجميعها من الشروط التى تنفرد محكمة الموضوع بتحقيقها والفصل فيها، ولا شأن لها بالتالى بالخصومة الدستورية التى تنفصل فى موضوعها وبواعثها عنها، ومن ثم يضحى الدفع المشار إليه وارداً على غير أساس؛ متعيناً الالتفات عنه 0

وحيث إن المدعى ينعى على النص المطعون عليه – فى النطاق السالف البيان – أنه بنقله عبء الضريبة من شخص معفى منها إلى شخص آخر، فإنه يكون قد أخل بمبدأى تكافؤ الفرص والمساواة، وأهدر العدالة الاجتماعية التى يقوم النظام الضريبى عليها، وانتقص من الحماية المقررة للملكية الخاصة فضلاً عن مصادرة حرية الفرد فى اختيار طريقة استثمار أمواله؛ مما يخالف أحكام المواد 4 و 23 و32 و 34 و 38 و 40 و 61 و 119 من الدستور.

وحيث إن مبدأ تكافؤ الفرص الذى تكفله الدولة للمواطنين كافة؛ وفقاً لنص المادة (8) من الدستور – وفقاً لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – يتصل فى مضمونه بالفرص التى تتعهد الدولة بتقديمها، فلا يثور إعماله إلا عند التزاحم عليها، كما أن الحماية الدستورية لتلك الفرص غايتها تقرير أولوية – فى مجال الانتفاع بها – لبعض المتزاحمين على بعض، وهى أولوية تتحدد وفقاً لأسس موضوعية يقتضيها الصالح العام. لما كان ذلك، وكان النص المطعون فيه لا يتصل بفرص قائمة تتعهد الدولة بتقديمها، بما مؤداه انتفاء إعمال مبدأ تكافؤ الفرص فى نطاق تطبيق هذا النص الطعين، وبالتالى يكون النعى عليه بمخالفته نص المادة (8) من الدستور وارداً على غير أساس؛ جديراً بالالتفات عنه

وحيث إنه من المقرر – وفقاً لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة أن لكل ضريبة وعاء – يُعبر عنه أحياناً بقاعدة الضريبة – ويتمثل فى المال الذى تُفرض عليه، وكان تحديد دين الضريبة يفترض التوصل إلى تقدير حقيقى لقيمة المال الخاضع لها، باعتبار أن ذلك يُعد شرطاً لازماً لعدالة الضريبة ولصون مصلحة كل من الممول والخزانة العامة، ويتعين – فى هذا الإطار – أن يكون وعاء الضريبة ممثلاً فى المال المحمل بعبئها، محققاً ومحدداً على أسس واقعية يكون ممكناً معها الوقوف على حقيقته على أكمل وجه، ولا يكون الوعاء محققاً إلا إذا كان ثابتاً بعيداً عن شبهة الاحتمال أو الترخص؛ ذلك أن مقدار الضريبة أو مبلغها أو دينها، إنما يتحدد مرتبطاً بوعائها، وباعتباره منسوباً إليه ومحمولاً عليه، وفق الشروط التى يقدر معها المشرع واقعية الضريبة وعدالتها بما لا مخالفة فيه للدستور، وبغير ذلك لا يكون لتحديد وعاء الضريبة من معنى، ذلك أن وعاء الضريبة هو مادتها، والغاية من تقرير الضريبة هو أن يكون هذا الوعاء مصرفها. والأعباء التى يجوز فرضها على المواطنين بقانون أو فى الحدود التى يبينها – وسواء أكان ضريبة أم رسماً هى التى نظمها الدستور بنص المادة (119) منه، وكان الدستور كذلك، وإن خصَّ النظام الضريبى بالمادة (38) منه؛ متطلباً أن تكون العدالة الاجتماعية مضموناً لمحتواه وغاية يتوخاها، فلا تنفصل عنها النصوص القانونية التى يقيم المشرع عليها النظم الضريبة على اختلافها، إلا أن الضريبة بكل صورها تمثل فى جوهرها عبئاً مالياً على المكلفين بها؛ شأنها فى ذلك شأن غيرها من الأعباء التى انتظمتها المادة (119) من الدستور، ويتعين بالتالى – وبالنظر إلى وطأتها وخطورة تكلفتها – أن يكون العدل من منظور اجتماعى مهيمناً عليها بمختلف صورها، محدداً الشروط الموضوعية لاقتضائها، نائياً عن التمييز بينها دون مسوغ، فذلك وحده ضمان خضوعها لشرط الحماية القانونية المتكافئة التى كفلها الدستور للمواطنين جميعاً فى شأن الحقوق عينها، فلا تحكمها إلا مقاييس موحدة لا تتفرق بها ضوابطها.

وحيث إن الحماية التى أظلَّ بها الدستور الملكية الخاصة لضمان صونها من العدوان، لا تقتصر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – على الصور التى تظهر الملكية فيها بوصفها الأصل الذى تتفرع عنه الحقوق الأصلية جميعها، وإنما تمتد هذه الحماية إلى الأموال كلها دون تمييز؛ باعتبار أن المال حق ذو قيمة مالية، سواء أكان هذا الحق شخصياً أم عينياً أم من حقوق الملكية الأدبية أم الفنية أم الصناعية، وإلى هذه الأموال كلها تنبسط الحماية التى كفلها الدستور لحق الملكية، فلا تخلص لغير أصحابها، ولم يعد جائزاً بالتالى أن ينال المشرع عناصرها، ولا أن يغير من طبيعتها أو يجردها من لوازمها، ولا أن يفصلها عن أجزائها أو يدمر أصلها، أو يقيد من مباشرة الحقوق التى تتفرع عنها فى غير ضرورة تقتضيها وظيفتها الاجتماعية، ودون ذلك تفقد الملكية ضماناتها الجوهرية، ويكون العدوان عليها غصباً، وافتئاتاً على كيانها، أدخل إلى مصادرتها

وحيث إنه لما كان ما تقدم، وكان نص الفقرة الثانية من المادة (12) من قانون ضريبة الدمغة المشار إليه قد حمَّل المدعى، باعتباره غير معفى من الضريبة، كامل قيمتها المستحقة عن تعامله مع المدعى عليه الخامس "بنك ناصر الاجتماعى" كونه جهة حكومية وفقاً لنص المادة (14) من القانون ذاته؛ إذ يعد هيئة عامة ذات شخصية اعتبارية طبقاً لنص المادة (1) من قانون إنشائه الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 66 لسنة 1971، وكان تحديد مقدار الضريبة أو دينها يتعين أن يكون مرتبطاً بوعائها، دائراً فى إطارها، من أجل أن يظل العدل من منظور اجتماعى مهيمناً عليها بمختلف صورها، مقيماً فى شأنها مقاييس موحدة لا تتفرق بها ضوابطها، باعتبار أن الضريبة بكل صورها تمثل فى جوهرها عبئاً مالياً على المكلفين بها، شأنها فى ذلك شأن غيرها من الأعباء التى انتظمتها المادة (119) من الدستور، وهو ما يرتبط كذلك بالحماية الدستورية لحق الملكية التى لا يجوز للمشرع أن ينال من عناصرها أو ينتقص منها، أو يقيد من مباشرة الحقوق التى تتفرع عنها فى غير ضرورة تقتضيها وظيفتها الاجتماعية، فإن النص الطعين يكون قد أنشأ رابطة غير منطقية بين دين الضريبة ووعائها؛ فجعل هذا الدين مجاوزاً فى تحديد مقداره إطار ذلك الوعاء، مفضياً إلى التحكم فى فرض ضريبة لا ترتبط بأى وعاء، مما مؤداه الانتقاص من أموال المدعى الخاضع لهذه الضريبة، والنيل بالتالى من حماية حقه فى الملكية، ومن ثم يكون هذا النص الطعين مخالفاً لأحكام المواد (32) و (34) و (38) و (119) من الدستور.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة (12) من قانون ضريبة الدمغة الصادرة بالقانون رقم 111 لسنة 1980 فيما تضمنه من تحميل الشخص غير المعفى من الضريبة كامل الضريبة المستحقة على تعامله مع جهة حكومية، مع إلزام الحكومة المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماه

نسألكم الدعاء وعلى الله القبول .. آمين

ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 02-06-2013, 08:27 AM
أبا محمد أبا محمد غير متواجد حالياً
مدير عام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
المشاركات: 479
افتراضي



قضية رقم 55 لسنة 27 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"
نص الحكم
------------------
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 10 ديسمبر سنة 2006 م ، الموافق 19 من ذى القعدة سنة 1427 ه .
برئاسة السيد المستشار/ ماهر عبدالواحد رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين :ماهر البحيرى وعدلى محمود منصور ومحمد عبدالقادر عبدالله وعلى عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصى وإلهام نجيب نوار
وحضور السيد المستشار / نجيب جمال الدين علما رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 55 لسنة 27 قضائية "دستورية"
المقامة من
ورثة المرحوم / محمد محمد عطية جريش ، وهم :
1- عبدالعظيم محمد محمد عطية جريش
2- السيد محمد محمد عطية جريش
3- محمود محمد محمد عطية جريش
4- شحاته محمد محمد عطية جريش
5- أحمد محمد محمد عطية جريش
6- جهاد محمد محمد عطية جريش
7- جمال محمد محمد عطية جريش
8- رضا محمد محمد عطية جريش
9- صلاح محمد محمد عطية جريش
10– عفيفى محمد محمد عطية جريش
ضد

1 السيد رئيس الجمهورية
2 السيد رئيس مجلس الوزراء
3 السيد رئيس مجلس الشعب
4 السيد وزير المالية

الإجراءات
بتاريخ الثامن من مارس سنة 2005 ، أودع المدعون صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة ، طلباً للحكم بعدم دستورية المادة (32) من قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981 معدلاً بالقانون رقم 187 لسنة 1993 فيما نصت عليه من أنه " وعلى الممول أن يخطر مأمورية الضرائب المختصة خلال ثلاثين يوماً من التاريخ الذى توقف فيه العمل وإلا حسبت الأرباح عن سنة ضريبية كاملة " .
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرتين طلبت فيهما الحكم برفض الدعوى .
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها .
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق تتحصل فى أن مأمورية ضرائب الإسماعيلية قامت بمحاسبة المدعين عن نشاط استغلال مزرعة دواجن خلال الفترة من عام 1994 حتى عام 1997 ، فاعترضوا عليها بدعوى توقف نشاط المزرعة منذ عام 1990 وإزالتها بالكامل وأقاموا على أرضها مصنعاً للطوب الطفلى ، فقررت لجنة طعن ضرائب الإسماعيلية بتاريخ 10/6/2003 قبول هذا الاعتراض ، إلا أن مصلحة الضرائب أقامت الدعوى رقم 324 لسنة 2003 ضرائب كلى أمام محكمة الإسماعيلية الابتدائية بطلب الحكم بإلغاء قرار لجنة الطعن وتأييد تقديرات المأمورية لصافى أرباح المدعين . وبجلسة 8/5/2004 قضت المحكمة بإلغاء قرار لجنة الطعن رقم 762 لسنة 2001 والمحاسبة عن النشاط محل الطعن بذات تقديرات المأمورية لصافى الأرباح من عام 1994 حتى عام 1997 تأسيساً على خلو الأوراق مما يفيد إخطار مصلحة الضرائب بتوقف النشاط وفقاً لأحكام المادة (32) من القانون رقم 157 سنة 1981 المعدل بالقانون رقم 187 لسنة 1993 ، وإذ لم يلق هذا الحكم قبولاً لدى المدعين فقد طعنوا عليه بالاستئناف رقم 69 لسنة 29 قضائية ، أمام محكمة استئناف الإسماعيلية ، وأثناء نظره دفعوا بعدم دستورية نص المادة (32) من القانون رقم 157 لسنة 1981 المعدل بالقانون رقم 187 لسنة 1993 ، وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع وصرحت للمدعين بإقامة الدعوى الدستورية ، فقد أقاموا الدعوى الماثلة .

حيث إن المادة (32) من قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981 معدلاً بالقانون رقم 187 لسنة 1993 تنص على أنه " إذا توقفت المنشأة عن العمل توقفاً كلياً أو جزئياً تدخل فى وعاء الضريبة الأرباح الفعلية حتى التاريخ الذى توقف فيه العمل " .

ويقصد بالتوقف الجزئى إنهاء الممول لبعض أوجه النشاط أو لفرع أو أكثر من الفروع التى يزاول فيها نشاطه .

وعلى الممول أن يخطر مأمورية الضرائب المختصة خلال ثلاثين يوماً من التاريخ الذى توقف فيه العمل وإلا حسبت الأرباح عن سنة ضريبية كاملة ، وعليه أيضاً خلال ستين يوماً من تاريخ التوقف أن يتقدم بإقرار مستقل مبيناً به نتيجة العمليات بالمنشأة حتى تاريخ التوقف مرفقاً به المستندات والبيانات اللازمة لتحديد الأرباح على أن يتضمن الإقرار السنوى بيانات هذا الإقرار .

وإذ توقفت المنشأة بسبب وفاة صاحبها ، أو إذا توفى صاحبها خلال مدة الثلاثين يوماً المحددة لقيامه بالإخطار عن التوقف ...." .

وحيث إن من المقرر أن شرط المصلحة الشخصية المباشرة يتغيا أن تفصل المحكمة الدستورية العليا فى الخصومة الدستورية من جوانبها العملية وليس من معطياتها النظرية . وهو كذلك يقيد تدخلها فى هذه الخصومة ، فلا تفصل فى غير المسائل الدستورية التى يؤثر الحكم فيها على النزاع الموضوعى ، ويتحدد مفهوم هذا الشرط باجتماع عنصرين : أولهما : أن يقيم المدعى وفى حدود الصفة التى اختصم بها النص المطعون فيه الدليل على أن ضرراً واقعياً اقتصادياً أو غيره قد لحق به . ثانيهما : أن يكون هذا الضرر عائداً إلى النص المطعون فيه .

وحيث إنه متى كان ما تقدم ، وكان الثابت من الأوراق أن جوهر النزاع بين المدعين ومصلحة الضرائب يتمثل فى قيام الأخيرة بمطالبتهم سداد ضرائب عن الأرباح التى قدرتها المصلحة عن نشاط المزرعة المملوكة لهم خلال السنوات من 1994 إلى 1997 رغم ادعائهم بتوقف هذا النشاط منذ سنة 1990 ، فإن مصلحة المدعين فى الطعن الماثل تنحصر فى الفصل فى دستورية عبارة ( وإلا حسبت الأرباح عن سنة ضريبية كاملة ) الواردة بالفقرة الثالثة من النص المطعون عليه ، وبها يتحدد نطاق الدعوى الماثلة .

وحيث إن المدعين ينعون على النص المذكور محدداً نطاقاً على النحو المتقدم إخلاله بالعدالة الاجتماعية التى يقوم عليها النظام الضريبى ، بفرضه ضريبة على أرباح لم تتحقق فعلاً لتوقف نشاط المنشأة ، ومناهضته لمبدأى تكافؤ الفرص ، ومساواة المواطنين أمام القانون بالتمييز غير المبرر بين أفراد الفئة الخاضعة للضريبة بحسب تاريخ التوقف لكل ممول ، ومخالفته لعدالة توزيع الأعباء والتكاليف العامة ، وإهداره الحق فى العمل ، واعتدائه على الحرية الشخصية بتقرير جزاء على عدم إخطار المصلحة بتوقف النشاط يجاوز بمداه وتعدده الحدود المنطقية بما يمثل مخالفة لأحكام المواد ( 4 ، 8 ، 13 ، 38 ، 40 ، 41 ، 52 ، 61 ، 119 و120 ) من الدستور .

وحيث إن هذا النعى سديد فى مجمله ذلك أن النص الطعين لم يحقق التوازن المطلوب بين أمرين : هما حق الدولة فى استئداء الضريبة المستحقة قانوناً لما تمثله من أهمية بالغة نحو وفاء الدولة بالتزاماتها العامة تجاه الأفراد ، وبين الضمانات الدستورية والقانونية المقررة فى مجال فرض الضرائب على أفراد المجتمع لا سيما من حيث تحديد وعاء الضريبة تحديداً حقيقياً كشرط لعدالتها . وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن تحديد دين الضريبة يفترض التوصل إلى تقدير حقيقى لقيمة المال الخاضع لها ، باعتبار أن ذلك شرطاً لازماً لعدالة الضريبة ، ولصون مصلحة كل من الممول والخزانة العامة . ويتعين أن يكون ذلك الدين وهو ما يطلق عليه وعاء الضريبة ممثلاً فى المال المحمل بعبئها محققاً ومحدداً على أسس واقعية يكون ممكناً معها الوقوف على حقيقته على أكمل وجه . ولا يكون الوعاء محققاً إلا إذا كان ثابتاً بعيداً عن شبهة الاحتمال أو الترخص ، ذلك أن مقدار الضريبة أو مبلغها أو دينها إنما يتحدد مرتبطاً بوعائها ، وباعتباره منسوباً إليه ، ومحمولاً عليه ، وفق الشروط التى يقدر المشرع معها واقعية الضريبة وعدالتها بما لا مخالفة فيه للدستور .

وحيث إن الدستور إعلاء من جهته لدور الملكية الخاصة ، وتوكيداً لإسهامها فى صون الأمن الاجتماعى كفل حمايتها لكل فرد ، ولم يجز المساس بها إلا على سبيل الاستثناء ، وفى الحدود التى يقتضيها تنظيمها ، باعتبارها عائدة فى الأعم من الأحوال إلى جهد صاحبها ، بذل من أجلها الوقت والعرق والمال وحرص بالعمل المتواصل على إنمائها ، وأحاطها بما قدره ضرورياً لصونها ، كافلاً للتنمية أهم أدواتها ، مطمئناً فى كنفها إلى يومه وغده ، مهيمناً عليها ليختص دون غيره بثمارها ومنتجاتها وملحقاتها ، فلا يرده عنها معتد ، ولا يناجز سلطته فى شأنها خصيم ليس بيده سند ناقل للملكية ، ليعتصم بها دون الآخرين ، وليلتمس من الدستور وسائل حمايتها التى تعينها على أداء دورها ، وتقيها تعرض الأغيار لها سواء بنقضها أو بانتقاصها من أطرافها ، ولم يعد جائزاً بالتالى أن ينال المشرع من عناصرها ، ولا أن يغير من طبيعتها أو يجردها من لوازمها ، ولا أن يفصلها عن أجزائها أو يدمر أصلها ، أو يقيد من مباشرة الحقوق التى تتفرع عنها فى غير ضرورة تقتضيها وظيفتها الاجتماعية ، ودون ذلك تفقد الملكية ضماناتها الجوهرية ، ويكون العدوان عليها غصباً ، وافتئاتاً على كيانها أدخل إلى مصادرتها .

وحيث إن ما قرره النص الطعين من محاسبة الممول عن سنة ضريبية كاملة (قد تصل إلى أكثر من سنة بحسب الأحوال ) رغم ادعائه بتوقف النشاط الخاضع للضريبة وإن أهمل فى إخطار مصلحة الضرائب بهذه الواقعة فى المواعيد وبالإجراءات المنصوص عليها ، وذلك دون تحقيق مدى صحة هذا الادعاء وتمكين الممول من إثباته بكافة طرق الإثبات المقررة قانوناً ، ودون منح القاضى أية سلطة تقديرية فى تحديد التعويض المناسب لما قد يكون أصاب الخزانة العامة من أضرار نتيجة إخلال الممول بهذا الالتزام ، الأمر الذى يجعل ما ورد بالنص الطعين أقرب إلى الجزاء إلا أنه جاء مبالغاً فيه إذ قد يترتب عليه مصادرة وعاء الضريبة بالكامل بل قد يتجاوزه إلى باقى أموال الممول بما يناهض مبدأ العدالة التى يقوم عليها النظام الضريبى ، ويتضمن فى الوقت ذاته اعتداء على حق الملكية لما يشكله من انتقاص للعناصر الإيجابية للذمة المالية للممول .

وحيث إن مبدأ عدم جواز معاقبة الشخص مرتين عن فعل واحد ، من المبادئ التى رددتها النظم القانونية على اختلافها ، ويعتبر جزءاً من الحقوق الأساسية التى تضمنتها الاتفاقيات الدولية لكل إنسان ، ويخل إهداره بالحرية الشخصية التى يعتبر صونها من العدوان ضمانة جوهرية لآدمية الفرد ولحقه فى الحياة . وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن خضوع الدولة للقانون محدد على ضوء مفهوم ديمقراطى مؤداه ألا تخل تشريعاتها بالحقوق التى يعتبر التسليم بها فى الدول الديمقراطية مفترضاً أولياً لقيام الدولة القانونية ، وضمانة أساسية لصون حقوق الإنسان وكرامته وشخصيته المتكاملة ، ويندرج تحتها طائفة من الحقوق تعتبر وثيقة الصلة بالحرية الشخصية التى كفلها الدستور واعتبرها من الحقوق الطبيعية التى لا تمس ، ومن بينها ألا تكون العقوبة الجنائية التى توقعها الدولة بتشريعاتها مهينة فى ذاتها أو ممعنة فى قسوتها ، أو منطوية على تقييد الحرية الشخصية بغير انتهاج الوسائل القانونية السليمة ، أو متضمنة معاقبة الشخص عن فعل واحد أكثر من مرة .

وحيث إن المشرع فرض بموجب المادة (187) من ذات القانون رقم 157 لسنة 1981 عقوبة الغرامة التى لا تقل عن مائة جنيه ولا تجاوز خمسمائة جنيه فى حالة مخالفة الفقرة الثالثة من المادة (32) محل الطعن الماثل ، وقرر مضاعفة الغرامة فى حالة العود خلال ثلاث سنوات ، وهى عقوبة جنائية توقع بالإضافة للجزاء المالى المتمثل فى محاسبة الممول عن الأرباح عن سنة ضريبية كاملة ، فإن ذلك يمثل ازدواجاً فى العقاب عن ذات الفعل بما يتعارض مع مبدأ عدم جواز معاقبة الشخص مرتين عن فعل واحد .

وحيث إنه متى كان ما تقدم ، فإن النص الطعين يأتى مخالفاً لأحكام المواد ( 32 ، 34 ، 38 ، 41 و65 ) من الدستور .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية نص الفقرة الثالثة من المادة (32) من قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981 معدلاً بالقانون رقم 187 لسنة 1993 فيما نصت عليه من " وإلا حسبت الأرباح عن سنة ضريبية كاملة " ، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 02-06-2013, 08:28 AM
أبا محمد أبا محمد غير متواجد حالياً
مدير عام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
المشاركات: 479
افتراضي



قضية رقم 332 لسنة 23 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"
مبادئ الحكم: تشريع-ضرائب - خضوع الدولة للقانون - دستور-عدل - دستور-مبدأ الخضوع للقانون - دعوى دستورية-مصلحة مناطها - ضريبة-جزاء - ضريبة-عدالة إجتماعية - عدالة - مبدأ خضوع الدولةللقانون-تناسب الجزاء مع الأفعال نص الحكم
------------------
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 8 مايو سنة 2005 م ، الموافق 29 من ربيع الأول سنة 1426 ه .
برئاسة السيد المستشار / ممدوح مرعى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين : ماهر البحيرى وعدلى محمود منصور وعلى عوض محمد صالح وإلهام نجيب نوار ومحمد عبدالعزيز الشناوى وماهر سامى يوسف
وحضور السيد المستشار / نجيب جمال الدين علما رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 332 لسنة 23 قضائية " دستورية " ، المحالة من محكمة جنايات كفر الشيخ فى القضية رقم 2839 لسنة 2001 جنايات الحامول .
المقامة من
النيابة العامة
ضد
السيد / على عبدالعاطى السحماوى
الإجراءات
بتاريخ الخامس والعشرين من نوفمبر سنة 2001 ، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا ملف الدعوى رقم 2839 لسنة 2001 جنايات الحامول والمقيدة برقم 36 لسنة 2001 كلى كفر الشيخ ، بعد أن قضت محكمة جنايات كفر الشيخ بوقفها وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية الفقرة الأولى من المادة (181) والمادة (195) من قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981 .
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم أولاً :- بعدم قبول الدعوى بالنسبة لنص المادة (195) من القانون رقم 157 لسنة 1981 ، وثانياً :- برفض الدعوى فيما يتعلق بنص الفقرة الأولى من المادة (181) من القانون المذكور .
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها .
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة .
حيث إن الوقائع على ما يبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق تتحصل فى أن النيابة العامة أحالت السيد / على عبدالعاطى السحماوى إلى محكمة جنايات كفر الشيخ متهمة إياه بتهربه من أداء الضرائب عن أرباحه التجارية عن نشاطه من استغلال مزرعة سمكية عن السنوات من 1989 حتى 1999 ، وذلك باستعمال إحدى الطرق الاحتيالية بأن أخفى نشاطه عن مصلحة الضرائب ولم يخطرها عند بدء مزاولته للنشاط ، وعدم تقديمه للإقرارات الضريبية عن السنوات المذكورة ، وعدم حصوله على البطاقة الضريبية خلال الميعاد المحدد قانوناً . وطلبت النيابة العامة معاقبته بمواد الاتهام الواردة بأمر الإحالة ومنها نص الفقرة الأولى من المادة (181) من قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981 ، وإذ تراءى للمحكمة عدم دستورية ذلك النص وكذا نص المادة (195) من القانون المشار إليه ، فقد قررت بجلسة 6/9/2001 وقف السير فى الدعوى وإحالة الأوراق للمحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية النصين المذكورين .
وحيث إن المادة (181) من قانون الضرائب على الدخل تنص فى فقرتها الأولى على أنه " فى حالة الحكم بالإدانة فى الأحوال المنصوص عليها فى المادتين (178 ، 179 ) من هذا القانون يقضى بتعويض يعادل ثلاثة أمثال ما لم يؤد من الضرائب المستحقة " .
وتنص المادة (195) من القانون المذكور على أن " يخصص وزير المالية نسبة من حصيلة الغرامات والتعويضات التى يتم تحصيلها نتيجة الصلح مع الممولين مقابل التنازل عن رفع الدعوى العمومية أو المحكوم بها نهائياً طبقاً لأحكام هذا القانون ، وتؤول هذه الحصيلة إلى صندوق الرعاية الاجتماعية والصحية للعاملين بمصلحة الضرائب وأسرهم ومن أحيل أو يحال منهم إلى التقاعد وأسرهم ...." .
وحيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أن مناط المصلحة فى الدعوى الدستورية وهى شرط لقبولها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة فى الدعوى الموضوعية ، وذلك بأن يكون الفصل فى المسألة الدستورية لازماً للفصل فى الطلبات المرتبطة بها المطروحة على محكمة الموضوع ، وأن هذا الشرط يتغيا أن تفصل المحكمة الدستورية العليا فى الخصومة الدستورية من جوانبها العملية وليس من معطياتها النظرية ، أو تصوراتها المجردة . وهو كذلك يقيد تدخلها فى تلك الخصومة القضائية ، ويحدد نطاقها ، فلا تمتد لغير المطاعن التى يؤثر الحكم بصحتها أو بطلانها على النزاع الموضوعى ، وبالقدر اللازم للفصل فيه ، ومؤداه ألا تقبل الخصومة الدستورية من غير الأشخاص الذين ينالهم الضرر من جراء سريان النص المطعون فيه . فإذا لم يكن هذا النص قد طبق أصلاً على من ادعى مخالفته للدستور ، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه ، أو كان قد أفاد من مزاياه أو كان الإخلال بالحقوق التى يدعيها لا يعود إليه ، دل ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة . ذلك أن إبطال النص التشريعى فى هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعى أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانونى بعد الفصل فى الدعوى الدستورية عما كان عليه قبلها .
لما كان ما تقدم ، وكان نص المادة (195) من قانون الضرائب على الدخل يتناول بالتنظيم كيفية التصرف فى حصيلة الغرامات والتعويضات التى يتم تحصيلها من الممولين وفقاً لأحكام القانون ، ولا شأن له بموضوع المخالفات المنسوبة للمتهم فى الدعوى الموضوعية ، ولم يرد ذكره بأمر الإحالة الصادر من النيابة العامة ، فإن قضاء هذه المحكمة بعدم دستورية النص المذكور بفرض صحة المطاعن الموجهة إليه لن يكون ذا أثر على النزاع الموضوعى ، لتغدو المصلحة فى الطعن عليه منتفية ، وتكون الدعوى فى هذا الشق منها غير مقبولة .
وحيث إن حكم الإحالة ينعى على نص المادة (181) من قانون الضرائب على الدخل السالف ذكرها أموراً ثلاثة ، أولها :- أن ما قرره من تعويض - يوازى ثلاثة أمثال ما لم يؤد من ضرائب - جاء مبالغاً فيه ، ومناهضاً لروح العدالة التى يقوم عليها النظام الضريبى ويؤكد عليها الدستور فى عديد من المواد . وثانيها :- أنه ألزم الممول بسداد الضريبة التى تهرب منها بالإضافة إلى ثلاثة أمثالها كتعويض ، الأمر الذى قد يترتب عليه مصادرة وعاء الضريبة بالكامل بل قد يتجاوزه إلى باقى أموال الممول بما يشكل اعتداء على حق الملكية . وثالثها :- أن المشرع ألزم الممول الخاضع للنص الطعين بأداء هذا التعويض دون منح القاضى أية سلطة تقديرية فى تحديد التعويض المناسب لمقدار الضرر الذى أصاب الخزانة العامة ، فى حين خالف هذا الأسلوب فى عديد من القوانين المنظمة للجرائم المالية أو القوانين الضريبية مثل قانون الضريبة العامة على المبيعات والذى قرر تعويضاً لا يجاوز مثل الضريبة ، بما يعد إخلالاً من المشرع بمبدأ المساواة أمام القانون .
وحيث إن هذا النعى سديد فى جوهره ذلك أن السلطة التشريعية هى التى تقبض بيدها على زمام الضريبة العامة ، إذ تتولى بنفسها تنظيم أوضاعها بقانون يصدر عنها ، متضمناً تحديد وعائها وأسس تقديره ، وبيان مبلغها ، والملتزمين بأدائها ، وقواعد ربطها وتحصيلها وتوريدها ، وكيفية أدائها ، وضوابط تقادمها ، وما يجوز أن يتناولها من الطعون اعتراضاً عليها ، ونظم خصم بعض المبالغ أو إضافتها لحسابها ، وغير ذلك مما يتصل ببنيان هذه الضريبة عدا الإعفاء منها إذ يجوز أن يتقرر فى الأحوال التى يبينها القانون . وإلى هذه العناصر جميعها يمتد النظام الضريبى فى جمهورية مصر العربية ، ليحيط بها فى إطار من قواعد القانون العام ، متخذاً من العدالة الاجتماعية وعلى ما تنص عليه المادة (38) من الدستور مضموناً وإطاراً ، وهو ما يعنى بالضرورة ، أن حق الدولة فى اقتضاء الضريبة لتنمية مواردها ، ولإجراء ما يتصل بها من آثار عرضية ، ينبغى أن يقابل بحق الملتزمين بها وفق أسس موضوعية ، يكون إنصافها نافياً لتحيفها ، وحيدتها ضماناً لاعتدالها ، بما مؤداه أن قانون الضريبة العامة ، وإن توخى حماية المصلحة الضريبية للدولة باعتبار أن الحصول على إيرادها هدفاً مقصوداً منه ابتداء ، إلا أن مصلحتها هذه ينبغى موازنتها بالعدالة الاجتماعية بوصفها مفهوماً وإطاراً مقيداً لنصوص هذا القانون ، فلا يكون دين الضريبة بالنسبة إلى من يلتزمون بها متمخضاً عقاباً بما يخرجها عن بواعثها الأصلية والعرضية ، ويفقدها مقوماتها بالتالى لتنحل عدماً .
ولا يجوز أن تعمد الدولة كذلك استيفاء لمصلحتها فى اقتضاء دين الضريبة إلى تقرير جزاء على الإخلال بها ، يكون مجاوزاً بمداه أو تعدده الحدود المنطقية التى يقتضيها صون مصلحتها الضريبية وإلا كان هذا الجزاء غلواً وإفراطاً ، منافياً بصورة ظاهرة لضوابط الاعتدال ، واقعاً عملاً - وبالضرورة وراء نطاق العدالة الاجتماعية ، ليختل مضمونها بما ينافى القيود التى فرضها الدستور فى مجال النظام الضريبى .
وحيث إن الدستور قرن العدل بكثير من النصوص التى تضمنها ، ليكون قيداً على السلطة التشريعية فى المسائل التى تناولتها هذه النصوص ، وأنه وإن خلا من تحديد لمعنى العدالة فى تلك النصوص إلا أن المقصود بها ينبغى أن يتمثل فيما يكون حقاً وواجباً سواء فى علائق الأفراد فيما بينهم ، أو فى نطاق صلاتهم بمجتمعهم ، بحيث يتم دوماً تحديدها من منظور اجتماعى ، ذلك أن العدالة تتوخى بمضمونها التعبير عن القيم الاجتماعية السائدة فى مجتمع معين خلال فترة زمنية محددة .
وحيث إن ما تقدم مؤداه أن العدالة فى غاياتها لا تنفصل علاقتها بالقانون باعتباره أداة تحقيقها ، فلا يكون القانون منصفاً إلا إذا كان كافلاً لأهدافها ، فإذا ما زاغ المشرع ببصره عنها ، وأهدر القيم الأصيلة التى تحتضنها ، كان منهياً للتوافق فى مجال تنفيذه ، ومسقطاً كل قيمة لوجوده ، ومستوجباً تغييره أو إلغاءه . ومن ثم فقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن شرعية الجزاء جنائياً كان أم تأديبياً أم مدنياً لا يمكن ضمانها إلا إذا كان متناسباً مع الأفعال التى أثمها المشرع أو منعها فى غير ما غلو أو إفراط .
وحيث إن الممولين الخاضعين للضريبة على إيرادات النشاط التجارى والصناعى يلتزمون عملاً بالنص الطعين عند الحكم عليهم بالإدانة فى الأحوال المنصوص عليها فى المادة 178 من قانون الضرائب على الدخل فضلاً عن العقوبة الجنائية بالسجن بأداء ثلاثة أمثال الضريبة التى نسب إليهم التهرب من أدائها . وكان ما توخاه المشرع من تقرير هذا التعويض منظوراً فى ذلك إلى مداه هو الحمل على إيفائها فى الموعد المحدد قانوناً وبمقدارها الحقيقى إلى الخزانة العامة لضمان تحصيلها ، والتقليل من تكلفة جبايتها ، فلا يتخلى عن الوفاء بها الممولون الملتزمون بها وإلا كان ردعهم لازماً ، فإن معنى العقوبة يكون ماثلاً فى ذلك التعويض وإن لم يكن عقاباً بحتاً وهو ما ظهر بوضوح من خلال وحدة مقداره ، ذلك أن المتهربين من أداء الضريبة يلتزمون بثلاثة أمثالها فى كل الأحوال سواء أكان عدم الوفاء راجعاً إلى التخلف عن تقديم إخطار مزاولة النشاط أو بسبب استعمال إحدى الطرق الاحتيالية الواردة بنص المادة (178) من القانون . وسواء أكان ذلك ناشئاً عن عمد أو إهمال أو عن فعل غير مقترن بأيهما ، متصلاً بالغش والتحايل أو مجرداً منهما ، واقعاً مرة واحدة أو متعدداً ، متصلاً بنشاط واحد أو أكثر ، إذ يتعين دوماً أداء ثلاثة أمثال الضريبة بالكامل أياً كانت المخالفة المنسوبة إلى الممول وظروف ارتكابها . وكان ينبغى على المشرع أن يفرق فى هذا الجزاء بين الحالات المختلفة الواردة بالنص .
وحيث إن مبدأ خضوع الدولة للقانون محدداً على ضوء مفهوم ديمقراطى يعنى أن مضمون القاعدة القانونية التى تسمو فى الدولة القانونية عليها ، وتتقيد هى بها ، إنما يتحدد على ضوء مستوياتها التى التزمتها الدول الديمقراطية باضطراد فى مجتمعاتها ، واستقر العمل باضطراد على انتهاجها فى مظاهر سلوكها على تباينها ، لضمان ألا تنزل الدولة القانونية بالحماية التى توفرها لحقوق مواطنيها وحرياتهم ، عن الحدود الدنيا لمتطلباتها المقبولة بوجه عام فى الدول الديمقراطية ، ويندرج تحتها ، ألا يكون الجزاء على أفعالهم جنائياً كان أم مدنياً ، أم تأديبياً ، أم مالياً إفراطاً ، بل متناسباً معها ، ومتدرجاً بقدر خطورتها ووطأتها على الصالح العام ، فلا يكون هذا الجزاء إعناتاً .
متى كان ما تقدم ، وكان التعويض المقرر بالنص الطعين جزاء على المخالفات الواردة بالمادة (178) من القانون جاء مفرطاً وغير مناسب للنوعيات المختلفة من هذه المخالفات على النحو السالف بيانه منافياً بالتالى لضوابط العدالة الاجتماعية التى يقوم عليها النظام الضريبى فى الدولة ومنتقصاً من العناصر الإيجابية للذمة المالية للممولين الخاضعين لأحكامه ، فإن النص المطعون فيه يكون مخالفاً لأحكام المواد ( 34 ، 38 ، 65 ) من الدستور .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (181) من قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981 فيما تضمنه من إلزام من يحكم بإدانته فى الأحوال المنصوص عليها فى المادة (178) من القانون المذكور بتعويض يعادل ثلاثة أمثال ما لم يؤد من الضرائب المستحقة
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 02-06-2013, 08:28 AM
أبا محمد أبا محمد غير متواجد حالياً
مدير عام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
المشاركات: 479
افتراضي



قضية رقم 125 لسنة 18 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"
مبادئ الحكم: تشريع-ضرائب - دعوى دستورية-مصلحة مناطها - ضريبة-التقدير الجزافى - ضريبة-جباية - ضريبة-وعاؤها نص الحكم
------------------
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 11 ديسمبر سنة 2005م الموافق 9 من ذى القعدة 1426 ه .
برئاسة السيد المستشار / ممدوح مرعى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين : ماهر البحيرى ومحمد على سيف الدين وعدلى محمود منصور وعلى عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصى والسيد عبد المنعم حشيش
وحضور السيد المستشار / رجب عبد الحكيم سليم رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 125 لسنة 18 قضائية " دستورية ".
المقامة من
1- السيد / محمد لطفى محمد البربرى
2- السيد / كمال محمد البربرى
ضد
1- السيد / رئيس مجلس الوزراء
2- السيد / وزير المالية
الإجراءات
بتاريخ الرابع عشر من نوفمبر سنة 1996 أودع المدعيان صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا بطلب الحكم بعدم دستورية الفقرات 9 ، 10 ، 11 من المادة الأولى والمواد 27 ، 38 ، 39 ، 157، 158 من قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981 .
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى .
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار حكمها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة .
حيث إن الوقائع -على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- تتحصل فى أن المدعيين كانا قد قدما إلى مأمورية الضرائب المختصة إقراراتهما الضريبية عن السنوات من 1983 – 1986 متضمنه عدم تجاوز صافى أرباحهما المحققة الحد الذى يستحق عنه الضريبة عن نشاطهما التجارى والصناعى بورشة النجارة التى يشتركان فى ملكيتها وذلك فيما عدا نشاط عام 1985 الذى حقق فيه المدعى الثانى ارباحاً استحق عنها مبلغ 878ر37 جنيه ، ونظراً لأنهما غير ملزمين بإمساك دفاتر منتظمة فقد قامت مأمورية الضرائب المختصة بربط الضريبة المستحقة عليهما عن تلك السنوات الأربع بعد تقدير أرباحهما المحققة عن سنوات المطالبة بواقع 17681 جنيه و18772 جنيه و19848 جنيه و20916 جنيه على التوالى وطعن المدعيان على هذه التقديرات ، وقررت لجنة طعن ضرائب القاهرة تخفيض التقدير إلى 4873 جنيه و5240 و5592 جنيه و5936 جنيه – على التوالى ، وإذ لم يرتض المدعيان ذلك التقدير فقد أقاما الدعوى رقم 297 لسنة 1996 ضرائب كلى أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية طعناً على ذلك القرار ، وضمنا صحيفة الدعوى دفعاً بعدم دستورية المواد 13 ، 35 ، 36 ، 37، 38 ، 82 من قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981 ، وبجلسة 5/9/1998 قدرت المحكمة جدية الدفع وصرحت لهما بإقامة الدعوى الدستورية فأقاما الدعوى الماثلة طعناً على الفقرات 9 ، 10 ، 11 من المادة الأولى والمواد 27 ، 38 ، 39 ، 157، 158 من قانون الضرائب على الدخل المشار إليه .
وحيث إن المدعى وقد دفع بعدم دستورية نصوص المواد 13 ، 35 ، 36، 37، 38 ، 82 من القانون رقم 157 لسنة 1981 . وصرحت المحكمة برفع الدعوى الدستورية بشأنها إلا أنه أقام الدعوى الماثلة – وعلى ماسلف بيانه – طعناً على الفقرات 9 ، 10 ، 11 من المادة الأولى والمواد 27 ، 38 ، 39 ، 157، 158 من القانون رقم 157 لسنة 1981 ، ومن ثم فإن الطعن فيما عدا المادة 38، يكون غير مقبول باعتباره طعناً مباشراً يخرج عن نطاق تصريح محكمة الموضوع .
وحيث إنه لما كانت المصلحة الشخصية المباشرة - وهى مناط قبول الدعوى الدستورية – ترتبط بالنزاع الموضوعى بحيث تكون المسألة الدستورية المطلوب طرحها على هذه المحكمة لازمة للفصل فى الطلبات الموضوعية ومرتبطة بها. وإذ كانت الدعوى الموضوعية تدور حول قيام مأمورية الضرائب المختصة بإهدار إقرارات المدعيين التى تمثل أرباحهما الحقيقية خلال سنوات المطالبة وتقديرها تقديراً مغالى فيه دون أسباب واضحة تستند إليها . فإن نطاق الدعوى الماثلة يتحدد فقط بنص الفقرة الثانية من المادة 38 من القانون رقم 157 المشار إليه فيما تضمنه من إعطاء الحق لمصلحة الضرائب فى عدم الاعتداد بالإقرار المقدم من الممول وتحديد الأرباح بطريق التقدير الجزافى .
وحيث إن المادة 38 من القانون رقم 157 لسنة 1981 – المطعون عليها تنص على أنه " تربط الضريبة على الأرباح الحقيقية الثابتة من واقع الإقرار المقدم من الممول إذا قبلته مصلحة الضرائب .
وللمصلحة تصحيح الإقرار وتعديله ، كما يكون لها عدم الاعتداد بالإقرار وتحديد الأرباح بطريق التقدير " .
وحيث إن المدعيين ينعيان على النص المطعون فيه ، أنه أطلق يد مصلحة الضرائب فى تقدير أرباح صغار الممولين بغير ضوابط أو أسباب عندما ترفض إقراراتهما ، بينما هى ملزمة باثبات ما تدعيه من تقديرات على الممولين الأخرين ممن يلتزمون بإمساك دفاتر ولا يقدمون إقرارات معتمدة من أحد المحاسبين ، وهو مايخل بمبدأى المساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين ويناقض مبدأ العدالة الاجتماعية الذى يقوم عليه النظام الضريبى مخالفاً بذلك نصوص المواد 8 ، 38 ، 40 من الدستور .
وحيث إنه لما كانت الضريبة فريضة مالية تقتضيها الدولة جبراً وبصفة نهائية من المكلفين بها وهى بكل صورها تمثل عبئاً مالياً عليهم ويتعين بالتالى ، وبالنظر إلى وطأتها وخطورة تكلفتها – أن يكون العدل من منظور اجتماعى مهيمناً عليها بمختلف صورها محدداً الشروط الموضوعية ل لاقتضائها نائياً عن التمييز بينها دون مسوغ ، فذلك وحده ضمان خضوعها لشرط الحماية القانونية المتكافئة التى كفلها الدستور للمواطنين جميعاً فى شأن الحقوق عينها ، فلا يحكمها إلا مقاييس موحدة لا تتفرق بها ضوابطها . ولما كانت السلطة التشريعية التى تنظم أوضاع الضريبة العامة بقانون يصدر عنها – على ما تقضى به المادة 119 من الدستور - يكون متضمناً تحديد وعائها وأسس تقديره وبيان مبلغها ، والملتزمين أصلاً بأدائها ، والمسئولين عن توريدها ، وقواعد ربطها وتحصيلها وتوريدها وضوابط تقادمها ، وغير ذلك مما يتصل ببنيانها ، كما أن الضريبة التى يكون أداؤها واجباً وفقاً للقانون – وعلى ما تدل عليه المادتان 61، 119 من الدستور - هى التى تتوافر لها قوالبها الشكلية وأسسها الموضوعية ، وتكون العدالة الاجتماعية التى يقوم عليها النظام الضريبى ضابطاً لها فى الحدود المنصوص عليها فى المادة 38 من الدستور ، إذ ليس ثمة مصلحة مشروعة ترتجى من وراء إقرار تنظيم ضريبى يتوخى مجرد تنمية موارد الدولة من خلال فرض ضريبة تفتقر إلى تلك القوالب والأسس ، ذلك أن جباية الأموال فى ذاتها لا تعتبر هدفاً يحميه الدستور .
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن تحديد دين الضريبة يفترض التوصل إلى تقدير حقيقى لقيمة المال الخاضع لها ، باعتبار أن ذلك يعد شرطاً لازماً لعدالة الضريبة ، ولصون مصلحة كل من الممول والخزانة العامة . ويتعين أن يكون ذلك الدين – وهو مايطلق عليه وعاء الضريبة ممثلاً فى المال المحمل بعبئها - محققاً ومحدداً على أسس واقعية يكون ممكناً معها الوقوف على حقيقته على أكمل وجه ، ولا يكون الوعاء محققاً إلا إذا كان ثابتاً بعيداً عن شبهة الاحتمال أو الترخص ، ذلك أن مقدار الضريبة أو مبلغها أو دينها إنما يتحدد مرتبطاً بوعائها ، وباعتباره منسوباً إليه ، ومحمولاً عليه ، وفق الشروط التى يقدر المشرع معها واقعية الضريبة وعدالتها بما لا مخالفة فيه للدستور ، وبغير ذلك لا يكون لتحديد وعاء الضريبة من معنى ذلك أن وعاء الضريبة هو مادتها ، والغاية من تقرير الضريبة هو أن يكون هذا الوعاء مصرفها . ولا يحول إقرار السلطة التشريعية لقانون الضريبة العامة دون أن تباشر هذه المحكمة رقابتها عليه فى شأن توافر الشروط الموضوعية لعناصر تلك الضريبة ؛ وذلك بالنظر إلى خطورة الأثار التى تحدثها ، وتمتد هذه الرقابة إلى الواقعة القانونية التى أنشأتها وقوامها تلك الصلة المنطقية بين شخص محدد يعتبر ملتزماً بها ، والمال المتخذ وعاءَ لها محملاً بعبئها ، وهذه الصلة وهى التى لا تنهض الضريبة بتخلفها تتحراها هذه المحكمة لضمان أن يظل إطارها مرتبطاً بما ينبغى أن يقيمها على حقائق العدل الاجتماعى محدداً مضمونها وغايتها على ضوء القيم التى احتضنها الدستور.
وحيث إن المشرع فى النص الطعين لم يحقق التوازن المطلوب بين أمرين هما حق الدولة فى استئداء الضريبة المستحقة قانوناً لما تمثله من أهمية بالغة نحو وفاء الدولة بالتزاماتها العامة تجاه الأفراد ، وبين الضمانات الدستورية والقانونية المقررة فى مجال فرض الضرائب على أفراد المجتمع لا سيما من حيث تحديد وعاء الضريبة تحديداً حقيقياً كشرط لعدالتها . ذلك أن المشرع قد منح مصلحة الضرائب سلطة عدم الاعتداد بالإقرار المقدم من الممول غير الملتزم بإمساك دفاتر تجارية واعتماد إقراره من أحد المحاسبين المعتمدين ، واللجوء إلى تحديد أرباحه الخاضعة للضريبة بطريق التقدير الجزافى دون سند لديها من الأوراق أو القرائن، وهو ماقد يؤدى إلى انتفاء تحقق التقدير الحقيقى لوعاء الضريبة المفروضة ، وإمكانية حصول الشطط فى هذا التقدير ليجاوز أرباح الممول الفعلية ، ويتعداها إلى أصل رأس المال فتدمره سيما والمفروض أن هذا الممول من صغار الممولين أصحاب النشاط التجارى والصناعى ، فضلاً عن أن ذلك التقدير الجزافى الذى تفرضه المصلحة ، دون أدنى دليل وبغير ضمانات تكون كافلة لتقدير المقدرة التكيفية للممولين تقديراً حقيقياً، يصادم توقع الممولين المشروع ، ويباغت حياتهم عاصفاً بمقدراتهم حاكماً لكذب إقراراتهم فلا يكون مقدار الضريبة الملزمين بأدائها معروفاً لهم قبل استحقاقها ، ولا عبؤها ماثلاً فى أذهانهم عند سابق تعاملاتهم الأمر الذى يؤدى إلى إهدار أسس وقواعد العدالة الاجتماعية على نحو يخالف حكم المادة 38 من الدستور ، هذا فضلاً عن أن النص الطعين – على نحو ما تقدم بيانه – وقد اعتمد أسلوب التقدير الجزافى كوسيلة لربط الضريبة وإعادة تقدير الأرباح بالنسبة لطائفة صغار الممولين من أصحاب النشاط التجارى الغير ملتزمين بإمساك دفاتر منتظمة أو اعتماد إقراراتهم الضريبية من أحد المحاسبين ، يكون قد غاير بذلك ما انتهجه بشأن غيرهم من الممولين لذات الضريبة أو ممولى الضريبة على أرباح المهن غير التجارية ، إذ اعتمد لهؤلاء وأولئك أسلوب التقدير الإدارى فألزم مصلحة الضرائب إذا لم تقبل إقراراتهم أن تثبت مخالفتها وعدم مطابقتها للحقيقة بالأدلة والبراهين ، وأن يكون تقديرها لوعاء الضريبة بناء على مؤشرات الدخل وغيرها من القرائن التى تكشف عن الأرباح الحقيقية للممول وتكاليف مزاولة المهنة والتى يصدر ببيانها قرار من وزير المالية . وهو بهذه المغايرة غير المبررة وإن قصد تمييزاً لطائفة صغار التجار والصناع بإعفائهم من إمساك دفاتر تجارية منتظمة واعتماد إقراراتهم من أحد المحاسبين المعتمدين إلا أن هذه الميزة أضحت وبالاً عليهم حيث ترتب عليها حرمانهم من المعاملة القانونية الكافلة لمشروعية فرض تلك الضريبة عليهم لضمان تقدير وعائها تقديراً حقيقياً يقوم على ماتنبئ عنه مؤشرات الدخل وغيرها من القرائن والأدلة بما يجعل هذا التمييز تحكمياً ومنهياً عنه لمخالفته نص المادتين 8 ، 40 من الدستور ، يؤكد ذلك عزوف المشرع عن أسلوب التقدير الجزافى عند إصداره لقانون الضرائب على الدخل رقم 91 لسنة 2005 .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة :
أولاً : بعدم قبول الدعوى بالنسبة للفقرات 9 ، 10 ، 11 من المادة الأولى ونصوص المواد 27 ، 39 ، 157، 158 من قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981 .
ثانياً : عدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة 38 من القانون رقم 157 لسنة 1981 فيما تضمنه من أن يكون لمصلحة الضرائب عدم الاعتداد بالإقرار وتحديد الأرباح بطريق التقدير وذلك دون وضع ضوابط أو معايير لهذا التقدير .
ثالثاً : إلزام الحكومة المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماه.
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 02-06-2013, 08:28 AM
أبا محمد أبا محمد غير متواجد حالياً
مدير عام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
المشاركات: 479
افتراضي



قضية رقم 250 لسنة 23 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"
مبادئ الحكم: تشريع-ضريبة عامة - دعوى دستورية-عدم دستورية وسقوط - دعوى دستورية-مصلحة نطاق الدعوة - ضرائب - ضريبة عامة-أداة فرضها - ضريبة عامة-أسسها الموضوعية - ضريبة عامة-ضريبة الملاهى نص الحكم
------------------
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 8 فبراير سنة 2004 م ، الموافق 16 من ذى الحجة سنة 1424 ه .
برئاسة السيد المستشار / ممدوح مرعى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين :
وحضور السيد المستشار / نجيب جمال الدين علما رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 250 لسنة 23 قضائية " دستورية ".
المقامة من
السيد / محمد سعيد محمد سامى
ضد
1 – السيد رئيس الجمهورية
2 – السيد رئيس مجلس الشعب
3 – السيد وزير المالية
4 – السيد رئيس مصلحة الضرائب
5 – السيد مدير عام إدارة ضريبة الملاهى
الإجراءات
بتاريخ 23من سبتمبر سنة 2001 أودع المدعى قلم كتاب المحكمة صحيفة الدعوى الماثلة ، طالباً الحكم بعدم دستورية نهاية البند الثامن ، والبند الحادى عشر من ثالثاً من الجدول المرفق بالقانون رقم 24 لسنة 1999 بفرض ضريبة مقابل دخول المسارح وغيرها من محال الفرجة والملاهى.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها .
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة .

حيث إن الوقائع على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق تتحصل فى أنه سبق للنيابة العامة أن قدمت المدعى للمحاكمة الجنائية أمام محكمة جنح التهرب الضريبى فى القضية رقم 1433 لسنة 2000 جنح ، متهمة إياه أنه بصفته المستغل لكازينو وحديقة الميرلاند خالف أحكام القانون ، بأن سمح للرواد بالدخول للمكان دون تذاكر مختومة بخاتم ضريبة الملاهى، وطلبت عقابه بالمادة الأولى ، والفقرة الثانية من المادة الثالثة ، والمادة الخامسة ، والمادة الثانية عشرة من القانون رقم 24 لسنة 1999 المشار إليه، والبند الثامن من ثالثاً من الجدول المرفق بهذا القانون، وبجلسة 13/2/2001 قضت المحكمة غيابياً بتغريم المدعى مائتى جنيه، وألزمته بأن يؤدى لمصلحة الضرائب مبلغ 840ر323 جنيهاً و10% من قيمة الضريبة المستحقة عن كل يوم تأخير بحد أقصى عشرة أيام ، وإذ لم يرتض المدعى هذا الحكم فقد عارض فيه، وأثناء نظر المعارضة دفع بعدم دستورية نص البندين ( 8 ، 11 ) من ثالثاً من الجدول المرفق بالقانون رقم 24 لسنة 1999 ، وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع وصرحت للمدعى بإقامة الدعوى الدستورية ، فقد أقام دعواه الماثلة خلال الأجل الذى حددته محكمة الموضوع .
وحيث إن طلبات المدعى تنحصر فى الحكم بعدم دستورية عبارة " أو مختلف العروض الترفيهية الأخرى " الواردة بعجز البند الثامن من ثالثاً من الجدول المرفق بالقانون رقم 24 لسنة 1999، والبند الحادى عشر من ثالثاً من هذا الجدول.
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة – وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية – مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة فى الدعوى الموضوعية ، وذلك بأن يكون الفصل فى المسألة الدستورية لازماً للفصل فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة أمام محكمة الموضوع.
وحيث إن المادة الأولى من القانون رقم 24 لسنة 1999 تنص على أن" تفرض ضريبة على مقابل دخول المسارح وغيرها من محال الفرجة وأى مكان من أماكن الملاهى والعروض والحفلات الترفيهية المبينة فى الجدول المرفق، وذلك وفقاً للفئات الواردة فيه".
وينص البند الثامن من ثالثاً من الجدول المرفق بالقانون المشار إليه والوارد تحت عنوان" الحفلات والملاهى وغيرها " على أن " حفلات الشاى أو الأكل أو المشروبات المصحوبة بموسيقى أو رقص وكذلك حفلات الموسيقى الآلية والصوتية، وكذلك دخول الأندية الليلية والكازينوهات أو الفنادق أو العوامات متى قدمت بها عروض موسيقية أو غنائية غير مسجلة أو راقصة أو مختلف العروض الترفيهية الأخرى " وفئة الضريبة المستحقة عليها " 25 % من مقابل الدخول بحد أدنى جنيه للفرد فى حالة الدخول الحر " .
وينص البند الحادى عشر من ثالثاً من هذا الجدول على أن " غير ذلك من الأماكن التى يباشر فيها أى نشاط ترفيهى أو للتسلية وقضاء الوقت " وفئة الضريبة المستحقة عليها " 20% من مقابل الدخول" .
ومفاد ما تقدم من نصوص أن المشرع اعتد فى مجال تحديد الأماكن والأنشطة الخاضعة لضريبة الملاهى الواردة بالجدول المرفق بالقانون رقم 24 لسنة 1999، وفئات الضريبة المستحقة على مقابل الدخول إلى كل منها، بطبيعة المكان ونوع النشاط الذى يباشر فيه، فأخضع بمقتضى نص البند الثامن الدخول إلى الأندية الليلية والكازينوهات والفنادق والعوامات ، التى تقدم عروضاً موسيقية أو غنائية غير مسجلة أو راقصة أو مختلف العروض الترفيهية الأخرى ، لفئة ضريبة قدرها 25% من مقابل الدخول بحد أدنى جنيه للفرد فى حالة الدخول الحر، على حين أخضع البند الحادى عشر الدخول إلى الأماكن الأخرى – عدا ما نص عليه فى أولاً وثانياً وثالثاً من ذلك الجدول – والتى يباشر فيها أى نشاط ترفيهى أو للتسلية وقضاء الوقت، لفئة ضريبة قدرها 20% من مقابل الدخول. متى كان ذلك ، وكانت النيابة العامة قد قدمت المدعى للمحاكمة الجنائية فى الجنحة رقم 1433 لسنة 2000 سالفة الذكر، متهمة إياه بأنه بوصفه المستغل لكازينو وحديقة الميرلاند خالف أحكام القانون وذلك بأن سمح للرواد بالدخول للمكان دون تذاكر مختومة بخاتم ضريبة الملاهى، وفى تفصيل ذلك أبان محضر الضبط المؤرخ 28/6/2000 – المرفق بالأوراق – أن ما نسب للمدعى هو السماح للرواد بالدخول لمشاهدة عروض" الدولفين" ، وذلك دون تذاكر مدموغة من إدارة ضريبة الملاهى، وكان الثابت من الاطلاع على الأوراق أن عروض "الدولفين" المذكورة تقدم فى مكان ثابت ، عبارة عن حمام سباحة بمقاييس معينة وله أبواب مستقلة ومقابل دخول خاص به، مما مؤداه عدم خضوع هذا النشاط لأحكام البند الثامن، واندراجه ضمن الأنشطة المخاطبة بالحكم العام الوارد بالبند الحادى عشر، وهو النص الذى تم على أساسه – على ما يبين من محضر الضبط وفتوى إدارة الفتوى لوزارات المالية والاقتصاد والتموين والتأمينات بمجلس الدولة ملف رقم 4/1/1226 بتاريخ 15 /4/2000 المرفقين بالأوراق – ربط الضريبة المستحقة على المدعى ، وصدر الحكم فى الجنحة رقم 1433 لسنة 2000 بجلسة 13/2/2001، والذى قضى غيابياً بتغريمه مائتى جنيه، وإلزامه بأداء تلك الضريبة و10% من قيمتها عن كل يوم تأخير فى السداد بحد أقصى عشرة أيام ، ولما كانت غاية المدعى حين عارض فى الحكم السالف إبراء ذمته من دين الضريبة المطالب به، وبراءته من الفعل المؤثم المنسوب إليه ارتكابه، فإن الفصل فى مدى دستورية نص البند الحادى عشر سيكون له أثره وانعكاسه الأكيد على الفصل فى هذه المعارضة والطلبات المطروحة بها، ومن ثم تتحقق للمدعى المصلحة الشخصية المباشرة فى الطعن على نص هذا البند دون نص البند الثامن سالف الذكر، الأمر الذى يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى بالنسبة لنص البند الثامن ، وبقبولها بالنسبة لنص البند الحادى عشر المشار إليه.
وحيث إن المدعى ينعى على نص البند الحادى عشر الطعين مخالفته لنص المادتين ( 61 ، 66 ) من الدستور ، وذلك بتخويله الجهة الإدارية المختصة سلطة تحديد الأماكن والأنشطة الخاضعة للضريبة فيما جاوز ما هو محدد بالجدول المرفق بالقانون، وما يتبع ذلك من خضوعها والمسئولين عن دين الضريبة لنصوص التجريم والعقوبات الواردة بهذا القانون.

وحيث إن الدستور – على ماجرى به قضاء هذه المحكمة – قد مايز بنص المادة (119) منه ، بين الضريبة العامة وبين غيرها من الفرائض المالية من حيث أداة إنشاء كل منها، ذلك أن الضريبة العامة لايفرضها أو يعدلها أو يلغيها إلا القانون،أما غيرها من الفرائض المالية فيكفى لتقريرها أن يكون واقعاً فى حدود القانون، تقديراً من الدستور لخطورة الضريبة العامة بالنظر إلى اتصالها بمصالح القطاع الأعرض من المواطنين ، ومن ثم نص الدستور على ضرورة أن يكون القانون مصدراً مباشراً لها، بما مؤداه أن تكون السلطة التشريعية وحدها هى التى تقبض بيدها على زمام تلك الضريبة، لتتولى بنفسها تنظيم أوضاعها بقانون يصدر عنها يتضمن تحديداً لنطاقها وعلى الأخص من خلال تحديد وعائها وأسس تقديره، وبيان مبلغها، وتحديد الملتزمين أصلاً بأدائها، وقواعد رابطها وتحصيلها وتوريدها وكيفية أدائها وضوابط تقادمها، وما يجوز أن يتناولها من طعون اعتراضاً عليها، وغير ذلك مما يتصل ببنيان هذه الضريبة ، عدا الإعفاء منها، إذ يجوز أن يتقرر فى الأحوال التى يبينها القانون.
وحيث إن الضريبة التى فرضها المشرع على المسارح والملاهى وغيرها من المحال والأنشطة التى أخضعها القانون رقم 24 لسنة 1999 لحكمه، لا تعتبر ضريبة محلية ينحصر سريانها فى رقعة إقليمية بذاتها لا تتجاوزها، وإنما هى ضريبة عامة تسع الحدود الإقليمية للدولة جميعها، بما يبسطها – وكلما تحقق مناطها ممثلاً فى الواقعة التى أنشأتها – على كل الأجزاء التى يشتمل عليها إقليمها، وهو ما يعنى أن مموليها متماثلون فى الخضوع لها جغرافياً، وإن كان تعادلهم فيما يلتزمون به من مبلغها منتفياً .
وحيث إن المشرع بعد أن ضمن البنود 1 ، 2 من أولاً ، 1 ، 2 ، 3 من ثانياً، والبنود من 1 إلى 10 من ثالثاً من الجدول المرفق بالقانون رقم 24 لسنة 1999، تحديداً دقيقاً للأماكن والأنشطة الخاضعة لضريبة الملاهى، معيناً ماهية كل منها بعبارات واضحة لا يشوبها لبس أو غموض ، وكذا فئة الضريبة المستحقة عليها، أورد فى البند الحادى عشر من ثالثاً من هذا الجدول نصاً عاماً مطلقاً ، أخضع بمقتضاه لتلك الضريبة سائر الأماكن الأخرى التى يباشر فيها أى نشاط ترفيهى أو للتسلية وقضاء الوقت، وحدد لها جميعاً فئة ضريبة موحدة قدرها 20% من مقابل الدخول، دون تحديد قاطع واضح لتلك الأماكن والأنشطة على نحو يتحقق به إحاطة الممولين بالعناصر التى تقيم البنيان القانونى لهذه الضريبة على نحو يقينى جلى، مكتفياً فى ذلك بالنص على أن يكون النشاط الذى يباشر بتلك الأماكن ترفيهياً أو للتسلية وقضاء الوقت، على الرغم من تعدد هذه الأماكن وتلك الأنشطة واختلافها، بما مؤداه أن يكون تحديد كل ذلك أمراً طليقاً بيد القائمين على تنفيذ هذه النصوص، ويعد فى حقيقته إعراضاً من جانب السلطة التشريعية عن مباشرة ولايتها الأصلية فى تحديد نطاق هذه الضريبة وقواعد سريانها، ونقل مسئولياتها إلى السلطة التنفيذية وتفويضها فى ذلك، بما يمس بنيان الضريبة التى فرضها القانون، ويشرك تلك السلطة فى إنشائها وتغيير أحكامها، وهو المجال المحجوز للسلطة التشريعية دون غيرها بصريح نص المادة (119) من الدستور، ليغدو النص الطعين مصادماً لنص الدستور المشار إليه، كما يقع هذا النص مخالفاً لنص المادة (61) من الدستور، ذلك أن الضريبة التى يكون أداؤها واجباً قانوناً طبقاً لهذا النص– على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – هى تلك التى تتوافر لها القوالب الشكلية والأسس الموضوعية التى ينبغى أن تكون قواماً لها والتى بدونها تنحل عدماً، وهو الأمر غير المتحقق فى النص الطعين على ما سلف البيان.
وحيث إنه متى كان ما تقدم ، وكان الحكم بعدم دستورية نص البند الحادى عشر المطعون فيه يستتبع حتماً سقوط النصوص المرتبطة به ارتباطاً لا يقبل الفصل أو التجزئة والتى لا يتصور وجودها بدونه، وكان نص البند الحادى عشر من ثالثاً من المادة (17) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 24 لسنة 1999 الصادرة بقرار وزير المالية رقم 765 لسنة 1999قد ردد ذات الحكم الذى تضمنه نص البند الحادى عشر الطعين، فيتعين لذلك القضاء بسقوطه تبعاً للقضاء بعدم دستورية نص البند المشار إليه.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية نص البند الحادى عشر من ثالثاً من الجدول المرفق بالقانون رقم 24 لسنة 1999 بفرض ضريبة مقابل دخول المسارح وغيرها من محال الفرجة والملاهى، وسقوط نص البند الحادى عشر من ثالثاً من المادة (17) من اللائحة التنفيذية للقانون المشار إليه الصادرة بقرار وزير المالية رقم 765 لسنة 1999 ، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة .
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 02-06-2013, 08:29 AM
أبا محمد أبا محمد غير متواجد حالياً
مدير عام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
المشاركات: 479
افتراضي



قضية رقم 159 لسنة 20 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"
مبادئ الحكم: دعوى دستورية - ضرائب - ضرائب - ضرائب - قانون نص الحكم
------------------
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 13 أكتوبر سنة 2002 الموافق 7 شعبان سنة 1423 ه .
برئاسة السيد المستشار الدكتور/ محمد فتحى نجيب رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين : ماهر البحيرى ومحمد على سيف الدين وعدلى محمود منصور وأنور رشاد العاصى ود . حنفى على جبالى ومحمد عبد العزيز الشناوى .
وحضور السيد المستشار الدكتور / عادل عمر شريف رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / أحمد مصطفى كامل أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 159 لسنة 20 قضائية " دستورية ".
المقامة من
الشركة الوطنية للسيارات
ضد
1. السيد / رئيس الجمهورية .
2. السيد / رئيس مجلس الوزراء .
3. السيد / وزير المالية بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الجمارك
الإجراءات
بتاريخ الأول من شهر أغسطس سنة 1998 أودعت الشركة المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة ، بطلب الحكم بعدم دستورية المادة (23) من قانون الجمارك الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 66 لسنة 1963 ومنشور مصلحة الجمارك رقم 144 الصادر بتاريخ 27/4/1994 .
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فى ختامها الحكم برفض الدعوى .
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها .
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة .
حيث إن الوقائع على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق تتحصل فى أن الشركة المدعية وهى الوكيل الموزع فى مصر لمنتجات شركة مرسيدس بنز ، قد حصلت من فرع الشركة المذكورة بالبرازيل على قائمة بأسعار سيارات النقل تم اعتمادها من الغرفة التجارية البرازيلية والقنصلية المصرية بالبرازيل لإثبات جديتها وأنها تمثل القيمة الحقيقية للبضائع ، وقد أرسلت تلك القائمة إلى مصلحة الجمارك بغية تعميمها على المنافذ الجمركية لاحتساب التعريفة المستحقة وفقاً للأسعار المثبتة بها ، إلا أن المصلحة المذكورة أصدرت بتاريخ 27/4/1994 المنشور رقم 144 متضمناً رفع الأسعار الواردة بالقائمة بنسبة 40% ، ولما كان هذا الإجراء يؤدى إلى ارتفاع تكلفة السيارات النقل ويزيد من الأعباء المالية لنقل البضائع ، فقد أقامت الشركة دعواها أمام محكمة القضاء الإدارى بطلب الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وفى الموضوع بإلغائه . وأثناء نظر الدعوى دفعت الشركة بعدم دستورية المادة (23) من قانون الجمارك الصادر بقرار رئيس الجمهورية رقم 66 لسنة 1963 لمخالفتها المادة (38) من الدستور . وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع وصرحت بإقامة الدعوى الدستورية ، فقد أقامت الشركة المدعية دعواها الماثلة بطلب الحكم بعدم دستورية المادة (23) سالفة الذكر وكذلك منشور مصلحة الجمارك رقم 144 المؤرخ 27/4/1994 .
وحيث إن من المقرر وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن نطاق الدعوى الدستورية التى أتاح المشرع للخصوم إقامتها يتحدد بنطاق الدفع بعدم الدستورية الذى أثير أمام محكمة الموضوع ، وفى الحدود التى تقدر فيها تلك المحكمة جديته ، وذلك عملاً بنص البند ( ب ) من المادة (29) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 . إذ كان ذلك ، وكان الدفع بعدم الدستورية الذى أبدته الشركة المدعية أمام محكمة الموضوع قد ورد على المادة (23) من قانون الجمارك آنف البيان ، وهو ما اقتصر عليه التصريح بإقامة الدعوى الدستورية ، فإن ما تضمنته الدعوى الماثلة من طعن على غير النص التشريعى الذى تعلق به التصريح الصادر من محكمة الموضوع ، يعتبر مجاوزاً النطاق الذى تتحدد به المسألة الدستورية التى تُدعى هذه المحكمة للفصل فيها ، بما مؤداه انتفاء اتصال الدعوى فى شقها الخاص بالطعن على منشور مصلحة الجمارك رقم 144 الصادر فى 27/4/1994 بهذه المحكمة اتصالاً مطابقاً للأوضاع التى رسمها قانونها ، والتى لا يجوز الخروج عليها بوصفها ضوابط جوهرية فرضها المشرع لمصلحة عامة حتى ينتظم التقاضى فى المسائل الدستورية وفقاً لها ، الأمر الذى يتعين معه الحكم بعدم قبول الدعوى بالنسبة إلى هذا المنشور ، وذلك دون حاجة للتعرض لما إذا كان موضوعه مما يجوز الطعن عليه بعدم الدستورية من عدمه .
وحيث إن المادة (23) من قانون الجمارك الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 66 لسنة 1963 تنص على أنه : " على صاحب البضاعة أن يقدم الفاتورة الأصلية الخاصة بها مصدقاً عليها فى الجهة الواردة منها من هيئة رسمية مختصة تقبلها مصلحة الجمارك وذلك فيما عدا الحالات التى يحددها المدير العام للجمارك .
ولمصلحة الجمارك الحق فى المطالبة بالمستندات والعقود والمكاتبات وغيرها المتعلقة بالصفقة دون أن تتقيد بما ورد فيها أو بالفواتير نفسها . "
وحيث إنه ، وإن كان النص المطعون فيه قد تم استبداله بالقانون رقم 160 لسنة 2000 بتعديل بعض أحكام قانون الجمارك ؛ وكان نفاذ هذا القانون من تاريخ العمل به ، لا يخل بجريان الآثار التى رتبها القانون السابق ، خلال الفترة التى ظل فيها قائماً ، ذلك أن الأصل فى القاعدة القانونية هو سريانها اعتباراً من تاريخ العمل بها على الوقائع التى تتم فى ظلها ، وحتى إلغائها . فإذا أحّل المشرع محلها قاعدة جديدة ، تعين تطبيقها اعتباراً من تاريخ نفاذها ، ويتوقف سريان القاعدة القديمة من تاريخ إلغائها ، وبذلك يتحدد مجال إعمال كل من القاعدتين من حيث الزمان ، فما نشأ مكتملاً من المراكز القانونية وجوداً وأثراً فى ظل القاعدة القانونية القديمة ، يظل محكوماً بها وحدها . متى كان ذلك ، فإن استبدال النص الطعين لا يحول دون الطعن عليه بعدم الدستورية ممن طبق عليهم خلال فترة نفاذه ، وترتبت بمقتضاه آثار قانونية فى حقهم ، تتحقق بإبطالها مصلحتهم الشخصية المباشرة . لما كان ما تقدم ، وكانت المادة (23) من قانون الجمارك الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 66 لسنة 1963 ، هى ما جرى تطبيقه إبان فترة نفاذها على الشركة المدعية ، التى توخت من دعواها الموضوعية إلغاء منشور مصلحة الجمارك الصادر بزيادة أسعار السيارات المستوردة والالتفات عما قدمته من مستندات ، بناء على المادة المطعون فيها ، فإن القضاء بعدم دستورية تلك المادة يحقق غايتها ، ومن ثم تتوافر لها مصلحة مباشرة فى الدعوى الماثلة فى النطاق سالف الذكر .
وحيث إن الشركة المدعية تنعى على المادة (23) من قانون الجمارك قبل استبدالها عدم دستوريتها ، على سند من أن مبنى عدالة فرض الضريبة ، يقوم على أساس التوصل إلى تقدير حقيقى لقيمة المال الخاضع لها ، وإذا كان النص المطعون فيه قد أتاح لمصلحة الجمارك عدم التقيد بما تضمنته المستندات الدالة على قيمة البضاعة المستوردة ، وخولها صلاحية التقدير الجزافى لتلك القيمة ، فإنه يكون قد خالف المادة (38) من الدستور فيما قررته من قيام النظام الضريبى على العدالة الاجتماعية .
وحيث إن هذا النعى سديد ، ذلك أن المقرر فى قضاء هذه المحكمة ، أن الضريبة فريضة مالية تقتضيها الدولة جبراً بما لها من ولاية على إقليمها ، وأن قانونها يرسم حدود العلاقة بين الملتزم بالضريبة من ناحية والدولة التى تفرضها من ناحية أخرى ، فى مجالات عدة من بينها شروط سريانها وسعرها وكيفية تحديد وعائها ، وأن حق الدولة فى اقتضاء الضريبة ، يقابله حق الممول فى أن يكون فرضها وتحصيلها على أسس عادلة ، إلا أن التزامه بأدائها لا يرتكن إلى رباط عقدى ، وإنما يبقى مردّه نص القانون فهو وحده مصدر هذا الالتزام ، وهو ما يملكه المشرع فى إطار رعايته لمصلحة الجماعة التى يمثلها . لما كان ذلك ، وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن تحديد دين الضريبة يتطلب التوصل إلى تقدير حقيقى لقيمة المال الخاضع لها ، باعتباره شرطاً لازماً لعدالة الضريبة ، ولصون مصلحة كل من الممول والخزانة العامة ، وهو ما مؤداه أن يكون وعاء الضريبة وهو المال المحمل بعبئها محدداً على أسس واقعية يمكن معها الوقوف على حقيقته . متى كان ما تقدم ، وكان المشرع قد أقر فى المادة (22) من قانون الجمارك تعريفاً دقيقاً لقيمة البضائع الواردة ، التى تتخذ وعاءاً لتحديد مقدار الضريبة الجمركية ، يقوم على أساس تحديد قيمة البضائع بقيمتها الفعلية مضافاً إليها جميع التكاليف والمصروفات الفعلية المتعلقة بها حتى ميناء الوصول فى أراضى الجمهورية . إذ كان ذلك ، وكان النص الطعين قد خوّل مصلحة الجمارك الحق فى مطالبة صاحب البضاعة بالمستندات المتعلقة بالسلع المستوردة ، دون أن يلزمها بالتقيد بالبيانات التى تضمنتها هذه المستندات ، أو يلزمها بالإفصاح عن مبرراتها فى الالتفات عنها ، أو الوسائل التى اتبعتها فى التوصل إلى القيمة الحقيقية للبضائع المستوردة ، بما يجعل اطراحها هذه المستندات قراراً صريحاً إن أفصحت عن ذلك استقلالاً ، أو ضمنياً بقرارها بتقدير قيمة البضائع المبنى على هذا الاطراح ، وهى نتيجة تناقض ما تقتضيه ضرورة الالتزام بالشفافية فى التعرف على أسس تقدير وعاء الضريبة ، ومن ثم مقدارها ، للتحقق من توافر الشروط الموضوعية التى تنأى بالضريبة عن التمييز ، وتكفل ضمانة الخضوع لشرط الحماية القانونية المتكافئة التى كفلها الدستور للمواطنين جميعاً . وهو الأمر الذى تداركه المشرع فيما بعد ، باستبدال نص المادة (23) المطعون فيه ، بنص بديل تضمن إلزام مصلحة الجمارك بإخطار صاحب الشأن كتابة عند طلبه بالأسباب التى استندت إليها فى عدم الاعتداد بالمستندات المقدمة منه ، إلا أن النص الطعين قبل استبداله يبقى منطوياً على إخلال بمبدأ العدالة الاجتماعية للضريبة ، ومانعاً من موانع التقاضى ، باستبعاد قرار مصلحة الجمارك باطراح البيانات والمستندات التى قدمها صاحب البضاعة من نطاق الرقابة القضائية ، بما يخالف أحكام المادتين 38 ، 68 من الدستور .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية نص المادة (23) من قانون الجمارك الصادر بقرار رئيس الجمهورية رقم 66 لسنة 1963 ، فيما لم يتضمنه من وجوب تسبيب قرار مصلحة الجمارك باطراحها البيانات المتعلقة بقيمة البضائع المستوردة المثبتة فى المستندات والعقود والمكاتبات والفواتير المقدمة من صاحب البضاعة ، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة .
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 02-06-2013, 08:29 AM
أبا محمد أبا محمد غير متواجد حالياً
مدير عام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
المشاركات: 479
افتراضي



قضية رقم 51 لسنة 22 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"
مبادئ الحكم: دعوى دستورية - دعوى دستورية - مبدأ المساواة - مسئولية تقصيرية نص الحكم
------------------
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 11 مايو سنة 2003 الموافق 10 ربيع أول سنة 1424 ه .
برئاسةالسيد المستشار الدكتور / محمد فتحى نجيب رئيس المحكمة
وعضويةالسادة المستشارين : ماهر على البحيرى ومحمد على سيف الدين وعدلى محمود منصور ومحمد عبدالقادر عبدالله وعلى عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصى
وحضور السيد المستشار / نجيب جمال الدين علما رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 51 لسنة 22 قضائية " دستورية "
المقامة من
السيد / عادل شهدى عبده عن نفسه وبصفته وكيلاً عن السيد / أمير عادل شهدى
ضد
1. السيد رئيس الجمهورية
2. السيد رئيس مجلس الشعب
3. السيد رئيس مجلس الوزراء
4. السيد وزير العدل
الإجراءات
بتاريخ 29/2/2000 أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالباً الحكم بعدم دستورية المواد 79 و 80 و 81 من قانون ضريبة الدمغة الصادر بالقانون رقم 111 لسنة 1980 .
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى ، وفى الموضوع برفضها
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها .
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة .
حيث إن الوقائع حسبما يبين من الاطلاع على صحيفة الدعوى وسائر الأوراق تتحصل فى أن المدعى عن نفسه وبصفته ولياً طبيعياً على ابنه كان قد أقام الدعوى رقم 2633 لسنة 1983 مدنى كلى أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية ضد وزير الداخلية وآخر طالباً إلزامهما بأن يؤديا له مبلغ مائة وخمسين ألفاً من الجنيهات مقابل الأضرار المادية والأدبية التى لحقت به وبنجله والناتجة عن إصابة الأخير فى حادث تصادم إحدى سيارات المطافئ بسيارته مما ألحق به عاهة مستديمة ، وإذ قضت تلك المحكمة برفض الدعوى ، فقد طعنا عليه بالاستئناف رقم 1118 لسنة 42 قضائية أمام محكمة استئناف الإسكندرية ، فقضت بتأييد الحكم المستأنف ، فأقام المدعيان الطعن رقم 1778 لسنة 58 قضائية أمام محكمة النقض ، فقضت بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة استئناف الإسكندرية التى قضت بجلستها المنعقدة فى 17/12/ 1996 بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام وزير الداخلية بصفته بأن يؤدى لكل من المستأنفَيّْن تعويضاً مقداره خمسون ألف جنيه ، وإذ قامت وزارة الداخلية بخصم ضريبتى الدمغة النوعية والنسبية من المبلغ المقضى به ، فقد أقام المدعيان الدعوى رقم 6 لسنة 1999 أمام محكمة العطارين الجزئية بغية إلزامها بأن تؤدى لكل منهما قيمة ضريبة الدمغة بنوعيها والسابق خصمها من قيمة التعويض والتى تقدر بمبلغ 60ر1599 جنيهاً . وأثناء نظر الدعوى دفع المدعيان بعدم دستورية نص المادتين 79 و 80 من قانون ضريبة الدمغة الصادر بالقانون رقم 111 لسنة 1980 ، فصرحت لهما المحكمة بإقامة الدعوى الدستورية ، فأقاما الدعوى الماثلة .
وحيث إن هيئة قضايا الدولة دفعت بعدم قبول الدعوى الماثلة من ثلاثة أوجه :
أولها : إنتفاء مصلحة المدعيين فى الطعن على نص المادة 80 من قانون ضريبة الدمغة ، وذلك تأسيساً على أن التعويض المستحق لهما عن العمل غير المشروع لأحد تابعى جهة الإدارة صدر بتحديد قيمته حكم قضائى حائز لحجية الأمر المقضى ، والنزاع الذى يدور حول سلامة تنفيذ هذا الحكم لا شأن له بالمنازعة فى فرض ضريبة الدمغة بنوعيها طبقاً لحكم المادة 80 سالفة الذكر ، كما أن القضاء بعدم دستورية هذا النص لن يكون له من أثر على النزاع الموضوعى ، وثانيها : أن نص المادة 79 من ذات القانون لا شأن له بفرض ضريبة الدمغة والتى يرى المدعيان عدم خضوع التعويض المستحق لهما لحكمها ، وثالثها : أن تصريح محكمة الموضوع بإقامة الدعوى الدستورية كان منصباً على نص المادتين 79 و 80 ، ومن ثم فإن الطعن على نص المادة 81 من القانون المشار إليه لم يتصل بالمحكمة الدستورية العليا بالطريق الذى رسمه قانونها .
وحيث إن هذا الدفع بوجهيه الأول والثانى مردود بأن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الصلة التى تقوم بين الدعوى الموضوعية والدعوى الدستورية ، تقتضى أن يكون الحكم فى المسألة الدستورية لازماً للفصل فى مسألة كلية أو فرعية تدور حولها الخصومة فى الدعوى الموضوعية ، متى كان ذلك ، وكان النزاع الموضوعى يدور حول طلب المدعيين إلزام وزارة الداخلية بأن تؤدى لهما قيمة ضريبة الدمغة السابق خصمها من التعويض المحكوم به لكل منهما ، وكان سند الوزارة فى استقطاع تلك الضريبة هو نص الفقرة الأولى من المادة 80 من قانون الضريبة على الدمغة الذى أخضع جميع المبالغ التى تقوم بصرفها الجهات الحكومية ، وأياً كانت طبيعتها ، لهذه الضريبة بنوعيها ، فإن القضاء بعدم دستورية ذلك النص فيما تضمنه من إطلاق حكمه ليشمل قيمة التعويضات المحكوم بها قضاءً ، سيؤدى إلى إجابة طلبات المدعيين الموضوعية ، ومن ثم تكون لهما مصلحة شخصية فى الطعن على النص المشار إليه ، وبه وحده يتحدد نطاق الدعوى الدستورية .
وحيث إن المدعيين دفعا أمام محكمة الموضوع بعدم دستورية نص المادتين 79 و 80 من قانون ضريبة الدمغة ، وصرحت لهما المحكمة بإقامة الدعوى الدستورية طعناً عليهما ، فإن إضافة المدعيين فى دعواهم الماثلة نص المادة 81 من ذات القانون ينحل طعناً مباشراً بعدم الدستورية ، إتصل بالمحكمة الدستورية العليا بالمخالفة للأوضاع المقررة وفقاً لحكم المادة 29 من قانونها بما يوجب الحكم بعدم قبول الدعوى فى هذا الشق منها .
وحيث إن الفقرة الأولى من المادة 80 من قانون ضريبة الدمغة الصادر بالقانون رقم 111 لسنة 1980 تنص على أن " فيما عدا المرتبات والأجور والمكافآت وما فى حكمها والإعانات تستحق على كل مبلغ تصرفه الجهات الحكومية من الأموال المملوكة لها ، وسواء تم الصرف مباشرة أو بطريق الإنابة علاوة على الضريبة المبينة فى المادة السابقة ضريبة إضافية مقدارها ثلاثة أمثال الضريبة المشار إليها " .
وحيث إن المدعى ينعى على النص الطعين أنه إذ أخضع قيمة التعويضات الصادرة بأحكام قضائية حائزة لقوة الأمر المقضى لضريبتى الدمغة النسبية والإضافية فإنه يكون قد أعاق تنفيذها بالمخالفة لنص المادة 72 من الدستور ، كما أنه انطوى على تفرقة لا تقوم على أساس موضوعى يبررها بين طائفتين من المضرورين الأولى تلك التى يُقضى لها بتعويض عن الأفعال الضارة الصادرة من آحاد الناس ، والأخرى تلك التى يُقضى لها بتعويض عن أفعال ضارة يرتكبها تابعى الجهات الحكومية ، ففى حين يتقاضى المضرور من أفراد الطائفة الأولى قيمة التعويض المحكوم به كاملاً ، يتم صرف قيمة التعويض المقضى بها للفئة الثانية منقوصاً منها قيمة ضريبة الدمغة ، الأمر الذى ينطوى على إهدار لمبدأ المساواة بين المراكز القانونية المتماثلة بالمخالفة لنص المادة 40 من الدستور .
وحيث إن النعى بمخالفة النص الطعين لحكم المادة 40 من الدستور سديد ، ذلك أن مبدأ المساواة أمام القانون يستهدف صون حقوق المواطنين وحرياتهم فى مواجهة صور التمييز التى تنال من هذه الحقوق أو تقيد ممارسة تلك الحريات ، كما أن الحماية القانونية المتكافئة التى يفرضها هذا المبدأ لا يقتصر تطبيقها على الحقوق والحريات المنصوص عليها فى الدستور ، بل ينسحب مجال إعمالها كذلك إلى الحقوق التى يكفلها المشرع للمواطنين فى حدود سلطته التقديرية وعلى ضوء السياسة التشريعية التى يراها محققة للمصلحة العامة .
وحيث إن المسئولية التقصيرية تقوم على الإخلال بالتزام قانونى واحد هو الالتزام بعدم الإضرار بالغير . والأصل فيها ، أن كل من ارتكب فعلاً ضاراً سواء كان من آحاد الناس أو تابعاً لأحد الأشخاص الاعتبارية يلزم بتعويض من أصابه ضرر نتيجة فعله الضار ، ومن ثم تتحقق مسئولية الشخص الاعتبارى على ذات النحو الذى تتحقق به مسئولية الأفراد ، وقواعد المسئولية التقصيرية التى يطبقها القضاء العادى واحدة للفريقين .
وحيث إن نص الفقرة الأولى من المادة 80 من قانون ضريبة الدمغة قضى بخضوع كافة المبالغ التى تقوم الجهات الحكومية بصرفها من الأموال المملوكة لها ، لنوعين من ضريبة الدمغة هما الضريبة النسبية والضريبة الإضافية ، حتى ولو كانت هذه المبالغ تمثل تعويضات محكوم بإلزام تلك الجهات بأدائها من جراء الأفعال الضارة التى يرتكبها تابعوها ، حال أن هذه المبالغ وبحسبان أنها تمثل تعويضاً قضائياً مكافئاً للأضرار التى لحقت بالغير يجب أن تخضع لذات المعاملة القانونية التى تخضع لها مبالغ التعويضات التى يُقضى بها ضد الأفراد والأشخاص الاعتبارية الخاصة ، فمستحقى هذه التعويضات فى مركز قانونى واحد ، فهم جميعاً مضرورون صدرت أحكام بأحقيتهم فى تعويضات عن أفعال ألحقت بهم ضرراً ، ومن ثم لَزِم أن يعاملوا معاملة قانونية متكافئة ، وإذ خالف النص الطعين هذا المبدأ ، بأن اختص طائفة منهم بحكمه دون أن يستند فى هذا التمييز إلى أسس موضوعية تبرره ، فإنه يكون قد أقام تمييزاً تحكمياً غير مبرر بالمخالفة لنص المادة 40 من الدستور .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة 80 من قانون ضريبة الدمغة الصادر بالقانون رقم 111 لسنة 1980 فيما تضمنه من فرض ضريبة دمغة نسبية وإضافية على مبالغ التعويضات المحكوم بها التى تقوم الجهات الحكومية بصرفها ، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة .
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 02-06-2013, 08:29 AM
أبا محمد أبا محمد غير متواجد حالياً
مدير عام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
المشاركات: 479
افتراضي



قضية رقم 153 لسنة 21 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"
مبادئ الحكم: حرية الاجتماع - حرية الاجتماع - حرية الاجتماع - حرية الاجتماع - حرية التعبير - حرية التعبير - حرية شخصية - حرية شخصية - حق الاجتماع - حق تأليف الجمعيات - حق تأليف الجمعيات - حق تأليف الجمعيات - حق تأليف الجمعيات - حق تأليف الجمعيات - دستور - دستور - دعوى دستورية - رقابة دستورية - قانون - قانون مكمل للدستور - قانون مكمل للدستور - قانون مكمل للدستور - منظمات المجتمع المدنى نص الحكم
------------------
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت 3 يونيه سنة 2000 الموافق 30 صفر سنة 1421ه
برئاسة السيد المستشار / محمد ولى الدين جلالرئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين / فاروق عبد الرحيم غنيم وحمدى محمد علي والدكتورعبد المجيد فياض وماهر البحيرى ومحمد على سيف الدين وعدلى محمود منصور ·
وحضور السيد المستشار / عبد الوهاب عبد الرازقرئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسنأمين السر
أصدرت الحكم الآتي
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 153 لسنة 21 قضائية "دستورية"
بعد أن أحالت محكمة القضاء الإداري بطنطا بحكمها الصادر بجلسة 27/7/1999 ملف الدعوي رقم 4468 لسنة 6 قضائية
المقامة من
1 - السيد / حمدي محمد عامر خضر
2 - السيد / محمد حسين راغب عطيه
3 - السيد / سعيد الدسوقى بدوى بدير
4 - السيد / وحيد طه أحمد الفلال
5 - السيد / السيد عامر حسن السخاوى
ضد
1 - السيد محافظ المنوفية
2 - السيد وكيل وزارة الشئون الاجتماعية بالمنوفية
الإجراءات
بتاريخ التاسع عشر من اغسطس سنة 1999، ورد إلي المحكمة ملف الدعوي رقم 4468 لسنة 6 قضائية، بعد أن قضت محكمة القضاء الإداري بطنطا بجلسة 27/7/1999 بوقف الدعوى وإحالة الأوراق إلي المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية المادة الثانية من القانون رقم 153 لسنة 1999 بإصدار قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية ·
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت في ختامها الحكم برفض الدعوي ·
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها ·
ونظرت الدعوي علي النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم ·
المحكمة
بعد الاطلاع علي الأوراق، والمداولة ·
حيث إن الوقائع - علي ما يبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعين كانوا قد أقاموا الدعوي رقم 4468 لسنة 6 قضائية أمام محكمة القضاء الإداري بطنطا بطلب الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار مديرية الشئون الاجتماعية بطنطا باستبعادهم من الترشيح لعضوية مجلس إدارة الجمعية الشرعية بقرية أبو مشهور مركز بركة السبع وما يترتب علي ذلك من آثار، تأسيسا علي أن اعتراض جهة الأمن - الذي قام عليه قرار الاستبعاد - قد خلا من وقائع محددة بعينها منسوب إليهم ارتكابها، مما يفقد القرار المطعون فيه سببه الصحيح، ويجعله مشوباً بعيب إساءة استعمال السلطة؛ فقررت تلك المحكمة بجلستها المعقودة بتاريخ 27/7/1999 وقف الدعوى وإحالتها للمحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية نص المادة الثانية من القانون رقم 153 لسنة 1999 بإصدار قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية، وذلك لما تراءى لها من أن نص هذه المادة إذ اختص المحكمة الابتدائية بنظر المنازعات الناشئة عن هذا القانون بين الجهة الإدارية والجمعيات والمؤسسات الأهلية - مع أنها أنزعة إدارية - يكون قد استلب الاختصاص المعقود لمجلس الدولة في شأنها، بحسبانه صاحب الولاية العامة في المنازعات الإدارية علي اختلاف صورها، وقاضيها الطبيعي، مما يقيم شبهة مخالفته لأحكام المادتين 86، 172من الدستور ·
وحيث إن المادة الثانية من القانون رقم 153 لسنة 1999 بإصدار قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية تنص علي أنه " مع عدم الإخلال بأحكام القرار بالقانون رقم 91 لسنة 1971، يقصد بالجهة الإدارية في تطبيق أحكام القانون المرافق وزارة الشئون الاجتماعية، كما يقصد بالمحكمة المختصة، المحكمة الابتدائية الواقع في دائرة اختصاصها مركز إدارة الجمعية أو المؤسسة الأهلية أو الاتحاد العام أو النوعي أو الإقليمي بحسب الأحوال " ·
وحيث إن البين من القانون المشار إليه، أن المادة الثالثة من مواد إصداره قد حظرت علي أية جهة خاصة أن تمارس أي نشاط مما يدخل في أغراض الجمعيات والمؤسسات الأهلية، دون أن تتخذ شكل الجمعية أو المؤسسة الأهلية وفقا لأحكامه ·وعرّفت المادة (1) من القانون الجمعية بأنها كل جماعة ذات تنظيم مستمر لمدة معينة أو غير معينة تتألف من أشخاص طبيعيين أو أشخاص اعتبارية، أو منهما معاً، لايقل عددهم في جميع الأحوال عن عشرة، وذلك لغرض غير الحصول علي ربح مادي · وحدد القانون الأحوال التي يمتنع فيها علي الأفراد المشاركة في تأسيس الجمعيات، وأدرج كذلك البيانات التي يجب أن يشتمل عليها نظامها الأساسي، والذي تَثْبُت للجمعية - بإجراء قيد ملخصه في السجل المعد لذلك لدي الجهة الإدارية المختصة - شخصيتها الاعتبارية، وأنشأ لجنة يتم تشكيلها سنويا بقرار من وزير العدل بدائرة اختصاص كل محكمة ابتدائية، جعل المشرع اللجوء إليها ابتداء شرطاً لقبول الدعوي - بشأن المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكامه بين الجمعية والجهة الإدارية -أمام تلك المحكمة التي اختصها النص الطعين بالفصل في هذه المنازعات، وقد تضمنت المواد 6، 7، 8، 23، 34، 42، 46، 62 منه القواعد المتعلقة بالتداعي في شأنها ونظرها، كما عيّن ذلك القانون الأغراض التي يجب أن تعمل الجمعية علي تحقيقها مبيناً ماهو محظور عليها منها، وحدد ماخوله لها من حقوق وماحملها به من التزامات، ورسم لها الأجهزة التي تتولي إدارتها وتصريف شئونها، موضحاً لكل منها مهامها، والأعمال التي حظر علي أعضاء مجلس الإدارة القيام بها، كما تضمن القانون القواعد التي تحكم حل الجمعية وتصفية أموالها، وأفرد للجمعيات ذات النفع العام أحكاماً خاصة طواها علي مامنحه إياها من امتيازات السلطة العامة، وتناولت أحكامه - كذلك - إنشاء المؤسسات الأهلية وأسلوب إدارتها، وأحوال حلها وتصفيتها، كما نظمت الاتحادات النوعية والإقليمية التي تقوم الجمعيات والمؤسسات الأهلية بإنشائها فيما بينها، وكذلك الاتحاد العام للجمعيات والمؤسسات الأهلية الذي يجمع الإتحادات المذكورة في عضويته، وخوّل القانون للجهة الإدارية المختصة حق الإشراف علي تلك الجمعيات وتوجيهها والرقابة عليها، وسوّغ لها الاعتراض علي ماتُقَدِّر أنه مخالف لأحكامه من قراراتها وتصرفاتها، وذلك وفقا للقواعد وطبقاً للإجراءات المبينة فيه، وعُِني - أخيراً - بتحديد الجرائم الناشئة عن مخالفة أحكامه وتقرير عقوباتها ·
وحيث إنه من المقرر - وعلي ما اطرد عليه قضاء هذه المحكمة - أن التحقق من استيفاء النصوص القانونية لأوضاعها الشكلية يعتبر أمراً سابقاً بالضرورة علي الخوض في عيوبها الموضوعية ذلك أن الأوضاع الشكلية للنصوص القانونية هي من مقوماتها، لا تقوم إلا بها ولا يكتمل بنيانها أصلاً في غيابها، وبالتالي تفقد بتخلفها وجودها كقاعدة قانونية تتوافر لها خاصية الإلزام؛ ولا كذلك عيوبها الموضوعية، إذ يفترض بحثها - ومناطها مخالفة النصوص القانونية المطعون عليها لقاعدة في الدستور من زاوية محتواها أو مضمونها - أن تكون هذه النصوص مستوفية لأوضاعها الشكلية · ذلك أن المطاعن الشكلية - وبالنظر إلي طبيعتها – لا يتصور أن يكون تحريها وقوفا علي حقيقتها، تاليا للنظر في المطاعن الموضوعية، ولكنها تتقدمها، ويتعين علي المحكمة الدستورية العليا أن تتقصاها - من تلقاء نفسها - بلوغا لغاية الأمر فيها، ولو كان نطاق الطعن المعروض عليها منحصرا في المطاعن الموضوعية دون سواها، منصرفا إليها وحدها، ولا يحول قضاء هذه المحكمة برفض المطاعن الشكلية دون إثارة مناع موضوعية يُدَّعي قيامها بهذه النصوص ذاتها، وذلك خلافاً للطعون الموضوعية، ومن ثم يكون الفصل في التعارض المدعي به بين نص قانوني ومضمون قاعدة في الدستور، بمثابة قضاء ضمني باستيفاء النص المطعون فيه للأوضاع الشكلية التي يتطلبها الدستور فيه ومانعا من العودة لبحثها ·
وحيث إن المادة 195 من الدستور تنص علي أن : -
" يؤخذ رأى مجلس الشوري فيما يلى : -
1 - ·····················
2 - مشروعات القوانين المكملة للدستور
3 - ······················
4 - ·····················
5 - ·····················
6 - ·····················
ويبلغ المجلس رأيه في هذه الأمور إلى رئيس الجمهورية ومجلس الشعب " · ومؤدي ذلك - وعلي ماجري عليه قضاء هذه المحكمة - أن عرض مشروعات هذه القوانين علي مجلس الشوري ليقول كلمته فيها لايكون إلا وجوبيا، فلا فكاك منه ولامحيص عنه، ولايسوغ التفريط فيه أو إغفاله، وإلاتَقوّض بنيان القانون برمته من أساسه، فإذا تحققت المحكمة من تخلف هذا الإجراء، تعيّن إسقاط القانون المشوب بذلك العوار الشكلي بكامل النصوص التى تضمنها، ولبات لغواً - بعدئذ - التعرض لبحث اتفاق بعضها مع الأحكام الموضوعية للدستور أو منافاتها لها ·
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر علي أن ثمة شرطين يتعين اجتماعهما معاً لاعتبار مشروع قانون معين مكملا للدستور : ( أولهما ) أن يكون الدستور ابتداء قد نص صراحة في مسألة بعينها علي أن يكون تنظيمها بقانون أو وفقاً لقانون أو في الحدود التي يبينها القانون أو طبقاً للأوضاع التي يقررها، فإن هو فعل، دل ذلك علي أن هذا التنظيم بلغ في تقديره درجة من الأهمية والثقل لايجوز معها أن يُعهد به إلي أداة أدنى · ( ثانيهما ) أن يكون هذا التنظيم متصلاً بقاعدة كلية مما جرت الوثائق الدستورية علي احتوائها وإدراجها تحت نصوصها، وتلك هي القواعد الدستورية بطبيعتها التي لا تخلو منها فى الأعم أية وثيقة دستورية، والتي يتعين كي يكون التنظيم التشريعي مكملاً لها أن يكون محدداً لمضمونها مفصلاً لحكمها مبيناً لحدودها، بما مؤداه أن الشرط الأول وإن كان لازماً كأمر مبدئي يتعين التحقق من توافره قبل الفصل في أي نزاع حول ما إذا كان مشروع القانون المعروض يعد أو لا يعد مكملاً للدستور، إلا أنه ليس الشرط الوحيد، بل يتعين لاعتبار المشروع كذلك أن يقوم الشرطان معاً متضافرين استبعاداً لكل مشروع قانون لاتربطه أية صلة بالقواعد الدستورية الأصيلة، بل يكون غريباً عنها مقحما عليها · واجتماع هذين الشرطين مؤداه أن معيار تحديد القوانين المكملة للدستور، والتي يتعين أن يؤخذ فيها رأي مجلس الشوري قبل تقديمها إلي السلطة التشريعية لايجوز أن يكون شكلياً صرفا، ولا موضوعيا بحتا، بل قوامه مزاوجة بين ملامح شكلية، وما ينبغي أن يتصل بها من العناصر الموضوعية، علي النحو المتقدم بيانه ·
وحيث إن المواثيق الدولية قد اهتمت بالنص علي حق الفرد في تكوين الجمعيات ومن ذلك المادة 20من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي تمت الموافقة عليه وإعلانه بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10/12/1948، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والذي حظر - بنص الفقرة الثانية من المادة 22- أن يوضع من القيود علي ممارسة هذا الحق إلا تلك التي ينص عليها القانون وتشكل تدابير ضرورية في مجتمع ديموقراطي لصيانة الأمن القومي أو السلام العام أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرماتهم · كما عُنيت الدساتير المقارنة بالنص علي هذا الحق في وثائقها، فهو مستفاد مما تضمنه التعديل الأول الذي أُدخل علي دستور الولايات المتحدة الأمريكية في 15/12/1791 والذي قرر الحق في الاجتماع، ونص عليه صراحة الدستور القائم في كل من : ألمانيا والاردن وتركيا ولبنان وتونس و المغرب والكويت واليمن وسوريا والبحرين والجزائر · وجرت كذلك الدساتير المصرية المتعاقبة - ابتداء من دستور سنة 1923، وانتهاء بالدستور الحالي - علي كفالة الحق في تأليف الجمعيات؛ وهو مانصت عليه المادة 55 من دستور سنة 1971 بقولها أن " للمواطنين حق تكوين الجمعيات علي الوجه المبين في القانون ··· " ·
وحيث إن الدستور حرص علي أن يفرض علي السلطتين التشريعية والتنفيذية من القيود ما ارتآه كفيلا بصون الحقوق والحريات العامة - وفي الصدارة منها حرية الاجتماع - كي لاتقتحم إحداهما المنطقة التي يحميها الحق أو الحرية، أو تتداخل معها، بما يحول دون ممارستها بطريقة فعالة، وكان تطوير هذه الحقوق والحريات وإنماؤها من خلال الجهود المتواصلة الساعية لإرساء مفاهيمها الدولية بين الأمم المتحضرة، مطلبا أساسيا توكيداً لقيمتها الاجتماعية، وتقديراً لدورها فى مجال إشباع المصالح الحيوية المرتبطة بها، وقد واكب هذا السعي وعززه بروز دور المجتمع المدني ومنظماته - من أحزاب وجمعيات أهلية ونقابات مهنية وعمالية - في مجال العمل الجمعى ·
وحيث إن منظمات المجتمع المدني - وعلي ماجري عليه قضاء هذه المحكمة - هي واسطة العقد بين الفرد والدولة، إذ هي الكفيلة بالارتقاء بشخصية الفرد بحسبانه القاعدة الأساسية في بناء المجتمع، عن طريق بث الوعي ونشر المعرفة والثقافة العامة، ومن ثم تربية المواطنين علي ثقافة الديموقراطية والتوافق في إطار من حوار حر بناء، وتعبئة الجهود الفردية والجماعية لإحداث مزيد من التنمية الاجتماعية والاقتصادية معاً، والعمل بكل الوسائل المشروعة علي ضمان الشفافية، وترسيخ قيمة حرمة المال العام، والتأثير في السياسات العامة، وتعميق مفهوم التضامن الاجتماعي، ومساعدة الحكومة عن طريق الخبرات المبذولة، والمشروعات الطوعية علي أداء أفضل للخدمات العامة، والحث علي حسن توزيع الموارد وتوجيهها، وعلى ترشيد الإنفاق العام، وإبراز دور القدوة · وبكل أولئك، تذيع المصداقية، وتتحدد المسئولية بكل صورها فلاتشيع ولاتنماع، ويتحقق العدل والنصفة وتتناغم قوى المجتمع الفاعلة، فتتلاحم على رفعة شأنه والنهوض به إلى ذرى التقدم ·
وحيث إن من المقرر أن حق المواطنين في تكوين الجمعيات الأهلية هو فرع من حرية الاجتماع، وأن هذا الحق يتعين أن يتمحض تصرفاً إراديا حراً لا تتداخل فيه الجهة الإدارية، بل يستقل عنها، ومن ثم تنحل هذه الحرية إلي قاعدة أولية تمنحها بعض الدول - ومن بينها جمهورية مصر العربية - قيمة دستورية في ذاتها، لتكفل لكل ذي شأن حق الانضمام إلي الجمعية التي يرى أنها أقدر علي التعبير عن مصالحه وأهدافه، وفي انتقاء واحدة أو أكثر من هذه الجمعيات - حال تعددها - ليكون عضواً فيها، وما هذا الحق إلا جزء لا يتجزأ من حريته الشخصية، التي أعلي الدستور قدرها، فاعتبرها - بنص المادة 41 - من الحقوق الطبيعية، وكفل - أسوة بالدساتير المتقدمة - صونها وعدم المساس بها، ولم يجز الإخلال بها من خلال تنظيمها ·
وحيث إن ضمان الدستور - بنص المادة 47 التي رددت ما اجتمعت عليه الدساتير المقارنة - لحرية التعبير عن الآراء، والتمكين من عرضها ونشرها سواء بالقول أو بالتصوير أو بطباعتها أو بتدوينها وغير ذلك من وسائل التعبير، قد تقرر بوصفها الحرية الأصل التي لا يتم الحوار المفتوح إلا في نطاقها، وبدونها تفقد حرية الاجتماع مغزاها، ولا تكون لها من فائدة، وبها يكون الأفراد أحرارا لا يتهيبون موقفا، ولا يترددون وجلا، ولا ينتصفون لغير الحق طريقا، ذلك إن ما توخاه الدستور من خلال ضمان حرية التعبير - وعلي ما اطرد عليه قضاء هذه المحكمة - هو أن يكون التماس الآراء والأفكار وتلقيها عن الغير ونقلها إليه غير مقيد بالحدود الإقليمية علي اختلافها ولا منحصر في مصادر بذواتها تعد من قنواتها، بل قصد أن تترامى آفاقها، وأن تتعدد مواردها وأدواتها، سعيا لتعدد الآراء، وابتغاء إرسائها علي قاعدة من حيدة المعلومات ليكون ضوء الحقيقة مناراً لكل عمل، ومحوراً لكل اتجاه · بل إن حرية التعبير أبلغ ماتكون أثراً في مجال اتصالها بالشئون العامة، وعرض أوضاعها تبياناً لنواحي التقصير فيها، فقد أراد الدستور بضمانها أن تهيمن مفاهيمها علي مظاهر الحياة في أعماق منابتها، بما يحول بين السلطة العامة وفرض وصايتها علي العقل العام ، وألا تكون معاييرها مرجعاً لتقييم الآراء التي تتصل بتكوينه ولا عائقاً دون تدفقها · ومن المقرر كذلك إن حرية التعبير، وتفاعل الآراء التي تتولد عنها، لايجوز تقييدها بأغلال تعوق ممارستها، سواء من ناحية فرض قيود مسبقة علي نشرها أو من ناحية العقوبة اللاحقة التي تتوخي قمعها · إذ يتعين أن ينقل المواطنون من خلالها -وعلانية - تلك الأفكار التي تجول في عقولهم ويطرحونها عزماً ولو عارضتها السلطة العامة - إحداثا من جانبهم - وبالوسائل السلمية - لتغيير قد يكون مطلوبا، ومن ثم وجب القول بأن حرية التعبير التي كفلها الدستور هي القاعدة في كل تنظيم ديموقراطي، فلا يقوم إلا بها، ولا ينهض مستويا إلا عليها ·
وحيث إن حق الاجتماع - سواء كان حقا أصيلاً أم بافتراض أن حرية التعبير تشتمل عليه باعتباره كافلا لأهم قنواتها، محققا من خلاله أهدافها - أكثر ما يكون اتصالاً بحرية عرض الآراء وتداولها كلما كوّن أشخاص يؤيدون موقفا أو اتجاها معيناً جمعية تحتويهم، يوظفون من خلالها خبراتهم ويطرحون آمالهم ويعرضون فيها كذلك لمصاعبهم، ويتناولون بالحوار ما يؤرقهم، ليكون هذا التجمع المنظم نافذة يطلون منها علي ما يعتمل في نفوسهم، وصورة حية لشكل من أشكال التفكير الجماعي، وكان الحق في إنشاء الجمعيات - وسواء كان الغرض منها اقتصاديا أو ثقافيا أو اجتماعيا أو غير ذلك – لا يعدو أن يكون عملا اختياريا، يرمي بالوسائل السلمية إلي تكوين إطار يعبرون فيه عن مواقفهم وتوجهاتهم · ومن ثم فإن حق الاجتماع يتداخل مع حرية التعبير، مكوناً لأحد عناصر الحرية الشخصية التي لا يجوز تقييدها بغير اتباع الوسائل الموضوعية والإجرائية التي يتطلبها الدستور أو يكفلها القانون، لازماً اقتضاء حتي لو لم يرد بشأنه نص في الدستور، كافلاً للحقوق التي أحصاها ضماناتها، محققاً فعاليتها، سابقاً علي وجود الدساتير ذاتها، مرتبطاً بالمدنية في مختلف مراحل تطورها، كامناً في النفس البشرية تدعو إليه فطرتها، وهو فوق هذا من الحقوق التي لا يجوز تهميشها أو إجهاضها · بل إن حرية التعبير ذاتها تفقد قيمتها إذا جحد المشرع حق من يلوذون بها في الاجتماع المنظم، وحجب بذلك تبادل الآراء في دائرة أعرض بما يحول دون تفاعلها وتصحيح بعضها البعض، ويعطل تدفق الآراء التي تتصل باتخاذ القرار، ويعوق انسياب روافد تشكيل الشخصية الإنسانية التي لا يمكن تنميتها إلا في شكل من أشكال الاجتماع · كذلك فإن هدم حرية الاجتماع إنما يقوّض الأسس التي لا يقوم بدونها نظام للحكم يكون مستندا إلي الإرادة الشعبية، ومن ثم فقد صار لازما - وعلي ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - امتناع تقييد حرية الاجتماع إلا وفق القانون، وفى الحدود التي تتسامح فيها النظم الديموقراطية، وترتضيها القيم التي تدعو إليها، ولا يجوز - بالتالى- أن تفرض السلطة التشريعية على حرية الاجتماع قيودا من أجل تنظيمها، إلا إذا حملتها عليها خطورة المصالح التي وجهتها لتقريرها، وكان لها كذلك سند من ثقلها وضرورتها، وكان تدخلها - من خلال هذه القيود - بقدر حدة هذه المصالح ومداها ·
وحيث إنه يبين من جميع ما تقدم أن حق المواطنين في تأليف الجمعيات الأهلية، وما يستصحبه - لزوما - مما سلف بيانه من حقوقهم وحرياتهم العامة الأخرى، هي جميعاً أصول دستورية ثابتة، يباشرها الفرد متآلفة فيما بينها، ومتداخلة مع بعضها البعض، تتساند معاً، ويعضد كل منها الآخر فى نسيج متكامل يحتل من الوثائق الدستورية مكانا سامقاً ·
وحيث إنه إذ كان ذلك، وكان الدستور قد عهد - بنص المادة 55 - إلي القانون بتنظيم الحق في تكوين الجمعيات، ووضع قواعد ممارسته، وكان القانون الطعين قد احتوي تنظيماً شاملاً للجمعيات والمؤسسات الأهلية، رسم المشرع من خلاله لحق الأفراد في إنشائها وإدارة وتصريف شئونها وإنقضائها وتصفية أموالها، أطره وأحكام مباشرته، وكان هذا التنظيم قد عرض - بالضرورة – لما يرتبط ويتصل بهذا الحق من حقوقهم العامة في الاجتماع والحرية الشخصية وحرية التعبير عن الرأي، فإن التنظيم الوارد بالقانون المشار إليه يكون متصلاً - من ثم - في جوانبه تلك بهذه الأصول التي مافتئت الوثائق الدستورية تحرص علي إدراج قواعدها الكلية ضمن نصوصها، بما يضفي عليها الطبيعة الدستورية الخالصة؛ فضلاً عما هو مقرر من أن تنظيم ولاية القضاء - والتي تناولها القانون المذكور ببعض نصوصه - تدخل ضمن المسائل التي تتصف بهذه الطبيعة أيضاً؛ متي كان ذلك، فإن القانون المطعون فيه يكون قد توافر في شأنه العنصران الشكلي والموضوعي - المتقدم بيانهما - اللازمان لارتقائه إلي مصاف القوانين المكملة للدستور؛ وإذ كان البين من كتاب أمين عام مجلس الشوري رقم 83 بتاريخ 7/11/1999 المرفق بالأوراق أن هذا القانون - بوصفه كذلك - لم يعرض مشروعه علي مجلس الشوري لأخذ رأيه فيه، فإنه يكون مشوباً بمخالفة نص المادة 195 من الدستور ·
وحيث إنه لما كان ماتقدم، وكان العيب الدستوري المشار إليه قد شمل قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية الصادر بالقانون رقم 153 لسنة 1999 بتمامه، فإن القضاء بعدم دستوريته برمته يكون متعيناً، وذلك دون حاجة إلي الخوض فيما اتصل ببعض نصوصه من عوار دستوري موضوعي باستلابه الأنزعة الإدارية الناشئة عنه من مجلس الدولة الذي اختصه الدستور بولاية الفصل فيها باعتباره قاضيها الطبيعي
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية القانون رقم 153 لسنة 1999 بإصدار قانون الجمعيات والمؤسسات والأهلية ·
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 02-06-2013, 08:29 AM
أبا محمد أبا محمد غير متواجد حالياً
مدير عام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
المشاركات: 479
افتراضي



قضية رقم 152 لسنة 18 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"
مبادئ الحكم: جنائي - جنائي - دستور - دستور - دعوى دستورية - سلطة المشرع - ضرائب - ضرائب - ضرائب - ضرائب - ضرائب - عدالة اجتماعية - قانون - قانون - قانون نص الحكم
------------------
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت 6 يونيو سنة 1998 الموافق 11 صفر سنة 1419 ه.
برئاسة السيد المستشار الدكتور عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: حمدى محمد على وسامى فرج يوسف والدكتورعبدالمجيد فياض وماهر البحيرى وعدلى محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله.
وحضور السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / حمدى أنور صابر أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 152 لسنة 18 قضائية "دستورية"
المقامة من
السيد/ يوسف نصر الدين الحسينى بصفته مدير عام فندق ميركيور رومانس إيجويل
ضد
1 - السيد/ رئيس الجمهورية
2 - السيد/ رئيس مجلس الشعب
3 - السيد/ رئيس مجلس الوزراء
4 - السيد/ وزير المالية
5 - السيد/ رئيس مصلحة الضرائب
6 - السيد مدير عام إدارة ضريبة الملاهى والفنادق
7 - السيد/ مدير قلم ضريبة الملاهي بحي شرق الإسكندرية
الإجراءات
بتاريخ 26 ديسمبر سنة 1996، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طالبا الحكم بعدم دستورية نص المادة 14 من القانون رقم 221 لسنة 1951 بشأن فرض ضريبة على المسارح وغيرها من محال الفرجة والملاهى.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل فى أن السيدة / بهيرة مدحت خورشيد، كانت قد تعاقدت مع فندق ميركيور رومانس بالإسكندرية على استغلال إحدى قاعاته لإقامة حفل عيد ميلاد لستين طفلا • وقد فوجئ مدير عام الفندق- المدعى - بتحرير إدارة ضرائب الملاهى محضرا ضده لعدم قيامه بدفع الضريبة المقدرة قانوناً فى هذا الشأن؛ وقدم إلى محكمة جنح الرمل بالدعوى رقم 5471 لسنة 1995 م • ق الرمل التى قضت بتغريمه مائة جنيه والمصاريف، فطعن على حكمها بالاستئناف رقم 13596 لسنة 1996 مستأنف شرق، ثم دفع أثناء نظره بعدم دستورية نص المادة 14 من القانون رقم 221 لسنة 1951 بشأن فرض ضريبة على المسارح وغيرها من مجال الفرجة والملاهى. وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع، فقد أجلت الدعوى المنظورة أمامها إلي حين رفع الدعوى الدستورية، فأقام المدعى الدعوى الماثلة.
وحيث إن المادة 11 من القانون رقم 221 لسنة 1951 بفرض ضريبة على المسارح وغيرها من محال الفرجة والملاهى تنص على مايأتى :
<< على صاحب المحل أو المستغل، وكذلك على كل من يتفق مع شخص طبيعى أو معنوى على إقامة حفلة أو سلسلة حفلات أن يخطر إدارة ضريبة الملاهى بذلك وفقا للشروط والأوضاع التى تعين بقرار وزارى • وفى حالة عدم الإخطار، وكذلك إذا كانت الحفلة مقامة فى مكان غير مخصص الدرجات، تحسب الضريبة على أساس عدد المقاعد بالكامل وبأعلى فئاتها >> •
وتقضى المادة 14 من هذا القانون :
<< كل من امتنع عن تقديم الإخطار المنصوص عليه فى المادة 11، أو لم يقدمه فى الميعاد المقرر، أو امتنع عن إعطاء البيانات التى يطلبها الموظفون المختصون، أو أعطى بيانات غير صحيحة، أو قاوم أو منع أو حاول منع الموظفين من القيام بعملهم، وكذلك كل من وزع أو باع تذاكر غير مختومة بخاتم الضريبة، أو استعمل طرقا قصد بها أو نشأ عنها التخلص من أداء الضريبة، أو الانتقاص منها، أو التأخر عن أدائها، أو خالف أى حكم من أحكام هذا القانون، عوقب بغرامة لاتجاوز خمسين جنيها، فضلا عن جواز الحكم بإغلاق المحل مدة لاتتجاوز خمسة عشر يوما، وذلك مع عدم الإخلال بأى عقوبة أشد ينص عليها قانون العقوبات أو أى قانون آخر.
وفى جميع الأحوال يلزم المخالف أداء باقى الضريبة مع زيادة تساوى ثلاثة أمثالها تضاعف فى حالة العود >>.
وحيث إن المدعى ينعى على المادة 14 المطعون عليها، مخالفتها للدستور من النواحى الآتية :
1- أن ضريبة الملاهى تقع أصلا على الجمهور، وتتعلق بأجرة الدخول التى يدفعونها، ومن ثم يكون دين الضريبة مترتبا فى ذمتهم ابتداء، بوصفهم ملتزمين أصلا بدفعها حال استحقاقها •ولكن المشرع اختص المسئولين عن توريد الضريبة بالجزاءات التى فرضها النص المطعون فيه•
2- لايجوز أن تقرن الدولة حقها فى اقتضاء دين الضريبة بجزاء على الإخلال بدفعها يكون مجاوزا بمداه أو بتعدده، الحدود المنطقية التى يقتضيها صون مصلحتها الضريبية، وإلا كان هذا الجزاء غلوا منافيا لضوابط الاعتدال ، بما يُخْرِج الضريبة عن بواعثها الأصلية والعرضية، ويفقدها مقوماتها.
3- أن المسئولين عن دين ضريبة الملاهى التى فرضها المشرع على الحفلات التى تقام فى فنادقهم، ولايقومون بالإخطار عنها خلال الميعاد المنصوص عليه فى المادة 11 من قانون هذه الضريبة، يتحملون عددا من الجزاءات التى تنصب جميعها على محل واحد، هى تلك التى عددتها المادة 14 المطعون عليها، وأخصها أنهم يدفعون الضريبة مقدرة بأعلى فئاتها، وعلى أساس عدد المقاعد بالكامل • ويلزمون معها بزيادة تعادل ثلاثة أمثالها، مع جواز الحكم بغلق المحل، ودون إخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها قانون العقوبات، بما ينافى ضوابط العدالة الاجتماعية التى يقوم عليها النظام الضريبى.
وحيث إن هيئة قضايا الدولة دفعت بعدم قبول الدعوى الماثلة لرفعها بعد الميعاد، مستندة فى ذلك إلى أن محكمة الموضوع قررت بجلسة 27/10/1996 تأجيل نظر الدعوى لجلسة 1/12/1996 كطلب المتهم لرفع الدعوى الدستورية أمام هذه المحكمة • بيد أن المدعى أقام دعواه هذه فى 26/12/1996؛ فلا يجوز قبولها.
وحيث إن هذا الدفع مردود بأن من المقرر فى قضاء هذه المحكمة - وعملاً بنص البند (ب) من المادة 29 من قانونها - أن المهلة التى تمنحها محكمة الموضوع لرفع الدعوى الدستورية، لاتجوز زيادتها إلا من خلال مدة جديدة تضيفها إلى المدة الأصلية قبل انقضائها، بما يكفل تداخلها معها، وبشرط ألا تزيد المدتان معاً - قديمتها وجديدتها- على الأشهر الثلاثة التى فرضها المشرع كحد أقصى لرفع الدعوى الدستورية، فلا يجاوزه من يقيمها، ولا محكمة الموضوع التى ترخص برفعها؛ وكان ثابتاً كذلك - وعملاً بالفقرة الثانية من المادة 15 من قانون المرافعات المدنية والتجارية - أن الميعاد - وكلما كان ظرفاً يجب أن يحصل فيه الإجراء - لايعتبر منقضياً إلا بانقضاء اليوم الأخير منه؛ وكان المدعى فى الدعوى الماثلة قد أقامها خلال المهلة الجديدة التى أضافتها محكمة الموضوع إلى المدة الأصلية قبل انقضاء يومها الأخير، فإن الدفع بعدم قبول دعواه هذه، يكون غير سديد.
وحيث إن المدين بالضريبة • إما أن يكون ملتزماً أصلياً بها أو مسئولاً عنها • ذلك أن المشرع يتخذ دوماً من المال المحمل بالضريبة، وعاء لها باعتباره عنصراً موضوعياً فى الواقعة التى أنشأتها • بيد أن وجود علاقة بين هذا المال والمدين بالضريبة، يبلور شخصيتها، ويقيم هذا المدين مكلفاً أصلاً بأدائها.
وشرط اعتبار غيره مسئولاًعنها، أن تنتفى علاقته بالمال المتخذ وعاءً لها، وألا يعتبر ملزماً بها إلا مع المدين أصلاً بأدائها، فهو مدين مع غيره بكل الدين، فإذا وفاه ، رجع به عليه، بعد أن حل فيه محل الدائن حلولاً قانونياً.
وحيث إن المادة 6 من القانون رقم 221 لسنة 1951 بفرض ضريبة على المسارح وغيرها من محال الفرجة، تنص على أن تحصل الضريبة من الجمهور بواسطة شاغلى الدور والمحال الخاضعة للضريبة • وعملاً بالمادة 7 من هذا القانون يجب على أصحاب المحال والمستغلين لها، أن يؤدوا الضريبة إما مقدماً أو فى ذات اليوم أو فى اليوم التالى لإقامة الحفلة على الأكثر، وذلك بالطرق والأوضاع التى يصدر بها قرار وزارى.
وحيث إن ذلك مؤداه أن من يقيمون حفلات فى المحال الخاضعة لقانون هذه الضريبة، ملزمون أصلاً بإيفائها • وقد أقام هذا القانون - وإلى جانبهم - من عينتهم مادته السابعة بوصفهم مسئولين عنها، ضماناً لتحصيلها وخفضاً لتكلفة جبايتها وتوقياً للتحايل عليها.
والمدعى بهذا المعنى يعتبر مسئولاً عن الضريبة، وعلى ضوء صفته هذه، تتحدد دستورية المطاعن التى نسبها إلى المادة 14 من ذلك القانون.
وحيث إن السلطة التى يباشرها المشرع فى موضوع تنظيم الحقوق، لاتقيدها إلا الضوابط التى فرضها الدستور عليها لتحد من إطلاقها وترسم تخومها التى لايجوز أن يتعداها، سواء بإغراق هذه الحقوق من خلال تنظيمها، أو عن طريق تقييدها بما يرهقها ويحول دون اكتمال مجالاتها الحيوية التى تمثل لبها ونواتها.
وحيث إن الضريبة التى فرضها المشرع فى شأن الملاهى وغيرها من المحال التى أخضعها القانون لحكمه، لاتعتبر ضريبة محلية ينحصر سريانها فى رقعة إقليمية بذاتها لاتجاوزها، وإنما هى ضريبة عامة تسع الحدود الإقليمية للدولة جميعها، بما يبسطها - وكلما تحقق مناطها ممثلاً فى الواقعة التى أنشأتها - على كل الأجزاء التى يشتمل عليها إقليمها • وهو مايعنى أن مموليها متماثلون فى الخضوع لها جغرافياً، وإن كان تعادلهم فيما يلتزمون به من مبلغها، منتفياً.
وحيث إن اختيار المشرع لوعاء ضريبة ما ممثلاً فى المال المحمل بعبئها، وإن كان مما يدخل فى سلطته التقديرية كلما كان هذا التقدير موضوعياً؛ وكانت دستورية الضريبة لاترتبط بعظم حصيلتها، ولاتنفيها ضآلتها، ولا يحول دونها أن يكون للضريبة - فضلاً عن مقاصدها الأصلية التى يعكسها اتجاه الدولة إلى الحصول على مبلغها إنماء منها لموارد ترصدها على مصارفها - آثاراً عرضية من شأنها فرض أعباء على صور من النشاط التى يأتيها المكلفون بها -والتى تقع الضريبة عليها - بما يحد منها؛ وكان الملتزمون أصلاً بضريبة الملاهى يتحملون بمبلغها إسهاماً من جانبهم فى تمويل الخزانة العامة مع تنظيم نشاطهم عرضاً باعتباره استهلاكاً ترفيا ممثلاً فى حفلاتهم التى يقيمونها فى المحال التى أخضعها القانون لحكمه، بعد الاتفاق عليها مع أصحابها أو مستغليها، فإن المدينين أصلاً بالضريبة، وكذلك المسئولين عنها، لايتحملون بسببها - منظوراً إليها فى ذاتها - عبئاً مخالفاً للدستور.
وحيث إن حق الدولة فى اقتضاء الضريبة لتنمية مواردها، ولإجراء ما يتصل بها من آثار عرضية، ينبغى أن يقابل بحق الملتزمين أصلاً بها، والمسئولين عنها فى تحصيلها وفق أسس موضوعية، يكون إنصافها نافياً لتحيفها، وحيدتها ضمان لموضوعيتها؛ وكان قانون ضريبة الملاهى، وإن توخى ابتداء حماية المصلحة الضريبية للدولة باعتبار أن غلتها تُعِينها على مواجهة نفقاتها، إلا أن مصلحتها هذه ينبغى موازنتها بالعدالة الاجتماعية بوصفها مفهوماً مقيداً لنصوص هذا القانون،يتغيا - بين مايشتمل عليه - أن يكون جزاء الإخلال بها موازناً أثقالها بموجباتها، لامنتهياً إلى تعميق وطأتها.
وحيث إن العدل - وباعتباره قيمة مثلى - لايعدو أن يكون مفهوما مجردا • بيد أن العدل من منظور اجتماعى، إنما يتحدد على ضوء القيم التى ارتضتها الجماعة خلال زمن معين، وكان تقيدها بها مهيمنا على مظاهر سلوكها تعبيرا من جانبها عن أكثر المصالح توافقا مع بيئتها، فلايكون قبول أفرادها بها، إلا حلا ملائما لتنازع توجهاتهم وتعارضها • ولئن جاز القول بأن تلك القيم لاتعنى شيئا ثابتا باطراد، وأن معانيها وغاياتها تتباين تبعا لمعايير الضمير الاجتماعى ومستوياتها؛ وكان لايجوز بالنظر إلى مخاطر التعارض فى مجال العدالة الاجتماعية بين مفترضاتها النظرية ومتطلباتها العملية، أن يكون تصورها ذاتيا، ولا أن تكون دائرة تطبيقها منغلقة على نفسها، إلا أن القيم التى يحتضنها العدل - محددا من منظور اجتماعى - تظل نتاج الخبرة التى صهرها العقل الجمعى، فلايلتمس المشرع طريقها بعيدا عما يراه الأفراد فى مجموعهم حقا وإنصافا.
وحيث إن فكرة الجزاء - جنائياً كان أم تأديبياً أو مدنياً - تعنى مجاوزة الحدود التى يجوز التسامح فيها • وكلما كان الجزاء مقرراً لضرورة، ومتناسباً مع الأفعال التى أثمها المشرع أو منعها، متصاعدا مع خطورتها In ascending order of severity كان موافقاً للدستور.
وحيث إن مستغلى المحال الخاضعة لقانون ضريبة الملاهى، وكذلك أصحابها، مقيدون وفقاً لنص المادة الحادية عشرة من هذا القانون، بإخطار إدارة ضريبة الملاهى - وخلال المواعيد المقررة قانوناً - بالحفلات التى تقام فى هذه المحال.
وحيث إن المشرع عدد بنص المادة 14 المطعون عليها صور الجزاء التى قررتوقيعها بكاملها على المخالفين لحكمها، فلم يقصرها على الغرامة التى فرضها، ولاعلى أداء باقى الضريبة مع زيادة تعادل ثلاثة أمثالها، و مضاعفتها فى حالة العود • وإنما ضم إلى هذين الجزاءين عقوبة غلق المحل، وكذلك أية عقوبة أشد ينص عليها قانون العقوبات أو أى قانون آخر؛ وكانت صور الجزاء هذه - مع تعددها وتفاوتها فيما بينها فى مداها - قد فرضها جميعاً قانون ضريبة الملاهى فى شأن أفعال يأتيها المخالفون لأحكامه، ولاتتحد فيما بينها سواء فى عناصرها أو قدر خطورتها، أو الآثار التى ترتبها؛ بل يتصل الجزاء بهذه الأفعال جميعها ليسمها بوطأته، سواء كان التورط فيها ناشئاً عن عمد أو إهمال أو عن فعل لايقترن بأيهما؛ متوخياً التدليس على القائمين على تنفيذ قانون الضريبة عن طريق إخفاء بياناتها، أو عرض ماهو غير صحيح منها، بقصد التخلص منها كلها أو بعضها واقتناص مبلغها؛ أو منتهياً إلى مجرد التأخير فى توريدها؛ وسواء كان هذا التأخير عرضياً أو مقصوداً؛ محدوداً بفترة زمنية ضيقة، أو مترامياً؛ مستنداً إلى قوة قاهرة، أو مجرداً مما يعد ظرفاً مفاجئاً أو طارئاً؛ فلا يظهر نص المادة 14 المطعون عليها - ومن خلال تعدد صور الجزاء التى فرضتها، وتعلقها بأفعال تتنافر خصائصها وعواقبها - إلا مجاوزاً بمداه حقائق هذه الأفعال ومكوناتها، نابذاً تحديد جزاء لكل منها بما يناسبها، فلا يزنها بالقسط، بل يقيس أقلها خطراً على أسوئها مقصداً، ويعاملها جميعاً بافتراض وحدة مضونها وآثارها • وليس ذلك إلا غلوا منافياً لضوابط العدالة الاجتماعية التى أرستها المادة 38 من الدستور، لتقيم عليها النظم الضريبية جميعها، ومايُلْحَق بها من الأعباء المالية التى عددتها المادة 119 من الدستور.
وحيث إن النصوص القانونية لاتؤخذ إلا على ضوء مايتحقق فيه معناها، ويكفل ربط مقدماتها بنتائجها؛ وكان الأصل فى صور الجزاء ألا تتزاحم جميعها على محل واحد بما ينبو بها عن موازين الاعتدال؛ وألا يتعلق جزاء منها بغير الأفعال التى تتحد خواصها وصفاتها، وبما يلائمها، فلا يكون من أثره العدوان دون مقتض على حقوق الملكية الثابتة لأصحابها؛ وكان ذلك مؤداه أن الجزاء لايجوز أن يكون خطلاً، ولا فاسداً مغبة • بل ينبغى أن يوازن المشرع قبل تقريره، بين الأفعال التى يجوز أن يتصل بها، وأن يقدر لكل حال لبوسها، فلا يتخذ من النصوص القانونية ماتظهر فيه مكامن مثالبها، بل يبتغيها أسلوباً لتقويم أوضاع خاطئة وتصحيحها.
وحيث إن ضوابط الجزاء هذه، هى التى غض المشرع بصره عنها بنص المادة 14 المطعون عليها، والتى مزج بها - وفى إطار صور الجزاء التى عددتها - بين أفعال غشيها التنافر مضموناً وأثراً، مصطنعاً أو مفترضاً تماثل عناصرها ووحدة نتائجها، فضمها إلى بعضها، مقدراً تساويها فيما بينها، وكأن دواءً واحداً يُْصْلِحها ويرد عنها أسقامها، فأنزل على كل منها - بعد أن جمعها فى صعيد واحد - صور الجزاء عينها.
وحيث إن غلو صور الجزاء التى عددتها المادة 14 المطعون عليها، يبدو واضحاً من إخضاعها المكلفين بها الذين لايقدمون فى الميعاد، الإخطار المنصوص عليه فى المادة الحادية عشر من قانون الضريبة، لصور الجزاء ذاتها التى تطبقها فى شأن من يعمدون إلى التخلص من الضريبة كلها أو بعضها، احتيالاً عليها، وتهرباً منها • بل إن هؤلاء شأنهم شأن من يدفعون الضريبة بأقل من مبلغها، ولا يبادرون خلال مهلة لاتجاوز يوماً واحداً، برد مانقص منها بعد طلبه، على ماتقضى به المادة العاشرة من القانون.
كذلك، فإن من يمنعون القائمين بتنفيذ القانون عن أداء عملهم فى مجال هذه الضريبة، شأنهم شأن من يتراخون فى توريدها -ولو يوماً واحداً - لعوامل قد لايكون لإراداتهم دخل فيها.
ومن يخفون بياناتها تدليساً، شأنهم شأن من يخطئون فيها، فلا يقدمون لإدارة الضريبة على الملاهى صحيحها.
فهؤلاء وهؤلاء قدر النص المطعون أنهم نظراء بعضهم لبعض، فأحاطهم بصور الجزاء ذاتها مع تنوعها • وماكذلك تصاغ النصوص القانونية التى تتحدد دستوريتها على ضوء ارتباطها عقلاً بأهدافها، وبوصفها وسائل ملائمة لتحقيق أغراض مبررة.
ولا كذلك يكفل المشرع لضريبة الملاهى ضوابط عدالتها الاجتماعية، وهى بعد ضريبة أنشأ المشرع من أجل تحصيلها - هى والزيادة المنصوص عليها فى القانون - حق امتياز على أموال الخاضعين لها جميعها.
وحيث إن الضريبة التى يكون أداؤها وفقاً لنص المادة 61 من الدستور، واجباً قانوناً، هى تلك التى تتوافر لها قوالبها الشكلية وأسسها الموضوعية - وعدالتها الاجتماعية جوهرها ومسراها - وكان مبدأ الخضوع للقانون محدداً على ضوء أسس ديمقراطية، مؤداه أن تكون للملكية حرمتها وفقاً للمعايير التى تبنتها الدول الديمقراطية فى تشريعاتها، والتزمتها قاعدة ترد إليها مختلف مظاهر سلوكها؛ وألا يكون جزاء الأفعال منفصلاً عن تدرجها فيما بينها؛ ولا متمحضاً غلوا منافيها لطبيعتها؛ ولا متعدداً متعامداً على أموال المدين فى مجموعها؛ وكان الأصل فى السلطة التقديرية التى يملكها المشرع فى موضوع تنظيم الحقوق، هو إطلاقها مالم يفرض الدستور عليها ضوابط تقيم لها أسواراً لايجوز تخطيها؛ وكانت المادة 14 المطعون عليها تناقض أحكام المواد 34، 38، 61، 65 من الدستور؛ فإن المشرع يكون قد جاوز بحكمها نطاق سلطته التقديرية.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية نص المادة 14 من القانون رقم 221 لسنة 1951 بفرض ضريبة على المسارح وغيرها من محال الفرجة والملاهى، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 02-06-2013, 08:29 AM
أبا محمد أبا محمد غير متواجد حالياً
مدير عام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
المشاركات: 479
افتراضي



قضية رقم 9 لسنة 17 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"
مبادئ الحكم: استثمار - حرية شخصية - دستور - دستور - دستور - دستور - دستور - دعوى دستورية - دعوى دستورية - زكاة - ضرائب - ضرائب - ضرائب - ضرائب - ضرائب - ضرائب - ضرائب - ضرائب - ضرائب - ضرائب - ضرائب - ضرائب - ضرائب - ضرائب - ضرائب - ضرائب - عدالة اجتماعية - قانون - قانون - قانون - قانون - قانون - قانون - ملكية - ملكية نص الحكم
------------------
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة فى يوم السبت 7 سبتمبر سنة 1996 الموافق 23 ربيع الآخر سنة 1417 ه
برئاسة السيد المستشار الدكتور/ عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: فاروق عبد الرحيم غنيم وعبدالرحمن نصير وسامى فرج يوسف ومحمد على سيف الدين وعدلى محمود منصور ومحمد عبدالقادر عبدالله
وحضور السيد المستشارالدكتور/ حنفى على جبالى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ حمدى أنور صابر أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 9 لسنة 17 قضائية "دستورية"
المقامة من
السيدة / نائب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب للشركة المصرية الأمريكية للبويات والدهانات
ضد
- السيد / رئيس الجمهورية
- السيد / رئيس مجلس الوزراء
- السيد / وزير المالية
الإجراءات
فى الخامس عشر من فبراير سنة 1995 أودعت الشركة المدعية قلم كتاب المحكمة صحيفة هذه الدعوى طالبة الحكم بعدم دستورية نصى المادتين 83، 86 من قانون ضريبة الدمغة الصادر بالقانون رقم 111 لسنة 1980•
قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى•
وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها•
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم•
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة•
وحيث إن الوقائع على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق -تتحصل فى أن المدعية- الشركة الأمريكية للبويات والدهانات -كانت قد أقامت ضد المدعى عليه الثالث بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الضرائب، الدعوى رقم 103 لسنة 1992 ضرائب كلى شمال القاهرة، طعنا على قرار لجنة الطعن رقم 99لسنة 1990 بتحديد ضريبة الدمغة النسبية التى تلتزم بأدائها، وطلبت فى دعواها هذه الحكم بأحقيتها فى التمتع بإعفاء رأسمالها من الخضوع لهذه الضريبة لمدة عشر سنين من تاريخ تأسيسها، وعدم سريان تلك الضريبة على الزيادة فى رأس مالها بالتالى• إلا أن محكمة شمال القاهرة قضت برفض الدعوى، فطعنت الشركة على هذا الحكم بالاستئناف رقم 1482 لسنة 111 قضائية • وأثناء نظره دفعت بعدم دستورية نص المادة 83 من قانون ضريبة الدمغة النسبية الصادر بالقانون رقم 111 لسنة 1980• وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع، وصرحت برفع الدعوى الدستورية، فقد أقامت المدعية الدعوى الماثلة•
وحيث إن المدعية وإن ضمنت صحيفة دعواها الدستورية، الطعن بعدم دستورية المادتين 83، 86 من قانون ضريبة الدمغة، إلا أن من المقرر -وعلى ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة -أن الدعوى الدستورية، ينحصر نطاقها فى النصوص القانونية التى دفع خصم أمام محكمة الموضوع بعدم دستوريتها، وفى حدود ترجيحها لمنطقية المطاعن الموجهة إليها، تقديراً بأن المسائل الدستورية التى أثارها هذا الدفع، هى التى قدر الحكم الصادرعنها جديتها، والتى اتصل بها تصريحها برفع الدعوى الدستورية • إذ كان ماتقدم، وكان هذا الدفع قد تعلق بنص المادة 83 من قانون ضريبة الدمغة دون غيرها، فإن الدعوى الدستورية لاتدور إلا حولها، ولا شأن لها بغيرها من النصوص القانونية التى تضمنها هذا القانون•
وحيث إن المادة 83 المطعون عليها، وإن ألغتها المادة الأولى من القانون رقم 115 لسنة 1995 اعتباراً من تاريخ العمل بها فى أول يناير 1996، إلا أن إلغاء المشرع لقاعدة قانونية بذاتها - وعلى ماجرى به قضاء هذه المحكمة -لايحول دون الطعن عليها بعدم الدستورية من قبل من طبقت عليه خلال فترة نفاذها - ومن بينهم المدعية - وترتبت بمقتضاها آثار قانونية بالنسبة إليه تتحقق بإبطالها مصلحته الشخصية المباشرة، ذلك أن الأصل فى القاعدة القانونية، هو سريانها على الوقائع التى تتم فى ظلها وحتى إلغائها، فإذا ألغيت هذه القاعدة، وحلت محلها قاعدة قانونية أخرى، فإن القاعدة الجديدة تسرى من الوقت المحدد لنفاذها، ويقف سريان القاعدة القديمة من تاريخ إلغائها، وبذلك يتحدد النطاق الزمنى لسريان كل من هاتين القاعدتين، فما نشأ مكتملاً فى ظل القاعدة القانونية القديمة من المراكز القانونية وجرت آثارها خلال فترة نفاذها، يظل خاضعا لحكمها وحدها•
وحيث إن من المقرر -وعلى ماجرى به قضاء هذه المحكمة- أنه لايجوز الخلط بين الملتزم أصلاً بالضريبة، وبين من اعتبره المشرع مسئولاً عن توريدها، بل يتعين التمييز بينهما، فلايكون الشخص ملتزماً أصلاً بها، إلا إذا توافرت بالنسبة إليه الواقعة التى أنشاتها، والتى يتمثل عنصراها فى المال المحمل بعبئها -والمتخذ وعاء لها- ثم وجود علاقة بين هذا المال وشخص معين، ليكون اجتماعهما معا مُظهرا للالتزام بالضريبة من خلال تحديد المشرع لظروفها الموضوعية والشخصية • ولايكون الشخص مسئولا عن الضريبة إلا إذا كان وفاؤه بها تابعا للالتزام الأصلى بأدائها، ليبقى بوجوده ويزول بانقضائه، وشرط ذلك أن تكون علاقة المسئول عن الضريبة فى شأن المال المتخذ وعاء لها -وهو العنصر الموضوعى فى الضريبة- منتفية•
وحيث إنه إذ كان ما تقدم، وكانت الضريبة التى فرضتها المادة 83 المطعون عليها على الأوراق المالية والحصص والأنصبة التى حددتها، لايتحمل بها أصلا إلا أصحابها الذين يملكونها - على ما تنص عليه الفقرة الأولى من المادة 86 من قانون هذه الضريبة - إلا أن الفقرة الثانية من المادة 86 ذاتها، تقيم إلى جانبهم مسئولين عنها يلتزمون -فى الموعد المحدد بها- بتوريدها إلى مصلحة الضرائب ضمانا لتحصيلها، وتوقيا للتحايل عليها أو التخلص منها، وتأمينا لانتظام جبايتها وسرعتها، والتقليل من تكلفتها• متى كان ذلك، وكانت الشركات والهيئات التى صدرت عنها الأوراق المالية والحصص والأنصبة محل الضريبة، هى التى اعتبرتها الفقرة الثانية من المادة 86 من قانونها، مسئولة عن توريدها إلى الخزانة العامة؛ وكانت مسئوليتها هذه تدور وجودا وعدما مع وجود الضريبة ذاتها أو زوالها، فإن مصلحتها فى الطعن عليها بمقولة مجاوزتها الحدود التى رسمها الدستور للضريبة العامة، وأن عبئها يظل واقعا فى ميزانيتها، مقتطعا جانبا من مواردها، حائلا دون استثمارها فى وقت ملائم، ولو أمكنها بعد دفعها من الرجوع بها واقتضائها من الملتزمين أصلا بها، تكون قائمة•
وحيث إن المادة 83 المطعون عليها -بعد تعديلها- تنص على مايأتى: - "تستحق ضريبة سنوية على السندات أيا كانت جهة إصدارها وجميع الأسهم والحصصص والأنصبة الصادرة من الشركات المصرية سواء أكانت مساهمة أو توصية بالأسهم أو ذات مسئولية محدودة، وسواء مثلت تلك الأسهم والحصص والأنصبة والسندات فى صكوك أو لم تمثل، وسواء سلمت الصكوك إلى أصحابها أو لم تسلم وذلك على النحو التالى :- ( أ ) نسبية: ثمانية فى الألف من متوسط السعر خلال الستة أشهر السابقة على تاريخ استحقاق الضريبة، وذلك بالنسبة للأوراق المالية المقيدة والمتداولة فى البورصة• (ب) نسبية : اثنا عشر فى الألف من القيمة الاسمية للأوراق غير المقيدة فى البورصة أو المقيدة بها، التى ترى مصلحة الضرائب أن العمليات التى تمت بشأنها فى البورصة من القلة بحيث لايمثل متوسط أسعارها القيمة الحقيقية لها • (ج) نسبية: اثنا عشر فى الألف من قيمة رأس مال الشركات المساهمة وذات المسئولية المحدودة غير الممثل فى أسهم أو حصص أو أنصبة • (د) نوعية: مائة وثمانون قرشاً بالنسبة لحصص التأسيس غير المقيدة فى البورصة أو المقيدة بها، التى ترى مصلحة الضرائب أن العمليات التى تمت بشأنها فى البورصة من القلة بحيث لايمثل متوسط أسعارها القيمة الحقيقية لها•
وتخفض الضريبة إلى النصف خلال السنتين الأوليين من تاريخ تأسيس الشركة"-
وحيث إن المادة 85 من قانون ضريبة الدمغة، تنص كذلك على أن تسرى الضريبة من تاريخ مزاولة الشركة عملها، أو من تاريخ صدور القرار المرخص فى تأسيسها، أو من تاريخ نشر المحرر الذى أسست بمقتضاه، أى هذه التواريخ أسبق•
وحيث إن المذكرة الإيضاحية التى صاغها مشروع هذه الضريبة، تدل على انصرافها إلي الأوراق المالية الصادرة عن شركات المساهمة، ماكان منها تابعا للقطاع العام أو الخاص، وكذلك إلى مايصدر عنها من أسهم خلال السنة لمقابلة الزيادة فى رأسمالها، ولو لم تمثل أسهمها فى صكوك تدل عليها، وتعتبر سندا مثبتا لملكيتها، بل ولولم يجر تسليمها لأصحابها، فضلاً عن أن مانص عليه المشروع من استحقاق الضريبة من تاريخ مزاولة الشركة نشاطها، أو اعتباراً من تاريخ تأسيسها أيهما أسبق، مؤداه أنها تستحق "قبل أن تولد الشركة "قانونا" فلا يكون القول بضرورة تمثيل الأسهم في صكوك تم تسليمها لأصحابها، إلا لغوا•
وحيث إن البين من مضبطة الجلسة الثامنة والخمسين المعقودة فى 13/3/1995 والتى ناقش مجلس الشعب فيها، مشروع إلغاء نص المادة 83 التى كان قد فرض بها ضريبة الدمغة النسبية على الأوراق المالية، أن الضرائب بوجه عام ينبغى ألا تكون مجرد الجباية هدفها، بل يتعين ألا تعوق الاستثمار، وأن تكون حافزا للادخار، كافلة للعدالة الاجتماعية، فلا تكون عبئا غير مقبول، ولاتخالطها عشوائية تفقدها مبرراتها، وأن إلغاءها - وعلى رأسها ضريبة الدمغة النسبية على رأس المال - كان مطلباً ثابتا للجنة الخطة والموازنة بمجلس الشعب، لاسيما وقد اعتبر المشرع الشركة أو الهيئة التى صدرت عنها الأوراق المالية، مسئولة عن توريد هذه الضريبة،رغم التزام أصحابها أصلا بها، ودون ما اعتداد بما إذا كان نشاطها قد حقق ربحا أم آل إلى خسارتها • وقد أقر رئيس الجمهورية وجهة النظر التى تدعو لإلغائها، وقرروزير المالية فى بيانه أمام المجلس ، أنها تفرض على رأس المال المصدر - لا المدفوع - وأنها تحصل فى بداية كل سنة من المسئولين عن توريدها، سواء بدأ العمل فى شركاتهم أو لم يبدأ، وأيا كان ناتج نشاطها • وحين سئل عن كيفية تعويض حصيلتها إذا ما تقرر إلغاؤها، أفاد بأن فرص الاستثمار ودعمها وتشجيعها، هى التي تكفل التعويض المرجو، بالنظر إلى العمالة الأكبر التى توفرها، والقاعدة الإنتاجية الأعرض التى تقيمها، والتى ينمو الدخل فى ظلها، وينكمش معها التضخم، ويزداد الممولون وعيا وعددا•
وحيث إن المدعية وآخرين ممن أدانو الضريبة محل النزاع الماثل، أقاموا مناعيهم فى شأنها على سند من أن الأصل فى الضريبة، أن يكون محلها إيرادا دوريا منتظما، وهو مايعنى أن يكون وعاؤها دخلا مطردا متجددا، وأن يظل وعاؤها قائما، فإذا زال بعد وجوده، أو كان غير محقق الوجود، أو كان استمرار تطبيقها مفضيا إلى تآكله، كان فرضها منافيا للدستور • وإذا جاز أن يكون رأس المال محلا للضريبة ليقع عليه عبؤها، فذلك فى الظروف الاستثنائية، ولمرة واحدة • والضريبة المطعون عليها وإن كان ظاهرها لينا، إلا أن حقيقتها استنفاد لوعائها إذا استطال زمنها، فقد فرضها المشرع أصلا وابتداء على من يملكون أوراقا مالية أو حصصا أو أنصبة، ليؤديها هؤلاء من وعائها ممثلا فى قيمتها، وهو مايعنى حَمْلهم على اقتطاعها منه بغير حكم قضائى، وانصرافا عن مفهوم الادخار الذى اعتبر الدستور حمايته، والحض عليه، واجبا وطنيا، وتخليا عن اتسامها بالعدالة الاجتماعية التى أقامها بنيانا لكل ضريبة، وإهداراً لصون الملكية الخاصة التى تقوم فى جوهرها على رأس المال غير المستغل، والتى لايجوز المساس بها إلا استثناء، وفى الحدود التى نص الدستور عليها، ليكون فرض الضريبة المطعون عليها منافيا لمواده 34 و38 و39•
وحيث إن ما ذهبت إليه هيئة قضايا الدولة، من أن الملتزمين أصلاً بالضريبة، كان بوسعهم تجنبها لو أنهم وجهوا أموالهم لاستثمارها عن غيرطريق الأوراق المالية التى حددتها المادة 83 من قانون الضريبة مردود، بأن مصادرة حرية الفرد فى اختيار الطريق الأفضل وفق تقديره لاستثمار أمواله، يناقض الحرية الشخصية التى اعتبرها الدستور حقا طبيعيا لايقبل تنازلا، غائرا فى النفس البشرية، كافلاً إنسانيتها • والأصل فى كل عمل أن يكون مشروعا، ولاتخرج بعض الأعمال من دائرة التعامل إلا إذا حظرها المشرع، فإذا كان التعامل فى أموال بذاتها جائزا، وكان استثمارها فى نشاط معين ممكنا قانونا، فإن الحمل على عدم ولوجها - من خلال الضريبة - يردها إلى دائرة عدم المشروعية، ويبلور منافاتها للعدالة الاجتماعية • والقول بأن مناعى المدعية خوض من جانبها فى السياسة الضريبية التى يستقل المشرع بتقديرها مردود، بأن الدستور قدر خطورة الضريبة العامة - وتندرج تحتها الضريبة المطعون عليها - بالنظر إلى تعلقها بجماهير غفيرة، ومساسها المباشر بمصالحها وتأثيرها بوجه عام فى الأوضاع الاقتصادية، وكان لازما بالتالى أن تراقبها هذه المحكمة -إذا ما طعن عليها- ضمانا لفرضها لمصلحة لها اعتبارها، وبمراعاة الأسس الموضوعية التى تقيم بنيانها الحق، وعلى ضوء معايير تكفل عدالتها اجتماعيا، وتتحدد على ضوئها جميعاً مشروعيتها الدستورية، وعلى الأخص فى مجال اتصال أهدافها بمضمون النصوص القانونية التى فرضتها•
وغير صحيح كذلك فى القانون، ماتدعيه هذه الهيئة، من أن الضريبة المطعون عليها يبررها أنها تتناول مستثمرين يتداولون رءوس أموال بذاتها ويضاربون عليها من خلال بورصة الأوراق المالية التى تكفل لهذا النوع من الاستثمار استمراره وتطويره، ومن ثم كان إسهامهم فى أعباء إنشائها لازما• غير صحيح ماتقدم، ذلك أن تداول الأوراق المالية التى حددتها المادة 83 من قانون هذه الضريبة، ليس شرطا لاستحقاقها، بل تتناول الضريبة قيم رءوس أموال بذاتها -سندا أو سهما أو حصة أو نصيبا- ولو لم تصدر صكوكها، بل ولولم يجر تسليمها لأصحابها • ولاشأن لضريبة الدمغة النسبية بما يمكن أن يتولد عن رءوس الأموال هذه من إيراد، بل يعتبر هذا الإيراد دخلا لها، ينضم إلى غيره من الدخول التى يحققها الشخص، ليخضع صافى مجموعها، للضريبة السنوية التى فرضها قانون الضريبة على الدخل الصادر بالقانون رقم 178 لسنة 1993•
وحيث إن ما ذهبت إليه هيئة قضايا الدولة، من أن الضريبة المطعون عليها نوع من الزكاة مردود، بأن الزكاة فرضتها النصوص القرآنية، لا النصوص التشريعية الوضعية التى ترتد الضريبة المطعون عليها إليها فى مصدرها • والزكاة كذلك - وباعتبارها من الأركان الأساسية للعقيدة الإسلامية - لايجوز العدول عنها، ولا التعديل فى أحكامها المقطوع بثبوتها ودلالتها، خلافا لكل ضريبة إذ يجوز دوما النظر فيها، وتغيير بنيانها، بل وإلغاؤها • والضريبة والزكاة مختلفتان -نطاقا وعلة- وهما بالتالى متغايرتان، وتحملهما معا، لامخالفة فيه للدستور•
وحيث إن الضريبة المطعون عليها ضريبة عامة، لايقتصر نطاق تطبيقها على رقعة إقليمية معينة تنبسط عليها دون سواها، ويتحدد المخاطبون بها فى إطار هذه الدائرة وحدها• بل يعتبر تحقق الواقعة المنشئة لها على امتداد النطاق الإقليمى للدولة -وبغض النظر عن تقسيماتها الإدارية- مرتبا لدينها فى ذمة الممول، بما مؤداه تكافؤ الممولين المخاطبين بها فى الخضوع لها دون تمييز، وسريانها بالتالى -بالقوة ذاتها- كلما توافر مناطها فى أية جهة داخل الحدود الإقليمية للدولة• ولايعنى ذلك أن يتماثل الممولون فى مقدار الضريبة التى يؤدونها، بل يقوم التماثل على وحدة تطبيقها من الناحية الجغرافية، فالتكافؤ أو التعادل بينهم ليس فعليا، بل جغرافيا•
وحيث إن الدستور أعلى شأن الضريبة العامة، وقدر أهميتها بالنظر إلى خطورة الآثار التى ترتبها، وبوجه خاص من زاوية جذبها لعوامل الإنتاج، أو طردها أو تقييد تدفقها، وما يتصل بها من مظاهر الانكماش أو الانتعاش، وتأثيرها بالتالى على فرص الاستثمار والادخار والعمل وتكلفة النقل وحجم الإنفاق؛ وكان الدستور -نزولاً على هذه الحقائق واعترافاً بها- قد مايز بين الضريبة العامة وغيرها من الفرائض المالية، فنص على أن أولاهما لايجوز فرضها أو تعديلها أو إلغاؤها إلا بقانون، وأن ثانيتهما يجوز إنشاؤها فى الحدود التى يبينها القانون • ولازم ذلك أن السلطة التشريعية هى التى تقبض بيدها على زمام الضريبة العامة، إذ تتولى بنفسها تنظيم أوضاعها بقانون يصدر عنها، متضمنا تحديد نطاقها، وعلى الأخص من خلال تحديد وعائها وأسس تقديره، وبيان مبلغها، والملتزمين أصلاً بأدائها، والمسئولين عنها، وقواعد ربطها وتحصيلها وتوريدها، وكيفية أدائها، وغير ذلك مما يتصل ببنيان هذه الضريبة، عدا الإعفاء منها، إذ يجوز أن يتقرر فى الأحوال التى يبينها القانون• وحيث إنه متى كان ماتقدم، فإن نص القانون يعتبر مصدراً مباشراً للضريبة العامة، إذ ينظم رابطتها محيطاً بها فى إطار من قواعد القانون العام، متوخيا تقديراً موضوعياً ومتوازناً لمتطلبات وأسس فرضها، وبمراعاة أن حق الدولة فى إنشائها لتنمية مواردها ينبغى أن يقابل بحق الملتزمين أصلاً بها، والمسئولين عنها، فى تحصيلها وفق أسس موضوعية، يكون إنصافها نافياً لتحيفها، فلا تتسم بوطأة الجزاء بما يباعد بينها وبين الأغراض المالية التى ينبغى أن تتوخاها أصلاً، ولايناقض معدلها وأحوال فرضها الضوابط اللازمة لعدالتها الاجتماعية •
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الدستور -إعلاء من جهته لدور الملكية الخاصة- كفل بالمادتين 32 و34 حمايتها لكل فرد -وطنياً كان أم أجنبياً، ولم يجز المساس بها إلا على سبيل الاستثناء- وفى الحدود التى يقتضيها تنظيمها - باعتبارها عائدة فى الأعم من الأحوال إلى جهد صاحبها، بذل من أجلها الوقت والعرق والمال، وحرص بالعمل المتواصل على إنمائها، وأحاطها بما قدره ضرورياً لصونها، معبدا بها الطريق إلى التقدم، كافلاً للتنمية أهم أدواتها، محققاً من خلالها إرادة الإقدام، هاجعا إليها لتوفرظروفاً أفضل لحرية الاختيار والتقرير، مطمئنا فى كنفها إلى يومه وغده، مهيمناً عليها ليختص دون غيره بثمارها ومنتجاتها وملحقاتها، فلا يرده عنها معتد، ليعتصم بها من دون الآخرين، وليلتمس من الدستور وسائل حمايتها التى تعينها على أداء دورها فى إطار وظيفتها الاجتماعية• ومن ثم ساغ تحميلها بالقيود التى تتطلبها هذه الوظيفة التى تمليها طبيعة الأموال محل الملكية، والأغراض التى ينبغى رصدها عليها، محددة على ضوء واقع اجتماعى معين، فى بيئة بذاتها لها مقوماتها وتوجهاتها، وبمراعاة أن القيود التى يفرضها الدستور على حق الملكية للحد من إطلاقها، لا تعتبر مقصودة لذاتها، بل غايتها خير الفرد والجماعة•
وحيث إن الحماية التى أظل بها الدستور الملكية الخاصة لضمان صونها من العدوان، تمتد إلى الأموال جميعها دون تمييز بينها، باعتبار أن المال هو الحق ذو القيمة المالية، سواء أكان هذا الحق شخصياً أم عينياً، أم كان من حقوق الملكية الأدبية والفنية أو الصناعية؛ وكان لايجوز على ضوء هذه الحماية، فرض ضريبة على رءوس أموال المكلفين بها بما يجتثها أو يقلصها إلى حد كبير، لتخرج بتمامها أو فى كثير من أجزائها من يد أصحابها، مما يفقد الضريبة وظيفتها الأساسية بوصفها "إسهاماً منطقياً" من الملتزمين بأدائها فى تحمل نصيبهم من الأعباء العامة لتغطية تكلفتها• والأدق أن يقال أن ضريبة على هذا النحو، عدوان على رءوس هذه الأموال، ينال من قيمتها، ويحول دون تراكمها لبناء قاعدة اقتصادية أعرض• ومن ثم كان للضريبة مجال طبيعي يتصل بتطبيقاتها فى الأعم من الأحوال، وذلك من خلال ربطها بصور الإيراد التى يقدر المشرع ملاءمة إخضاعها للضريبة، ليكون الدخل بذلك محوراً لها، ناجماً عن استثمار رءوس الأموال فى ألوان من التعامل جائزة قانوناً، وهو ماىعنى أن الدخل -وباعتباره ايراداً متجدداً- يمثل من الضريبة مجالها الأكثر فاعلية، سواء كان هذا الإيراد ناجماً عن قيم منقولة، أم عن المهن غير التجارية، أم عن الثروة العقارية، أم كان مرتباً أم ربحاً صافياً محققاً من غير ذلك من المصادر، ومن ثم كان الدخل وعاء أساسياً للضريبة، متطلباً فيها كشرط مبدئى لموضوعيتها وعدالتها• ولايجوز بالتالى أن تكون رءوس الأموال ذاتها وعاء لها، إلا بصورة استثنائية لا تعطل حقاً دستورياً، وبقدر الضرورة، وبما لا ينتزعها أو يؤول إلى تآكلها، ويفترض ذلك لزوماً الا يكون تطبيق الضريبة التى فرضها المشرع عليها ممتداً فى الزمان إلى غير حد، ولا أن تكون لها وطأة الجزاء، ولا أن "تظلها أغراض الجباية" لتهيمن عليها محددة مسارها•
وحيث إنه متى كان ذلك، وكان قانون ضريبة الدمغة المطعون عليها، قد فرضها على رءوس أموال بذواتها - سنداً أوسهماً أو حصة أو نصيباً - فاعتبرها وعاء لها محملاً أصحابها بعبئها بوصفهم ملتزمين أصلاً بها، بما مؤداه ربط الضريبة بقيم هذه الأصول واقتضائها منها، فلا تزايلها أو تتحول عنها، ليكون إسناد الضريبة إليها - واطراد زمن تطبيقها - عاصفاً بها أو محدداً مجال حركتها، باعتبارها ضماناً لتحصيل الضريبة التى فرضها المشرع فى شأنها• وهى بعد ضريبة يستأديها من أصحابها سنوياً -ومقدماً- بناءً على مجرد تملكهم لها، ومن ثم تكون "واقعة الملكية" - فى ذاتها - هى المنشئة للضريبة المطعون عليها• وسواء كانت الأسهم أو السندات أو الحصص أو الأنصبة التى حملها المشرع بعبئها، تغل أو لا تنتج دخلاً، فليس لدخلها -وجوداً أو عدماً- من أثر على نفاذ الضريبة المطعون عليها، بل يظل رأس المال المحمل بها، وعاء لها، وسعرها منسوباً إلى قيمته الاسمية أو الفعلية، ومبلغها مستنزلا من قيم هذه الأموال ذاتها انتهاء إلى امتصاصها، بما يعيبها دستورياً ويفقدها مقوماتها، ليحيلها عدماً، ذلك أن الضريبة التى يكون أداؤها واجباً قانوناً - وعلى ما تنص عليه المادتان 61 و 119 من الدستور -هى التى تتوافر لها قوالبها الشكلية، وإلى جانبها أسسها الموضوعية محدد مفهومها على ضوء العدالة الاجتماعية، التى تعتبر محوراً لتنظيم الضريبة فى الحدود المنصوص عليها فى المادة 38 من الدستور•
وحيث إن منافاة الضريبة المطعون عليها للعدالة الاجتماعية، تبدو كذلك من زاوية اتصال تطبيقها بالمسئولين عن أدائها، وهى الهيئة أو الشركة المصدرة للورقة المالية (سهماً كانت أم سنداً) أو للحصة أو النصيب، ذلك أن الفقرة الثانية من المادة 86 من قانون هذه الضريبة، تلزمها بأن تؤديها إلى مصلحة الضرائب خلال الخمسة عشر يوماً الأولى من يناير من كل سنة، ليقوم التزامها بتوريد هذه الضريبة إلى جوار المدينين أصلا بها وفقاً لفقرتها الأولى، وهم أصحاب هذه الأوراق أو الحصص أو الأنصبة التى افترض المشرع قيام صله بينها وبينهم تسوغ حملها على توريد الضريبة إلى جانبهم، وهى صلة واهية انتحلها المشرع تقوية من جهته لضمان إيفاء الضريبة فى موعدها وتيسيراً لتحصيلها، ذلك أن الضريبة المطعون عليها -وعلى ماتقدم- محلها أوراق مالية أو حصص أو أنصبة أخرجتها الهيئة أو الشركة المصرية التى أصدرتها من ملكيتها، بنقلها الحق فيها إلى آخرين• وإصدراها لها يفصلها عنها، وليس لها من شأن بتداولها ولابما ينجم عن التعامل فيها من إيراد، بل مرد ومردود ذلك إلى أصحابها• بيد أن قانون هذه الضريبة، حمل الجهه المصدرة لها بعبئها، وجعلها مسئولة عن توريدها من رأسمالها المصدر الذى قد يزيد كثيراً على رأس مالها المدفوع، وألزمها بأدائها مقدماً، سواء أكان العمل بها قد بدأ، أم كان لازال فى مرحلة التحضير، وسواء كان نشاطها قد مضى قدماً محققاً ربحا، أم كان متعثراً متراجعاً كاشفاً عن خسائر أصابتها مهما بلغ عمقها ومداها، وسواء كان وجودها قانونا محققاً، أم كان كيانها غير مكتمل، بما مؤداه إضرار الضريبة المطعون عليها بمركزها المالى ، وتسويئها لفرص توجيهها لجهودها، وحشدها لتحقيق الأغراض التى تقوم أصلا عليها• وقد دل المشرع على أن سعيه لتحصيل الضريبة، كان توجهاً نهما بما نص عليه فى المادة 85 من قانونها من سريانها اعتباراً من تاريخ مزاولة الشركة لعملها، أو من تاريخ صدور القرار المرخص فى تأسيسها، أو اعتباراً من نشر المحرر المتعلق بتأسيسها، أيها أسبق زمناً، لتكون الجباية فى ذاتها هدفاً منظوراً ورئيسياً لهذه الضريبة، فلا تمتد إليها حماية الدستور، وهو ماجرى عليه قضاء هذه المحكمة التى تقرر "ليس ثمه مصلحة مشروعة ترتجى من وراء إقرار تنظيم تشريعى يتوخى مجرد تنمية موارد الدولة من خلال فرض ضريبة تفتقر إلى قوالبها الشكلية أو لاتتوافر - فى أركانها ودوافعها - الأسس الموضوعية التى ينبغى أن تقوم عليها، ذلك أن جباية الأموال فى ذاتها، لاتعتبر هدفاً يحميه الدستور، بل يتعين أن تتم وفق قواعده وبالتطبيق لأحكامه"•
وحيث إن المشرع عزز اتجاهه إلى تحصيل الضريبة المطعون عليها، بغض النظر عن عواقبها بما نص عليه فى البند (ب) من المادة 83 من قانونها من فرضها على القيمة الاسمية للأوراق غير المقيدة فى البورصة أو المقيده بها "التى ترى مصلحة الضرائب أن العمليات التى تمت بشأنها من القلة بحيث لايمثل متوسط أسعارها القيمة الحقيقية لها" بما مؤداه، أنه حتى ولو أسفرت العمليات التى جرت فى شأن الورقة المالية، عن تضاؤل قيمتها، فإن قلة هذه العمليات -وفق تقدير الجهه الدائنة بالضريبة - تخولها محاسبة الملتزمين أصلا بها، والمسئولين عن أدائها، على ضوء القيمة الاسمية -لا الفعلية- للورقة المالية • وهى عين القاعدة التى التزمها المشرع فى شأن ضريبة الدمغة النوعية التى فرضها على حصص التأسيس وفقاً للبند (د) من المادة 83 المشار إليها• وحيث إن الأصل أن يتوخى المشرع بالضريبة التى يفرضها أمرين، يكون أحدهما أصلاً مقصوداً منها ابتداءً Primary Motive، ويتمثل فى الحصول على غلتها لتعود إلى الدولة وحدها، تصبها فى خزانتها العامة لتعينها على مواجهة نفقاتها • ويكون ثانيهما مطلوباً منها بصفة عرضية أو جانبية، أو غير مباشرة Incidential Motive كاشفاً عن طبيعتها التنظيمية Regulatary Nature ، دالاً على التدخل بها لتغيير بعض الأوضاع القائمة، وبوجه خاص من خلال تقييد مباشرة الأعمال التى تتناولها، أو حمل المكلفين بها - عن طريق عبئها - على التخلى عن نشاطهم، وعلى الأخص إذا كان مؤثماً جنائياً، كالتعامل فى المواد المخدرة • وهذه الآثار العرضية للضريبة كثيراً ماتلازمها، وتظل للضريبة مقوماتها من الناحية الدستورية، ولا تزايلها طبيعتها هذه، لمجرد أنها تولد آثاراً عرضية بمناسبة إنشائها•
وحيث إن الضريبة المطعون عليها -ومن زاوية آثارها العرضية- تلحق بفرص الاستثمار أفدح الأضرار، وهى كذلك تعوق الادخار الذى اعتبره الدستور واجباً قومياً، وليس أدل على ذلك، من أن وزير المالية حين سئل عن كيفية تعويض حصيلتها بعد إلغائها، كان قاطعاً فى أن إلغاءها يوفر ظروفاً أفضل للاستثمار، تزداد بها العمالة، وينكمش معها التضخم، ويدور فى نطاقها رأس المال، من خلال قاعدة إنتاجية أعرض، كاشفاً بذلك عن أن فرض هذه الضريبة كان عملاً عشوائياً منافياً لعدالتها الاجتماعية، مجاوزاً الحدود التى يكون فيها أداؤها واجباً قانوناً، معطلاً دورها فى مجال تحقيق الكفاية والعدل اللذين جعلهما الدستور أساسا للنظام الاقتصادى، وغدا تحصيلها بالتالى مجرد جبابة لا ضابط لها ولايستقيم بنيانها وفق الأسس الموضوعية التى لاتقوم الضريبة دستورياً فى غيابها•
وحيث إنه متى كان ماتقدم، فإن النص المطعون فيه يكون مخالفاً أحكام المواد 4 و32 و34 و38 و39 و119 و120 من الدستور•
وحيث إن المواد 84 و85 و86 و87 من قانون هذه الضريبة - قبل إلغائها - ترتبط بنص المادة 83 المطعون عليها ارتباطاً لايقبل التجزئة، بحيث لايمكن فصلها عنها أو تطبيقها استقلالاً، فإنها تسقط جميعا تبعاً لإبطال النص المطعون فيه، ولاتقوم لها من بعد من قائمة•
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية نص المادة 83 من قانون ضريبة الدمغة الصادر بالقانون رقم 111 لسنة 1980 وبسقوط مواده 84 و85 و86 و87 المرتبطة بها، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة•
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Facebook Comments by: ABDU_GO - شركة الإبداع الرقمية
كافة الحقوق محفوظة لـ منتدى المراجع المصرى/المحاسب القانونى محمد صفوت