أهلا وسهلا بكم في منتدى المراجع المصرى/المحاسب القانونى محمد صفوت نتمنى لكم اجمل الاوقات برفقتنا
ضع وصفاً للصورة الأولى الصغيره هنا1 ضع وصفاً للصورة الثانية الصغيره هنا2 ضع وصفاً للصورة الثالثه الصغيره هنا3 ضع وصفاً للصورة الرابعه الصغيره هنا4
العودة   منتدى المراجع المصرى/المحاسب القانونى محمد صفوت > منتدى المحاماه والقوانين والتشريعات > فلسفة القانون وتاريخه
« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: مفهوم الدعم والمقاومة (آخر رد :دعاء يوسف علي)       :: أفضل أنواع التداول (آخر رد :دعاء يوسف علي)       :: خطوات التسجيل في فرنسي تداول (آخر رد :دعاء يوسف علي)       :: شروط تسجيل عضوية بموقع حراج (آخر رد :دعاء يوسف علي)       :: رسوم الحساب الاستثماري في تداول الراجحي (آخر رد :دعاء يوسف علي)       :: اعتماد العزل (آخر رد :مروة مصطفي)       :: شركة امتلاك (آخر رد :مروة مصطفي)       :: كيفية شراء الاسهم الامريكية الحلال (آخر رد :سلمي علي)       :: طريقة تحويل العملات المختلفة (آخر رد :سلمي علي)       :: حجابات شيفون (آخر رد :سلمي علي)      

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10-31-2013, 07:55 AM
مصطفى احمد مصطفى احمد غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2013
المشاركات: 1,100
افتراضي اللامركزية الادارية والتحول الديمقراطي



اللامركزية الادارية والتحول الديمقراطي

يختلط ويتداخل لدى الكثير مفهوم اللامركزية السياسية بمفهوم اللامركزية الادارية وهما في الحقيقة امران مختلفان، فاللامركزية السياسية لا توجد سوى في الدول المركبة التي تتوزع فيها السلطة والقوة والسيادة والحكم بين العديد من المراكز القانونية والسياسية طبقاً للصيغة الدستورية والسياسية التي تقوم عليها مثل هذه الدولة وهي - اي اللامركزية السياسية- لا توجد في الدولة الموحدة او الدولة البسيطة التي تقوم على فكرة الدستور الواحد والسيادة الواحدة والحكومة الواحدة تشريعاً وتنفيذاً وقضاءً ، ابرز مثال على نماذج الدولة المركبة هو نموذج الاتحاد الفيدرالي - الاتحاد المركزي -، ومن اهم وانجح صور الاتحاد الفيدرالي هى الولايات المتحدة الامريكية .

وفيما يتعلق باللامركزية الادارية فهي توجد في كل من الدول المركبة منها والموحدة على السواء و وجودها في الدول المركبة هو من قبيل تحصيل الحاصل لان اللامركزية السياسية فيها تشمل ايضا اللامركزية الادارية ، اما فيما يتعلق بالدول الموحدة فان وجود اللامركزية الادارية يرتبط في وقتنا الحاضر باتجاه اغلب الدول والمجتمعات السياسية المعاصرة نحو الديمقراطية والمشاركة بمفهومها الموسع السياسي والاداري والاجتماعي والاقتصادي وبرغبة اكثر للدول الموحدة في توزيع الوظيفة الادارية بين الحكومة المركزية في العاصمة وبين الهيئات المحلية الاقليمية أو المصلحية المرفقية التي تمارس سلطاتها مستقلة في المسائل الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والخدمية بوجه عام وفي الحدود المرسومة لها من قبل المشرع وتحت رقابة و وصاية الادارة المركزية .

تظهر اهمية تحديد التفرقة بين كل من اللامركزية السياسية واللامركزية الادارية في فترات التحول الديمقراطي خاصة في مصر ذلك انه من شأن الادراك التام لطبيعة ودور وآليات كل منهما رسم معالم ذلك التحول في البناء الدستوري والتشريعي و الذي تسعى القوه الوطنية المختلفة لتحقيقة في الفترة الراهنة ، ومما لا شك فيه ومع تحديد الخط الفاصل بين طبيعة و ماهية كل من اللامركزية السياسية واللامركزية الادارية واخذا في الاعتبار متتطلبات المرحلة الراهنة في البناء الديمقراطي والاقتصادي لمصر ودون اغفال الواقع وخصوصية التجربة المصرية نستطيع ان ندرك ماهية متتطلبتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية وسبل تحقيق تلك المتتطلبات والتتطلعات بشكل علمي ممنهج ودون الانسياق وراء افكار وتجارب قد لا تتلائم والواقع الاجتماعي والاقتصادي المصري .

لن نتعرض لفكرة اللامركزية السياسية في هذا البحث المتواضع الا بالقدر الذي يقتضيه طبيعة البحث والهدف منه وذلك لضرورة وضع الخط الفاصل بين كل من اللامركزية السياسية واللامركزية الادارية .
مما لا شك فيه ان ادراك فكرة اللامركزية الادارية المحلية او الاقليمية يقتضي التعرض للتطور التاريخي الذي مرت به تلك الفكرة في مصر وسوف نرى كيف ان هذا الاسلوب الاداري يضرب بجذوره في تاريخ مصر بل وتأثرت به عدة حضارات منذ القدم و حتى يومنا هذا ، بالرغم من ان الفكرة السائدة لدى الكثيرين ان النظام الاداري المصري كان يرتكز على اسلوب شديد المركزية فمثل هذه الادعاءات تعبر عن ذلك الخلط بين فكرة التنظيم الاداري اللامركزي وفكرة اللامركزية السياسية .
على ضوء العرض المبسط للتطور التاريخي للفكرة ، نتعرض ايضا لهذا النظام من حيث التعريف به واركانه والعناصر التي تميزه عن غيره من الافكار التي قد تتداخل او تتشابه معه وهو ما يقتضي منا وضع الفكرة في الميزان لبحث كل من الانتقادات و المزايا التي اشار اليها كل من خصوم وانصار اللامركزية الاقليمية ، تمهيدا للقيام بتقيم النظام اللامركزي المطبق حاليا في مصر .
وعلى هذا فاننا سوف نعرض اجزاء من هذا البحث مع الحرص على الاشارة لاهم المراجع لمن يحتاج شي من التعمق في مثل هذه الموضوعات
المبحث التمهيدي :- التتطور التاريخي لفكرة اللامركزية الادارية المحلية

المطلب الاول :- ملامح اللامركزية الادارية المحلية في العصور المصرية القديمة

الفرع الاول :- مصر الفرعونية

اقتضت طبيعة الحياة في مصر التي تعتمد على النيل والزراعة ايجاد تنظيم اداري وتقوية السلطة المركزية حيث ارتبط تقدم مصر بقوة السلطة المركزية وتركيز الادارة ولهذا فقد ارتبط التنظيم الاداري في مصر بنظام الحكم السائد ، ففي عهد الحكم المطلق وجدت ادارة مركزية قوية وفي حكم الاقلية تجزأت ادارة البلاد وحينما تحولت الاقاليم الى امارات انهارت الادارة المركزية واستقلت كل امارة بجهازها الاداري فتفككت وحدة البلاد الادارية بالتبعية لتفكك وحدتها السياسية .
ليس معنى ذلك ان مصر لم تعرف نظام اللامركزية الادارية ، فمصر قد عرفت تنظيما اداريا راقيا لا يقل في دقته عن النظم الادارية المتبعة في الدول الحديثة فقد عرفت الادارة المركزية وبجانبها الادارة المحلية في الاقاليم وعرفت كذلك صورة من صور الحكم المحلي وترجع اصول النظام الاداري الى عهد ما قبل عهد الاسرات الا ان هذا التنظيم قد مر بعدة مراحل في مصر الفرعونية وذلك على النحو الاتي

المرحلة الاولى التنظيم الاداري حتى اواخر عهد الاسرة الرابعة ( وحدة التنظيم الاداري ومركزيته )

في بداية الامر لم يميز ملوك الفراعنة بين املاكهم الخاصة والدولة المصرية في مجموعها ومن ثم كان مدير الادارة المالية يشرف على نفقات الحاشية ونفقات الدولة معا ، فالفكرة القائلة بان مصر مملوكة ملكية شخصية للفرعون كانت في الاصل كافية لتبرير سلطة الادارة ، غير انه في فترات لاحقه ظهر ما يسمى الواجب الادبي للفرعون تجاه مصر الدولة والتي ميزت بين ما يخص التاج وبين مايخص الكيان المجرد المعروف باسم الدولة والذي يمثله مجموع السكان والبلاد , يمكن القول ان السمة الغالبة في التنظيم الاداري في مصر الفرعونية هو التنظيم المركزي وهو وان كان تنظيما محكما الا انه لم يمنع من قيام ادارات اقليمية او محلية , ففي بعض الفترات ونتيجة لاتساع الاقاليم وبعدها عن العاصمة مقر السلطة المركزية ظهر ما يسمى رؤساء الاقاليم وتشكل ذلك عن طريق ازدواج منصب الوزير الاول حيث يكون احدهما للوجه البحري والاخر للوجه القبلي كما ظهرت ايضا في قيام الفرعون بتعين نائبا له في بلاد النوبه الغنية بالذهب وتمثلت السلطة اللامركزية في ان هؤلاء الرؤساء كانوا يتلقون تفويضا من الملك او الفرعون يستطيعون من خلاله ان يباشروا سلطة اصدار القرارت على نطاق واسع ، من ناحية اخرى عرف ما يسمى بالمقاطعات او الوحدات الادارية العادية حيث قسمت مصر الى ( 42 ) مقاطعة على رأس كل منها حاكم يطلق عليها لقب ( عزمر ) ومعناه حرفيا ( رئيس حفر الترع ) وهو لقب كان اهم القاب حاكم المقاطعة في بداية الدولة القديمة وتقع على كاهله ادارة مالية المقاطعة والاشراف على خزانتها واحصاء عدد السكان لاغراض ضريبية وتولي شئون المعابد واغراض الملك فحاكم المقاطعة يباشر نيابة عن الفرعون الوظيفة الادارية والقضائية وتعاونه مجموعة كبيرة من الموظفين بل انه في بعض الفترات كان الفراعنة يقسمون المقاطعات الي مراكز لبسط سيطرة اكبر على البلاد , ايضا وجدت ايضا وحدات مصغرة وهى القرية .
اللافت للنظر ان جميع تلك الوحدات الادارية كان يوجد بها مجالس للفلاحيين والصناع والكهنة حيث تباشر تلك المجالس دورا ماليا وقضائيا خاصة فيما يتعلق بتوثيق العقود المختلفة .
واللافت ايضا ان تلك المجالس ورؤساء الوحدات كانوا محاطون برقابة وملاحظة عدد كبير من الموظفيين الملكيين بعضهم كان يقيم في نفس المكان والبعض الاخر كان يتنقل بين الحاشية -الحكومة المركزية - والوحدات الادارية كرسل ومراقبين ومفتشين اضافة الى ان تلك الوحدات كانت تتمتع بقدر بسيط من الاستقلال عن الحكومة المركزية .
( د/ عبد المجيد الحفناوي ، تاريخ النظم القانونية ص 434 - د/ سمير اديب ، موسوعة الحضارة المصرية القديمة ، العربي للنشر والتوزع ، ص 53 وما بعدها )

ايضا يلاحظ ان السمة الغالبة على الادارة في مصر القديمة هى الادارة المركزية التي تتركز في يد الملك او الفرعون واعوانه، مثل هذا التنظيم المحكم الذي فرضته ظروف الحياة في وادي النيل وجعلت منه ظاهرة اجتماعية تميزت بها الامة المصرية منذ اول عصورها التاريخية لا ينفي حقيقة ان تلك المركزية المطلقة جعلت الاداة الحكومية وبخاصة في عصر الدولة القديمة اداة رخوة غير متماسكة بمعنى انه كلما كان الملك قوي الباس شديد البطش كان كبار رجال الدولة المشرفون على شئون الحكم ليسوا الا موظفين اداريين يعملون بوحي من الملك الاله فاذا ضعفت هذه السلطة المركزية او تراخت سرعان ما يشعر هؤلاء بانهم بعيدون عن سلطة الملك فيأخذون في اعتبار انفسهم مستقلين عن العاصمة .

هكذا فانه و على عكس ما قد يتصور البعض من ان فكرة مركزية الادارة تحقق نوعا من الاستقرار والقوة للدولة نجد ان السوابق التاريخية تشهد ان مركزية الادارة كانت احد اسباب ضعف الدولة وانهيارها في حالات كثيرة لارتباط تلك القوة الوهمية المؤقتة التي تحققها المركزية في الحكم والادارة بقوة وسلطة وبطش صاحب هذه السلطة والتي ما يلبس ان تضعف سلطته حتى ينهار البنيان المركزي وتجنح الاقاليم الى الاستقلال والتفتت وهو ما نلحظه على مر التاريخ المصري القديم .
سنحاول في هذا الصدد اقتراح تقسيما نتعرض من خلاله لملامح فكرة اللامركزية في التطبيق العملي في التاريخ المصري القديم يقوم ذلك التقسيم على عرض ملامح فكرة اللامركزية الاقليمية او المحلية او الادارة الاقليمية عبر الاسر الفرعونية وذلك على النحو الاتي :-


اللامركزية الادارية الاقليمية في عصر الدولة القديمة

كانت مصر مقسمة الى مقاطعات منذ فجر التاريخ وكان تقسيم البلاد بهذه الكيفية الاساس في ادارتها غير ان نظم الادارة فيها كانت تتمشى بطبيعة الحال مع تطورات التقدم العمراني الذي يحدث في كل امة ناشئة فتية تسير نحو التقدم ولذلك نشاهد بعد انقضاء العهد الطيبني او الثيني حدوث تغير محسوس في نظام الحكم هو ازدياد سلطان حاكم المقاطعة وذلك امر طبيعي اذ اعطي سلطة واسعة في عهد الفراعنة الضعقاء ولهذ بدأ يعمل على استقلاله من التاج وهذه المحاولات كانت سهلة كلما كانت المقاطعة بعيدة عن العاصمة لان طرق المواصلات لم تكن تسمح للسطة الرئيسية بان تقوم بتحقيقات مستفيضة وقد كانت الطريقة الوحيدة عند الفرعون لتجنب استقلال حكام المقاطعات ان يعتبرهم حكاما قابلين للنقل عدة مرات في اثناء خدمتهم غير ان هذا الحق لم ينفذ فعلا ومنذ ذلك العهد اصبح حاكم المقاطعة بمثابة موظف ثابت في مقاطعته ولذلك كان من الطبيعي ان ينفصل شيئا فشيئا عن التاج واول ظاهرة لذلك ان اخذ حاكم المقاطعة يقطع صلته بالبلاط الملكي فاصبح لا يكون جزءا منه وبعد ان كان يدفن في الجبانة الملكية بالقرب من العاصمة اصبح يقيم لنفسه مصطبة في مقاطعته ليدفن فيها وحوله رجال بلاطه ولقد كان من نتائج هذا التغير ان اصبحت وراثته حكم المقاطعة امر طبيعيا فاخذ حاكم كل مقاطعة يطالب العرش بان يكون ابنه الاكبر هو وارث لوظيفته بعد مماته والظاهر ان الملك لم يمانع في ذلك بل سلم به بسهولة ، هذا العطف اصبح فيما بعد عادة ثم بعد مدة اصبح حقا وبهذه الكيفية تكونت الاسرات الاقطاعية العظيمة .
وقد بقى حاكم المقاطعات يلقب " عزمر " ( رئيس حفر الترع ) كما كان الحال في العهد الطيني ولكن ما لبث ان اضيف له لقبان جديدان هما حاكم المقاطعة او حاكم القصر " حكا حت " ومرشد الارض " سشم تا " ومن منطوق هذين اللقبين يمكن الانسان ان يلاحظ اتجاه حاكم المقاطعة نحو الاستقلال............. .
( د/ سليم حسن ، مصر القديمة ، الجزء الثاني ، ص 34 وما بعدها )
مثل هذا التطور والنفوذ الكبير الذي ترسخ عند حكام الاقاليم مر بعدة مراحل ولعل هذا التطور في نفوذ وقوة حكام الاقاليم والعلاقة بينهم وبين الحكومة المركزية كان له اثرا كبيرا في مدى ما تتمتع به الدولة من قوة واستقرار بل ان الملاحظ كما سوف نرى مدى انعكاس التنظيم الاداري المركزي واللامركزي على استقرار ووحدة الدولة وترابطها ونهضتها في ذات الوقت .


عصر التأسيس او بداية الأسرات ( عصر الأسرتين الاولى والثانية )


عمل الملك مينا وخلفاؤه على الافادة من النظم الادارية التي كانت سائدة في مملكتي الشمال والجنوب فاختاروا اصلحها وعمموا تطبيقها في الشمال والجنوب ويتميز التنظيم الاداري الذي ساد حتى اواخر عهد الاسرة الرابعة بوحدته التامة بعد ان ظفرت البلاد بالوحدة السياسية فالملك هو الذي يتولى الاشراف على جهاز الدولة الاداري ويعاونه في ذلك عدد من الموظفين ويقوم التنظيم الاداري على وجود ادارة مركزية مقرها السراي الملكية في العاصمة ولها فروع متعددة في الاقاليم يشرف عليها حكام الاقاليم ويتولى العمل فيها مجموعة من الموظفين يختارون طبقا لنظام معين ويبدأ الموظف عمله بتولي وظيفة كاتب ثم يتدرج حتى يصل الى اعلى المناصب الادارية والموظف ايا كانت درجته يخضع في تعينه وترقيته وعزله او نقله لارادة الملك الذي يحدد ايضا اختصاصاته .
(تاريخ النظم القانونية د/ صوفي ابو طالب ، ص 313 وما بعدها )

فيما يتعلق بالادارة اللامركزية فكانت الادارة الاقليمية احدى الركائز الاساسية التي ارتكز عليها النظام الاداري في مصر القديمة ، فوظيفة حاكم الاقليم ترتبط ارتباطا وثيقا بتقسيم البلاد الى اقاليم جغرافية ..... فقد كان من المحال في بلد كمصر حيث الزراعة هى اكبر الموارد والحياة فيها متوقفة على فيضان النيل الا تبلغ طريقة الري درجة من الكمال بسرعة فائقة ، ففي الفترة التي بدأ فيها التاريخ كان لابد ان تكون مصر قد خططتها قنوات عديدة محافظة عليها بعناية ولابد في كل مقاطعة من موظف مكلف بالتفتيش على القنوات والمحافظة عليها وعلى تطويرها وربما كان هذا اصل وظيفة حاكم الاقليم ( يلاحظ هنا اصل لقب المشرف على حفر الترع ) الجدير بالذكر انه طوال فترة عصر التأسيس ( العصر الثيني او الطيني ) لم تظهر لحكام الاقاليم شخصية متميزة في الادارة المركزية اذ قدر ان تختفي بجانب ملكية الملك للارض وتعضيد الملكية لنفسها باعمالها واستمدادها لشرعيتها في السلطة بمقتضى الحق الالهي ,,,,,,,,,,,,, حيث كانت الوظيفة التي يضطلع بها حكام الاقاليم بتفويض من الملك ، ولعل هذا التفويض من الحاكم الاله هو الذي يؤكد ان ملامح فكرة اللامركزية الادارية بالمفهوم الحديث لم تتشكل في تلك الفترة طالما ان كافة القرارات كانت تصدر بأسم الملك دون ان يكون هناك قدرا من الاستقلاق في الادارة لحكام الاقاليم .
2- عصور الدولة القديمة من الاسرة الثالثة وحتى نهاية الاسرة السادسة

في عهد الاسرة الثالثة لم تتحدد ايضا بشكل واضح معالم الادارة الاقليمية وان كان اكتسب حكام الاقاليم في مصر العليا لقب ( حاكم القصر الكبير او حاكم البيت الكبير او رئيس القرية او المدينة ) خلافا لحكام الاقاليم في مصر السفلى الذي اقتصر فيها اللقب على حاكم الاقليم او المشرف على حفر الترع .
في عهد الاسرة الرابعة قام ملوكها بالغاء التمايز في الالقاب بين حكام اقاليم مصر العليا ونظرائهم في مصر السفلى حيث قام الملك سنفرو بالغاء القاب حكام الاقاليم التي حملوها في عهد الاسرة الثالثة ولقبهم بلقب شرفي جديد هو ( الاول بعد الملك) وهو لقبا يدل على ان حاكم الاقليم كان تحت ادارة الملك مباشرة وكان المسئول امامه في اقليمه الذي كان يعاونه فيه على ادارته عدد من الموظفين اهمهم رجال القضاء والمالية .

مثل هذا التتطور الشكلي لم يؤثر على جوهر ومضمون وظيفة الحاكم الادارية ولذلك يمكن القول ان النظام الاداري للدولة في عهد الاسرة الثالثة والرابعة لم يختلف عن الاسرات التي سبقتها في هذا المجال .

في عهد الاسرة الخامسة

تتميز عهد الاسرة الخامسة بتطور اداري هام هو تقوية سلطة الوزير كمحاولة من جانب الملوك لمقاومة النزعة الاستقلالية واحتكار الوظائف من جانب الاقلية وخاصة الكهنة وحكام الاقاليم فكانوا كالمستجير من الرمضاء بالنار فما لبث منصب الوزارة نفسه ان يخضع لقاعدة التوارث مثله مثل بقية وظائف الدولة وتميز هذا العهد من ناحية اخرى باستحداث مبدأ ثنائية الادارة فانقسمت الادارة المركزية الى قسمين كبيرين لكل منهما حاكم احدهما يختص بمصر العليا والثاني يختص بمصر السفلى رغم بقاء الوحدة السياسية ورغم خضوع ادارتي الدلتا والصعيد للوزير وبالرغم من هذه المحاولات انهارت السلطة المركزية في نهاية الاسرة السادسة وتدهورت الادارة المحلية وانتهى الامر بالاستقلال الاداري للاقليم
( تاريخ النظم القانونية د/ صوفي ابو طالب ، ص 313 وما بعدها )
كما انه ظهرت ظاهرة كان لها مبلغ الاثر في انهيار الدولة القديمة وهى ظاهرة منح حكم الاقاليم لبعض الحكام كمكافأة على خدمات جليلة قدموها للتاج وتحولت فكرة تأقيت الحكم في الاقاليم الى فكرة شكلية وبالتالي سعى الحكام الى تثبيت اقدامهم فيما تحت ايديهم من اقاليم وبالتالي ظهرت ظاهرة توارث الاقليم . ولعل كان السبب الرئيسي في ظهور فكرة التوارث بالاضافة الى تسامح وتهاون الملوك هو اصباغ الوظيفة الدينية على حاكم الاقليم فالحاكم اصبح ليس فقط حاكما اداريا لاقليم يمثل الملك في المسائل الدينية وانما اصبح كاهنا للملك ويمثل الاله في الاقليم ثم تحول الامر الى ان اصبح ايضا الحاكم هو الكاهن الاكبر للاله المحلي للاقليم .
" فالناحية الدينية كانت من اهم الجوانب التي تاترت بالحياه السياسية واثرت فيها منذ فجر التاريخ المصري فلقد كانت مصر مقسمة الى اقاليم تأثرت حدودها الوهمية بعاطفة دينية وكان لها اعلام هى رموز الحيوانات او نباتات تميزها عن بعضها البعض ربما كانت اقدم الالهة المصرية وربما لم تكن الاقاليم مقسمة تقسيما اداريا فقط بل مناطق نفوذ ديني ولكنها لم تستقر على حال وقبل اتحاد الاقاليم كان سكان كل مدينة مستقلة يعتبرون معبودهم اعظم الالهة واليه ينسبون خلق الكون ولما حدث الاتحاد اصبح اله العاصمة الاله الرسمي للاقليم ولكن المدن المغلوبة على امرها لم ترتح الى ذلك فارتبطت الهة الاقاليم برباط عائلي على نمط رباط الاسرة ثم حدث التوحيد على نطاق اوسع لا بين المدن لتصبح اقليما بل بين الاقاليم معا وكانت نواة التوحيد تغليب معبود على غيره من المعبودات الاخرى بمعنى ان الانتصار الحربي كان ديني المظهر .
ولقد استمر هذا المفهوم يغلب على الناحية الدينية بالدولة فقد كانت هناك الآلهة الاقاليم التي تبنى من اجلها المعابد في حين ظل أله الدولة الرسمي سائدا عليها يحظى من الملوك الالهة باجل تقدير ويتمتع كهنته بالنفوذ والثروة ولقد كان حاكم كل اقليم يعمل رئيسا لمجمع الكهنة باقليمه ويحمل دائما لقب " المشرف على الكهنة " وغيره من الالقاب الدينية التي يتوارثها الابناء عن الاباء .
وهكذا نجد معظم حكام الاقاليم الوراثيين قد بداوا حياتهم كهانا بالاقاليم سواء للعبادة الملكية او للاله الاقاليم او الاثنين معا ثم دفعهم تدهور الملكية الالهية الى الحصول على مكاسب شخصية باقاليمهم كان من اهمها المكاسب الدينية التي يضمنون بها الحصول على السعادة في الحياة الاخرى وهى غاية ما يبتغيه المصري انذاك ولقد اعتمد نبلاء الدولة القديمة ومنهم حكام الاقاليم على عطف الملك للحصول على تلك السعادة وذلك باستخدام " نصوص الاهرام " من ناحية والحصول على حق الدفن باقاليمهم من ناحية اخرى ذلك انه بالنسبة الى " نصوص الاهرام " والتي تضمن الالوهية بعد الموت فلم يكن لهم الحق في استخدامها بيد ان استقلالهم عن الملك في اخريات الدولة القديمة وعصر الانتقال الاول جعلهم يحصلون على حق التمتع بالخلود في العالم الاخر وهو الحق الذي كانت نصوص الاهرام تمثل اهم اسسه بحيث بدأوا ينقشونها على توابيتهم بعدما كان الملوك وحدهم هم اصحاب الحق في استخدامها في بادئ الامر لانهم كانوا الهة في هذه الدنيا وسيصبحون الهة اعظم قدرا في الحياة الاخرى .
( حكام الاقاليم في مصر الفرعونية ، د/ حسن محمد محي الدين السعدي ، دار المعرفة الجامعية ، 1991 ، ص271 وما بعدها )
ولقد كان معنى ذلك هو سعي حكام الاقاليم لان يصبح الواحد منهم واحدا في عداد الالهة وفي ذلك العالم الثاني لن يكون بينه وبين الملك اي فارق جوهري وهو الامر الذي يعكس بوضوح شعور المساواة الذي استشعره الحكام تجاه الملك الاله ، بعدما ضاقت الفجوة بين الملكية الالهية واولئك الحكام ساعدهم على ذلك امتيازاتهم العديدة التي نجحوا في الحصول عليها على حساب الملكية ومنها حق الدفن في اقاليمهم .... زمن ثم فقد افتخر حكام الاقاليم منذ عهد الاسرة السادسة في نقوشهم الجنائزية بانهم يسافرون بسلام في طريق الغرب المهيبة حيث تسافر الشمس المشرقة ويصعدون للاله سيد السماء وان عبورهم كان في قوارب رع .
ومن الواضح ان الديانات المحلية قد استفادت من مولد دويلات صغيرة حول العواصم الاقليمية بحيث ارتقى اله كل مدينة بالدرجة التي كانت كل مدينة تنسب فيها الى اله اقليمها بحيث شاع اسم مدينة " الاله....... " ضمن مسميات عواصم الاقاليم من ناحية وارتبطت هذه الاله بعواصم الاقاليم من ناحية اخرى بان اضيف الى اسمعا لقب " سيد مدينة ....." كما شاع ذكر الهة الاقاليم المحلية في نقوش حكام الاقاليم الجنازية وقام البعض بتوضيح الطقوس الخاصة بهذه المعبودات المحلية على جدران مقابرهم .
ظلت مسألة الاهتمام بالالهة المحلية عالقة بأذهان حكام الاقاليم في اوائل عهد الدولة الوسطى وخاصة في الفترة التي كانت فيها الملكية لا تزال في مرحلة استعادتها لسطوتها السياسية وصبغتها الالهية لذا فقد ظل حكام الاقاليم محتفظين بالقابهم الدينية في الوقت الذي قام فيه ملوك الدولة الوسطى بتشجيع تقديس الهتهم المحلية وتوقيرها .



عندما تولى ملوك الاسرة السادسة زمام البلاد بدأت الادارة الاقليمية الوراثية تسفر عن وجهها بغير استحياء بما اكتسبه حكام الاقاليم من منح وراثية بالاقاليم التي حكموها ومن الالقاب التي خلعت عليهم والتي جمعت بين ايديهم السلطات الدينية والادارية والعسكرية باقاليمهم وبما اتخذوه من مظاهر تشبهوا فيها بمليكهم كبناء المقابر الخاصة باقليمهم وتسجيل اعمالهم عليها ....بما يوحي وكأن كل اقليم قد اصبح بمثابة دولة داخل الدولة فقد كان حاكم الاقليم هو " الكاهن الملكي " باقليمه الى جانب كونه " الكاهن الاكبر للاله المحلي للاقليم " كما كان من الناحية الادارية " مدير القصر وحامل الختم الملكي " وهى الوظيفة التي كانت خاصة بالوزير ثم " بحاكم الصعيد .

على اي حال اللافت انه ابتداء من عهد الاسرة السادسة بدأت تتحول الاقاليم الى امارات اقطاعية وتمكن مبدأ الوراثة فيها وهو اتجاه يرجع الى تضافر عدة عوامل سياسية واقتصادية ادت الى اتجاه الدولة وبشكل تلقائي نحو استقلال حكام الاقاليم الوراثيين وهو ما ادى في النهاية الى افول الاسرة السادسة في نهاية المطاف .

ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك

رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
content

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Facebook Comments by: ABDU_GO - شركة الإبداع الرقمية
كافة الحقوق محفوظة لـ منتدى المراجع المصرى/المحاسب القانونى محمد صفوت