أهلا وسهلا بكم في منتدى المراجع المصرى/المحاسب القانونى محمد صفوت نتمنى لكم اجمل الاوقات برفقتنا
ضع وصفاً للصورة الأولى الصغيره هنا1 ضع وصفاً للصورة الثانية الصغيره هنا2 ضع وصفاً للصورة الثالثه الصغيره هنا3 ضع وصفاً للصورة الرابعه الصغيره هنا4
العودة   منتدى المراجع المصرى/المحاسب القانونى محمد صفوت > منتدى المحاماه والقوانين والتشريعات > فلسفة القانون وتاريخه
« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: مفهوم الدعم والمقاومة (آخر رد :دعاء يوسف علي)       :: أفضل أنواع التداول (آخر رد :دعاء يوسف علي)       :: خطوات التسجيل في فرنسي تداول (آخر رد :دعاء يوسف علي)       :: شروط تسجيل عضوية بموقع حراج (آخر رد :دعاء يوسف علي)       :: رسوم الحساب الاستثماري في تداول الراجحي (آخر رد :دعاء يوسف علي)       :: اعتماد العزل (آخر رد :مروة مصطفي)       :: شركة امتلاك (آخر رد :مروة مصطفي)       :: كيفية شراء الاسهم الامريكية الحلال (آخر رد :سلمي علي)       :: طريقة تحويل العملات المختلفة (آخر رد :سلمي علي)       :: حجابات شيفون (آخر رد :سلمي علي)      

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10-07-2013, 12:31 PM
مصطفى احمد مصطفى احمد غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2013
المشاركات: 1,100
افتراضي القضاء الخاص



القضاء الخاص

ويمكن تقسيم القضاء الخاص قسمين رئيسيين: أحدهما وتناول الشكاوى التي لها صبعة إدارية أو تمس موظفي الإدارة وعمال المالية، والقضايا التي تتأثر هاب موارد الملك. والقضايا المدنية والجنائية التي تمس أشخاصًا يخدمون هذه الموارد، مثل زراع الملك وعمال الصناعات التي تحتكرها الحكومة. أما القسم الآخر، فإنه يتناول القضايا التي كانت تخص رجال الجيش. ومن اليسير أن نتبين الأسباب التي حدت بالبطالمة إلى أن يخرجوا من اختصاص القضاء العادي، المصري والإغريقي، القضايا التي كانت لها صيغة اقتصادية أو تتأثر بها الحياة الاقتصادية بأي شكل كان. لقد عرفنا أنه إذا لم يكن نظام البطالمة المالي في مجموعة أمرًا مستحدثًا في مصر، فإن تفاصيل تنظيم موارد الدولة والوسائل التي اتبعت في نظام الالتزام والاحتكارات كانت مليئة بالكثير مما استحدثه البطالمة، ولذلك كان لابد من أن يكون القضاة الذين يفصلون في هذه النظم الجديدة معدين إعدادًا خاصًا لهذا الغرض. ولما كان تنفيذ الأوامر المالية يمس صميم مصالح الدولة، فقد كان طبيعيًا في نظر البطالمة أن يعهدوا بالفصل في المنازعات التي تنشأ عن تنفيذ هذه الأوامر أو عن مخالفتها إلى قضاة أكثر حرصًا وصرامة وسرعة واستعداد من القضاة العادية. وإزاء كل ذلك، كان البطالمة يعهدون إلى الموظفين المشرفين على دخل الدولة بالفصل في القضايا التي كان لها طابع اقتصادي. ويبدو أن أولئك القضاة كانوا يضعون نصب أعينهم مصالح الخزانة قبل كل شيء آخر. ولما كان الملك يسيطر على الحياة الاقتصادية، فإن الكثير من الأعمال التي كانت تعتبر عادية في كل نظام اقتصادي حر كانت تعتبر في كنف نظام البطالمة مخالفات تستحق العقاب، ومن ثم كثرت القضايا التي كانت تمس مصالح الخزانة، مما حدا والبطالمة إلى العمل على تخفيف العبء عن المحاكم العادية بإنشاء القضاء الخاص. ولعل البطالمة قد أرادوا أيضًا بإنشاء القضاء الخاص إعطاء أهمية خاصة للشئون الاقتصادية، وبيان ما كان لمصالحهم من صفة ممتازة.

ولنبدأ أولاً بالشكاوى التي كانت لها صبغة إدارية أو تمس موظفي الإدارة وعمال المالية. لقد كان الملك وكبار موظفيه هم الذين يقضون في شئون مرءوسيهم، وليس أدل على ذلك من أن بطلميوس الخامس أمر بأن يقدم إلى محكمته الموظفون الذين يسجنون الأهالي بسبب منازعات مفتعلة أو يستخدمون وسائل التعذيب، وكان وزير المالية يفصل مباشرة أو يعهد إلى مساعديه (hypodioiketai) بالفصل في الأخطاء التي يرتكبها الأويكونوموي أو النورماكي أو جامعو الضرائب، ولذلك كانت ترسل إلى وزير المالية الشكاوى المقدمة ممن يسيء إليهم مرءوسوه. فنرى وزيرًا للمالية يفرض غرامة على كاتب قرية في منتصف القرن الثاني، ونجد مساعد وزير المالية يفصل في الشكاوى المقدمة بسبب تصرفات مرءوسيه وخاصة الأويكونوموس والنومارك.

وفي 11 من إبريل سنة 114 ق.م. أمر بطلميوس التاسع سوتبر الثاني بأن كافة الاتهامات التي توجه للموظفين الخاضعين للإدارة المالية المركزية يجب ألا تعرض على أي هيئة قضائية عادية، ولا على أي موظفين آخرين بل يجب إرسالها إلى وزير المالية. وجدير بالملاحظة أن بطلميوس التاسع لم يستحدث هذه القاعدة، فإنها موجودة منذ القرن الثالث. لكنه يبدو أنها كانت لا تراعى في خلال اضطرابات القرن الثاني وضعف السلطة المركزية، مما حدا بهذا الملك إلى استصدار قرار جديد لضمان العمل بها. ولعله لم يقصد بذلك أن يفصل وزير المالية بنفسه في كل الشكاوى التي كانت تقدم إليه ضد مرءوسيه في طول البلاد وعرضها، بل أن الجهة الوحيدة المختصة بالفصل في هذه الشكاوى هي الإدارة المالية. ولما كان يتعذر على وزير المالية ومساعديه الفصل في كل هذه الشكاوى، فيبدو أنه كان مقررًا أن رئيس كل جماعة من موظفي الإدارة المالية كان يفصل، بالنيابة عن وزير المالية، في الشكاوى المقدمة ضد مرءوسيهم. وفضلاً عن ذلك فإنه لكي يسود الوئام بين مزارعي الملك وتطمئن نفوسهم كان يتعين على الأويكونوموس تسوية المشاكل التي قد يثيرها أولئك الزراع ضد عمدة القرية وكاتبها في مسائل تتصل بالزراعة، كلنه ليس مؤكدًا ـ وإن كان غير مستبعد ـ إن هذه المهمة كانت تنطوي على اختصاص قضائي رسمي. ومنذ القرن الثالث كان للقائد اختصاص قضائي تأديبي على مرءوسيه، وقد اتسع هذا الاختصاص في القرن الثاني عندما أسندت إليه أيضًا مهام الإشراف على دخل الدولة.

ويبدو أنه كان يتبع أحد إجراءين في أمر الشكاوى من تصرفات الموظفين أو الجرائم التي كانوا يرتكبونها، ففي بعض الحالات كان يفصل في الأمر محكمة خاصة مؤلفة من بعض الموظفين وبعض القضاة. ومثل ذلك ا،ه عندما تقدم خمسة من زراع الملك في قرية سوكنوبايونيسوس يتهمون عمدة قريتهم باتبتزاز الأموال، عرضت القضية على محكمة تتألف من الابيميليتس زوبيروس والكاتب اللكي بتياربسنسيس (Petearpsenesis) وبعض القضاة الإغريق. وعندما تهم منخس كاتب قرية كركيوسيريس وأخوه بولمون وغيرهما بدس السم لشخص يدعى هراووتس، قدم المتهمون لمحكمة مكونة من ابستاتس المديرية والكاتب الملكي وغيرهما وقضت المحكمة بتبأة المتهمين. لكنه يروح أنه في أغلب الحالات كان رئيس الموظف يفصل في الأمر دون تشكيل محكمة، ومثل ذلك أن شخصًا يدعى هرمياس قدم شكوى إلى أيسيدوروس ابيستاتس قريته ليلقى القبض على شخص آخر يدين له بكمية من الحبوب، وعندما حاول الابيستاتس مصالحة الطرفين قدمت زوجة المدعي عليه شكوى ضد هذا الموظف. ولذلك التمس ايسيدوروس من القائد أن يستدعى الطرفين ويفصل في المسألتين، أي في الشكوى الخاصة بالدين والشكوى المقدمة ضده.
وعندما قدم كهنة أمينوفيس إلى فوموس (Phomous)، الحاكم العام بمنطقة طيبة، شكوى من المطالب الجديدة التي كان يتهددهم بها أبسيدوروس، أويكونوموس الضرائب النقدية، نراهم يستخدمون الصيغة المتبعة في مثل هذه الأحوال ويطلبون إلى الحاكم أن يكتب بخصوص هذا الموضوع لمن بيده الأمر. وفي شهر يولية سنة 111 ق.م. كتب الحاكم العام إلى هرموكلس (Hermocles)، رئيس الإدارة المالية المحلية، لكي لا يسمح بإدخال أية تعديلات جديدة ويبقى الضرائب على ما كانت عليه.

وقد شكا بعض مربي الأوز من أن الأويكنوموس زاد قيمة الضرائب المفروضة عليهم لفائدته الخاصة، وطلبوا إلى أويكنوموس آخر أن يرفع ملظمتهم إلى إدارة مراجعة الحسابات، وعندما أساء أحد المتعهدين إلى عمال المحاجر قدموا شكواهم إلى الرئيس المختصين وهو المهندس كليون، الذي يبدو أنه أحالها إلى وزير المالية وأبلغه بما تبع ذلك من إضراب 140 عامل عن العمل.

وعندما كان اثنان من رجال الإدارة المالية المركزية يقومان برحلة تفتيشية، لاحظا أن بعض كتاب القرى يضعون العراقيل في سبيلها بدلاً من مساعدتهما في أداء عملهما، فطلبا إلى القائد بطلميوس أن يسجن بعضهم ليكون ذلك عبرة لغيرهم.

وفي أواخر عهد بطلميوس الثامن نزل فارس يدعى بترون إلى فارس آخر "مقدوني" يدعى ديديمارخوس عن إقطاع بالقرب من كركيوسيريس، لكنه تبين أن انتقال الملكية لم يثبت في السجلات الرسمية وأن بترون بقى معتبرًا صاحب الإقطاع. ولذلك تقدم ديديمارخوس بشكوى إلى الموظفين المسئولين عن توزيع الإقطاعات، وبعد ما تبين لهما صحة ما ورد فيها أحالا صورة منها في 25 إبريل سنة 116 إلى الكاتب الملكي أبولونيوس ليضع الأمور في نصابها. لكن أبولونيوس تمهل طويلاً حتى أن مكتبه لم يعد مذكرة بإثبات صحة تنازل بترون عن إقطاعه إلا في 11 فبراير سنة 115. وبعد ذلك بثلاثة أيام، أرسل أبولونيوس خطابًا، ومعه نسخة من الشكوى والمذكرة، إلى الحاكم الإداري للمركز الذي حول هذه الرسائل جميعًا إلى كاتب المركز. وفي يوم 15 فبراير سنة 115 أبلغ هذا الموظف الموضوع إلى منخس كاتب قرية كركيوسيريس ليقوم بالتصحيحات اللازمة.

وكان رجال الدين، بسبب مالهم من المكانة السامية الجديرة باهتمام الملك وعنايته ولا سيما في عصر البطالمة المتأخرين، ويجأرون بالشكوى للملك من جور موظفيه. ومثل ذلك كهنة إيزيس في فيلة الذين أضنتهم مطالب الحاميات والموظفين المتنقلين فشمكوا من ذلك إلى بطلميوس الثامن، الذي لم يكتف بأن يأمر حاكم عام منطقة طيبة بوضع حد لهذا العبث لم أرسل نسخة من أمره إلى الشاكين، وسمح لهم بحفر نصه على نصب إثباتًا لما يتمتعون به من الامتيازات في هذا الصدد وضمانًا لهم من هذا العبث على الدوام. ويبدو أن الشيء نفسه حدث أيضًا مع كهنة خنوبو نبيب (Chnoubo Nebieb) إذ أنهم حفروا على مسلة أسوان الامتيازات التي منحها لهم بطلميوس الثامن والتاسع. ولما كان الكهنة يميلون على الدوام إلى الخلط بينمصالحهم ومصالح الديانة، فإنهم كانوا يذكرون الموظفين في بعض الأحيان بنعماء الآلهة عليهم ويدعونهم لإثبات اعترافهم بحسن صنيع الآلهة. ولذلك نجد كهنة سوكنوبايونيسوس يشفعون طلبهم إلى القائد من أجل أن يعيد إليهم 225 أردب من العلف، بتذكيره بأنه قد شفى من مرضه بفضل الإله الأكبر سوكنوبايس والآلهة إيزيس نفورسيس (Nephorses). وقد طلب الكاهن بتيسيس إلى المك بطلميوس اسكندر وزوجة برينيكي أن يحيمياه مما يلقاه من مضايقات الموظفين التي بلغت حدًا لم يعد معه آمنًا في بيته، بإرسال أمر يستطيع إثبات نصه في منزله والاحتماء بما ورد فيه. ولم يفت بتيسيس أن ذكر في التماسه ما يقوم به من الدعاء وتقديم القرابين من أجل "صحة وانتصار وعظمة وقوة وسيطرة" الزوجين الملكيين. وقد بادر الملك باستجابة التماس الكاهن وإصدار أمر إلى كافة الموظفين بأن يتركوه في أمن وسلام.

ولعل أنجع وسيلة لدرء شر الموظفين بل للنجاة من طائلة القانون كانت كسب ود أولئك الموظفين الذين كان لنوذهم قوة سحرية. ولاشك في أن ذوي النفوذ كانوا لا يكلؤون أحدًا برعايتهم إكرامًا لوجه الله ذي الجلال ولا إنصافًا للإنسانية المعذبة وإنما لقاء ما كانوا يتقاضونه من التاعسين المستجبرين بهم، فإننا نعرف مثلاً أن منخس كاتب قرية كركيوسيريس لم يفز بإطالة مدة توليه منصبه إلا بفضل رشوة رءوسائه. وتحدثنا إحدى الوثائق بأن شخصًأ يدعى بتيوريس وعد بأن يقدم لشخص آخر هدية قدرها 15 تالنت من العملة البرونزية إذا أدلى له خدمة معينة لا نعرف ماهيتها. ونجد ملتزمًا للضرائب المفروضة على الجعة وملح البارود في كوكيوسيريس يطلب إلى الكاتب الملكي أني ضعه تحت حمايته، وأن يبلغ رجال السلطة المحلية في القرية (الأبيستاتس ورئيس الشرطة وكاتب القرية وشيوخها) لكي يقوم بمهامه العادية دون أن يعرقل أعماله أو يمسه أحد بسوء فاستجاب الكاتب الملكي إلى طلبه ووقع على التماسه بما يفيد ذلك.

وعندما سجن شخص يدعى حورس بسبب ما عليه من الديون، طلب فيلوكسنوس، الذي يبدو أنه كان موظفًا كبيرًا، فك أسر خورس لأنه كان في حمى شخص يدعى د لعله كان موظفًا كبيرًا آخر.

وتعطينا قصة توأمتي سيرابيوم منف صورة طريفة عن جانب من الحياة المصرية في القرن الثاني قبل الميلاد وعن الفصل في مظلمة ذات صبغة إدارية، بالالتجاء إلى طائفة من الموظفين تشمل الابيميليتس ومراجع الحسابات والأبيستاتس وقائد منف ومساعد وزير المالية بل الملك بطلميوس السادس وكليوبترة الثانية، وذلك لإرغام رجل الإدارة المالية والمشرفين على إدارة السيرابيوم على إعطاء هاتين الكاهنتين ما كانتا تستحقانه من المؤنة.

لجأت الفتاتان المصريتان ثاويس (Thaues) وتاوس (Taus) إلى معبد السيرابيوم بمنف عندما هربت أمهما مع جندي إغريقي وهرب أبوهما إلى هيراكليبوليس. وقد أصبحت الفتاتان كاهنتين في هذا المعبد، ووضعهما تحت رعايته رجل يدعى بطلميوس، كان صديقًا لأبيهما وناسكًا يتعبد في ذلك المعبد. وقد منح الملك هاتين الفتاتين باعتبارهما كاهنتين مرتباً معينًا من الزيت والخبز. ووفقًا للنظام المتبع، كان الزيت يعطي للكهنة والكاهنات مباشرة من المخزن الملكي، أما الخبز فكان يسلم إلى إدارة المعبد لتقوم بتوزيعه. وعندما لم تحصل الكاهنتان على مرتبهما بسبب للاعب الموظفين المسئولين أو إهمالهم، بدأ سيل الشكاوى والالتماسات التي كان بطلميوس يقدمها إلى رجال الإدارة المالية والملك والملكة بأسميهما أو باسمه نيابة عنهما.

وفي عام 164/163 قدمت الشكوى الأولى إلى سارابيون مساعد وزير المالية لإعطاء الكاهنتين متريتس الزيت الذي كانتا تستحقانه عن ذلك العام مثل غيرهما من توأمتي ذلك المعبد، لأنهما لميتحصلا على مرتب عملهما منذ بداية العام الثامن عشر من حكم بطلميوس السادس (3أكتوبر سنة 164). ولما لم يكن لهذه الشكوى أثر، فقد رفعتا إلى الملك والملكة شكوى حارة تعدد المساوئ زوجة أبيهما التي استولت على إرثهما مما اضطرهما الالتجاء إلى السيرابيوم. وكان لهذه السيدة ابن يدعى بانخراتس (Panchrates) استأجراه لخدمتهما، لكنه سرق منهما الإذن الذي أعطته لهما الخزانة الملكية لتحصلا بمقتضاه على متريتس من الزيت كل عام. وقد حولت الشكوى إلى القائد ديونيسيوس الذي أرسلها إلى الابيميليتس منيدس (Mennides) ومراجع الحسابات دوريون، ثم قدمت إلى سارابيون في 8 سبتمبر سنة 163 عندما جاء للتعبد في السيرابيوم. فأمر منديس يبحث الموضوع لكن هذا الموظف نصح بطلميوس بتقديم شكوى جديدة إلى ساربيون. وبناءً على ذلك التمس بطلميوس من ساربيون أن يأمر منيدس بوضع الأمور في نصابها، لكنه لم يكن لهذا الالتماس أية نتيجة. وعندما زار الملك السيرابيوم، انتهز بطلميوس هذه الفرصة وقدم للملك نفسه شكوى جديدة على نمط الشكوى القديمة، فأمر الملك وزير المالية اسكلبيادس ببحث الموضوع، فحولها إلى ساربيون الذي طلب من دوريون تقديم تقرير عن الموضوع. وقد أرسل دوريون تقريرًا إلى اسكلبيارس بتاريخ 5 أكتوبر سنة 162 يبين استحقاق الكاهنتين في الحصول على ما تأخر لهما عن العامين الماضيين، ولكن أولى الأمر تمهلوا ولم يقدموا للكاهنتين سوى وعود معسولة. وعندما نفد صبر الكاهنتين، رفعتا شكوى ثالثة للإلهين فيلومتورس، يستحلفانهما بتحويلها للقائد ديونيسيوس ليأمر الأبيميليتس المساعد أيولونيوس بإعداد بيان المقادير المستحقة لهما وبتواريخهما وبالأشخاص المسئولين عن ذلك وبإرغامهم على تسليمها لهما. وفي الوقت نفسه قدم بطلميوس مذكرة لساربيون (1نوفمبر سنة 162) ملتمسًا منه تنفيذ ما ورد في تقرير دوريون، فأرسلت المذكرة إلى منيدس والكتاب (4ديسمبر سنة 162) للتنفيذ بعد عمل التحريات اللازمة. وبناء على التقرير المستفيض الذي رفع إلى منيدس في 14 ديسمبر، أمر هذا الابيميليتس أمين الخزانة ثيون ليعد الأمر اللازم لصرف الزيت المستحق للكاهنتين عن العامين الثامن عشر والتاسع عشر. وقد أرسل ثيون الأمر إلى د المشرف على المخزن الملكي، الذي سلم في 26 ديسمبر كمية الزيت المصرح بها لمندوب دوريون مراجع الحسابات في حضور أريوس الموفد من قبل الكاهنتين. وقد قدم بطلميوس إيصالاً بالاستلام بالنيابة عن الكاهنتين.

ومع ذلك لم ينته الأشكال، لأن بطلميوس أراد أن يستبدل بكمية زيت الخروع التي صرفت ما يعادل نصفها من زيت السمسم، لكن مرءوسي دوريون أبوا عليه ذلك، فقدم إلى منيدس شكوى مرة من أولئك الكتبة الذين اجترأوا على عدم احترام ما أمر به الأبيميليتس والملك والملكة. وإذا فرضنا أن بطلميوس قد نجح في هذا المسعى فإنه كان لهذا الأشكال ناحية أخرى، إذ أن هاتين الكاهنتين لم تحرما مرتب الزيت فحسب بل كذلك جانبًا من مرتب الخبز، لأنه كان يتعين على معبدي السيرابيوم واسكلبيوس أن يعطيا لكل من الكاهنتين أربعة أرغفة يوميًا، أي ما يعادل ثمانية أرادب كل شهر. ولذلك فإن بطلميوس قدم طلبًا يبين فيه أن الكاهنتين تسلمتا مقطوعية الخبز المخصصة لهما عن المدة من 3 أكتوبر سنة 164 إلى 8 مارس سنة 163، لكنهما لم تأخذا شيئًا عن باقي العام الثامن عشر من حكم بطلميوس السادس. وفي العام التاسع عشر تسلمتا مقطوعية الخبز كاملة عن المدة من 3 أكتوبر سنة 163 إلى 31 مارس سنة 162، لكنهما أعطيتا نصف المقطوعية فقط عن المدة من أول إبريل إلى 29 يونية، وربع المقطوعية عن الشهر التالي، ونصفها عن الشهرين الأخيرين، ولم يحصلا على شيء عن مدة خمسة أيام النسيئ. وفي العام العشرين أعطيتا ثلاثة أرباع المقطوعية أي ستة أرغفة بدلاً من ثمانية يوميًا، وذلك عن المدة من 3أكتوبر سنة 162 إلى 10 يناير سنة 161، ولم يحصلا على شيء منذ 11 يناير إلى وقت تقديم الشكوى.

وقد زاد الطين بلة أن الكاهنتين حرمتا ثانية من الزيت، ولكن كل ذلك لم يفت في عضد راعيهما بطلميوس، الذي جدد مساعيه وحرص فيها على ألا يخلط بين استحقاق الكاهنتين في الزيت وفي الخبز، لأن المسئولين عن الموضوع الأول كانوا عمال المالية وعن الثاني المشرفين على معبدي السيرابيوم واسكلبيوس. وبعد أقل من شهر من تصفية مسألة الزيت القديمة، كتب بطلميوس إلى سارابيون لإبلاغه بأن الكاهنتين لا يحصلان على أي زيت ويرجوه بأ، يكتب بنفسه لمنيدس بخصوص ذلك، فحول الموضوع في 26 يناير سنة 161 إلى دوريون الذي كتب بعد ذلك بثلاثة أيام تقريرًا مؤداه أنه لم يؤمر للكاهنتين بشيء عن العام العشرين. وقد أرسل هذا التقرير في 5 فبراير إلى موظف متشكك أراد أن يعرف مقدار ما صرف من الزيت للكاهنتين في العام السابق قبل أن يحدد الكمية التي يجب صرفها لهما شهريًا، فأحيل الموضوع إلى أريوس الذي كتب في 8 فبراير سنة 161 بأنه لم يؤمر للكاهنتين بشيء في العام التاسع عشر، لكنهما أعطيتا في شهر ديسمبر من العام العشرين ما تستحقانه عن العامين الثامن عشر والتاسع عشر ومقداره متريتان. وعندئذ أرسل منيدس تقريرًا إلى سارابيون الذي وقع عليه بعبارة استخلصت منها الكاهنتان أنه طلب إلى منيدس تصحيح التقرير الذي أعده مساعدوه. وقد وجهت الكاهنتان إلى مساعد وزير المالية نداء لم يكن له أثر سريع، لأنهما عند نهاية ذلك العام أو في بداية العام التالي رفعتا التماسًا جديدًا إلى الإلهين فيلومتورس راجيتين تحويله إلى القائد ديونيسيوس ليأمر الأبيميليتس المساعد أبولونيوس بصرف استحقاقهما عن العام العشرين واتخذ ما يلزم من الإجراء فيما يتعلق بالأعوام التالية. ويبدو أن الأمر انتهى بتحقيق مطابهما، ومع ذلك فقد تردد بطلميوس في إثارة الموضوع الخاص بما تأخر لهما من مرتب الخبز. لكنه عندما صمم على ذلك وقدم شكايتين بشأنه، أقر سارابيون استحقاق الكاهنتين، وأمر منيدس تكليف شخص يدعى بسنتايس بتنفيد ذلك. إلا أن هذا الشخص لم يفعل شيئًا. وإزاء ذلك قدم بطلميوس إلى سارابيون شكوى حوت اتهمًا صريحًا للأشخاص المشرفين على إدارة المعبد. فإنه بعد ما بين مرتبات الخبز المتأخرة للكاهنتين اتهم أولئك الأشخاص بأنهم ينهبون الملك ويبيعون الأذرة التي يختلسونها بسعر 300 دراخمة للأردب، وطالب بارغام بسنثايس على تسليم المتأخر للكاهنتين حتى ذلك الوقت وقدره 160 أردب.

إننا لا نعرف كيف انتهى هذا الأشكال، الذي اكتسب شهرةواسعة في العصور الحديثة. وعلى الرغم من بساطة هذا الأشكال في ذاته، فإنه يعطينا مثلاً سيئًا لعدم أمانة الموظفين. ولا يبعد أنه قد ساعد على ذلك تعقد الإجراءات الحكومية والصعوبات التي كان الناس يصادفونها في الحصول على حقوقهم بالطرق الإدارية، ومع ذلك يجب ألا ننسى أننا لم نسمع في هذه المسألة إلا رأى أولئك الذين أثارت سخطهم تلك الإجراءات وأثاروا أيضًا سخط الموظفين بسبب رفع مظالمهم على الدوام إلى رؤسائهم.

والآن نتناول الكلام عن القضايا التي كانت تمس صوالح الخزانة، فإنها كانت من صميم اختصاص القضاء الخاص. ولما كنا نعرف أن الحياة الاقتصادية كانت تنصل بصوالح الخزانة العامة اتصالاً وثيقًا، فإن هذا يشير إلى مدى اتساع نطاق القضاء الخاص في الشئون المدنية والجنائية على السواء. وقد كان يفصل في مثل هذه المنازعات التي لا حصر لها الملك ووزير المالية ومساعدوه والابيميليتس والاويكونوموس والنومارك، وكذلك القائد عندما أصبح في القنر الثاني يشرف على إدارة موارد الدولة. وترينا بعض الوثائق التي من منتصف القرن الثالث أنه في بعض الأحيان كان وزير المالية ينيب عنه أحد القضاة الإغريق (Chrematistes) ليبحث الموضوع ويقدم له تقريرًا يصدر الحكم على ضوئه.

ولكي لا تتحمل الخزانة العامة أية خسارة عند اشتباكها في نزاع مع الأهالي، حظر على المحامين أن يدافعوا عن المتهمين ضد مصالح الخزانة العامة وإلا تعرضوا لعقوبة صارمة. ونجد صدى ذلك في الرسالة التي بعث بها فيلادلفوس إلى وزير ماليته أبولونيوس، فقد جاء فيها "من الملك بطلميوس إلى أبولونيوس سلام. بما أن بعض المحامين المذكورين فيما بعد يتولون الدفاع في قضايا مالية ضد مصالح موارد الدولة، فهمر بأن الذين ترافعوا في هذه القضايا يدفعون للخزانة العامة ضعف ضريبة العشر ويمنعون منذ الآن من المرافعة في أية قضية كانت. وإذا ثبت في المستقبل أن أي واحد من أولئك الذين ألحقوا ضررًا بالموارد العامة قد ترافع في أية قضية كانت. فإنه يجب إرساله إلينا تحت حراسة جيدة ومصادرة أملاكه لمصلحة الخزانة العامة. الخامس عشر من شهر جوربيابوس في العام السابع والعشرين.

وليس معنى ذلك أحياء التقاليد المصرية القديمة التي كانت لا تسمح بالمرافعات الشفوية وإنما بالمذكرات فقط على نحو ما يحدثنا ديودوروس، لأن فيلادلفوس لم يهدف إلا إلى حماية مصالح الخزانة العامة بتحضير مرافعة المحامين بل استشارتهم في القضايا التي تمسها، فلا عجب أن هذا القضاء المالي لم يكن منصفًا بل كان مجحفًا وصارمًا وهل أدل على ذلك من أنه صدر عن أحد عمال مصنع للجمة بعض ملاحظات اعتبرها مراقب المصنع مهينة وجارحة فبات هذا العامل المسكين مهددًا بأن يجر في الشوارع ويشنق دون أي عناء؟!

ولما كانت هذه القضايا لا حصر لها وتكاد تكون على وتيرة واحدة فإننا نكتفي بالإشارة إلى بعضها. ومثل ذلك أولئك الأشخاص الذين أمر وزير المالية بسجنهم، وكان عددهم كبيرًا إلى حد أن السجن ضاق بهم. ولعلهم كانوا عمالاً كسالى، شأنهم شأن أولئك الذين شكا منهم أحد الملتزمين وملأ الرعب قلبه من أن يسجن هو نفسه إذا لم يتم العمل في الوقت المحدد لذلك. أو لعلهم كانوا عمالاً يشتغلون في المحاجر لقاء أجر زهيد مما حدا بهم إل هجر عملهم، مثل أولئك الملاحين الذين أهملت الإدارة المالية في إمدادهم بالمؤنة فهددوا بترك العمل. ولدينا ظلامات كثير رفعها سجناء إلى رجال الإدارة المالية، الذين يبدو دون شك أنهم أمروا بسجنهم بسبب ما كان عليهم من الديون للخزانة العامة. ومثل ذلك تلك الشكوى التي قدمها للابيميليتس أحد أولئك التاعسين، وذكر فيها أنه فقير مدقع ومع ذلك فرضت عليه غرامة دون وجه حق ويكاد يموت جوعًا في السجن ويعتمد على الأبيمليتس أحد أولئك التاعسين، وذلك فيها أنه فقير مدقع ومع ذلك فرضت عليه غرامة دون وجه حق ويكاد يموت جوعًا في السجن ويعتمد على الابيميليتس لإنقاذه.

وكذلك أخرجت من اختصاص القضاء العادي قضايا أولئك الذين كانوا يخدمون موارد الملك (hypoteleis)، حتى إذا كان موضوع هذه القضايا لا يمت بصلة إلى هذه الموارد. وبذلك كان العمل الاقتصادي الذي يؤديه بعض الناس يكسبهم امتيازًا قضائيًا، تمسك به الزراع والعمال والصناع الذين كانوا يخدمون الملك وقبله الموظفون عن طيب خاطر، لأن اسناد الفصل في هذه القضايا إليهم كان يساعد على ازدياد نفوذهم وسلطانهم. وترينا الوثائق المختلفة كيف كان الملوك ورعاياهم يتفهمون هذا الامتياز القضائي. ذلك أن أحد عمال المصابغ الخاضعة لإشراف الملك اعتدى على شخص وجرحه، فشكا هذا المسكين إلى الأويكونوموس من غريمه وأردف ذلك بقوله: "أنه يسخر مني لأنه أحد الذين يخدمون موارد الملك، ولذلك لا أستطيع أن أنال حقي منه بتقديمه للمحكمة (العادية)".

ومن المحتمل أن مزارعي الملك كانوا يتمتعون بهذا الامتياز القضائي منذ القرن الثالث. وعلى كل حال فإن بطلميوس الثامن عند ما أعاد تنظيم الإجراء الواجب اتباعه في المنازعات الخاصة بالعقود، وجعل نوع الهيئة المختصة بالفصل في مثل هذه المنازعات تتوقف على لغة العقود موضوع النزاع، أخرج من اختصاص الفضاء العادي المصري والإغريقي قضايا العقود الخاصة بمزارعي الملك وغيرهم من سائر الطوائف التي تخدم موارد الملك. فهل كان الامتياز القضائي الذي تتمتع به هذه الفئة من الناس أوسع نطاقًا من ذلك لكن الملك لم يشر في قراره إلا إلى المنازعات الخاصة بالعقود فقط، لأن هذه الفقرة من ذكل القرار المهب كانت مقصورة على الكلام عن قضايا العقود بوجه عام؟ هذا محتمل كما يبدو من الشكوى السابقة، وإن كان لم يصلنا تأييدًا لهذا القرار إلا نص يتناول موضوع دين خاص على بعض مزارعي الملك. ومؤدي هذا النص، الذي يرجع تاريخه إلى أربعة أشهر عقب صدور قرار عام 118، أن عددًأ كبيرًأ من مزارعي الملك قد هجروا مقرهم لأن القرارات التي صدرت لصالحهم لم تحترم، إذ بدلاً من تقديم قضيتهم الخاصة ببعض الديون إلى القضاة المختصين عرضت على محاكم أخرى، وإزاء ذلك تركوا أعمال الري وغير ذلك من وجباتهم. وقد ذكرت هذه المسألة في مقدمة منشور مهلهل يبدو أنه أريد به منع القضاة من النظر في القضايا المرفوعة ضد مزارعي الملك "أثناء موسم الري و..."، ويبين من ذلك أن مفعول قرار عام 118 قد قصر على موسم الأعمال الزراعية. ولعل ذلك يرجع إلى أن الامتياز القضائي الذي منح لمزارعي الملك وغيرهم في مسائل الديون الخاصة قد أضر بالدائنين فأثار نقمتهم ومعارضتهم مما أفضى إلى الحد من مفعوله.

ويبدو من وثيقة من منتصف القرن الثاني أن الامتياز القضائي الممنوح لمزراعي الملك على الأقل يرجع إلى عهد سابق على قرار عام 118، وأنه كان لا يقتصر على قضايا الديون الخاصة فقد، إذ أن هذه الوثيقة تحدثنا بأن شخصًا يدعى ثوتورتايوس (Thotortaeos) نزع آخر يدعى باناس على ملكية أو حيازة قطعة أرض من أملاك التاج كان قد استأجرها أو "اشتراها" في العام السادس عشر من حكم بطلميوس الخامس، فقدم شكوى إلى الأويكونوموس ديونيسيوس، الذي نظر القضية بمساعدة شيوخ القرية ومندوب من قبل كاتب القربة، وقرر حق باناس على الأرض. لكن ثوتورتايوس قدم شكوى أخرى إلى القائد، فحولها إلى الابيستاتس الذي عقد محكمته في 12 أغسطس سنة 157 ونظر القضية وأيد حق باناس على الأرض وحظر على خصمه أن يطأها وإذا كانت محكمة الابيستاتس قد فصلت في هذه القضية التي يبدو أنها لم تكن اختصاصها، فإنه يتضح من النص السابق أن هذه الم تكن الحالة الوحيدة من نوعها، التي عرضت فيها قضية على هيئة غير الهيئة المختصة بنظرها. ومما يجدر بالملاحظة أن هذا مثل آخر لعرض قضية على هيئتين قضائيتين.

لقد اتسع نطاق القضاء الخاص إلى حد خطير كان يهدد سلطة البطالمة، لأنهم مسحوا سلطات قضائية إلى عدد كبير من رجال الإدارة الذين أصبحوا نتيجة لذلك يجمعون بين السلطة التنفيذية والسطلة القضائية. وليت ذلك قد أدى إلى حسن تصريف العدالة، فإنه في كثير من الأحوال كان يفصل في المنازعات أشخاص ليست لديهم المؤهلات اللازمة لذلك، ولاسيما أنه كثيرًا ما كانت تتنازعهم في أداء هذا العمل الشاق الدقيق رغبتان متناقضتان هما رغبة أداء الواجب ورغبة إرضاء مصالح الملك على نحو ما نرى في القضية التالية. وهذه القضية خاصة بسيدة تدعى سنسيس (Sensis) حملت زوجها على أن برهن لها كل ما يملكه بما في ذلك بيته في قرية أوكسيرينخا، وذلك ضمانًا لحصولها على الصداق والنفقة. ولكي يفسد الزوج عليها تدابيرها ويحرمها ضمانها، حاول أولاً أن يبيع البيت. ولما لم يفلح في ذلك قدمه للخزانة الملكية بمثابة ضمان لهيراكليدس ملتزم الضرائب، مؤملاً أن يحرم بذلك زوجته حقها على البيت. وإزاء ذلك أرسلت الزوجية شكوى إلى الأويكونوموس، ليحميها من ضياع حقوقها وترجوه أن يكتب للإيميليتس لكي لا يقبل البيت من زوجها بمثابة ضمان لملتزم الضرائب.

ولا شك في أنه كانت توجد قوانين يصدر الأويكونوموس قراره على ضوئها، لكن ما أكثر الأدلة على ضعف القوانين البطلمية! أن مصلحة أحد الأفراد تتعارض في هذه القضية مع مصالحة الخزانة الملكية. ولاشك في أن روح النظام البطلمي كانت توحي بتقديم مصلحة الخزانة الملكية على ما عداها. لكن إذا افترضنا أن القانون كان يعطي الأفضلية للسيدة، فهل كان لدى الأويكنوموس القائم على تنفيذ القانون من الشجاعة الأدبية ما يسمح له باحترام القانون؟ وإذا كان القانون والقائمون على تنفيذه لا يرعون إلا مصلحة التاج قبل كل شيء فيالضيعة العدالة في القضاء الخاص!
ولا شك في أن الكثيرين كانوا يسيئون استغلال الامتياز القضائي الذي منح للذين كانوا يخدمون موارد الملك، فقد كان من اليسير أن يصبح الإنسان في عداد هذه الفئة، إذ كان يكفي أن يضمن أحد ملتزمي الموارد الملكية ويرهن أملاكه لفائدة الخزانة ومن ثم لا يمكن تقديمه للقضاء العادي، وبذلك كان لا يمكن إرغامه على أداء التزاماته نحو دائنيه. وقد رأينا كيف أن ذلك الزوج قدم أملاكه ضمانًا لأحد ملتزمي الضرائب لكي لا يدفع الصداق لزوجه التي يحتمل أنه كان ينوي طلاقها، ولكي لا يمكنها من تنفيذ عقد الرهن الذي لديها على أملاكه، ولاشك في أن هذه القضية لم تكن فريدة في نوعها، ولذلك فإن القضاء الخاص كان منافيًا لعدالة ومنافيًا للأخلاق القويمة وخطرا على سيادة البطالمة، ولاسيما أن رجال الإدارة ـ وقد اتسعت سلطتهم وازداد نفوذهم ـ اشتطوا في تصرفاتهم وأوغلوا في استخدام سلطتهم ونفوذهم.

ويبدو أن البطالمة أدركوا كل هذه المساوئ أو بعضها على الأقل، مما حدا ببطلميوس الخامس إلى أن يصدر منشورًا في عام 184/183 يأمر الموظفين بأن يراعوا في أحكامهم القواعد الواردة في القرارات والأوامر التي أصدرها الملوك المتعاقبون، وبأن يعاقب الذين يسجنون الناس استخفافًا بالقانون، وبأن يرسل إليه الموظفون الذين يسجنون أشخاصًا نتيجة مشاجرات مفتعلة. أو يستخدمون معهم وسائل التعذيب. وفي عام 118 حظر بطلميوس الثامن استخدام التعلذيب مع المشرفين على دخل الموارد المقدسة، وفي عام 109/108 حظر بطلميوس التاسع على سائر الموظفين في كل أنحاء البلاد أن صادروا أملاك أحد أو يلقوا القبض على أحد دون أمر من المحكمة.

وقد بقى أن نتناول الكلام عن القسم لآخر من القضاء الخاص، وهو الذي أفردناه للقضايا بين رجال الجيش. وإذا كان البطالمة قد منحوا امتيازًا قضائيًا للذين كانوا يخدمون مواردهم وبذلك أخرجوهم من اختصاص القضاء العادي، فإنه يبدو لنا أن البطالمة أنشأوا أيضًا محاكم خاصة لرجال الجيش فقد كانوا يتمتعون بمنزلة ممتازة في البلاد، بسبب اعتماد البطالمة عليهم في تأييد سلطانهم في الد اخل وفي تكوين إمبراطوريتهم في الخارج. ويؤيد هذا الرأي أنه قد وصلت إلينا من مديرية الفيوم ـ وكان حل سكانها من رجال الجيش الذين أسكنهم البطالمة هناك ـ وثائق تحدثنا عن نظر قضايا بين رجال من الجيش أمام محكمة مختلفة عن سائر المحاكم الأخرى التي صادفناها. ويبدو من وثيقة أخرى من هيراكليوبوليس، أي من مدينة لم تكن في الفيوم، أن قضية بين رجلين من الجيش قد نظرت أمام محكمة مماثلة. لكن كل هذه الوثائق، التي سنعود إليها ثانية، ترجع إلى القرن الثالث فقط، فهل سبب هذا الصدفة فقط أم أنه لم يعد لهذه المحاكم وجود بعد القرن الثالث؟ وإذا صح أن هذه المحاكم ألغيت بعد القرن الثالث، فهل إلغاؤها يرجع إلى أنه لم يعد للجيش عندئذ من الأهمية ما كان له من قبل، أم إلى الإقلال من الإمتيازات الممنوحة لرجال الجيش الأجانب بعد موقعة رفح إرضاء للمصريين؟ أم إلى هذين السببين مجتمعين؟ أم إلى أسباب أخرى؟ هذا ما لا نستطيع الإجابة عنه إزاء قلة ما لدينا من المعلومات، وكل ما يمكننا الإدلاء به هو ما نرجحه من أن رجال الجيش كانوا يحاكمون أمام محاكم خاصة في خلال القرن الثالث قبل الميلاد على الأقل. لكن بوشيه لكلرك يرى أن هذهالمحكمة الت يوجدناها في الفيوم لم تنشأ إلا لغرض معين و مؤقت، وهو الفصل في القضايا التي تراكمت في الفيوم، إلا أنه يبدو غريبًا أن تكون القضايا المتراكمة والتي أريد إنهاؤها مقصورة على قضايا أشخاص من الجيش. ولو صح ذلك لما كان من اختصاص هذه المحكمة النظر في القضايا الجديدة وإنما الاكتفاء بإنجاز القضايا القديمة. يضاف إلى ذلك أنه قدمت إلى هذه المحكمة قضية في العام الحادي والعشرين من حكم بطلميوس الثالث ولم يفصل فيها إلا في العام الخامس والعشرين. فكيف يمكن إذن تفسير ذلك لو لم تكن هذه المحكمة مستديمة؟ وكيف يمكن أيضًا تفسير وجود محكمة هيراكليوبوليس التي نظرت هي أيضًا قضية بين رجلين عسكريين قبل أن تنظر محكمة الفيوم، أقدم عهدًا من محاكم القضاة الإغريق، وإن إنشاء هذه المحاكم الفيوم، أقدم عهدًا من محاكم القضاة الإغريق، وإن إنشاء هذه المحاكم قضى على المحاكم القديمة كلية أو أدى إلى استخدامها بصفة استثنائية.ولعل الرأي الأدنى إلى الحقيقة هو أنه كما ذكرنا من قبل، كان لرجال الجيش محاكم خاصة بهم على الأقل في القرن الثالث قبل الميلاد.

وترينا وثائق الفيوم أن هذه المحكمة الخاصة كانت تنعقد في كروكديلوبوليس، عاصمة المديرية، حيث نظرت في عدة قضايا لم تصل إلينا إلا وثائق سبع منها ترجع إلى العام العشرين والحادي والعشرين والخامس والعشرين من عهد بطلميوس الثالث. وكانت المحكمة تتألف من عشرة قضاة كان يختار أحدهم رئيسًأ، أما لجلسة واحدة أو لدور انعقاد بأكلمه، فإن ياسون (Jason)، الذي تولى رئاسة المحكمة في التاسع والعشرين من شهر بريتيوس (Peritios) وفي الثلاثين من شهر كزانديكوس (Xandicos) في خلال العام الحادي والعشرين، كان قاضيًا كسائر القضاة الآخرين تحت رئاسة شخص آخر في الخامس عشر من شهر ديستروس (Dystros) في العام نفسه. وكان تاكسكوس وماياندروس (Maiandros) وزنوثيميس (Zenothemis) رؤساء في بعض الجلسات وقضاة عاديين في جلسات أخرى، مما يبعث على العتقاد بأن أعضاء هذه المحكمة الخاصة كانوا ضباطًا في الجيش. وإذا كان البعض يرجح أنهم كانوا من أعيان المنطقة، فلا يبعد إذن أنهم كانوا ضباطًا لأن هذه المنطقة كانت تعج برجال الجيش كما سلف القول.

ولا نعرف موضوع النزاع في كثير من القضايا التي عرضت على هذه المحكمة الخاصة في الفيوم، لأن التقارير الموجزة التي وصلتنا عنها لم تعن بالإفصاح عن موضوع القضايا قدر عنايتها بتأريخها وفقًا للتقاليد المتبعة بأسماء كهنة البطالمة المؤلهين، وذكر أسماء القضاة، وبيان أسماء الطرفين المتخاصمين بالشكل الآتي: "فصل غيابيًا في القضية التي رفعها (فلان) ضد (فلان) استنادًا إلى عقد". ومعنى ذلك أن بعض القضايا التي فصلت فيها هذه المحكمة كانت قضايا مدنية لكنها لم تكن جميعها كذلك، فقد اشتكى إلى هذه المحكمة شخص من اعتداء آخر عليه بالضرب، وفي تلك الجلسة نفسها نظرت المحكمة في قضية خاصة بثمن معطف يبدو أنه سرق من صاحبه.

وإذا كانت كل القضايا التي عرضت على هذه المحكمة تمتاز بأنها بين رجال عسكريين ينتمي أغلبهم إلى طبقة "السلالة" (epigone)، فإن والثاني والعشرين من عهد بطلميوس الثالث كانت ضد أشخاص متغيبين. وعندما انعقدت هذه المحكمة في العام الخامس والعشرين فصلت في قضية ك انت قد قدمت إليها في العام الحادي والعشرين. والوثيقة الخاصة بهذه القضية تشير شفغنا العلمي، لكنها لا تشبعه بسبب حالتها السيئة، غير أ،ه يبدو منها أن طرفي الخصومة كانا ا ليهودي ديوسيثيوس من طبقة السلالة والسيدة اليهودية هيراكلية، وكان الوصي عليها رجلاً أثينيا يدعى أريستيدس من طبقة السلالة. ويلوح أن الخصومة بين الطرفين كانت في بدايتها مشادة كلامية انقلبت إلى شجار بصقت في خلاله هيراكلية على دوسيثيوس وأمسكت بتلابيبه فقدم شكواه مطالبًا خصمه بتعويض. غير أن الصعاب اكتنفت القضية مما أدى إلى استطلاع رأي الملك، الذي حدد بهذه المناسبة الأصول القانونية الواجب تطبيقها في القضايا التي من اختصاص المحاكم الإغريقية. وهذه الأصول هي الأوامر الملكية (diagrammata)، على أن تطبق القواني الحضرية (Politikoi Nomoi) فيما لم يرد عنه نص في هذه الأوامر. وما سبب استطلاع رأي الملك، ولماذا طال أمد الفصل في هذه القضية؟ لعل ذلك يرجع إلى أن طرفي الخصومة كانا من اليهود وأن البطالمة كانوا قد أباحوا ولم يشأ الشاكي الانتقال إلى الإسكندرية للفصل في النزاع، متمسكًا بأن الطرفين من الإغريق وإن كانا من أصل يهودي. وقد تقدم المدعي إلى المحكمة الخاصة باعتبار أنه هو والوصي على خصمه من رجال الجيش. وإزاء كل هذه الظروف كان لا يمكن عرض القضية على هذه المحكمة قبل الحصول على إذن بذلك من الملك، وأخيرًا صدر المكل أمره إلى قائد المديرية في العام الخامس والعشرين بتحول القضية إلى هذه المحكمة الخاصة. ولما كان دوسيثيوس قد تخلف عن حضور الجلسة فإن المحكمة قررت رفض الدعوى.

وتحدثنا وثيقة بردية عن قضية مدنية بين ضابطين، كان أحدهما يدين الآخر بمبلغ قدره 1050 دراخمة، فرفع الدائن على مدينة قضية نظرت أمام محكمة هيراكليوبوليس التي نعتقد أنها كانت محكمة خاصة لرج ال الجيش، لأن الكل يسلم بأن الاصطلاحات التي استخدمت في محضر هذه القضية مماثلة للإصطلاحات التي استخدمت في محاضر جلسات قضايا المحكمة الخاصة في كروكوبلوبوليس، ولأن طرفي الخصومة هنا أيضًا من رجال الجيش. ويبدو من العبارات التي استخدمت في تاريخ هذه الوثيقة أنها ترجع إلى عصر بط لميوس الأول، أو على الأقل إلى تاريخ سابق على تأليه بطلميوس الثاني وزوجه (الإلهين الأخوين) واستخدام اسم كاهن عبادتهما في تأريخ الوثائق. وقد سبق أن ذكرنا أن أول وثيقة وصلت إلينا حتى الآن وورد فيها ذكر الإلهين الأخوين ترجع إلى عام 272/271 ق.م.

ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك

رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Facebook Comments by: ABDU_GO - شركة الإبداع الرقمية
كافة الحقوق محفوظة لـ منتدى المراجع المصرى/المحاسب القانونى محمد صفوت