أهلا وسهلا بكم في منتدى المراجع المصرى/المحاسب القانونى محمد صفوت نتمنى لكم اجمل الاوقات برفقتنا
ضع وصفاً للصورة الأولى الصغيره هنا1 ضع وصفاً للصورة الثانية الصغيره هنا2 ضع وصفاً للصورة الثالثه الصغيره هنا3 ضع وصفاً للصورة الرابعه الصغيره هنا4
العودة   منتدى المراجع المصرى/المحاسب القانونى محمد صفوت > منتدى المحاماه والقوانين والتشريعات > القانون الدولى العام
« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: مفهوم الدعم والمقاومة (آخر رد :دعاء يوسف علي)       :: أفضل أنواع التداول (آخر رد :دعاء يوسف علي)       :: خطوات التسجيل في فرنسي تداول (آخر رد :دعاء يوسف علي)       :: شروط تسجيل عضوية بموقع حراج (آخر رد :دعاء يوسف علي)       :: رسوم الحساب الاستثماري في تداول الراجحي (آخر رد :دعاء يوسف علي)       :: اعتماد العزل (آخر رد :مروة مصطفي)       :: شركة امتلاك (آخر رد :مروة مصطفي)       :: كيفية شراء الاسهم الامريكية الحلال (آخر رد :سلمي علي)       :: طريقة تحويل العملات المختلفة (آخر رد :سلمي علي)       :: حجابات شيفون (آخر رد :سلمي علي)      

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10-20-2013, 09:27 AM
مصطفى احمد مصطفى احمد غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2013
المشاركات: 1,100
افتراضي النظام القانونى المصرى ومبادئ حقوق الإنسان 2



تمهيد تاريخى

لاشك أن توحد فكر واهتمام المجتمع الدولى حول مبادئ حقوق الإنسان وحرياته الأساسية وإقرار عالميتها وعدم قابليتها للتصرف أو التنازل أو للتجزئة، والعمل على توافرها وإقرارها وتنميتها وحمايتها وصونها من كافة صور الاعتداء عليها يعد من أهم الإنجازات الإنسانية التى اختتمت بها البشرية القرن العشرين (بالتقويم الميلادى)، إذ يعتبر ذلك فى حدود المقاييس البشرية المتعارف عليها، نهاية سعيدة لما حفلت به رحلة التواجد الإنساني المعروف والمؤرخ عبر العصور والقرون السابقة وسنوات القرن الحالي، من أحداث وفظائع وأهوال، والتى أصبحت الآن بفضل ما وصلت إليه الجهود الدولية فى مجال إقرار وتعزيز مبادئ حقوق الإنسان وحرياته الأساسية تشكل انتهاكات صارخة تفرض على المجتمع الدولى عبء ومسئولية التحرك للحيلولة دون وقوعها ثم مواجهتها والقضاء عليها فى حالة حدوثها و معاقبة المسئولين عنها وتعويض ضحاياها، وذلك بدءاً من الاسترقاق والتعذيب والاضطهاد وتجارة الرقيق (الدعارة) والتفرقة العنصرية والإرهاب على المستوى الفردي ونهاية بالحروب وإبـادة الأجناس واستعمار الدول بعضها لبعض على المستوى الدولى.
ورغم التفاف المجتمع الدولى وإجماعه بوجه عام على القيم والمبادئ الغالية التى تقوم عليها مبادئ حقوق الإنسان وحرياته الأساسية باعتبار أنها فى مجموعها تعبير عما يجب أن يتحلى به الإنسان من صفات لصيقة بكينونة البشرية تجاه نفسه أو الآخرين، إلا أن الطريق لإرساء واحترام هذه الحقوق والحريات وإقرارها ثم الالتزام بها من قبل الدول باعتبارها أشخاص القانون الدولى لم يكن مفروشاً بالورود أو حتى ممهداً للسير فيه أو الانطلاق عليه، فقد كان الطريق وعراً وطويلاً ومليئاً بالمصاعب والعقبات، كما وأن القدر الباقي الذى يتعين على المجتمع البشرى استكماله على هذا الطريق مازال طويلاً أيضاً وشائكاً ويتطلب المزيد من الجهود المخلصة والمجردة فى الرغبة فى الوصول لنهايته بتحقيق عالمية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية وعدم قابليتها للتجزئة أو التنازل، وتوحيد المعايير والمفاهيم المتعلقة بتطبيقها بموضوعية وشفافية بعيداً عن الازدواجية أو الأغراض والمصالح السياسية، ليتساوى فى التمتع بها جميع البشر بغير تحيز أو ازدواجية أو أهداف تعلو عليها، وتوفير الآليات المناسبة لرصد ومراقبة ومحاكمة المسئولين عن انتهاكات حقوق الإنسان فى أى مكان وزمان وتعويض وتأهيل ضحايا تلك الانتهاكات.
بيعة الحال فإنه لا يمكن القول بأن حقوق الإنسان وحرياته لم تكن محلا لأي اهتمام قبل تصاعد حضورها الدولى فى إطار منظومة الأمم المتحدة التى بالقطع ينسب إليها سعيها نحو تأكيد عموميتها وعالميتها فى النصف الأخير من القرن العشرين من خلال صلاحيتها كمنظمة دولية حكومية ولكن على مدى التاريخ كان الاهتمام بقضايا حقوق الإنسان وحرياته الأساسية فى مجالاتها المختلفة محلا للكثير من الجهود التى اتسمت بالإقليمية أو المحلية أو الجهود التى ارتبطت بالدين من خلال الاهتمام ببعض الحقوق أو الحريات بدافع المشاعر الإنسانية التى تبلورت قواعدها بصور متفاوتة عن طريق الأنبياء والرسل وما أتت به الرسالات والكتب السماوية من عقائد تهدف إلى الحصول على رضاء الخالق عز وجل ونيل ثواب الآخرة والتطهر من الذنوب فى الدنيا.
وقد انفردت الشريعة الإسلامية ومنذ أربعة عشر قرنا بأن جاءت بتنظيم متكامل سواء فى علاقة الإنسان بخالقه أو بغيره من البشر فى كافة مناحى الحياة وقد أتت بأحكام وقواعد تناولت حقوق الإنسان وحرياته حتى منها ما يتعلق بقواعد الحرب وأخلاقياتها. وقد اتسمت الشريعة الإسلامية بقواعد عامة صالحة لكل زمان ومكان ولكل إنسان على وجه الأرض أيا كان دينه أو عقيدته.
كما تناول قدراً كبيراً من هذه الجهود الفلاسفة والمفكرين وبعض العقائد والمعتقدات والأنظمة من خلال الاجتهادات الإنسانية فى هذا المجال وقد اتسمت هذه الجهود وتلك المحاولات فى الجانب الأعم منها بكونها اتصلت بالدين والعقيدة وفكرة الحصول على الثواب وتجنب العقاب فى الآخرة وفى جانب أخر ببعض الأفكار والقيم التى اجتهد فيها كل من المفكرين والفلاسفة بدافع إقرار قيم ومثل عليا يسعى إليها البشر فى علاقاتهم وتعاملهم بعضهم البعض كما تناول بعضاً من هذه المبادئ الأنظمة القانونية الوضعية، ويعـد الإعـلان الأمريكـي لحقوق الإنسان (1766)، والإعلان الفرنسى لحقوق الإنسان سنة (1789) أولى المحاولات لتجميع هذه الحقوق برؤية محلية فى إطار إعلانات وطنية ناشئة عن تجارب خاصة عاشتها تلك الشعوب.

وترجع بدايات اهتمام المجتمع الدولى بالقضايا والموضوعات المتصلة بحقوق الإنسان وتعامله المباشر والمنظم لها، إلي منتصف القرن التاسع عشر، وكان ذلك رد فعل مباشر لمعاناة البشرية من الشرور السائدة آنذاك وهى إبادة الأجناس والحروب والرق والاتجار بالنساء وأطفال (الدعارة). وقد أسفرت الجهود الدولية المتعلقة بمواجهة آثار ويلات الحروب عن إنشاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر، والتى أقرت وقت تأٍسيسها اتفاقية جنييف سنة 1864 بهدف احترام شخص الإنسان ضد شدائد الحرب وتقديم المساعدات لضحايا الحروب، واستمرت الجهود الدولية فى هذا المضمار إلى أن أسفرت عن اتفاقيات جنييف الأربعة عام 1949 والبرتوكولين الملحقين بها والصادرين عام 1977 وهى الاتفاقيات الخاصة بحماية ومساعدة الأسرى والجرحى والمدنيين أثناء المنازعات المسلحة. وقد تضمن البرتوكول الأول حماية ضحايا المنازعات الدولية المسلحة والثانى الخاص بضحايا المنازعات المسلحة غير الدولية والتى تطورت أهدافها لتكون أساسا لما يسمى الآن بالقانون الدولى الإنساني.
ومن ناحية أخرى وبشكل موازى تواصلت الجهود الدولية لمواجهة الرق مع نهاية القرن التاسع عشر وأسفرت عما عرف بـ "صك برلين "عام 1885، وصك مؤتمر بروكسل عام 1890" ثم الاتفاقيات الدولية الصادرة مع بداية القرن العشرين لموجهة الرقيق الأبيض حيث صدر الاتفاق الدولى لمكافحة الرقيق الأبيض عام 1904 ثم اتفاقية 1910 الخاصة بمكافحة الاتجار فى الرقيق الأبيض.
وتمركزت اهتمامات المجتمع الدولى إبان عهد عصبة الأمم والتى تعتبر المنظومة الأولى للتنظيم الدولى السياسى (1919-1939) فى قضايا ثلاث هى الاقليات والتى كانت وراء كثير من الحروب، ثم الاتجار فى الرقيق الأبيض، ثم القضايا المتصلة بالعمل، وقد أسفرت الجهود الدولية إبان هذه الفترة عن اتفاقية إلغاء الاتجار بالنسـاء والأطفـال سنة 1921 واتفاقية مكافحة الاتجار بالنساء البالغات سنة 1933والاتفاقية الدولية للرق سنة 1926، ثم معاهـدة نبذ الحرب " باريس 1928 " ثم الاتفاقيـة الدوليـة للسخرة عام 1930 والتى تحمل رقم (29) فى مسلسل اتفاقيات العمل الدولية، وبعض اتفاقيات منظمة العمل الدولية والمتعلقة بحق العمل وتنظيم ما ينشأ عنه من حقوق للعمال.
وبنهاية الحرب العالمية الثانية أقر مؤتمر سان فرانسيسكو سنة 1945 ميثاق إنشاء منظمة الأمم المتحدة لتحل محل عصبة الأمم، وقد كان ميثاقها فرصة طيبة للتعبير عن شواغل وهموم المجتمع الدولى حيال قضايا حقوق الإنسان ووضع تصورهم حيالها، ولكن بطبيعة الحال كانت هموم وشواغل السياسيين حيال قضايا الأمن والسلم العالمي أكبر وأعظم، ولهذا صدر ميثاق الأمم المتحدة معبراً بقدر ضئيل عن تلك الشواغل والاهتمامات ولهذا تناول معاناة البشرية حيال موضوعات وقضايا حقوق الإنسان وبصفة خاصة أثناء الحروب حيث ورد بديباجة ميثاق الأمم المتحدة، والـذى أصبح نافـذاً فى 24/10/1945)، مايلى " نحن شعوب الأمم المتحدة قد آلينا على أنفسنا أن ننقذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب التى جلبت فى خلال جيل واحد على الإنسانية مرتين أحزاناً يعجز عنها الوصف، وأننا نؤكد من جديد إيماننا بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد وقدرته وبما للرجال والنساء، والأمم صغيرها وكبيرها من حقوق متساوية ".
وقد تضمن ميثاق الأمم المتحدة فى المادة الأولى مقاصد الأمم المتحدة وقد تضمنت فى الفقرة الثالثة منها " تحقيق التعاون الدولى على حل المسائل الدولية ذات الصبغة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإنسانية وعلى تعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس جميعا والتشجيع على ذلك إطلاقا بلا تمييز بسبب ***** أو اللغة أو الدين ولا تفريق بين الرجال والنساء ".
كما تضمن ميثاق الأمم المتحدة فى الفصل التاسع والمعنون " التعاون الدولى الاقتصادي والاجتماعي " (المواد من 55 إلى 60) رغبة الدول الأعضاء فى تهيئة دواعي الاستقرار والرفاهية بين الأمم على أساس احترام مبدأ المساواة فى الحقوق بين الشعوب كما تضمن القضايا والالتزامات المتعلقة بحقوق الإنسان وتعزيز احترامها بالفقرة (ج) من المادة (55) والتزام الدول بالتعاون فى هذا الشأن فى المادة (56)، كما أناط الميثاق فى البند الثانى من المادة (62) بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي اختصاص تقديم التوصيات للجمعية العامة فيما يختص بإشاعة احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية ومراعاتها.

وقد كان ذلك بطبيعة الحال على نحو ما سلف انعكاساً لازماً لمعاناة البشرية عبر التاريخ من كل ألوان الظلم والقهر والاستبداد والتى فشلت فى مواجهتها كافة الجهود على مختلف أنواعها ومستوياتها واستجابة ملحة للمستجدات والمتطلبات العالمية التى فرضت نفسها على الساحة الدولية فى أعقاب كل من الحربين العالميتين اللتين احتربتا فيهما دول العالم فى زمن قياسي وخلفتا وراءهما من الدمار والأهوال والخراب ما كان يحتم على دول شعوب العالم فى ضوء معاناتها السابقة أن تعي وتسارع إلى وضع الأسس والمفاهيم والمعايير الموضوعية المشتركة التى تضمن عدم تكرار هذه الفظائع مرة أخرى وتوفر الرخاء والأمن والسلام لكل إنسان فى أرجاء المعمورة.
وفى 16/2/1946 قرر المجلس الاقتصادي الاجتماعي أنشاء لجنة حقوق الإنسان بموجب القرار رقم 5 ( د ـ 1 ) وقد كلفت اللجنة أن تقدم مقترحات وتوصيات وتقارير حول " الشرعية الدولية لحقوق الإنسان " وقد أعدت اللجنة فى هذا الإطار مشروع الإعلان اعتمدته فى دورتها الثالثة فى 24/5/1948 ورفع للمجلس الاقتصادي والاجتماعي الذى أحاله بدوره إلى الجمعية العامة.
وفى 20/12/1948 اعتمدت الجمعية العامة المنعقدة فى باريس الإعلان العالمي بوصفه المثل الأعلى المشترك الذى ينبغي أن يتحقق لدى كافة الشعوب وكافة الأمم. وقد أيدت 48 دولة الإعلان عند التصويت عليه وامتنعت 8 دول عن التصويت ولم يصوت ضده أية دولة. وقد جاء الإعلان، وهو يمثل حصاد الجهود الدولية آنذاك، خطوة أولى من أجل أن يشيع فى العالم احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع بغير تمييز بسبب ***** أو اللغة أو الدين أو النوع، ورغم أن الإعلان العالمي لم يفرغ فى شكل قانونى كمعاهدة ملزمة وفقا للقانون الدولى، إلا أنه نال قيمة أدبية عظيمة الشأن كوثيقة تاريخية تتناول بشكل مناسب اجمع عليه العالم فى هذا الموضوع الحيوي، ليتدارك ويفسر به المجتمع الدولى القدر الضئيل الذى ورد فى ميثاق الأمم المتحدة متعلقاً فى هذا الخصوص.
وقد اصبح هذا الإعلان بما حظى به من تأييد وتقدير بمثابة دستور عالمى فى هذا الشأن لـه مكانة عليا، وباتت دول العالم تستلهم منه رغم عدم الزاميته كافة ما ورد فيه من مبادئ لحقوق الإنسان وحرياته لتصيغها فى دساتيرها الوطنية.
وقد أوردت ديباجة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تعبيراً عن ذلك " إن تناسى حقوق الإنسان وازدراؤها قد أفضيا إلى أعمال همجية آذت الضمير الإنساني، وأنه بات من الضروري أن يتولى القانون حماية حقوق الإنسان لكيلا يضطر المرء آخر الأمر إلى التمرد على الاسـتبداد والظلم ".
وقد تضمن الإعلان فى مواده الثلاثين، الحقوق الأساسية التى استقر المجتمع الدولى آنذاك عليها، وذلك فى صياغة عامة، نظراً لطبيعة الوثيقة، كإعلان دولى يحول دون التفصيل أو التفسير، والذى يترك عادة للجهود الناشئة عن التطبيق بعد أن يتـولى القانـون الـدولى أو القانون الوطنى صياغة هذه الحقوق وحمايتها فى إطار الشرعية حسـبما أوضحت عنه ديباجة الإعلان.
وقد أثبت ذلك بوضوح أن إدراك المجتمع الدولى لأهمية حقوق الإنسان واحترام هذه الحقوق وضمان توفيرها وحمايتها لكل فرد على الأرض قد اخذ أبعاداً جديدة ومتعددة وبشكل سريع وعميق، فقد تبلورت آثار هذا الاهتمام خلال فترة وجيزة منذ تاريخ صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان فى 10/12/1948 إذ نجح المجتمع الدولى فى الالتزام بما ورد بالإعلان العالمي من العمل على إضفاء الشرعية الدولية على مبادئ حقوق الإنسان وحرياته من خلال وضع قواعد دولية ملزمة للعديد من الأمور المتعلقة بحقوق الإنسان وحرياته فى مختلف النواحي وذلك من خلال سلسلة الإعلانات والقرارات الصادرة عن الأمم المتحدة فى هذا الشأن والتى تبلورت إلى اتفاقيات ومواثيق دولية سارعت أغلبية الدول إلى الانضمام إليها والالتزام بأحكامها على الرغم من اختلاف أنظمتها وأعرافها وتقاليدها لتلحق بركب البشرية فى خطواته الثابتة لتأكيد واحترام هذه الحقوق وتلك الحريات باعتبارها السمات الأساسية التى يتميز بها الكائن البشرى دون أية تفرقة أو تمييز، وهـى المحـور الأساسى لاستمرار الحياة وتطورها وازدهارها بما يكفل الرفاهية والرخاء لجميع البشر وللمجتمع الدولى.
ولعل ما صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة والهيئات التابعة لها من إعلانات ومواثيق وقرارات دولية لتعبر بعمق وصدق عن مدى ما أصبحت تحظى به مبادئ حقوق الإنسان وحرياته من اهتمام بالغ على المستوى الدولى وتعكس بالدرجة الأولى مدى إحساس دول العالم اجمع بالدور الريادي والأساسي الذى تقوم به تلك المبادئ لتحقيق مستقبل أفضل للبشرية وباتت بذلك تشكل حجر الزاوية لكل تقدم ورخاء، والأساس المرتقب للنظام العالمي الجديد.
وقد تضمنت منظومة الأمم المتحدة فى هياكلها التنظيمية العديد من الآليات التى تعنى بحقوق الإنسان على رأسها اللجنة الثالثة بالجمعية العامة للأمم المتحدة والمعنية بالمسائل الاجتماعية والإنسانية والثقافية ولجنة حقوق الإنسان المنبثقة عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي نفاذاً المادة (68) من ميثاق الأمم المتحدة ، وهى الهيئة الحكومية الدولية الوحيدة التى تعقد اجتماعات علنية بصدد انتهاكات حقوق الإنسان التى يوجه انتباهها إليها وتستعرض أداء جميع الدول الأعضاء فى مجال حقوق الإنسان، وتضم اللجنة لجان فرعية ولها مقررين خاصين ذات صلاحيات محددة ، وباتت هذه اللجنة من خلال الصلاحيات التى منحت لها بمقتضى القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة والمجلس الاقتصادي والاجتماعي تلعب دوراً هاماً فى رصد الانتهاكات وكشفها إذ منحت صلاحيات تلقى الشكاوى وإجراء اتصالات مع الدول عنها فيما يعرف بالإجراء السري الصادر بالقرار رقم (1503) للمجلس الاقتصادي والاجتماعي، هذا بخلاف الآليات المنبثقة عن الاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الإنسان وهى اتفاقيات الحقوق المدنية والسياسية، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وإلغاء التفرقة العنصرية، والتعذيب، والطفل، والمرأة، والقضاء على التفرقة العنصرية فى الرياضة، وهى آليات ذات فعالية وصلاحيات إذ تلتزم الدول بتقديم تقارير لها بمدى التقدم المحرز لإنفاذ الأحكام المتعلقة بالاتفاقيات المعنية وتقوم بمناقشة الدول فى هذه التقارير بواسطة أعضائها من الخبراء وإصدار التوصيات والقرارات بشأنها، وذلك بخلاف صلاحياتها فى أحوال معينة فى نظر الشكاوى المقدمة ضد الدول الأطراف عن انتهاكات حقوق الإنسان وإعمال صلاحياتها بشأنها وفقاً للأوضاع المقررة لها.
وبقدر ما حظيت به حقوق الإنسان وحرياته الأساسية من مكانة لدى منظمة الأمـم المتحدة، ظهرت على الصعيد الدولى تجمعات إقليمية تجمع فيما بينها الدول ذات الاهتمام والمشاكل والأوضاع المشتركة التى ساعدت على تجمعها ودفعها للاستفادة من هذه الظروف فى إيجاد فهم مشترك أوسع نطاقاً وأعمق تأثيراً وأكثر التزاماً بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية ولوضع الحماية القانونية لها بإنشاء آليات تعمل على كفالة حمايتها وزيادة ضماناتها واحترامها وفعاليتها ورصد الانتهاكات الحاصلة عليها ومواجهتهـا مـن خـلال القواعد المنظمة للمسئولية عنها وتقرير الحماية لها من خـلال قضـاء متخصـص، وفى ذلك بادرت الدول الأوربية فى إطار منظمة الأمن والتعاون الأوربي بإصدار الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان بروما فى 4/11/1950، ( والتى دخلت حيز النفاذ فى عام 1953 وبلغ عدد الدول الأعضاء بها [40] دولة )، ثم الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان عام 1969 فى إطار منظمة الدول الأمريكية ( والتى دخلت حيز النفاذ فى عام 1978 وبلغ عدد الدول الأعضاء بها [35] دولة ) وقد تضمن كل منهما إنشاء لجنة ومحكمة للنظـر والفصل فى الانتهاكات الحاصلة لحقوق الإنسان، وقد جاء ذلك تطوراً هاماً فى مجال إقرار مسئولية الدولة فى هذا الشأن أمام غيرها من الدول الأعضاء بالاتفاقية وبواسطة قضاء دولى إقليمي متخصص، بل تطور الأمر لمنح الإنسان الشخصية الدولية لمخاصمة الدول الأعضاء أمام هذا القضاء للقضاء لـه بإزالة أية انتهاكات قد تكون نالت من حقوقه أو حرياته الأساسية المقررة بالمواثيق الحامية لهـا ولتعويضه عنها.
ولم تتخلف القارة الأفريقية عن هذا الركب بل أن ما حفل به تاريخها من ألوان الاستعمار والاستعباد والتفرقة العنصرية وما ترتب على ذلك من مشكلات وقضايا اجتماعية واقتصادية نتيجة الظلم الذى حاق بإرادة شعوبها والتخلف الاقتصادي الذى ما فتئت تعانى منه كأثر لنظام اقتصادي ظالم، جعل مـن شعوب القارة الأفريقية خير من يـدرك أهمية الدفـاع عن حقـوق الإنسان والشـعوب كركيزة لا تتحقـق بدونها سلام أو تنمية.
وفى إطار منظمة الوحدة الافريقية صدر فى 18/6/1981 بنيروبى الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب (والذى دخل حيز النفاذ فى 21/10/1986وبلغ عدد الدول الأعضاء فيه (53) دولة وهم جميع الدول الأفريقية) وقد جاء هذا الميثاق معبراً عن الرؤية الأفريقية الخاصة لهذه القضايا حيث تضمن أولاً إضافة واجبات الإنسان حيال أسرته ومجتمعه ووطنه والأخريين، وثانياً إضافة حقوق الشعوب لقائمة حقوق الإنسان وهى ما يعرف بالجيل الثانى لحقوق الإنسان وهى حق الشعوب فى السلام والتنمية، وقد أدى ذلك إلى إصدار إعلانات دوليـة عـن الأمـم المتحدة، الأول إعلان حقوق الشعوب فى السلام 12/11/1984 وإعـلان الحـق فـى التنمية 4/12/1986 كما تضمن اهتماماً خاصاً بالحق فى التنمية، وعدم الفصل بين الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتحديد هدف القضاء على الاستعمار والعنصرية والتحرير الكامل لدول أفريقيا، وقد انبثق عن الميثاق الأفريقي اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب كآلية تختص بتلقى التقارير الدورية للدول الأعضاء ومناقشتها وفحص الشكاوى وإصدار التوصيات اللازمة بشأنها، وقد تواصلت الجهود الأفريقية لمواكبة التطور العالمي بإصدار بروتوكول ملحق بالميثاق الأفريقي لإنشاء المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان وهو مفتوح حالياً للتوقيع عليه ولم يدخل بعد حيز النفاذ لعدم بلوغ الأعضاء الموقعين الحد الأدنى لنفاذه فضلاً عن تعيين عدد من المقررين الخاصين لبعض القضايا الهامة التى تعنى بها القارة.
ولم تتوقف مسيرة المواثيق الإقليمية عند ذلك، فقد صدر عن منظمة المؤتمر الإسلامي فى أغسطس 1990 إعلان القاهرة لحقوق الإنسان فى الإسلام، كما اعتمد فى 15/9/1994 بالقرار رقم 5437 من مجلس الجامعة العربية الميثاق العربي لحقوق الإنسان وهو مفتوح حالياً للتوقيع، ولم يكتمل بعد انضمام العدد اللازم من الدول لدخوله حيز النفاذ.
وقد انعكست آثار هذه المبادرات الإقليمية وما أسفرت عنه من إنشاء آليات رصد ومراقبة ومحاسبة لانتهاكات حقوق الإنسان على الجهود الدولية الدائرة فى إطار منظومة الأمم المتحدة فى هذا المجال حيث ساعدت بطبيعة الحال على دخول الإعلان العالمي إلى الشرعية الدولية من خلال العهدين الدوليين للحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية عام 1966 وهما الاتفاقيتان الدوليتان اللتان تضمنتا ما ورد فى الإعلان العالمي من حقوق وحريات ولكن فى إطار قواعد قانونية دولية 0
ثـم تتابعـت الاتفاقيـات الدوليـة فى هذا المجال فى إطار معنى بالفئات الأضعف "المرأة والطفل" وفى إطار الاهتمام بالأفعال الأكثر اهتماماً واستهجانا من المجتمع الدولى مثل التفرقة العنصرية والتعذيب، وقد تضمنت سبع من الاتفاقيات المتعلقة بحقوق الإنسان الصـادرة عن
الأمم المتحدة والسابـق الإشـارة إليها إنشاء آليـات دوليـة Treaty bodis))
يشكل لجان دائمه منبثقة عن الاتفاقيـات المعنيـة، لمواصلة الجهود مع دول العالم على تعـزيز إرساء المبادئ المتعلقة بحقوق الإنسان من خلال التزام الدول الأعضاء بتقديـم تقارير دوريـة أمام هذه اللجان بالجهــود التى تقوم بها فى المجالات ذات الصلة على أراضيهـا والمتعلقـة بتنفيذ أحكام الاتفاقيات المعنية، وكذلك بالتزام الدول بتجريم بعض صور الانتهاكـات مثل الـرق والسـخرة وإبادة الأجناس والتعذيب والتفرقة العنصرية ومكافحة الدعارة والتعاون الدولى من أجل مكافحتهما.
وقد منحت هذه الآليات الحق فى أحوال معينة فى العمل كآلية رصد ومراقبة وتلقى الشكاوى للتحقيق فيها وتوجيه المساءلة عنها، كما أنشئ عقب المؤتمر الثانى لحقوق الإنسان المنعقد فى فيينا سنة 1993 منصب المفوض العام السامي لحقوق الإنسان فى مبادرة دولية لإنشاء آلية جديدة للمتابعة والمراقبة بعدما تعذر الاتفاق على إنشاء المحكمة الدولية لحقوق الإنسان ويختص المفوض السامي بالسعى لمنع وقوع الانتهاكات ويحقق فيما يقع فيها والعمل مع الحكومة على إزالتها.
كما أدرجت فى نظام روما الأساسى للمحكمة الجنائية الدولية والمعتمد فى 17/7/1998 فى إطار مؤتمر الأمم المتحدة الدبلوماسي للمفوضين المعنى بإنشاء المحكمة، الجرائم المنصوص عليها بمواثيق حقوق الإنسان كجرائم دولية تختص بنظرها المحكمة المرتقبة.
تعريف واجـب

والذى يهمنا استخلاصه من بعد هذا العـرض التاريخي المختصر وشـيوع وكثرة اسـتخدام مصطلح حقـوق الإنسـان أن يتحـدد المعنى ويضبـط التعريـف لمصطلـح "حقوق الإنسان وحرياته الأساسية" فى ضوء المستجدات الحالية وفى إطار سياق هذه الدراسة والتى تـرى أنه يعنى الآتي :ـ

” مجموعة الحقوق والحريات المقررة والمحمية بمقتضى المواثيق الدولية والإقليمية لكل كائن بشرى فى كل زمان ومكان ، منذ لحظة الإقرار بوجوده بوصفه كائنا حيا وحتى ما بعد وفاته ، والتى تلتزم الدول باقرارها وضمانها وحمايتها على اراضيها والمترتب على انتهاكها أو الإخلال بها المسئولية الدولية للدولة الحاصل على أرضها هذا الانتهاك بمقتضى المواثيق الدولية المعنية والمنضمة لها أمام الاليات الدولية والاقليمية المنشئة لهذا الغرض والمسئولية الجنائية الشخصية لمرتكب هذا الانتهاك ، وضمان تعويض المجنى عليه عنه فى حالة كون الانتهاك مما يعد جريمة وفقا لهذه المواثيق الدولية ، والتى توفر كذلك للفرد ضحية هذا الانتهاك صفة الشخصية الدولية بمنحة الحق فى اختصام الدول لدى الآليات الدولية والإقليمية المنشأة لهذا الغرض لتصحيح ما لدي الدول الأعضاء من مخالفات وتعويض المجنى عليه عنها ".
ومن الطبيعى أن هذا التعريف وفقا لما سبق بيانه ، لا يهدف حصراً أو جمعاً لهذه الحقوق والحريات أو تعريفاً لغويا أو علميا لها ولكن رأينا من الضرورة تحديد مدلول هذا المصطلح (الذى سيتكرر استخدمه فى هذا الدراسة) فى إطار السياق العام ومن المنظور القانونى بأعتباره الهدف من الدراسة ومحل جوانبها القانونية.


أهمية الدراسة وجوانبها

وفى خضم هذا المد العالمي الجارف لمبادئ حقوق الإنسان وحرياته والذى أدى إلى تصاعد وتعاظم الدور الهام والمتنامي لها فى إعداد وصياغة العلاقات الدولية وفى إعداد أطر وأشكال النظم الوطنية، جاء توقيت إعداد الدستور المصري الحالي، لذا كان من المحتم أن يلتزم المشرع الدستوري على نحو ما سلف بهذه المبادئ الدولية بالنحو الذى سنتعرض إليه فى هذه الدراسة من خلال أربعة فصول هى :
الأول :- الدسـتور المصـري ومبـادئ حقـوق الإنسان ( رؤية مقارنة مع الاتفاقيات الدولية والإقليمية ).
الثانى :ـ المحكمة الدستورية العليا ومبادئ حقوق الإنسان ( الرقابة القضائية على دستورية القوانين ).
الثالث :- الوضع القانوني للاتفاقيات الدولية والاقليمية لحقوق الإنسان فى النظام القانونى المصري
الرابع :ـ الإطار القانونى لضمان وحماية الإنسان فى مصر (وسائل الانتصاف الوطنية).
وسنعرض بالفصل الأول لثلاثة أجزاء، الأول عن مدى تناول الدستور المصرى لمبادئ حقوق الإنسان وحرياته الأساسية والضمانات الخاصة التى قررها الدستور فى هذا المجال والجزء الثانى عن مبادئ حقوق الإنسان التى أوردها الدستور المصرى مرتبة وفقاً لأبوابه الأربعة الأولى والتى تم تجميعها ودمجها فى (32 مبدأ) مع الإشارة إلى المواد المقابلة لها فى كل من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وكل من الميثاقين الأفريقي والعربي لحقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية ذات الصلة لإيضاح واثبات أن المواثيق الدولية لحقوق الإنسان والتى كانت قائمة وقت إعداد الدستور المصرى كانت هى المصدر الرئيسى الذى استقى منه المشرع الدستورى الحقوق والحريات التى حرص على تضمينها لأحكام الدستور لتغدو قواعد دستورية ذات المنزلة الأعلى وفقاً للنظام القانونى المصرى.
وسيتضمن الجزء الثالث من هذا الفصل إلى الضمانات الخاصة التى قررها الدستور المصرى فى مجال حقوق الإنسان وتأكيد عالميتها وحرص الدولة المصرية على إعلاء قيمة هذه الحقوق والحريات وإعطائها الحماية الجنائية والمدنية التى تكفل لمن يتعرض لأية انتهاكات لهذه الحقوق والحريات أن يلجأ للقضاء للمطالبة بمحاسبة المسئول عنها ومعاقبته جنائيا أن كان الفعل يعد جريمة وتعويضه عن الأضرار التى تلحق به من جراء الاعتداء عليها.
ثم سنتناول بالفصل الثانى المحكمة الدستورية العليا باعتبارها هى الجهة القضائية التى أناط بها المشرع الدستورى اختصاص الرقابة على دستورية القوانين. لذا ترجع أهمية تناول ما يتعلق بها باعتبارها الجهة المسئولة عن الحفاظ على مبادئ الدستور بما فيها الحقوق والحريات المنصوص عليها به، وبالتالى يمثل قضاءها فى هذا الخصوص التطبيق العملى والفعلى للحفاظ على حقوق الإنسان وحرياته الأساسية التى أوردها الدستور واسبغ عليها الحماية القضائية الممثلة فى هذه المحكمة، وسنتناول فى هذا الفصل ثلاثة أجزاء، الأول عن الرقابة القضائية على دستورية القوانين والرؤى والاتجاهات الأساسية للمحكمة الدستورية بشأن الحقوق والحريات الاساسية المنصوص عليها فيه وأسلوب تناولها لها، ثم فى الجزء الثانى، الربط بين ما صدر عن المحكمة من أحكام بعدم دستورية بعض النصوص التشريعية مصنفة وفقا للحقوق والحريات التى تناولتها تلك الأحكام وتم ذلك فى إطـار مبدأ أختير لها عدد يزيد على الثمانين حكماً من بين الأحكام الصادرة عن المحكمة. وسنعرض فى الجزء الثالث من هذا القسم للأثر الرجعى للأحكام الدستورية وما استقر عليه قضاء المحكمة فى هذا الشأن ومعالجة المشرع الوطنى لبعض الآثار المترتبة على هذا الأمر.
وسيتناول الفصل الثالث من هذه الدراسة الإجابة عن تساؤل هام حول الوضعية القانونية للاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان فى النظام القانونى المصرى. وسنعرض هذا التساؤل والإجابة عليه فى جزءين، الأول عن الاتفاقيات الدولية والإقليمية المنضمة لها مصر والتحفظات المبداة عليها،ثم سنتناول بالجزء الثانى العلاقة بين هذه الاتفاقيات والدستور المصرى والقوانين المصرية الأخرى، ثم تناول المشرع العقابى للأفعال المجرمة طبقاً لهذه المواثيق الدولية والتى تبلغ سبع اتفاقيات.
وبالفصل الرابع ستتناول الدراسة الإطار القانونى لضمان وحماية حقوق الإنسان فى مصر ( وسائل الانتصاف الوطنية ) وذلك فى جزءين الأول عن الهيئات القضائية طبقاً للنظام القانونى المصرى وهى الجهات المسئولة عن ضمان تنفيذ الاتفاقيات والقواعد القانونية والدستورية التى تكفل حماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية التى يكفلها الدستور والقانون، والجزء الثانى سيتناول الضمانات المقررة لأعضاء الهيئات القضائية والتى تكفل لهم الاستقلالية والحياد والموضوعية فى أداء عملهم ضماناً لسيادة القانون وفقا للمعايير الدولية لإدارة العدالة على نحو ما تتطلبه المواثيق الدولية المعنية فى هذا الشأن.

وسنرفق بالدراسة بياناً بمنطوق الأحكام الصادرة عن المحكمة الدستورية العليا والمشار إليها بالجزء الثاني من القسم الثانى من الدراسة مرتبة وفقاً لتاريخ الحكم، وذلك لإلقاء الضوء بشكل نوعى على تطـور الأحكام الدستورية تاريخيا فى ضوء التشريعات الوطنية التى تصدت لها.


الدستور المصري ومبادئ حقوق الإنسان




مقدمة

سـنعرض فى هذا الفصل إلى ثلاثة أجزاء : الأول عن الدستور المصرى ومدى تناوله لمبادئ حقـوق الإنسـان وحرياته الأساسية المقررة بالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان وأثر ذلك وفقاً للنظام القانونى المصرى، والثانى عن مبادئ حقوق الإنسـان التى تضمنها الدستور المصري بمراعاة الترتيب والتقسيم الوارد به وبشكل عام ودون الإشـارة إلى تفصيلات وشروح كل مبدأ على حدة والذى يضيق عنها ويحول دونها بطبيعة الحـال هـذا المقـام، وذلـك بالمقارنة مع النصوص المقابلة لها نصاً أو مضموناً بكل من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهدين الدوليين الخاصين بالحقوق المدنية والسياسية، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والاتفاقيات الدولية والإقليمية ذات الصلة ومما يجب الإشارة إليه فى هذا الصدد مراعاة الأخذ فى الاعتبار اختلاف الصياغات والتعبيرات بين هذه الصكوك إذ ليس المقصود من هذه المقارنة إجراء التطابـق الحرفى بين هذه النصوص وإنما المقصود توخى مضامينها وأبعاد معانيها والتى لا تخل فى مجملها بمقاصد تلك النصوص وأهدافها وتوحد المضامين الرامية إليها، ثم الجزء الثالث وسيتضمن بالتفصيل الضمانـات الخاصة التى قررها الدستور المصري فى مجال حقوق الإنسان.
مبادئ حقوق الإنسان والدستور المصرى

يقـوم النظام القانونى المصري شأنه فى ذلك شأن العديد من الأنظمة القانونية الوطنية للعديد من دول العالم، على الدستور باعتباره القانون الأعلى والأسمى والذى يحدد هيكل الدولة ونظام الحكم فيها والسلطات العامة واختصاصاتها وحقوق الأفراد وحرياتهم الأساسية والضمانات الدستورية لهذه الحقوق وتلك الحريات، وهو بذلك يعتبر القانون الأم والوثيقة الأساسية التى يلتزم بها ويعمل على أساسها ويحرص على الحفاظ عليها والالتزام بها كافة السلطات فى الدولة، التشريعية والقضائية والتنفيذية.
ويحتل الدستور كوثيقة أم لدى المصريين مكانة خاصة باعتباره كان مطلباً قوميـاً لحقبة طويلة من الزمن، وتمحورت حوله حركة الكفاح الوطنى منذ بدء عهد مصر الحديث سنة 1805 حتى صدور أول دستور للبلاد عام 1882، والذى ألغى نتيجة للاحتلال البريطاني. واستمرت حركة الكفاح الوطنى فى مسارها حتى صدور دستور الاستقلال عام 1923 ثم تعاقبت بعد ذلك الدساتير نظراً للظروف السياسية التى عاشتها البلاد، إلى أن صدر الدستور الدائم للبلاد عام 1971 وهو الدستور الساري حالياً، والذى جاء بعد استفتاء الشعب عليه فى 11/9/1971، وجرى تعديله فى 22/5/1980 بإضافة مجلس الشورى وسلطة الصحافة.
وقد كان من الطبيعي والمنطقي فى ظل الظروف والمستجدات الدولية والمتعلقة بموضوعات وقضايا حقوق الإنسان المعاصرة لتوقيت إعداد الدستور المصري الدائم الصادر عام 1971، أن يضع القائمون على إعداد الدستور المصري نصب أعينهم , فضلاً عما هو مستقر ومتعارف عليه عالمياً فى إعداد الدساتير وما ورد بالدساتير السابقة لمصر، كافة المبادئ المتعلقة بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية والمستجدات الحاصلة عليها والتى كانت تموج بها الساحة الدولية آنذاك بما صدر عنها من مواثيق وإعلانات وقرارات وأن يحرصوا على أن تتناولها أحكام الدستور من منظور الرؤية المصرية القومية، وفى إطار من الإدراك الكامل بدور مصر على الساحة الدولية وتأكيد احترامها لالتزاماتها الدولية والإقليمية.
ويمكن بإيجاز استخلاص أسس ودعائم التزام وحرص مصر على مبادئ حقوق الإنسان وحرياته الأساسية وإعلاء شأنها فيما يلى :

أولاً : أن مصر بحكم تكوينها الحضاري الفريد وتاريخها المتميز والممتد عبر آلاف السنين والذى إمتزج بقيم ومثل الأنبياء والكتب والرسالات السماوية الثلاثة، كانت مؤهلة حضارياً وقومياً ودينياً وثقافياً وسياسياً، لكي تكون من الدول الخمسين التى شـاركت بجدية واهتمام فى إعداد وصياغة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والصـادر عـن الأمم المتحدة فى عام 1948 ووقعت عليه وقت صدوره مما يعكس إدراكها بأهمية تواجد مثل هذا الصك الدولى، والمنسوب للتنظيم السياسى الدولى فى بداية عهده بالعمل على الساحة الدولية، والذى سيؤدى حتما إلى تمحور الجهود الدولية حوله وتضافرها لانجاحه.

ثانياً : أن الشريعـة الإسـلامية الغراء باعتبارها دين الدولة والمصدر الرئيسي للتشريع على نحـو ما نصـت عليـه المادة الثانية من الدستور، أتت سواء بالقرآن الكريم أو السنة النبوية الشريفة بقيـم ومبادئ وأحكام تشكل نظاماً متكاملاً يضمن للإنسان فى كل زمان ومكان وأياً كانت عقيدته حقوقه وحرياتـه فـى كافـة مناحي الحياة وهى بذلك تسبق من أربعة عشر قرناً- جميع ما استقر عليه المجتمع الدولى الآن من مبادئ فى هذا الصدد، وقد ساعد ذلك مصر وبغير شك على خلق مناخ موات وضاغط للوقوف بقوة إلى جانب كل الجهود الداعية إلى تكريم التواجد الإنساني على الأرض ونبذ كل صور التفرقة والعنف والقهر والدعوة إلى القضاء عليها.

ثالـثاً : أن مصر كانت وقت إعداد الدستور موقعة بالفعل فى 4/8/1967 على العهدين الدوليين للحقـوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والصادرين عن الأمم المتحدة فى عام 1966، ويعتبر كل من العهدين سالفي الذكر بمثابة الاتفاقيتين الأم لمبادئ حقوق الإنسان وحرياته، والإفراغ القانونى لمبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان فى قواعد قانونية دولية ملزمة تشكل أساس الشرعية الدولية لتلك المبادئ، ويؤكد ذلك أن مصر كانت حريصة على سرعة إقرار الشرعية الدولية لمبادئ حقوق الإنسان وحرياته الأساسية وتناولها من خلال القواعد الملزمة على الصعيد الدولى.
رابعاً : أن مصر اتساقاً مع رؤيتها القومية ونظمها القانونية وتقاليد وأعراف شعبها وتكوينها الثقافى والحضارى كانت منضمة بالفعل لعدد من الاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الإنسان والتى كانت قائمة ونافذة المفعول آنذاك مثل اتفاقيات جنييف الأربعة الخاصة بضحايا الحرب، واتفاقية مكافحة إبادة ***** البشرى والمعاقبة عليها واتفاقية اللاجئين واتفاقيتى مكافحة السـخرة (1930، 1957) واتفاقية مكافحة الرق والاتفاقيات المكملة لـه والاتفاقية الدولية لمكافحة الاتجار فى الأشخاص واستغلال دعارة الغير أو الاتفاقيات الدولية والتى كانت معدة للنفاذ مثل اتفاقية التفرقة العنصرية.
خامساً : أن الحصاد التاريخي للتجربة المصرية الوطنية بما تملكه من رصيد حضارى فريد، وما تتمتـع به شخصيتها القومية من سمات خاصة وقبول على الصعيد الدولى، ألقى على عاتق مصر مسئوليات هامة على الصعيد الدولى والأقليمي والعربى، وقد أدى ذلك إلى حتمية مشاركتها بفاعلية فى كافة مناحى الجهود الدولية مما جعل لها وضعاً خاصاً إزاء الدول وبصفة خاصة على الصعيد العربي والأفريقي باعتبارها مثلاً سيقتدي به فى هذا المضمار.

وقد عبرت وثيقة إعلان الدستور المصري الدائم عن الاتجاهات والمرتكزات الرئيسية التى سار على هديها المشرع الدستوري فى هذا المجال والتى جاءت مؤكدة للمنزلة الرفيعة لكافة مبادئ حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، حيث أوردت " أن هذا الدستور وضع إيماناً بأن التقدم السياسي والاجتماعي لكل الشعوب لا يمكن أن يجرى أو يتم إلا بحرية هذه الشعوب وإرادتها المستقلة و أن أى حضارة لا يمكن أن تستحق اسماً إلا مبرأة من نظام الاستغلال مهما كانت صوره أو ألوانه ".
كما أوردت بأنه " واقتناعاً بأن تجارب الوطن القومية والعالمية يتحقق بها تكامل يصل إلى حد الوحدة الكلية بين عالمية الكفاح الإنساني من أجل تحرير الإنسان سياسة واقتصـاداً وثقافة وفكراً والحرب ضد كل القوى ورواسب التخلف والسيطرة والاستغلال ".
أضافت بأنه " وإدراكاً بأن إنسانية الإنسان وعزته هى الشعاع الذى هدى ووجه خط سير التطور الهائل الذى قطعته البشرية نحو مثلها الأعلى، وأن كرامة الفرد انعكاس طبيعي لكرامة الوطن ذلك أن الفرد الذى هو حجر الأساس فى بناء الوطن، وبقيمة الفرد وبعمله وبكرامته تكون مكانة الوطن وقوته وهيبته وان سيادة القانون ليست ضماناً مطلوباً لحرية الفرد فحسب ولكنها الأساس الوحيد لمشروعية السلطة ".

ويعكس ما ورد بوثيقة إعلان الدستور الدائم لمصر، الرؤية القومية والثابتة لمصر على مدى التاريخ، بشأن تقديرها لكرامة الإنسان وعالمية حقوقه وتأكيدها على سيادة القانون كأساس لمشروعية السلطة، تلك الرؤية التى تواكب فى ذات الوقت حركة التاريخ وتستوعب بحق لكل المستجدات العالمية المعاصرة على الساحة الدولية خاصة ما يتعلق منها بمبادئ حقوق الإنسان وحرياته الاساسية على نحو ما استقرت عليه وأسفرت عنه الجهود الدوليـة فى هذا المجال إبان صدور الدستور المصرى الدائـــم.

من خلال هذه المنطلقات الفكرية والمقدمات المنطقية تبلورت الرؤية القومية المصرية لمبادئ حقوق الإنسان وحرياته الأساسية فى الحرص على النص عليها بالقانون الأم الدستور بكل التفاصيل التى تسمح بها طبيعة الوثيقة كدستور ومنحها ضمانات خاصة فى حالة المساس بها تكفل معاقبة المسئولين عن ذلك، وكفالة الدولة لتعويض الضحية عنها، فضلاً عن توفير الملاذات الآمنة للمدافعين عن حقوق الإنسان فى جميع أرجاء المعمورة بمنح من تعرض منهم للاضطهاد حق الالتجاء السياسي لمصر.
وتؤكد هذه الرؤية القومية الثابتة لمصر، مدى المكانة التى حظيت بها حقوق الإنسان وحرياته الأساسية فى مصر إذ أصبحـت بذلك نصوصا دستورية تتمتع بما تتمتع به هذه النصوص من حصانات وضمانات تسمو على القاعدة القانونية وفقاً للنظام القانونى المصري.
وترتب على إدراج مبادئ حقوق الإنسان وحرياته بنصوص الدستور المصري، تمتع هذه المبادئ وفقا للنظام القانونى المصرى بالميزات والآثار القانونية الآتية :

1- أن مبادئ حقوق الإنسان المنصوص عليها بالدستور،ستتمتع بالثبات والاستقرار الذى تتمتع به عادة النصوص الدستورية والمتمثل فى عدم المساس بها إلا طبقاً للإجراءات اللازمة دستورياً لتعديل الدستور. وهى إجراءات مطولة تشكل ضمانة فى ذاتها و تنتهـي بحتمية الرجـوع إلى الشـعب لاستفتائه على التعديـل (المادة 189 من الدستور )، ويكفل ذلك بطبيعة الحال أن المساس بأى من النصوص الدستورية المعنية بحقوق الإنسان وحرياته الاساسية لا يتم الا بموجب استفتاء شعبى تتوافر لـه الأغلبية الدستورية لاقراره وهو ما يجعل سلطة المساس بهذه النصوص بيد الشعب الذى لـه السيادة وحده والذى هو مصدر جميع السلطات فى الدولة.
2- أن مبـادئ حقوق الإنسان، بكونها نصوص دستورية، فأن ذلك يضعها على قمة المدراج التشريعي و تسمو بذلك فى مرتبتها على النصوص القانونية الأخرى التى تصدر عن السلطة التشريعية أو أى سلطة مختصة أخرى، وبالتالي يتعين على كافة السلطات حينما تقوم بمهامها التشريعية المختصة بها أو مباشرة اختصاصاتها الأخرى أن تلتزم بتلك النصوص الدستورية وتعمل على مقتضاها بما يضمن عدم المساس بتلك النصوص أو مخالفتها أو تعديلها من خلال النصوص القانونية الأدنى مرتبة منها.
3- سيتوفر لمبادئ حقوق الإنسان المنصوص عليها بالدستور الحماية القضائية الدستورية من خلال المحكمة الدستورية العليا التى أنشأها الدستور والتى تختص بالفصل فى دستورية القوانين بقضاء ملزم لكافة السلطات وتختص بمقتضى ذلك بالقضاء بعدم دستورية القوانين التى تصدر عن السـلطة التشريعيـة بالمخالفـة لتلـك المبادئ والحريات باعتبارها ستكون مشوبة بعيب عدم الدستورية ويترتب على هذا الحكم وقف العمل بالقانون المقضى بعدم دستوريته مــن اليـوم التالى لنشر الحكم بالجريدة الرسمية وامتداد الأثر الرجعى للحكم إلى يوم صـدور النص بالضوابط التى وضعتها المحكمة الدستورية العليا والمشرع الوطنى.
4- أنه من خلال التطبيق العملى للأحكام الصادرة عن المحكمة الدستورية العليا سيتحقق بشكل تدريجي ومنهجى وفعال وبمقتضى أحكام قضائية ملزمة رسوخ واستقرار للبنيان الدستورى وللنظام القانونى نتيجة لحصول كل من الأمرين الهامين الآتيين :
أ ـ تنقية التشريعات القانونية المختلفة والمتعددة فى كافة المجالات من كل ما قد تحتويه نصوصها من مخالفة أو مساس وانتقاص أو قيود لتلك المبادئ، وهو ما يوفر ضمانة قضائية مستقلة وسريعة لكل ذى مصلحة فى تعقب النصوص التشريعية المتناثرة التى قد يكون بها مساس بهذه الحقوق وتلـك الحريـات وحسم مدى دستوريتها بقضاء ملزم لكافة السلطات فى الدولة.
ب ـ حسم أوجه الخلاف أو التفسير حول النصوص التشريعية التى يتم الطعن عليها وتحصينها فى الأحوال التى تقضى فيها المحكمة الدستورية العليا برفض هذه الطعون.
5- أنه من خلال تصدى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية القوانين المطعون عليها والمتعلقة بمبادئ حقوق الإنسان ستتمكن فى حدود اختصاصها من تفسير الحقوق والحريات المنصوص عليها بالدستور واستخلاص مجالها ومداها وما يتصل بها من حقوق أخرى قد يكون غير منصوص عليها ولكن تحتويها تلك الحقوق والحريات فى حدود مضامينها المستقرة دولياً، وذلك بطبيعة الحال من خلال الرؤية الشاملة والمتكاملة للنصوص الدستورية والتى يتعين فهم مقاصدها فى ضوء مراعاة اتساقها مع إيقاع العصر وحقائق التطور، وليس فى صورة جامدة تقصرها على مجال زمني محدد، وفى ضوء ما انتهجته المحكمة الدستورية ذاتها من " أن الدستور وثيقة تقدمية لا تصد عن التطور آفاقه الرحبة، فلا يكون نسيجها إلا تناغماً مع روح العصر، وأن فهم النصوص الدستورية يتعين أن يكون على ضوء قيم أعلى غايتها تحرير الوطن والمواطن سياسيا واقتصادياً "
[ الحكم الصادر فى الدعوى رقم 7 لسنة 16 ق جلسة 1/2/1997 ]
6- أن اختصاص القضاء الدستوري بتفسير النصوص التشريعية بقرارات ملزمة سيضمن كذلك أن يتم تفسير النصوص التشريعية المتعلقة بحقوق الإنسان وحرياته اذا لزم الأمر على هدى من النصوص الدستورية المنظمة لها وذلك وفقا للإجراءات والقواعد المقررة فى هذا الشأن، وهو الأمر الذى سيتوفر به استقرار التطبيقات القضائية لتلك الحقوق والفصل فى المنازعات الدائرة حولها من خلال القرارات التفسيرية للنصوص التشريعية والتى قد تصدرها المحكمة الدستورية وتلزم بتطبيقها الجهات والهيئات القضائية عند ممارستها لاختصاصاتها.
7- أن الدفاع عن حقوق الإنسان سيغدو بمقتضى المادة (53) من الدستور سنداً دستورياً تمنح بمقتضاه الدولة حق الالتجاء السياسي لكل أجنبي اضطهد لهذا السبب، ويحظر بالتالي تسليمهم للدول التى تسعى ورائهم.
8- أن مبادئ حقوق الإنسان وحرياته والتى تضمنها الدستور ستحظى بالضمانة الخاصة التى نص عليها الدستور بالمادة (57) وهى " أن كل اعتداء على الحقوق والحريات العامة والحرية الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين وغيرها من الحقوق التى يكفلها الدستور والقانون، يتعين أن تكون جريمة " وبذلك فإن الاعتداء على مبادئ حقوق الإنسان وحرياته تدخل فى حومة المسئولية الجنائية التى تفرض معاقبة كل مرتكب لهذه الأفعال وتكفل بالتالي تعويض المجنى عليه عن الأضرار التى لحقت به من جراء تلك الأفعال، فضلاً عن عدم سقوط هذه الجريمة ولا الدعوى الناشئة عنها بالتقادم.
9 – أن مبـادئ حقوق الإنسان وحرياته والتى تضمنها الدستور والضمانات المقررة لها ستتمتع بما استقر عليه قضاء محكمة النقض منذ عام 1980 من مبادئ هامة والتى تضمنت أن النصوص الدستورية تتمتع بالإنفاذ الفوري والمباشر، منذ العمل بأحكام الدستور وما يخالفها من نصوص تشريعية تعتبر منسوخة ضمناً بقوة الدستور دون حاجة لانتظار قضاء دستوري أو تعديل تشريعي، وأوجبت بذلك إهدار مواد القانون التى تتعارض مع النصوص الدستورية سابقة كانت أم لاحقة على صدوره وباعتبار الدستور القانون الاسمى والأعلى صاحب الصدارة على المدرج التشريعي (سيشار تفصيلاً لهذا المبادئ والأحكام الصادرة بشأنه فى بالفصل الثانى من هذه الدراسة ).
ومما يؤكد حرص مصرى على إدراج مبادئ حقوق الإنسان وحرياته الأساسية بالدستور باعتباره الوثيقة الأعلى مرتبة فى النظام القانونى المصرى فإن مصر قامت باتخاذ الإجراءات الدسـتورية اللازمة لتعديـل دسـتورها والـتى انتهـت بالاسـتفتاء الحاصل فى 22/5/1980 وذلك بتعديل بعض المواد ليتوائم نظامها السياسى والاقتصادى مع المبادئ والحريات المقررة بالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان وقد جاء هذا التعديل فى وقت كانت مصر موقعة على العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية ولم يتيسر لها التصديق على العهد إلا فى عام 1981 بعد إتمام التعديل الدستورى المشار إليه وما تطلبه هذا التعديل من تعديلات على بعض التشريعات المصرية لتتواءم مع هذا التعديل الدستورى.
مبادئ حقوق الإنسان فى الدستور المصرى بالمقارنة مع الاتفاقيات الدولية والإقليمية

سنعنى فى هذا الجزء من الدراسة باستعراض مبادئ حقوق الإنسان وحرياته الأساسية التى تناولها الدستور المصرى فى أبوابه الأربعة الأولى وذلك بالترتيب الوارد فى مواد الدستور وأبوابه باعتباره المصدر الرئيسى لهذه الدراسة وسنشير إلى المادة حسبما وردت بالنص الدستورى ثم سنشير إلى المواد المقابلة لها بالاعلان العالمى لحقوق الإنسان ثم المواثيق الإقليمية الصادرة عن التجمعات الاقليمية التى تضم مصر ( افريقى / عربى ) ثم الاتفاقيات الدولية المعنية وهى بشكل أساسى كل من العهدين الأم و الاتفاقيات المنبثقة عنهما أو السابقة عليها أو صدرت تعزيزا لهما والتى عنيت بمبادئ حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، وكذا إلى الاتفاقيات الدولية والإقليمية ذات الصلة والتى صدرت أو دخلت حيز النفاذ أو لم تدخل بعد، وقت صدور الدستور.
وهذه المقابلة مع النصوص الدولية والتى سيتم إيضاحها من خلال مبدأ تم استخلاصها من الأبواب الأربعة الأولى من الدستور، لا تعنى بطبيعة الحال التطابق الحرفى واللفظي بين نصوص الدستور المصرى والنصوص الدولية محل المقابلة والتى كان بعضها سابقاً على الدستور، وبعضها لاحقاً على صدوره، وإنما تأتى هذه المقابلة بهدف إثبات أن النصوص الدولية السابقة على صدور الدستور وتعديله الحاصل فى 22/5/1980 كانت هى المصدر الرئيسى للنصوص الدستورية المصرية ذات الصلة والتى أفرزتها الصياغات الوطنية لتلك المبادئ فى إطار الهوية المصرية والرؤية القومية لها، أما بالنسبة للنصوص الدولية اللاحقة على صدور الدستور المصرى فأنها وإن كانت ترديداً وتفصيلا لنصوص سابقة إلا أنها تؤكد وبشكل قاطع أن هناك تلاقى كامل وارتباط بين الأهداف المرجوة والمعاني والمضامين المبتغاة من تلك النصوص سواء الواردة بالمواثيق الدولية أو الواردة بنصوص الدستور المصرى.
وسنشير تفصيلاً لتلك المبادئ على النحو التالى:
أولاً: مبادئ حقوق الإنسان التى تضمنها الباب الأول من الدستور:
تناول الدستور فى الباب الأول ما يتصل بالدولة وقد ورد فيه من مبادئ حقوق الإنسان المبادئ الآتية:

1- مبدأ الشعب مصدر السلطات:
ورد هذا المبدأ فى المادة الثالثة من الدستور والتى تنص على الآتي:
" السيادة للشعب وحده وهو مصدر السلطات ويحميها ويصون الوحدة الوطنية على الوجه المبين فى الدستور "
وتقابل هذه المادة بالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان المواد التالية:
أ - المادة 21 فقرة (3) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
ب- المادة 1 من اتفاقيتي الحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
ج ـ المادة (20) من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب.
د ـ المادة (19) من الميثاق العربي لحقوق الإنسان.

2- مبدأ الحرية السياسية:
ورد هذا المبدأ فى المادة الخامسة من الدسـتور والتى تنـص علـى الآتـي:
"يقوم النظـام السـياسي فـى مصر على أساس تعدد الأحزاب وذلك فى إطار المقومات والمبادئ الأساسية للمجتمع المصـري المنصــــوص عليهــا فى الدستور وينظم القانون الأحزاب السياسية"
وتقابل هذه المادة بالمواثيق الدوليـة لحقوق الإنسان المواد التالية.
أ - المادة 21 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
ب - المادة 25 من اتفاقية الحقوق المدنية والسياسية.
ج ـ المادة 13 من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان.
د ـ المادة 19 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان.
3- مبدأ الحق فى الجنسية
ورد هذا المبدأ فى المادة السادسة من الدستور والتى تنص على الآتى:
" الجنسية المصريـة ينظمها القانون "
وتقابل هذه المادة بالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان المواد التالية:
أ - المادة 15 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
ب - المادة 24 من اتفاقية الحقوق المدنية والسياسية.
ج ـ المادة 34 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان.

ثانياً: مبادئ حقوق الإنسان التى تضمنها الباب الثانى من الدستور:
تناول الدستور فى الباب الثاني والمعنون "المقومات الأساسية للمجتمع "، بعضاً من مبادئ حقوق الإنسان حيث ورد به المبادئ الآتية:

1 - مبدأ تكافؤ الفرص وعدالة التوزيع لأعباء التكاليف العامة:
ورد هذا المبدأ فى المادة الثامنة من الدستور والتى تنص على الآتي:
" تكفل الدولة تكافؤ الفرص لجميع المواطنين "
وتقابل هذه المادة من المواثيق الدولية لحقوق الإنسان ما يلى:
أ - المادة2 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
ب- المادة 2 من اتفاقيتي الحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
ج ـ المادة 3 من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب.
د ـ المادة 33 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان.
2- مبدأ حماية الأسرة والأمومة والطفولة ورعاية النشء والشباب:
ورد هذا المبـدأ فى كل من المادتين (9، 10) من الدستور وقد نصت المادة التاسعة على أن:
" الأسرة أسـاس المجتمع وقوامها الدين والأخلاق والوطنية وتحرص الدولة على الحفاظ على الطابع الأصيل للأسرة المصرية وما يتمثل فيه من قيم وتقاليد " …
ونصت المادة العاشرة على أن
" تكفـل الدولـة حماية الأمومة والطفولة وترعى النشء والشباب "
وقد ورد هذا المبدأ بالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان بالمواد التالية:
أ-المادتان 16، 25/2 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
ب- المادة 23 من اتفاقية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
ج- المادة 10 من اتفاقية الحقوق المدنية والسياسية.
د - المادة 18/1، 2 من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب.
هـ ـ المادة 38 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان.

..وقد صدر تعزيزاً لهذا المبدأ الاتفاقيات الدولية والإقليمية الآتية:
أ- اتفاقية حقوق الطفل.
ب - الميثاق العربي لحقوق الطفل.
ج ـ الميثاق الإفريقي لحقوق الطفل.
3 ـ مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة:
ورد هذا المبدأ بالمادة 11 من الدستور والتى تنص على الآتى:
" تكفل الدولة التوفيق بين واجبات المرأة نحو الأسرة وعملها فى المجتمع ومساواتها بالرجل فى ميادين الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية، ودون إخلال بقواعد الشريعة الإسلامية "
وتقابل هذه المادة بالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان مايلى:
أ- المادتان 1، 2 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
ب- المادة 3 من اتفاقيتي الحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
ج- المادة 18/3 من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان.
د ـ المادة 2 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان.
وقد صدر تعزيزاً لهذا المبدأ الاتفاقيات الدولية الآتية:
أ - اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
ب- اتفاقية الحقوق السياسية للمرأة.
ج - اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم (100) والخاصة بالمساواة فى الأجور.
د ـ الاتفاقية العربية لإنشاء منظمة المرأة العربية.
4 ـ مبدأ الحق فى العمل ومنع السخرة:
ورد هذا المبدأ فى المادة 13 من الدستور والتى تنص على الآتى:
" العمـل حق وواجب وشرف تكفله الدولة ويكون العاملون الممتازون محل تقديـر الدولـة ولا يجوز فـرض أى عمـل جـبراً على المواطنين إلا بمقتضـي قانـون لأداء خدمة عامة وبمقابل عادل "
وتقابل هذه المادة بالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان ما يلي:
أ - المادتان 4، 23 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
ب - المادة 7 من اتفاقية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
ج- المادة 8 من اتفاقية الحقوق المدنية والسياسية.
د – المادة 15 من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان.
هـ ـ المادة 31 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان.
وفى إطار هذا المبدأ صدرت الاتفاقيات الدولية الآتية:
أ - اتفاقية تحريم السخرة، اتفاقية العمل الدولية رقم (29).
ب - اتفاقية إلغاء السخرة والعمل الإلزامي، اتفاقية العمل الدولية رقم (105).
5 ـ مبدأ الحق فى تولى الوظائف العامة:
ورد هذا المبدأ فى المادة 14 من الدستور والتى تنص على أن الآتى:
" الوظائف العامة حق للمواطنين وتكليف للقائمين بها لخدمة الشعب ......"
وتقابل هذه المادة بالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان ما يلي:
أ - المادة21/2 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
ب- المادة25/5 من اتفاقية الحقوق المدنية والسياسية.
ج – المادة 13/2 من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان.
د ـ المادة 13 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان.
6 – مـبدأ الحـق فى توفير الخدمات الثقافية والاجتماعية والصحية والتأمين الاجتماعي:
ورد هـذا المبدأ بالمادتين 16، 17 من الدسـتور وقد نصت المادة 16 على الآتى:
"تكفل الدولة الخدمات الثقافية والاجتماعية والصحية، وتعمل بوجه خاص على توفيرها للقرية فى يسر وانتظام رفعا لمستواها "
وقد نصت المادة 17 على الآتى:
" وتكفل الدولة خدمات التأمين الاجتماعي والصحي ومعاشات العجز عن العمل والبطالة والشيخوخة للمواطنين جميعاً وذلك وفقا للقانون "
ويقابل ما ورد فى المادتين سالفتي الذكر، بالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، مايلى:
أ- المادتان 22، 24 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
ب-المواد 9، 12، 15 من اتفاقية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
ج – المادة 13/3 من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان.
د ـ المادة 30 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان.
7- مبدأ الحـق فى التعليم المجاني في مراحله المختلفة وجعله إلزامياً فى مراحله الأساسية:
ورد هذا المبدأ بالمادتين 18، 20 من الدستور وقد نصت المادة ( 18 ) على الآتي:
"التعليم حق تكفله الدولة وهو إلزامي بالمرحلة الإبتدائية وتعمل الدولة على مد الإلزام لمراحل أخرى...
وقد نصت المادة (20) على الآتي:
" التعليم فى مؤسسات الدولة التعليمية مجاني فى مراحله المختلفة "
ويقابل ما ورد فى المادتين سالفتي الذكر بالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان ما يلي:
أ- المادة 26 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
ب-المادة 13 من اتفاقية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
ج – المادة 17 من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان.
د ـ المادة 34 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان.
8 - مبدأ عدالة توزيع الدخل القومي وضمان الحد الأدنى للأجور والقضاء على البطالة ورفع مستوى المعيشة:
ورد هـذا المبدأ بالمادتين 23، 25 من الدسـتور وقد نصت المادة (23) على الآتي:
"ينظم الاقتصاد القومي وفقاً لخطة تنمية شاملة تكفل زيادة الدخل القومي وعدالة التوزيع ورفع مستوى المعيشة والقضاء على البطالة وزيادة فرص العمل وضمان حد أدنى للأجور.. "
وقد نصت المادة (25) على الآتي:
، " ولكل مواطن نصيب من الناتج القومي يحدده القانون..... "
ويقابل ما ورد فى المادتين سالفتي الذكر بالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان مايلى:
أ- المواد 23، 24، 25 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
ب- المواد 6، 7، 11 من اتفاقية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
ج ـ المادتان 15، 22 من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان.
د ـ المادتان 30، 33 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان.
9 - مبدأ صون حقوق الملكية الخاصة وحمايتها:
ورد هـذا المبدأ بالمادتين 34، 36 من الدسـتور وقد نصت المادة (34) على الآتي:
"الملكية الخاصة مصونة ولا يجوز فرض الحراسة عليها إلا فى الأحوال المبينة فى القانون وبحكم قضائى ولا تنتزع الملكية إلا للمنفعة العامة وبمقابل تعويض عادل وفقاً للقانون وحق الإرث مكفول "
وقد نصت المادة (36) على الآتي:
، " والمصادرة العامة للأموال محظورة ولا تجوز المصادرة الخاصة إلا بحكم قضائى "
ويقابل ما ورد فى كل المادتين سالفي الذكر بالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان مايلى:
أ- المادة 17 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
ب- المادة 14 من اتفاقية الحقوق المدنية السياسية.
ج – المادة 14 من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب.
د ـ المادة 25 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان.

ثالثاً: مبادئ حقوق الإنسان التى تضمنها الباب الثالث من الدستور:
1. أفرد الدستور الباب الثالث المعنون " الحريات والحقوق والواجبات العامة "، لبيان العديد من المبادئ التى أرستها المواثيق الدولية الصادرة فى مجال حقوق الإنسان، وسنتناولها بالترتيب الوارد بالدستور وهى:-

1 ـ المساواة فى الحقوق والواجبات وعدم التمييز أو التفرقة العنصرية:
ورد هـذا المبدأ بالمادة 40 من الدسـتور والتى تنص على أن:
" المواطنون لدى القانون سواء وهم متساوون فى الحقوق والواجبات العامة ولاتمييز بينهم فى ذلك بسبب ***** أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة "
وتقابل هذه المادة بالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان مايلى:
أ- المواد 1، 2، 7 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
ب- المادتان 2/2، 3 من اتفاقية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
ج- المواد 2/1، 3، 6، 27 من اتفاقية الحقوق المدنية والسياسية.
د – المادة 2 من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان.
هـ ـ المواد 1، 2، 9، 35 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان.
وصدر بشأن تعزيز هذا المبدأ الاتفاقيات الدولية الآتية:
أ - الاتفاقية الدولية للقضاء على التفرقة العنصرية وكافة صورها وأشكالها.
ب -الاتفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصرى والمعاقبة عليها.
ج- الاتفاقية الدولية لمناهضة الفصل العنصرى فى الألعاب الرياضية.
د - الاتفاقية الدولية لمكافحة التمييز ضد المرأة.
هـ - اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 111 بشأن مكافحة التمييز فى مجال الاستخدام المهنة.
و- الاتفاقية الخاصة بمكافحة التمييز فى التعليم.
2 ـ مبدأ الحق فى الحرية الشخصية وصونها وحمايتها:
أقر الدستور هذا المبدأ بالمادة 41 والتى تنص على أن:
" الحريـة الشخصية حـق طبيعى وهـى مصونـة لا تمس، وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأى قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وحماية أمن المجتمع ويصدر من القاضى المختص أو النيابة العامة ووفقا لأحكام القانون ويحدد القانون مدة الحبس الإحتياطى "
وتقابل هذه المادة بالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان مايلى:
أ- المادة 3 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
ب- المادة 9 من اتفاقية الحقوق المدنية والسياسية.
ج – المادة 6 من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب.
د ـ المادة 8 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان.
وتعزيـزا لهـذا المبدأ وحمايـة لـه صدرت الاتفاقية الدولية لمكافحة الرق 1926والبروتوكول المعدل لها والاتفاقية المكملة لها سنة 1956.

3 ـ مبدأ معاملة من تقيد حريته بما يحفظ كرامته وعدم جواز إيذائه بدنياً أو معنوياً أو تعذيبه وعدم حبسه فى غير الأماكن الخاضعة للقوانين الصادرة بشـأن السـجون وإهـدار الدليل المستمد من الإكراه والتهديـد وعـدم التعويل عليه:

ورد هذا المبدأ بالمادة 42 والتى تنص على أن:
" كل مواطن يقبض عليه أو يحبس أو تقيد حريته بأى قيد تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامة الإنسان ولا يجوز حجزه أو حبسه فى غير الاماكن الخاضعة للقوانين المنظمة للسجون وكل قول يثبت صدوره من مواطن تحت وطأة شيئ مما تقدم أو التهديد بشيئ منه يهدر ولا يعول عليه "
وتقابل هذه المادة بالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان مايلى:
أ- المادتان 5، 9 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
ب- المواد 7، 9/1، 10/1 من اتفاقية الحقوق المدنية والسياسية.
ج – المادة 5 من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب.
د ـ المادة 13/أ من الميثاق العربي لحقوق الإنسان.

وصدرت تعزيزا لهذا المبدأ اتفاقية خاصة هى الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب وغيرها من ضروب العاملة السيئة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.


4 ـ مبدأ عدم جواز إجـراء التجـارب الطبية أو العلمية على أى إنسان بغير رضائه الحر:
ورد هذا المبدأ بالمادة 43 من الدستور والتى تنص على الآتى:
" لا يجوز إجراء أى تجربة طبية أو علمية على أى إنسان بغير رضائه الحر "
وتقابل هذه المادة بالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان المواد التالية:
أ - المادة 3 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
ب- المادة 7 من اتفاقية الحقوق المدنية والسياسية.
ج ـ المادة 4 من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان.
د ـ المادة 13/5 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان.
5- مبدأ حرمة المساكن والحياة الخاصة للمواطنين:
تناول الدستور هذا المبدأ بالمادتين 44، 45 وقد نصت المادة 44 على الآتى:
" للمساكن حرمة فلا يجوز دخولها ولا تفتيشها إلا بأمر قضائى مسبب وفقاً لأحكام القانون "
وقد نصت المادة (45) على الآتي:
" لحياة المواطنين الخاصة حرمة يحميها القانون ولوسائل الاتصال حرمة وسريتها مكفولـة ولا تجوز مصادرتها أو الاطلاع عليها أو رقابتها إلا بأمر قضائى مسبب ولمدة محدودة وفقا لأحكام القانون "
وتقابل هذه المادة بالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان المواد التالية:
أ- المادة 12 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
ب- المادة 17 من اتفاقية الحقوق المدنية والسياسية.
ج – المادة 4 من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان.
د ـ المادة 17 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان.
6- مبدأ حرية العقيدة وممارسة الشعائر الدينية:
ورد هذا المبدأ فى المادة 46 من الدستور والتى تنص على أن:
" تكفل الدولة حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية "
وتقابل هذه المادة بالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان المواد التالية:
أ- المادة 18 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
ب- المادة 18 من اتفاقية الحقوق المدنية والسياسية.
ج – المادة 8 من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان.
د ـ المادتان 17، 26 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان.
7- مبدأ حرية الرأى والتعبير ووسائل الإعلام والنشر:
ورد هذا المبدأ فى المادتين 47، 48 من الدستور وقد نصت المادة 47 على الآتى:
" حرية الرأي مكفولة، ولكل إنسان التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير فى حدود القانون، والنقد الذاتي والنقد البناء ضمان لسلامه لبناء الوطن "
وقد نصت المادة (48) على الآتي:
" حرية الصحافة والطباعة والنشر ووسائل الإعلام مكفولة والرقابة على الصحف محظورة وإنذارها أو وقفها أو إلغاؤها بالطريق الإداري محظور ويجوز استثناء فى حالة الطوارئ أو زمن الحرب أن يفرض على الصحف والمطبوعات ووسائل الأعلام رقابة محددة فى الأمور إلتى تتصل بالسلامة العامة أو أغراض الأمن القومي وذلك وفقاً للقانون "
وتقابل كل من هاتين المادتين بالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان المواد التالية:
أ- المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
ب- المادة 19 من اتفاقية الحقوق المدنية والسياسية.
ج – المادة 9 من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب.
د ـ المادة 27 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان.
8- مبدأ حرية البحث العلمي والإبداع الأدبي الفني والثقافي:
ورد هذا المبدأ فى المادة 49 من الدستور حيث نصت على أن:
" تكفل الدولة للمواطنين حرية البحث العلمي والإبداع الأدبي والفني والثقافي وتوفير وسائل التشجيع اللازمة لتحقيق ذلك "
وتقابل هذه المادة بالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان المواد التالية:
أ- المادة 27 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
ب- المادة 15 من اتفاقية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
ج ـ المادتان 9/2، 17/2 من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان.
د ـ المادة 36 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان.

9- مبدأ حرية التنقل وعدم جواز الإبعاد عن الوطن أو منع العودة إليه:
ورد هذا المبدأ بالمادتين 50، 51 من الدستور حيث نصت المادة 50 على أنه:
" لا يجوز أن تحظر على أى مواطن الإقامة فى جهة معينة ولا أن يلزم بالإقامة فى مكان معين الا فى الأحوال المبينة فى القانون "
كما نصت المـادة 51 على أنـه:
" لايجوز إبعاد أى مواطن عن البلاد أو منعه من العودة إليها "
وتقابل كل من هاتين المادتين بالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان المواد الآتية:
أ- المادة 13 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
ب- المادة 12 من اتفاقية الحقوق المدنية والسياسية.
ج – المادة 12 فقرة 1، 2 من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان.
د ـ المادتان 21، 22 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان.

10- مبدأ حق اللجوء السياسي للاجئين الأجانب والمضطهدين بسبب الدفاع عن مصالح الشعوب وحقوق الإنسان أو السلام أو العدالة وحظر تسـليم اللاجئ السياسي:
ورد هذا المبدأ فى المادة 53 من الدستور والتى تنص على أن:
" تمنح الدولة حق اللجوء السياسى لكل اجنبى اضطهد بسبب الدفاع عن مصالح الشعوب أو حقوق الإنسان أو السلام أو العدالة وتسليم اللاجئين السياسيين محظور "
وتقابل هذه المادة بالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان المواد التالية:
أ - المادة 14 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
ب – المادة 12 فقرة 3 من الميثاق الافريقي لحقوق الإنسان.
ج ـ المادة 23 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان.

11- مبدأ حق الاجتماع الخاص:
ورد هذا المبدأ بالمادة 54 من الدستور والتى تنص على أنه:
" للمواطنين حق الاجتمـاع الخـاص فـى هـدوء غير حاملين سلاحاً ودون حاجة إلى إخطار سابق ولا يجوز لرجال الأمن حضور اجتماعاتهم الخاصة الاجتماعات العامة والمواكب والتجمعات مباحة فى حدود القانون "
وتقابل هذه المادة بالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان المواد التالية:
أ- المادة 20 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
ب- المادة 21 من اتفاقية الحقوق المدنية والسياسية.
ج – المادة 11 من الميثاق الافريقي لحقوق الإنسان والشعوب.
د ـ المادة 28 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان.
12- مبدأ حق الاشتراك فى الجمعيات وتكوينها:
ورد هذا المبدأ بالمادة 55 من الدستور والتى تنص على أن:
" للمواطنين حق تكوين الجمعيات على الوجه المبين فى القانون، ويحظر إنشاء جمعيات يكون نشاطها معاديا لنظام المجتمع أو سريا أو ذا طابع عسكريا "
وتقابل هذه المادة بالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان المواد التالية:
أ- المادة 20 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
ب- المادة 22/1 من اتفاقية الحقوق المدنية والسياسية.
ج – المادة 10 من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب.
د ـ المادة 28 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان.
13 – مبدأ حق إنشاء وتكوين الاتحادات والنقابات:
ورد هذا المبدأ بالمادة 56 من الدستور والتى تنص على أن:
" إنشاء النقابات والاتحادات على أسـاس ديمقراطي حـق يكفله القانون وتكون لها الشخصية الاعتبارية …. وهى ملزمة بمساءلة أعضائها عن سلوكهم فى ممارسة نشاطهم وفق مواثيق شرف أخلاقية، وبالدفاع عن الحقوق والحريات المقررة قانونا لأعضائها "
وتقابل هذه المادة بالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان المواد التالية:
أ- المادة 23/4 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
ب- المادة 22/1 من اتفاقية الحقوق المدنية والسياسية.
ج- المادة 8 من اتفاقية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
د ـ المادة 10 من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان.
هـ ـ المادة 29 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان.

14 – مبدأ حق الانتخاب والترشيح:
ورد هذا المبدأ بالمادة 62 من الدستور والتى تنص على أن:

" للمواطن حق الانتخاب والترشيح وإبداء الرأى فى الاستفتاء وفقاً لأحكام القانون ومساهمته فى الحياة العامة واجب وطني "
وتقابل هذه المادة بالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان المواد التالية:
أ- المادة 21 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
ب- المادة 25 من اتفاقية الحقوق المدنية والسياسية.
ج – المادة 13 فقرة 1 من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب.
د ـ المادة 19 من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان.

ويلاحظ فى هذا الباب انفراد الدستور المصري بتقرير مبدأ عام ورد بالمادة 57 هو أن كل اعتداء على الحرية الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين وغيرها من الحقوق العامة التى يكفلها الدستور والقانون، جريمة لا تسقط الدعوى الجنائية ولا المدنية الناشئة عنها بالتقادم وكفالة الدولة التعويض العادل لمن وقع عليه الاعتداء.
كما يلاحظ أنه بمقتضى المادة 53 من الدستور يحق للمضطهدين من المدافعين عن قضايا حقوق الإنسان أو السلام أو العدل، حق الالتجاء السياسي لمصر، وهو ما يعد تكريماً من مصر لكل المدافعين عن هذه القضايا التى تمس البشرية جمعاء.

رابعاً: مبادئ حقوق الإنسان التى شملها الباب الرابع من الدستور:
اشتمل الباب الرابع من الدستور والمعنون سيادة القانون على العديد من المبادئ الهامة لحقوق الإنسان وحرياته نوردها فيما يلى:
1- مبدأ استقلال القضاء وحصانته (المادة 65 من الدستور):
ورد هذا المبدأ بالمادة 65 من الدستور والتى تنص على أن:
" تخضع الدولة للقانون واستقلال القضاء وحصانته ضمانان أساسيان لحماية الحقوق والحريات "
وتقابل هذه المادة بالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان المواد التالية:
أ- المادة 10 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
ب- المادة 14/1 من اتفاقية الحقوق المدنية والسياسية.
ج – المادة 26 من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان.
د ـ المادة 7 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان ( ورد هذا المبدأ ضمنا بعبارة " محاكمة قانونية لـه فيها الضمانات الضرورية " )

2- مبـدأ شخصية العقوبة وأنه لاجريمـة ولاعقوبة إلا بنـاء على قانـون ولا توقع عقوبة إلا بحكم قضائى وعلى الأفعال اللاحقة على تاريخ نفاذ القانون:
ورد هذا المبدأ بالمادة 66 من الدستور التى تنص على أن:
" العقوبة شخصية ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانـون ولا توقع العقوبة إلا بحكم قضائى، ولا عقاب على الأفعال اللاحقة لتاريـخ نفاذ القانون "
وتقابل هذه المادة بالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان المواد التالية:
أ- المادة 11/2 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
ب- المادة 14/2، 3 من اتفاقية الحقوق المدنية والسياسية.
ج – المادة 7/2 من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان.
د ـ المادة 6 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان.


3- مبدأ براءة المتهم حتى تثبت إدانته:فى محاكمة قانونية تكفل لـه فيها حق وضمانات الدفاع عن نفسه:
ورد هذا المبدأ بالمادة 67 من الدستور والتى تنص على أن:
" المتهم برئ حتى تثبت أدانته فى محاكمة قانونية تكفل لـه فيها ضمانات الدفاع عن نفسه ولكل متهـم فى جناية يجب أن يكون لـه محام يدافع عنه "
وتقابل هذه المادة بالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان المواد التالية:
أ- المادة 11/1 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
ب- المادة 14/2، 3 من اتفاقية الحقوق المدنية والسياسية.
ج – المادة 7/1 من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان.
د ـ المادة 7 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان.

4 – مبدأ حق التقاضي للكافة واللجوء إلى القاضى الطبيعي وكفالة تقريب جهات القضاء وسرعة الفصل فى القضايا وحظر النص على تحصين أى عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء:
ورد هذا المبدأ فى المادة 68 من الدستور والتى تنص على أن:
" التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة ولكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي وتكفل الدولة تقريب جهات القضاء من المتقاضين وسرعة الفصل فى القضايا يحظر النص فى القوانين على تحصين عمل أو قرار إداري من رقابه لقضاء "
وتقابل هذه المادة بالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان المواد التالية:
أ- المادة 8 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
ب- المادة 2/3، 14/1 من اتفاقية الحقوق المدنية والسياسية.
ج – المادة 7/1 بند أ من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان.
د ـ المادة 9 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان.

5 – مبدأ حق الدفاع وكفالته لغير القادرين:
ورد هـذا المبـدأ بالمـادة 69 من الدستور والتى تنص على أن:
" حق الدفاع أصالة أو بالوكالة مكفول ويكفل القانون لغير القادرين ماليا وسائل الالتجاء إلى القضاء للدفاع عن حقوقهم "
وتقابل هذه المادة بالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان المواد التالية:
أ- المادة 11/1 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
ب- المادة 14/3 من اتفاقية الحقوق المدنية والسياسية.
ج – المادة 7/1 بند ج من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان.
د ـ ورد ضمنا فى المادة 7 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان.

6 - حق الإبلاغ الفوري بسبب القبض أو الاتصال بمن يرى إبلاغه وإعلانه على وجه السرعة بالتهمة الموجهة إليه وحق التظلم من الإجراء الحاصل على حريته:
ورد هذا المبدأ بالدستور بالمادة 71 والتي تنص على أن:
" يبلغ كل من يقبض عليه أو يعتقل، بأسباب القبض عليه أو اعتقاله فوراً ويكون لـه حـق الاتصال بمن يرى إبلاغه بما وقع أو الاستعانة به على الوجه الذى ينظمه القانون، ويجب إعلانه على وجه السرعة بالتهمة الموجهة إليه وله ولغيره التظلم أمام القضاء من الإجراء الذى قيد حريته وينظم القانون حق التظلم بما يكفل الفصل فيه خلال مدة محددة وإلا وجب الإفراج حتما "
وتقابل هذه المادة بالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان المواد التالية:
أ- المادة 9 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
ب- المادة 9 من اتفاقية الحقوق المدنية والسياسية.
ج ـ المادة 7 من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان.
د ـ المادة 8 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان.

ويعكس بوضوح ما سلف استعراضه من مبادئ لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية على نحو ما تناولها الدستور المصرى مدى الالتزام الكبير للمشرع الدستوري المصري بمـا أوردته المواثيق الدولية من حقوق أو حريات للإنسان عند وضعه للدستور، حيث ضمن مواده بالقدر المناسب والملائم لطبيعة الوثيقة كدستور وبما يتفق مع الصياغات الملائمة للواقع والمناسبة لظروف البلاد والهوية المصرية، وبشكل عام دون تفصيل كافة مبادئ حقوق الإنسان وحرياته والتى تضمنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية ذات الصلة، وقد يدور تساؤل هام فى هذا السياق هو عدم ذكر الدستور المصرى لبعض الحقوق تفصيلا مثل حق الزواج واختيار الزوجة وحق الأباء فى اختيار وسائل تنشئة الابناء وقد تكفلت المحكمة الدستورية فى مصر على نحو ما سيتم إيضاحه تفصيلا بالقسم الثانى بالرد على هذا التساؤل حيث جرى قضائها إلى ان اغفال بعض الوثائق الدستورية النص على بعض الحقوق لا يعنى التفاتها عنها أو رفضها لها وأنما يتعين ربط النصوص الدستورية ببعضها إذ أن ذلك يرشح لحقوق لم ينص عليها الدستور.

وقد تجاوز الدستور المصرى حسبما سلف العديد من الضمانات وأوجه الحماية الدولية والعديد من الوثائق الدستورية الوطنية لعديد من الدول فى تقرير ميزات خاصة بما يتعلق بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية وذلك بما قرره من ضمانات خاصة متعلقة بتجريم أفعال الاعتداء عليها وعدم سقوط الدعوى المدنية أو الجنائية الناشئة عنها بالتقادم، وكفالة الدولة لتعويض الضحية عنها فضلا عن تمتع هذه المبادئ، باعتبارها أصبحت نصوص دستورية، بالحماية القضائية عن طريق المحكمة الدستورية العليا بما توفره من رقابة على دستورية القوانين وما يوفره كذلك نص المادة (53) من منح اللجوء السياسي للمضطهدين من الأجانب المدافعين عن حقوق الإنسان.
وبذلك أكدت مصر وبصدق رغبتها فى الالتزام بالرؤى القومية لحقوق الإنسان وحرياته وحرصت على مواكبة دستورها الدائم لكل القيم الغالية التى اجمع عليها المجتمع الدولى وأصبحت مساراً حتمياً واختياراً لا بديل عنه تعاد من خلاله ليس فحسب صياغة كل العلاقات الدولية والتشريعات الوطنية بل تنقية وتهذيب السلوك البشرى ذاته من كل ما علق به مخالفاً لتلك المبادئ والحريات وصولاً للأهداف المرجوة للمجتمع البشرى وسنشير تفصيلا إلى تلك الضمانات الخاصة فى الجزء الثالث من هذا الفصل من الدراسة.
الضمانات الخاصة التى قررها الدستور المصري فى مجال حقوق الإنسان

ولم يقف المشرع الدستوري المصري حسبما سلف إيضاحه فى صياغته للرؤية القومية المصرية لمبادئ حقوق الإنسان وحرياته الأساسية عند النص على مبادئ حقوق الإنسان وحرياته فى مواد الدستور بالصياغات المناسبة وبالتالي تمتعها بما تتمتع به النصوص الدستورية من حصانات وميزات وحصانة قضائية لها عن طريق المحكمة الدستورية العليا فحسب بل تجاوز ذلك بأن خصها المشرع الدستورى بتقريـر ضمانات دستورية هامة وهى بإيجاز ما يلى:
1- ما نصت عليه المادة (53) والسالف الإشارة إليها ضمن المبادئ التى يشملها الباب الثالث من الدستور، والتى تنص على ما يلى:
" تمنح الدولة حق الالتجاء السياسي لكل أجنبى اضطهد بسبب الدفاع عن مصالح الشعوب أو حقوق الإنسان أو السلام أو العدالة وتسليم اللاجئين السياسيين محظور".
2- ما نصت عليه المادة 57 السالف الإشارة إليها ضمن المبادئ التى شملها الباب الثالث من الدستور والتى تجرى بأنه
" أن كل اعتداء على الحرية الشخصية وحرمة الحياة الخاصة للمواطنين وغيرها من الحقوق والحريات التى يكفلها الدستور جريمة لاتسقط الدعوى المدنية والجنائية عنها بالتقادم وكفالة الدولة للتعويض العادل لمن وقع عليه الاعتداء ".
وقد أعطى الدستور المصري بذلك لمبادئ حقوق الإنسان وحرياته الاساسية ضمانات دستورية لم تعرف طريقها بعد إلى القوانين الدولية المعنية بحقوق الإنسان والتى اقتصرت على الالتزام بتأثيم جرائم الحرب وأفعال إبادة الأجناس والتعذيب والتفرقة العنصرية طبقاً للاتفاقيتين المعنيتين، وهذه الضمانات التى ينفرد بها الدستور المصري تعكس بصدق وواقعية ما أولاه الدستور من تقدير واحترام لمبادئ حقوق الإنسان وحرياته وأبانت كذلك المنزلة التى تحتلها هذه المبادئ كقواعد دستورية يتعين على كافة سلطات الدولة الالتزام بها عند ممارستها لاختصاصاتها أو عند تناول المشرع الوطنى للأحكام المتعلقة المتصلة المسئولية القانونية سواء المدنية أو الجنائية التى يمكن أن تترتب عليها.
وتشير كل من المادتين سالفتى الذكر لعدة قواعد دستورية وقانونية أساسية هى:
1- أن الدفاع عن حقوق الإنسان أصبح سبباً دستورياً من أسباب اللجوء السياسي إذ أعلنت مصر إلى العالم أجمع من خلال دستورها، قبولها لمنح حق الالتجاء السياسي للأجانب المضطهدين بسبب الدفاع عن حقوق الإنسان وعدم تسليمهم، وهو الأمر الذى يجعل من مصر ملاذاً أمناً للمضطهدين من الأجانب بسبب دفاعهم عن مبادئ حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، وهو تكريم تعبر به مصر عن وقوفها الدائم وغير المشروط بجانب نصرة مبادئ حقوق الإنسان، ليس فى مصر فحسب، بل لكل إنسان فى بقاع الأرض.
2- أن المشرع ملتزم بتأثيم كافة الأفعال التى تشكل اعتداء على الحرية الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين وغيرها من الحقوق والحريات العامة والتى يكفلها الدستور وهو مايعنى الزام المشرع الوطنى بتجريم هذه الأفعال و تقرير عقوبات جنائية مناسبة لمرتكبيها ومحاكمتهم عنها لانزال العقاب بهم وفقاً للقانون على من يثبت ارتكابه لها.
3- أن النص على تجريم هـذه الأفعال سيتيح للمجنى عليه والمضرور مطالبة المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية بالتعويض عما لحقه من ضرر نتيجة ما وقع عليه من اعتداء سواء أثناء المحاكمـة الجنائية للمتهم أو عن طريق القضاء المدنى وفقاً لأحكام النظام القانونى المصري.
4- أن تلك الأفعال المجرمة لاتسقط عنها الدعوى الجنائية أو المدنية بمضى المدة ويكشف ذلك عن حكمة المشرع الدستوري وهدفه فى ألا تكون الظروف والاعتبارات التى قد يشكل تواجدها خوفاً أو رهبة للمجنى عليه تحول بينه وبين الإبلاغ عنها وعن الجانى وقت وقوع الاعتداء عليه، سبباً فى هروب مرتكبى تلك الأفعال من العقاب إعمالاً لمبدأ التقادم.
5- كفالة الدولة للتعويض عن الأضرار التى تلحق بمن وقع عليه الاعتداء من مثل هذه الأفعال الأمر الذى يضمن حقوق المجنى عليه والمضرور فى جميع الأحوال التى تكتمل فيها الاركان القانونية للمسئولية وفقاً لأحكام القانون المصري.

ويشار إلى أنه فى اطار التطبيق الفعلى لأحكام هذه المادة، فقد صدر عن محكمة النقض المصرية حكماً هاماً أرست به المحكمة مبدأ هاماً مقتضاه الإنفاذ المباشر للمادة (57) المشار إليها على المنازعات المعروضة على القضاء دون ما حاجة لتدخل المشرع لتضمين أحكامها بالقانون، وذلك فيما يتعلق بعدم سريان التقادم باعتبار أن القاعدة الدستورية تسمو على القاعدة القانونية، وأنه بصدورها تنسخ مايخالفها من القواعد القانونية الأدنى مرتبة منها على المدرج التشريعى.
وإذ كان ما تقدم قدراً من الضمانات الخاصة التى اقرها الدستور المصرى الدائم فيما يتعلق بمبادئ حقوق الإنسان والمدافعين عنها إلا أن ذلك كله مشمول بالضمانة الهامة الممثلة فى توفير الحماية لمبادئ حقوق الإنسان وحرياته الاساسية استناداً لكونها نصوص دستورية فى النظام القانونى المصري وذلك عن طريق المحكمة الدستورية العليا المنوط بها الرقابة على دستورية القوانين وتفسير النصوص التشريعية بأحكام وقرارات ملزمة لكافة السلطات بالدولة، وهو ما يكفل الحصانة الدستورية لتلك المبادئ ويحول دون المساس بها بأى أداة تشريعية أدنى مستوى ويحقـ ق فى ذات الوقت توحيد مفهوم نصوص الدستور من خلال جهة قضائية مستقلة، بما يوفر استقرار تلك الحقوق وحمايتها وهو ما سوف نتناوله فى القسم الثانى من هذه الدراسة.
المحكمة الدستورية العليا ومبادئ حقوق الإنسان


مقدمة
جاء الدستور المصرى الدائم محققا الحماية لنصوصه وأحكامه من خلال تقرير الرقابة القضائية على دستورية القوانين بإنشاء المحكمة الدستورية العليا والتى أناط بها القيام بهذا الاختصاص. وبما أن الدستور المصرى قد تضمنت مواده مبادئ حقوق الإنسان وحرياته الأساسية فقد بات من الطبيعى أن تكون النصوص الدستورية الحاوية لهذه المبادئ هى صاحبة السبق فى نظرها أمام المحكمة الدستورية العليا للفصل فيما يخالفها من نصوص تشريعية وطنية.
وقد بدأ القضاء الدستورى المتخصص عمله فى مصر منذ عام 1969 بإنشاء المحكمة العليا إلى أن صدر قانون إنشاء المحكمة الدستورية العليا عام 1979 وسنعرض بهذا الفصل إلى ثلاثة أجزاء الأول عن الرقابة القضائية لدستورية القوانين وعرض لنشأة المحكمة ومقتطفات عن رؤيتها لحقوق الإنسان من خلال حيثيات أحكامها، ثم الجزء الثانى عن التطبيقات العملية للأحكام الدستورية فى هذا المجال من خلال الأحكام الصادرة بعدم الدستورية بشأن النصوص التشريعية المتعلقة بثمانية عشر مجموعة من مبادئ حقوق الإنسان، ثم الإشارة فى الجزء الثالث إلى الإشكالية المتعلقة بالأثر الرجعى للأحكام الدستورية وكيفية تناول المشرع الوطنى لها.


الرقابة القضائية على دستورية القوانين

ويتضح من استعراضنا السابق أن مصر أولت حقوق الإنسان وحرياته الأساسية الواردة بالمواثيق الدولية عناية خاصة، حيث تضمنتها مواد دستورها الدائم، وقد أقام لها هذا سياجاً قوياً يكفل لها ما تتمتع به النصوص الدستورية من حجية والتزام أمام كافة السلطات فى الدولة عند ممارستها لسلطاتها على صعيد التطبيق العملى على المستوى القومي، وذلك تأكيداً لمبدأ أن سيادة القانون أساس الحكم فى الدولة المنصوص عليه فى المادة 65 من الدستور.
وفى إطار تحقيق هذا الالتزام الذى يستوجب بداهة عدم خـروج القوانين واللوائح وغيرها عن أحكام الدستور باعتباره القانون الأسمى وضمانـاً لالتزام الدولة بأحكامه، نص الدستور المصري الدائم على إنشاء المحكمة الدستورية العليا وهى هيئة قضائية مستقلة أناط لها الدستور دون غيرها اختصاص الرقابة على دستورية القوانين واللوائح وتفسير النصوص التشريعية وذلك بأحكام وقرارات تنشر بالجريدة الرسمية وتكون ملزمة لجميع السلطات وللكافة (المواد 174، 175، 178 من الدستور ).
وقد انتهج المشرع الدستوري بذلك مبدأ الرقابة على دستورية القوانين واللوائح من خلال هيئة قضائية وآخذاً بقاعدة مركزية الرقابة والالتزام بأحكامها لجميع سلطات الدولة وللكافة، وهو مايعنى عدول المشرع الدستوري عما كان سائداً آنذاك بالجهات القضائية مما عرف برقابة الامتناع أى امتناع الجهة القضائية عن تطبيق النص المخالف للدستور فى النزاع المعروض وذلك حيث لم تعرف الدساتير المصرية السابقة مبدأ الرقابة القضائية على دستورية القوانين.
وقد جاء المشرع الدستورى موفراً لجوء الكافة للمحكمة عن طريق إجراءات مبسطة ومصاريف يسيرة مما يعكس رغبة المشرع الدستورى فى تحفيز الكافة على اللجوء للمحكمة للفصل فى دستورية القوانين بأحكام نهائية وملزمة يتحقق بها الاستقرار للبنيان التشريعى وللحقوق والحريات المكفولة بمقتضى الدستور.
وبناء على ما تقدم توافرت لمبادئ حقوق الإنسان الواردة بالدستور الحماية القضائية المقررة للنصوص الدستورية من خلال الرقابة القضائية على دستورية القوانين بواسطة جهة قضائية مستقلة هى المحكمة الدستورية العليا.
ورغم الفترة الزمنية القصيرة التى تواجد فيها القضاء الدستوري فى البنيان القضائى المصري (1969 – 2002)، فقد شهدت ساحته العديد من الاجتهادات البارزة لرجال القانون فى مصر إذ عرض الكثير من الأنزعة التى تتعلق بمدى دستورية بعض النصوص التشريعية فى مختلف المجالات.
وقد صـدر عن المحكمة العليا ومن بعدها المحكمة الدستورية العليا العديد من الأحكام التى أرست ورسخت المعانى السامية والقيم الرفيعة التى تضمنتها النصوص الدستوريـة المتعلقة بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية وتحقق بها ما ابتغاه المشرع الدستوري من توفير الرقابة القضائية على ما يتضمنه الدستور من مبادئ متصلة بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية أو غيرها من القواعد التى يقوم عليها البنيان الدستورى.
وخلال فترة عمل المحكمة العليا ( 69 – 1979 ) جاءت أحكامها فيما عرض عليها بمقتضى القانون المحدد لاختصاصها آنذاك من الأنزعة الدستورية حول القضاء بعدم دستورية النصوص التشريعية التى كانت تحول دون اللجوء إلى القضاء والتى كانت تنص على نهائية القرارات الصادرة من الجهات المخول لها إصدار بعض القرارات أو تحول دون التظلم من بعض القرارات، وارتكن قضاء المحكمة العليا على مخالفة ذلك لحق التقاضى المكفول للكافة بمقتضى الدستور.
وكذلك تعرض قضاء المحكمة العليا للمصادرة الإدارية حيث قضت بعدم دستوريتها إعتباراً من تاريخ نفاذ الدستور فى 11/9/1971، والذى جاء محرماً للمصادرة الخاصة.
[ الدعوى رقم 3 لسنة 8 قضائية دستورية جلسة 4/3/1978 ] ومن أمثلة ما قضت به المحكمة العليا فى هذا الشأن ما يلى :
1. عدم دستورية المادة الأولى من القانون 119 لسنة 1964 قبل تعديلها بالقانون 59 لسنة 1968 والتى قضت على أنه لا يجوز الطعن فى قرارات رئيس الجمهورية الصادرة وفقاً لأحكام القانون المذكور لمخالفة ذلك لدستور 1958، وكذلك المادة الأولى التى خولت لرئيس الجمهورية حق إعتقال أى شخص دون أن توجه إليه أية تهمة، وأفصحت المحكمة على أن رقابة المحكمة الدستورية للقوانين تدور فى نطاق الدستور الذى يحتكم إليه وهو الدستور الذى صدر القانون المطعون فيه فى ظله والدستور الذى عمل به بعد ذلك وظل معمولاً به طوال فترة سريانه.
[ الدعوى رقم 5 لسنة 7 قضائية عليا جلسة 1/4/1978 ].
2. عدم دستورية المادة التاسعة من القانون 80 لسنة 1947 بتنظيم الرقابة على عمليات النقد فيما نصت عليـه مـن أنـه فى حالة عدم الإذن برفع الدعوى، يجوز لوزير المالية أو من يندبه مصـادرة المبلغ موضـوع المخالفة، وذلك إعتباراً من تاريخ نفاذ الدستور فى 11/9/1971 لأنه حرم المصادرة الخاصة.
[ الدعوى رقم 3 لسنة 8 قضائية عليا جلسة 4/3/1978 ]

وبصدور القانون رقم 48 لسنة 1979 بشأن المحكمة الدستورية العليا، حرص المشرع على توسعة نطاق الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح فنص على ثلاث طرق لتحقيق هذه الرقابة :ـ
• حق جهة القضاء فى اللجوء من تلقاء نفسها إلى المحكمة الدستورية للفصل فى دستورية نص لازم للفصل فى النزاع المعروض أمامها.
• حق أحد الخصوم فى الدفع بذلك أمام جهة القضاء التى تنظر دعواه.
• تخويل المحكمة الدستورية العليا أن تقضى من تلقاء نفسها بعدم دستورية نص فى قانون أو لائحة يعرض لها بمناسبة ممارسة جميع اختصاصاتها .

وقد واصلت المحكمة الدستورية العليا بعد صدور قانونها وحلولها محل المحكمة العليا فى أداء دورها، الذى اتسع نطاقه عما كان عليه فى ظل قانون المحكمة العليا، وتواصل عملها فى القضاء بعدم دستورية النصوص التشريعية التى كانت أو جاءت معارضة أو مخالفة أو تمس حقوق الإنسان وحرياته المنصوص عليها فى الدستور وقد صاغت بأسباب أحكامها المنهج الفكري والأساس النظري الذى يقوم عليه مفهومها ورؤيتها لتلك الحقوق والحريات ومداها فى الدولة القانونية.

ففى مجال حقوق المواطن وحرياته الأساسية :
أوردت بأسباب أحكامها إن مضمون القاعدة القانونية التى تسمو فى الدولة القانونية عليها، وتتقيد هى بها، إنما يتحدد فى ضوء مستوياتها التى التزمتها الدول الديمقراطية بإطراد فى مجتمعاتها، واستقر العمل على انتهاجها وبالتالى لا يجوز للدولة القانونية أن تنزل بالحماية التى توفرها لحقوق مواطنيها وحرياتهم عن الحدود الدنيا لمتطلباتها المقبولة بوجه عام فى الدول الديمقراطية ولا أن تفرض على تمتعهم بها أو مباشرتهم لها قيوداً تكون فى جوهرها أو مداها مجافية لتلك التى درج العمل فى النظم الديمقراطية على تطبيقها، بل أن خضوع الدولة للقانون محدداً فى ضوء مفهوم ديمقراطى مؤداه ألا تخل تشريعاتها بالحقوق التى يعتبر التسليم بها فى الدول الديمقراطية مفترضاً أولياً لقيام الدولة القانونية وضمانة أساسية لصون حقوق الإنسان وكرامته وشخصيته المتكاملة ".
[ الحكم الصادر فى القضية 22 لسنة 8 قضائية جلسة 4/1/1992 نشر بالجريدة الرسمية العدد رقم 4 لسنة 1992 بتاريخ 23 /1/1992 ]
وفى مجال تنظيم الحقوق والحريات العامة :
أشارت إلى أن السلطة التقديرية التى يملكها المشرع فى هذا المجال لا يجوز أن تنال من الحق محل الحماية الدستورية بالنقص أو الانتقاص وأن ممارسة المشرع للسلطة التقديرية فى هذا المجال يكفى فيه أن يكون التنظيم مستهدفاً أغراضاً يقتضيها الصالح العام.
[ الحكم الصادر فى القضية رقم 16 لسنة 15 قضائية دستورية، جلسة 14/1/1995 والمنشور بالعدد رقم (6) فى 9/2/1995 ].
وعن حقوق الإنسان المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية :
أوردت أن حقوق الإنسان وحرياته التى كفلها الدستور لا يجوز عزلها عن بعض أو تجزئتها ـ إذ من المتعين توافق هذه الحقوق لتتكامل بها الشخصية الإنسانية فى أكثر توجانها عمقا ونبلاً، وأن الأصل فى الحقوق المدنية والسياسية هو اتسامها بإمكان توكيدها قضاء وإنفاذها جبراً، أنه يتعين امتناع الدولة من التدخل فى نطاقها دون مقتضى.
أما الحقوق الاقتصادية والاجتماعية فلا يتصور ضمانها إلا من خلال تدخل الدولة ايجابيا لتقريرها عن طريق الاعتماد على مواردها الذاتية التى تتيحها قدراتها ولهذا قد لا تنفذ نفاذاً فورياً بل تنمو ونتطور بالنظر إلى مستوياتها وتبعا لنطاقها.
[ الحكم الصادر فى القضية 30 لسنة 16 ق دستورية جلسة 6/4/1996 والمنشور بالجريدة الرسمية العدد رقم 16 بتاريخ 18/4/1996 ]

وعن الحق فى المحاكمة القانونية :
أشارت المحكمة إلى إن الحق فى المحاكمة القانونية الذى أورده الدستور فى سياق المادة 67، أنه يشمل الحق فى المحاكمة المنصفة، إذ أوردت المحكمة الدستورية العليا فى أحكامها أن الحق فى المحاكمة المنصفة كفله الدستور فى المادة ( 67 ) وأن هذا الحق يستمد أصله من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذى يردد قاعدة استمر العمل على تطبيقها فى الدول الديمقراطية، وتقع فى إطارها مجموعة الضمانات الرئيسية التى تكفل بتكاملها مفهوماً للعدالة يتفق مع المقاييس المعاصرة المعمول بها فى الأمم المتحضرة كتلك المتعلقة بتشكيل المحكمة وقواعد تنظيمها وطبيعة القواعد الإجرائية المعمول بها أمامها بكيفية تطبيقها من الناحية العملية.
[ الحكم الصادر فى القضية 5 لسنة 15 قضائية جلسة 20/5/1995 نشر بالجريدة الرسمية العدد رقم (23) لسنة 1995 بتاريخ 8/6/1995 ].
وعن حق التقاضى :
أوردت المحكمة أن حق التقاضى المنصوص عليه فى المادة 68 من الدستور مؤداه أن لكل خصومة، فى نهاية مطافها حلاً منصفاً يمثل الترضية القضائية التى يقتضيها رد العدوان على الحقوق المدعى بها، وتفترض هذه الترضية أن يكون مضمونها موافقاً لأحكام الدستور وهى لا تكون كذلك إذا كان تقريرها عائداً إلى جهة أو هيئة تفتقر إلى استقلالها أو حيدتها أو هما معاً، وذلك أن هاتين الضمانتين وقد فرضهما الدستور على ما تقدم، تعتبران قيداً على السلطة التقديرية التى يملكها المشرع فى مجال تنظيم الحقوق، ومن ثم يلحق البطلان كل تنظيم تشريعي للخصومة القضائية على خلافها.
[ الحكم الصـادر فى القضيـة رقـم 133 لسنـة 19 قضائية دستورية، جلسة 3/4/1999 ونشر بالجريدة الرسمية العدد (15 ) فى15 / 4/1999 ]
كما وأن ضمانة الفصل إنصافا فى المنازعات على اختلافها وفق المادة (67) من الدسـتور، تمتد بالضرورة إلى كل خصومة قضائية، أياً كانت طبيعتها جنائية أم مدنية أم إدارية أم تأديبية إذ أن التحقيق فى هذا الخصومات وحسمها إنما يتعين إسناده لجهة أو هيئة قضـــائية منحها القــانون اختصاص الفصل فيها بعد أن كفل استقلالها وحيدتها وأحاط الحكم الصادر فيها بضمانات التقاضى التى يندرج تحتها حق كل خصم فى عرض دعواه وطرح أدلتها والرد على ما يعارضها فى ضوء فرص يتكافأ فيها أطرافها، ويكون تشكليها وقواعد تنظيمها وطبيعة النظم المعمول بها أمامها، وكيفية تطبيقها عملاً، محدداً للعدالة مفهوماً تقدمياً يلتئم مع المقاييس المعاصرة للدول المتحضرة.
[ الحكم الصـادر فى القضيـة رقـم 133 لسنـة 19 قضائية دستورية، جلسة 3/4/1999 ونشر بالجريدة الرسمية العدد ( 15 ) فى 15/4 /1999 ]

وفى معرض تناول المحكمة الدستورية فى أحكامها لحق التقاضى أوضحت أن هذا الحق مكفول فى البلاد للمواطنين أو غيرهم وبذات الضمانات اللازمة لإدارة العدالة إذ أوردت أن الالتزام الملقى على عاتق الدولة وفقاً لنص المادة 68 من الدستور يقتضيها أن توفر لكل فرد وطنياً كان أم أجنبياً نفـاذاً ميسراً إلى محاكمها بالإضافة إلى الحماية الواجبة للحقوق المقررة، بمراعاة الضمانات الأساسية لإدارة العدالة بصورة فعالة وفقاً لمستوياتها فى الدول المتقدمة.
[ الحكم الصادر فى القضية رقـم 8 لسنـة 8 قضائية دستورية، جلسة 7/3/1992 ونشر بالجريدة الرسمية العدد ( 14 ) فى 2 /4/1992 ]
كما وأن المحكمة أوضحت أن الحق فى التقاضى ثلاث حلقات وهى أنه يفترض ابتداء وبداهة تمكين كل متقاضى من النفاذ إلى القضاء نفاذاً ميسراً دون أعباء مالية أو إجرائية وأن ذلك يكمله حلقتان أخريان لا يستقيم بدونهما هذا الحق ولا يكتمل فى غيبة أى منهما وهما الحلقة الوسطى التى تعكس حيدة المحكمة واستقلالها وحصانة أعضائها والأسس الموضوعية لضماناتها العملية وهى بذلك تكفل المقاييس المعاصرة التى توفر لكل شخص حقاً مكتملاً ومتكافأ مع غيره فى محاكمة منصفة، وعليه تقوم محكمة مستقلة ينشئها القانون وتتولى الفصل خلال مدة معقولة فى حقوقه والتزاماته المدنية أو التهمة الجنائية الموجهة إليه ويتمكن فى كنفها من عرض دعواه وتحقيق دفاعه ومواجهة أدلة خصومه رداً وتعقيباً فى إطار من الفرص المتكافئة، وبمراعاة أن تشكيل المحكمة، وأسس تنظيمها، وطبيعة القواعد الموضوعية والإجرائية المعمول بها فى نطاقها وكيفية تطبيقها من الناحية العملية، هى التى تحدد ملامح الحلقة الوسطى، والحلقة الأخيرة هى توفير الدولة للخصومة فى نهاية مطافها حلاً منصفاً بوصفها الترضية القضائية التى سعى إليها لمواجهة الإخلال بالحقوق وهذه الترضية بافتراض مشروعيتها واتساقها مع الدستور تحتل الحلقة الأخيرة من الحق فى التقاضى.
[ الحكم الصادر فى القضيـة رقـم 81 لسنـة 19 قضائية دستورية، جلسـة 6/2/1999 والمنشور بالجريدة الرسمية العدد (7 ) فى18/2/1999 ].
وعن حق الملكية :
فقد فسرت المحكمة الدستورية العليا نص الدستور من أن الملكية الخاصة التى كفل الدستور فى المادة 34 منه أصل الحق فيها وأحاطها بالحماية اللازمة لصونها، تنصرف إلى الحقوق الشخصية والعينية على سواء وتتسع إلى الأموال بوجه عام دون تمييز بينها بإعتبار أن المال هو من حقوق الملكية الأدبية أو الفنية أو الصناعية، ومن ثم فإن الحقوق الشخصية تمتد لها الحماية الدستورية سالفة الذكر.
[ الحكم الصـادر فى القضيـة رقـم 34 لسنـة 13 قضائية دستوريـة، جلسة 3/6/1994 ونشر بالجريدة الرسمية العدد ( 27 ) فى 7 /7/1994 ]

وعن شرعية الجزاء :
وقد جرى قضاء المحكمة الدستورية فى تفسيره لشرعية الجزاء على أن شرعية الجزاء جنائياً كان أم مدنياً أم تأديبياً مناطها أن يكون متناسباً مع الأفعال التى حظرها المشرع أو قيد مباشرتها، وأن الأصل فى العقوبة هو معقوليتها، فلا يكون التدخل بها إلا بقـدر لشروطهـا ولا يجوز بالتالى أن يكون ايلاماً غير مبرر يؤكد قسوتها ولا أن تناقض بمداها وطرائق تنفيذها مع القيم التى ارتضتها الأمم المتحضرة .
[ الحكم الصادر فى القضيـة رقـم 2 لسنـة 15 قضائية دستورية، جلسـة 4/1/1997 ونشر بالجريدة الرسمية العدد (3 ) فى16/1/1997 ]

وعن مبدأ المساواة :
يعتبر مبدأ المساواة من أكثر المبادئ إلى دارت حولها الأنزعة الدستورية المعروضة على المحكمة الدستورية العليا وقد أرست المحكمة من خلالها عدة مبادئ أهمها :
أ ـ أن نص المادة 40 من الدستور أورد حظراً على التمييز بين المواطنين فى أحوال بعينها وهى تلك التى يقـوم التمييز فيها على أساس ***** أو الأصل أو العرق أو الدين أو العقيدة، إلا أن إبراز الدستور لصور بذاتها مرده هـو كونها الأكثر شيوعاً ولا يدل عن انحصاره فيها، إذ لو كان ذلك لأدى إلى أن التمييز مباح فيما عداها وهو ما يتناقض مع المساواة التى كفلها الدستور وأن صور التمييز المجافية للدستور وإن تعذر حصرها إلا أن قوامها كل تفرقة أو تقييد أو تفضيل أو استبعاد ينال بصورة تحكميه من الحقوق والحريات التى كفلها الدستور أو القانون سواء إذا كان وجودها أو إنقاص آثارها بما يحول دون مباشرتها على قدم المساواة الكاملة من المؤهلين قانوناً للانتفاع بها .
[ الحكم الصـادر فى القضيـة رقـم 17 لسنـة 14 قضائية دستورية، جلسة 14/1/1995 ونشر بالجريدة الرسمية العدد ( 6 ) فى 9/2/1995 ]
ب ـ أن المساواة المنصوص عليها بالمادة 40 من الدستور ليست مساواة حسابية، بين ذلك أن المشرع يملك بسلطته التقديرية ولمقتضيات الصالح العام وضع شروط موضوعية تتحدد بها المراكز القانونية التى يتساوى بها الأفراد أمام القانون بحيث إذا توافرت هذه الشروط فى طائفة من الأفراد وجب أعمال المساواة بينهم لتماثل مراكزهم القانونية، فإذا انتفى مناط التسوية بينهم بأن توافرت الشروط فى بعضهم دون الآخر فأن لمن توافرت فيهم الشروط دون سواهم أن يمارسوا الحقوق التى كفلها القانون لهم.
[ الحكم الصـادر فى القضيـة رقـم 16 لسنـة 8 ق، جلسة 21/5/1989، والمنشور بالجريدة الرسمية العدد ( 23 ) فى 8/6/1989 ]

وعن حقوق الإنسان وارتباطها بالدستور :
فقد استقر قضاء المحكمة الدستورية العليا على عدة مبادئ هامة عند تناولها لمبادئ حقوق الإنسان حرياته التى أوردها الدستور تكشف بوضوح رؤية المحكمة لما ورد فى الدستور من حقوق فى ضوء المواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان ومن خلال رؤية شاملة لأحكام الدستور كنسيج مترابط إذ تضمنت أحكام المحكمة الدستورية إن إغفال بعض الوثائق الدستورية النص على بعض الحقوق، لا يعنى التفاتها عنها اذ ان أبعاد العلاقة بين النصوص الدستورية وربطها ببعض كثيراً ما يرشح لحقوق لم ينص عليها صراحة فى الدساتير.
وعلى ذلك استقر قضائها على :
أ ـ أن الحق فى الزواج والحق فى اختيار الزوجة وهى الحقوق المقررة عالمياً بالوثائق الخاصة بحقوق الإنسان، تندرج بالضرورة تحت الحق فى الخصوصية وحرمة الحياة الخاصة المنصوص عليها بالمادة (45) من الدستور.
[ الحكم الصادر فى القضية رقم 23 لسنـة 16 قضائية جلسة 18/3/1995 ونشر بالجريدة الرسمية العدد (14) فى6/4/1995 ]

ب ـ أن الحق فى حرية الاجتماع وثيق الصلة بالحق فى التعبير وأن الحرية ذاتها لن تظفر دونهما بالضمان الحاسم لحمايتها ويتعين أن تنظر المحكمة الدستورية العليا بطريقة صارمة إلى القيود التى يفرضها المشرع على حرية الاجتماع.
[ الحكم الصـادر فى القضيـة رقـم 38 لسنـة 17 قضائية دستورية، جلسة 18/5/1996 ونشر بالجريدة الرسمية العدد (21 ) فى 30/5/1996 ]

ج ـ أن الحق فى التنمية وثيق الصلة بالحق فى الحياة وكذلك بالحق فى بناء قاعدة اقتصادية تتوافر أسبابها عملا بالمادة الأولى من العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية وتعتبر التنمية من الحقوق الإنسانية التى لا يجوز النزول عنها وأن التنمية مرتبطة بصون الديمقراطية والتى أوجب مؤتمر فيينا لعام 1993 تعاون دول العالم فيما بينها من أجل ضمانها وإنهاء معوقاتها بما فى ذلك مكافحة الإغراق غير المشروع للمواد مخدرة.
[ الحكم الصادر فى القضية رقم 34 لسنة 15ق جلسة 2/3/1996 والمنشور بالجريدة الرسمية العدد 11 تابع أ فى14/3 /1996 ]

وتعكس الأحكام سالفة الذكر وما ورد بأسبابها اتجاهات المحكمة ورؤيتها حيال أدائها للاختصاصات المنوط بها قانونا القيام بها، وتشير هذه الأسباب على نحو ما سبق إلى اعتماد المحكمة فى قضائها على المواثيق الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان بوجه عام ودون التقيد باعتبار انضمام مصر لها أم لا، وكذلك بما صدر عن آلياتها من رؤى أو أحكام أو تفسيرات، وإتخاذ من تجارب الدول الديمقراطية ما استقر فيها مقياساً للدولة القانونية ومبدأ سيادة القانون والاستعانة بها فى إقرار حقوق الإنسان وحرياته على النحو الوارد بها فيتحدد بها نطاقها ومدى الحماية المقررة لها أو القيود والضوابط المقبولة وفقاً لضرورات فرضها، كما أفصحت المحكمة الدستورية فى قضائها عن الحدود الجائز للدولة فيها التدخل تشريعياً لوضع ضوابط أو حدود لهذه الحقوق والحريات المكفولة دستوريا.
وقد جاء ذلك معبراً عن الاتجاه الواضح للمحكمة فى اعتبار المواثيق الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان بوجه عام تشكل مصدراً رئيسياً لها عند صياغة رؤيتها لأى من النصوص الدستورية المتعلقة بمبادئ حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، وهذا فى ذاته يشكل إعلاء من قدر هذه المواثيق الدولية والنظر إليها من زاوية اعتبارها من عداد المصادر الرئيسية للمشرع الدستورى ومن جانبنا نرى أن هذا الاتجاه من المحكمة لا يقيده سوى القيد الوارد بالمادة الثانية من الدستور والمتعلق باعتبار الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع وذلك بطبيعة الحال بالنسبة لما قد يخالف احكام الشريعة الأسلامية الواجبة الاتباع.
وقد أدى وبحق القضاء الدستورى دوره فى المدة الزمنية القصيرة لتواجده فى النظام القضائى المصرى، أثبتت التطبيقات العملية التزام المحكمة بهذه الرؤى المعاصرة لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية.هذا ما سوف سنشير إليه فى الجزء التالى والمتعلق بالتطبيقات العملية للقضاء الدستورى فى مواجهة النصوص الوطنية المخالفة للدستور.
التطبيقات العملية لقضاء المحكمة الدستورية العليا

وسنعرض فى هذا الجزء لبعض مبادئ حقوق الإنسان وحرياته الأساسية الواردة بالدستور وتطبيقات المحكمة الدستورية العليا بشأنها، والتى جاءت أحكام المحكمة الدستورية العليا متصلة بها، وسنختار هذه الأحكام من واقع الأنزعة التى انتهت المحكمة فيها إلى عدم دستوريـة النصوص التشريعية المخالفة لها محل الطعن باعتبارها جاءت مخالفة لأحكام الدستور.
وسنشير إلى بعض هذه الأحكام الصادرة عن المحكمة والمتصلة بالمبادئ المتعلقة بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية وذلك فى تصنيف يحتوى على تجميع للمبادئ المعنية المرتبطة وذلك بهدف تسهيل المقارنة والإشارة إلى مواد الدستور التى استندت المحكمة فى قضائها إلى مخالفة النص التشريعى لها مما أوجب القضاء بعدم دستوريتها وذلك لتحقيق الفائدة المرجوة من استعراض الأحكام وسندها الدستورى.
1-مبدأ الحرية السياسية وحق تكوين الأحزاب والاشتراك فيها:
أ- قضت المحكمة بعدم دستورية المادة الرابعة و الفقرة الأولى من المادة الخامسة من القانون رقم 33 لسنة 1978 بشأن حماية الجبهة الداخلية والمتعلقة بحرمان فئات من المواطنين من حقهم فى الانتخاب أو الترشيح لمخالفة ذلك للمادة 62 من الدستور والتى تنص على أن حق الانتخاب والترشيح وإبداء الرأي فى الاستفتاء حق وواجب يتعين مساهمة المواطن فيه.
[ الحكـم الصـادر فى القضيـة رقم 49 لسنة 6 قضائية دستورية، جلسة 4/4/ 1987 نشر فى الجريدة الرسمية العدد (16) فى 16 /4/1987 وكذلك الحكـم الصـادر فى القضيـة رقـم 56 لسنة 6 دستورية جلسة 21/6/1986 ) ونشر فى الجريدة الرسمية العدد رقم (27) فى3 / 7/1986 ]
ب - قضت المحكمة بعدم دستورية البند (7) من المادة 4 من القانون رقم 40 لسنة 1977 بشأن الأحزاب السياسية والمتعلقة بوضع شروط لحرمان فئة من الأشخاص من تكوين أحزاب سياسية حرماناً مطلقاً استناداً لآرائهم لمخالفة ذلك المادتين 5، 47 من الدستور والمتعلقة بالحق فى حرية التعبير.
[ الحكم الصادر فى القضيـة رقـم 44 لسـنة 7 دستوريـة جلسة 7/5/1988، والمنشور فى الجريدة الرسمية رقم (21) لسنة 1988 ]
ج ـ قضت المحكمة بعدم دستورية النصوص التشريعية المتعلقة بإجراء الانتخابات العامة لمجلسى الشعب والشورى والمجالس المحلية والتى تتم بطريق القــوائم الحزبية لما شـكله ذلك من مخالفة للمواد 8، 40، 62 من الدســـتور لما فيه من حرمان غير المنتسبين لأحزاب من المشاركة فيها .
[ الحكم الصـادر فى القضيـة رقم 131 لسـنة 6 دسـتورية جلسـة 16/5/1987 بالنسبة لمجلس الشعب ونشر بالجريدة الرسمية العدد رقم (22) بتاريخ 31/5/1987 والحكم الصادر فى القضية رقم 23 لسنة 8 دستورية جلسة 15/4/1989 بالنسـبة لمجلـس الشـورى، نشـر بالجريـدة الرسـمية رقـم (17) بتاريخ 27/4/1989 ، والحكم الصادر فى القضية رقم 14 لسنة 8 قضائية دستوريـة، جلسة 15/4/ 1989 نشر بالجريدة الرسمية رقم (17) بتاريخ
27 /4 /1989 بالنسبة للمجالس المحلية ].
د- قضت المحكمة بعـدم دسـتورية النصوص التشـريعية المتعلقـة بإجـراء الانتخابات العامـة لمجلس الشـعب والمجالس المحلية عن طـريق الجمع بين القائمة الحزبية والمقعد المباشر لكل دائرة لمخالفته ذلك للمواد 8، 40، 62من الدسـتور للتمييز بين فئات المرشـحين على أساس اختلاف آرائهم السياسية.
[ القضيـة رقـم 37 لسنة 9 دستورية جلسة 19/5/1990، نشر بالجريدة الرسمية العدد رقم (22 مكرر) لسنة 1990 بتاريخ 3/6/1990 بالنسبة لمجلس الشعب و الحكم الصادر فى القضية رقم 2 لسنة 16 قضائية دستورية جلسة 3/2/1996 ونشر بالجريدة الرسمية العدد رقم (7 مكرر) فى 17/2/1996 بالنسبة للمجالس المحلية ].


2- مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص:
- قضت المحكمة بعدم دستورية المعاملة الاستثنائية فى القبول بالتعليم العالي والتى تتضمنها النصوص التشريعية التى تستتبع قبول فئات مستثناة محل من يتقدمونهم طبقـاً للشروط الموضوعة والمقررة للقبول مما يشكل مخالفة للمادتين 8، 40 من الدسـتور وإخـلالاً بكل من الحق فى تكافؤ الفرص وحق المساواة.
[القضية رقم 106 لسنة 6 دستورية جلسـة 29/6/1985، نشـر بالجريـدة الرسـمية رقـم (28) لسنة 1985 بتاريخ 11/7/1985].
- قضت المحكمة بعدم دستورية المادة 27 من القانون رقم 136 لسنة 1981 فى شأن إيجار الأماكن لما تضمنته من تفرقة بين ملاك العقارات بشأن الميزات الممنوحة لهم والناشئة عن علاقاتهم بالمستأجرين مما يعد إخلالاً بحق المساواة المنصوص عليه بالمادة 40 من الدستور.
[ قضية رقم 21 لسنة 7 دستورية جلسة 29/4/1989، نشر بالجريدة الرسمية رقم (20) لسنة 1989 بتاريخ 18/5/1989].
ج- قضت المحكمة بعدم دستورية ما تضمنه البند (أ) من المادة الثالثة من القانون رقم 99 لسنة 1992 بشأن التأمين الصحى على الطلاب وذلك لتقرير تحمل طلاب المدارس الخاصة ورياض الأطفال الخاصة باشتراكات سنوية لتمويل هذا التأمين تزيد عن المقررة على غيرهم من الطلبة لما فى ذلك إخلال بحق المساواة المقرر بالمادة 40 من الدستور.
[قضية رقم 40 لسنة 16 دستورية جلسة 2/9/1995، نشر بالجريدة الرسمية رقم (37) لسنة 1995 بتاريخ 14/9/1995].
د- قضت المحكمة بعدم دستورية المادة 134 من لائحة الأحوال الشخصية للأٌقباط الأرثوذكس بشأن حضانة الصغار، لاختلاف سن الحضانـة المقرر بها عن السن المقرر للمسلمين الصغار ولحرمان الأم من اللجوء إلى القـاضى لطلب إبقاء الصغيرة حتى تتزوج والصغير حتى سن خمسة عشر عاماً إن كانت مصلحتهما فى ذلك، أسوة بما هو مقرر للمسلمـين، وذلك لمخالفتها لحق المساواة المقرر بالمادة 40 من الدستور.
( الحكم الصادر فى القضية رقم 74 لسنة 17 دستوريـة جلسة 1/3/1997، نشر بالجريدة الرسمية رقم (11) لسنة 1997 بتاريخ 13/3/1997).
هـ- وفى ذات المعنى قضت المحكمة الدسـتورية بعدم دستورية نص المادة (109) من مجموعة الأرمن الأرثوذكس للأحوال الشخصية المعتمدة عام 1946
[ الحكم الصادر فى القضية رقم 81 لسنة 18 قضائية دسـتورية، جلسة 4/4/1998، نشـر بالجريدة الرسمية رقم (16) لسنة 1998 بتاريخ 16/4/1998]

ويلاحظ أن الأحوال الشخصية بالنسبة للمصريين يحكمها، وفقاً للنظام القانونى المصرى شرائع من يدينون بها، بالأوضاع المقررة فى القانون، وذلك احتراماً وإعلاءاً لحرية الدين والعقيدة، وأن قضاء المحكمة الدستورية العليا فى هذا الشأن ليس بهدف توحيد القواعد القانونية بصورة مطلقة وأنما تأسيساً على أن شريعة الأقباط والأرمن الأرثوذوكس وهى من الشرائع التى تنظمها قوانين خاصة فى مصر ليس فيها ما يحول دينياً دون سريان القاعدة السارية على المسلمين وبالتالي فلا محل للإخلال بمبدأ المساواة والمقرر دستورياً.
وعن مبدأ المساواة فقد أرست المحكمة الدستورية العليا فى قضائها عدة مبادئ هامة سنعيد الإشارة إليها فى موضعها فى هذا القسم لتتكامل الصورة أمام القارئ وهى:
ـ أن نص المـادة (40) من الدستور أورد حظراً للتمييز بين المواطنين فى أحوال بعينها، وهى تلك التى يقوم التمييز فيها على أساس ***** أو الأصل أو اللون أو الدين أو العقيدة – إلا أن إيراد الدستور لصور بعينها مرده هو كونها الأكثر شيوعاً ولا يدل على انحصاره فيها، إذ لو كان ذلك لأدى إلى أن التمييز مباح فيما عداها وهو ما يناقض المساواة التى كفلها الدستور.
[ قضية رقم 17 لسنة 14 قضائية دستورية جلسة 14/1/1995، نشر بالجريدة الرسمية رقم (6) لسنة 1995 بتاريخ 9/2/1995].
ـ أن ذكر الدستور المصري لصور بذاتها محظور لا غير فيها التمييز، مرده أنها الأكثر شيوعاً فى الحياة العملية ولا يدل على انحصاره فيها، إذ لو صح ذلك لكان التمييز بين المواطنين فيما عداها جائزاً دستورياً وهو ما يناقض المساواة التى أرساها الدستور، وأوضحـت المحكمـة فى أسبابها أن آية ذلك وجود صور من التمييز التى أغفلتها المادة (40) من الدستور ما لا تقل عن غيرها خطراً كالتمييز بين المواطنين فى نطاق الحقوق التى يتمتعون بها أو الحريات التى يمارسونها لاعتبار مرده لمولدهم أو مركزهم الاجتماعي أو انتمائهم الطبقي أو ميولهم الحزبية أو نزعاتهم العرقية أو عصبيتهم القبلية أو موقفهم من السلطة العامة أو أعراضهم عن تنظيماتها أو تبنيهم لأعمال بذاتها، وغير ذلك من أشكال التمييز.
ـ وعرفت المحكمة صور التمييز المخالفة لمبدأ المساواة بأن صور التمييز المجافية للدستور وأن تعذر حصرها إلا أنها كل تفرقة أو تقييد أو تعطيل أو استبعاد ينال بصورة تحكمية من الحقوق والحريات التى يكفلها الدستور أو القانون سواء بإنكارها أو تعطيلها أو انتقاص آثارها بما يحول دون مباشرتها على قدم المساواة الكاملة على المؤهلين قانوناً للانتفاع بها وبوجه خاص على صعيد الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية وغير ذلك من مظاهر الحياة العامة.
[ الحكم الصادر فى القضية رقم 39 لسنة 15 قضائية دستورية جلسة 4/2/1995، ونشر بالجريدة الرسمية العدد رقم 9 بتاريخ 6/3/1995).
3- مبدأ حماية الأسرة والطفولة والحق فى الزواج وإختيار الزوج :
I- قضت المحكمة بعدم دستورية البند السادس من المادة (73) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم (47) لسنة 1972، فيما نص عليه من ألا يعين عضو بمجلـس الدولة يكون متزوجاً بأجنبية لمخالفة ذلك للنصوص الدستورية أرقام 9، 12، 13، 40، 45 من الدستور لما فيه من مساس بالحرية الشخصية والحق فى الزواج واختيار الزوج وتكوين أسـرة .
ويلاحظ أن المحكمة الدستورية العليا أشارت فى هذا الحكم إلى أنه وإن كان حق الزواج واختيار الزوج لم يرد بالدستور إلا أن إغفال الوثائق الدستورية لبعض الحقوق لا يعنى إهمالها وأن إمعان النظر فى الدستور ككل والنظر لمواده بصورة مترابطة ترشح لحقوق أخرى لم ترد أصلاً بالدستور وأشارت المحكمة إلى أن الزواج واختيار الزوج هى من الحقوق المرتبطة أصلاً بالحرية الشخصية وهى الأساس الطبيعى لتكوين الأسرة، وكل من الحقين الآخرين نص الدستور على حمايتهما..
[ الحكـم الصادر فى القضيـة رقم 23 لسنة 16 قضائية دستورية، جلسة 18/3/1995، نشـر بالجريـدة الرسميـة رقم (14) لسنة 1995 بتاريخ 6/4/1995].
ب- قضت المحكمة بعدم دستورية المادة 89 من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات فيما تضمنه من عدم جعل مرافقة الزوج المرخص له بالسفر أمراً وجوبياً على جهة الإدارة أسوة بالعاملين بالدولة مما يشكل إخلالاً بمبدأ المساواة وتمايز على غير أسس موضوعية ومساسا بمبدأ وحدة الأسرة وتماسكها وواجب المحافظة على تماسكها.
[ الحكم الصادر فى القضية رقـم 33 لسنـة 15 قضائية دستورية، جلسة 2/12/1995ونشر بالجريدة الرسمية العدد رقم 51 بتاريخ 21/12/1995 ]


4- حق العمل و الحقوق الناشئة عنه:
ا- قررت المحكمة الدستورية العليا فى تفسيرها للمادة (47) من قانون العمل أن حق العمال فى الحصول على شروط عمل منصفة ومرضية لا ينفصل عن تمتعهم بالأجر العادل دون تمييز لا يتعلق بقيمة العمل، ولا عن حقهم فى الحصول على أجازاتهم السنوية، وواجبهم فى الانتفاع بها، وأن من حق العامل الحصول على أجر عن أيام الاجازة التى يستحقها حال تركه للعمل قبل استعمالها.
[ الحكم الصادر فى طلب تفسير رقم 1 لسنة 17 تفسير جلسة 3/7/1995، نشر بالجريدة الرسمية رقم (29) لسنة 1995 بتاريخ 20/7/1995].

ب- قضت المحكمة بعدم دستورية الفقرة (2) من المادة (21) من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 والمتضمنة حرمان من تجاوز سن معينة من حق القيد بالجـدول العـام للمحامين العاملين بمهنة المحامـاة رغم توافر شروط العضوية، لما فى ذلك من مخالفة لكل من حق العمل حق المساواة ويعد مخالفة بالتالى للمواد 13، 25، 40، 47، 54، 56 من الدستور
[ الحكم الصادر فى القضية رقم 38 لسنة 17 قضائية دستورية جلسة 18/5/1996، نشر بالجريدة الرسمية رقم (21) لسنة 1996 بتاريخ 30/5/1996].

ج- قضت المحكمة بعدم دستورية ما تضمنته الفقرة (3) من المادة (45) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981، من ألا تزيد على ثلاثة أشهر مدة الإجازة السنوية التى يجوز للعامل أن يضمها ولو كان الحرمان من هذه الإجازة فيما جاوز هذا الحد الأقصى عائداً إلى رب العمل، باعتبار أن حرمان العامل من القدر الزائد عن هذا الحد الأقصى يعتبر تفويتاً لحق العامل فيما يقابل هذا القدر من تعويض وهو ذا قيمة مالية ويندرج تحت إطار الحقوق التى تكفلها كل من المادتين 32، 34 من الدستور اللتان صان بهما الدستور الملكية الخاصة
[ الحكم الصادر فى القضية رقم 47 لسنة 18 قضائية دستورية جلسة 17/5/1997، نشر بالجريدة الرسمية رقم (22) لسنة 1997 بتاريخ 29/5/1997 ]

د- قضت المحكمة الدستورية بعدم دستورية المادة (34م2) من قــرار وزيــر العدل رقم (4853 لسنة 1981) فيما نصت عليه من وقف صرف المعاش الإضافي إذا مارس عضو الهيئة القضائية مهنة غير تجارية فى الداخل، بعد انتهاء مدة خدمتهم، وذلك تأسيساً على أن حق العمل وثيق الصلة بالملكية والحرية الشخصية وبالحق فى الإبداع، وجميعها من الحقوق التى حرص الدستور على صونها وعدم إهدارها أو تقييدها، وأن حرمان هذه الطائفة من المعاش الإضافي يعد مخالفة لحق العمل والمساواة وحرية الإبداع.
[ الحكم الصادر فى القضية رقم 29 لسنة 15 قضائية دستورية، جلسة 3/5/1997، نشر بالجريدة الرسمية رقم (20) لسنة 1997 بتاريخ 15/5/1997 ].

هـ ـ قضـت المحكمة بعدم دستورية الفقرة (4) من المادة (5) من القانون رقم 35 لسنة 1978 فى شأن نقابات واتحاد نقابات المهن التمثيلية والسينمائية والموسيقية من إلزام طالب الترخيص بأن يؤدى إلى صندوق الإعانات والمعاشات رسمـاً نسبياً قدره 20% من الأجور والمرتبات التى يحصل عليها وذلك لمخالفتها أحكام المواد 13، 34، 41، 47، 49 من الدستور لإخلالها بالحق فى الانفراد بعائد العمل وبالحرية الشخصية وحرية التعبير والإبداع.
[ الحكم الصادر فى القضـية رقم 2 لسنة 15 قضائية دستورية، جلسة 4/1/1997، نشر بالجريدة الرسمية رقم (3) لسنة 1997 بتاريخ 16/1/1997].

و- قضت المحكمة بعدم دستورية البند (هـ) من المادة الأولى من القانون رقم 95 لسنة 1945 بشأن التموين فيما قضته من جواز تكليف أى شخص بأي عمل لمدة غير محددة لما فى ذلك من اعتداء على الحق فى أن يكون العمل إرادياً، مما يخالف نص المادة 13 من الدستور.
[ الحكم الصادر فى القضيـة رقم 108 لسنة 18 قضائيـة دسـتورية، جلسة 1/9/1997، نشر بالجريدة الرسمية رقم (37) لسنة 1997 بتاريخ 11/9/1997 )
ز– قضت المحكمة بعدم دستورية الفقرة الرابعة من المادة 21 من قانون شركات قطاع الأعمال العام الصادر بالقانون رقم 203 لسنة 1991 وذلك فيما تضمنه من حرمان أعضاء مجلس الإدارة المنتخبين من مكافأة العضوية لمخالفة ذلك للحق فى المساواة فى الأجر مما يعد مخالفة للمواد 7، 13، 23، 40 من الدستور .
[ الحكـم الصادر فى القضيـة رقم 180 لسـنة 20 فضائية دستورية جلسة 1/1/2000 والمنشور بالعدد 2 تابع بالجريدة الرسمية فى 13/1/2000 ]

5- الحق فى تولى الوظائف :
قضت المحكمة بعدم دستورية البند (6) من المادة 73 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 لمخالفته للحق فى تولى الوظائف العامة بحرمان من يتزوج من أجنبية من التعيين بمجلس الدولة، وهو ما يخالف نص المادة 14 من الدستور.
[ الحكم الصادر فى القضية رقم 23 لسنة 16 قضائية دستورية جلسة 18/3/1995، ونشر بالجريدة الرسمية العدد (14) فى 6/4/1995 ].

6- كفالة الدولة للخدمات التأمينية ( الحق فى المعاش ):
4) قضت المحكمة بعدم دستورية المادة (1) من القانون رقم 1 لسنة 1991، المعدلة للمادة (1) من القانون رقم 107 لسنة 1987 المعدل لبعض أحكام القانون رقم 79 لسنة 1975 بشأن التأمين الاجتماعي وذلك لوضعها شرطاً متعلقا بالوجود فى الخدمة فى تاريخ معين للاستفادة من الحد الأدنى لمعاش الأجر المتغير لما فى ذلك من تمييز ومخالفة لأحكام المادة (40) من الدستور
[ الحكم الصادر فى القضية رقم 34 لسنة 13 جلسة 20/6/1994، والمنشور بالجريدة الرسمية رقم (27) لسنة 1994 بتاريخ 7/7/1994 ].

ب- قضت المحكمة بعدم دستورية الفقرة (1) من المادة(40) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975، وذلك فيما نصت عليه من وقف صرف المعاش فى حالة قيام صاحب المعاش بالعمل بإحدى الجهات الخارجة عن مجال تطبيق القانون لوجود نظام بديل مقرر وفقاً للقانون وذلك حتى تاريخ انتهاء خدمته لديها أو بلوغه السن المقررة لمخالفة ذلك لأحكام المادة 7، 12، 13، 62، 122 من الدستور والتى تكفل مضمونها التزام الدولة بكفالة الخدمات التأمينية لمواطنيها وعدم إخلالها بالملكية الخاصة التى ينصرف مدلولها على الحقوق الشخصية والعينية وهو الحق فى المعاش وهما ينشأن أصلاً من علاقتهم بجهات عملهم الأصلية.
[ الحكم الصادر فى القضية رقم 16 لسنة 15 قضائية دستورية جلسة 14/1/1995 والمنشور بالجريدة الرسمية رقم (6) لسنة 1995 بتاريخ 9/2/1995 ]

ج-قضت المحكمة بعدم دستورية المادة 99 من قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة رقم 90 لسنة 1975، لذات الأسباب السابق الإشارة بالفقرة (ب) بشأن حظر الجمع بين المعاش والمرتب.
[ الحكم الصادر فى القضيـة رقم 3 لسـنة 16 قضائيـة دسـتورية جلسـة 4/2/1995، نشر بالجريدة الرسـمية رقم (9) لسـنة 1995 بتاريخ 6/3/1995 ].

د – قضـت المحكمـة بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة 40 من القانون رقم 79 لسنة 1975 بشأن التأمين الاجتماعي بالنسبة للمخاطبين بها فيما تضمنته من حرمانهم من حق الجمع بين المعاش والمرتب لمخالفـة ذلك لأحكام المـواد (7، 12، 13، 34، 40، 62 ) من الدستور .
[ الحكم الصـادر فى القضيـة رقم 52 لسـنة 18 قضائية دستورية، جلسة 7/6/1997، والمنشور بالجريدة الرسـمية رقـم (25) لسـنة 1997 بتاريخ 19/6/1997 ] .


7- مبدأ صون الملكية الخاصة:
- قضت المحكمة بعدم دستورية المادة الثانية من القرار بقانون رقم 150 لسنة 1964 فيما نصت عليه من أيلولة الأموال المملوكة لأشخاص طبيعيين والمفروضة عليها الحراسة بمقتضى قانون الطوارئ إلى الدولة لمخالفتها لنص المادة 34 من الدستور لمساس ذلك بالملكية الخاصة التى يحميها القانون.
[ الحكم الصادر فى القضية رقم 5 لسنة 1 دستورية جلسة 16/5/1981، والمنشور بالجريدة الرسمية رقم (22 ) 1981).

ب ـ قضت المحكمة بعدم دستورية القرار بقانون رقم 134 لسنة 1964 والمادة 5 من القانون رقم 49 لسنة 1971 والتى تضع تعويضاً إجمالياً أو حداً أقصى للتعويضات التى يتعين ردها للأشخاص تعويضاً عن ممتلكاتهم التى آلت ملكيتها للدولة لمخالفة ذلك للمادة 34، 36 من الدستور بما تشكله من اعتداء على الملكية الخاصة.
[ الحكم الصادر فى القضية رقم 1 لسنة 1 دسـتورية جلسـة2/3/1985المنشـور فى الجريدة الرسمية العدد رقم ( 12) بتاريخ 21/3/1985، ورقم 8 لسنة 8 دسـتوريـة جلسـة 7/3/1992، والمنشـور بالجـريدة الرسـمية رقـم (14) لسـنة 1992 بتاريــخ 2/4/1992 ].

ج- قضت المحكمة بعدم دستورية النصوص التشريعية الخاصة بفرض ضريبة على الأراضي الفضاء بالقوانين أرقام 107 لسنة 1976 و34 لسنة 1978 و13 لسنة 1984 و 43 لسنة 1979 لما فى ذلك من عدوان على حق الملكية لإقرار ضريبة على رأس المال غير المدر للدخل وهو ما يخالف نص كل من المادتين 34، 38 من الدستور.
[ الحكم الصادر فى القضية رقم (5) لسنة 10 دستورية جلسة 19/6/1993 والمنشور بالجريدة الرسمية العدد ( 27 ) بتاريخ 8/7/1993 ]
د- قضت المحكمة بعدم دستورية المادة 55 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 فيما قررته من جواز نزول المحامى أو ورثته عن إيجار مكتبه لمزاولة غير المحاماة من المهن الحرة أو لمباشرة حرفة مقلقة للراحة أو مضرة بالصحة لما يشكله ذلك من عدوان على حق الملكية الخاصة التى كفل الدستور حمايتها بالمادتين (32، 34 ).
[ الحكم الصادر فى القضية رقم 25 لسنة 11 دستورية جلسة 27/5/1992، المنشور بالجريدة الرسمية رقم ( 24 ) لسنة 1992 بتاريخ 15/6/1992].

هـ ـ قضت المحكمة بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة 208 ( مكرر أ )من قانون الإجراءات الجنائية وبسقوط فقرتيها الثانية والثالثة وكذلك المادة 208 (مكرر ب)، وذلك لمخالفتها المواد 33، 34، 40 من الدستور لما تمثله من اعتداء على حق الملكية بفرض الحراسة على الأموال بقرار من النائب العام لمجرد دلائل من التحقيق يرجح معها الاتهام .
[ الحكم الصادر فى القضية رقم 26 لسنة 12 دستورية جلسة 5/10/1996، المنشور بالجريدة الرسمية رقم ( 41 ) لسنة 1996 بتاريخ 17/10/1996).
و ـ قضت المحكمة بعدم دستورية نص المادة الأولى من القانون رقم 521 لسنة 1955 بتخويـل وزيـر التعليم سلطة الاستيلاء على العقارات اللازمة لوزارة التعليم ومعاهد التعليـم وذلك لكون الاستيلاء غير موقوت وموكول إنهاؤه للسلطة التقديرية والإدارة الأمـر الذى يمثـل اعتداء على الملكية ومخالفة المواد أرقام 32، 34، 64، 65 من الدستور .
[ الحكم الصادر فى القضية رقم 5 لسنة 18 دستورية جلسة 1/2/1997، المنشور بالجريدة الرسمية رقم (7 تابع ) لسنة 1997بتاريخ13/2/1997 ].
ز ـ قضـت المحكمـة بعدم دستورية ما تضمنه البند ( هـ ) من المادة الأولى من القانون رقم 95 لسنة 1945 بشأن التموين من جواز الاستيلاء على أى عقار أو تكليف أى فرد بأى عمل لمدة غير محددة، لما فى ذلك من مخالفة بالإعتداء على حق العمل والملكية الخاصة مما يخالف نص المواد 13، 32، 34، 40 من الدستور.
[ الحكم الصادر فى القضية رقم 108 لسنة 18 دستورية جلسة 1/9/1997، المنشور بالجريدة الرسمية رقم (37) لسنة 1997بتاريخ 11/9/1997 ].
ح ـ فسرت المحكمة الدستورية العليا نص الدستور عن الملكية الخاصة التى كفل حمايتها فى المادة (34) بأنها تنصرف إلى الحقوق الشخصية والعينية على السواء وتتسع إلى الأموال بوجه عام دون تمييز بينها باعتبار أن المال هو من عائد حقوق الملكية الأدبية أو الفنية أو الصناعيـة ومـن ثم فإن الحقوق الشخصية تمتد إليها الحماية الدستورية سالفة الذكر.
[ الحكم الصادر فى القضية رقم 34 لسنة 13، جلسة 20/6/1994، والمنشور بالجريدة الرسمية رقم (27) لسنة 1994 بتاريخ 7/7/1994 ).
ط – قضت المحكمة بعدم دستورية الفقرة الرابعة من المادة 21 من قانون شركات قطاع الأعمال العام الصادر بالقانون رقم 203 لسنة 1991 وذلك فيما تضمنه من حرمان أعضاء مجلس الإدارة المنتخبين من مكافأة العضوية لما فى ذلك من اعتداء على الملكية الخاصة وهى المال الناشئ عن حق العمل بالمخالفة للمادتين 32، 34 من الدستور .
[ الحكـم الصادر فى القضيـة رقم 106 لسـنة 19 قضائية دستورية جلسة 1/1/2000 والمنشور بالعدد 2 تابع بالجريدة الرسمية فى 13/1/2000 ]

8- مبدأ الحرية الشخصية وحرمة المسكن والحياة الخاصة:
أ - قضت المحكمة بعدم دستورية المادة 47 من قانون الإجراءات الجنائية والتى تجيز لمأمورى الضبط القضائى تفتيش منزل المتهم فى حالة التلبس لمخالفة ذلك للمادة 44 من الدستور والتى تشترط أن يكون تفتيش المنازل بمقتضى أمر قضائى مسبب.
[ الحكم الصادر فى القضية رقم 5 لسنة 4 دستورية جلسة 6/6/1984، المنشور بالجريدة الرسمية رقم (24) لسنة 1984بتاريخ 14/6/1984).
ب – قضـت المحكمة بعدم دستورية البند السادس من المادة (73) من قانون مجلس الدولة رقم (47) لسنة 1972، فيما نـص عليه مـن ألا يعين عضـو بمجلـس الدولـة يكـون متزوجـاً بأجنبية، وذلك لما فيه من مساس بالحرية الشخصية وما يتفرع عنه حقوق أخرى مثل الزواج واختيار الزوجة وتكوين أسرة، الأمر الذى يشكل مخالفة لأحكام المـواد ( 9، 12، 13، 14، 40، 41، 45 ) من الدستور 0
[ الحكم الصادر فى القضية رقم 23 لسـنة 16 قضائيـة دسـتورية جلسـة 18/3/1995، والمنشور بالجريدة الرسمية رقم ( 14) لسنة 1995 بتاريخ 6 /4/1995 ].

9- مبدأ حرية الرأي والتعبير والاجتماع:
أ ـ قضت المحكمة بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة 38 من قانون النقابات العمالية رقم 35 لسنة 1976 فيما تضمنته من عدم جواز الجمع بين عضوية مجالس إدارة المنظمة النقابية والعضوية العاملة فى نقابة مهنية بما يزيد عن 20% من مجموع أعضاء المجلس، وذلـك لمخالفتهـا للمـواد 40، 47، 55، 56، 62 من الدستور الخاصـة بحريـة التعبير والاجتماع والترشيح والاقتراع والمساواة أمام القانون.
[ الحكم الصادر فى القضية رقم 6 لسنة 15 قضائية دستورية جلسة 15/4/1995، المنشور بالجريدة الرسمية رقم (17) لسنة 1995 بتاريخ 27 /4/ 1995 ].

ب ـ قضت المحكمة بعدم دستورية نص البند (ب) من المادة (17) من قانون شركات المساهمة الصادر بالقانون رقم 159 لسنة 1981 بعد تعديلها بالقانون رقم 3 لسنة 1998 فيما تضمنه من اشتراط موافقة مجلس الوزراء على تأسيس الشركة التى يكون غرضها أو من بين أغراضها إصدار الصحف لما فى ذلك من مخالفة المواد 47، 48، 206، حتى 209 من الدستور الخاصة بسلطة الصحافة باعتبار ان الحق فى إصدار الصحف يستصحب بالضرورة الحقوق والحريـات الأخـرى للإفـراد ومنهـا حريـة التعبيـر.
[ الحكم الصادر فى القضية رقم 25 لسنة 22 جلسة 5/5/2001 والمنشور بالجريدة الرسمية العدد 20 بتاريخ 17/5/2001 ] 0
10- مبدأ الحق فى إنشاء النقابات والاتحادات على أساس ديمقراطي:
(1) قضت المحكمة بعدم دستورية النصوص التشريعية التى تستتبع إنهاء مدة عضوية الأعضـاء المنتخبين قبل نهاية مدتهم من غير هيئة الناخبين الممثلة فى الجمعية العمومية للنقابة، وذلك لمخالفة هذه النصوص للمادة 56 من الدستور والتى تنص على إنشاء النقابات والاتحادات على أساس ديمقراطى.
[ الحكم الصادر فى القضية رقم 47 لسنة 3 دستورية جلسة 11/6/1983، والمنشور بالجريدة الرسمية رقم ( 25) لسنة 1983 بتاريخ 23 /6 /1983 ].
ب- قضت المحكمة الدستورية بعدم دستورية البند (6) من المادة (2) من القانون 73 لسنة 1973، بشأن تحديد شروط وإجراءات إنتخاب ممثلى العمال فى مجالس الإدارات ، فيما تضمنته من حظر ترشيح شاغلى الوظائف الإدارية العليا لعضوية مجالس إدارات شركات قطاع الأعمال العام، لما فى ذلك من إخلال بقاعدة المساواة وتمييز العاملين ذوى المراكز القانونية المتماثلة دون أسس موضوعية وهو يشكل إخلالاً بمبدأ المساواة والحق فى التعبير والاجتماع والاقتراع، وهو ما يخالف المواد 26، 40، 47، 54، 55، 62 من الدستور .
[ الحكم الصادر فى القضية رقم 17 لسنة 14 قضائية دستورية 14/1/1995، والمنشور بالجريدة الرسمية رقم (6) لسنة 1995 بتاريخ 9 /2 / 1995 ].
11-مبدأ شخصية العقوبة ولا جريمة ولا عقوبة إلا بنص:
أ ـ قضت المحكمة بعدم دستورية النصوص التشريعية التى تجيز الوضع تحت مراقبة الشرطة بدون حكم قضائى وذلك لمخالفتها لنص المادة 66 من الدستور، والتى تنص على أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون ولا عقوبة إلا بحكم قضائى.
[ الحكم الصادر فى القضيـة رقم 39 لسنة 3 قضائيـة دسـتورية جلسـة 15/5/1982، والمنشور بالجريدة الرسمية رقم (21) لسنة 1982 بتاريخ 27/5/1982 ].
ب ـ قضت المحكمة الدستورية بعدم دستورية المادة 5 والمواد 6، 13، 15 من القانون رقم 98 لسنة 1945 بشأن المشردين المشتبه فيهم لمخالفتها المواد 41، 66، 67 من الدستور بتقريرها أحكاماً تقوم على الإخلال بمبدأ افتراض البراءة وتقرير معاقبة الشخص مرتين عن فعل واحد وتقرير عقوبة عن كل فعل لا يتخذ مظهراً خارجياً ملموساً.
[ الحكم الصادر فى القضية رقم 3 لسنة 10 دستورية جلسة 2/1/1993، والمنشور بالجريدة الرسمية رقم (2) لسنة 1993بتاريخ 14/1/ 1993 ].
ج - قضت المحكمة الدستورية بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة 15 من قانون الأحزاب السياسية الصادرة بالقانون رقم 40 لسنة 1977 فيما نصت عليه من مسئولية رئيس الحزب مع رئيس التحرير عما ينشر لمخالفة ذلك للمادة 66 من الدستور لخلو النص من بيان الأفعال المؤثمة ولتقرير عقوبة على غير الشخص المسئول عنها.
[ الحكم الصادر فى القضية رقم 25 لسنة 16 دستورية جلسة 3/7/1995، والمنشور بالجريدة الرسمية رقم (29) فى 20/7 /1995 ].
د- قضت المحكمة بعدم دستورية المادة 48 مكرر من القانون رقم 182 لسنة 1960 فى شأن مكافحة المخدرات لما تمثله التدابير المنصوص عليها من خصائص الجزاء وكذلك المساس بمبدأ افتراض البراءة ووضع قيود على الحرية الشخصية دون أن يكون ذلك مبنياً عن فعل أو امتناع عن سلوك مؤاخذ عليه قانوناً .
[ الحكم الصادر فى القضـية رقم 49 لسـنة 17 قضائيـة دستورية بجلسة 27/6/1996، والمنشور بالجريدة الرسمية رقم (25) لسنة 1996 بتاريخ 27/6/1996].
هـ - قضت المحكمة بعدم دستورية المادة 154 من قانون الزراعة الصادر بالقانون 53 لسنة 1966 لما تضمنه من افتراض توافر القصد الجنائى فى شأن الحائز لا تربة أرض زراعية ومتخلفة عن تجريفها لمخالفتها لمبدأ افتراض براءة المتهم من التهمة الجنائية ونقل عبء الإثبات على المتهم لنفى القصد وهو ما يخالف المواد 41 ، 67، 69، 65 من الدستور.
[ الحكم الصادر فى القضية رقم 10 لسنة 18 قضائية دستورية جلسة 16/11/1996، والمنشور بالجريدة الرسمية العدد رقم ( 47 ) لسنة 1996بتاريخ 28/ 11 /1996).
و- قضت المحكمة بعدم دستورية المادة 195 من قانون العقوبات والتى تنص على معاقبة رئيس تحرير الجريدة أو المسئول عن قسمها الذى حصل فيه النشر إذا لم يكن ثمة رئيس تحرير، وذلك بصفته فاعلاً أصلياً للجرائم التى ترتكب بواسطة صحيفته، وذلك لقيامها على افتراض المسئولية الجنائية بناء على الصفة وهو ما يخالف المواد 66، 67، 86، 165 من الدستور.
[ الحكـم الصـادر فى القضيـة رقم 59 لسـنة 18 قضائيـة دستورية جلسة 2/1/1997، والمنشور بالجريدة الرسمية رقم ( 7 تابع ) لسـنة 1997 بتاريـخ 13/2 /1997 ].

12- مبدأ عدم توقيع الجزاء أو العقوبة إلا بحكم قضائى:
أ-قضت المحكمة بعدم دستورية النصوص التشريعية التى تجيز المصادرة الإدارية للأموال لمخالفتها لنص المادة36 من الدستور والتى تشترط ألا تكون المصادرة إلا بمقتضى حكم قضائى منها القانون 98 لسنة 1957 بشأن بعض الأحكام الخاصة بالتهرب .
[ الحكـم الصـادر فى القضيـة رقم 28 لسـنة 1 قضائية دسـتورية جلسـة 3/1/1981، والمنشور بالجريدة الرسـمية العدد رقم (4 ) لسنة 1981 بتاريخ 22/1/1981].
ب-عدم دستورية الفقرة الثالثة من المادة 124 مكرر من القانون رقم 66 لسنة 1963 الصادر بقانون الجمارك فيما نصت عليه من مصادرة البضائع رغم التصالح لمخالفتها المادة 36 من الدستور التى أجازت المصادرة على أن تكون بحكم قضائي.
[ الحكم الصادر فى القضية رقم 6 لسنة 17 قضائية دستورية جلسة 4/5/1996، نشر بالجريدة الرسمية العدد رقم (19) بتاريخ 16/5 /1996] .
13- مبدأ شرعية الجزاء وعدم تكراره عن الفعل الواحد:
أ – قضت المحكمة بعدم دستورية المادة الخامسة مكرر من القانون رقم 35 لسنة 1978 فى شأن النقابات الفنية ولتقريرها عقوبة الحبس والغرامة لمن يزاول من غير أعضائها أعمالا من التى يقتصر نشاطها على أعضائها، لعدم تناسب هذه العقوبة مع الضرورة الاجتماعية من فرض هذا القيد على حرية الإبداع والتعبير
[ الحكم الصادر فى القضية رقم 2 لسنة 15 دستورية جلسة 4/1/1997، المنشور بالجريدة الرسمية العدد رقم (3) لسنة 1997 بتاريخ 16/1/1997 ].
ب-قضـت المحكمـة بعـدم دسـتورية نص الفقرة الأخيرة من المادة الأولى من القانون رقم (147) لسنة 1984 بفرض رسم تنمية موارد الدولة من استحقاق مثل المبالغ المقررة فى حالة التخلف، وذلك لتكرار العقوبة عن الفعل الواحد، مما يعد مخالفة للمواد 34، 38، 65 من الدستور.
[ الحكم الصادر فى القضيـة رقم 33 لسنة 16 قضائيـة دسـتورية، جلسـة 3/2/1996، نشر بالجـريدة الرسمية العدد رقم (7 مكرر أ) لسنة 1996 بتاريـخ 17/2/1996].
ج- قضت المحكمة بعدم دستورية نص المادة (119) من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 فيما تضمنته من تخويل مدير الجمارك الاختصاص بفرض غرامة على نقص الطرود عما ادرج بقائمة الشحن لما فى ذلك من اعتداء على السلطة القضائية باعتبار أن المخافة الجمركية وإيقاع عقوبتهـا عملاً قضائياً وهو ما يخالف نصوص المواد 66، 67 من الدستور.
[ الحكم الصادر فى القضيـة رقم 72 لسـنة 18 قضائيـة دسـتورية جلسة 14/8/1997، والمنشور بالجريدة الرسـمية العدد رقم (33) لسـنة 1997 بتاريـخ 14/8/1997 ].
14- مبدأ عدم سريان القانون بأثر رجعى:
أ ـ قضت المحكمة بعدم دستورية البند (أ) من المادة(5) من القانون رقم 33 لسنة 1987 بشأن حماية الجبهة الداخلية المتعلق بإضافة عقوبة حظر الانتماء إلى الأحزاب السياسية أو مباشرة النشاط السياسي لمن سبق الحكم بإدانتهم عن وقائع سابقة على تاريخ نفاذ القانون الصادر بهذا الحظر وذلك لمخالفتها لنص المادتين 66، 187 من الدستور.
[ الحكـم الصادر فى القضيـة رقم 49 لسـنة 6 قضائيـة دسـتورية جلسة 4/4/1987، والمنشور بالجريدة الرسمية العدد رقم (16) لسنة 1987 بتاريخ 16/4/1987].
ب ـ قضت المحكمة بعدم دستورية المادة (56) من القانون رقم 49 لسنة 1978 بشأن تحقيق العدالة الضريبية فيما قررته من سريان الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية على التصرفات الواقعة على الأراضي داخل كردون المدن بأثر رجعى لمخالفة ذلك لنص المادة 38 من الدستور.
[ الحكم الصـادر فى القضيـة رقم23 لسنة12 قضائية دسـتورية جلسة 2/1/1993، والمنشور بالجريدة الرسمية العدد رقم (21) لسنة 1993 بتاريخ 21/1/1993 ].
ج ـ قضت المحكمة بعدم دستورية المادة (2) من القرار بقانون رقم 32 لسنة 1963 المعدل للقانون 232 لسنة 1959 بشأن خدمة وترقية ضباط القوات المسلحة فيما تضمنته من سريان أحكامها الخاصة بتوقيع عقوبات انضباطية بأثر رجعى لمخالفة ذلك للمادتين 41،65 من الدستور.
[ الحكم الصـادر فى القضـية رقم 22 لسـنة 8 قضائيـة دسـتورية جلسـة 4/1/1992، والمنشور بالجريدة الرسمية العدد رقم (4) لسنة 1992 بتاريخ 23/1/1992].


15- مبدأ براءة المتهم حتى تثبت أدانته:
أ ـ قضت المحكمة بعدم دستورية المادة 121 من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 فيما تضمنه من افتراض العلم بالتهريب إذا لم يقدم من وجدت فى حوزته البضائع بقصد الاتجار، المستندات الدالة على سداد الرسوم الجمركية وعنها و اعتبار ذلك قرينة قانونية لثبوت القصد الجنائى وذلك لمخالفتها لنصوص المواد (41،67،69، 165 ) من الدستور.
[ الحكم الصادر فى القضية رقم 13 لسـنة 12 قضائيـة دسـتورية جلسة 2/2/1992، نشر بالجريدة الرسمية العدد رقم (8) لسنة 1992 بتاريخ 20/2/1992].
ب- قضت المحكمة بعدم دستورية المادة (18) من القانون رقم 10 لسنة 1966 بشأن مراقبة الأغذية وتنظيم تداولها فيما تضمنته من معاقبة من يخالف أحكام المادة الثانية بعقوبة المخالفة إذا كان حسن النية، لما يشكله ذلك من مخالفة للمواد 41، 67، 69 من الدستور لتقرير جزاء جنائى فى شأن متهم حسن النية دون تحديد صور الخطأ وعناصره بما يخل إخلالاً بضوابط المحاكمة المنصفة ويندرج تحتها افتراض البراءة ..
[ الحكم الصـادر فى القضيـة رقم 28 لسنة 17 قضائية دستورية جلسة 2/12/1995، والمنشور بالجريدة الرسمية العدد رقم (51) لسنة 1995 بتاريخ 21/12/1995 ].
ج- قضت المحكمة الدستورية بعدم دستورية نص المادة 15 من القانون رقم 68 لسنة 1976 بشأن الرقابة على المعادن الثمينة، وذلك فيما تضمنته من عدم دمغ المعادن والأحجار الثمينة إذا لم يتقدم حائزها بالدليل على دخولها البلاد بطريق مشروع والتحفظ عليهـا والتصرف فيها لمخالفة ذلك لنصوص المواد (32، 34، 40، 67، 68، 86، 165) من الدستور وإخلالها بمبدأ افتراض البراءة وحق الدفاع واعتدائها على الملكية الخاصة.
[ الحكم الصادر فى القضية رقم 58 لسنة 18، جلسة 19/7/1997 والمنشور بالجريدة الرسمية العدد رقم (29) لسنة 1997 بتاريخ 19/7/1997].

16- مبدأ حق التقاضى والتظلم والطعن على القرارات:
- قضت المحكمة بعـدم دستورية النصوص التشريعية التى تتضمن تحصين أى عمل أو قرار من الطعن عليه والتظلم منه لمخالفة ذلك لنص المــادة 68 مـن الدستور التى تحظر النص فى القوانين على تحصين أى عمل أو قرار من الطعن عليه.
[ صدرت أحكام عديـدة فى هذا المبدأ منها الحكـم الصـادر فى القضية رقـم 92 لسنة 21 ق دستوريه بجلسة 6/1/2001 والمنشور بالجريدة الرسمية العدد 3 فى 18/1/2001 ]
- قضت المحكمة بعدم دستورية المادة(19) من القانون رقم 84 لسنة 1976 بإنشاء نقابة مصممي الفنون التطبيقية، وذلك فيما تضمنته من تقرير حد أدنى من الأعضاء للطعن على انتخابات النقيب والتصديق على توقيعات كل من الطاعنين بالجهة المختصة، مما يعد مخالفاً للمادتين 40، 68 من الدستور لما يشكله ذلك من إرهاق فى اللجوء للتقاضى لتعطيل دوره وللحد من فعاليته.
[ الحكم الصادر فى القضية رقم 15 لسنة 14 قضائية دستورية جلسة 15/5/1993، نشر بالجريدة الرسمية رقم (23 تابع) بتاريخ 10/6/1993].
- قضت المحكمة بعدم دستورية المادة السابعة من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية الصادرة بالقانون رقم 78 لسنة 1931، فيما نصت عليه من عدم جواز الطعن إلا بطريق المعارضة فى الأحكام الابتدائية الصادرة عن المحكمة الشـرعية الجزئية فى بعض المناطق (سيوة، العريش، القصير، الواحات ) لإخلالها بمبدأ الاستئناف المقرر لباقي المناطق عن ذات القضايا.
[ الحكم الصادر فى القضية رقم 39 لسنة 15 قضائية دستورية جلسة 4/2/1995، نشر بالجريدة الرسمية العدد رقم (9) بتاريخ 6 / 6 /1995 ].
- قضت المحكمة بعدم دستورية الفقرة (2) من المادة(18) من القانون رقم 48 لسنة 1977، بإنشاء بنك فيصل الإسلامي بشأن هيئة التحكيم المنصوص عليها، لما فى ذلك من إخلال بحـق التقاضي بالحرمـان من اللجـوء إلى محاكم القانون العام بوصفها القاضى الطبيعي.
[ الحكم فى القضية رقم 13 لسنة 15 قضائية دستورية جلسة 17/12/1994، نشر بالجريدة الرسمية العدد رقم (2) بتاريخ 12/1/1995].
هـ- قضت المحكمة بعدم دستورية المادة(50) من قانون حماية القيم من العيب الصادر بالقانون رقم 95 لسنة 1980، فما تضمنته من حظر الطعن-بغير طريق إعادة النظر فى الأحكام النهائية الصادرة عن المحكمة العليا فى شأن المنازعات الناشئة عن تصفية الأوضـاع الناشـئة عن فرض الحراسة والصادر بهـا القانـون رقم 141 لسنة 1981، لما فيه من الإخلال بمبدأ المساواة.
[ الحكم فى القضيـة رقـم 9 لسنة 16 قضائية دستورية جلسة 5/8/1995، نشر بالجريدة الرسمية العدد رقم ( 33) لسنة 1995 بتاريخ 17/8/1995].
- قضت المحكمة بعدم دستورية المادة (49) من القانون رقم 67 لسنة 1974 بإنشاء نقابة المهن التطبيقية، فيما نصت عليه من أن يكون الطعن فى قرارات الجمعية العمومية للنقابة الفرعية موقعاً عليه من خمسين عضواً على الأقل ممن حضروا اجتماعها ومصدقاً كذلك من الجهة الإدارية ذات الاختصاص على توقيعاتهم على تقرير الطعن.
[ الحكم الصادر فى القضية رقم 22 لسنة 17 قضائية دستورية جلسة 3/2/1996، نشر بالجريدة الرسمية العدد رقم ( 7 مكرر) لسنة 1996 بتاريخ17 /2 /1996].
ز – قضت المحكمة بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة 21 من القانون رقم 40 لسنة 1972 بإنشاء نقابة التجاريين من عدم قبول الطعن فى قرارات الجمعية العمومية للنقابة أو فى صحة انعقادها إلا من مائة عضو على الأقل وذلك لمخالفتها نصوص المواد 40، 65، 68، 69 من الدستور بما تشكله من قيود مرهقة للخصومة القضائية وهى قيود جائرة تحد من فرص اللجوء للتقاضى.
[ الحكم الصادر فى القضية رقم 35 لسنة 21 قضائية دستورية جلسة 1/1/2000، والمنشور بالجريدة الرسمية بالعدد رقم (2) تابع من الجريدة الرسمية فى 13/1/2000 ].
- وفى ذات المعنى قضـت المحكمـة بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة 20 من القانون رقم 67 لسنة 1974 بإنشاء نقابة المهن الفنية التطبيقية.
[ الحكم الصادر فى القضية رقم 180 لسنة 19 قضائية دستورية، جلسة 6/6/1998، نشر بالجريدة الرسمية العدد رقم ( 25 تابع) بتاريخ 18 /6 /1998].
ط- قضت المحكمة الدستورية بعدم دستورية الفقرتين الأولى من المادة 84 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 وسقوط الفقرة الثالثة من ذات المادة والمادة 85 لما فيها من اعتداء على الحق فى اللجوء للقاضى الطبيعى وأفراد نظـام خاص لفض المنازعات حول تقدير الأتعاب بما يخالف نصوص المواد (40، 68، 165، 167 ) من الدستور.
[ الحكم الصادر فى القضية رقم 153 لسنة 19 قضائية دستورية، جلسة 5/6/1999، نشر بالجريدة الرسمية العدد رقم ( 24) بتاريخ 17 /6 /1999].
ك- قضت المحكمة بعدم دستورية المادة 17 من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم (11) لسنة 1991 فيما تضمنته من النص على ولوج طريق التحكيم للفصل فى المنازعات الناشئة عن تطبيق القانون لما فى ذلك من إخلال بحق التقاضى بحرمان المتداعين مـن اللجـوء إلى قاضيهم الطبيعى مما يعـد مخالفة للمـادة 68 مـن الدستور.
[ الحكم الصادر فى القضية رقم 65 لسنة 18 قضائية دستورية، جلسة 6/1/2001، والمنشور بالجريدة الرسمية العدد رقم ( 3 ) بتاريخ 18 /1 /2001 ].

17- مبدأ الحق فى المحاكمة المنصفة:
نشير بداءة إلى أن المحكمة الدستورية أوضحت فى أسباب أحد أحكامها رؤيتها للمحاكمة المنصفة حيث أشارت إلى أن ضوابط المحاكمة المنصفة تتمثل فى مجموعة القواعد المبدئية التى تعكس مضامينها نظاما متكامل الملامح يتوخى بالأسس التى يقوم عليها صون كرامة الإنسان وحماية حقوقه الأساسية، ويحول بضماناته دون إساءة استخدام العقوبة بما يخرجها عن أهدافها، وذلك انطلاقا من إيمان الأمم المتحضرة بحرية الحياة الخاصة وبوطأة القيود التى تنال من الحرية الشخصية، ولضمان أن تتقيد السلطة التشريعية عند مباشرتها لمهمتها فى مجال فرض العقوبة صونا للنظام الاجتماعي بالأغراض النهائية للقوانين العقابية، التى ينافيها أن تكون إدانة المتهم هدفا مقصوداً لذاته أو أن تكون القواعد التى تتم محاكمته على ضوئها مصادمة للمفهوم الصحيح لإدارة العدالة الجنائية إدارة فعالة، بل يتعين أن تلتزم هذه بمجموعة قواعد من القيم التى تكفل لحقوق المتهم الحد الأدنى من الحماية والتى لا يجوز النزول عنها أو الانتقاص منها وأن هذه القواعد وإن كانت إجرائية فى الأصل إلا أن تطبيقها فى مجال الدعوى الجنائية وعلى امتداد مراحلها يؤثر بالضرورة فى محصلتها النهائية 0
[ الحكم الصادر فى القضية رقم 31 لسنة 16 ق دستورية جلسة 20/5/1995 والمنشور بالجريد الرسمية العدد رقم (23) فى 8/6/1995 ].
وفى هذا الإطار قضت المحكمة بما يلى:ـ
أ ـ قضت المحكمة بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة (25) من قرار وزير الزراعة رقـم 517 لسنة 1986 بشأن ذبح الحيوانات وتجارة اللحوم لمخالفتها المواد 32، 34، 41، 66، 67، 69، 165 من الدستور بالنص على قرينة قانونية تعفى جهة النيابة العامة من تقديمها الدليل بما يتصادم مع قرينة افتراض البراءة.
[ الحكم الصادر فى القضية رقم 5 لسنة 15 قضائية دستوريـة، جلسة 2/5/1995، نشر بالجريدة الرسمية العدد رقم ( 23) بتاريخ 8 /6 /1995].
ب ـ قضت المحكمة بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة 156 من قانون الزراعة الصادر بالقانون رقم 53 لسنة 1966 من عدم جواز وقف تنفيذ عقوبة الغرامة لما فيه من تدخل فى شئون العدالة وإلغاء لسلطة القاضى فى تفريد العقوبة وتحويلها إلى إنفاذ حرفى للنصوص نائياً عن ضوابـط المحاكمة المنصفة مما يعد مخالفة للمواد 41، 67، 165، 167 من الدستور.
[ الحكم الصادر فى القضية رقم 37 لسنة 15 قضائية دستورية جلسة 3/8/1997، نشر بالجريدة الرسمية العدد رقم ( 32) بتاريخ 15 /8 /1996].
ج- وفى ذات المعنى قضت المحكمة بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة 24 من قانون توجيه وتنظيم أعمال البناء رقم 106 لسنة 1976.
[ الحكم الصادر فى القضية رقم 24 لسنة 18 قضائية دستورية،جلسة 19/7/1997، نشر بالجريدة الرسمية العدد رقم ( 29) بتاريخ 19 /7 /1997].
د- وفى ذات المعنى قضت المحكمة بعدم دستورية الفقرة الأخيرة من المادة 155 من ذات القانون.
[ الحكم الصادر فى قضية رقم 64 لسنة 19 قضائية دستورية، جلسة9 / 5/ 1998، نشر بالجريدة الرسمية العدد رقم ( 21) بتاريخ 21 /5 /1998].
هـ- وفى ذات المعنى قضت المحكمة بعدم دستورية المادة (15) من القانون 430 لسنة 1955 بتنظيم الرقابة على الأشرطة السينمائية وغيرها.
[ الحكم الصادر فى قضية رقم 42 لسنة 19 قضائية دستورية جلسة 7/ 2/ 1998 ، نشر بالجريدة الرسمية العدد رقم ( 8) بتاريخ 19 /2 /1998].
و- قضت المحكمة بعدم دستورية المادة (21) من القانون رقم 453 لسنة 1954 فى شأن المحال الصناعية والتجارية، فيما تضمنته من عدم جواز الطعن بطريق المعارضة فى الأحكام الصادرة فى الجرائم التى تقع بالمخالفة لأحكام القانون وذلك لمخالفتها المواد 40، 41، 67، 68، 69 من الدستور بما تشكله من مساس بحق التقاضى وبضمانة الدفاع والمحاكمة المنصفة لحرمان هذه الط\ئفة من المحال دون غيرها من الحق فى المعارضة.
[ الحكم الصادر فى قضية رقم 64 لسنة 17 قضائية دستورية، جلسة 7 / 2/ 1998، نشر بالجريدة الرسمية العدد رقم ( 64) بتاريخ 19 /2 /1998].
ح - قضت المحكمة بعدم دستورية الفقرة (2) من المادة 167 والمادة 168 من قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1972 فيما تضمنتاه من أن يشترك فى مجلس تأديب المحضرين رئيس المحكمة الذى طلب إقامة الدعوى التأديبية لمخالفة ذلك للمواد (65، 67، 68) من الدستور لما فى ذلك من مساساً بموضوعية الخصومة وضمان الحيدة وهى من عناصر المحاكمة المنصفة.
[ الحكم الصادر فى القضية رقم 133 لسنة 19 قضائيـة دستورية، جلسة 3/4/1999 ، نشر بالجريدة الرسمية العدد رقم ( 15) بتاريخ 15 /4 /1999].
- وفى ذات المعنى قضت المحكمة بعدم دستورية نص المادة 25 من قانون تنظيم هيئة قضايا الدولة الصادر بالقانون رقم 75 لسنة 1963، فيما تضمنته من أن يرأس لجنة التأديب رئيس الهيئة الذى طلب إقامة الدعوى التأديبية أو أن يشارك فيها من يشارك فى التحقيق والاتهـام.
[ الحكم الصادر فى القضية رقم 162 لسنة 19 قضائية دستورية، جلسة 7/3/1998، نشر بالجريدة الرسمية العدد رقم ( 12) بتاريخ 19 /3 /1998].
ك - وفى ذات المعنى قضت المحكمة بعدم دستورية المواد ( 28م، 30، 39، 40) من قانون النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية رقم 117 لسنة 58 فيما تضمنته من أن يرأس لجنة التأديب رئيس الهيئة الذى طلب إقامة الدعوى.
[ الحكم الصادر فى القضية رقم 83 لسنة 20 قضائية دستورية، جلسة 5/12/1998، نشر بالجريدة الرسمية العدد رقم ( 50 تابع ) بتاريخ 10 /12 /1998].
18 - مبدأ حق الدفاع:
أ - قضت المحكمة الدستورية بعدم دستورية المادة(15) من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983، فيما تضمنته من حرمان بعض فئات المحامين من مباشرة المهنة أمام المحاكم الجزئية والابتدائية وما فى حكمها، لما فيه من إخلال بمبدأ المساواة وكذا مخالفة المواد 40، 67، 68، 69، 71 من الدستور لما فى ذلك من إخلال بحق الموكل فى اختيار محام يتولى الدفاع عنه بالوكالة.
[ الحكم الصادر فى قضيـة رقـم 6 لسـنه 13 ق دسـتورية جلسـة 16/5/1992، نشر بالجريدة الرسمية العدد رقم ( 23) لسنة 1992 بتاريخ 4/6/1992]
ب - قضت المحكمة بعدم دستورية ما تضمنته المادة 123 إجراءات جنائية من التزام المتهم المكلف بالحضور أمام المحكمة مباشرة و بدون تحقيق سابق بان يقدم خلال الخمسة الأيام التالية لإعلان تكليفه بالحضور، بيانا بالأدلة على صحة كل فعل اسنده إلى موظف عام أو شخص ذى صفة نيابية عامة أو مكلف بخدمة عامة و إلا سقط حقه فى إقامة الدليل المشار إليه بالمادة 302 عقوبات لما فى ذلك من مخالفة لأحكام المواد 47، 67، 69 من الدستور بما تشكله من إخـلال بحق الدفاع و قاعدة المحاكمة المنصفة.
[ الحكم الصادر فى قضية رقم 37 لسنة 11 قضائية دستورية جلسة 6 / 2 / 1993، نشر بالجريدة الرسمية العدد رقم (7) لسنة 1993 بتاريخ 18 /2 /1993].


وبعد استعرضنا لتلك المجموعة من الأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا بشأن عدم دستورية بعض النصوص التشريعية الوطنية والمتعلقة ببعض مبادئ حقوق الإنسان وحرياته الأساسية والتى جاءت مخالفة للنصوص الدستورية المتصلة بها، يجب ن نعيد التأكيد على بعض الحقائق التى قد تغيب فى خضم هذه الأحكام السالف ذكرها وهى:ـ
أولا:ـ يجب ألا نسارع فى استخلاص أن هذه الأحكام دليل على أن هناك خلل ما فى العملية التشريعية، إذ هى قدر ضئيل بالنسبة للأحكام التى صدرت من المحكمة فى انزعة اخرى بالرفض وذلك يعنى دستورية النصوص محل الطعن فى هذه الأحكام.
ثانياً:ـ أن هذه الأحكام تأكيد وإقرار بنجاح الرقابة الدستورية اللاحقة على دستورية القوانين باعتبارها النهج الذى اتخذه المشرع مصرى، وهو ما نؤيده، إذ أن الكثير من الأمور والأوضاع المتعلقـة بالآثـار القانونيـة الناشـئة عن تطبيق النص التشريعى لا يتكشف إلا بالتطبيق العملى لـه ويصعب تماما علـى المشـرع حصـر هـذه الآثار ومعرفة أبعادها عند صياغة النصوص التشريعية على وجه التحديد المطلق الذى يقطع بدستوريته.

ثالثاً:ـ أن حداثة القضاء الدستورى فى مصر قد كان عاملا مهما فى زيادة الأحكام الصادرة بعدم الدستورية فهذا شأن السنين الأولى لعمل القضاء الدستورى ولكننا لا نرى دوام هذا الحال فى المستقبل فقد ارست المحكمة العديد من القواعد والأصول والتفسيرات الدستورية والقانونية فيما عرض عليها من انزعة التى بات من المتعين على المشرع الوطنى الالتزام بها وعدم مخالفتها وهذا فى ذاته ضامنا لتحقيق النتائج المرجوة من الرقابة الدستورية اللاحقة على دستورية القوانين ويحول دون تكرار صدور نصوص وطنية مشوبة بعيب عدم الدستورية لذات الموضوع.
رابعاً:ـ أن اللجوء للمحكمة الدستورية فى ذاته تعددت مصادره طبقاً للأوضاع المقررة فى القانون فقد جاء بين الأفراد والمحاكم على مختلف أنواعها ومن الدولة ذاتها بطلبات التفسير التى عرضت على المحكمة وهذا يؤكد حقيقة هامة هى الالتزام الكامل من الدولة بمبدأ سيادة القانون وإعلاء كلمة القضاء والحرص على إنفاذ أحكامه.
خامساً:ـ أن هذه الأحكام تأتى دليلا ناصعا على استقلالية ونزاهة القضاء المصرى وصلابة بنيانه، والتزامه باعلاء كلمة الحق وسيادة القانون. وهو بذلك يرسى دعائم الشرعية ويرعى مبادئ حقوق الإنسان وحرياته الأساسية ويقوم بدوره الأساسى باعتباره جهة الانتصاف الوطنية.

الأثر الرجعى للأحكام الصادرة عن المحكمة الدستورية العليا

وبإستقراء مـا انتهجـته المحكمة الدستورية العليا حسبما ورد فى حيثيات أحكامها عند تناولها لمبادئ حقوق الإنسان وحرياته الواردة بالدستور وتفسيرها لها فى إطار النصوص المطعون عليها فى الأنزعة الدستورية المعروض عليها، يبين بوضوح ارتكازها واستعانتها عند تعريف الحقوق أو الحريات محل البحث ومداها ونطاقها، على نصوص وأحكام المواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان سواء منها الإعلانات الدولية أو المواثيق الإقليمية أو الاتفاقيات الدولية، وذلك نهج طبيعى ومحمود يتواكب مع المتطلبات المعاصرة إذ أن هذه المواثيق ليست من فراغ أو نصوص أدبية بل هى محصلة للجهود والتجارب البشرية فى هذا الشأن ومصدراً مباشراً للرؤية المعاصرة لهذه الحقوق والحريات التى أوردها الدستور، واستطاعت المحكمة الدستورية بهذا النهج من خلال اعتمادها على هذه المصادر والربط بينها وبين رؤيتها للدستور كنسيج متكامل تتوحد نصوصه وتترابط مواده بدون تنافر أو تناقض، أن تتناول الحقوق الواردة من الدستور وتفسرها من خلال الرؤية الدولية لها وأن تتناول حقوقاً لم ترد أصلا فى الدستور باعتبارها امتداداً لازماً لما ورد فى الدستور من حقوق وتدخل فى مضامينها بما لا يدع مجالاً لتصور وجودها دونها.
وهذا من غير شك لا يعد إضافة من المحكمة لحقوق لم يقصدها المشرع الدستوري أو تعمد إغفالها أو تجاوزاً من المحكمة باعتبار ذلك تعديلا للدستور بجهة غير مختصة لإجرائه، وانما جاء اجتهاداً صائباً وتعبيراً عن الرؤية المتكاملة والشاملة لمبادئ حقوق الإنسان وحرياته وتفسيراً واجباً للمبادئ التى نص عليها الدستور والتى لا يجوز أن تنقطع أوصالها أو ينفصم عُراها تحت تأثير قيود حرفية أو قوالب لفظية تحول دون الوصول للمقاصد الحقيقة والمضامين المعنية والغايات النهائية للنصوص الدستورية الخاصة بحقوق الإنسان وحرياته والتى يتعين أن ينظر إليها دائماً من منظور البعد الدولى لها الذى صاغها ووضع ملامحها وحدد نطاقها.
لعل من أبرز الأمور القانونية التى تعرضت لها المحكمة الدستورية فى قضائها هى الأثر الرجعى للأحكام الصادرة بعدم الدستورية بتقريرها أن إبطال المحكمة الدستورية للنصوص القانونية المخالفة للدستور يعتبر تقريراً لزوالها نافياً لوجودها منذ ميلادها لكون القضاء الدستورى قضاءاً كاشفاً وليس قضاءاً منشئا.

وقد أورد نص المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1979 ما يتعلق بالأثر الرجعى للأحكام الصادرة عن المحكمة الدستورية، مقرراً ما يلى:
" أحكام المحكمة فى الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة، وتنشر الأحكام والقرارات المشار إليها فى الفقرة السابقة بالجريدة الرسمية وبغير مصروفات خلال خمسة عشر يوماً على الأكثر من تاريخ صدورها ويترتب على الحكم بعدم الدستورية نص فى قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالى لنشر الحكم، فإذا كان الحكم بعدم الدستورية متعلقاً بنص جنائى تعتبر الأحكام التى صدرت بالإدانة استناداً إلى ذلك النص كأن لم تكن ويقوم رئيس هيئة المفوضين بتبليغ النائب العام بالحكم فور النطق به لإجراء مقتضاه ".
وقد تناولت المذكرة الإيضاحية لقانون المحكمة الدستورية هذا الشأن، حيث أوردت أن القانون تناول أثر الحكم بعدم دستورية نص فى قانون أو لائحة فنص على عدم جواز تطبيقه من اليوم التالى للحكم، وهو نص ورد فى بعض القوانين المقارنة واستقر الفقه والقضاء على أن مؤداه هو عدم تطبق النص ليس فى المستقبل فحسب وإنما بالنسبة إلى الوقائع والعلاقات السابقة على صدور الحكم بعدم دستورية النص، على أن يستثنى من هذا الأثر الرجعى الحقوق والمراكز التى قد تكون قد استقرت عند صدوره بحكم حاز قوة الأمر المقضى أو بانقضاء مدة التقادم، أما إذا كان الحكم بعدم الدستورية متعلقاً بنص جنائى، فإن جميع الأحكام التى صدرت بالإدانة استناداً إلى ذلك النص تعتبر: كأن لم تكن، حتى ولو كانت أحكاماً باتة.
وقد عبرت المحكمة الدستورية فى أحكام لها عن ذلك بأن أوردت بأحكامها ما يلى:
" وحيث أن ما نصت عليه المادة 49 من قانون هذه المحكمة من أن النصوص القانونية المحكوم بعدم دستوريتها، لا يجوز تطبيقها اعتباراً من نشر الأحكام الصادرة بشأنها فى الجريدة الرسمية، لا يعنى أن لهذه الأحكام أثر مباشر لا تتعداه، وأنها بذلك لا ترتد إلى الأوضاع والعلائق السابقة عليها، ذلك ان كل ما قصد إليه هذا القانون بنص المادة 49 المشار إليها، لا يعدو تجريد النصوص القانونية التى قضى بعدم دستوريتها من قوة نفاذها التى صاحبتها عند إقراراها أو إصدارها، لتفقد بالتالى خاصية الإلزام التى تتسم بها القواعد القانونية جميعها، فلا يقوم من بعد ثمة مجال لتطبيقها ".

ويؤيد ذلك أن الآثار التى ترتبها الأحكام الصادرة فى المسائل الدستورية، لا يمكن فصلها عن الأوضاع والعلائق السابقة عليها بعد أن مسهـا النص المطعون فيه مؤثراً فى بنيانها، ومن ثم كان تصويبها من خلال الدعوى الدستورية لازماً لرد الأضرار التى لحقتها أو التى تتهددها، ويقتضى ذلك بالضرورة أن يكون قضاء المحكمة الدستورية العليا بإبطال النص المطعون فيه، منسحباً إليها، ليعيدها إلى الحالة التى كانت عليها قبل سريان النص الباطل فى شـأنها ".
" ولا مجافاة فى ذلك لقواعد الرقابة القضائية على الشرعية الدستورية، ولا لمقاصد الدستور، ذلك أن مباشرة هذه المحكمة لتلك الرقابة، غايتها تقرير اتفاق النصوص القانونية المطعون عليها مع الدستور أو مجازاتها للضوابط التى فرضها، وتقييمها لهذه النصوص لا ينفصل عما يكون قد اعتراها من عوار عند إقراراها أو إصدارها، فلا تكون عيوبها أمراً طارئاً عارضاً عليها، بل كامناً فيها، ولصيقاً بها منذ ميلادها، ومتصلاً بها ـ لزوماً ـ اتصال قرار بما يشوهها، وكشفها عن عيوبها هذه ليس إلا إعلاناً عن حقيقتها، وإثباتاً لها، ولا يتصور بالتالى أن تضيفها، ولا أن تكون من خلقها أو تصورها، ولا أن تقحمها على نصوص قانونية خلت منها، بل هى تجليها، محددة من خلال حكمها ـ وعلى ضوء احكام الدستور ـ القاعدة القانونية التى يجب تطبيقها فى النزاع الموضوعى، وهى بعد قاعدة ينبغى إعمالها بافتراض أن النص الباطل منعدم ابتداءً لا إنتهاءً، فلا يكون قابلاً للتطبيق أصلاً منذ أن نشأ معيباً ".

" وقد أوضحت أن المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا جعل للأحكام الدستورية الصادرة بابطال نصوص عقابية أثراً رجعياً كاملاً بالنسبة لأحكام الإدانة الصادرة استناداً به وتعتبر كافة الأحكام فى هذا الشأن كأن لم تكن ولو كان الحكم باتاً، أما إذا كان النص المقضى ببطلانه غير جنائى، فإن الأثر الرجعى يظل جارياً وينسحب على الأوضاع والعلائق التى اتصل بها مؤثراً فيها، حتى ما كان منها سابقاً على نشره بالجريدة الرسمية، مالم تكن الحقوق والمراكز القانونية التى ترتبط بها قد استقر أمرها بناء على حكم قضائى تتوافر فيه شرطان أن يكون باتا وذلك باستنفاذه لطرق الطعن جميعها وثانيهما أن يكـون صادراً قبل قضاء المحكمة الدستورية العليا، ومحمولاً على النصوص القانونية عينهـا التى قضى ببطلانها ".
[ أسـباب الحكم الصـادر فى القضيـة رقم 22 لسـنة 18 دستوريـة قضائيـة، جلسـة 30/11/1996، والمنشور بالجريدة الرسمية العدد رقم (49) فى 12/12/1996 ].

وقد عرض أمر اثر حكم المحكمة الدستورية العليا على العلاقات السابقة على صدوره والتى استقرت بحكم نهائي على دوائر محكمة النقض وقد اتجه بعضها إلى الاكتفاء بصدور حكم نهائي بينما اتجه الآخر إلى اشتراط أن يكون هذا الحكم باتا أى استنفذ طرق الطعن بما فيها الطعن بالنقض واثر هذا الخلاف يبدو واضحا فبينما الاتجاه الأول يحول دون إعمال محكمة النقض للأحكام الدستورية التى تصدر أثناء نظرها للطعون المتداولة أمامها والتى تكون متعلقة بتطبيق نصوص قضى بعدم دستوريتها بينما الاتجاه الثانى يسمح بتطبيق وإعمال أثر حكم الدستورية أثناء نظر الطعون أمام محكمة النقض وقد عرض هذا الخلاف على الهيئة العامة للدوائر المدنية بمحكمة النقض وأصدرت حكمها فى 17/5/1999 أخذت فيه بالرأي الأخير. وبالتالى فإن الأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا تكون نافذة الأثر على الطعون المنظورة أمام محكمة النقض.

وقد آثار ما استقرت عليه المحكمة الدستورية فى هذا الشأن العديد من المشاكل التطبيقية والآراء الفقهية، وقد حسم المشرع هذا الأمر بإصدار القانون 168 لسنة 1998 والذى تضمن تعديل الفقرة الثالثة من المادة 49 مردداً المبدأ السابق بشأن عدم تطبيق النص الغير الدستورى من تاريخ اليوم التالي لنشر الحكم ما لم تحدد المحكمة الدستورية تاريخ أخر لنفاذ الحكم، واستثنى المشرع من قاعدة الرجعية الأحكام المتعلقة بعدم دستورية النصوص الخاصة بالضرائب وقصر سريان أثرها على صاحب الدعوى، مما ينفى عن الحكم الدستورى فى هذه الحالة صفة العينية مما مفاده أن الحكم الصادر لا يستفيد منه سوى من كان طرفاً فيه، ولكن ذلك بطبيعة الحال لا يحول دون أن تقام الدعاوى القضائية من غير أطراف الحكم استناداً لما انتهي إليه الحكم الدستورى، وقد جاء القانون مشيراً إلى موافقة الجمعية العمومية للمحكمة الدستورية والمجلس الأعلى للهيئات القضائية على إصداره التزاماً بحكم المادة 173 من الدستور والمادة 8 من قانون المحكمة الدستورية العليا.

وقد أثار هذا القانون جدلاً واسعاً فيما قرره بشأن النصوص الضريبية المقضى بعدم دستوريتها واستثنائها من قاعدة الرجعية ولكن أوضح المشرع بالمذكرة الإيضاحية للقانون الأسباب التى أرتكن إليها المشرع فيما قرره.

والواقع أنه أياً كان وجه الرأي فإننا نضيف إليها صعوبة عملية حاصلها أن الضرائب منها المباشرة وغير المباشرة والضرائب المباشرة قد لا تثير ثمة مشكلة إذ تخاطب نشاطاً معيناً ويسأل عنها من يباشره بشكل مباشر مما يسهل تحديد وعاء الضريبة والمسئول عن أدائها ولكن هناك أنواع من الضرائب وهى الضرائب غير المباشرة يعتمد فى تحصيلها على الجهات القائمة بالبيع أو الخدمة مثل ضريبة الاستهلاك ومن بعدها ضريبة المبيعات، وهذه الجهات ليست هى المسئولة عن أداء الضريبة فإنه يتعذر عملاً ردها لمن قام بأدائها فإنه وأن كان يسهل ردها لمن قام بادئها والمخاطب بأحكامها وهو كل مواطن خضع لها نتيجة عملية الشراء أو الحصول على الخدمة، ومن ثم فأنه وبرغم ما يكون قد شاب ما أنتهجه المشرع فيما سلف من بعض الانتقادات الدستورية والفقهية إلى أن ذلك قد سانده العديد من الاعتبارات العملية والقانونية التى تؤيد ما سار عليها المشرع فى هذا الشأن، وقد يكون من المناسب على السلطة التشريعية المنوط بها فرض الضريبة توخى الحيطة والحذر والالتزام البالغ بالقواعد الدستورية والموضوعية التى تحول دون الطعن على ما تصدره من قوانين متعلقة بالضرائب بصفة عامة آخذه فى اعتبارها ما يترتب على الأحكام التى يمكن أن تصدر بعدم دستورية بعض النصوص الضريبية من آثار ومردودات تؤثر على الوضع الاقتصادي للدولة حسبما أوضحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون سالف الذكر.

وتشير من جانب أخر إلى أنه وأن كانت الفقرة الثالثة من المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا بعد تعديلها بالقرار بقانون 168 لسنة 1998 قد أجازت للمحكمة الدستورية أن تحدد تاريخ أخر لنفاذ الحكم، وهو ما قد يثير بعض التساؤلات حول ما إذا كان ذلك يشكل عدولا عما سبق وأن استقرت عليه المحكمة فى أحكامها السابقة، مما يفتح باب حول الجدل بشأن عدم التزام السلطة التشريعية بما استقر عليه قضاء الدستورية العليا الملزم لها بمقتضى الدستور وهو ما يعنى عدم دستورية هذا النص إلا أن ما أتى به هذا النص بعد تعديله لا يعدو عن كونه استثناء جديدا أتى به المشرع على رجعية الأحكام الدستورية فى ضوء التفويض الذى أوردته عجز المادة 178 من الدستور والتى جاء نصها ".....، وينظم القانون ما يترتب على الحكم بعدم دستورية نص تشريعى من آثار ". وأناط القانون بالمحكمة إعماله حسبما أوردت والمذكرة الايضاحية للقانون، فى ضوء الظروف الخاصة التى تتصل ببعض الدعاوى الدستورية التى تنظرها بمراعاة العناصر المحيطة بها وقدر الخطورة التى تلازمها. ولكننا نرى أن أعمال المحكمة الدستورية لهذا الحق سيشكل عبئاً كبيراً وسيصطدم بصعوبات عملية كثيرة وهو الأمر الذى سيتعين على المحكمة مواجهتها قبل استعمالها لحقها فى تحديد تاريخ لنفـاذ حكمهـا، إذ سيتطلب ذلك تحديد إعتبارات الخطورة التى ستدعوها لاستعمال هذا الحق فى ضوء العناصر المحيطة بالدعوى ومعاييرها ونطاقها ثم كيفية احتسابها للتاريخ الذى ستجعله محددا لبدء نفاذ حكمها، والذى سيكون بطبيعة الحال مرتداً للماضى مما سيعنى ضمنا تحديد مجال زمنى لأضفاء الدستورية على نص انتهت المحكمة على أنه غير دستورى ومدى صالحيته فى حسم المنازعات خلال الفترة التى يحددها الحكم وعموما فأن هذا الأمر يتطلب المزيد مما يخرج عن نطاق الدراسة شكلا وموضوعا ولعل عذرنا فى ذلك أن المحكمة الدستورية العليا لم تضمن أحكامها الصادرة بعد سريان هذا القانون، ما يشير لاستعمالها لهذا الحق مما يعنى استمرارها على ما استقرت عليه ويعنى كذلك أن المحكمة الدستورية العليا وحتى الآن لم تجد مبررا لاستعمال هذا الاستثناء أو مجالا لتطبيقه، وستكشف الأيام القادمة بطبيعة الحال ما سوف تنتهى إليه المحكمة الدستورية فى هذا الشأن.

اتفاقيات حقوق الإنسان فى النظام القانونى المصري

مقدمة

لعل من أهم الاستفسارات الدولية الدائر رحاها سواء من خلال الآليات الدولية لحقوق الإنسان ( Treaty Bodis ) وهى لجان الخبراء المنشأة بمقتضى الاتفاقيات الدولية ( العهدان الدوليان والمرأة والطفل والتعذيب والتفرقة العنصرية ) أو من خلال الآليات الإقليمية لحقوق الإنسان والمنشأة بمقتضى المواثيق الإقليمية، هى الوضعية القانونية للاتفاقيات أو المواثيق الإقليمية لحقوق الإنسان فى النظام القانونى للدولة الطرف ويشكل هذا الاستفسار أحد أهم شواغل هذه الآليات لعدة أسباب أساسية هى:
1- معرفة مدى القوة الإلزامية للقواعد والنصوص الواردة فى الاتفاقية التى تمثلها هذه اللجان فى إطار النظام القانونى للدولة الطرف، ويعكس معرفة هذا الأمر مدى حرص الدولة على إنفاذها وتطبيقها ومدى تحمل الدولة للالتزامات الناشئة عنها قبل المجتمع الدولى دون ما يعترض ذلك ثمة موانع أو عوائق يفرضها النظام القانونى الوطنى مما يفرغ الاتفاقية من جدواها ومحتواها وبالتالى عدم تحقيق الأهداف المرجوة منها.
2- أن المرتبة القانونية للاتفاقية الدولية المعنية داخل الدولة الطرف هى الركيزة التى سيوضع على أساسها مقياس متابعة الدولة الطرف لمدى التزامها بالإنفاذ الفعال لأحكام الاتفاقية من خلال التقارير الدورية الملزمة بتقديمها لتلك الآليات الدولية والتى يتأتى من خلالها وبشكل دورى إثبات مواءمة الدولة الطرف لتشريعاتها وتطبيقاتها مع أحكام الاتفاقية والتزاماتها الناشئة عنها وبالتالى تكشف مناقشة هذه التقارير وأية أوجه قصور فى هذا الشأن وتنتهج الأنظمة القانونية للدول نظامين الأول يجعل من الاتفاقية الدولية مرتبة تفوق التشريعات الوطنية وتعلو عليها والثانى يجعل من الاتفاقية الدولية ذات مرتبة القانون الوطنى.

وسنتناول فى هذا الفصل من البحث من خلال جزئين الأول عن الاتفاقيات الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان وموقف انضمام مصر بالنسبة إليها والثانى عن وضعية هذا الاتفاقيات فى النظام القانونى المصرى بالنسبة للدستور والقوانين المصرية الأخرى.

الاتفاقيات الدولية والإقليمية المنضمة لها مصر

جاء انضمام مصر للإتفاقيات الدولية والإقليمية المتعلقة بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية مسيراً حسبما سلف بيانه بحكم كون هذه المبادئ ميراث طبيعي يتفق مع المكونات الحضارية والثقافية لمصر فضلا عن كونها بمقتضى الدستور الدائم الصادر عام 1971 أصبحت نصوصاً دستورية.
وقد أبدت مصر على بعضها تحفظات متعلقة فى أغلبها بالحرص على عدم التعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية التزاما بالمادة الثانية من الدستور وسنورد هذه الإتفاقيات الدولية والإقليمية والتحفظات المصرية عليها ثم الاتفاقيات الدولية التى لم تنضم إليها مصر:

أولا: الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان المنضمة لها مصر:

سنورد فى هذا البند الاتفاقيات الدولية سواء السابقة على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أو اللاحقة عليه، أخذاً فى الاعتبار ما استقر عليه العمل بالأمم المتحدة من اعتبار الاتفاقيات الدولية السابقة على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والتى لها صلة بما تضمنه الإعلان من حقوق وحريات فى حقيقتها اتفاقيات معنية بالحقوق والحريات وتشكل فى مجموعها الصكوك الدولية التى صاغت الشرعية الدولية لحقوق الإنسان والتى ستتخذ أساسا ومقياساً أمام المجتمع الدولى يصنف على ضوئه مدى مشاركة والتزام دول العالم والمجتمع الدولى بما تحتويه هذه الصكوك من حقوق وحريات للإنسان.
وسنورد هذه الاتفاقيات مرتبه وفقا لتاريخ انضمام مصر إليها:



1 ـ إتفاقية الرق لعام 1926
أ ـ صدقت مصـر علـى الإتفاقيـة بتاريخ 25/1/1928 ولم تتحفظ على أى من أحكامها.
ب ـ صدقت مصر على بروتوكول عام 1953 المعدل لإتفاقية الرق لعام 1926 بتاريـخ 29 سـبتمبر 1954 ونشـرت بالوقائـع المصريـة عدد 73 فى 22/9/1955 وعمل به اعتبارا من 7/7/1955 وهو خاص باستبدال عبارة الأمم المتحدة بعبارة عصبة الأمم ومحكمة العدل الدولية بعبارة المحكمة الدولية للعدل وعبارات اخرى لتتوائم صياغة الاتفاقية مع ميثاق الأمم المتحدة.
ج ـ الإتفاقية التكميلية لابطال الرق وتجارة الرقيق والأعراف والممارسات المشابة للرق جنيف 1956:
صدقت مصر على الإتفاقية بتاريخ 17 ابريل 1958 ولم تتحفظ عليها.
وعمل بها اعتبارا من 17/4 /1958 وهو يوم إيداع وثيقة التصديق عملا بالمادة 24 من الاتفاقية.

2 ـ الإتفاقية الدولية لمنع جريمة إبادة ***** البشرى والمعاقبة عليها:
صدقت مصر على الإتفاقية بتاريخ 28 يناير 1952 ولم تتحفظ على أى من أحكامها، وقد انضمت مصر بموجب القانـون رقم 121 لسنة 1951 والمنشـور بالوقائع المصرية العدد 71 فى 16/8/1951 ونشرت الاتفاقية بالعـدد (100) فى 3/7/1952 ومعمولا بها اعتبارا من 3/5/1952 اليوم التسعين بعد إيداع وثيقة التصديق عملا بنص المادة 13 من الاتفاقية.


3 ـ اتفاقيتـا السخرة لعامى 1930، 1957: ( اتفاقيتا منظمة العمل الدولية رقمى 29، 105 )
انضمـت مصـر للاتفاقيـة الأولى رقـم 29 بالقانون رقم 510 لسنة 1955 والمنشور بالوقائع المصرية العدد 81 مكرر ( غير اعتيادي ) فى 23/10/1955 وعمل بها إعتباراً من 29/11/1956 بموجب قرار الخارجية المنشور بالوقائع المصرية العدد رقم 3 فى 9/1/1956، وذلك بعد مرور عام على إيداع وثيقة التصديق عملاً بالمادة 28 من الإتفاقية.
كما انضمـت للاتفاقيـة الثانية بالقرار الجمهوري رقم 1240 فى 4/10/1958 والمنشـور بالوقائـع المصريـة العدد 101 فى 25/12/1958 وعمـل بها إعتبـاراً من 23/10/1959 بموجب قرار الخارجية الصادر فى 13/11/1958، وذلك بعد مرور عام على إيداع وثيقة التصديق الحاصل فى 23/10/1958 عملاً بالمادة الرابعة من الإتفاقية.
4 ـ الإتفاقية الدولية لمنـع الإتجـار فـى الأشخاص وإستغلال دعـارة الغـير ( ليل سيكس 1950 ):
انضمت مصر للاتفاقية بالقرار الجمهورى رقم 884 فى 11/5/1959 ونشر بالجريدة الرسمية العدد 105 فى 23/5/1959 وصدقت مصر على الإتفاقية بتاريخ 12 يونيو 1959 ولم تتحفظ علي أى من أحكامها ونشرت بالجريدة الرسمية العدد 244 فى 9/11/1959 عمل بها اعتبارا من 10/9/1959 بعد مرور 90 يوما على إيداع وثيقة التصديق عملا بالمادة 24 من الاتفاقية 0

5 ـ الإتفاقية الدولية لإزالة كافة أشكال التفرقة العنصرية 1966:
انضمـت مصـر للاتفاقيـة بالقرار الجمهوري رقم 369 لسنة 1967 بتاريخ 25/1/1967 وصدقت مصر على الإتفاقية فى 1 مايو 1967 وأبدت تحفظاً على نص المادة 22 من الإتفاقية التى تقضى بإحالة أى نزاع يتعلق بتطبيق أو تفسير الإتفاقية، إلى محكمة العدل الدولية للفصل فيه ( ابدى العديد من الدول ذات التحفظ المتعلق بآلية تسوية المنازعات ولا يتعلق بأحكام الاتفاقية وقد نصت المادة 20 على حظر التحفظ على هدف ومضمون الاتفاقية ) 0
ونشرت الاتفاقية بالجريدة الرسمية العدد 45 فى 11/11/1972 ومعمول بها فى مصر اعتبارا من 4/1/1969، وذلك تاريخ دخول الإتفاقية دوليا لحيز النفاذ عملا بالمادة 19 من الاتفاقية باكتمال تصديق 27 دولة.

6 ـ الإتفاقيـة الدولية لتحريم جريمـة الفصل العنصرى والمعاقبة عليها الأمم المتحدة 1973:
انضمت مصر للاتفاقية بالقرار الجمهوري رقم 62 لسنة 1977 وصدقت مصر على الإتفاقية بتاريخ 13 يونيو 1977 وأصدرت عند الانضمام إعلان متعلق بإسرائيل وسحب هذا الإعلان فى 18 فبراير 1980 وقد نشرت بالجريدة الرسمية العـدد 32 فى 11/8/1977 وعمل بها اعتباراً من 15/7/1977 بعد اليوم الثلاثيـن من تاريـخ الإيداع عملا بنص المادة 15 من الاتفاقية.

7 ـ الإتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين ( الأمم المتحدة 1951 ):
انضمـت مصر للاتفاقية بالقرار الجمهورى رقم 331 لسنة 1980 بتاريخ 28/6/1980 وقد صدقت مصر على الإتفاقية بتاريخ 22 مايو 1981 وقد تحفظت مصر على ما يلى:
(ا) المادة (12) فقرة (1) والمعنونة الأحوال الشخصية: والتى تنص على ما يأتى " تخضـع أحـوال اللاجئ الشخصية لقانون بلد موطنه وإذا لم يكن لـه موطن فلقانون بلد إقامته ".

(ب) المادة (20) والمعنونة التقنين: والتى تنص على ما يأتى " حيث توجد أنظمة تقنن تنظيم التوزيع العام للمنتجات المشكو نقص فى توافرها والتى توزع على السكان بصورة عامة يعامل اللاجئون معاملة المواطن ".
(ج) المادة (22): والتى تنص على ما يأتى " تمنح الدول المتعاقدة اللاجئين نفس المعاملة الخاصة بالمواطنين بالنسبة للتعليم الأساسى .
(د) مادة (23): والتى تنص على ما يأتى " تمنح الدول المتعاقدة اللاجئين المقيمين بصورة شرعيـة على أرضها نفس المعاملة الخاصة بالمواطنيين فيما يخص المساعدة والإسعاف العام.
(هـ) (24): والتى تنص على ما يأتى " تمنح الدول المتعاقدة اللاجئين المقيمين على أرضها بصورة مشروعة نفس المعاملة الممنوحة للمواطنين ( ساعات العمل ـ الاجازات ـ التدريب والتأهيل المهنى ـ الضمان الإجتماعى ـ التعويضات ) "

وقد نشرت الاتفاقية فى الجريدة الرسمية العدد 48 فى 26/11/1981 وعمل بها اعتبارا من 20/8/1981 وهو اليوم التسعين لإيداع وثيقة التصديق عملاً بالمادة 43 من الاتفاقية ولم تنشر التحفظات بالجريدة الرسمية.

8 ـ البروتوكـول الخـاص بتعديـل الاتفاقيـة الدوليـة الخاصـة بوضع اللاجئين ( الأمم المتحدة 1967):
انضمـت مصـر بالقرار الجمهورى رقم 333 لسنة 1980 بتاريــخ 28/6/1980 وقد صدقت مصر على البروتوكول بتاريخ 22 مايو 1981 ولم تتحفظ على أى من أحكامه ونشر البرتوكول بالجريدة الرسـمية فى العدد 45 فى 5/11/1981 ومعمول به اعتبارا من 22/5/1981 عملا بالمادة الثامنة من البروتوكول.

9ـ العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية: ( الأمم المتحدة [1966] ):

10ـ العهـد الدولـى للحقــوق الإقتصاديــة والإجتمـاعيـة والثقـافيــة (الأمم المتحدة 1966):
وقعت مصر على العهدين بتاريخ 4/8/1967 وصدقت على العهدين بتاريخ 14 يناير 1982 واصدرت عند انضمامها الإعلان التالى " مع الأخذ فى الإعتبار أحكام الشريعة الإسلامية وعدم تعارضها معها"

انضمت مصر للإتفاقية الأولى بالقرار الجمهوري رقم 536 سنة 1981 والثانية بالقرار الجمهوري رقم 537 سنة 1981 ونشرت الاتفاقية الأولى بالعدد 15 من الجريدة الرسمية فى 15/4/1982 ونشرت الاتفاقية الثانية بالعدد رقم 14 فى 8/4/1982 وعمل بهما اعتبارا من 14/4/1982 بعد مرور ثلاثة أشهر على التصديق وذلك عملا بالمادة 49 من الاتفاقية الأولى والمادة 27 من الاتفاقية الثانية. وقد ورد فى المـادة الأولـى مـن كـل مـن القرارين المشار إليهما عبارة مع الأخذ فى الاعتبار أحكـام الشريعـة الإسـلامية وعـدم تعارضها معها.
وقد آثارت صياغة هذا الإعلان ولا تزال تثير مشكلة حقيقية بالنسبة للاعتراف الدولى بهذين التحفظين حيث سجلت لدى السكرتارية العامة للأمم المتحدة " الجهة المودع لديها جميع وثائق تصديق الدول على العهدين " بإعتبارها إعلانات لا ترقى إلى كونها تحفظات.

11ـ الاتفاقيـة الدوليـة للقضـاء علـى كافـة أشـكال التمييز ضـد المرأة (الأمم المتحدة 1967):
انضمت مصر للاتفاقية بموجب القرار الجمهوري رقم 434 لسنة 1981 وصدقت مصر على الإتفاقية بتاريخ 18 سبتمبر 1981 وأبدت التحفظات التالية:
(ا) التحفظ على نص الفقرة الثانية من المادة (9) بشأن منح المرأة حقاً متساوياً مع حق الرجل فيما يتعلق بجنسية أطفالها، بأن يكون ذلك دون إخلال باكتساب الطفل الناتج عن زواج لجنسية أبيه، وذلك تفادياً لإكتساب الجنسيتين فى حالة إخلاف جنسية الأبويين اتقاء للأضرار بمستقبله، إذ أن اكتساب الطفل لجنسية أبيه هو أنسب الأوضاع له ولا مساس فى ذلك بمبد المساواة بين الرجل والمرأة إذ المألوف موافقة المرأة فى حالة زواجها من أجنبى على انتساب أطفالهما لجنسية الأب.
(ب) التحفظ على نص المادة (16) بشأن تساوى المرأة بالرجل فى كافة الأمور المتعلقة بالزواج وعلاقات الأسرة أثناء الزواج وعند فسخه بأن يكون ذلك دون إخلال بما تكفله الشريعة الإسلامية للزوجة من حقوق مقابلة لحقوق الزوج بما يحقق التوازن العادل بينهما وذلك مراعاة لما تقوم عليه العلاقات الزوجية فى مصر من قدسية مستمدة من العقائد الدينية الراسخة التى لا يجوز الخروج عليها، واعتبار بأن من أهم الأسس التى تقوم عليها هذه العلاقات التقابل بين الحقوق والواجبات على نحو من التكامل الذى يحقق المساواة الحقيقية بين الزوجين بدلاً من مظاهر المساواة الشكلية التى لا تحقق للزوجة مصلحة نافعة من الزواج بقدر ما تثقل كاهلها بقيود، ذلك أن أحكام الشريعة الإسلامية تفرض على الزوج أداء الصداق المناسب للزوجة والإنفاق عليها من ماله إنفاقاً كاملاً ثم أداء نفقة لها عند الطلاق فى حين تحتفظ الزوجة بحقوقها الكاملة على أموالها ولا تلتزم بالإنفاق منها على نفسها ولذلك قيدت الشريعة حق الزوجة فى الطلاق بأن أوجبت أن يكون ذلك بحكم القضاء فى حين لم يضع مثل هذا القيد على الزوج.
(ج) التحفظ على الفقرة (2) من المادة التاسعة والعشرين بشأن حق الدولة الموقعة على لإتفاقية فى إعلان عدم إلتزامها بالفقرة (أ) من تلك المادة بشأن عرض ما قد ينشأ من خلاف بين الدول حول تفسير أو تطبيق هذه الإتفاقية على هيئة التحكيم وذلك تفادياً للتقيد بنظام التحكيم فى هذا المجال.
)د) تحفظ عام على المادة الثانية وأن جمهورية مصر العربية على استعداد لتنفيذ ما جاء بفقرات هذه المادة بشرط ألا يتعارض ذلك مع الشريعة الإسلامية.

وقد نشرت الاتفاقية بالجريدة الرسمية العدد رقم 51 فى 17/12/1981 وعمل بها اعتبارا من 18/10/1981 عملا بنص المادة 27 من الاتفاقية وقد نشرت بالجريدة الرسمية التحفظات سالفة الذكر.

12ـ الإتفاقية الدولية الخاصة بالحقوق السياسية للمرأة (الأمم المتحدة 1953):
انضمـت مصر للاتفاقية بالقرار الجمهوري رقم 345 بتاريخ 17/6/1981 وصدقت على الإتفاقية بتاريخ 8 سبتمبر 1981 ولم تتحفظ على أى من أحكامها ونشرت بالجريدة الرسمية العدد 49 فى 3/12/1981 بعد مرور اليوم التسعين على إيداع وثيقة التصديق عملاً بالمادة 6 من الاتفاقية.

13ـ الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب والأشكال الأخرى من المعاملة أو العقوبة القاسية أو غير الإنسانية أو المهينة (الأمم المتحدة 1984):
انضمـت مصر للاتفاقية بالقرار الجمهورى رقم 154 فى 6/4/1986 وصدقت مصر على الإتفاقية بتاريخ 25 مايو 1986 ولم تتحفظ على أى من أحكامها ونشـرت بالجريـدة الرسـمية العـدد الأول فى 7/1/1988 وعمل بها اعتباراً من 25/7/1986 وهو اليوم الثلاثين لتاريخ إيداع وثيقة التصديق عملا بنص المادة 27 من الاتفاقية.

14ـ الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل ( الأمم المتحدة 1990):
انضمـت مصر للاتفاقية بالقرار الجمهورى رقم 260 لسنة 1990 بتاريخ 24/5/1990 وصدقت على الإتفاقية بتاريخ 8 يوليو 1990 وتحفظت على كافـة الأحكام والمواد المتعلقة بالتبنى وخاصـة المـواد 20، 21 من الإتفاقيـة وقد نشـرت بالجريـدة الرسـمية العـدد ( 7 ) فى 14/2/1991 ومعمول بها اعتبارا من 2/9/1991 عملا بنص المـادة 49 من الاتفاقيـة وهو اليوم الثلاثين لإيداع وثيقة التصديق.
وقد جاء تحفظ مصر على كافة النصوص والأحكام الخاصة بالتبنى وعلى وجه خاص المادتين 20، 21 من الاتفاقية باعتبار أن الشريعة الإسلامية هى مصدر أساسي من مصادر التشريع ولأن الشريعة الإسلامية توجب توفير وسائل الحماية والرعاية للأطفال بطرق كثير ليس من بينها نظام التبنى.

15ـ الإتفاقية الدولية لمناهضة الفصل العنصرى فى الرياضة (الأمم المتحدة 1985):
انضمـت مصـر للاتفاقيـة بالقــرار الجمهورى رقم 562 لسـنة 1990 بتاريخ 23/12/1990 وقد صدقت مصر على الإتفاقية بتاريخ 2 إبريل 1991 ولم تتحفظ على أى من أحكامهــا ونشـرت بالجريدة الرسمية العدد 24 فى 17/6/1991 ومعمول بها اعتبارا من 2/5/1991 بعد مرور اليوم الثلاثين على التصديق عملا بالمادة 18 من الاتفاقية.

16 ـ الاتفاقية الدولية لحقوق العمال المهاجرين وأفراد أسرهم:
انضمـت مصر للاتفاقية بالقرار الجمهورى رقم 446 لسنة 1991 ووافق عليها مجلس الشـعب فى 26/12/1992 وقد صدقت مصر على الإتفاقية فى 16 فبراير 1993 ونشرت بالجريـدة الرسمية العدد 31 فى 5/8/1993 وعمل بها اعتبارا من 1/6/1993 بموجب قرار الخارجية رقم 38 فى 5/6/1993 وهو اليوم الأول من الشهر الذى يلى انقضاء مدة ثلاثة أشـهر على تاريخ ايداع التصديق عملا بالمادة 87 من الاتفاقية وقد أبدت عليها مصر التحفظات التالية:

1- التحفظ على نص المادة (4) والتى تنص على الآتي:
" لأغراض هذه الإتفاقية، يشير مصطلح ( أفراد الأسرة ) إلى الأشخاص المتزوجين من عمال مهاجرين أو الذين تربطهم بهم علاقة تنشأ عنها، وفقاً للقانون المنطبق، أثار مكافأة (معادلة ) للزواج، وكذلك أطفالهم المعالين وغيرهم من الأشخاص المعالين الذين يعترف بهم أفراداً فى الأسرة وفقاً للتشريع المنطبق أو الإتفاقيات المنطبقة الثنائية أو المتعددة الأطراف المبرمة بين الدول المعنية ".
2- التحفظ على المادة ( 18 فقرة 6 )
حين يصدر حكم نهائي بإدانة عامل مهاجر أو فرد من أسرته بفعل إجرامي وحين ينقض فى وقت لاحق الحكم بإدانته أو يتم العفو عنه على أساس أن واقعة جديدة أو مكتشفة حديثاً أثبتت على نحو قاطع أنه حدثت إساءة فى تطبيق أحكام العدالة، يعوض وفقاً للقانون الشخص الذى أوقعت عليه العقوبة نتيجة لهذه الإدانة، ما لم يثبت أن عدم الكشف فى الوقت المناسب عن الواقعة المجهولة يرجع كلياً أو جزئياً إلى هذا الشخص.
ويشار أن هذه الاتفاقية لم تدخل بعد حيز النفاذ لعدم اكتمال العدد اللازم لذلك عملا بنص المادة 87 من الاتفاقية.


ثانياً: الاتفاقيات الإقليمية لحقوق الإنسان والمنضمة لها مصر:

1 ـ الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب (1980):
انضمت مصر بالقرار الجمهورى رقم 77 فى 27/2/1984 ونشر فى الجريدة الرسمية العدد 17 فى 23/4/1992 وعمل به اعتبارا من 21/10/1986 بعد مرور ثلاثة أشهر على إيداع وثيقة التصديق عملا بنص المادة 65 من الميثاق.
وقد تحفظت مصر على المادة 8 والمادة 18/3 بأن يكون تطبيقهما بما لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية وأن مفهوم مصر للمادة 9/1 هو أن حكمها يقتصر على المعلومات المباح الحصول عليها فى نطاق القوانين واللوائح المصرية.

2 ـ الميثاق العربى لحقوق الطفل (1983):
انضمت مصر للميثاق بالقرار الجمهورى رقم 365 لسنة 1993 بدون ثمة تحفظات ونشر بالجريدة الرسمية العدد 11 فى 7/3/1994 وعمل به اعتبارا من 11/1/1994 يوم إيداع وثيقة التصديق عملا بنص المادة 51 من الميثاق.
3 ـ الميثاق الافريقى لحقوق الطفل:
انضمت مصر للميثاق وصدقـــت عليـه ولم يتم نشره بعد لعدم دخوله حيز النفاذ.

ثالثا: الإتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التى لم تنضم إليها مصر:
1ـ البروتوكولان الأول والثانى للعهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية والأول خاص بعقد الاختصاص للجنة المنشأة وفقاً لأحكام الاتفاقية فى تلقى وفحص شكاوى الأفراد، والثانى خاص بإلغاء عقوبة الإعدام.
2 ـ إتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية عام 1968.
3 ـ إتفاقية جنسية المرأة المتزوجة عام 1957.
4 ـ إتفاقية الرضاء بالزواج الحد الأدنى لسن الزواج عام 1961.
5 ـ إتفاقية الحد من حالات عديمى الجنسية عام 1961.
6 ـ إتفاقية وضع عديمى الجنسية عام 1954.

ويفيد الاستعراض المتقدم أن مصر بادرت دائماً بالمشاركة فيما أسفرت عنه الجهود الدولية من صكوك خاصة بمبادئ حقوق الإنسان وحرياته الأساسية وإرساء الشرعية لها بصكوك ملزمة تتضمن تخويل لجان دولية حق متابعة تنفيذ الدول لالتزاماتها الناشئة عنها ومدى قيامها بمواءمة تشريعاتها الوطنية بما يتفق والأحكام المنصوص عليها بالاتفاقيات.

وجاء انضمام مصر مرتبطا ببعض التحفظات الهادفة للحفاظ على الهوية المصرية وأحكام الشريعة الإسلامية وبما لا يتصادم أيضا مع مضامين هذه الصكوك، وقد يفسر تأخير انضمام مصر لبعض الاتفاقيات لاحتياجها لمزيد من الدراسة حول تأثيرها على النظام القانونى المصرى ولكن يصعب تماماً تفسير التأخير فى الانضمـام إلى اتفاقيـة عـدم تقـادم جرائم الحرب والجرائم ضـد الإنسانيـة والتى تقر مبدءاً مقرراً بالدستور المصرى بالمـادة 57 على نحو ما سلف بيانه.
وسـنشير بالجـزء التالي إلى الأوضاع القانونية للاتفاقيات المنضمة لها مصر بالنسبة للدستور والقوانين الأخـرى وبصفة خاصة الاتفاقيات الناشئة عنها الالتزام بتجريم بعض الأفعال.
الوضعية القانونية للاتفاقيات الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان بالنسبة للدستور والقوانين المصرية الأخرى
انتهج المشرع الدستورى المصرى النظام الذى يجعل الإتفاقيات الدولية لها مرتبة القوانين حيث أن الاتفاقيات الدولية بوجه عام وفقاً للنظام القانونى فى مصر، وطبقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 151 من الدستور تحتل ذات المكانة التى تتمتع بها القوانين على المدراج التشريعى، وهى تلى مباشرة الدستور حيث يجرى نص الفقرة سالفة الذكر بأن رئيس الجمهورية هو المنوط به إبرام الاتفاقيات الدولية وإبلاغها لمجلس الشعب بما يتناسب من البيان، وتكون للاتفاقية قوة القانون بعد إبرامها والتصديق عليها ونشرها وفقاً للأوضاع المقررة وقد أوردت الفقرة الثانية من الدستور الأحوال التى تتطلب موافقة مجلس الشعب عليها قبل النشر وهى الإتفاقيات الخاصة بالصلح أو المتعلقة بالسيادة أو التجارة أو النقل أو التى يترتب عليها أعباء مالية.

وترتيباً على ذلك فان الاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الإنسان وحرياته، تعتبر بعد الموافقة على الانضمام إليها ثم التصديق عليها ونشرها بالجريدة الرسمية للبلاد وذلك عملاً بالمادة سالفة الذكر بمثابة قانون من القوانين الصادرة عن السلطة التشريعية، وبالتالي تعتبر نصوصها من النصوص القانونية الصالحة للتطبيق والنافذة أمام جميع السلطات فى الدولة سواء التشريعية أو التنفيذية أو القضائية وتمر الإتفاقيات الدولية المنضمة لها مصر تأسيساً على ذلك بعدة مراحل وإجراءات تبدأ بدراستها بمعرفة الجهات المعنية لتقرير التوقيع والموافقة عليها، ولضمان عدم مخالفتها للنظام القانوني المصرى والدستور بصفة خاصة ثم يعقب ذلك التوقيع وإجراءات العرض على مجلس الشعب للموافقة ثم إيداع وثائق التصديق ثم نشر الإتفاقية بالجريدة الرسمية بعد تحديد بدء نفاذها دولياً..

إلا أنه بوجه خاص فإن هذه الاتفاقيات الدولية المعنية بمبادئ حقوق الإنسان وحرياته الأساسية نتيجة لاتصال أحكامها والمبادئ الواردة فيها بنصوص مقابلة لها فى الدستور المصري تتمتع بحماية خاصة إضافية هى الحماية المقررة للنصوص الدستورية على نحو ما سلف بيانه من حيث توفير الحصانة لها من أية قوانين قد تصدر بالمخالفة لأحكامها الموضوعية المتصلة بالحقوق أو الحريات المحمية بمقتضاها، فيعد بالتالى صدور أى قانون لاحق لها به مخالفة لأحكامها الموضوعية محل الحماية أو معدلاً لها، مخالفة دستورية بحسبان أن هذا القانون سيوصم بعيب عدم الدستورية باعتباره سيكون بمخالفته لأحكام الاتفاقيات الدولية المتصلة بحقوق الإنسان وحرياته قد خالف الأحكام المتعلقة بهذه المبادئ المقابلة لها والواردة بنصوص الدستور المصرى، ومن ثم فان هذا القانون يكون قابلاً للإلغاء من المحكمة الدستورية العليا بحكم ملزم لجميع السلطات فى الدولة إذ يترتب على نشر الحكم وقف العمل بالنص المقضى بعدم دستوريته ويرتد هذا الحكم إلى يوم صدور القانون المقضى بعدم دستوريته بالضوابط التى وضعتها المحكمة الدستورية والمشرع الوطنى.

والواقع أن تلك الوضيعة الناشئة عن اتصال أحكام الاتفاقيات المعنية بحقوق الإنسان بالنصوص الدستورية فى مصر جعل هذه الاتفاقيات عمليا تحتل منطقة وسطية بين الدستور والقانون وقد أحدث ذلك الوضع انعكاسات هامة لعل من أهمها ما يلى:
1 ـ وجود مبادئ حقوق الإنسان وحرياته فى الدستور المصرى سهل عملية انضمام مصر لكافة الاتفاقيات الدولية والإقليمية المتعلقة بحقوق الإنسان استناداً إلى المبادئ المقررة لها فى الدستور وكان ذلك من شأنه تعظيم دور مصر الرائد فى المشاركة بالجهود الدولية الدائر رحاها فى هذا الخصوص والتى صعب على أية دولة تجاهلها أو إغفالها أو التراجع عنها.
2 ـ أن الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان أصبح لها مكانة خاصة فى النظام القانونى المصرى فهى وإن كانت تعد قانونا من قوانين البلاد حسبما سبق إلا أنها تعد فى ذات الوقت من المصادر الأساسية للدستور والتى استقى منها المشرع الدستورى معظم نصوصه وهذه المكانة الخاصة تجعلها عملياً تحتل مكانة أعلى من القانون الوطنى.

بمقتضى الوضع القانونى للاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان فى مصر كقوانين مصرية حسبما سلف بيانه فإن مبادئ حقوق الإنسان وحرياته الأساسية الواردة فى تلك الاتفاقيات باعتبار أن كل منها تستند بوجه عام إلى نصوص دستورية مقابله لها وردت فى الدستور فإنها تتمتع فى مصر بما يلى:
أولاً: الحماية المقررة للنصوص الدستورية باعتبارها القانون الأعلى، إذ يترتب على ذلك أن يوصم بعدم الدستورية كافة النصوص القانونية النافذة فعلاً والتى قد تكون متعارضة معها أو مخالفة لها أو أية تشريعات أخرى قد تصدر مستقبلاً تتضمن مساساً بها أو تعارضاً أو مخالفة لها، ويستطيع كل ذى مصلحة اللجوء بالأوضاع المقررة إلى المحكمة الدستورية للقضاء بعدم دستورية تلك القوانين بحكم ملزم لكافة السلطات بالدولة.
ثانياً: أن أحكام الاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الإنسان وحرياته باعتبارها قانون من قوانين البلاد ، حسبما تقرره المادة (151) من الدستور سالفة الذكر، تتمتع فور إتمام الإجراءات الدستورية بالتصديق عليها ونشرها بالتطبيق والنفاذ المباشر أمام جميع السلطات بالدولة وتلتزم تلك السلطات بجميع أحكامها ويوفر ذلك بشكل مباشر الحق لمن يتضرر من عدم تطبيقها أو مخالفتها سواء كان ذلك يرجع لفعل الأشخاص الطبيعين أو الهيئات والجهات الحكومية وغيرها اللجوء إلى القضاء وفقاً لطبيعة المخالفة بالأوضاع المقررة للحصول على الحقوق الناشئة عنها.
وقد حفلت ساحة القضاء المصري بالعديد من التطبيقات العملية لنصوص الاتفاقيات الدولية فى هذا المجال كما تضمنت أحكام المحاكم على مختلف درجاتها ونوعياتها الإشارة إلى العديد من نصوص الاتفاقيات المذكورة وأقامت قضائها عليها باعتبارها نصوصاً قانونية معمول بها، كما وأن المحكمة الدستورية العليا أشارت فى العديد من أحكامها إلى الإعلانات والقرارات والمواثيق الدولية والإقليمية المعنية بحقوق الإنسان بما فيها الإعلان العالمي وذلك فى معرض تفسيرها للحقوق محل بحثها وردها لأصلها الذى قامت عليه لتضيف لقضائها العديد من المبادئ الدستورية الهامة فى مجال حقوق الإنسان وحرياته على نحو ما سلف بيانه تفصيلاً فى القسم الثانى من هذه الدراسة.
تثير الوضعية القانونية للإتفاقيات الدولية فى مصر عدداً من التساؤلات حول علاقة الإتفاقية بالدستور ثم علاقتها بغيرها من القوانين السابقة أو اللاحقة عليها ثم مدى إلتزام المشرع العقابى المصرى بتجريم الأفعال المشار إليها بإتفاقيات حقوق الإنسان وسنتناول كل من التساؤلات المشار إليها فيما يلى:


أولاً: الإتفاقيات الدولية والإقليمية
لحقوق الإنسان والدستور المصرى
أن علاقة إتفاقيات حقوق الإنسان المنضمة لها مصر بالدستور المصرى لا تثير ثمة صعوبة إذ أن انضمام مصر لتلك الإتفاقيات يأتى متوائماً ومتسقاً مع النصوص المقابلة لها بالدستور المصرى المتعلقة بمبادئ حقوق الإنسان وحرياته، وذلك حيث تأكد لنا حسبما سلف بأن هذه الاتفاقيات الدولية هى التى كانت المصدر الرئيسى للمشرع الدستورى بل وهى التى أدت بشكل مباشر إلى التعديل الدستورى الحاصل فى 22/5/1980 قبل تصديق مصر على العهدين الدوليين فى عام 1982، وبالتالى لا يوجد ثمة تعارض بين أحكام تلك الإتفاقيات والدستور المصرى يؤهل للطعن على أحكام تلك الإتفاقيات أو ما ورد فيها من أحكام أمام المحكمة الدستورية العليا.
وقد يثار تساؤلا حول مدى توافق أحكام تلك الإتفاقيات مع الشريعة الإسلامية باعتبارها وفقا لنص المادة الثانية من الدستور المصدر الرئيسى للتشريع طبقاً للتعديل الدستورى الحاصل فى 22/5/1980 والواقع أننا لا نرى بوجه عام تواجد ثمة مخالفة مباشرة بين الشريعة الإسلامية وأحكام الإتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الإنسان تخلق تصادماً حاداً أو تعارضاً شديداً بينها يحول دون انضمام مصر إليها وذلك لعدة أسباب هى:
1. أن الإتفاقيات الدولية حسبما هو متعارف عليه دولياً تصاغ بعد رحلة طويلة بين أروقة وأجهزة الأمم المتحدة وخبرائها، ويشارك فيها كافة دول العالم بكافة اتجاهاتهم، وذلك يحد من البداية من أوجه التعارض التى تحول دون انضمام الدول إليها، كما وأنه حسبما جرى عليه العمل كذلك فإنه فى الأمور الخلافية يفتح الباب أمام الدول للتحفظ على ما تراه متعارضاً مع نظامها وينص فى الاتفاقيات عادة على ذلك ومن ثم فإن هذه الاتفاقيات قد أخذت فى الإعتبار فى مراحل إعدادها مثل هذه الاختلافات الناشئة عن اختلاف النظم والمفاهيم والهويات الثقافية للأمم والشعوب.
2. أنه قبل توقيع مصر وتصديقها على أى من الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية الصادرة أو المفتوحة للتوقيع أو الانضمام يتم بطبيعة الحال دراستها بمعرفة الجهات المعنية والمتخصصة لتقرير مدى اتساقها مع النظام القانونى المصرى والدستور بصفة خاصة ومدى وما قد يستلزمه الانضمام إليها من تعديلات تلحق بتشريعات أخرى وتخضع هذه الاتفاقيات للدراسة سواء فى المرحلة السابقة على التوقيع أو اللاحقة عليه لإتمام التصديق وهى إجراءات قد تزيد على ما يتطلبه إصدار قانون طبقاً للإجراءات الدستورية والتشريعية. وهذه المراحل من الفحص والدراسة ستحول بطبيعة الحال دون وجود أية مخالفات قد تؤدى إلى وجود نصوص بالاتفاقيات المنضمة لها مصر مخالفة لأحكام الدستور.
3. أنه باستقراء هذه الاتفاقيات، نجد أن أوجه الخلاف تكاد تنحصر فى أمور ثلاثة هى: نظام التبنى المحظور إسلامياً ثم ما يتصل بالمساواة بين الرجل والمرأة فى الأمور المتعلقة بالزواج وهى أمور تتصل اتصالا مباشراً بالجوانب التى تنظمها الأديان ومن ثم تستظل بالحرية الدينية التى تشملها مبادئ حقوق الإنسان وحرياته، ولا محل بالتالى للقول بتعارض تلك الإتفاقيات مع أحكام الشريعة الإسلامية التى تنظم هذه الأمور بالنسبة لمن يعتنقونها، والأمر الثالث ما يتصل بالجنسية والأحكام المتعلقة بمنحها، وهى من الأمور الخلافية بالنظم القانونية على الصعيد الدولى، والتى يحكمها بشكل العام الحد من عديمى الجنسية باقرار جنسية لكل شخص ثانيا الحرص على عدم ازدواج الجنسية لتلافى المشاكل الصعاب القانونية الناشئة عن ذلك.
4. أن مصر تحوطاً من كل ما قد يثير مساساً بأحكام الشريعة الإسلامية، قد أبدت التحفظات التى ارتأتها ملائمة على بعض الإتفاقيات الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان المنضمة لها وهـــى:
أ ) تحفظ عام على الاتفاقيتين الدوليتين للحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، حيث أوردت التحفظ التالى عند انضمامها إليهما وهو الأخذ فى الإعتبار أحكام الشريعة الإسلامية وعدم تعارضها معها ويلاحظ أن هذا التحفظ ورد فى نص قرار الانضمام ولم يرد تحفظا مستقلا وهو ما أثار بعض المشاكل القانونية بالأمم المتحدة على نحو ما سلف بيانه
ب) التحفظ الوارد على إتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة وهو التحفظ على المادتين 9 فقرة 2، والمادة 6/1 والفقرة 2 من المادة 29، وتحفظ عام بشرط ألا يتعارض ذلك مع الشريعة الإسلامية، وقد جاء التحفظ على المادتين 16، 29 بالصياغة الآتية:
ـ التحفظ على نص الفقرة الثانية من المادة (9) بشأن منح المرأة حقاً مساويا لحق الرجل فيما يتعلق بجنسية أطفالها، بأن يكون ذلك دون إخلال باكتساب الطفل الناتج عن زواج لجنسية أبيه، وذلك تفادياً من اكتسابه الجنسيتين فى حالة اختلاف جنسية الأبوين اتقاء للإضرار بمستقبله، إذ أن اكتساب الطفل لجنسية أبيه هو أنسب الأوضاع لـه ولا مساس فى ذلك بمبدأ المساواة بين الرجل والمرأة إذ المألوف موافقة المرأة فى حالة زواجها من أجنبى على انتساب أطفالهما لجنسية الأب.
ـ التحفظ على نص المادة (16) بشأن تساوى المرأة بالرجل فى كافة الأمور المتعلقة بالزواج وعلاقات الأسرة أثناء الزواج وعند فسخه بأن يكون ذلك دون إخلال بما تكفله الشريعة الإسلامية للزوجة من حقوق مقابلة حقوق الزوج بما يحقق التوازن العادل بينهما، وذلك مراعاة لما تقوم عليه العلاقات الزوجية فى مصر من قدسية مستمدة من العقائد الدينية الراسخة التى لا يجوز الخروج عليها، إعتباراً بأن من أهم الأسس التى تقوم عليها هذه العلاقات التقابل بين الحقوق والواجبات على نحو من التكامل الذى يحقق المساواة الحقيقية بين الزوجين بدلاً من مظاهر المساواة الشكلية التى لا تحقق للزوجة مصلحة نافعة من الزواج بقدر ما تثقل كاهلها بقيود وذلك أن أحكام الشريعة الإسلامية تفرض على الزوج أداء الصداق المناسب للزوجة والإنفاق عليها من ماله إنفاقاً كاملاً ثم أداء نفقة لها عند الطلاق فى حين تحتفظ الزوجة بحقوقها الكاملة على أموالها ولا تلتزم بالإنفاق منها على نفسها، ولذلك قيدت الشريعة حق الزوجة فى الطلاق بأن أوجبت أن يكون ذلك بحكم القضاء فى حين لم يضع مثل هذا القيد على الزوج.
ـ التحفظ الوارد على الفقرة (2) من المادة (29) بشأن حق الدولة الموقعة على الاتفاقية فى إعلان عدم إلتزامها بالفقرة (1) من تلك المادة بشأن عرض ما قد ينشأ من خلاف بين الدول حول تفسير أو تطبيق هذه الاتفاقية على هيئة التحكيم، وذلك تفادياً للتقيد بنظام التحكيم فى هذا المجال.
ـ تحفظ عام على المادة (2) وأن جمهورية مصر العربية على استعداد لتنفيذ ما جاء بفقرات هذه المادة بشرط ألا يتعارض ذلك مع الشريعة الإسلامية.

ج ) التحفظ المصرى الوارد على إتفاقية حقوق الطفل والمتضمن ما يلى: " إعتباراً لأن الشريعة الإسلامية هى مصدر أساسى من مصادر التشريع فى القانون الوضعـى المصرى، ونظراً لأن هذه الشريعة إذ توجب توفير كافة وسائل الحماية والرعاية للأطفال بطرق ووسائل متعددة وليس من بينها نظام التبنى الموجود فى بعض النصوص والأحكام الخاصة بالتبنى فى هذه الاتفاقيـة، وعلى وجه خاص ما ورد بشأن التبنى فى المادتين 9، 20 من الاتفاقية.
د ) تحفظت مصر على المواد 12، 22، 23، 24 من إتفاقية اللاجئين لعام 1951 وكان الهدف من التحفظ هو المادة 12/1 الخاصة بالأحوال الشخصية لمخالفة ذلك للقانون المدنى المصرى وبالنسبة لباقى المواد هو تجنب العقبات الناشئة على المساواة بين اللاجئين والمواطنين والتى يمكن أن تؤثر على حق السلطات المصرية فى منح خبرات للاجئين وفقاً لكل حالة على حدة.
هـ ) تحفظ مصر على المادة الثامنة والفقرة الثالثة من المادة الثالثة عشر من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان واشترطت أن يكون تطبيق ما يتصل بحرية العقيدة وممارسة الشعائر ووضعية المرأة فى ضوء الشريعة الإسلامية، كما تحفظت على الفقرة الأولى من المادة التاسعة والخاصة بحق الفرد فى الحصول على المعلومات بأن يكون فى نطاق المعلومات المباح الحصول عليها فى نطاق القوانين واللوائح المصرية.
و) تحفظت مصر فى عدد من الاتفاقيات المعنية بحقوق الإنسان الأخرى ولكن ليس على الجوانب الموضوعية، إنما جاءت تحفظاتها فى إطار ما نصت عليه الاتفاقيات بشأن عرض المنازعات بين الدول، والمتعلقة بالتطبيق أو التفسير، على محكمة العدل الدولية

ويلاحظ مما سبق أن مصر تبدى دائماً التحفظ الملائم لتفادى حدوث ثمة تعارض بين الاتفاقيات الدولية والإقليمية المعنية والدستور المصرى وبصفة خاصة ما يتصل بالشريعة الإسلامية بإعتبارها المصدر الرئيسى للتشريع إلتزاماً بنص المادة الثانية من الدستور بعد تعديلها بالاستفتاء الحاصل فى 22/5/1980، وهذا من شأنه بطبيعة الحال حسبما سلف الحيلولة دون وجود مخالفة دستورية بالنصوص الدولية الواردة بالاتفاقيات الدولية وبالتالى يحول عمليا دون صدور ثمة أحكام من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية أى نص بإتفاقية دولية بإعتباره مخالفاً للدستور بعد انضمام مصر إليها وإعتبارها قانوناً من قوانين البلاد.
رغم تقارب الفترة الزمنية لانضمام مصر لاتفاقيات حقوق الإنسان التى وردت بشأنها التحفظات سالفة الذكر إلا أن النهج الذى اتبعته مصر بالنسبة لإبداء التحفظات على هذه الاتفاقيات قد جاء متنوعا رغم وحدة الغرض منه، فقد أفردت لبعض الاتفاقيات تحفظات محددة تفصيلية على فقرات أو مواد من اتفاقيات المرأة والطفل واللاجئين والميثاق الافريقى وجاء التحفظ على العهدين بوجه عام وكنا نفضل توحيد التنسيق أمام وضوح اوجه الخلاف أو التخوف منه، بالنص على التحفظ العام بما لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية وذلك لمسايرة واستيعاب أية متغيرات أو مستجدات تجرى على الساحة الوطنية من خلال التناول التشريعى والجهود المتواصلة للمشرع الوطنى فى هذا الصدد وفى إطار الالتزام بالدستور الوطنى..


ثانياً: الإتفاقيات الدولية
لحقوق الإنسان والقوانين المصرية
بالنسبة لعلاقة الاتفاقيات الدولية التى تنضم لها مصر بغيرها من القوانين المصرية وقت نفاذها فى البلاد وفق التاريخ الذى يتحدد بمقتضى أحكامها، فإن الأمر يخضع بطبيعة الحال للقواعد القانونية العامة المقررة لتنازع القوانين من حيث الزمان بإعتبار أن الاتفاقية أصبحت بعد الانضمام إليها والتصديق عليها ونشرها بالجريدة الرسمية، قانوناً من القوانين المصرية عملاً بنص المادة 151 من الدستور وهذا الأمر يفرض طبقاً للقواعـد القانونية المشار إليها احتمالين:
أولهما: هو أن تأتى الاتفاقية بنصوص صالحة للتطبيق الفورى ولا تتطلب تدخلاً من المشرع الوطنى، فإن هذه النصوص منذ نفاذها تلغى ما يوجد من نصوصاً قانونية مخالفة لها وفقاً لقاعدة أن اللاحق يلغى السابق المخالف لـه طالما أن الأداة التشريعية تكون على ذات المستوى ويكون التطبيق الفعلى للقانون اللاحق دون السابق بالضوابط المقررة فى التفرقة بين النص العام والخاص.

ثانيهما: هو أن يصدر المشرع الوطنى بعد الانضمام للاتفاقية نصوصاً قانونية تخالف أو تقيد أو تعارض أو تنتقص من الحقوق الواردة بالاتفاقية وفى هذه الحالة يكون التطبيق على المستوى العملى للقانون اللاحق دون الاتفاقية وهذا الفرض يضع الدولة فى مسئولية قبل المجتمع الدولى حيال مسئولياتها الناشئة عن الاتفاقية المعنية وفقاً لما تحدده الاتفاقية ذاتها من أحكام فى هذا الشأن والذى تبلغ فى مداه إلى أنه قد تعد هذه المخالفة بمثابة انسحاب من الاتفاقية، ولكن الأمر يختلف بعض الشيئ فى حالة ما إذا كان الأمر يتعلق باتفاقية من اتفاقيات حقوق الإنسان التى تستند إلى نصوص دستورية فإنه إذا صدر قانون مخالف لها أو متعارض معها يكون فى ذات الوقت مخالفاً للنص الدستورى المقابل الذى تستند إليه الاتفاقية ويستطيع كل ذى شأن الطعن عليه أمام القضاء بالأوضاع المقررة وصولاً للقضاء بعدم دستورية القانون على أساس مخالفته لنص دستورى وليس بكونه مخالفاً لإتفاقية دولية.
ويجدر ملاحظة أن الاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الإنسان ليست من الاتفاقيات المتصلة بالأعمال السياسية الخارجة عن نطاق الرقابة القضائية وذلك على نحو ما جرى عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا، والذى انتهى إلى أن استبعاد الاتفاقية من مجال الرقابة القضائية يشترط أن تكون الاتفاقية محلاً للأعمال السياسية وفقاً لما تحدده المحكمة الدستورية عن طبيعة المسائل محل الاتفاقية.
[ يراجع الحكم الصادر بالقضية رقم 10 لسنة 14 قضائية دستورية جلسة 19/6/1993 ]
والواقع على صعيد العمل التشريعى فإن انضمام مصر للاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان أدى إلى مبادرة المشرع بإصدار التشريعات المواءمة للاتفاقيات التى انضمت إليها مصر سواء بتعديل ما هو سارى فعلا من تشريعات إلى استحداث تشريعات جديدة وتم ذلك سواء بالمراحل السابقة على التصديق على الاتفاقية من جانب مصر وفى أحوال أخرى بعد التصديق عليها.
فقد قام المشرع المصرى بتعديل العديد من التشريعات لتتوأم من الاتفاقيات الدولية التى انضمت إليها فى هذا المضمار منها على سبيل المثال التعديلات الحاصلة على قانون الأحزاب السياسية والانتخاب والعقوبات والطوارئ والقوانين المتعلقة بالأحوال المدنية والعمل والعاملين المدنيين بالدولة واستحداث قوانين جديدة مثل قانون الطفل والصحافة والجمعيات الأهلية وهى فى جملتها أحوال كثيرة تضيق هذه الدراسة عن ذكر تفاصيلها.
ولكن المستفاد مما تقدم أن المشرع المصرى التزاما منه بأحكام الدستور وبمسئوليات مصر الناشئة عن انضمامها للاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية كان يضع دائماً نصب عينه الاتفاقيات الدولية سالفة الذكر لتأتى النصوص التشريعية متفقة معها تجنبا لوصمها بعيب عدم الدستورية وتعرضها للطعن عليها أمام المحكمة الدستورية العليا.
ولا يغيب فى هذا المقام أن تدخل المشرع المصرى بوضع ضوابط أو قيود على الحقوق والحريات المعنية يكون دائماً حسبما استقر عليه قضاء المحكمة الدستورية مهتديا بما جرى عليه العمل بالدول الديمقراطية وذلك بطبيعة الحال معياراً ومقياساً ألزمت به المحكمة الدستورية المشرع الوطنى عند إعماله لسلطته التقديرية فى هذا الشأن مما يجعل كذلك أية تشريعات قد تصدر ليست بمنأى عن الطعن عليها ممن يتضررون من النصوص التشريعية الصادرة فى هذا الشأن.
ونرى أن هذا المعيار أوجد نوعاً من الرقابة الدستورية السابقة على العملية التشريعية والتى ينبغى على المشرع الوطنى إعمال مقتضاه بكل دقة تجنبا من أن تأتى النصوص التشريعية مشوبة بعيب عدم الدستورية.

ثالثاً: المشرع العقابي المصري والأفعال المجرمة
طبقا للإتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان
تضمنت عدد من الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان على نحو ما سلف التزام الدول الأطراف بتجريم بعض الأفعال التى تشكل فى حقيقتها أفعال تعتبر انتهاكات بالغة لحقوق الإنسان يتأذى منها المجتمع الدولى وسعى من خلال هذه الاتفاقيات إلى إلزام الدول الأطراف تجريم هذه الأفعال ووضع العقوبات المناسبة لها وهذه الاتفاقيات هي:ــ
1- اتفاقيتي الرق:
أ ـ اتفاقية الرق عام 1926.
ب ـ الاتفاقية التكميلية لإبطال الرق وتجارة الرقيق والممارسات الشبيهة بالرق (عام 1956).
2 ـ أ ـ اتفاقية السـخرة عام 1930 ( اتفاقية العمل الدولية رقم 29 ).
ب ـ اتفاقية تجريم السخرة عام 1957 ( اتفاقية العمل الدولية رقم 105 ).
3 ـ اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية و المعاقبة عليها ( ديسمبر عام 1948 ).
4 ـ اتفاقية حظر الاتجار بالأشخاص واستغلال دعارة الغير ( عام 1949 ).
5 ـ اتفاقية قمع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها ( عام 1973 ).
6 ـ اتفاقية مناهضة التعذيب وكافة ضروب المعاملة القاسيـة المهينـة ( عام 1984 ).
وسنتناول المواد المتصلة بالتجريم فى كل اتفاقية وموقـف المشرع العقابي المصري في كل منها على حدة وذلك بوجه عام دون التفاصيل التى يضيق عنهـا هذا المجال وسنورد بها النصوص الدولية وفقا لما وردت فى الاتفاقية مع الإشارة بوجه عـام إلى موقف المشرع المصرى منها.
2. ـ اتفاقيتى الرق:ـ
أ ـ اتفاقية الرق ( عام 1926 ) .
ب ـ الاتفاقية التكميلية لابطال الرق وتجارة الرقيق والممارسات الشبيه بالرق عام 1956.
وسنشير لنطاق التجريم الوارد في كل منهما وفقا للتفصيل الوارد في الاتفاقية ثم موقف المشرع العقابى المصرى منها:ــ
أ ـ اتفاقية الرق ( عام 1926 ):ـ
وقعت هذه الاتفاقية في 25/9/1926 وبدء نفاذها في 9/3/1927 وتضمنت الاتفاقية تعريف الرق وحظره وتجريم الاتجار في الرقيق في المواد 1، 2، 6 على النحو التالي:ـ


( المادة 1 )
1 ـ الرق هو حالة أو وضع أي شخص تمارس عليه السلطات الناجمة عن حق الملكية كلها أو بعضها.
2 ـ تجارة الرقيق تشمل جميع الأفعال التي تنطوي عليها أسر شخص ما أو احتجازه أو التخلي عنه للغير بقصد تحويله إلي رقيق، وجميع الأفعال التى ينطوي عليهـا احـتجاز رقيق ما بغية بيعه أو مبادلة وجميع أفعال التخلي بيعاً أو مبادلة عن رقيق تم احتجازه على قصد بيعه أو مبادلة، وكذلك عموماً أي اتجار بالأرقاء أو نقل لهم.
( المادة 2 )
يتعهد الأطراف كل منهم في ما يخص الأقاليم الموضوعة تحت سيادته أو ولايته أو حماية التدابير الضرورية لذلك:ـ
أ ـ منع الاتجار في الرقيق والمعاقبة عليه
ب ـ العمل تدريجياً وبالسرعة الممكنة على القضاء كليا على الرق بجميع صوره.
( المادة 6 )
يتعهد الإطراف الذين لا يزال تشريعهم غير واف بإنزال العقاب بمخالفي القوانين باتخاذ التدابير اللازمة للتمكين من فرض عقوبات شديدة على تلك المخالفات.

ب ـ الاتفاقية التكميلية لابطال الرق وتجارة الرقيق والأعراف والممارسات الشبيهة بالرق ( 1956 ):
اعتمدت بقرار المجلس الاقتصادي الاجتماعي رقم 608 ( دـ21) في 3/4/1956 وبدء نفاذها في 30/4/1957 طبقاً للمادة 13 بانضمام دولتين إليها.
وقد تضمنت الاتفاقية تعريف الممارسات الشبيهة بالرق كما تضمنت ما يتصل بالأفعال المطلوبة تجريمها في المادتين 3، 6 على التفصيل الأتي:
( المادة 3 )
1ـ يشكل نقل الرقيق من بلد إلي أخر بأية وسيلة أو محاولة هذا النقل أو الاشتراك فيه جرماً جنائياً في نظر قوانين الدول الأطراف ويتعرض الأشخاص الذين يدانون بهذه الجريمة لعقوبات شديدة للغاية.
( المادة 6 )
1ـ يشكل استرقاق شخص لآخر أو إغراؤه بأن يتحول هو نفسه أو يحول شخصاً آخر من أبناءه إلى رقيق جرماً جنائياً في نظر قوانين الدول الأطراف يستحق العقاب من يثبت ارتكابهم لـه وينطبق الأمر نفسه في حالة المحاولة أو التدخل أو الاشتراك في مؤامرة على هذا القصد.
موقف المشرع المصرى:
انضمت مصر لاتفاقية الرق فى 25/1/1928 بدون أية تحفظات كما انضمت إلى البروتوكول المعدل لها فى 29/9/1954 وانضمت إلى الاتفاقية التكميلية بتاريخ 17/4/1958 وعمل به اعتباراً من 7/7/1955موجب قرار النشر الحاصل بالعدد 73 من الجريدة الرسمية بتاريخ 22/9/1955 وهو يوم إيداع وثيقة التصديق عملاً بالمادة 24 من الاتفاقية كما انضمت مصر إلى الاتفاقية التكميلية لإبطال الرق بتاريخ 17/4/1958 ولم تتحفظ على أى من أحكامها وعمل بها إعتباراً من 17/4/1958 وهـو يـوم إيـداع وثيقـة التصديق عملاً بالمادة 24 من الاتفاقية.
ومنذ بدايات القرن العشرين فقد انتهى تماما الرق من المجتمع المصرى ويتمتع الكافة بالأهلية القانونية وفقـاً لأحكام القانـون المصري وتعتبر الأحكام المتصلة بالأهلية القانونية من النظام العام فلا يجوز لأحد النزول عن أهليته ولا تعديل أحكامها ولا يجوز كذلك لاحد النزول عن حريته الشخصية ( المادتان 48، 49 من القانون المدنى ) وتبدأ شخصية الإنسان بتمام ولادته حيا وتنتهى بموته المادة (29) من القانون المدنى وقد نظم القانون أحكام الولاية على النفس بالنسبة للقصر وأحوال فقدان الأهلية وهى الصغر (الصغير الذى لم يبلغ السابعة ) والجنون وأحوال نقص الأهلية هى الصغير ما قبل سن الرشد والسفيه ويخضع فاقدو الأهلية وناقصوها بالولاية وفقا للأحكام المقررة فى القانون المدنى وقانون أحكام الولاية على النفس.
وقد كفل قانون الأحوال المدنية رقم 143 لسنة 1994 الإلزام بالقيد بواقعات الميلاد والوفاة وإستخراج البطاقات الدالة على الشخصية ووضع العقوبات المناسبة للإخلال بهذه الإلتزامات وتشكل هذه القواعد القانونية ضمان تسجيل المواليد وإثبات نسبهم حيث تبدأ شخصية الإنسان، التى كفل لها القانون الحماية على ما سلف.
ولا يعتبر الإنسان وفقا لأحكام القانون المصرى من السلع التى تباع أو تشترى أو تعرض للبيع ويعد خطف أو احتجاز الأشخاص أو أسرهم بدون أمر من الحكام المختصين وفى غير الأحــوال التى تصـرح فيها القوانيـن بذلـك جريمة عملا بنصوص الباب الخامس من الكتاب الثالث من قانون العقوبات يعاقب مرتكبها بعقوبات سالبة للحرية أو الغرامة وفق نوع الجريمة وذلك أيا كان غرض الخطف من الاحتجاز كما يعد الاشتراك فى الجريمة معاقبا عليه طبقاً للمواد 40، 41 من قانون العقوبات.
ومفاد ذلك أن الأحكام المتعلقة بالشخصية القانونية للأفراد لا يجوز المساس بها أو الاتفاق على مخالفتها ويكون التصرف بشأنها وفقا للأحوال وبالأوضاع التى قررها القانون والتى ليس من بينها الرق، كما وأن الخطف أو الاحتجاز أو الأسر أيا كان الغرض منه معاقب عليه طبقا لقانون العقوبات.
2 ـ اتفاقيتا تجريم السخرة والعمل الإلزامي لعامى 1930، 1957 ( اتفاقيتا العمل الدولية رقمى ( 29، 105):
صدرت الاتفاقية الأولى رقم 29 فى إطار منظمة العمل الدولية واعتمدها المؤتمر العام فى 28/6/1930 ودخلت حيز النفاذ فى 1/5/1932 عملا بالمادة 28 من الاتفاقية بانضمام دولتين من الدول الأعضاء بالمنظمة.
وصدرت الاتفاقية الثانية في إطار منظمة العمل الدولية كذلك حيث اعتمدها المؤتمر العام في 25/6/1957 ودخلت حيز النفاذ في 17/1/1959 عملا بنص المادة الرابعة من الاتفاقية بانضمام دولتين من الدول الأعضاء بالمنظمة.
وقد تضمنت الاتفاقية الثانية ما يتصل بحظر السخرة واتخاذ الإجراءات اللازمة لكفالة إلغائها على التفصيل التالي:

( المادة 1 )
تتعهد الدول الأعضاء بحظر أي شكل من أشكال عمل السخرة أو العمل القسري وبعدم اللجوء إليها.
أ ـ كوسـيلة للإكراه أو التوجيه السياسي أو كعقاب على اعتناق أراء سياسية أو أراء تتعارض مذهبياً مع النظام السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي القائم أو على التصريح بهذه الاراء.
ب ـ كأسلوب لحشد اليد العاملة واستخدامها لأغراض القيمة الاقتصادية.
ت ـ كوسيلة لفرض الانضباط على العمل.
ث ـ كعقاب على المشاركة في الاضطرابات.
ج ـ كوسيلة للتمييز العنصرى أو الاجتماعي أو اللغوي أو الديني.
( المادة 2 )
تتعهد الدول الأعضاء باتخاذ تدابير فعالة الإلغاء الفوري الكامل لعمل السخرة أو العمل القسري على النحو المحدد في المادة 1 من هذه الاتفاقية.
موقف المشرع المصرى:
انضمت مصر للاتفاقية الأولى رقم 29 بموجب القانون رقم 510 لسنة 1955 والمنشور بالوقائع المصرية العدد (81) مكرر "غير اعتيادى " فى 23/10/1955. وعمل بها اعتباراً من 29/11/1956 بموجب قرار الخارجية والمنشور بالوقائع المصرية العدد 3 فــى 9/1/1956 وذلك بعد مرور عام على ايداع وثائق التصديق عملا بالمادة 28 من الاتفاقية.
انضمـت مصـر للاتفاقية الثانية رقم (105) بالقرار الجمهوري رقم (1240) بتاريخ 4/10/1958 والمنشور بالوقائع المصرية العدد 101 في 25/12/1958 وعمل بها اعتبارا من 23/10/1959 بموجب قرار الخارجية الصادر فى 13/11/1958 وذلك بعد مرور عام على إيداع وثيقة التصديق الخاص فى 23/10/1958 عملا بالمادة الرابعة من الاتفاقية.
وقد تضمن قانون العقوبات المصرى تجريم الأفعال المشار إليها بالمادة (131) والتى تنص على معاقبة الموظف العام إذا أوجب على الناس عملا فى الحالات المقررة قانونا أو استخدم أشخاصا فى أعمال غير الأعمال التى جمعوا من اجلها وجعل لذلك عقوبة الحبس لمدة لا تزيد على سنتين والعزل، فضلا عن الحكم عليه بقيمة الأجور المستحقة عن استخدمهم بغير وجه حق، كما جرمت المادة (375) بعض الأفعال حيث نصت على أن يعاقب بالحبس لمدة لا تزيد عن سنتين وبغرامة لا تزيد عن مائة جنية كل من استعمل القوة أو العنف أو التهديد أو الإرهاب أو أية تدابير غير مشروعة فى الاعتداء أو الشروع فى الاعتداء على حق الغير فى العمل أو حق الغير فى أن يستخدم أو يمتنع عن استخدام أى شخص كما يعاقب بذات العقوبة التحريض على ارتكاب هذه الجرائم.
3ـ اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقب به عليها ( ديسمبر 1948 )
تعتبر هذه الاتفاقية هي أولى اتفاقيـات حقوق الإنسان التي صـدرت في ظـل منظومـة الأمم المتحدة، وقد جاءت نفاذاً لقرار الأمم المتحدة رقم 96 ( د ـ 1 ) الصــادر في 11/12/1946، وقد اعتمدت وعرضت للتصديق والانضمام بقرار الجمعية العامة رقم 360 أ ( د ـ 1 ) في 9/12/1948 وفى اليوم السابق على إصدار الأمم المتحدة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان وقد دخلت حيز النفاذ في 12/1/1951 بعد إيداع الوثيقة العشرين الأولى طبقاً للمادة الثالثة عشر من الاتفاقية.

وقد تضمنت الاتفاقية في المواد من الأولى وحتى السابعة الاعتراف بكون الإبادة الجماعية جريمة بمقتضى القانون الدولي والتعريف بأفعال الإبادة ونطاق العقاب عليها.

( المادة الأولى )
تؤكد الأطراف المتعاقدة أن الأعمال التي ترمى إلى إبادة ***** سواء ارتكبت في زمن السلم أو في زمن الحرب تعد جريمة فى نظر القانون الدولي، وتتعهد باتخاذ التدابير لمنع ارتكابها أو العقاب عليها.

( المادة الثانية )
يقصـد بإبـادة ***** في هذه الاتفاقية أي فعل من الأفعال الآتية، يرتكب بقصد القضاء كلاً أو بعضـاً على جماعة بشرية بالنظر إلى صفتها الوطنية أو العنصرية أو الجنسية أو الدينية:
1ـ قتل أعضاء هذه الجماعة 0
2ـ الاعتداء الجسيم على أفراد هذه الجماعة جسمانياً أو نفسياً.
3ـ إخضاع الجماعة عمداً إلى ظروف معيشية من شأنها القضاء عليها مادياً كلاً أو بعضاً.
4ـ اتخاذ وسائل من شأنها إعاقة التناسل داخل هذه الجماعة.
5ـ نقل الصغار قسراً من جماعة إلى جماعة أخرى.

( المادة الثالثة )
تعتبر الأفعال الآتية معاقباً عليها:
1ـ إبادة *****.
2ـ الاتفاق بقصد ارتكاب إبادة *****.
3ـ التحريض المباشر والعلني على ارتكاب إبادة *****.
4ـ الشروع في إبادة *****.
5ـ الاشتراك في إبادة *****.

( المادة الرابعة )
يعاقب كل من يرتكب جريمة إبادة ***** أو إي فعل من الأفعال المنصوص عليها في المادة 3 سواء أكان الجاني من الحكام أو من الموظفين أو من الأفراد.

( المادة الخامسة )
تتعهد الأطراف المتعاقدة بأن تتخذ وفقاً للأوضاع الدستورية الخاصة بكل منها التدابير التشريعية اللازمة لتحقيق تطبيق أحكام هذه الاتفاقية وعلى الأخص للنص في تشريعها على العقوبات الجنائية الكفيلة بمعاقبة كل من يرتكب جريمة إبادة ***** أو أي فعل من الأفعال المنصوص عليها في المادة 3.

( المادة السادسة )
يحال الأشخاص المتهمون بارتكاب جريمة إبادة ***** أو أي من الأفعال المنصوص عنها في المادة الثالثة إلى المحاكم المختصة في الدولة التي ارتكب الفعل في أراضيها أو إلى محكمة جنائية دولية تكون مختصة بنظره وذلك بالنسبة إلى الأطراف المتعاقدة التي تقبل مثل هذه الاختصاص.

( المادة السابعة )
لا تعتبر جريمة إبادة ***** والأعمال المنصوص عليها في المادة الثالثة من الجرائم السياسية من حيث تسليم المجرمين.
وتتعهد الأطراف المتعاقدة في هذه الحالة بإجراء التسليم وفقاً لتشريعاتها وللمعاهدات القائمة في هذا الشأن.
( المادة الثامنة )
لكل طرف متعاقد أن يرفع الأمر إلى الهيئات المختصة التابعة لهيئة الأمم المتحدة لكي تتخذ وفقاً لأحكام ميثاق هيئة الأمم المتحدة ما يلزم من تدابير ملائمة للوقاية أو العقاب على أفعال إبادة ***** أو أي فعل من الأفعال المنصوص عليها في المادة 3.


4 ـ الاتفاقيـة الدوليـة بعـدم تقـادم جرائـم الحـرب والجـرائم المرتكبـة ضـد الإنسانية: ( )
صدرت عام 1968 اتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية وذلك بقرار الجمعية العامة رقم 3391 ( د ـ 23 ) في 26/11/1968 ودخلت حيز النفاذ في 11/11/1970 تاريـخ إيداع الصك العاشر من صكوك التصديق نفاذاً للمادة الثامنة من الاتفاقية، وقد تضمنت الفقرة (ب ) من المادة الأولى جريمة الإبادة الجماعية باعتبارها من الجرائم ضد الإنسانية، كما أصدرت الأمم المتحدة في 1973 قراراها رقم 3074 ( د 38 ) بمبادئ التعاون الدولي في تعقب واعتقال وتسليم الأشخاص المذنبين في ارتكاب هذه الجرائم.


موقف المشرع المصرى:
انضمت مصر للاتفاقية الدولية لمنع جريمة الإبادة بموجب القانون رقم 121 لسنة 1951 وصدقت على الاتفاقية فى 8/2/1952 ونشرت بالوقائع المصرية العدد (100) فى 3/7/1952 ومعمول بها اعتبارا من اليوم التسعين لإيداع وثيقة التصديق عملا بنص المادة بنص المادة 13 من الاتفاقية.
ولم يتضمن قانون العقوبات المصري الأفعال المؤثمة في هذه الاتفاقية بالتجريم بشكل مباشر ولكن ينطبق بشأن بعض هذه الأفعال بطبيعة الحال المواد المؤثمة للقتل والاحتجاز والإرهاب والاعتداء كما وأن الاتفاق والتحريض والاشتراك والشـروع من الأفعال المعاقب عليها، كذلك وفقاً للقواعد العامة للقانون العقابي المصري باعتبار أن أفعال القتل جناية، ولكن من الملاحظ أن الأفعال الواردة في البندين 3، 4 من المادة الثانية من الاتفاقية وهى الأفعال المتعلقة بإخضاع جماعة لظروف معيشية من شأنها القضاء عليها كلا أو بعضا أو اتخاذ وسائل من شأنها إعاقة التناسل داخل هذه الجماعة فهي أفعال لم يتعامل معها المشرع المصري بشكل مباشر ولكن هذه الأفعال في حالة حصولها تعد صورا من صور الاحتجاز والاعتداء سواء البسيط أو الناشئ عنه عاهة مستديمـة وهـى أفعـال مؤثمـة بمقتضى أحـكام قانون العقوبات المصرى.
وأما بالنسبة لما ورد بالاتفاقية بشأن التسليم أو التعاون القضائي لمواجهة هذه الجرائم فأن ما ورد بالاتفاقية بشأنها يعد من المواد القابلة للتنفيذ بذاتها دون ما حاجة لتدخل المشرع باعتبار أن الاتفاقية بمثابة قانون من قوانين البلاد وطبقاً للدستور ويمكن للجهة المختصة الاستناد إليها في تطبيق ما ورد منها من أحكام متصلة بالتسليم أو التعاون القضائي.
ويلاحظ أن مصر لم تنضم بعد لاتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية ولكن يشار إلى أن مبدأ عدم التقادم أقرته المادة (57) من الدستور والتي نصت على عدم تقادم الدعوى الجنائية والمدنية الناشئة عن الاعتداء على الحقوق والحريات العامة والحرية الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة وهذا ينطبق بطبيعة الحال على الأفعال محل التجريم بالاتفاقية المشار إليها ويسرى هذا النص بشكل مباشر باعتباره نصاً دستوريا ولا يحتاج للنص عليه بتشريعات أدنى حسبما انتهت إليه محكمة النقض بحكمها السابق الإشارة إليه ولا نرى مبررا لتأخير مصر فى الانضمام لأحكام هذه الاتفاقية.
5ـ اتفاقية حظر الا تجار بالأشخاص واستغلال دعارة الغير الأمم المتحدة 1949
أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة بقرارها رقم 317 ( د ـ 4 ) في 3/12/1949 ودخلت حيز النفاذ في 25/7/1951 طبقاً للمادة 24 بعد إيداع الوثيقة الثانية وقد جاءت الاتفاقية لتحل محل الاتفاقية السابقة المتعلقة بتجارة الرقيق الأبيض والاتجار بالنساء والأطفال وهى الاتفاقيات الصادرة في أعوم 1904، 1910، 1921، 1933 وقد تضمنت الاتفاقية الأفعال المتعين تأثيمها في المواد 1، 2، 3، 4 على التفصيل الآتي:
( المادة الأولى )
توافـق أطراف هذه الاتفاقية على معاقبة أي شخص يقوم بما يلي بقصد إشباع الغير:
(1) تقديـم أو ترغيـب أو حمل أي شخص آخر لأغراض الدعارة ولو كان ذلك بموافقة الشخص المذكور.
(2) استغلال دعـارة شخــص أخــر ولو كان ذلك بموافقة هذه الشخص الأخر.

( المادة الثانية )
كما توافق أطراف هذه الاتفاقية على معاقبة كل شخص:
(1) يفتـح أو يديـر بيتاً للدعـارة أو يقـوم وهو يعلم بتمويل أو بالاشتراك في تمويل مثل هذا البيت.
(2) يؤجر أو يستأجر وهو يعلم بذلك بناء أو أي مكان أخر أو أي جزء من بناء أو مكان بقصد دعارة الغير.

( المادة الثالثة )
وكذلك يجب في الحدود التي تسمح بها القوانين الوطنية معاقبة الشروع في ارتكاب أية جريمة من الجرائم المنصوص عليها في المادتين الأولى والثانية التحضيرية لها.

( المادة الرابعة )
يعاقب أيضاً في الحدود التي تسمح بها القوانين الوطنية كل من يشترك عمداً في الأفعال المشار إليها في المادتين الأولى والثانية، بالقدر الذي تسمح به القوانين الوطنية تعامل الأفعال التحضيرية كجرائم مستقلة كلما لزم ذلك لمنع الهروب من العقاب.

موقف المشرع المصرى:
• انضمت مصر للاتفاقية المذكورة والبرتوكول المحلق بها بالقـرار الجمهوري رقم 884 بتاريخ 11/5/1959، والمنشور بالجريدة الرسمية في العدد 105 في 23/5/1959، وأصبـح معمولا بها اعتباراً مـن 10/9/1959 بموجب قرار النشر الصادر عن وزارة الخارجيــة بتاريخ 4/10/1959 والمنشور بالجريدة الرسمية عدد 244 فى 9/11/1959، بعد مرور ثلاثة أشهر على تاريخ ايداع وقبل التصديق والحاصل فى 12/6/1959 وذلك عملا بالمادة 24 من الاتفاقية.
• ونفاذاً لهذه الاتفاقية صدر القانون 10 لسنة 1961 متضمناً تجريم الأفعال المشار في الاتفاقية، كما نص على تجريم التحريض والشروع كما تسرى الأحكام المتصلة بالتعاون الدولي لمكافحة تلك الجرائم دون ما حاجة لتدخل المشرع بإعتبار الإتفاقية مثابة قانون وطنى مصرى طبقاً للدستور حسبما سلف ايضاحه.
6 ـ الإتفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري والمعاقب عليها عام 1973:
اعتمدت هذه الإتفاقية بقرار الجمعية العامة للأمـم المتحدة رقم 3068 ( د / 28 ) في 30/11/1973 ودخلت حيز النفاذ في 18/7/1976 بعد إتمام انضمام عشرين دولة عملاً بنص المادة 15 من الإتفاقية.
وقد تضمنت الإتفاقية الأحكام الآتية: أولاً بإعتبار جريمة الفصل العنصري جريمة ضد الإنسانية وارتكابها يعد تهديداً خطيراً للسلم والأمن الدوليين ونصـت المواد 1، 2،3، 4، 5، 6، 11 على ما يلي:-
( مادة 1 )
1 ـ تعلن الدول الأطراف في هذه الإتفاقية أن التفرقة العنصرية جريمة ضد الإنسانية وأن الأعمال غير الإنسانية الناجمة عن سياسات وأساليب التفرقة العنصرية والسياسات والأساليب المماثلة للتمييز العنصري والتفرقة العنصرية كما تم تعريفها في المادة 2 من الإتفاقية تعتبر جرائم مخالفة لمبادئ القانون الدولي وبصفة خاصة أهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة وتشكل تهديداً خطيراً للسلم والأمن الدولي.
2 ـ تعلن الدول الأطراف بهذه الإتفاقية أنها تعتبر المنظمات والهيئات والأفراد الذين يقترفون جريمة التفرقة العنصرية مجرمين في نظرها.

( مادة 2 )
في تصدي هذه الإتفاقية سينطبق اصطلاح جريمة التفرقة العنصرية المتضمنة السياسات والأساليب المتماثلة للتمييز العنصري والتفرقة العنصرية كتلك التي ترتكب في جنوب أفريقيا على الأعمال غير الإنسانية التالية والتي ترتكب بهدف خلق وإبقاء تسلط جماعة عنصريين على جماعة من عنصر آخر واضطهادهم بصفة منظمة.
أ ـ إنكار حق عضو أو أعضاء مجموعة عنصرية في الحياة والحرية.
1 ـ بواسطة قتل جماعة أو جماعات من *** معين.
2 ـ بواسطة إيقاع أنواع من العذاب الجسدي والفكري على عدد من مجموعة أو مجموعات عنصرية وذلك بالإعتداء على حرياتهم أو كرامتهم أو بواسطة تعريضهم بالقتل أو للمعاملة أو العقوبات القاسية وغير الإنسانية أو المهينة
3 ـ بواسطة القبض التعسفى والسجن غير القانونى لأفراد من مجموعة أو مجموعات من عنصر معين.
ب ـ الفرض العمدي لظروف معينه للمعيشة على مجموعة أو مجموعات من الأفراد من عنصر معين بهدف تحطيمهم بدنياً سواء أكان ذلك جزئياً أو كلياً.
ج ـ أية تدابير تشريعية أو غيرها تهدف إلى منع مجموعة أو مجموعات من عنصر معين من المشاركة في الحياة السياسية والإجتماعية والإقتصادية والثقافية لبلدهم وتعمد لخلق ظروف من شأنها أن تحول دون التطور الكامل لممثل هذه المجموعة أو المجموعات وبصفة خاصة بواسطة منع عدد من الأفراد أو المجموعات من عنصر معين من حقوقهم الإنسانية وحرياتهم الأساسية، بما في ذلك حق العمل وحق تشكيل المنظمات والاتحادات التجارية والحق في التعليم والحق في الرحيل والعودة إلى بلادهم والحق في قوميتهم والحق في حرية الإنتقال والإقامة والحق في إبداء الرأي والتعبير عنه والحق في حرية التجمعات السلمية.
د ـ أية تدابير بما في ذلك التدابير التشريعية ـ بدافع بث الفرقـة بين السكان على أسـاس الاختلاف العنصري وذلك بخلق مجموعات وأقليات منعـزلة بمجموعة أو مجموعات عنصرية وتحريم الزواج بين أفراد المجموعات المختلـفة عنصـرياً ومصادرة ملكية أراضي بعض أفراد مجموعة أو مجموعات أو الأعضاء التابعين لها.
هـ ـ إستغلال جهد جماعة أو جماعات عنصرية وخاصة إرغامهم على القيام بالأعمال
الجبرية.
و ـ إضطهاد المنظمات و الأشخاص بحرمانهم من الحقوق الأساسية والحريات بسبب معارضاتهم للتفرقة العنصرية.


( مادة 3 )
تطبق المسئولية الجنائية ـ بغض النظر عن الدافع ـ على أفراد أعضاء المنظمات والهيئات وممثلي الدولة سواء كانوا يقيمون في الأقاليم التي تقترف فيها هذا الأعمال أو في دولة أخرى في حالة:
أ ـ ارتكابهم أو اشتراكهم في إرتكاب الأعمال المذكورة في المادة 2 من هذه الإتفاقية أو في التحريض المباشر أو التآمر لإرتكاب هذه الأعمال.
ب ـ قيامهم بالتحريض أو التشجيع المباشر أو المساعدة المباشرة في إرتكاب جريمة التفرقة العنصرية.

( مادة 4 )
تتعهد الدول الأطراف في هذه الإتفاقية:
أ ـ بإتخاذ أي تدابير تشريعية أو غيرها تكون ضرورية لقمع ومنع أي تشجيع لجريمة التفرقة العنصرية والسياسات العنصرية الأخرى المماثلة أو إظهارها، ومعاقبة مرتكبي هذه الجريمة.
ب ـ بإتخاذ التدابير التشريعية والقضائية والإدارية ـ كل في دائرة إختصاصه ـ لإثبات ومحاكمـة وعقـاب الأشخاص المسئولين والمتهمين بالأعمال المنصوص عليها في المادة ( 5 ) من هذه الإتفاقية سواء كانوا مقيمين بإقليم الدولة التي أرتكبت فيها هذه الأعمال أو خارجة وسواء كانوا من موظفي هذه الدولة أو من موظفي دولة أخرى أو عديمي الجنسية.

( مادة 5 )
الأشخاص المتهمون إرتكاب الأعمال المذكورة في المادة ( 2 ) من هذه الإتفاقية يجوز محاكمتهم أمام المحكمة المختصة في أي دولة طرف في هذه الإتفاقية يكون هؤلاء الأشخاص تابعين لإختصاصها أو أمام محكمة دولية جنائية تقبل الدول الأطراف إختصاصها.

( مادة 6 )
تضطلع الدول الأطراف في هذه الإتفاقية بقبول وتنفيذ القرارات المتفقة مع ميثاق الأمم المتحدة التي يتخذها مجلس الأمن للوقاية من ولمنع جريمة التفرقة العنصرية والعقاب عليها وللمعاونة في تنفيذ القرارات التي تتخذها أجهزة الأمم المتحدة المختصة الأخرى بهدف تحقيق أغراض الإتفاقية.

( مادة 11 )
1 ـ لا تعتبر الأعمال المذكورة في المادة ( 2 ) من هذه الإتفاقية جرائم سياسية فيما يتعلق بتسليم المجرمين الفارين إلى حكوماتهم.
2 ـ تطلع الدول الأطراف لهذه الإتفاقية في هذه الحالات بضمان تسليم المجرمين الفارين إلى حكوماتهم وفقاً لقانونهم ووفقاً للمعاهدات المعمول بها.

موقف المشرع المصرى:
انضمـت مصر للإتفاقية المذكور بقرار رئيس الجمهورية رقم 62 بتاريخ 3/2/1977 ونشـرت في الجريـدة الرسـمية العدد ( 32 ) في 11/8/1977، ومعمول بها إعتباراً من 15/7/1977 طبقاً لقرار الخارجية المؤرخ 19/6/1977.

نص الدستور المصرى حسبما سلف بيانه على قاعدتي تكافؤ الفرص والمساواة أمام القانون بالمادتين 8، 40 منه وقد أوضحت أحكام المحكمة الدستورية العليا المشار إليها بالقسم الثانى من هذه الدراسة شمولية هذه المبادئ لكافة صور التمييز سوى ما يتدخل المشرع بتنظيمه بضوابط موضوعية وبالتالى فأن كافة صور التمييز والتفرقة منهى عنها بمقتضى الدستور، وتأسيسا على ذلك فقد انضمت مصر كذلك للاتفاقيات المتعلقة بعدم التمييز فى إطار منظمة اليونسكو ( منع التمييز فى التعليم ) وكذلك فى إطار منظمة العمل الدولية ( اتفاقيتي المساواة فى الأجور والاستخدام والمهنة رقمى 100، 111 ).

ولم يتناول المشرع العقابي المصري ما يتعلق بالتفرقة العنصرية كجرائم مستقلة وذلك على نحو ما سار عليه المشرع العقابي المصري في معالجته للافعال الناشئة عن جريمة إبادة الأجناس والمشار إليها بالاتفاقية الدولية المعنية بها، وذلك بطبيعة الحال يرجع لعدم معرفة المجتمع المصري لمثل هذه الجرائم، ولكن يشار إلى إن كافة الأفعال المطلوب تجريمها مجرمة بمقتضى أحكام قانون العقوبات ، ذلك بالنسبة للجرائم التي تقع على الأشخاص سواء القتل أو التهديد أو الحبس بدون وجه حق أو هتك العرض أو التعذيب أو الضرب أو الإيذاء أو السب أو القذف، كما وأن المشرع العقابي المصري أورد بالتعديل الحاصل عام 1992 عقوبة السجن على إنشاء أو تأسيس أو تنظيم جمعية أو هيئة أو منظمة أو عصابة يكون الغرض منها الإعتداء على الحرية الشخصية للمواطن أو غيرها من الحريات أو الحقوق العامة التي كفلها الدستور والقانون أو الإضرار بالوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعي ( المادة 86 مكرر )، ويعتبر بطبيعة الحال الحق في المساواة وعدم التمييز من الحقوق العامة التي كفلها الدسـتور بالمادة ( 40 ) كما يؤثم قانون العقوبات المصري بالمادة (176) التحريض بطريق العلانية على بغض طائفة أو طوائف من الناس أو ازدرائها وجعل لذلك عقوبة الحبس كما تضمن التعديل الحاصل لقانون العقوبات بالقانون رقـم ( 6 ) لسنة 1998 إضافة المادة (375 مكرر ) والتي تضمنت المعاقبة على استعراض القوة أو التلويح بالعنف والتهديد أو الإعتداء على الغير لترويع المجني عليه أو تخويفه من إلحاق الأذى به أو بأحد أفراد أسرته لفرض السطوة عليه لإرغامه على القيام به لا يلزمه به القانون أو الحمل على الامتناع عن عمـل مشـروع.

وقد حظر قانون الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977 إنشاء الأحزاب على أساس من التفرقة أو التمييز بين طوائف المجتمع.

كما نص قانون الصحافة الصادر بالقانون رقم ( 96 لسنة 1996 ) على إلتزام الصحفي بالامتناع عن الانحياز إلى الدعوات العنصرية أو التي تنطوي على امتهان الأديان أو الدعوى إلى كراهيتها أو الطعـن في إيمان الأخرين أو ترويج التمييز أو الاحتقار لأي من طوائف المجتمع ونص على عقوبة الحبس والغرامة لمخالفة ذلك ( المادتان 20، 22 ).

وتضمن قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية رقم 84 لسنة 2002 حظر قيام الجمعيات بالدعوى إلى التمييز بين المواطنين وجعل عقوبة ذلك الحبس لمدة لا تزيد على سنة وغرامـة لا تزيد عن عشـرة آلاف جنيـه أو بإحـدى هاتين العقوبتـين ( المادتـان 11، 76 ) وقد تضمـن قانـون العمـل المساواة فى الأجور بين الرجال والنساء.

7. اتفـاقية مناهضة التعذيب وغيـره مـن ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.

اعتمـدت الجمعيـة العامـة للأمـم المتحـدة الإتفاقيـة بقرارهـا رقم 39/46 فى 10/12/1984 ودخلت حيـز النفاذ فى 26/6/1987 عملا بنص المادة 27 من الاتفاقية بعد انضمام الدولة العشرين.

وقد جاءت الاتفاقية استناداً للمادة 5 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة 7 من العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية وأوضحت ديباجة الاتفاقية أن الغرض من إصدارها وهو زيادة فعالية النضال ضد التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهنية فى العالم قاطبة.
وقـد تضمنـت الاتفاقية تحديد الأفعال المنهي عنها ( وهى التعذيب والمعاملة القاسية المهينة) وجرمتها فى المواد 1، 4، 16 على النحو التفصيلى الآتي:ـ
(المادة الأولى)
1. ـ لإغراض هذه الاتفاقية، يقصد بـ " التعذيب " أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد، جسديا كان أم عقليا، يلحق عمداً بشخص ما يقصد به الحصول من هذا الشخص، أو من شخص ثالث، على معلومات أو على اعتراف، أو معاقبته على عمل ارتكبه، هو أو شخص ثالث أو تخويفه أو إرغامه هو أو أي شخص ثالث ـ أو عندما يلحق مثل هذا الألم أو العذاب لأي سبب من الأسباب يقوم على التمييز أياً كان نوعه، أو يحرض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه موظف رسمي أو أي شخص آخر يتصرف بصفته الرسمية ولا يتضمن ذلك الألم أو العذاب الناشئ فقط عن عقوبات قانونية أو الملازم لهذه العقوبات أو الذى يكون نتيجة عرضية لها.
2. ـ لا تخل هذه المادة بأي صك دولي أو تشريع وطنى يتضمن أو يمكن أن يتضمن أحكاماً ذات تطبيق أشمل.
( المادة الرابعة )
1 ـ تضمن كل دولة طرف أن تكون جميع أعمال التعذيب جرائم بموجب قانونها الجنائي، وينطبق الأمر ذاته على قيام أي شخص بأية محاولة لممارسة التعذيب وعلى قيامة بأي عمل آخر بشكل تواطؤ ومشاركة فى التعذيب
02 ـ تجعل كل دولة طرف هذه الجرائم مستوجبة للعقاب بعقوبات مناسبة تأخذ فى الاعتبار طبيعتها الخطيرة.
( المادة السادسة عشر)
1 ـ تتعهد كل دولة طرف بأن تمنع، فى أي إقليم يخضع لولايتها القضائية حدوث أي أعمال أخرى من أعمال المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية والمهينة التى لا تصل إلى حد التعذيب كما حددته المادة 1، عندما يرتكب موظف عمومي أو شخص أخر يتصرف بصفة رسمية هذه الأعمال أو يحرض على ارتكابها، أو عندما تتم بموافقتة أو بسكوته عليها، وتنطبق بوجه خاص الالتزامات الواردة فى المواد 10، 11، 12، 13، وذلك بالاستعاضة عن الإشارة إلى غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهنية
02 ـ لا تخل أحكام هذه الاتفاقية بأحكام أي صك دولي أخر أو قانون وطنى يحظر المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية والمهينة أو يتصل بتسليم المجرمين أو طردهم.
موقف المشرع المصرى:
انضمت مصر لاتفاقية مناهضة التعذيب بالقرار الجمهوري رقم 154 لسنة 1986 ونشر بالجريدة الرسمية العدد 1 بتاريخ 7/1/ 1988 أصبح معمولا بها كقانون من قوانين البلاد اعتبارا من 25/7/1986 وقد عرف المشرع المصري جريمة التعذيب منذ منتصف القرن الماضي ويؤثم قانون العقوبات الحالي جرائم التعذيب وسوء المعاملة فى الباب السادس من الكتاب الثاني فى المواد 126 إلى المادة 132 ويتضمن القانون المصري تعريفا أعم وأشمل من التعريف الوارد وفى الفقرة الأولى من المادة الأولى من الاتفاقية حيث لم يتضمن القانون اشتراط أن يكون فعل التعذيب ناتجا عنه ألم أو عذاب شديد كما تضمن قانون العقوبات كذلك تجريم أفعال القبض على النــاس بـدون وجه حق وحبسهم وتعذيبهم فى المواد 280، 281، 282 { الباب الخامس من الكتاب الثالث }.
ويشـار إلى أن التطبيـق القضائي لجريمة التعـذيب أسفـر عن العديد من المبادئ القضائية والتفسيرات الهامة الصادرة عن محكمة النقض المصرية فيما يتعلق بالنصوص القضائية الخاصة بها وهو الأمر الذى يضيق المجال عن الخوض فيه تفصيلاً.
ويلاحظ أن ما ورد بأحكام الاتفاقية فيما يتعلق بعدم الاستشهاد بالأقوال الناشئة عن التعذيب فقد نص الدستور المصري على ذلك بالمادة (42 ) كما ورد هذا المبدأ بقانون الإجراءات الجنائية بالمادة (302) والمعدلة بموجب القانون رقم 37 لسنة 1972 بشأن الحريات العامة والصادر عقب صدور الدستور المصرى الدائم سنة 1971 وتنفيذاً لأحكامه.
أما عن التعاون الدولى بشأن مكافحة التعذيب فإن ما ورد فى الاتفاقية من أحكام تعد نصوص قانونية صالحة للتطبيق بما يجوز الاستناد إليها أعمالها باعتبارها أصبحت بمثابة نصوص قانونية مصرية ونرى أحكام القانون المصري متفقة تماما مع أحكام اتفاقية مناهضة التعذيب وهو الأمر الذى حدي بمصر إلى الانضمام إليها وبدون تحفظات وبدون ما حاجة إلى ثمة تعديلات تشريعية.

ويتضح من الاستعراض المتقدم لموقف لمشرع العقابي المصري إزاء الأفعال المطلوب تجريمها طبقاً للاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان أن المشرع المصري تصدى بشكل مباشر بنصوص مؤثمة بقانون العقوبات لكل من الأفعال المؤثمة بمقتضى اتفاقيات الرق والسخرة والقضاء على التعذيب وبالنسبة لاتفاقية منع استغلال دعارة الغير لعام 1949 فقد تناولها المشرع العقابى المصرى بقانون مستقل أما اتفاقيتي إبادة الأجناس والتفرقة العنصرية فلم يتصد المشرع العقابـي المصـري لهما بشكل مباشر ويمكن تفسير موقف المشرع المصري فى هذا الصدد فى أمرين:

أولهما: ما يتميز به المجتمع المصري من تآلف وترابط بين مختلف فئاته وطوائفه وعلى كافة المستويات وهو ما صنعته حضارة قديمة تمتد عبر آلاف السنين وقيم ومثل تستند إلى الرسالات السماوية الثلاثة والتى أثرت بعمق على تكوين الوجدان المصري الذى ينبذ بعنف كل الأفعال محل اتفاقيتي إبادة الأجناس والتفرقة العنصرية وهذا بدوره جعل من تلك الأفعال عديمة التواجد فى منظومة الحياة اليومية فى المجتمع المصري سواء على المستوى الحكومى أو الفرد.
ثانيهما: إن قانون العقوبات المصري يتضمن تجريم كافة أنماط السلوك البشرى التى تنال من حق الإنسان فى الحياة والحرية وسلامة النفس والبدن وحرمه الحياة الخاصة والشرف والأموال وهو ما يشكل فى مجمله حماية تستغرق كافة الأفعال الإجرامية محل الاتفاقيتين المشار إليهما بشكل غير مباشر وان كانت هذه النصوص التجريمية لا تغطى تلك الأفعال إن تمت بشكل منهجى بشكل سياسة الدولة وهو ما لا يتصور حدوثه فى إطار منظومة دولة سيادة القانون والقائم عليها النظام القانونى المصرى طبقاً لأحكام الدستور.

ولكننا نرى انه بالرغم من وجاهة الأسباب التى يستند إليها المشرع العقابي المصري فى عدم الإسراع بتجريم هذه الأفعال إلا انه أمام التزام مصر بتجريم الأفعال المنهي عنها بكل من الاتفاقيتين بعد انضمامها إليهما وفى ظل المادة 57 من الدستور والتى أوجبت أن تكون كافة الأفعال المتعلقة بالاعتداء على الحرية الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين وغيرها من الحقوق والحريات العامة التى يكفلها الدستور والقانون جريمة لا تسقط الدعوى الجنائية ولا المدنية عنها بالتقادم.
فانه يتعين على المشرع العقابي المصري أن يجرم بشكل مباشر كافة الأفعال المتعين تجريمها بمقتضى الاتفاقيتين المشار إليهما وهى الأفعال المجرمة بمقتضى اتفاقية جريمة إبادة الأجناس وكذا اتفاقية التفرقة العنصرية، وهى تضع مجالا أوسع لأعمالها مما ترى معه أن هذه الجرائم التى يسرى بشأنها مبدأ عام التقادم المنصوص عليه بالمادة 57 من الدستور.
والواقع وبعد دخـول نظـام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لحيز النفاذ فى 13/4/2002 اصبح يتعين على المشرع المصرى القيام بذلك باعتبار هذا الجرائم أصبحت من اختصاص تلك المحكمة وأن غياب تجريم هذه الأفعال فى القانون الوطنى سيعطى للمحكمة الدولية الاختصاص مباشرة فى التصدي لها وهو ما سيفقد القضاء الوطنى حقه فى التصدي لهذه الجرائم.
وبالنسبة لاتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والتى لم تنضم لها مصر حتى الآن، فإننا نرى ورغم قلة دول العالم المنضمة لها، أنه لا يوجد ثمة مبرر قانونى أو دستورى يحول دون الانضمام إليها خاصة فى ظل ما تقرره المادة 57 من الدستور والتى نصت على عدم تقادم الدعوى الجنائية أو المدنية الناشئة عن الاعتداء على الحقوق والحريات العامة التى كفلها القانون، وهى تضع مجالا أوسع لأعمالها مما نرى معه أن هذه الجرائم أن كانت مصر لم تنضم إلى الاتفاقية بعد. إلا أنها من الجرائم التى يسرى بشأنها مبدأ عدم التقادم المنصوص عليه بالمادة 57 من الدستور.
الإطار القانونى لضمان حقوق الإنسان فى مصر

مقدمة

أن ما حققته الجهود الدولية من إنجازات تمثلت فى إصدار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والذى تحقق به الانتقال إلى تأكيد عالمية هذه الحقوق والحريات وارتباطها بالإنسان فى كـل زمان ومكان، كان بمثابة إقرار من المجتمع الدولة بتلك القيم الإنسانية الغالية وعالميتها. وقد اقتضى الحال حسبما سلف، بعد صدور هذا الإعلان العالمي اتجاه الجهود الدولية لإضفاء الشرعية الدولية على تلك المبادئ والحريات التى وردت فيه من خلال صياغتها فى إطار قواعد دولية قانونية ملزمة من خلال مجموعة من الإتفاقيات تشكل فى مجموعها الشرعية الدولية والسياج التشريعى لهذه الحقوق وتلك الحريات وهو ما يوفر السند القانونى لها فى التزام الدول الأعضاء بها ومساءلتهم عنها دولياً ثم يوفر من جانب أخر السند التشريعى الوطنى للمطالبة بتلك الحقوق وضمانها وحمايتها من أية انتهاكات ومعاقبة المسئولين عنها والتعويض عن مخالفتها.
وتتعـدد مستويات ووسائل الانتصاف دولياً وإقليمياً ووطنياً،فعلى المستوى الدولى تواجدت، بالإضافة إلى أجهزة الأمم المتحدة، الآليات الدولية الناشئة عن سبع إتفاقيات دولية هى كل من العهدين المدنى والاقتصادي وحظر التفرقة العنصرية والطفل والمرأة والتعذيب وحظر التفرقة العنصرية فى الرياضة وتوجت هذه الآليات مؤخراً بتواجد المحكمة الجنائية الدولية ومنحها الاختصاص فى ملاحقة مرتكبى الجرائم ضد الإنسانية، ومن بينها بعض الجرائم المنصوص عليها باتفاقيات حقوق الإنسان.
وعلى الصعيد الإقليمى يتواجد الأن على الساحة الدولية المحاكم الأوربية والأمريكية والأفريقية لحقوق الإنسان ( لم يدخل البرتوكول الخاص بإنشاء المحكمة الأفريقية حيز النفاذ بعد ) كما يوجد كذلك كل من اللجنتين الأمريكية والأفريقية ( كانت اللجنة الأوربية متواجدة حتى ألغيت بالبرتوكول الحادي عشر الملحق بالميثاق الأوروبي ) وتتميز هذه الآليات بكونها منحت الشخصية الدولية للفرد فى مقاضاة الدولة العضو عن مخالفتها للمواثيق الإقليمية المنضمة لها وإستصدار الأحكام أو القرارات الملزمة لها فى الأحوال التى نصت عليها هذه المواثيق.
وعلى الصعيد الوطنى تشكل السلطة القضائية وسيلة الانتصاف فى المقام الأول التى يتعين أن يتاح للأفراد اللجوء إليها للفصل فيما يقع عليهم من اعتداءات أو انتهاكات وفقاً للقوانين الوطنية والتى تشكل مساساً أو تعارضاً لمبادئ حقوق الإنسان وحرياته الأساسية.
وسنتناول فى هذا القسم وسائل الاتصاف الوطنية فى مصر والضامنة للإنفاذ الفعلى لكافة مبادئ حقوق الإنسان وحرياته الأساسية وأنه طبقاً للمبادئ والقواعد الدستورية والقانونية التى يقوم عليها النظام القانونى المصري – فإن كافة السلطات الوطنية بالدولة تكون ملتزمة وضامنة فى أدائها لعملها وممارستها لاختصاصاتها بالقواعد الدستورية والقانونية المقررة بشأن حقوق الإنسان وحرياته الأساسية وتقوم السلطة القضائية المستقلة عن طريق هيئاتها المختلفة بتوفير كافة وسائل الانتصاف الوطنية للكافة وفقاً لنوعية المنازعات والأطراف فيها والحقوق المطالب بها أو الانتهاكات الحاصلة عليها.
والهيئات القضائية المنوط بها ضمان الإنفاذ الفعال للحقوق والحريات العامة للكافة والتى نص عليها الدستور والتى تمثل سبل الانتصاف الوطنية المتاحة للأفراد فى النظام القضائى المصري هى :
" المحكمة الدستورية العليا، القضاء المدنى والجنائي، مجلس الدولة (القضاء الإداري)".
وسنعرض فى هذا الفصل إلى بيان الهيئات القضائية وفقاً لأحكام القوانين المنظمة لها ثم الضمانـات المقـررة قانونا لأعضاء السلطة القضائية والتى تكفل فى مجموعها ضمان استقلالها وحيدتها فى اطار المعايير الدولية المعنية بالعدالة طبقا لما ورد بالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان وغيرها من القرارات الدولية ذات الصلة.
الهيئات القضائية طبقاً للنظام القانونى المصرى

أن الهيئات القضائية فى مصر طبقاً للنظام القانونى المصرى وحسبما نص عليه الدستور المصرى هى المحكمة الدستورية العليا والقضاء ومجلس الدولة وسنشير بقدر من الايجاز لكل منهما

أولاً - المحكمة الدستورية العليا:
تمثل المحكمة الدستورية العليا الهيئة القضائية المختصة بالنظر فى دستورية القوانين واللوائح وتفسير النصوص التشريعية، وهى تختص بالفصل فى تلك النوعية من الانزعة دون غيرها، وهى بذلك محكمة نوعية متخصصة وذات كيان مستقل.
وأنشئت هذه المحكمة بمقتضي دستور 1971 الفصل الخامس من الباب الخامس المواد من 174 وحتى 178 لتحل محل المحكمة العليا التى يعود وجودها فى مصر إلى القانون 81 لسنة 1969 والذى ألغى بمقتضى القانون 48 لسنة 1979 بشأن المحكمة الدستورية العليا، وهذه المحكمة هيئة قضائية مسـتقلة وقائمة بذاتهـا ومقرهـا القاهـرة وأعضاء المحكمة غير قابلين للعزل ولا ينقلون إلى وظائف أخرى إلا بموافقتهم (المادة 11) وتختص المحكمة وفقاً لنص المادة 25 بما يلى:
أولا: الرقابة على دستورية القوانين واللوائح.
ثانياً: الفصل فى تنازع الاختصاص بين الجهات القضائية.
ثالثاً: الفصل فى حالات التنازع الناشئة عن صدور حكمين نهائيين متناقضين.
رابعاً: تفسير النصوص التشريعية والقرارات بقوانين ( المادة 26).
وتتولى المحكمة اختصاصها فى الرقابة على دستورية القوانين واللوائح من خلال إحدى الطرق الآتية (المادة 28):
ـ إذا تراءى لإحدى المحاكـم أو الهيئـات ذات الاختصاص القضائي أثناء نظر إحدى الدعاوى عدم دستورية نص فى قانون أو لائحـة لازمه للفصـل فـى النزاع أوقفت الدعوى وتحيل الأوراق للمحكمة الدستورية للفصل فى المسألة الدستورية وذلك بغير رسوم المادة (29).
ـ إذا دفع إحد الخصوم أثناء نظر دعوى أمام إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائى، بعدم دستورية نص فى قانون أو لائحة وفى هذه الحالة إذا قدرت المحكمة جدية هذا الدفع، منحت الخصم صاحب الدفع أجلا قدره ثلاثة أشهر لرفع الدعوى أمام المحكمة الدستورية (المادة 29).
ـ وعن الاختصاص المتعلق بتعيين جهة القضاء المختصة والفصل فى النزاع بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين يتم بطلب من ذى الشأن يقدم مباشرة للمحكمة ( المادة 32).
ـ وعـن اختصـاص تفسـير النصـوص التشريعية يتم عن طريق وزارة العدل بناء على طلـب رئيس مجلس الوزراء أو رئيس مجلس الشعب أو المجلس الأعلى للهيئات القضائية ( المادة 33 ).
ونص القانون على أن تنشر فى الجريدة الرسمية أحكام المحكمة فى الدعاوى الدستورية وقراراتها فى طلبات التفسير ( المادة 49 ) كما نص على أن تكون أحكامها وقراراتها انتهائية وغير قابلة للطعن ( المادة 48 ) وملزمة لكافة السلطات فى الدولة ويترتب على صدور أحكامها ونشرها فى الجريدة الرسمية فى الموعد المحدد قانوناً لذلك إلغاء النص المقضى بعدم دستوريته وعدم جواز تطبيقه من اليوم التالى لنشر الحكم، وإذا تعلق النص المقضى بعدم دستوريته بنص جنائى، تعتبر الأحكام الصادرة بالإدانة والتى صدرت استناداً إليه كأن لم تكن.
وقد أعفى القانون الطلبات المتعلقة بتحديد جهة القضاء المختصة والمنازعات المتعلقة بالتنفيذ من الرسوم، وفرض رسماً ثابتاً مقداره (25) خمسة وعشرون جنيهاً للدعاوى الدستورية، وذلك لتسهيل عملية اللجوء للمحكمة الدستورية ولعدم جعل الرسوم القضائية سبباً مرهقاً أو معوقاً لاستخدام الأفراد لحقهم فى ذلك الأمر.
وقد عرضت على المحكمة الدستورية العليا على نحو ما سلف بيانه العديد من الأنزعة الدستورية بمقتضى طلب العديد من المحاكم المختلفة وبناء على دفوع مقدمة من الأفراد حول مدى دستورية بعض النصوص التشريعية وقد أصدرت المحكمة العديد من الأحكام المتعلقة بحقوق الإنسان بصفة عامة وقضت فى بعضها بعدم دستورية العديد من النصوص التشريعية التى ارتأت أن فيها مخالفة أو تعارضاً أو قيداً على تلك الحقوق والحريات، والسابق الإشارة إليها بالقسم الثانى من هذه الدراسة وتعكس الأنزعة الدستورية التى نظرتها المحكمة والأحكام الصادرة من المحكمة بشأنها أموراً هامة يقتضى الأمر توضيحها وهى:
1 ـ زيادة وعى المواطنين وحرصهم على استخدام وسائل الانتصاف الوطنية بما فيها المحكمة الدستورية العليا، سعيا وراء الذود عن حقوقهم وتأكيد حرياتهم التى يكفلها الدستور والقانون، وهو ما يؤكد نجاح الجهود الوطنية فى التعريف والتوعية بمبادئ حقوق الإنسان وحرياته الأساسـية الواردة بالدستور المصرى والمواثيق الدولية لحقوق الإنســان.
2 ـ تأكيد أن مصر دولة سيادة قانون إذ التزمت كافة السلطات فى الدولة بما صدر عن المحكمة الدستورية من أحكام سواء بوقف العمل بالنصوص المقضى بعدم دستوريتها أو تعديل التشريعات عن طريق السلطة التشريعية بما يتفق وما انتهت إليه هذه الأحكام.
3 ـ أن الأحكام الصادرة عن المحكمة الدستورية العليا فى جملتها سواء بالرفض أو بعدم الدستورية شكلت فى مجموعها سياجاً قضائياً هاماً أحاط الدستور بصفة عامة ومبادئ حقوق الإنسان وحرياته الأساسية بصفة خاصة بمجموعة من المبادئ القضائية الدستورية الهامة التى حسمت بها المحكمة كل الاجتهادات والتفسيرات ورسمت بها المحكمة طريقاً واضحاً للمشرع الوطنى فى العديد من القضايا والمسائل الهامة التى تتعلق بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية على نحو ما سلف بيانه.
4 ـ أن اللجوء للمحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية النصوص التشريعية بالضوابط التى قررها المشرع سواء من قبل الخصوم أو من قبل المحاكم القضائية أدى إلى قيام المحكمة الدستورية بدورها الرقابي على دستورية القوانين بشكل فعال ساعد على التخلص من النصوص المشوبة بعيب بعدم الدستورية وأكد ذلك أيضاً حرص الكافة على النقاء الدستوري للبنيان التشريعى فى مصر وإزالة أية تشوهات تشريعية ماسة بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية.

ثانياً - السلطة القضائية:
تنـاول الدسـتور السلطة القضائية فـى الفصـل الرابع من الباب الخامس فى المواد (من165 إلى 173)، وقد نص فى تلك المواد على استقلالية السلطة القضائية وأن القضاة مستقلون ولا سلطان عليهم لغير القانون ولا يجوز التدخل فى أعمالهم وغير قابلين للعزل، وينظم قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1972 كافة الأحكام المتصلة بتعيين القضاء وبتنظيم شئونهم الوظيفية.
نصت المادة (172) من الدستور على أن مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة تختص بالفصل فى المنازعات الإدارية والدعاوى التأديبية.
ومما تقدم تنقسم السلطة القضائية فى مصر إلى المحاكم المدنية والجنائية بكافة درجاتها والقضاء الإداري ومجلس الدولة، وسنشير لكل منهما على استقلال.

1 ـ القضــاء:
تقوم المحاكم بفرعيها المدنى والجنائي بالفصل فى كافة المنازعات المدنية على اختلاف أنواعها، والجنائية المتعلقة بالجرائم المقررة قانوناً وذلك طبقاً للقانون وفى إطار المنازعات المطروحة أمامها وعلى هدى من المبادئ الدستورية القائمة ووفقاً للنظم والإجراءات المقررة فى قانون المرافعات المدنية المعمول به أمام المحاكم المدنية أو قانون الإجراءات الجنائية المعمول به أمام المحاكم الجنائية، وقد نظم كل من القانونين درجات المحاكم وأنواعها ونطاق اختصاصها ودرجات الطعن فى الأحكام الصادرة وسبل اللجوء للقضاء وإجراءات نظر الدعاوى والضمانات المقررة للخصوم والدفاع – وأجاز القانون للمضرور من الجريمة الادعاء مدنياً بالتعويض أمام القضاء الجنائى عند نظره للدعاوى المتعلقة بالجرائم المنصوص عليها قانوناً ومن بينها بطبيعة الحال الجرائم الخاصة بالانتهاكات الحاصلة على الحقوق والحريات العامـة للأفراد وسنشير بإيجاز للنظام القضائى فى مصر.
يقوم البنيان القضائى المصرى على التقاضي على درجتين وتنقسم المحاكم فى مصر إلى محاكم ابتدائية ومحاكم استئنافية ومحكمة النقض.
أ ـ المحاكم الجزئية:
تشكل المحاكم الجزئية من قاضى فرد وتنتشر فى مصر على مستوى المراكز والأقسام تقريبا لجهات التقاضي وتعقد فى دوائر مدنية وجنائية وتختص بما يلى:
ـ المنازعات المدنية على مختلف أنواعها وبعض المنازعات الخاصة إذا كانت قيمة الحق المتنازع عليه يقل عن عشرة آلاف جنيه وتستأنف أحكامها أمام المحكمة الابتدائية بدائرة بهيئـة اسـتئنافية وتعتبر أحكامها أنتهائية إذا كانت قيمة الحق المتنازع عليه اقل من ألفى جنيه.
ـ المنازعات الجنائية ( المخالفات والجنح ) وهى الجرائم البسيطة التى تتراوح عقوبتها بين الغرامة أو الحبس وتستأنف أحكامها أمام المحكمة الابتدائية بدائرة بهيئة استئنافية وتنعقد بهيئة محكمة أمن دولة جزئية فى الجرائم المحددة قانوناً لهذه النوعية من المحاكم.

ب ـ المحاكم الابتدائية:
وتوجد المحاكم الابتدائية بعواصم المحافظات وتتعدد فى بعض المحافظات ذات الكثافة السكانية العالية وتشكل المحكمة من دوائر ثلاثية من رجال القضاء وتختص بما يلى:
ـ المنازعات المدنية التى تجاوز قيمتها عشرة آلاف جنيه وتفصل استئنافيا فى الاستئنافات المقامة عن الأحكام الصـادرة من المحاكم الجزئية فى الدعاوى التى تزيد قيمتها عن ألفى جنية.
ـ المنازعات الجنائية تفصل فى الاستئنافات الحاصلة على الأحكام الصادرة من المحاكم الجزئية العادية و أمن الدولة الجزئية والتى يقيمها المتهم أو النيابة العامة أو المدعى بالحقوق المدنية.
ج ـ المحاكم الاستئنافية:
ويوجد فى مصر عدد ثمانية محاكم استئناف تغطى إقليميا كافة محافظات مصر وتشكل من دوائر ثلاثية من الرؤساء والنواب والمستشارين بمحاكم الاستئناف وهى على التوالي أعلى الدرجات بالسلم القضائى وتختص بما يلى:
ـ بالنسبة للمنازعات المدنية تفصل فى الاستئنافات المقامة عن أحكام المحاكم الابتدائية الصادرة باعتبارها أول درجة فى المنازعات التى تزيد قيمتها عن عشرة آلاف جنيه.
ـ بالنسبة للمنازعات الجنائية تفصل فى قضايا الجنايات وهى الجرائم شديدة الخطورة والتى يتراوح العقوبة المقررة لها قانونا بين السجن والأشغال الشاقة المؤقتة أو المؤبدة أو الإعدام وهناك بعض الدوائر النوعية هى محاكم أمن الدولة وهى تنظر بعض الجرائم النوعية ( القانون 105لسنة 80 ) وتختلف هذه النوعية من المحاكم عن محاكم الجنايات اختلافات إجرائية هى فى كونها لا يجوز الادعاء مدنيا أمامها ويمكن إضافه أثنين من القضاة العسكريين.

د ـ محكمة النقض:
وهى محكمة واحدة مقرها القاهرة وتشكل من دوائر خماسية من النواب والمستشارين بالمحكمة ويطعن أمامها على الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف أو المحاكم الابتدائية بالنسبة للدعاوى التى نظرتها كهيئة استئنافية ويكون الطعن بالنقض لأسباب قانونية حددها القانون.
هـ ـ النيابة العامة:
وهى فرع أصيل من السلطة القضائية وتشكل من النائب العام يعاونه نـواب مساعدون ومحامون عـامون أول ومحامين عاميـن ورؤسـاء نيابـة ووكـلاء ومساعدون ومعاونون ( يتم تعين اعضاء النيابة العامة بالتبادل مع رجال القضاء فى الدرجات المقابلة لدرجاتهم بدءا من وكيل النيابة من الفئة الممتازة والتى تعادل درجة قاضى ) وتشكل النيابة العامة من نيابات متخصصة ونيابات على مستوى دوائر محاكم الاستئناف والدوائر بالمحاكم الابتدائية ودوائر المحاكم الجزئية وأعضاء النيابة العامة من درجة مساعد وما يعلوها غير قابلين للعزل ويتمتعون بالحصانة القضائية وتمثل النيابة العامة سلطتي التحقيق والادعاء فلها القيام بإجراءات التحقيق الابتدائي للدعوى العمومية ولها حفظ القضايا للأسباب القانونية ولها حق إحالة ما تراه إلى المحاكم الجنائية المختصة ( يشار إلى أن منح أعضاء النيابة العامة الحصانة القضائية جاء بالتعديل الحاصل لقانون السلطة القضائية فى عام 1984 وعقب صدور القرارات الدولية المعنية بالفصل بين سلطة التحقيق والادعاء وأستقلال أعضاء النيابة العامة ).
وتملك النيابة العامة سلطة التحقيق فيما تتلقاه من شكاوى تعرض عليها من الشرطة أو تقدم إليها مباشرة ولها إصدار أوامر القبض أو الضبط والتفتيش والحبس لمدة أربعة أيام ويكون تمديد الحبس بموجب قرار من القاضى الجزئي المختص.
وتقوم النيابة العامة بالحضور فى بعض القضايا المدنية مثل دعاوى الأحوال الشخصية والإفلاس. كما تتولى الإشراف والتفتيش الدورى والمفاجئ على السجون وغيرها من أماكن الاحتجاز المقررة قانونا.

2 ــ القضاء الإداري ومجلس الدولة:
وفى إطار ممارسة السلطة التنفيذية لاختصاصاتها وصلاحياتها وما يصدر عنها نتيجة لذلك من قرارات أو لوائح تتصل بمصالح الأفراد أو الجماعات وسواء كانت تتعلق بما تقدمه من خدمات أو تلتزم بالقيام به من إجراءات حيال المواطنين فإنه يتعين على السلطة التنفيذية الالتزام بطبيعة الحال بكل المبادئ الدستورية والقواعد القانونية السارية فى البلاد ومستهدفة فيما يصدر عنها فى حدود سلطتها التنفيذية للصالح العام والمعايير الموضوعية المجردة وإنهاء مصالح المواطنين طبقاً لتلك المعايير ووفقاً للأصول القانونية المرعية.
ويشكل مجلس الدولة و القضاء الإداري وسيلة الانتصاف القضائية الميسر للكافة، اللجوء إليها طعناً على كل ما يصدر عن السلطة التنفيذية من قرارات سواء كانت صادرة بشكل إيجابي أو سلبي أو بالامتناع عن إصدار القرار أو القيام بالإجراء المطلوب، ويستطيع من يلجأ للقضاء الإداري طلب إلغاء القرارات المخالفة للقانون أو الاختصاص أو الشكل أو المعيبة لخطأ فى التطبيق أو التفسير أو أساء استعمال السلطة وكذلك طلب التعويض عنها.
ومجلس الدولة، هيئة قضائية مستقلة ( المادة 172 من الدستور)، وقد حدد القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة اختصاص محاكم مجلس الدولة بالفصل فى الطعون على القـرارات النهائية وطلبات إلغاء القرارات الإدارية والتعويض عنها – للأسباب سالفة الذكر، ويعتبـر الامتناع عن اتخاذ القرار فى حكم القرار الإداري وكذلك الطعون على القرارات التأديبية، كما نظم القانون سبل وإجراءات ودرجات الطعن على الأحكام واعتبر القانون الأحكام الصادرة بالإلغاء حجة على الكافة ويعتبر الامتناع عن تنفيذها جريمة مؤثمة طبقاً لقانون العقوبات المصري (المادة 123).
ويشكل مجلس الدولة بموجب القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة من ثلاثة أقسام هى القضائى والفتوى والتشريع ويتكون القسم القضائى من المحكمة الإدارية العليا ومحكمة القضاء الإداري والمحاكم الإدارية والتأديبية وهيئة مفوضي الدولة:
أ ـ القسم القضائى:
ـ وتشكل المحاكم الإدارية والتأديبية من دوائر ثلاثية برئاسة مستشار مساعد وعضوية اثنين من النواب على مستوى المحافظات وتعتبر محاكم أول درجة إذ تستأنف أحكامها أمام محكمة القضاء الإداري سواء من الخصوم أو هيئة مفوضي الدولة.
ـ وتشكل محكمة القضاء الإداري من دوائر ثلاثية من المستشارين وتختص بالفصل فى المنازعات الإدارية والطعون على القرارات الإدارية وطلبات التعويض كما تختص بنظر الاستئنافات المقامة عن أحكام المحاكم الإدارية والتأديبية ( المادة العاشرة ).
ـ وتشكل المحكمة الإدارية العليا من دوائر خماسية وتختص بالنظر فى الطعون المقامة عن الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري أو المحاكم التأديبية للأسباب القانونية التى حددها القانون
ـ وتشكل هيئة مفوضي الدولة على كافة درجات التقاضي بمجلس الدولة، وتختص بإعداد الرأي وفحص الدعاوى الإدارية.
ب ـ قسم الفتوى:
ـ ويختص بإبداء الرأي فى المسائل التى يطلب فيها من الإدارات المختصة بالوزارات إبداء الرأي أو فحص التظلمات (المادة 58).
ج ـ قسم التشريع:
ـ ويختص بمراجعة القوانين والقرارات الجمهورية ذات الصفة التشريعية ويجتمع بهيئة جمعية عمومية للنظر فى المسائل الدولية والمنازعات بين الجهات الحكومية (المادة 66).
د ـ هيئـة النيابة الإدارية:
ـ ويتولى الإدعاء أمام المحاكم التأديبية المختصة بتأديب العاملين المدنيين بالدولة ومجازاتهم إداريا عن المخالفات الإدارية أو المالية التى تنسب إليهم هيئة النيابة الإدارية وهى هيئة قضائية مستقلة وتختص بالتحقيق فى المخالفات المشار إليها وإحالة ما تراه إلى المحاكم التأديبية وفقاً لمستويات العاملين المنسـوب إليهـم المخالفـات الإدارية وتنظم هيئة النيابة الإدارية القانون رقم 117 لسنة 1958.
الضمانات القانونية المقررة لأعضاء الجهات القضائية

ينظم الجهات القضائية بمصر والسالف الإشارة إليها عده قوانين التزم فيها المشرع بالنصوص الدستورية والأصول الفقهية بالنسبة لحصانات وضمانات رجال القضاء والتى تكفل لهم أداء عملهم بمقتضى قواعد موضوعية مجردة يحددها القانون بحريـة واستقلال وتؤكد أنه لا سلطان عليهم فى عملهم لغير القانون عملاً بالمادتين (64، 65 ) من الدستور.
وسنشير بقدر من التفصيل لهذه الحصانات لكل جهة من جهات القضاء.
أولاً ـ المحكمة الدستورية العليا:
نظم القانون رقم 48 لسنة 1979 بشأن اصدار قانون المحكمة الدستورية العليا هذه الحصانات والضمانات على النحو التالى:
1 ـ المحكمة الدستورية العليا هيئة مستقلة قائمة بذاتها ومقرها القاهرة ( المادة 1 ).
2 ـ تصدر المحكمة أحكامها وقراراتها من دائرة سباعية ويرأس جلساتها رئيـس المحكمـة أو أقدم أعضائها ( المادة 3 ).
3 ـ تشكل الجمعية العامة للمحكمة من جميع أعضائها وتختص بالنظر فى المسائل المتعلقة بنظام المحكمة وأمـورها الداخلية وتوزيع العمل بين أعضائها وجميع الشئون الخاصة بهم ( المادتين 7، 8 ).
4 ـ أعضـاء المحكمـة وهيئـة المفوضين بها غير قابلين للعزل ولا ينقلون إلى وظائف اخرى الا بموافقتهم ( المادتان 11، 24 ).
5 ـ لا يجوز ندب أو إعارة أعضاء المحكمة إلا للأعمال القانونية بالهيئات الدولية أو الدول الأجنبية أو للقيام بمهام علمية ( المادة 13 ).
6 ـ تسرى على القرارات والدعاوى والطلبات التى تقدم للمحكمة الأحكام والإجراءات المقررة بقانون المرافعات المدنية ( المادة 28 ).
7 ـ حدد القانون الاختصاصات المقررة للمحكمة على نحو مـا سـلف الإشـارة إليه فى الجزء الأول.
8 ـ جميع الأحكام الصادرة فى الدعاوى الدستورية وطلبات التفسير تنشر بالجريدة الرسمية باعتبار أن هذه الأحكام نهائية وغير قابلة للطعن بالنظر لطبيعة المحكمة وسارية على جميع السلطات فى الدولة ( المادتان 48، 49 ).
9 ـ يتولى التحضير أمام المحكمة هيئة مفوضين والذين لهم ذات ضانات وحصانات أعضاء المحكمة ( المادتان 21، 24 ).
ثانياً ـ بالنسبة للقضاء:
نظم القانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية الضمانات والحصانات الخاصة بأعضاء السلطة القضائية وهى:
1 ـ أن إنشاء محاكم الاستئناف أو المحاكم الابتدائية وتعيين دائرة كل منها أو تعديلها لا يكون إلا بموجب قانون ( المادة 10 ).
2 ـ أن قواعد اختصاص المحاكم تحدد على النحو الوارد فى قانون المرافعات والإجراءات الجنائية وتعمل المحاكم التزاما بها ( المادة 15).
3 ـ جلسات المحاكم علنية ما لم تقرر المحكمة جعلها سرية مراعاة للآداب العامة أو محافظة على النظام العام وتصدر الأحكام فى جميع الأحوال علنية ( المادة 18 ).
4 ـ لغة المحاكم العربية وعلى المحاكم أن تسمع أقوال الخصوم والشهود الذين يجهلونها بواسطة مترجم بعد حلف اليمين.
5 ـ أن توزيع وترتيب العمل وتشكيل الدوائر وعدد الجلسات وسائر ما يتعلق بشئون المحكمة تكون من اختصاص الجمعيات العمومية بالمحاكم وهى تشكل من كافة قضاتها العاملين بها (المادتان 30، 31).
6 ـ يكون تعيين رجال القضاء بقرار جمهوري بعد موافقة مجلس القضاء الأعلى ولا يجوز نقلهم أو ندبهم أو إعارتهم إلا فى الأحوال المقررة فى القانون ( المادتان 52، 53 ).
7 ـ رجال القضاء والنيابة العامة عدا معاوني النيابة ـ غير قابلين للعزل ( المادة 67 ).
8 يشكل مجلس القضاء الأعلى من رئيس محكمة النقض ورئيس محكمة استئناف القاهرة والنائـب العـام وأقدم اثنين من نواب رئيس محكمة النقض وأقدم اثنين من رؤساء محاكم الاسـتئناف الأخـرى ويختص بنظر كل ما يتعلق بتعيين وترقية ونقل وندب وإعارة رجال القضاء والنيابـة العامـة وكذلـك سـائر شـئونهم على النحو المقـرر فى القانون ( المادتان 77، 78 ).
9 ـ يكون تأديب القضاة بجميع درجاتهم من اختصاص مجلـس التأديـب المشـكل مـن رئيس محكمة النقض واقدم ثلاثة من رؤساء محاكم الاستئناف وأقدم ثلاثة من مسـتشارى محكمة النقض وتقام الدعوى التأديبية من النائـب العـام بناء على طلب وزير العـدل ( المادتان 78، 98 ).
ثالثاً ـ بالنسبة لمجلس الدولة:
أورد القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة أن أعضاء مجلس الدولة غير قابلين للعزل ويسرى عليهم جميع الضمانات التى يتمتع بها رجال القضاء ويقوم على شئونهم مجلس خاص ويختص بتأديبهم مجلس التأديب الخاص ( المواد 68، 91، 117 ).

وتشير هذه الأحكام والقواعد المنصوص عليها بالقوانين سالفة الذكر إلى الضمانات والحصانات التى يكفلها القانون المصرى لتوفير الاستقلال للقضاة وضمان سير شئون العدالة من خلال محاكم قانونية لها اختصاصاتها المحددة سلفا بموجب القانون ومشكلة أيضاً بموجب القانون وعلى درجات تسمح بالاستئناف أمام جهة قضائية اعلى، يتولى القضاة سواء بالمحكمة الدستورية وبجهة القضاء العادى أو بجهة مجلس الدولة شئون أنفسهم عن طريق مجالسهم الخاصة المشكلة من القضاة أنفسهم وقد جاءت هذه الأحكام فى جملتها مطابقة لما اشترطته المواثيق الدولية لحقوق الإنسان كمعايير لإدارة العدالة.

ويتضـح من استعراضنا السابق لمبادئ حقوق الإنسان فى الدستور المصرى ومدى اتصالها بالمواثيق الدولية والإقليمية وقضاء المحكمة الدستورية بشأنها وللوضع القانونى للاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان والمنضمة لها مصر وفقاً لنظامها القانونى وكذلك لوسائل وسبل الانتصاف المتاحة بها طبقاً لنظامها القضائى أن كل ذى مصلحة يستطيع اللجوء إلى جهتي القضاء (القضاء العادي أو مجلس الدولة) وفقاً لطبيعة ونوعية المنازعة والحقوق الناشئة عنها أو المطالب بها – وذلك لاقتضاء حقوقه أو تحقيق مطالبه أما أمام جهة القضاء العادي بطلب معاقبة المتهم والحصول على تعويض عن الأضرار التى لحقت به إن كان الانتهاك الحاصل لحقوقه أو حرياته يشكل جريمة وفقاً لأحكام القانون، أو طلب التعويض فقط أمام القضاء المدنى فى غير ذلك من الأحوال، وإما أمام جهة القضاء الإداري ( مجلس الدولة ) بطلب إلغاء القرارات الإدارية التى تصدر حال كونها معيبة أو ماسه أو مقيدة لأية حقوق أو حريات يحميها الدستور والقانون والحصول على التعويض المناسب.
وفى جميع الأحوال يستطيع المتقاضى صاحب المصلحة التمسك بالنفاذ المباشر لأحكام تلك الاتفاقيات إن كانت المواد المطلوب نفاذها صالحة لذلك باعتبار أن الاتفاقية أصبحت بالانضمام إليها واحدة من القوانين المصرية المعمول بها وفقاً لأحكام الدستور – وان صادف صاحب المصلحة خلال مراحل التقاضي ثمة نصوص قانونية أو لائحية تحول دون بلوغه لمقاصده ومطالبه المشروعة استناداً للحقوق و الحريات الواردة بتلك الاتفاقيات، فيستطيع أن يدفع بالطرق المقررة للجوء إلى المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية النصوص المعيبة طالباً القضاء بعدم دستورية هذه النصوص القانونية الوطنية باعتبارها تشكل مخالفة للقواعد الدستورية التى شملت بالحماية كافة الحقوق والحريات التى تشملها الاتفاقيات الدولية ذات الصلة، وفى هذه الحالة يتعين على المحكمة التى تنتظر دعواه إن ارتأت جدية هذا الدفاع أن توقف نظر الدعوى لحين الفصل فى دستورية النص القانونى محل الطعن ثم تستمر فى نظر دعواه عقب الحكم فيها من المحكمة الدستورية العليا، ويتعين أن تلتزم المحكمة الأولى بما انتهت إليه المحكمة الدستورية فى حكمها باعتبار أنه ملزم لكافة السلطات فى الدولة طبقاً للدستور.
وتشكل الجهات القضائية على مختلف أنواعها ومستوياتها ودرجاتها على النحو السابق شرحه شبكة هائلة من جهات الانتصاف الوطنية تغطى جميع أنحاء البلاد وتنتشر على مستوى الأقسام والمراكز وهى متاحة للجميع ويسهل للكافة الوصول إليها لتقديم شكاواهم وبدون رسوم بالنسبة للقضايا الجنائية وبرسوم بسيطة بالنسبة للدعاوى المدنية والتى يمكن الإعفاء منها طبقاً للقانون، وبذلك يتوافر لكل إنسان وطنياً كان أو أجنبياً حق اللجوء للقضاء ليفصل فى منازعته بأحكام قضائية ملزمة وواجبة النفاذ وليعطى كل ذى حق حقه ويعاقب كل خارج عن القانون ذلك طبقاً للأصول المرعية فى التقاضي واحترام حق الدفاع فى إطار الالتزام بالمعايير الدولية لإدارة العدالة والتى أوردتها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان والتزم بها المشرع الوطنى.

خاتمة

ولعلى فى نهاية هذه الدراسة أكون قد أفلحت بهذا الجهد المتواضع أن أضع بين يدى القارئ قدراً معقولا من المعلومات عن النظام القانوني المصري ومبادئ حقوق الإنسان والذى أرجو أن تتوافر به المعرفة والتوعية اللازمة التى تؤكد حرصنا على حقوقنا وحرياتنا وكذلك حقوق وحريات الآخرين.

ولقد بدأت الجهود الدولية تقطف ثمار ما زرعته وتحصد نتائج ما بذلته من جهود فى هذا المضمار وأصبحت حقوق الإنسان وحرياته الأساسية ليست ترفاً قاصراً على الأغنياء ولا هى أحاديث السامرين أو الوجهاء، بل هى الكرامة لبنى الإنسان، وهى الحياة لكل إنسان فى كل زمان ومكان.

لقد قطعت البشرية جهداً هائلاً تطلب منها آلاف من السنين لتصل الى ما وصلت إليه وبرغم قلته فلا يجب علينا أن نفقده بل علينا التحلي بالصبر والتصميم على الحفاظ على ما بلغته هذه الجهود والإصرار على مواجهة ما يعترض مسيرة حقوق الإنسان وحرياته الأساسية من عقبات وصولاً إلى إكتمال موضوعيتها وتأكيد عالميتها والبعد بها عن المشاكل المعاصرة لها والتى فى مقدمتها ازدواجية المعايير والانتقائية وتسييس موضوعاتها لخدمة الأغراض السياسية ولعل ما صدر عن الأمم المتحدة مؤخراً لمواجهة هذه المشاكل والصعوبات تكون هى البداية لطريق النجاح لتلك المسيرة الإنسانية التى نرجو أن يتحقق بها مواجهة أقصى تحدياتها فينعم الإنسان بالأمان وليعم على الأرض السلام.

والله ولي التوفيق،،

ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك

رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Facebook Comments by: ABDU_GO - شركة الإبداع الرقمية
كافة الحقوق محفوظة لـ منتدى المراجع المصرى/المحاسب القانونى محمد صفوت