أهلا وسهلا بكم في منتدى المراجع المصرى/المحاسب القانونى محمد صفوت نتمنى لكم اجمل الاوقات برفقتنا
ضع وصفاً للصورة الأولى الصغيره هنا1 ضع وصفاً للصورة الثانية الصغيره هنا2 ضع وصفاً للصورة الثالثه الصغيره هنا3 ضع وصفاً للصورة الرابعه الصغيره هنا4
العودة   منتدى المراجع المصرى/المحاسب القانونى محمد صفوت > منتدى المحاماه والقوانين والتشريعات > الشريعة الإسلامية
« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: كيفية اختيار افضل شركة توزع ارباح في السوق السعودي (آخر رد :دعاء يوسف علي)       :: أنواع صناديق الاستثمار في السعودية (آخر رد :ارينسن)       :: كيف اعرف اسهمي القديمه (آخر رد :ارينسن)       :: مؤشرات شركة مسك السعودية (آخر رد :ارينسن)       :: عيوب التداول باستخدام الهارمونيك (آخر رد :سلمي علي)       :: مفهوم الدعم والمقاومة (آخر رد :دعاء يوسف علي)       :: أفضل أنواع التداول (آخر رد :دعاء يوسف علي)       :: خطوات التسجيل في فرنسي تداول (آخر رد :دعاء يوسف علي)       :: شروط تسجيل عضوية بموقع حراج (آخر رد :دعاء يوسف علي)       :: رسوم الحساب الاستثماري في تداول الراجحي (آخر رد :دعاء يوسف علي)      

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 08-15-2013, 02:52 AM
مصطفى احمد مصطفى احمد غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2013
المشاركات: 1,100
افتراضي المذكرة الإيضاحية لمشروع قانون الأحوال الشخصية الكويتى



المذكرة الإيضاحية لمشروع قانون الأحوال الشخصية

القسم الأول - الزواج


الكتاب الأول - إنشاء الزواج

الباب الأول - مقدمات الزواج

المادة (1):

استهدف مشروع القانون في تعريف الزواج ما جاء به القرآن الكريم في قول الله تعالى ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها، وجعل بينكم مودة ورحمة.
وما ورد في السنة النبوية من أن الزواج سبيل الإعفاف والإحصان.
وما حرص عليه الإسلام من ابتغاء النسل النقي القوي، ترجى له مظان الخير من قبل مولده، وترعاه الأبوة الحانية، في كثرة ليست غثاء كغثاء السيل، وإنما ركازها القوة بالقدر المستطاع، أملاً للأسرة، وذيادًا عن الأمة.
وبذلك استبعد التعريف ما شاع بين الفقهاء المتأخرين من أن الزوجة محل للاستمتاع، والخوض في الحديث عن هذه المتعة، وأظهر ما للزواج من مقاصد سامية في بناء المجتمع الصالح، وتأسيس حياة قوامها السكينة والمودة والرحمة.
المادتان (2، 3 ):
الخطبة هي التماس التزويج، وتتم بالاتفاق على حصوله فيما بعد، فهي لا تلزم الزواج، وليست إلا تمهيدًا له، سواء أكانت طلبًا من أحد الطرفين، أم صارت اتفاقًا بينهما، أم تأكدت بما اعتاده الناس من حصول الوعد، أو قبول كل منهما هدايا الآخر، أو قبض المرأة أو وليها المهر كله أو بعضه، للدلالة على التراضي.
ولا يترتب على هذه المقدمات شيء من أحكام الزواج، بل لكل من الطرفين أن يعدل عنها متى شاء.
وقد اتفق المجتهدون على التأثيم الديني في زواج مخطوبة الغير، فإذا عقد الخاطب الثاني زواجه بها، مستوفيًا أركانه وشرائطه صح العقد، وترتبت عليه آثاره عند جمهور الفقهاء، لأن الخطبة ليست شرطًا في صحة الزواج، لا تلازم بين كون النهي للتحريم وبطلان العقد، وهذا ما جاءت به المادة الثالثة وفق رأي الجمهور، وقول في المذهب المالكي غير مشهور، وعلى خلاف المشهور في المذهب وهو الفسخ قبل الدخول بالزوجة، وعدم الفسخ بعده، كما يخالف قولاً ثالثًا هو الفسخ مطلقًا قبل الدخول وبعده.
وقد راعت المادة فيما أخذت به الحرص على استقرار الأسرة.
المادة (4):
إذا عدل أحد الطرفين عن الخطبة، فإن ما قدمه الخاطب من المهر كله أو بعضه، له الحق في استرداد عينه إن كان قائمًا أو بدله – مثلاً أو قيمة – إن كان هالكًا أو مستهلكًا، لأن المرأة لا حق لها في المهر إلا بعقد الزواج، وهو لم يوجد، وهذا، اتفاق الفقهاء.
ويجري حكم المهر على الهدايا التي جرى العرف باعتبارها منه، فهي اليوم من أهم ما تشمله مفاوضات الزواج، وقد تكون بالنسبة لقيمتها هي المهر الحقيقي، ويصدر هذا فقه الحنابلة، وما تقرر في الفقه المالكي ومنه قول الزرقاني في شرح مختصر خليل: أما ما يهدى عرفًا في العقد أو قبله، فكالصداق، وأما ما يشترط إهداؤه فيتفق على القضاء به.
لكن المخطوبة قد تشتري الجهاز أو بعضه بالمهر المقدم وبعد عدول الخاطب لا تضمن كل ما كان ينتظر من الانتفاع به وردها جميع ما قبضته، يصيبها الخسران، بينما تقديم المهر يفيد الإذن المضمن من الخاطب بشراء الجهاز فليس من العدل إلزامها بمثل ما قبضته. بل الأقرب إلى العدل أن يكون لها الخيار بين إعادة المهر، أو تسليم ما يساويه كلاً أو بعضًا من أعيان الجهاز التي اشترتها.
وسند ذلك ما جاء في الفقه المالكي، ومنه قول الزرقاني في شرح مختصر خليل:... لو خطب شخص امرأة، ودفع لها الصداق قبل العقد، فتجهزت به، ثم لم يحصل عقد لمنازعتهما، فهل يرجع بما اشترته أو بالنقد ؟.
والظاهر الأول إن أذن لها، أو علم، أو جرى به عرف والثاني عند انتفاء ذلك.
وما تقرر في الفقه الحنفي من قاعدة التسليط، أخذًا بأن الخاطب سلط المخطوبة على شراء الجهاز بدفع المهر، لأن الشراء هو المقصود، تعجيل الدفع حسب العادة، وما تمليه الرغبة الظاهرة من قبل الدافع في إتمام الزواج بالإعداد له.
وعبرت الفقرة (جـ) بمقدار المهر ليشمل ما إذا كان المهر نقدًا، وما إذا كان سلعة احتفظت بها المخطوبة، واشترت بقيمتها من مالها جهازًا، فإن لها الخيار عند عدول الخاطب بين أن ترد السلعة عينًا، أو ترد الجهاز الذي اشترته بقيمتها.
وأفادت هذه الفقرة أنه لا خيار للمخطوبة إذا كان العدول منها، فعليها حينئذ إعادة المهر أو بدله.
المواد (5، 6، 7):
أصل المذهب المالكي أن من أهدى إلى المخطوبة، ثم تزوجت غيره، فإنه لا يرجع عليها بشيء مطلقًا، ولكن المتأخرين من فقهاء المذهب، جعلوا للخاطب أن يرجع عليها إذا كان المانع من قبلها، لأن الذي أعطى لأجله لم يتم، فإن كان المانع منه فلا رجوع له، وذلك كله ما لم يوجد شرط، أو عرف.
وجاء في الشرح الكبير أن الأوجه هو الرجوع عليها إذا كان الامتناع من جهتها.
واختلف المتأخرون من الشافعية في هذه المسألة، والذي دل عليه كلام الرافعي أنه إن كان الرد من أولياء المخطوبة، رجع عليهم، لأنه لم يهدِ لهم إلا بناءً على أن يزوجوه، ولم يحصل غرضه، فإن كان الرد منه فلا رجوع له، ويستدل أصحاب هذا الرأي بالحديث النبوي لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه
وبينوا أن الغصب نوعان:
غصب استيلاء، هو أخذ الأموال على جهة الاستيلاء والقهر والغلبة، وغصب استحياء، هو أخذها بنوع من الحياء.
قال الغزالي: وهما حرامان، لأنه لا فرق بين الإكراه على أخذ الأموال بالسياط الظاهرة، وبين أخذه بالسياط الباطنة.
واختار ابن تيميه أن الهدية لو كانت قبل العقد، وقد وعدوه بالزواج، ولم يفوا فزوجوا غيره رجع بالهدية، وصرح الحنابلة بدلالة الحال على شريطة بقاء العقد، وقاسوا على حقه في الرجوع رجوعها هي لو وهبته شيئًا قبل الدخول ثم طلق.
والحنفية يطبقون أحكامهم في الهبة على هدايا الخطبة، فلا تسترد إذا هلكت أو استهلكت، ولا يمكن الرجوع بقيمتها عند العدول.
وقد استكمل المشروع أحكام هذه الهدايا، فاختارها من فقه الأئمة، مراعيًا أن من يعدل قد يكون سبب عدوله عيبًا، أو خلقًا غير كريم في الآخر لم يكن العادل على بينة منه، أو حدوث مالاً تدوم معه العشرة من قبل المعدل عنه، أو غير ذلك مما يجعل العادل معذورًا في عدم إتمام الزواج، وهو عقد العمر الذي يدوم فيه الضرر.
وواقع الأمر في مثل هذه الأحوال أن المعدول عنه هو السبب في العدول، فيلزم برد الهدايا أو بدلها، ومن البداهة أنه لا يستحق رد ما أهداه، لأنه هو الذي حال بمسلكه بين العادل والزواج، وإذا كان ثمة شرط وجب العمل به، لرضا الطرفين به، وإن العرف في ذلك بمنزلة الشرط.
وما يقتضي العدول لا يمكن ضبطه ولا حصره، لأنه باختلاف الأشخاص بيئة، وثقافة، وزمنًا، وما إلى ذلك، فتقديره متروك للقضاء يستهدي في كل واقعة بملابساتها وظروفها، وعلى أساس الشريعة الإسلامية.
وإذا انتهت الخطبة بالوفاة، أو يعارض حال دون إتمام الزواج، مثل أسر أحد الطرفين أو جنونه، فلا استرداد لشيء من الهدايا، فإن عدم إتمام الزواج لسبب ليس من جهة المتوفى، أو المجنون، أو الأسير.
ومصدر ذلك فقه الإمام أحمد، حيث قال ابن تيمية:
إن اتفقوا – أي الخاطب والمرأة ووليها – على النكاح من غير عقد، فأعطي – أي الخاطب – أباها لأجل ذلك شيئًا من غير الصداق، فماتت قبل العقد، ليس له استرجاع ما أعطاهم .
وجاء في كشاف القاع على متن الإقناع ... لأن عدم التمام ليس من جهتهم، وعلى قياس ذلك لو مات الخاطب لا رجوع لورثته، وبهذا التعليل يطرد الحكم في الأحوال التي حددها نص المشروع.
أما الهدايا التي لا بقاء لها فقد رُئي أنها لا ترد في جميع الأحوال، أخذًا بمذهب الحنفية، وما حققه منهم قاضيخان، وجاء في الانقروية وغيرها ولأنها في العادة قليلة الثمن، ولم يجر العرف بردها، وفي الإلزام بردها ما يجافي المروءة والكرامة.
الباب الثاني - أركان الزواج
المادة (8):
في فقه الإمام مالك:
قال ابن الحاجب، وابن شاس، وتبعهما أبو الضياء خليل في مختصره إن أركان الزواج هي الولي، والصداق، والمحل، والصيغة، ولأن المحل زوج وزوجة تكون الأركان المذكورة خمسة.
وقال الحطاب: الظاهر أن الزوج والزوجة ركنان، لأن حقيقة النكاح إنما توجد بهما، والولي، والصيغة شرطان، لخروجهما عن ذات النكاح، وأما الصداق والشهود فلا ينبغي عدهما من الأركان، ولا من الشروط لوجود النكاح بدونهما، لأن المضر إسقاط الصداق، والدخول بلا شهود.
وفي الإجابة عن ابن الحاجب ومن وافقه قيل: أن المراد بالركن ما لا توجد الحقيقة الشرعية بدونه، ونقل عن ابن عرفة ما يفيد الاعتراض على الحطاب بأن الزوجين ذاتان، والنكاح عقد وهو معنى، فلا يصح كونهما ركنين له.
ومذهب أبي حنيفة أن عقد الزواج له ركنان: هما الإيجاب والقبول، لأنها العنصران الذاتيان في ماهية العقد، وبارتباطهما يتعين المراد منهما: ويتحقق الرضا به.
والركن في اصطلاح الحنفية هو ما يكون به قوام الشيء، بحيث يعد جزءًا داخلاً في ماهيته.
والحنابلة يعدون الزوجين الخاليين من الموانع ركنًا ثالثًا مع الإيجاب والقبول، وقد أسقطوه في بعض كتبهم، كالمقنع، ومنتهى الإرادات، لوضوحه.
والشافعية قالوا: إن الأركان خمسة: الصيغة، والزوجة، والشاهدان، والزوج، والولي.
ونظرًا للاختلاف الكبير في أركان الزواج رأى المشرع أن يكون الإيجاب هو ما يصدر أولاً من ولي الزوجة.
والقبول هو ما يصدر ثانيًا من الزوج.
المادة (9):
يستند انعقاد الزواج بجميع الألفاظ التي تفيد معناه لغةً أو عرفًا إلى ما اختاره ابن تيمية، والقول الأصح عند الشافعية وإلى القاعدة الفقهية: أن العبرة في العقود للمعاني دون الألفاظ والمباني.
والمقصود باللغة ما يشمل العربية وغيرها، ولو كان العاقدان قادرين على النطق بالعربية.
فإذا كان العقد بين غائبين، في بلدة واحدة أولاً، جاز أن يكون الإيجاب بالكتابة، أو بواسطة رسول، للعجز عن المشافهة، وهي الأصل في التعبير، فلا يقبل سواها من الحاضر القادر على الكلام.
وإذا كان أحد العاقدين عاجزًا عن النطق يصح إيجابه أو قبوله بكتابته، فإن تعذرت فبإشارته المفهمة، ويشمل التعذر ما إذا كان الموجب أو القابل لا يكتب أصلاً، أو كان يكتب، ولكنه عجز عن الكتابة لشلل أو نحوه.
وعدم الانعقاد بإشارة الأخرس القادر على الكتابة مفهوم من ظاهر الرواية عند الحنفية، واختاره جمع من محققيهم، وهو أحوط الروايتين، لخطورة الزواج، وحاجته إلى الوضوح التام في التعبير عن الإرادة، والكتابة أدل وأوضح من الإشارة وهذا يسري على معتقل اللسان، والمريض الذي لا يقدر على النطق.
ويلحظ أن المادة الثامنة عينت الإيجاب والقبول طريقًا لانعقاد الزواج، وقد حصرت المادة التاسعة وسائل التعبير عنهما، فنفي المشروع نفيًا باتًا احتمال انعقاد الزواج بالتعاطي، كما لو دفع لامرأة مبلغًا كمهر، فقبضته وسلمت نفسها إليه دون إيجاب وقبول، فهو مجرد تراضٍ بينهما على المعاشرة، وسفاح محض، وقد أجمع الفقهاء على عدم انعقاد الزواج به.
وقال ابن القيم ... فلو انتفت مفسدة الزنى بذلك لكان هذا من أيسر الأمور عليها وعلى الرجل.
الباب الثالث - شرائط عقد الزواج

الفصل الأول: الصيغة:

المادة (10):

( أ ) الأصل في كل العقود هو التنجيز باستثناء ما لا يقبله بطبيعته، كالوصية، فصيغة عقد الزواج تكون مطلقة من كل قيد، خالية من الإضافة إلى المستقبل، والتعليق على شرط، ومن الواضح أن التعليق على أمر كائن هو تعليق صوري، فالصيغة فيه منجزة، ومثله ما يتحقق في مجلس العقد.
أما العقد المعلق على أمر غير محقق الوجود في الحال أو في المجلس، فإنه لا ينعقد سواء أكان وقوعه فيما بعد محققًا، أم محتملاً، أم مستحيلاً.
وعدم انعقاد الزواج المضاف إلى المستقبل، مثل: تزوجتك بعد شهر معناه ألا ينعقد في الحال، ولا عند حلول الزمن المضاف إليه، لإن الإضافة إلى زمن مستقبل تنافي موجب الزواج.
وسار المشروع في هذه الأحكام وفق المذهب الحنفي، ولم يستحسن الأخذ ببعض الروايات في المذهب الحنبلي التي تجيز تعليق الزواج وإضافته.
واتبع أيضًا رأي الجمهور في بطلان زواج المتعة، والزواج المؤقت، وأعرض عن قول زفر من الحنفية بانعقاد الزواج المؤقت مع إلغاء التوقيت فاعتبره باطلاً، لأن المعنى فيه وفي المتعة واحد، فكل منهما زواج إلى أجل، وإن بلفظ التزويج وحضره الشهود، والعبرة في العقود للمقاصد لا للألفاظ.
(ب) المراد بالموافقة الضمنية أن يكون القبول مخالفًا للإيجاب إلى ما هو خير منه، مثل أن يوجب الزوج على مهر مقداره ألف دينار، فتقبل الزوجة بخمسمائة دينار، أو توجب على خمسمائة، فيقبل على ألف، ففي هاتين الصورتين وأمثالهما تكون مخالفة القبول للإيجاب صورية، تتضمن موافقة أبلغ، فينعقد الزواج بحسب الإيجاب، ما لم يرضَ الطرف الآخر بما ورد في القبول.
(ج)، (د) الأصل في القبول من الوجهة النظرية، أن يتصل بالإيجاب مباشرةً وفورًا، لينعقد العقد، ولصعوبة ذلك وضع الفقهاء للعقد مجلسًا تعتبر ساعاته وحدة زمنية، فاكتفوا باتحاد هذا المجلس بين الإيجاب والقبول، مهما طالت فترة المجلس وظل قائمًا لم ينقطع، وعلى هذا قرر فقهاء الحنفية قاعدة: إن المجلس يجمع المتفرقات فما يوجد في آخر المجلس يعتبر كالذي يوجد في أوله من حيث وحدة الزمن.
فإذا انقطع المجلس بشيء يدل على الإعراض عن الإيجاب، أو بطلت أهلية الموجب، ثم صدر القبول لم ينعقد العقد.
ومن الملحوظ أن الغائب المخاطب بالإيجاب كتابة أو رسالة إذا تلا الكتاب أو سمع الرسالة، وليس في المجلس شهوده فتريث المدة المعقولة يلتمس الشهود، ليتلو عليهم مضمون الكتاب، أو الرسالة، ويقبل، فإن ذلك لا يعتبر قاطعًا لمجلس العقد، ولا يفوت به اتحاد المجلس.
وقد اشترط المشروع في التعاقد بين الغائبين بطريق الكتابة أو الوصول أن ينشأ القبول في مجلس قراءة الكتاب، أو إبلاغ الرسول، فلم يأخذ المشروع بما جاء في مبسوط شيخ الإسلام خواطر زاده، وما قرره الرحمتي من أن الغائب الذي أرسل إليه الإيجاب بالكتاب إذا قرأه فلم يقبله في أول مجلس، يجوز له بعد ذلك أن يقرأه في مجلس آخر، متى شاء بحضور شهود، فيكون هذا بمنزلة ما لو تكرر الخطاب من الحاضر في المجلس الثاني، فيصبح القبول مهما طالت المدة بين القراءتين، بحجة اقتران القبول بالإيجاب، إذ مجلس العقد هو مجلس كل قراءة، فإن هذا الرأي محرج لمرسل الإيجاب، فإن المخاطب بالإيجاب قد يتلو الكتاب فلا يقبل، وتطول المدة كثيرًا حتى يصرف المرسل نظره، وييأس من القبول، وقد يتزوج، ثم، يفاجأ بأن المرسل إليه جدد قراءة الكتاب وقبل الزواج، ولا يخفى ما في هذه النتيجة من مشكلات.
هذا، وإن النظر القانوني يقرر في حالة التعاقد بين غائبين أن المخاطب بالإيجاب إذا لم تحدد له مهلة للقبول، يمنح مهلة معقولة منذ اطلاعه على كتاب الإيجاب ليقبل أو يرفض، ويعتبر مجلس العقد قائمًا خلالها.
وقد رأت اللجنة أن هذا الرأي القانوني لا يتنافى مع نظر فقهائنا في مجلس العقد، فأخذت به، لكنها حددت هذه المهلة المعقولة بثلاثة أيام، قطعًا لفوضى التقدير، ما لم يحدد المرسل في الإيجاب مهلة أقل أو أكثر، فحينئذ تتبع المهلة المحددة.
والمستند في تحديد هذه المهلة هو قاعدة الاستصلاح، لأن الموضوع اجتهادي من أساسه، فتحديد المجلس فيه متروك للنظر الفقهي المبني على التقدير المعقول، وفقًا للمصلحة.
أما تحديد المهلة بثلاثة أيام فقد استوحه اللجنة من مهلة خيار الشرط المشروع للتروي، حيث يحددها كثير من الفقهاء بثلاثة أيام أخذًا بظاهر حديث: إذا بايعت فقل لا خلابة، ولي الخيار ثلاثة أيام.
(هـ) سماع كل من العاقدين الحاضرين كلام الآخر شريطة لا بد منها حتى يتحقق معنى التعاقد، وارتباط الإرادتين بالتراضي المتبادل.
والمراد فهم المقصود جملة، لا المفردات والعبارات، فيكفي أن يعرف العاقد أن التعبير يفيد إنشاء الزواج، حتى لو لقن الشخص الإيجاب أو القبول بلغة لا يعرفها فنطق به، عالمًا أن المقصود به عقد الزواج كان ذلك كافيًا.
والفقهاء يطلقون اشتراط السماع، وهم يقصدون العقد بين حاضرين، ولهذا قيد بالحاضرين في الفقرة (هـ).
المادة (11):
الرضا وحده لا يكفي لصحة عقد الزواج، بل لا بد من إخراجه عن نطاق السرية، حتى لا تكون العلاقة بين الزوجين مثار شبهة، أو سوء ظن، ولأن الزواج له آثاره الخطيرة بين طرفيه، والتي تلحق غيرهما كثبوت النسب، ولا يمكن أن يثبت ذلك عند التجاحد إذا لم يكن العقد معلنًا معروفًا، ولهذا اتفقت كل الشرائع على وجوب إعلانه وإشهاره، وإن اختلفت في طرائق الإعلان والإشهار.
وقد اتفق الأئمة: أبو حنيفة، والشافعي، وأحمد، على اشتراط الشهادة على عقد الزواج، ولم يشترط الإمام مالك الشهادة عليه، فاكتفى بالإشهار والعلنية، وقال إن الإشهاد عند العقد مندوب، وعند الدخول واجب، فإن دخل الزوج بزوجته بلا إشهاد فسخ الزواج بطلقة بائنة.
وأجمع الفقهاء على أن يشترط في الشهود، البلوغ، والعقل، والإسلام إذا كان الزوجان مسلمين.
واشترط الجمهور أن يسمع الشاهدان معًا كلام المتعاقدين، وإن يفهما المراد منه، حتى يتحقق الغرض من الشهادة، ولم يشترط الجمهور في البصر.
وذهب أبو حنيفة، وأحمد، وزيد بن علي، وآخرون إلى أن العدالة لا تعتبر.
واشترط مالك، والشافعي، وأحمد في أصح الروايات صفة الذكورة.
وقول أبي حنيفة، وأبي يوسف المفتي به عند الحنفية أنه تصح شهادة كتابيين في زواج المسلم بالكتابية، وهذا أحد الأقوال عند الحنابلة.
وممن جعل الإشهاد شرطًا، عمر، وعلي، وابن عباس، والشعبي، وابن المسيب والأوزاعي.
قال الترمذي: والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ومن بعدهم من التابعين، وغيرهم قالوا: لا نكاح إلا بشهود، لم يختلفوا في ذلك من مضى منهم إلا قوم من المتأخرين من أهل العلم.
وأخذت هذه المادة من مذهب أبي حنيفة ومن وافقه، وفي أحكامها تيسير، ودفع للحرج، مع مراعاة للمصلحة، والعدل، ورأي الكثير من المجتهدين.
وأما شرط الذكورة في الشاهدين فقد أخذ من مذهب مالك.
وواضح أن الشهادة في عقد الزواج يقصد منها - أصلاً - الإعلان الواجب في هذا العقد، لا إثباته ذلك إنه قد يكون شهود الزواج غير صالحين لإثباته شرعًا، كأن يتزوج مسلم بكتابية بشهادة كتابيين، فإن شهادتهما على المسلم لا تقبل.
وعلى هذا يبقى أمر إثبات الزوجية خاضعًا لطرق إثباتها.
الفصل الثاني


العاقدان


الفرع الأول: الحل والحرمة:

المادة (12):

إن المرأة بالنسبة إلى رجل معين قد يحل له أن يتزوجها وقد تكون حرامًا عليه.
فالنساء بهذا الاعتبار ينقسمن إلى: محللات، ومحرمات:
والمحرمات محصورات بالنص، وما وراءهن هن المحللات.

المبحث الأول: الحرمات المؤبدة:

المادة (13):
الحرمات المؤبدة، أسبابها: النسب، والمصاهرة، والرضاع، وعبرت المادة بالشخص، ليشمل الرجل والمرأة ذلك بأن هذه الأسباب المحددة إذا تحققت أوجبت حرمة النساء على الرجل، كما توجب حرمة الرجال على المرأة.
وفروع الأبوين تشمل: الأخوات من أي الجهات، وبنات الإخوة، والأخوات كذلك، وبنات أولاد الإخوة والأخوات كذلك مهما نزلن.
والطبقة الأولى من فروع الأجداد تشمل: العمات، والخالات، والأعمام، والأخوال ولو كانوا لأب أو لأم فقط، أما أولاد هذه الطبقة، وهم أولاد هذه الطبقة، وهم أولاد العمات والأعمام، وأولاد الخالات والأخوال، فيحل زواج بعضهم من بعض.

المادتان (14، 15 ):
جاء في الموطأ عن مالك أن حرمة المصاهرة لا تثبت بالزنى، وهذا هو المعتقد عند الملكية، وهو مذهب الشافعي.
ويرى الحنفية أن حرمة المصاهرة تثبت في جميع صورها بالزنى ودواعيه، ومنه اللمس بشهوة، وبعض حالات النظر، إقامة للوسائل والمقدمات مقام الغايات في الحكم.
وقال الشافعي عند مناظرته في هذه المسألة لمحمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة: وطء حمدت به، ووطء رجمت به، فكيف يشتبهان ؟.
وظاهر أن الاجتهاد الحنفي فيه ما فيه من حرج، ومثله الحنبلي، ولكن مذهب الشافعي ومن وافقه يؤدي إلى حل الزواج بالفرع من الزنى، وفي هذا من البشاعة ما فيه، لذلك أخذ في تحريم الفرع مهما نزل باجتهاد الحنفية، وأخذ بمذهب الشافعي ومعتمد المالكية فيما سواه.
ويلحظ أن مقدمات الزنى لم يبقَ لها من تأثير فيما أخذ به المشروع، فلا توجب حرمة المصاهرة أصلاً، وأن التعبير هنا بالشخص يشمل بنت الزاني وابن الزانية على حد سواء.

المادة (16):
( أ ) أجمع الأئمة على أنه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب وهذا هو نص الحديث النبوي، ويستثنى الحنفية من عمومه صورًا عديدة، هي في الحقيقة ليست استثناءً، لانقطاع الصلة الحقيقة بين الطرفين فيها، وإنما هي صورية فقط عن طريق الاسم.
ومن هذه الصورة الرضاعية، أم الأخ أو الأخت، وأخت الابن أو البنت، وجدة الابن أو البنت، أم العم أو العمة، وأم الخال أو الخالة....
(ب) وقد اتفق جمهور الأئمة الأربعة على أنه يحرم من الرضاع ما يحرم من المصاهرة، لما ثبت أن الرضاع ينشئ صلة أمومة وبنوة بين المرضع والرضيع، فتكون التي أرضعت كالتي ولدت، كل منهما أم، فأم الزوجة رضاعًا كأمها نسبًا، وبنتها رضاعًا كبنتها نسبًا، وكذلك يكون المرضع أبًا للرضيع، والرضيع ظل فرعالة فزوجة الأب الرضاعي كزوجة الأب النسبي، وزوجة الابن الرضاعي كزوجة الابن النسبي.
وبهذا صيغت الفقرة (ب).

المادة (17):
المدة التي يقتضي الرضاع فيها التحريم هي حولان بالأهلة من وقت ولادة الطفل، فلا يحرم منه إلا ما كان فيهما، وهذا قول، عمر وابن عباس، وابن مسعود، وأبو هريرة، وابن عمر، وإليه ذهب أبو حنيفة وأصحابه، ومالك، والشافعي، وأحمد، والنوري، وآخرون، ويجرى عليه العمل الآن.
أما مقدار الرضاع المحرم فهو ما وصل إلى الجوف وإن قل، ولو كان قطرة واحدة عند مالك، وأبي حنيفة والعترة، ومن وافقهم.
وعدل المشروع عن ذلك، لما فيه من إحراج الناس بأضيق الاجتهادات في الحل والحرمة، واتبع أعدل الآراء في هذا الموضوع وأصلحها للعمل بها في الزمن الحاضر، الذي يحسن فيه تيسير سبل الزواج، فأخذ بأن يبلغ الرضاع خمس رضعات، على وجه اليقين في العدد، يشبع الرضيع في كل منها بأن يترك الثدي من تلقاء نفسه دون أن يعود إليه، ولا ينزع من فيه انتزاعًا.
وذلك قول ابن مسعود، وعبد الله، وعروة ابني الزبير، وعائشة وعطاء، وطاوس، وابن جبير، وهو مذهب الليث، والشافعي، وإسحاق، وابن حزم، وجماعة من أهل العلم، وظاهر مذهب أحمد، وروي عن الإمام على رضي الله عنه.

المبحث الثاني: الحرمات المؤقتة:

المادة (18):
عدم انعقاد الزواج في الحالات (1، 2، 3) جاء في فقه المذاهب، أخذًا من صريح نصوص القرآن والسنة، ودلالاتهما.
ومن المقرر أن المرتد والمرتدة عن الإسلام يعتبران كالملحدين غير ذوي دين، ولو أنهما اعتنقا دينًا آخر.

المادة (19):
يحرم الزواج بزوجة الغير، وبمعتدته قبل انقضاء عدتها أيًا كان سبب الفرقة، ومثل الزواج الصحيح في ذلك كل من الزواج الفاسد بعد الدخول، والدخول بشبهة، ودليل هذا التحريم هو النص القرآني ودلالته، والإجماع، والحكمة فيه حفظ الأنساب، وعد اختلاطها، ومنع التعدي على حقوق الغير.

المادتان (20، 21 ):
اتبع المشروع في تحريم الجمع بين محرمين مذهب جمهور الفقهاء، فإن القرآن الكريم حرم الجمع بين الأختين، وجاء في السنة النبوية: لا تنكح المرأة على عمتها، ولا على خالتها، ولا على ابنة أخيها، ولا على ابنة أختها، فإنكم إن فعلتم قطعتم أرحامكم قاس الجمهور على هؤلاء أشباههن في درجة القرابة وخصائصها، فلا حرمة في أن يجمع الرجل بين امرأة وبنت زوج كان لها من قبل، لأن امرأة الأب لو فرضت رجلاً، جاز أن يتزوج هذه البنت، وفعل ذلك بعض السلف الصالح، ومن الثابت أن عبد الله بن جعفر جمع بين ليلى بنت مسعود امرأة الإمام ( علي ) وبنت ( لعلي ) من غيرها.
وقد ذهب زفر إلى أنه يكفي لتحريم الجمع أن تكون واحدة منهما لو فرضت رجلاً لم تحل له الأخرى، وهذه توسعة لدائرة التحريم تخالف ما عليه الجمهور، وكما يحرم الجمع بين محرمين حال قيام زواج الأولى منهما فإنه يحرم وهى في العدة حتى تنقضي عدتها إن كانت ذات عدة، سواء أكان الطلاق رجعيًا أم بائنًا، أما الرجعي فباتفاق الأئمة، لأن قيد الزواج لا يرتفع إلا بعد انقضاء المدة، وأما البائن ففيه خلاف مالك، والشافعي، والجعفرية، وقد قال الحنفية، والحنابلة: أن بعض أحكام الزواج الأول تبقى بعد الطلاق البائن حتى تنقضي العدة، كالمنع من الخروج، وثبوت النسب لو جاء بولد، فعلائق الزواج لا تنقطع كلها بالبائن، بل يبقى بعضها، ما دامت العدة، فلا يجوز الجمع.
وقد اختار المشروع ذلك فلا يتزوج الرجل أخت مطلقة، ومن في حكمها، حتى تقطع علائق الزواج بينه وبين الأولى انقطاعًا كليًا، فهذا هو الأليق والأنسب بحكمة التشريع.
ودليل تحريم الزيادة على الأربع قول الله تعالي فأنكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع.....
وقد بينت السنة المراد من الآية، واتفق عليه الأئمة الأربعة، وجمهور المسلمين، فمن كان له أربع نسوة، في زواج صحيح، فلا يجوز أن يتزوج خامسة حتى توجد الفرقة بينه وبين إحداهن، وتقضي عدتها إن كان لها عدة، سواء كن جميعًا في عصمته، لا فرقة بينه وبين إحداهن، أو كن جميعًا معتدات له، أو كان بعضهن في العصمة، وبعضهن في العدة، وعدة البائن هنا كعدة الرجعي على ما سلف بيانه.

المادة (22):
صيغت هذه المادة بحيث يشمل حكمها الزوجة التي يجري التفريق القضائي بينها وبين زوجها، ويكمل ثلاث طلقات، متى كانت الفرقة تعتبر طلاقًا، حسب نصوص هذا القانون.

المادة (23):
حرص المشروع على ما في التشريع القائم من صيانة الأسرة، فأبطل عمل الذين يسعون في التفريق بين المرء وزوجه، بتحريض الزوجة على مضارة زوجها، أو إغرائها بمال أو سواه، حتى يتوصلوا إلى الزواج بمن تقع في حبائلهم.
ومن يطالع كتب التاريخ والفقه يجد هذه الحوادث تترى منذ القرن الأول الهجري، وإن المذهب المالكي عالجها بتحريم الزواج الثاني، ونسخه إذا تم، وذهب في هذا التحريم إلى قولين: أولهما: أن يكون مؤبدًا، وثانيهما: عدم تأبيد التحريم.
قال الأبي المالكي: انظر ما يتفق كثيرًا أن يسعى إنسان في فراق زوجة من زوجها، هل يمكن من تزويجها إذا ثبت سعيه في ذلك؟ فأفتى بعض أصحابنا أنه لا يمكن من ذلك، ونقل من يوثق به أن ابن عرفة وافق عليه وهو الصواب، لما فيه من الفساد، واستظهر الفسخ قبل البناء وبعده، لأن الفساد في العقد.
وسئل أبو الحسن الصغير عن رجل خيب على رجل امرأته حتى طلقها، فلما تمت العدة خطبها المتهم بتخبيبها، فهل يمكن من نكاحها أن ثبت بالبينة، أو بالسماع الفاشي ؟ فقال: يمنع ولا يمكن منه.
وفي حاشية العدوى على شرح الخرشي لمختصر خليل: من أفسد امرأة على زوجها، فطلقها زوجها، ثم تزوجها المفسد بعد انقضاء عدتها، فلا يتأيد تحريمها عليه، وذلك لا ينافي أن نكاحه يفسخ قبل البناء وبعده.
وأورد الزرقاني القولين، وبين أن عدم التأبيد هو المشهور، وإن ذلك لا ينافي ما قاله الأبي عن ابن عرفة، لأن استظهار فسخه بعده معاملة له بنقيض مقصودة لا يقتضي تأبيد حرمتها عليه.
وفي حاشية الدسوقي على الشرح الكبير:
الذي يفسد المرأة على زوجها حتى يتزوجها، فقيل: يتأبد فيها التحريم، وقيل: لا يتأبيد فيها التحريم، وإنما يفسخ نكاحه فإذا عادت لزوجها وطلقها، أو مات عنها جاز لذلك المفسد نكاحها، وهذا هو المشهور.
وأوضح أن تحريمها المؤقت على هذا المخادع لا يحرمها على سواه، فلها بعد الفسخ منه أن تتزوج غيره، كما أن لها أن تعود إلى زوجها الأول.
وعلى أساس المشهور في المذهب المالكي جاءت هذه المادة تؤكد منهج الدولة في استدامة بناءً مجتمع فاضل، لا يمدن فيه رجل عينيه إلى حليلة غيره، وهو يعرف أن القانون بنصوصه الواضحة لا يصلح عمل المفسدين.
الفرع الثاني: الأهلية والولاية:


البحث الأول: أهلية الزواج والنيابة في عقده:


المواد: (24، 25، 26، 27، 28 ).

جمهور المجتهدين، ومنهم الأئمة الأربعة، على أنه لا يشترط البلوغ في أهلية الزواج، فيصح أن يزوج الأولياء الصغير والصغيرة وإن كانا في المهد.
وخالفهم عبد الرحمن بن شبرمة، وعثمان البتي، والأصم، فمنحوا زواج الصغار واعتبروه باطلاً، وحجتهم قوله تعالي: (وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح، فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم...).
فهذا النص يدل على أن بلوغ سن الزواج هو علامة انتهاء الصغر، فلو كان الزواج يصح في سن الصغر لما كان لهذه الغاية معنى.
ورأي هؤلاء أنه لا فائدة للصغير والصغيرة من هذا الزواج الذي شرعه الله لخير المجتمع وسعادة أفراده، وللسكن النفسي، والتناسل، ولا يتحقق شيء من هذا في زواج الصغار، وقد يكون فيه ضرر بالغ بهم بإجبارهم على حياة لا يتأكد فيها الانسجام بين الزوجين.
وقال الثوري، وطاووس، وقتادة، ومعمر: إذا زوج الصغيرين أبواهما أو غيرهما فماتا قبل أن يدركا فلا ميراث بينهم.
والجمهور لا يشترطون العقل أيضًا في صحة عقد الزواج، ولكن عند الشافعية أنه لا يزوج مجنون، ولا مختل صغير مطلقًا، ولا يزوج مجنون، ولا مختل كبير إلا لحاجة مثل توقع شفائه، وفي توقع الشفاء رأيان، أولهما: شهادة عدلين من الأطباء، والثاني: شهادة طبيب عدل. وفي فقه أحمد أن أبا بكر قال: ليس للأب تزويج البالغ المعتوه بحال ويرى القاضي جواز تزويجه عند الحاجة كالشافعي. أما المجنونة فيرى أنه لا يزوجها إلا لحاكم.
وقال ابن حزم: إن المجنون والمجنونة الكبيرين لا يزوجهما أحد لا أب ولا غيره.
ولاحظ المشروع ما لعقد الزواج من الأهمية في الحالة الاجتماعية من جهة سعادة الأسرة أو شقائها. والقدرة على إنجاب نسل قوي والعناية به، وما أوجبه تطور الزمن من استعداد كبير لحسن القيام بشؤون الأسرة، وإن زواج الصغار مجلية للأمراض: يضني الشباب، ويمنع الفتاة نموها الطبيعي، وأن توارث الأمراض العقلية يحول دون بناء مجتمع سليم.
وتأسيسًا على ما سبق، وعلى أن الزواج شركة العمر فلابد أن يتم باختيار صحيح، وعلى حق ولي الأمر في تقييد المباح، بناءً على رأي أهل العلم والدين، إذا أدى المباح إلى ضرر عام – اشترط المشروع البلوغ والعقل في أهلية الزواج، وجعل القاضي هو الذي يأذن بزواج المجنون أو المعتوه، من الجنسين، إذا ثبت أن الزواج يفيد في شفائه، وعلم بحاله الطرف الآخر ورضي به، ومنع التوثيق الرسمي لعقد الزواج أو المصادقة عليه إلا أن يبلغ الفتى والفتاة السن المحددة.
وواضح أن المنع من التوثيق لا ينافي صحة زواج من بلغ بلوغًا طبيعيًا من الجنسين قبل هذه السن، إذا وقع الزواج مستوفيًا شرائطه حسب هذا القانون، وإن النسب يثبت في هذا الزواج.
كما أخذ المشروع بأن زواج كل من المكرة والسكران، ذكرًا كان أو أنثى غير صحيح، ومأخذ ذلك في الإكراه مذهب الشافعي، وما قرره ابن القيم، وفي زواج السكران قول الليث، والزهري والبتي، وفريق من المالكية، وهو أصح القولين وأشهرهما عند الإمامية، ووضحه ابن القيم دون فرق بين سكر مباح، وسكر غير مباح، لأن المدار هو صحة الإرادة.
وصيغت المواد (24)، (25)، (26) وفق هذه الأحكام.
أما المادتان: (27)، (28) فإن مصدرها فقه مالك، وأبي حنيفة، وأحمد.
المبحث الثاني: الولاية في الزواج:

المواد: (29، 30، 31، 32، 33 ):
يجري العمل الآن على أن الأب الرشيد له ولاية التزويج جبرًا على بنته البكر البالغة، ولو كانت عانسًا بلغت ستين سنة أو أكثر، حسب المشهور في فقه مالك، ومن ثم له أن يزوجها بغير إذنها وبدون رضاها رجلاً أعمى، أو قبيح المنظر، أو أقل حالاً أو مالاً منها، أو بربع دينار، ولو كان مهر مثلها قنطارًا، ويسري حقه في هذا الإجبار على بنته الصغيرة بكرًا أو ثيبًا، وإذا اختار وصيًا أمره بتزويج بناته جبرًا، أو عين له الزوج، كانت للوصي ولاية الإجبار بشرط أن يبذل الزوج مهر المثل، ولا يكون فاسقًا.
وقال الحنفية: لا بد من اعتبارها رضا البكر البالغة، ولا يملك أحد إجبارها على الزواج.
وقال الشافعي: بولاية الإجبار على البكر البالغة لأبيها، ثم لجدها العاصب.
وتعددت الروايات عن أحمد، ومنها ما يوافق مالكًا، ومنها ما يوافق أبا حنيفة.
وفي نيل الأوطار: وظاهر أحاديث الباب أن البكر البالغة إذا زوجت بغير إذنها لم يصح العقد، واليه ذهب الأوزاعي، والثوري، والعترة، والحنفية، وحكاه الترمذي عن أكثر أهل العلم، وذهب مالك، والشافعي والليثي وعدنان وأبو ليلى، وأحمد، وإسحق إلى أنه يجوز للأب أن يزوجها بغير استئذان، ويرد عليهم ما في أحاديث الباب.
ولا شك أن الراجح ما ذهب إليه الحنفية ومن وافقهم، لرجحان أدلتهم وقوتها.
والجمهور على أن البالغة العاقلة لا يصح أن تتزوج إلا بولي، ولا تملك تزويج نفسها.
وذهب قوم منهم أبو حنيفة، وزفر، وأبو يوسف في ظاهر الرواية إلى أنها تتولى عقد زواجها بنفسها، بكرًا كانت أو ثيبًا، دون ولي، وينفذ زواجها ويلزم إذا كان الزوج كفئًا والمهر مهر المثل، وقال محمد بن الحسن إنها إذا زوجت نفسها ولها ولي، فإن زواجها يتوقف على إجازته، فلا بد أن تتلاقى إرادتها مع إرادته، ويشتركا في الأمر، وذهب إلى أن الأولياء هم العصبة فقط، وليس لغيرهم ولاية، وإنما هي من بعدهم للحاكم.
ورأي أبو ثور أنها إذا باشرت العقد بعد رضا الولي صح العقد.
ويقول ابن القيم: إن البكر البالغة العاقلة الرشيدة لا يتصرف أبوها في أقل شيء من ملكها إلا برضاها، ولا يجبرها على إخراج اليسير منه بدون إذنها، فكيف يجوز أن يخرج نفسها منها بغير رضاها؟.
وقد رُئي أن الفترة ما بين البلوغ الطبيعي وبلوغ سنة الخامسة والعشرين مرحلة حرجة للفتيات، لم تتهيأ فيها نفوسهن للتبصر ومقاومة المخاطر، ولا تمتد فيها أنظارهن إلى المستقبل البعيد، وإطلاق الحرية في هذه الفترة، بتطبيق الراجح في الفقه الحنفي أو إجبارهن على الزواج بمن يختاره الولي كما جاء في مذهب مالك، كان من جرائه الكثير من المآسي، فدرءًا لذلك كله، وإقامة للأسرة على أساس حكيم، اختار المشروع أن زواج الفتاة ما بين بلوغها الطبيعي وتمام الخامسة والعشرين يشترط فيه اجتماع رأيها ورأي الولي، وإن أولياء التزويج هم العصبة بالنفس حسب ترتيب الإرث، يليهم القاضي حسب رأي الإمام محمد ومن وافقه، وقصر هذه الولاية على الفتاة في هذه المدة، وعلى المجنون والمعتوه، ذكرًا أو أنثى، دون سواهم، وقرر للولي أن يباشر عقد زواج بنته التي أتمت الخامسة والعشرين بعد أخذ رأيها، مراعاة للتقاليد، وحفاظًا على مكانة الولي، وقد وكل الأمر في حالة العضل إلى القاضي، ليأمر أو لا يأمر بالتزويج، أخذًا بما نص عليه المالكية والشافعية، من انتقال الولاية حينئذ إلى القاضي لا إلى الولي الأبعد.
ولولي الفتاة غير المحرم أن يزوج نفسه من موليته برضاها، لأنها تتصرف في حق خالص لها. وهو نفسها.
ويصح زواج السفيه ولو كان محجورًا عليه، لأن الحجر يكون في التصرفات المالية.
أما الزواج فتصرف شخصي وليس موضع حجر، فيجوز الزواج، ولا يثبت من المهر أكثر من مهر المثل، إذا كان الزوج سفيهًا، ويثبت للزوجة مهر المثل إذا كانت سفيهة.
ومصدر المادتين:32، 33 هو الفقه الحنفي.

الفرع الثالث: الكفاءة:


المادة (34):

يراد بالكفاءة في الزواج ألا يكون الزوج دون الزوجة بحيث تتعير به هي وأولياؤها، وإنما ينظر إليها وقت العقد، فإن تحققت لم يؤثر زوالها بعده، لما في اعتبارها في حالة البقاء من الحرج الشديد، ولا سيما بعد الدخول، والولادة، وطول العشرة، ودوام الحال من المحال، والحرج مدفوع شرعًا، ولا عار في تغير الحال.
وهي حق لكل من المرأة ووليها، فلكل منهما أن يطلب فسخ العقد عند فواتها، وإذا اسقط أحدهما حقه لم يؤثر ذلك في حق الآخر.

المادة (35):
اختلف العلماء في تحديد عناصر الكفاءة، ومنها ما تخالفه مقاييس هذا العصر، واعتبار الدين وحده، على أنه حق المرأة ووليها، هو فقه مالك المتبع الآن، والمنقول عن عمر، وابن مسعود، وابن سيرين، وعمر بن عبد العزيز، وحماد. وقد انتصر البخاري له في صحيحه. ويدل عليه قوله تعالى: (إن أكرمكم عند الله أتقاكم). والحديث النبوي: إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، ألا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض.
فرأت اللجنة أن تصرح بعنصر الدين، لكي يبرز في الكفاءة بصورة واضحة، ويكفي فيه ظاهر العدالة، فلا تتزوج عفيفة بفاجر مستهتر، وهو يتناول الأخلاق الفاضلة، ولا سيما ما تحتاج إليه في حياتها السياسية والاجتماعية، والاقتصادية.

المادة (36):
إن التفاوت الفاحش في السن بين الزوجين كان موضع استهجان قديمًا وحديثًا، ذلك بأنه لا تقوم به حياة زوجية سوية، ويقصد به غالبًا تحقق رغبة أولياء الزوجة في الاستفادة بمال الزوج أو جاهه، ولم يغب هذا عن أنظار فقهائنا، فقد رأى الروياني أن الشيخ ليس كفئًا للشابة، وقرر فقهاء الشافعية أن قول الروياني ضعيف، ولكن تنبغي مراعاته.
وحذر فقهاء الحنابلة من هذا الزواج، لأنه ربما حمل الفتاة على ما لا ينبغي.
ونصح الحنفية للأب ألا يزوج بنته الشابة كبيرًا في السن.
ودرجت قوانين الأحوال الشخصية في بعض البلاد العربية على تحديد مدى التفاوت، بينما وضع حدود في جميع مراحل العمر أمر مشكل، وركاز الشكوى في حالات زواج السنين والشراب هو ما يمليه عليهن أولياؤهن.
فرأت لجنة المشروع علاج ذلك باعتبار التناسب في السن حقًا للزوجة وحدها، تنفرد هي بالرأي فيه، كما أفردها الفقه المالكي بحق الخيار إذا أراد زواجها رجل به عيب يوجب فسخ الزواج: وذلك ما سارت عليه مدونة الأحوال الشخصية للمملكة المغربية بالفصل/ 15 من الظهير الشريف الصادر في 28 من ربيع الثاني 1377هـ. وبهذا لن يكون تفاوت العمر بين الزوجين إلا برضا الزوجات أنفسهن، وكل إنسان على نفسه بصيرة.

المادة (37):
لم يجمع الفقهاء على اشتراط الكفاءة، فإن منهم من لا يعتبرون الكفاءة في الزواج، كأبي الحسن الكرخي، وأبي بكر الجصاص، ومن تبعهما من مشايخ العراق، وروي ذلك عن أبي حنيفة نفسه فيما حققه صاحب رد المحتار وصاحب الدرر. ورعاية لاستقرار الأسرة تقرر أن الولي في الكفاءة هو الأب. ثم الابن، ثم الجد العاصب، ثم الأخ الشقيق، ثم الأب، ثم العم الشقيق، ثم لأب فقط، لأن هؤلاء هم الذين يتأثرون في مجتمعنا بعدم الكفاءة، وبالنسبة لمن عداهم من الأولياء أخذ المشروع برأي من لا يعتبرون الكفاءة في الزواج. والمقصود بحق طلب الفسخ لعدم الكفاءة هو حماية سمعة الأسرة لا حماية الحقوق المالية للمرأة، فيثبت هذا الحق للأولياء المذكورين، ولو جاوزت المرأة سن الخامسة والعشرين.

المادة (38):
أوردت هذه المادة حكم التغرير بالكفاءة، فإذا ادعاها الرجل ثم تبين أنها لم تكن قائمة وقت العقد، جاز لكل من المرأة ووليها حق طلب الفسخ للتغرير الذي لازم العقد فأفقده حقيقة الرضا.

المادة (39):
إذا حملت الزوجة أصبح في فسخ الزواج لنقص الكفاءة ضرر يتعدى إلى الوليد، وإذا انقضت سنة على العلم بالزواج ازداد حق الكفاءة ضعفًا، ومن رضى فقد أسقط حقه، والساقط لا يعود، ولهذا، وأخذًا برأي النافين لاعتبار الكفاءة تقرر سقوط الحق في طلب الفسخ في الحالات المذكورة، لأن الأولى هو استقرار الأسرة.
ونصح الحنفية للأب ألا يزوج بنته الشابة كبيرًا في السن.
ودرجت قوانين الأحوال الشخصية في بعض البلاد العربية على تحديد مدى التفاوت، بينما وضع حدود في جميع مراحل العمر أمر مشكل، وركاز الشكوى في حالات زواج المسنين والشباب هو ما يمليه عليهن أولياؤهن.

الفرع الرابع


اقتران العقد بالشرط


(المواد: 40، 41، 42 ):

ازدادت في هذا العصر حاجة الناس إلى المشارطات في عقد الزواج، إذ يرغب كل إنسان أن يؤسس حياته وفق ظروفه الخاصة، وقد اتسع مجال الحرية الفردية، وكثرت الحوادث التي يسيء فيها الرجل معاملة زوجته حتى صارت حافزًا إلى التفكير في أن تحمي المرأة نفسها ومصالحها بشروط تشترطها في العقد.
وأهمية هذه الشروط تنشأ من أنه كثيرًا ما تتقدم عقد الزواج محادثات بين الزوجين، أو من يمثلهما من الأهل والأصدقاء، تتضمن عهودًا، ووعودًا لولاها ما أقدم أحدهما على الزواج، ثم لا توفي العهود ولا تنجز الوعود، فيبزغ الشقاق، وتسوء العشرة.
والشروط – بوجه عام – مكروهة عند مالك رحمه الله، وقد جاء عنه أنه نهى الناس أن يتزوجوا بالشروط، وكتب بذلك كتابًا، وصيح به في الأسواق، وبين فقهاء مذهبه أن الشروط ثلاثة أقسام.
الأول: ما يقتضيه العقد ولو لم يذكر فيه، مثل: حسن العشرة، وإجراء النفقة على الزوجة، والقسم لها مع أخرى، وعدم الإيثار عليها، وهذا جائز ووجوده وعدمه سواء، لأن حكمه من لوازم العقد فيثبت بالشرط وبدونه.
الثاني: ما يكون مناقضًا لمقتضى العقد في الدوام والأحكام المترتبة عليه، مثل اشتراط الزوج ألا ينفق عليها، أو ألا يقسم لها مع ضراتها، أو ألا يعطيها ولدها، أو شرط ألا ميراث بينهما، أو الخيار لأحدهما أو لهما أو لغيرهما، وهذا النوع لا يجوز اشتراطه، ويجب به فسخ الزواج قبل الدخول وبعده. وقيل: يفسخ قبل الدخول، ويثبت بالدخول ويسقط بالشرط، وهذا هو المشهور. وفي رأي مالك أنه إذا أسقطه المشترط صح العقد وإن تمسك به فسخ العقد.
الثالث: ما لا يقتضيه العقد ولا يكون منافيًا له، وللزوجة فيه غرض صحيح، مثل: ألا يتزوج عليها، أو لا يخرجها من دارها أو بلدها، وهو لا يفسخ العقد قبل الدخول ولا بعده، ولا يلزم الوفاء به، وهو مكروه لما فيه من التحذير، والحنفية أطالوا الكلام في الشروط، غير أنهم لم يعنوا بتقسيمها، ويظهر مما قرروه أنه لا تأثير لما يشترطه أحد الزوجين على الآخر في عقد الزواج، فشروط العقد إلا أقلها تعتبر فاسدة إذا فهم معنى الفساد على أنه عدم لزوم الشرط والوفاء به.
ويرى الشافعية، على ما جاء في الأم، وشرح مسلم للنووي، أن الشروط الجائزة هي التي تكون من مقتضيات ومقاصد العقد، كالعشرة بالمعروف، وعدم التقصير في شيء من حقوق الزوجة. أما الشروط التي لا يقتضيها العقد ولا تتفق مع نظامه فهي باطلة والعقد صحيح، مثل: أن تخرج من البيت متى شاءت، أو ألا يتزوج عليها، أو ألا يسافر بها من بلدها.
وفقهاء مذهب أحمد بن حنبل قسموا الشروط إلى ثلاثة:
الأول: ما يبطل به الزواج، ومنه: التأقيت، والخيار، والشغار، وورد في كل منها أقوال ووجوه.
الثاني: ما يبطل فيه الشرط ويصح الزواج، مثل: عدم المهر أو النفقة أو القسم، أو أن يقسم لها أكثر أو أقل، وروعي الخلاف في ذلك، فجاء عن أحمد أن هذا الشرط فاسد دون العقد، وقيل بفساد كل من الشرط والعقد، واختار ابن تيمية صحة الشرط والعقد. ومن صححوا العقد دون الشرط ذهبوا إلى أن من فات غرضه من الشرط له الحق في فسخ العقد مجانًا إذا كان جاهلاً بفساد الشرط عند العقد. فإن لم يكن جاهلاً بفساده عند العقد فلا يكون له الفسخ. ومن قالوا بصحة الشرط والعقد جعلوا للمشترط الحق في الفسخ إذا لم يوفَ له بشرطه. وتكلم الحنابلة في اشتراط الأوصاف، مثل أن يكون الزوج طبيبًا، أو الزوجة بكرًا، فقالوا: إذا اشترط الزوج السلامة، أو شرط الجمال فبانت شوهاء، أو شابة فبانت شمطاء، أو بكرًا فبانت ثيبًا فله الفسخ.
وقال أصحاب أحمد: إذا شرطت فيه صفة فبان بخلافها فلا خيار لها إلا في شرط الحرية، وفي شرط النسب وجهان، وفي زاد المعاد أن الذي يقتضيه مذهب أحمد وقواعده أنه لا فرق بين اشتراطه واشتراطها، بل إثبات الخيار لها إذا فات ما اشترطته أولى، لأنها لا تتمكن من المفارقة بالطلاق، فإذا جاز له الفسخ مع تمكنه من الفراق بغيره فلن يجوز لها الفسخ مع عدم تمكنها أولى... فإذا اشترطته شابًا جميلاً صحيحًا فبان عجوزًا مشوهًا، أعمى، أطرش، أخرس، فكيف تلزم به وتمنع من الفسخ، هذا في غاية الامتناع والتناقض والبعد عن القياس وقواعد الشرع. وقد اختار ذلك ابن تيمية، وأخذه عن القاضي أبي يعلى وغيره.
الثالث: ما يلزم الوفاء به كشرط نقد معين تأخذ منه مهرها. أو زيادة في مهرها على مهر مثلها، ونحوه مما لها فيه غرض صحيح، فإن لم يفِ الزوج فلها الفسخ وهو لازم للزوج ليس له فكه بدون إبانتها، ولا يسقط إلا بما يدل على رضاها من قول أو تمكين.
ويقول الإمامية: لو شرط في العقد محرمًا بطل الشرط دون العقد، ولو اشترط ألا يخرجها من بلدها لزم الشرط. ويجوز أن تشترط ألا يتزوج عليها ويلزم الزوج العمل به. ويجوز أن تشترط الوكالة على طلاق نفسها عند ارتكابه بعض الأمور من سفر طويل، أو جريمة موجبة لحبسه أو غير ذلك فتكون وكيلة على طلاق نفسها، ولا يجوز له عزلها، فإذا طلقت نفسها صح طلاقها. ولو شرطها بكرًا فظهرت ثيبًا فله الفسخ بمقتضى الشرط، وقال ابن إدريس: لا فسخ ولكن ينقص مهرها بنسبة ما بين مهر البكر، والثيب.
ويقول صاحب فقه الإمام جعفر الصادق في اشتراط أحد الزوجين صفة في الآخر، كأن تكون بكرًا، أو يكون متدينًا لا متسامحًا في دينه، إنه يصح الشرط ويلزم العقد مع تحققه، ويثبت خيار الفسخ مع تخلفه.
وقد لوحظ ما في الأحكام السارية في تضييق يوجد إلى جانبه توسعة في مذاهب أخرى أرحب صدرًا بقبول المشارطات في عقد الزواج، ضمن قواعد تحقق المصلحة العامة، ولا تنافي أصل العقد ولا مقتضاه، ولم يجمع على تحريمها في المذاهب السائدة، فأخذ عنها المشروع أحكام الشروط تيسيرًا للحياة الزوجية الهادئة، وقسمها إلى ثلاثة أنواع:
أولها: ما ينافي أصل العقد، فإذا اشترط بطل العقد، مثل: أن يتزوجها إلى مدة معلومة أو مجهولة، أو على أن يطلقها في وقت معلوم أو مجهول، أو على شرط ألا يمسها، أو إذا رضيت أمها، أو إذا وافق فلان، ومن هذا النوع زواج الشغار، وهو أن يتزوج رجلان كل منهما قريب الآخر، كبنته أو أخته، على أن يكون مهر كل واحدة من الزوجين هو تزويج الأخرى، ويقع شرط الشغار عادة بين الرجلين من أهل البادية، باعتبار أن المرأتين لا تستطيعان الخروج عن إرادة أوليائهما اللذين يريدان الزواج، ويعقد الزواج على أساسه بموافقة المرأتين المغلوبتين على أمرهما، وهذا من بقايا الجاهلية، وجمهور الأئمة على بطلانه، لما فيه من ظلم النساء بأكل حقوقهن. وقال مالك في صريح الشغار أن حكمه الفسخ مطلقًا، ولو ولدت الأولاد، ولا شيء للمرأة قبل الدخول، ولها بعده صداق المثل. وظاهر الأحاديث النبوية فيه أنه حرام باطل. وقال النووي: أجمعوا على أن غير البنات من الأخوات وبنات الأخ وغيرهن كالبنات في ذلك..
ثانيهما: ما لا ينافي أصل العقد، ولكن ينافي مقتضاه أو كان محرمًا، فيبطل الشرط، ويصح العقد، مثل: أن يشترط أحدهما الخيار في الزواج أبدًا أو مدة ولو مجهولة، أو يشترط عدم ميراث الآخر منه، أو تشترط الزوجة أن يسكنها حيث يشاء أبوها أو غيره، أو عدم سفره معها إذا أرادت انتقالاً، أو يشترط هو عدم إنفاقه عليها، فإن هذه شروط باطلة تنافي مقتضى العقد، وتتضمن إسقاط حقوق تجب بالعقد، أما العقد فصحيح لأن هذه الشروط تعود إلى معنى زائد في العقد لا ينافي أصله.
ومن أمثلة المحرم: شرط عدم ولاية الأب على أولاده، أو عدم ثبوت نسبهم منه، أو تبعيتهم في الدين لأمهم الكتابية، أو تقطيع الأرحام أو أن يتناول معها الشراب المحرم، أو تستمر في عمل غير مشروع كالاكتساب بالرقص.
ثالثها: ما لا ينافي أصل العقد ولا مقتضاه وليس محرمًا، وهذا يجب الوفاء به ولصاحبه حق الفسخ إذا أخل به المشروط عليه، مثل: أن تشترط الزوجة ألا يتزوج عليها، أو عدم الانتقال من دارها أو بلدها، أو أن يقيم معها ولدها من غيره، أو أن ينفق الزوج على هذا الوليد، ومن هذا النوع: مزاولة الأعمال المشروعة، وإتمام الدراسة، ونحو ذلك من كل شرط فيه منفعة، ولا يمنع مقصود الزواج.
وقررت الفقرة/ د من المادة/ 41 التسوية بين الزوج والزوجة في فوات الصفة التي اشترطت بالعقد، أي صفة كانت، مثل أن تكون الزوجة شابة، والزوج طبيبًا، أخذًا بما يقتضيه مذهب أحمد وقواعده، وقرره القاضي أبو يعلى، واختاره ابن تيمية ورجحه ابن القيم.
وقطعًا للمنازعات والكذب في ادعاء شيء من هذه الشروط وإثباتها صرحت المادة (41) بأنه يجب أن يكون الشرط مسجلاً في وثيقة الزواج، ومستند ذلك ما في مذهب أحمد من أنه لا اعتبار لشيء من الشروط إذا عقد العقد خاليًا عن كل شرط، ثم شرط أحد الزوجين على الآخر بعد العقد شيئًا من ذلك ورضي الآخر، بل يجب أن يعقد من البداية على أساس الشرط المقصود.
وصيغت المادة/ 42 وفق نصوص هذا المذهب سالفة البيان.
وقد وضح أن مصدر هذا الفرع في الجملة، هو مذهب أحمد، ومرده إلى أن الله تعالى أمر بالوفاء بالعقود والعهود كلها، وإلى السنة الصحيحة الصريحة المحكمة في وجوب الوفاء بالشروط في الزواج، وإنها أحق الشروط بالوفاء على الإطلاق، وإلى قضاء عمر، فيمن شرط لها زوجها دارها، بمنعه من إخراجها وفقًا لما شرطه على نفسه، وقال له عمر لما ناقشه في ذلك: مقاطع الحقوق عند الشروط، ولك ما اشترطت.
وقد راعت اللجنة فيما أخذت به تحقيق المصلحة، وما يقضي به التطور الاجتماعي والزمني.

الفصل الأول: الأنواع:

المواد (43، 44، 45 ):

الفصل الثاني: الأحكام:

المواد (46، 47، 48، 49، 50، 51):

اختار المشروع تقسيم الزواج، من حيث الصحة وعدمها، إلى زواج صحيح، وزواج غير صحيح.
ثم قسم الزواج الصحيح إلى: نافذ، وغير نافذ، وجعل النافذ لازمًا وغير لازم، وحدد مفاهيم النفاذ، واللزوم، وعدمهما، وآثارهما.
وبين أن الزواج غير الصحيح يندرج تحته الباطل، والفاسد.
ومعلوم أن نظرية الفساد حنفية المنشأ، وهي بين الصحة والبطلان، وفي نطاقها كلام يطول، وقد أراد فريق من فقهاء الحنفية أن يستخدموا لفظ الفساد في التمييز بين أنواع الزواج غير المنعقد حتى يضبط الأحكام بألفاظ اصطلاحية، مع أن هناك فوارق بين الفاسد من عقد الزواج، والفاسد من المعاملات المالية، ويذهب الكمال بن الهمام في شرحه فتح القدير إلى أنه لا فرق بين باطل الزواج وفاسده، وهذا مشكل إذا تتبعنا صور الزواج غير الصحيح، مثل: زواج المسلمة بغير المسلم، وهو متفق على أنه لا أثر له. ومثل: العقد الذي يباشره فاقد الأهلية، كالمجنون فإنه في حيز العدم. ومع ذلك فإننا إذا التمسنا في المذهب ضابطًا يميز بين الباطل والفاسد من عقود الزواج فإنه لن يكون واضحًا مسلمًا، وقد أدى هذا إلى الاختلاف في التطبيق، وإلى نتائج غريبة، وقد خرجت بعض التشريعات من هذا الاضطراب بحصر البطلان في حالة واحدة هي زواج المسلمة بغير المسلم، فكانت النتيجة نابية غير مستساغة، وهي أن زواج الرجل من إحدى محارمه، مهما كانت قرابتها قريبة وحرمتها واضحة، كأمه أو بنته أو أخته، يعتبر فاسدًا لا باطلاً، مع أنه جريمة أشنع شرعًا، وعقلاً، وقانونًا من الزنى بالأجنبية، على الرغم من صورة العقد.
وعلاجًا لهذه الحال صرح المشروع بجميع ما يكون زواجًا باطلاً وبأحكامه، ثم نص على أن سواه من غير الصحيح يعتبر فاسدًا، وأورد أحكام العقد الفاسد.
وسار على مذهب الجمهور، وصاحبي أبي حنيفة في زواج المحارم في حالة العلم بالحرمة، وعين المحرمة، ولم يعتبره فاسدًا، فتفادى ما يبدو نابيًا من الطبيعة البشرية، وعن منطق التشريع.
ومن الواضح أن العلم بالحرمة يتحقق بمعرفة حكم القانون، والواقع معًا، وإن العلم يشترط بالنسبة للزوجين.
وحرمة المصاهرة التي وردت ضمن آثار الدخول الحقيقي في الزواج الفاسد قد ذكرت، لأنها من مستلزمات ثبوت النسب، فليست زائدة على الآثار الثلاثة الأولى التي قررنا الفقهاء.

الباب الخامس: آثار الزواج


الفصل الأول: المهر:


المواد (52، 53، 54 ):


اختلف الفقهاء في تحديد أدنى للمهر، فذهب الحنفية إلى أنه عشرة دراهم من الفضة أو ما يساويها.
وقال المالكية: أنه ربع دينار من الذهب أو ثلاثة دراهم من الفضة، أو ما قيمته ذلك، وقد استدلوا بآثار وردت في هذا التحديد.
وقال كثيرون من الصحابة، والتابعين والمجتهدين، أنه لا حد لأقل المهر، ومنهم: عمر، وابن عباس، وأبو سعيد الخدري، وجابر بن عبد الله، والحسن البصري، وسعيد بن المسيب، والليث، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وأهل الظاهر، لقوله سبحانه وتعالى:
وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين ولقوله عليه الصلاة والسلام التمس ولو خاتمًا من حديد.
وهذا يدل دلالة ظاهرة على أن المهر يصح بكل ما يطلق عليه اسم المال ولو كان قليلاً، لذا رُئي الأخذ بعدم تحديد حد أدنى للمهر، حسب الدليل القوي.
كما اتفق الفقهاء على أن المهر لا حد لأكثره، ودليلهم الإجماع، ومستنده قوله تعالى: وأتيتم أحدًا عن قنطارً أي مالاً كثيرًا.
ولا يشترط أن يكون المهر من الذهب أو الفضة، بل كل ما صح أن يكون مهرًا، مالاً كان، أو عملاً، أو منفعة يقدمها الزوج مما يتقوم بمال، ولا ينافي قوامة الزواج.
فإدارة أعمال الزوجة، والإشراف على أملاكها، وتعليمها، ونحو ذلك يجوز أن يكون مهرًا.
يشهد لذلك حديث سهل بن سعد الساعدي الذي جاء فيه أن الرسول عليه الصلاة والسلام زوج رجلاً امرأة بما معه من القرآن.
ولا يجوز أن يكون مهرًا كل منفعة لا تقابل بمال، كما لو تزوج رجل امرأة على أن يكون مهرها ألا يتزوج عليها. أو يطلق زوجته السابقة، كما لا يجوز أن يكون مهرًا خدمة الزوج زوجته، لما فيها من امتهان للزوج، ومنافاة لقوامته على زوجته.
المادة (55):
يجب المهر إذا كان مسمى تسمية صحيحة، أما إذا لم يسم، أو نفي أصلاً، أو كانت التسمية غير صحيحة، بأن كانت بما ليس مالاً متقومًا في الإسلام، أو كان المسمى مجهولاً جهالة فاحشة، فيجب مهر المثل.
ومهر المثل: هو مهر مثل المرأة من أسرة أبيها، كأختها أو عمتها، تماثلها وقت العقد، سنًا وجمالاً، ومالاً ودينًا، وعلمًا، وعقلاً وبكارة أو ثيوبة، وما أي ذلك من الصفات التي يختلف المهر باختلافها في صرف الناس.
فإن لم توجد من تماثلها من أسرة أبيها بما ذكرنا من الأوصاف اعتبر مهر المثل بمهر امرأة تماثلها من أسرة كأسرة أبيها.
ومصدر هذه المادة مذهب الحنفية.
المادتان (56، 57 ):
لا يلزم تعجيل المهر كله قبل الدخول، فإن يكون حالاً كله، أو مؤجلاً كله، أو أن يكون حالاً بعضه، أو مؤجلاً بعضه إلى ما بعد الدخول، أو إلى أقرب الأجلين: البينونة أو الوفاة، أو إلى أجل يتفق عليه الزوجان، كما يجوز دفعه على أقساط في مدة معلومة، وإن لم يكن اتفاق على شيء من ذلك – جرى الأمر على ما عليه العرف في البلد الذي أنشيء العقد فيه، والمعروف عرفًا كالمشروط شرطًا.
وإذا لم يكن ثمة عرف على تأجيل بعضه، وجب المهر كله حالاً بمجرد العقد.
هذا، وإطلاق التأجيل في المهر ينصرف إلى حين البينونة أو الوفاة، وبهذا قال، النخعي، والشعبي، والليث بن سعد، ونص عليه أحد، واختاره قدماء شيوخ المذهب الحنبلي، والقاضي أبو يعلى، وابن تيمية.
المادة (58):
يجوز للزوج بعد العقد أن يزيد في المهر لزوجته بما يشاء بشرط معرفة مقدار الزيادة، وأن تكون الزوجية قائمة حقيقة أو حكمًا، وقبول الزوجة الزيادة في المجلس، كما يجوز للزوجة أن تحط عن زوجها بما تشاء، دون فرق بين ما إذا كان دينًا ثابتًا في الذمة مما لا يتعين بالتعيين كالنقود، وما إذا كان مما لا يثبت في الذمة من الأعيان كالدار المعينة، لأن العبرة بالمقاصد والنيات، بشرط رضا الطرفين، وأن يكون كل منهما كامل الأهلية، مستوفيًا شروط التصرف في ماله.
وتلحق الزيادة أو النقصان بأصل العقد، وتأخذ حكمه، فللزوجة أن تطالب الزوج بهذه الزيادة، كما تطالبه بالأصل، ويتأكد وجوبها مع أصل المهر بالدخول، وتتنصف بالطلاق قبل الدخول كما يتنصف الأصل.
صرح بذلك الإمام أحمد، وهو رأي للمالكية، والقول الأول لأبي يوسف من الحنفية.
المادة (59):
إذا كانت المرأة بكرًا رشيدة ثبتت لها ولاية قبض مهرها، لأن المهر بعد تمام العقد حقًا خالصًا للمرأة، ولا يقبض أحد سواها مهرها إلا بإذنها، ومن الإذن الضمني أن يقبض الأب، ثم الجد العاصب مهر البكر حتى الخامسة والعشرين من عمرها، ما لم تنهِ عن ذلك، وهذا ما جرت به العادة، فإن نهت الأب أو الجد عن قبض المهر لم يكن لأحدهما قبضه، لأن النهي الصريح أقوى من الإذن دلالة.
أما الثيب فلا بد من إذنها الصريح لوليها بقبض المهر.
ومصدر هذه المادة مذهب الحنفية.
المادة (60):
جاء في حاشية الدسوقي على الشرح الكبير الجزء الثاني، وإن تنازعا في قبض ما حل من الصداق، فقيل البناء القول قولها (الدخول)، وبعده القول قوله إنها قبضته بيمين فيهما ما لم يكن هناك دليل أو عرف مخالف.
وحسب هذا الفقه المالكي صيغت المادة.
المادة (61):
إذا دخل الرجل بامرأته دخولاً حقيقيًا تأكد ثبوت المهر كله، لقوله تعالى فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة، ولأن الزوج قد استوفي المعقود عليه، وهذا باتفاق الفقهاء، ومنهم المالكية.
قال الدردير في الشرح الكبير: وتقرر جميع الصداق الشرعي المسمى أو صداق المثل في التفويض بوطء المطيقة من بالغ، و..لأنه قد استوفى سلعتها.. فاستحقت جميعه.
واختلف الفقهاء في وجوب المهر كله بالخلوة الصحيحة، فذهب أبو حنيفة، وأحمد إلى إنها تؤكد وجوب المهر كله، لقوله تعالى: وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقًا غليظً. والمراد بالإفضاء الخلوة دخل بها أم لم يدخل، وهذا قول الفراء. وقال ابن قدامة: وهذا صحيح وقد حكى الطحاوي إجماع الصحابة على ذلك.
وقال زرارة بن أوفى: قضى الخلفاء الراشدون أن من أغلق بابًا، أو أرخى سترًا فقد وجب المهر، ووجبت العدة.
أما الشافعية فرأوا أن المهر لا يجب كله بالخلوة، وهذا مروي عن ابن عباس، وطاووس، والشعبي، ومكحول، وأبي ثور.
ويرى المالكية أن الزوجة إذا زفت إلى زوجها، وأقامت معه عامًا كاملاً تأكد المهر كله، لأن الإقامة معه هذه المدة الطويلة تقوم مقام الوطء، متى كان الزوج بالغًا، وكانت الزوجة تطبق الوطء.
والخلوة عندهم نوعان، خلوة بناء، وخلوة زيارة، فإذا زفت إلى زوجها واختلى بها بعد الزفاف كانت خلوة بناء، فتصدق في دعوى الوطء بيمينها، باعتبار الزفاف قرينة شاهدة لها.
وفي خلوة الزيارة وهي التي قبل الزفاف يحكمون ظاهر الحال.
فإن كان الزوج هو الزائر صدق في دعوى عدم الوطء بيمينه، إن كانت الزوجة هي الزائرة صدقت في دعوى الوطء بيمينها.
فالمالكية لا يعولون على الخلوة القصيرة، وإنما يعلون على ما يصاحبها من الوطء، ويعتمدون على القرائن التي تؤيد الدعوى ويحكمون بتأكيد المهر، متى شهدت القرائن بالوطء.
ومراعاة لما هو أقرب إلى العدل، واستنادًا إلى ما ذهب إليه الحنفية ومن وافقهم، ونظرًا لقوة الأدلة التي اعتمدوا عليها اتجه المشروع إلى أن المهر يتأكد كله بالخلوة الصحيحة.
هذا وقد اتفق الحنفية على أن موت أحد الزوجين يوجب المهر كله، لأن الموت لم يعهد مسقطًا للديون، وبالموت انقطع احتمال حدوث ما يسقط المهر كلاً أو بعضًا.
المادة (62):
قال الدسوقي من المالكية:
ويبقى النظر في قتل المرأة زوجها: هل تعامل بنقيض مقصودها ولا يتكمل صداقها، أو يتكمل، والظاهر أنه لا يتكمل لها بذلك، لاتهامها، لئلا يكون ذريعة لقتل النساء أزواجهن.
ومراعاة للعدالة، وحرصًا على عدم ابتزاز أموال الأثرياء من الأزواج، واستنادًا إلى مبدأ السياسة الشرعية، إن الإصلاح هو سقوط المهر كله إذا قتلت الزوجة زوجها قتلاً مانعاً من الإرث، قبل الدخول بها، لأنها فوتت حق الزوج عليها، فيسقط حقها في المهر، وكذلك يسترد ما قبضته منه في هذه الحال. أما إذا كان القتل بعد الدخول فلا تستحق شيئًا من الباقي.
المادة (63):
( أ )، (ب) يجب نصف المهر للزوجة بالطلاق قبل الدخول أو الخلوة الصحيحة إذا كان المهر مسمى تسمية صحيحة في عقد صحيح، وإذا قبضت الزوجة زيادة على نصف مهرها رجع عليها زوجها بالزيادة.
(ج) وأما إذا وهبت المرأة مهرها لزوجها أو أكثر، ثم طلقها قبل الدخول، أو الخلوة الصحيحة فلا يرجع عليها بشيء إلا إذا كان ما وهبته أقل من النصف، رجع عليها بباقي النصف، لأن المعتاد أن المرأة تهب هذه الهبة على أمل استمرار الحياة الزوجية، ولو كانت تعلم أنه سيطلقها ما وهبته شيئًا من مهرها قل أو أكثر.
ولا فرق في هذا الحكم بين هبة المهر للزوج بعد القبض أو قبله، فمتى وصل الزوج مقدار نصف المهر، أو سقط منه هبة من الزوجة، ثم طلقها قبل الدخول أو الخلوة الصحيحة لم يبق له حق استرداد شيء منها. ومصدر هذه المادة مذهب المالكية.
المادة (64):
المتعة هي المال الذي يدفعه الزوج لمطلقته غير المهر، تطيبًا لنفسها، وتعويضًا عن ألم الفراق، ولا فرق بين أن يكون المال نقدًا أو ثيابًا والمعتبر في تقديرها أن تكون بحسب حال الزوج يسارًا أو إعسارًا، وهذا قول المالكية، والحنابلة، لقوله تعالى: ومتعوهن على الموسع قدره، وعلى المقتر قدره متاعًا بالمعروف حقًا على المحسنين.
وصرح الشافعية والحنابلة بأن يوكل تقديرها إلى القاضي، لعدم ورود نص بالتقدير يحتاج إلى الاجتهاد، لاختلافه باختلاف الأحوال، فيجب الرجوع إلى القاضي، على ألا تزيد المتعة على نصف مهر المثل.
المادة (65)
يسقط المهر كله أو المتعة إذا حصلت الفرقة بسبب من الزوجة قبل الدخول حقيقة أو حكمًا، كما لو أبت الإسلام إذا أسلم زوجها ولم تكن كتابية، لأنها تسببت في الفرقة، مع علمها بعدم وجود ما يؤكد المهر، فتعتبر متنازلة عنه، وكذلك فسخ الزواج لعدم كفاءة الزوج، لأن هذه الفرقة تعتبر من جهتها.
المادة (66)
إذا تزوج الرجل في مرض موته بأزيد من مهر المثل كان حكم هذه الزيادة حكم الوصية، فتنفذ من ثلث المال، فإن كان الثلث أقل من الزيادة نفذت بمقدار الثلث فقط، إلا إذا أجازها الورثة.
المواد (67، 71 ):
منعًا للتجاحد في أصل تسمية المهر أو في مقداره، وقطعًا للنزاع في مهر السر والعلانية، اتجه المشروع إلى اعتبار المهر المسمى في وثيقة الزواج الرسمية دون غيره، ما لم يثبت تزويرها بالطرق المقررة قانونًا، وذلك مراعاة لاتساق التشريع، وأخذًا من ظاهر كلام الإمام أحمد، وهو قول الشعبي، وأبي قلابة، وابن أبي ليلى، وابن شبرمة، والأوزاعي، والمشهور عن الشافعي.
وإذا خلت الوثيقة من بيان المهر طبق ما يأتي:
إذا اختلف الزوجان في أصل تسمية المهر بعد وجود ما يؤكده كله من دخول حقيقي أو حكمي، حصلت الفرقة أو لم تحصل، فالبينة على من ادعى، واليمين على من أنكر، فإن أقام مدعي التسمية البينة قضي بالمسمى الذي ادعاه، وإن عجز وجهت اليمين إلى المنكر، فإن نكل حكم بالمسمى، وإذا حلف يقضي بمهر المثل، على ألا يزيد عما ادعته الزوجة لرضاها بما سمته، ولا ينقص عما ادعاه الزوج، لرضاه بالمسمى الذي ادعاه.
وكذلك الحكم عند الاختلاف بين أحد الزوجين وورثة الآخر.
أما عند الاختلاف بين ورثتهما فيقضي بالمسمى إن ثبتت التسمية وبمهر المثل إن لم تثبت، عملاً بقول الصاحبين: أبي يوسف ومحمد، مع مراعاة الشرط المبين فيما إذا كان الاختلاف بين الزوجين.
وأما إذا كان الاختلاف بعد الفرقة، وقبل الدخول حقيقة أو حكمًا، وثبتت التسمية بالبينة، أو بالنكول عن اليمين عند العجز عن البينة حكم القاضي بنصف المهر المسمى للزوجة، وإن لم تثبت التسمية حكم لها بالمتعة، على ألا تزيد على نصف ما ادعته الزوجة، ولا تنقص عن نصف ما ادعاه الزوج.
وإذا اختلف الزوجان في مقدار المهر المسمي، بأن ادعت الزوجة أنه ألف دينار، وادعى الزوج أنه خمسمائة دينار، فيرى أبو يوسف من الحنفية، أن البينة على الزوجة، واليمين على الزوج.
فإن أقامت الزوجة البينة على دعواها قضي لها بها وإن عجزت يحلف الزوج، فإن نكل حكم لها بدعواها، وإن حلف الزوج اليمين حكم له بما ادعاه، إلا إذا كان أقل من مهر، مثلها، فيحكم مهر المثل، على ألا يزيد عما ادعته زوجته ويسري ذلك عند الاختلاف بين أحد الزوجين وورثة الآخر، أو بين ورثتهما. ومصدر المادتين (68)، (69) مذهب الحنفية والحنابلة، وهما واضحتان.

الفصل الثاني


الجهاز ومتاع البيت


المادة (72):

يرى الحنفية إن إعداد البيت على الزوج، لوجوب النفقة عليه بكل أنواعها من مطعم، وملبس، ومسكن، ومنها إعداد البيت، والمهر ليس عوضًا للجهاز، وإنما هو ملك خالص للزوجة من غير أي مقابل، وليس الجهاز حقًا على المرأة، كما أنه لا يوجد ما يدل على أن الجهاز واجب على أبيها، ولا يحق لأحد أن يجبرها على ذلك، فإذا أحضرت الجهاز فهي متبرعة به، ولا يستعمله الزوج لنفسه أو لأضيافه دون إذنها.
وذهب المالكية إلى أن المهر ليس حقًا خالصًا للمرأة، ولهذا لا يجوز لها أن تنفق منه على نفسها، ولا تقضي منه دينًا عليها، وإن كان للمحتاجة أن تنفق منه، وتكتسي بالشيء القليل بالمعروف، وإن تقضي منه الدين القليل، كالدينار إذا كان المهر كثيرًا.
وإنما ليس لها شيء من ذلك، لأن عليها أن تتجهز لزوجها بالمعروف بما قبضته من المهر قبل الدخول إن كان حالاً، أو بما تقبضه منه إن كان مؤجلاً، وحل الأجل قبل الدخول بها، فإن تأخر قبض شيء من المهر حتى دخل الزوج بها لم يكن عليها أن تتجهز بشيء مما تقبضه من بعد، إلا إذا كان مشروطًا بشرط، أو جرى به عرف.
وللزوج أن ينتفع بجهازها، وليس لها أن تتصرف فيه إلا بعد مضي مدة انتفاع الزوج، وقيل إن مدة السنة قليلة، وذكر ابن رشد أن لها التصرف بعد أربع سنين.
وقد أخذت المادة بالفقه الحنفي في عدم إلزام الزوجة بشيء من جهاز منزل الزوجية، وبما يوافق مذهب مالك في انتفاع الزوج بما تحضره من جهاز دون تقييد بمدة، طبقًا لما تعارفه الناس، استدامة لحسن العشرة، ولكن بغير مساس بملكيتها لأعيان جهازها أو حقها في التصرف فيه بالبيع أو غيره، منعًا لضررها من هذه القيود.


المادة (73):
المراد بالمتاع كل ما يحضره الزوجان أو أحدهما بعد الدخول مما يلزم استعماله في بيت الزوجية.
وسارت المادة وفق ما نص عليه في فقه الإمام مالك الجاري عليه العمل، فقد جاء في الحطاب: ...وإن جميع ما يعرف أنه الرجال يقضي به للرجل مع يمينه، وكذا ما يعرف للرجال والنساء يقضي به للرجل مع يمينه، لأن البيت بيت الرجل، وما يعرف للنساء يقضي به للمرأة مع يمينها، ووارث كل واحد منهما يتنزل منزلته، فما يعرف للرجال، قضي به لورثة الرجل مع يمينهم، وما يعرف للرجال والنساء يقضي به لورثة الرجل مع يمينهم، وما يعرف للنساء يقضي به لورثة المرأة مع يمينهم أنه لها....

الفصل الثالث: نفقة الزوجة:

الفرع الأول: أحكامها العامة:

المادة (74):

سبب نفقة الزوجة على الزوج هو عقد الزواج الذي جعلها مقصورة عليه، مجتمعة لحقوقه، شأنها شأن القاضي، والجندي، وسائر من احتبس لمصلحة غيره، وهي بالعقد الصحيح احتبست لحق الزوج، ولكرامة الأسرة، وصيانتها توجب أن تكون نفقتها في مال رب الأسرة من حين العقد، ولو كانت تخالفه في الدين، أو كانت في بيت أبيها أو بيتها الخاص، بشرط أن تكون مستعدة لطاعته، وتعتبر مستعدة منذ العقد إلا إذا طلبها فامتنعت دون مسوغ، وهذا هو المراد بالتسليم الحكمي، وإلا تعتبر ناشزة، ومن المسوغ عدم أدائه عاجل مهرها، وكذلك عدم تهيئة المسكن الآتي بيانه في الفرع الثاني من هذا الفصل، فإن امتناعها حينئذ يكون بحق مشروع، فلا يؤثر في استحقاقها النفقة.
ولما كان سبب نفقة الزوجات أنهن مقصورات على أزواجهن، فقد وجبت لهن النفقة بلا فرق بين الغنية والفقيرة لاستوائهما في سبب الاستحقاق، فليس على الزوجة أن تنفق على نفسها من مالها، مهما كانت موسرة.


المادة (75):
يقول الله في وجوب نفقة الزوجات.
وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف.
ورزق الإنسان هو المال الذي يقيم أوده، ويسد حاجات حياته، وحاجات الحياة الأساسية ثلاثة: الطعام لإقامة البنية، والكسوة لوقايتها الخارجية، والمأوى للراحة والسكن، ويتبع هذه الثلاث عناصر أخرى، كالتطبيب والخدمة.
وجمهور الفقهاء لا يلزمون الزوج علاج زوجته المريضة، فلا يوجبون عليه ثمن الأدوية، ولا أجر الطبيب، ولا أي شيء من أنواع التطبيب، لأن كل ذلك يقصد به إصلاح جسمها.
ويضيفون أن الطب نتائجه ظنية، ولا يلزم به الشخص في خاصة نفسه، فكيف توجبه عليه لغيره؟.
وهذا إذا كان له وجه في الماضي البعيد، والطب بدائي، نتائجه موضع شك، فإنه لا يصح أن يقال في عصرنا الحاضر الذي صار فيه نفع الطب يقينيًا أو قريبًا من اليقين، وأصبح التداوي فيه ضروريًا بمنزلة الطعام والكسوة، ومن أهله سقط من أعين الناس.
والمأثور عن نبي الرحمة، عليه الصلاة والسلام، أنه تداوي من مرضه وجروحه، وأمر بذلك أهله وأصحابه، كما أمر سعدًا بالذهاب إلى الطبيب، وبعث طبيبًا إلى أبي بن كعب. وقال: ...لكل داء دواء فتداوو وقد احتجم وأعطي أبا طيبة أجرة الحجامة.
ومذهب الزيدية أن ثمن الأدوية، وأجرة الطبيب من نفقة الزوجة، لأن المراد بهما دوام الحياة، وهذا ما استظهره الإمامية.
وقرر الشافعي الدواء وأجرة الطبيب للأب وإن علا، وللولد وإن نزل، والمشهور في فقه مالك أن على الزوج أجرة الولادة، وما تتقوى به المرأة عند الولادة.
والزوجية من ركائزها الرحمة، تقوم فيها الزوجة برعاية الزوج، فإن هي مرضت فلا أقل من أن يرد إليها بعض المعروف بما أسلفت في أيام صحتها، وكل جزاء الإحسان إلا الإحسان.
من أجل ذلك أخذ بأن التطبيب من نفقة الزوجة، حسب حال الزوج، وفي حدود قدرته، ولم تترك الأمر لمروءته واختياره.


المادة (76):
ذهب مالك إلى أن النفقة تقدر بوسع الزوج، وحال الزوجة، ونظر أحمد أيضًا إلى حال الزوجين، وهو قول الخصاف من الحنفية. بينما ذهب الشافعي وأبو الحسن الكرخي، وكثير من مشايخ الحنفية إلى أن نفقة الزوجة لا تقدر إلا باعتبار حال الزوج، مهما كانت حال الزوجة، وهذا هو الأقرب إلى العدل، والموافق لصريح الكتاب الكريم:
اسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم.. لينفق ذو سعة من سعته، ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفسًا إلا ما آتاها...
ولما زوجت نفسها منه رضيت أن ينفق عليها مما يستطيع، فلا يجب أن تأخذ منه أكثر مما يقدر عليه، فكان من المصلحة اتباع مذهب الشافعي، وظاهر الرواية عن أبي حنيفة فيما نص عليه محمد، وقال به الكرخي ومن معه، وجاء في التحفة، والبدائع أنه الصحيح، ولكن يشترط أن تكون النفقة المفروضة كافية للقدر الضروري الذي يسد الحد الأدنى لكفاية المرأة، مهما كانت حال زوجها.

ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك

رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
content

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Facebook Comments by: ABDU_GO - شركة الإبداع الرقمية
كافة الحقوق محفوظة لـ منتدى المراجع المصرى/المحاسب القانونى محمد صفوت