أحمد عز ... وعلاقته بالفساد

[مصطفى احمد]

انا : مصطفى احمد

• الفساد ....والأنظمة السياسية :
إذا كانت وفاة ( محمد بوعزيزي ) في تونس هي الشرارة الأولى ... لثورة الياسمين هناك ...
فإن وفاة ( أو مقتل ) – سميها ماشئت – خالد سعيد ... في مصر ... هو ... الومضة الأولى في فكرة ( الاحتجاجات أو الهبَّة الشبابية ) هنا .
غير أن الفساد هو العامل المشترك الأكبر هناك في تونس وهنا في مصر ؛ لتفجير الغضبة الشعبية على النظام .
والفساد المقصود هو الفساد السياسي . أي إساءة استخدام السلطة العامة (الحكومية) لأهداف غير مشروعة وعادة ما تكون سرية لتحقيق مكاسب شخصية. كل أنواع الأنظمة السياسية معرضة للفساد السياسي التي تتنوع أشكاله إلا أن اكثرها شيوعاً هي المحسوبية والرشوة والابتزاز وممارسة النفوذ والاحتيال ومحاباة الأقارب.
والفساد ينشأ في بيئة تساهم في تنميته ونموه وإزدهاره ... ومن ذلك : وجود البنى الحكومية المتناحرة ؛ وتركيز السلطة بيد صناع القرار وهم عملياً غير مسؤولين من الشعب ؛ وغياب الديمقراطية أو عجزها ؛ والعجز المعلوماتي: ويشمل: انعدام الشفافية في الحكومية (حرية المعلومات) في صنع القرار ؛ واحتقار أو إهمال ممارسات حرية الكلام أو الصحافة ؛ وضعف المساءلة وإنعدام الإدارة المالية الملائمة .
ومن العوامل الأخرى التي تساهم في خلق وتفشي الفساد : عمليات استثمار كبيرة للأموال العامة ؛وانخفاض رواتب الموظفين الحكوميين ؛ علاوة على وجود نخب أنانية منغلقة وشبكات معارف ؛ أضف إلى ذلك أن وجود شريحة كبيرة من السكان أميين أو غير مهتمين وعدم قابلية الرأي العام على إنتقاء الخيارات السياسية.
كما أن الفساد يتفشى في ظل وجود : ضعف سلطة القانون ؛ وضعف المهن القانونية ؛ وعدم كمال العملية الانتخابية ؛ إضافة إلى أن الحملات الإنتخابية تكون _ في الغالب الأعم - مكلفة يتجاوز الإنفاق فيها المصادر الإعتيادية للتمويل السياسي؛ مع غياب الرقابة الكافية للحد من الرشى أو التبرع للحملات الانتخابية.
كل هذا المناخ توفر بعض عناصره أو أغلبه في الحياة السياسية في مصر ؛ الأمر الذي شجع البعض لأن يختصروا الطريق إلى : السلطة ... والثروة ... في زمن قياسي ... ومن هؤلاء .... المهندس أحمد عز ...

جذور احمد عز :
أحمد عز (ولد في يناير 1959) ؛ وتخرج من كلية الهندسة – جامعة الأسكندرية – وذلك في الثمانينات .
ولست من أنصار مَنْ يبحثون في جذور أحمد عز سواء في ذلك جذوره الفنية أو العائلية أو الإجتماعية .
فوفقاً لهؤلاء يقولون إن جذوره الفنية تمتد إلى السبعينات حيث بدأ حياته عازفاً في لآلة الدرامز في فرقة "طيبة" التي أنشأها عام 1976 الشقيقان مودي وحسين الإمام ؛ وهذه الفرق كانت تعمل بأحد فنادق القاهرة الشهيرة كما روى رجل الأعمال رامي لكح في دراسة أعدها معهد كارنيجي الأمريكي عن المقربين من جمال مبارك.
فهذه الفنية لا تعيننا كثيراً ؛ لأن الفن هو ضرب من الإبداع تحققه وتشكله يد الإنسان …فيكون في جوهره " موهبة " وإرادة الإنسان ومقدرته على التشكيل والصياغة ونهاية العمل الفني وينتهي إلى مدلول جمالي طالما قد حقق إبداعاً.
كما أن ذلك لايعيب أحمد عز فهذا في مرحلة الشباب ( كان لديه حوالي 17 سنة) فهذا سلوك يحسب له كشاب مجتهد في حياته .

وفقاً لأنصار البحث عن جذوره العائلية يقولون أن والدته يهودية ؛ إذ ذكرت صحيفة الفجر الجزائرية على صدر صفحتها الرئيسية الاحد ان صحيفة "هاآرتس" العبرية كشفت النقاب عن أن رجل الأعمال المصري أمين التنظيم، وعضو لجنة السياسات في الحزب الوطني الحاكم، ينحدر في أصوله الإسرية من إسرائيل، إذ تزوج والده الجنرال المتقاعد في الجيش المصري عبد العزيز عز من فتاة اسرائيلية عام 1956، وقالت الصحيفة: "ان الجنرال المتقاعد في الجيش المصري عبد العزيز عز، كان قد تزوج من فتاة اسرائيلية عام 1956، وانجب منها ابنا اطلق عليه اسم "أحمد".
( راجع : http://www.champress.net/index.php?q...cle/view/82456 )
فهذه الجذور العائلية لا تهم في نظري ؛ طالما أنها ليس لها إنعكاساً على العمل العام المسند – أو الذي كان مسنداً - لأحمد عز .
وطبقاً لأنصار البحث عن الجذور الإجتماعية لأحمد عز نجد أن أحمد عز - حسب رواية النائب طلعت السادات - من أسرة مستورة في وضعها المالي تمتلك ورشة للحدادة، تطورت لتصبح محلاً لبيع الحديد.
فهذه الجذور الإجتماعية لاتهم – في نظري ؛ لأنه في ذاته على أنه إنسان مجتهد .
أحمد عز ... والفساد :
ولكن المهم في نظرنا هل ما وصل إليه أحمد عز من ثروة كان عن طريق الكفاح والاجتهاد أم عن طريق الفساد ؟.
ومَن يتتبع خطى أحمد عز في عالم النشاط الإقتصادي ؛ نجد أنه بدأ نشاطه الاقتصادي حينما تقدم للمهندس حسب الله الكفراوي وزير الإسكان والتعمير آنذاك بطلبٍ للحصول على قطعة أرض في مدينة السادات لإقامة مصنع لدرفلة الحديد، كما بدأت استثمارات عز مع مشروع سيراميك الجوهرة، وأخذت صور أحمد عز تظهر للمرة الأولى على صفحات جريدة "الأهرام" في مطلع عقد التسعينيات.
زاد ظهور عز إعلامياً ليتحدث عن استثماراته .
وقد حاول احمد عز أن يقترب من السلطة ؛ ووجد ضالته المنشودة في الاقتراب من السيد / جمال مبارك ؛ حيث ظهر عز لأول مرة بجوار جمال مبارك في مؤتمر الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عام 1996.
وقد حرص أحمد عز على تنمية علاقته بالسيد / جمال مبارك ؛ إذ حرص عز منذ عام 1996 على الحفاظ على علاقته بجمال مبارك، وكان طبيعياً أن يكون من أوائل المساهمين عام 1998 في جمعية جيل المستقبل والتي بدأ بها جمال مبارك رحلة صعوده السياسي، وظل عز لصيقاً بالسيد / جمال مبارك منذ عام 1998 حتى 2000 جنى أحمد عز ثمار استثماراته وعلاقته وأصبح وكيلاً لاتحاد الصناعات.
وفي عام 1999 تعرضت شركة الإسكندرية الوطنية للحديد والصلب الدخيلة للانهيار ونقص السيولة بسبب سياسات الإغراق التي سمحت بها الحكومة للحديد القادم من أوكرانيا ودول الكتلة الشرقية فتقدم عز بعرض للمساهمة في رأس المال، وبالفعل تم نقل 500ر543 سهم إليه، واشترت شركة العز لحديد التسليح 9.9% من شركة حديد الدخيلة.
وبعد شهر واحد تم إصدار ثلاثة ملايين سهم لصالحة بقيمة 456 مليون جنيه. بعد ذلك وفي شهر ديسمبر من السنة نفسها أصبح عز رئيساً لمجلس إدارة حديد الدخيلة على أساس ملكيته لـ27% من أسهم الدخيلة.
بدأ عز مرحلة التزاوج مع السياسة عام 2000 عندما رشح نفسه لعضوية مجلس الشعب عن دائرة منوف مستنداًً على أصوات عمال مصانعه بمدينة السادات.
وأخذ عز يصعد في الحزب ؛ ففي فبراير 2002 ظهر أصبح عضواً في الأمانة العامة للحزب الوطني ضمن الموجة الأولى لانخراط رجال الأعمال الجدد في مجال العمل السياسي، وبعدها أصبح رئيساً للجنة التخطيط والموازنة في مجلس الشعب. ثم صار عضواً في أمانة السياسات .
وفي عام 2003 سافر أحمد عز مع جمال مبارك إلى الولايات المتحدة، وفي عام 2004 حصل على منصب أمين العضوية وهو أخطر منصب داخل الحزب الوطني، وكان يشغله قبله كمال الشاذلي .
وفي عام 2005 حصل عز على منصب أمين التنظيم والذي كان أيضاً يشغله كمال الشاذلي.
هذا ولقد أستطاع أحمد عز خلال فترة وجيزة وقياسية أن يحتل المركز الثالث مصريا والسادس والأربعين لقائمة أغنياء العرب، وبثروة تبلغ 1.5 مليار دولار .
فهو في خلال أقل من عشرين عاماً أصبح إمبراطورا للحديد في مصر، والذي حقق ما يقارب 25 مليار جنيه مصري منذ بداية نشاطه في مجال الحديد عام 1989.
وحقق ذلك عندما قام بالسيطرة على 60 % من سوق الحديد في مصر وأكثر من 50 % من جملة الحديد المصري المطروح في الأسواق العالمية. وتمتعت شركاته بإعفاء ضريبي استمر 10 سنوات حقق خلالها أرباحاً صافية وصلت إلى 15 مليار جنيه مصري .
وتتمتع شركاته بالحصول على مليون وحدة حرارية بأقل من دولار.
هذه قصة أحمد عز مع المال والسلطة . نبسطها للقارئ ؛ فهو قد قفز قفزات غير عادية في زمن قياسي ؛ مما يثير الشك حول مدى فساد تزاوج السلطة مع المال خلال حكم الحزب الوطني .
وتبقي كلمة ..
• على كل مَنْ أفسد الحياة السياسية والتشريعية في مصر ما قبل 25 يناير 2011 .. أن يوقظ ضميره الإنساني .. وضميره الوظيفي أو المهني أو العلمي ... ويبعد .. عن مسيرة التغيير القادم ... حتى لا يعرقلوه ... او بالأقل حتى لا يجردوه ... من محاسنه ...
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك