أهلا وسهلا بكم في منتدى المراجع المصرى/المحاسب القانونى محمد صفوت نتمنى لكم اجمل الاوقات برفقتنا
ضع وصفاً للصورة الأولى الصغيره هنا1 ضع وصفاً للصورة الثانية الصغيره هنا2 ضع وصفاً للصورة الثالثه الصغيره هنا3 ضع وصفاً للصورة الرابعه الصغيره هنا4
العودة   منتدى المراجع المصرى/المحاسب القانونى محمد صفوت > منتدى المحاماه والقوانين والتشريعات > القانون التجاري
« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: مفهوم الدعم والمقاومة (آخر رد :دعاء يوسف علي)       :: أفضل أنواع التداول (آخر رد :دعاء يوسف علي)       :: خطوات التسجيل في فرنسي تداول (آخر رد :دعاء يوسف علي)       :: شروط تسجيل عضوية بموقع حراج (آخر رد :دعاء يوسف علي)       :: رسوم الحساب الاستثماري في تداول الراجحي (آخر رد :دعاء يوسف علي)       :: اعتماد العزل (آخر رد :مروة مصطفي)       :: شركة امتلاك (آخر رد :مروة مصطفي)       :: كيفية شراء الاسهم الامريكية الحلال (آخر رد :سلمي علي)       :: طريقة تحويل العملات المختلفة (آخر رد :سلمي علي)       :: حجابات شيفون (آخر رد :سلمي علي)      

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 09-04-2013, 04:49 PM
مصطفى احمد مصطفى احمد غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2013
المشاركات: 1,100
افتراضي مذكرة ايضاحية لمشروع قانون التجارة



لمشروع قانون التجارة
ملحق
في مطلع عام 1961 صدر قانون التجارة الكويتي ليكون اول قانون حديث ينظم المعاملات التجارية في شتى نواحيها- ولقد مضى على تطبيق هذا القانون اكثر من ثمانية عشر عاما قطعت التجارة خلالها شوطا بعيد المدى في سبيل التقدم والازدهار، وتطورت الحركة التجارية تطورا ملحوظا، وظهرت ألوان جديدة من النشاط التجاري لم تكن مألوفة من قبل، ونشطت حركة التصنيع نشاطا واضحا، واتسعت اعمال البنوك اتساعا ضخما، وتعددت جوانب نشاطه، وتنوعت خدماتها في مجالي الائتمان والاستثمار. الامر الذي اصبحت معه احكام التشريع القائم - على حداثة العهد به - قاصرة في بعض جوانبها عن ملاحقة خطى هذا التطور، ومواجهة ما جد من اساليب التجارة وما صحبها من مشاكل التطبيق. يضاف الى ذلك ان الظروف التي وضع فيها هذا التشريع فرضت على واضعيه ان يضمنوه الاحكام العامة لنظرية الالتزامات في حين ان موطنها الاصيل هو القانون المدني، وهو وضع ينبغي تعديله برفع هذه الاحكام لتحتل مكانها الطبيعي في القانون المدني الجديد.
ومن اجل ذلك جميعه اعد مشروع القانون المرافق لتطوير قانون التجارة بما يساير اوضاع المجتمع المتطورة، ويعالج ما يشوب التشريع القائم من اوجه النقص والقصور.
ولقد روعى في اعداد المشروع الجديد جملة اعتبارات جوهرية اهمها :
أولا : المحافظة على جوهر التشريع القائم وخطوطه الرئيسية ذلك انه تبين ان هذا التشريع سليم في جوهره، سديد في الكثير من اسسه، مساير في اغلب جوانبه للتشريعات التجارية الحديثة. وليس من سداد الرأي تعريضه لهزات جذرية مفاجئة. فالتغيير الجذري المفاجئ في التشريعات المنظمة للمعاملات التجارية من شأنه ان يهز استقرار هذه المعاملات، ويوهن الثقة فيها، ويشيع الاضطراب في النشاط التجاري،
وهو نشاط شديد الحساسية بطبيعته، وليس اضر به من ان تهيمن عليه قواعد قلقة بعيدة عن الثبات والاستقرار. يضاف الى ذلك ان هذا التشريع صدر فيه قضاء غزير، ودراسات فقهية قيمة اعانت على حسن تفهمه، وسلامة تطبيقه. وهي ثروة علمية ينبغي الحفاظ عليها وعدم التفريط فيها الا اقتضاء لمصلحة بينة.
ثانيا : رد هذا التشريع الى حيزه الطبيعي بقصره على الاحكام الخاصة التي تقتضيها طبيعة المعاملات التجارية. اما الاحكام العامة المنظمة للالتزامات بوجه عام فينبغي نقلها الى موطنها الطبيعي في القانون المدني. فالقانون المدني هو الشريعة العامة في تنظيم المعاملات بين الافراد. وما القانون التجاري الا قانون خاص ينزل من القانون المدني منزلة الفرع من الاصل، ويقتصر على معالجة بعض الاحكام التي تستلزمها طبيعة المعاملات التجارية وما تقتضيه من السرعة والثقة والائتمان والخضوع لاعراف درج عليها التعامل التجاري واستقرت في الحياة التجارية من قديم الزمان. وفيما عدا هذه الاحكام التي أملتها طبيعة التجارة، فان النظرية العامة للالتزامات المدنية هي المرجع الاساسي الذي يستمد منه القانون التجاري اصوله العامة، ويعتبرها متممة له فيما لم يرد فيه حكم خاص.
ثالثا : وبقدر اهتمام المشروع بالمحافظة على جوهر التشريع القائم، وقصره على الاحكام المنظمة للتجارة، كان اهتمامه بالغا بتطويره وتجديده واستكمال ما يشوبه من اوجه النقص والقصور وهي كثيرة متعددة. ومن ابرزها خلو هذا التشريع خلوا تاما من معالجة بعض المسائل الهامة كالبيوع بالتقسيط رغم ذيوعها في السوق التجارية، وتنظيم مسئولية الناقل الجوي رغم اهمية هذا اللون من النقل بالنسبة للكويت. فضلا عن قصوره البين في معالجة مسائل اخرى كالبيوع البحرية، وكالوكالات التجارية بوجه عام، ووكالة العقود بوجه خاص برغم ما لها من اهمية بالغة في الحياة التجارية في البلاد، وما اثارته وتثيره من مشاكل قانونية متعددة. وكذلك عمليات البنوك التي لم تحظ من التشريع القائم الا ببضع نصوص قاصرة عالج فيها بعض قواعد الودائع والحساب الجاري، مغفلا كثيرا من العمليات المصرفية الهامة كالاعتمادات المستندية، وهي عماد التجارة الخارجية، وكذلك النقل المصرفي وخصم الاوراق التجارية وخطابات الضمان وغيرها من العمليات المصرفية الهامة التي درجت على تنظيمها معظم التشريعات الحديثة لما لها من عميق الاثر في الحياة التجارية، ولكثرة ما تثيره من منازعات ومشاكل قانونية لا سيما بالنسبة لتجارة الاستيراد.
وفيما عدا ما استحدثه المشروع من احكام تعالج اوجه النقص والقصور في التشريع القائم، وما اقتضاه ذلك من تعديل بعض النصوص لتحقيق الاتساق بين الاحكام المستحدثة والاحكام المتسبقاة، فقد حافظ المشروع على كثير من نصوص التشريع القائم ومبادئه الاساسية، فلم يدخل تعديلا ذا بال على الكتابين الرابع والخامس الخاصين بالاوراق التجارية والافلاس. حيث تتفق نصوص اولهما اتفاقا تاما مع اتفاقيات جنيف للاوراق التجارية التي اصبحت نصوصها دستورا تجري عليه جميع التشريعات الحديثة. كما ان احكام الافلاس، فضلا عن سلامتها ووفائها بالغرض الموضوعة من اجله، فانها لا تكاد تجد مجالا للتطبيق العملي في مجتمع التجارة الكويتي الذي يسوده الرخاء والتعاون وامانة المعاملة.
كما استبقى المشروع كذلك ما تبناه التشريع القائم - في الكتاب الاول - من اتخاذ المضارية معيارا عاما للتفرقة بين الاعمال المدنية والاعمال التجارية - وهو معيار استقر في العمل وطبقه القضاء في سهولة ويسر.
كذلك اقر المشروع ما اتجه اليه التشريع القائم من الغائه للتفرقة بين التعامل في المنقول والتعامل في العقار واعتباره التعامل في اي منهما بقصد الربح عملا تجاريا، ومن اعتماده لنظرية الاعمال التجارية التبعية سواء كانت التبعية موضوعية او شخصية وهي اتجاهات سادت في الفقه والقضاء وقننتها معظم التشريعات المعاصرة. كما حافظ المشروع على ما اخذ به التشريع القائم من اخضاع العقد لقواعد القانون التجاري متى كان تجاريا بالنسبة لاحد طرفيه وذلك تفاديا من سريان نوعين من القواعد على العمل القانوني الواحد. وهو ذات الحل الذي اخذت به كثير من التشريعات كالتشريع البلجيكي والاسباني والعراقي الجديد ومشروع قانون التجارة المصري.
رابعا : حرص المشروع على ان تكون احكامه معبرة عن اهم الاتجاهات العلمية الحديثة، ومسايرة - بقدر الاستطاعة - لاحدث التشريعات العربية التي استمد منها التشريع الحالي العديد من احكامه. وقد استهدى المشروع بوجه خاص بالتشريع التجاري اللبناني الصادر سنة 1942، والتشريع الليبي الصادر سنة 1953، والتشريع التونسي الصادر سنة 1959، والتشريع العراقي الصادر سنة 1970، والتشريع الجزائري الصادر سنة 1975، والمشروع المصري الموحد لقانون التجارة. ولم يغفل المشروع في ذات الوقت الاسترشاد بالتشريعات الحديثة في بعض الدول الغربية، وفي مقدمتها التشريع الايطالي الصادر سنة 1942 والتشريعان الالماني والفرنسي الصادران سنة 1953 وسنة 1958 في شأن الوكالات التجارية. وكذلك احدث التشريعات التجارية الصادرة في بعض دول امريكا اللاتينية في اواخر الستينات ومطالع السبعينات بشأن وكالات العقود. ومن ابرزها تشريع جمهورية بنما الصادر سنة 1969، وتشريع كولومبيا الصادر سنة 1971. وكان رائــــد المشروع في ذلك جميعه استقصاء الحلول والاتجاهات التي انتهت اليها هذه التشريعات، ثم تخير الحل الذي قدر انه اوفي بالمصلحة، واكثر مسايرة لواقع الحياة التجارية في البلاد.
كما افاد المشروع فائدة كبرى من الفقه والقضاء بوصفهما المرآة الصادقة التي تنعكس عليها مشاكل التطبيق والتفسير، وتتجلى فيها مواضع الغموض او القصور في النصوص القائمة، وتساعد على اختبار الحلول التشريعية لاوضاع البلاد واعرافها.
كما وجه المشروع عناية خاصة للاتفاقات والمشروعات الدولية حتى لا تتخلف الكويت عن ركب التشريع العالمي.
فنقل الى نصوصه الاحكام الخاصة بمسئولية الناقل الجوي التي تضمنتها معاهدة -وارسو- المنعقدة سنة 1929 والتي انضمت اليها الكويت بالقانون رقم 20 لسنة 1975 حتى تتوحد قواعد المسئولية في كل من المعاهدة والقانون الوطني، ولا يكون هناك مجال لتنازع التشريعات. كما استنار المشروع كذلك بكثير من المشروعات التي اعدتها بعض الهيئات العلمية الدولية لتوحيد بعض قواعد القانون التجاري. ومن ابرزها مجموعة القواعد التي وضعتها الغرفة التجارية الدولية في شأن البيوع البحرية سنة 1953. ومجموعة الاصول والاعراف الموحدة بشأن الاعتمادات المستندية التي وضعتها الغرفة سنة 1933 وتم تعديلها سنة 1974. والمشروعان اللذان اعدهما المعهد الدولي للقانون الخاص بروما لتوحيد بعض احكام وكالات العقود سنة 1961 وسنة 1976. ومشروع الغرفة التجارية الدولية سنة 1960 فيما يتصل بشروط عقود الوكالات التجارية.
خامسا : عنى المشروع بأن تكون نصوصه مرنة طيعة حتى تستجيب لمقتضيات التطور التجاري، وتتيح للقاء سلطة أرحب في التقدير والتفسير. كما حرص المشروع في كثير من المواضع على الاحالة الى قواعد العرف التجاري دون تقنين لهذه القواعد حتى لا تتجمد هذه القواعد بتجمد النصوص، ولا تكون بحاجة دائمة الى تدخل تشريعي كلما تطور العرف بتطور الزمان والمكان.
وفيما يلي بيان لاهم ما استحدثه المشروع من احكام :
أولا : الالتزامات التجارية
اقتضى نقل الاحكام العامة للالتزامات الى القانون المدني استبقاء بعض القواعد التي تنفرد بها الالتزامات التجارية.
وهي في مجموعها احكام خلقها العرف التجاري، واملتها طبيعة التجارة وما تقتضيه من توفير السرعة في التعامل، وتدعيم الثقة والائتمان وهذه الاحكام - وان كانت تعد استثناء من الاصول العامة في الالتزامات المدنية - الا انها تعتبر في نطاق القانون التجاري احكاما عامة للمعاملات والعقود التجارية. ومن اجل ذلك آثر المشروع جمعها في باب واحد يتصدر الكتاب الثاني الخاص بالالتزامات والعقود التجارية.
وغني عن البيان انه فيما عدا ما نص عليه في هذه الاحكام الخاصة التي تحكم الالتزامات التجارية، فان الاحكام العامة للالتزامات في القانون المدني هي الاصل العام الذي يرجع اليه فيما لم يرد فيه نص خاص. وهو ما حرص المشروع على تأكيده في المادة (96) التي استهل بها الكتاب الثاني، والتي تقضي بأنه فيما عدا ما نص عليه في هذا الكتاب تسري على الالتزامات والعقود التجارية الاحكام المنصوص عليها في القانون المدني.
وقد بدأ المشروع احكام الالتزامات التجارية بمبدأ هام درج عليه العرف التجاري منذ القدم وقننته تشريعات كثير من الدول - وهو افتراض التضامن بين الملتزمين بدين تجاري (مادة 97). وذلك تقوية للائتمان وهو عصب الحياة التجارية - خلافا لما عليه الحال في المسائل المدنية اذ التضامن فيها لا يفترض وانما يكون بناء على اتفاق او نص في القانون.
واعتبرت المادة (98) كفالة الدين التجاري بذاتها عملا تجاريا. وهو الحل الذي اخذت به الفقرة الاولى من المادة 502 من القانون التجاري القائم رغم ان الاصل في الكفالة ان يكون الكفيل متبرعا لا مضاربا. وقد آثر المشروع استبقاء هذا الحل بتقدير ان التزام الكفيل التزام تبعي فمن الواجب ان يكون التزامه تجاريا كالتزام المكفول بقطع النظر عن صفة الكفيل او نيته.
وغني عن البيان ان الكفالة تعتبر ايضا عملا تجاريا بالتبعية بالنسبة للكفيل اذا كان تاجرا وقام بها لعمل مرتبط لحاجات تجارته. كأن يكفل التاجر عميلا هاما من عملائه في دين مدني حتى لا يتعرض لفقده ان لم يكفله. فالكفالة هنا عمل تجاري تابع لنشاطه التجاري.
واخضعت المادة (99) الكفالة التجارية بالنسبة للكفيل لاحكام التضامن - وهو حكم تمليه الثقة في المعاملات التجارية، وقد اخذ به القانون التجاري السوري واللبناني والمشروع المصري وجرت به المادة 507 من القانون التجاري القائم.
ونفت المادة (100) المجانية عن الاعمال والخدمات التي يؤديها التاجر للغير ما لم يثبت العكس. ذلك ان التبرع غير مألوف في مجال التجارة الذي يقوم على الاخذ والعطاء وتبادل المنافع.
وتناولت المادة (101) القرض فاعتبرته تجاريا اذا كان القصد منه صرف المبالغ المقترضة في اعمال تجارية. والعبرة في هذا الصدد بقصد المقترض الظاهر وقت التعاقد لا بالمصير الذي ينتهي اليه استعمال المبلغ المقترض.
والمقصود بالاعمال التجارية الاعمال التجارية الاصلية منها او التبعية. كما اذا ما أبرم القرض لشراء مبنى يتخذ مقرا لممارسة النشاط التجاري، او بقصد ادخال تحسينات او توسعات على المحل التجاري.
وعرض المشروع لشرط الفائدة في القرض. وهو الشرط الذي يرد في عقد القرض ويلزم المقترض بدفع فائدة مقابل انتفاعه بمبلغ القرض قبل حلول ميعاد رده - وهي الفائدة التي درج الفقه على تسميتها بالفائدة التعويضية اي التي تدفع تعويضا عن الانتفاع بمبلغ من النقود خلافا للفائدة التأخيرية التي تدفع تعويضا عن التأخير في الوفاء به. فنص في المادة (102) على حق الدائن في اقتضاء هذه الفائدة التعويضية - في القرض التجاري ما لم يتفق على غير ذلك - وهو ما يتسق وروح التجارة. فاذا لم يعين سعر الفائدة في العقد، كانت الفائدة المستحقة هي الفائدة القانونية (7%). اما اذا تضمن العقد اتفاقا على سعر الفائدة، وتأخر المدين في الوفاء، احتسبت الفائدة التأخيرية على اساس السعر المتفق عليه.
وضبطت المادة (103) مواعيد استحقاق الفوائد لتضع حدا للخلاف عليها، فنصت على ان تؤدي الفائدة في نهاية السنة اذا كانت مدة القرض سنة او اكثر وفي يوم استحقاق الدين اذا كانت المدة اقل من سنة وذلك ما لم يتفق الطرفان على خلاف ذلك.
ووضعت المادتان (104) و (105) احكاما خاصة بالاجل تتسق وطبيعة الاعمال التجارية وقد روعى فيها كفالة حقوق الدائن وتعويضه من جهة، وتمكين المدين من التخلص من الدين قبل حلول اجله وحثه على تنفيذ التزاماته خلال الاجل من جهة اخرى، فقضت المادة (104) بأنه اذا كانت مدة القرض معينة اعتبر الاجل في مصلحة الدائن فلا يجبر على قبول استيفاء الدين قبل حلول الاجل ما لم يدفع المدين الفائدة المترتبة على المدة الباقية - في حين ان الاصل في القرض بفائدة ان الاجل مضروب لمصلحة الطرفين معا، ومن ثم فلا يجوز النزول عنه قبل حلوله الا باتفاقهما. ومع ذلك يجوز استثناء للمقترض اذا كانت مدة القرض اطول من سنة ان يرد المثل قبل حلول الاجل بشروط معينة منها ان يدفع المقترض فائدة سنة كاملة.
أما المادة (105) فقد نصت على انه اذا عين لتنفيذ العقد اجل معين وانقضى دون ان يقوم المدين بالتنفيذ فلا يجوز بعد ذلك اجبار الدائن على قبوله.

تابع الملحق
وتناولت المادة (106) احدى صور الفسخ التي تثير منازعات كثيرة في العمل وهي الحالة التي يحتفظ فيها احد المتعاقدين بحق الفسخ متى شاء مقابل دفع مبلغ معين. ولما كان وجود هذا الحق مسلطا على المتعاقد الاخر مما يدعو الى الاحجام عن التنفيذ فقد أراد النص الحد منه فأسقطه متى قام من تقرر لمصلحته بتنفيذ ما يفرضه عليه العقد من التزامات او قبل قيام المتعاقد الاخر بتنفيذ التزاماته - لان كلا الامرين يكشف عن الرغبة في النزول عن حق الفسخ.
وضمانا لانتظام الوفاء بالالتزامات التجارية وضع المشروع احكاما تتعلق بالتنفيذ تتمشى مع ما تتميز به الاعمال التجارية من سرعة وائتمان، استهلتها المادة (107) بتحريم المطالبة بالوفاء في غير ساعات العمل التي يجري عليها العرف لتحول دون التربص بالمدين والتحايل على الايقاع به.
ويسرت المادة (108) اعذار المدين فأجازته بكتاب مسجل مصحوب بعلم الوصول بل وببرقية في حالات الاستعجال وهو ما يتسق والسرعة التي هي طابع المعاملات التجارية. في حين ان الاصل ان الاعذار في المعاملات المدنية يتم بورقة رسمية تعلن للمدين.
وحظرت المادة (109) منح المدين بالتزام تجاري مهلة قضائية للوفاء به او تقسيطه الا في الاحوال المنصوص عليها في هذا القانون او اذا اقتضت ذلك ضرورة قصوى تقدرها المحكمة وتقتنع بجديتها. اما في المسائل المدنية فيجوز للمحكمة عند الضرورة اذا لم يمنعها نص في القانون ان تنظر المدين الى اجل مناسب اذا استدعت حالته ذلك ولم يلحق الدائن من هذا التأجيل ضرر جسيم.
وعالجت المواد من 110 - 115 شروط استحقاق الفوائد وسعرها، بما يتسق ونصوص التشريع القائم والتعديل الذي ادخل عليه بالمرسوم بقانون رقم 102 لسنة 1976.
ولما كان الحد الاقصى لسعر الفائدة الاتفاقية قد عدل الى 10% بمقتضى قرار البنك المركزي رقم (1) لسنة 1977، فقد عدل المشروع سعر الفائدة القانونية الى 7% ليتسق مع الحد الاقصى الجديد لسعر الفائدة الاتفاقية.
واجرت المادة (113) فوائد التأخير بمجرد استحقاق الدين، ذلك ان التأخير في الوفاء بالدين التجاري في ميعاد استحقاقه موجب للضرر بمجرد حصوله.
كما اجازت المادة 114 المطالبة بتعويض تكميلي دون حاجة الى اثبات الغش او الخطأ الجسيم من جانب المدين. وذلك على خلاف ما درجت عليه التشريعات المدنية من سريان فوائد التأخير من تاريخ المطالبة القضائية بها ما لم ينص القانون او الاتفاق على غير ذلك، وان للدائن ان يطالب بتعويض تكميلي يضاف الى الفوائد اذا اثبت ان الضرر الذي يجاوز الفوائد قد تسبب فيه المدين بغش منه او بخطأ جسيم.
وهذا التعويض التكميلي تجري في شأنه قواعد التقدير القضائي للتعويض ويقاس بمقدار ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من ربح.
وحثا- للمدين على الوفاء بالسرعة التي يتطلبها التعامل التجاري، مع اتخاذ الاحتياطات المعقولة التي يقتضيها حسن التبصر ويمليها حرص المدين على الاطمئنان الى صحة الوفاء الصادر منه، نصت المادة 116 على ان يكون اهلا لتلقي الوفاء من يحمل مخالصة متى كان الموفى يجهل الاسباب التي تحول دون الوفاء الى الحامل. وبذلك اقام النص قرينة على صحة الوفاء بالدين التجاري اذا حصل بحسن نية لمن يحمل مخالصة. وهي قرينة بسيطة يمكن اثبات عكسها. وهو ما يخرج على الاحكام المتعلقة بصحة الوفاء في المسائل المدنية والتي تقتضي حرصا شديدا من جانب المدين وتضع على عاتقه واجب البحث والتحري للتأكد من اهلية الدائن لاستيفاء الدين، ومن ان الشخص الذي يتلقى الوفاء هو الدائن الحقيقي وصاحب الحق الشرعي في اقتضاء الدين بحيث اذا أهمل المدين في اجراء هذا البحث فوفى لغير الدائن الحقيقي او لنائبه وقع وفاؤه خاطئا وغير مبرىء للمدين، فيلزم بالوفاء مرة ثانية للدائن الحقيقي - الا اذا أقر الدائن هذا الوفاء، او عادت عليه منفعة منه وبقدر هذه المنفعة، او تم الوفاء بحسن نية لشخص كان الدين في حيازته - وهي احكام لا تتمشى وطبيعة التعامل التجاري وما يقتضيه من سرعة وثقة.
وجعلت المادة (117) من وجود سند الدين في يد المدين قرينة قانونية على براءة ذمته الى ان يقيم الدائن الدليل العكسي. في حين او وجود سند الدين في حيازة المدين. في المسائل المدنية - لا يعدو ان يكون مجرد قرينة قضائية.
كما جعلت المادة (118) مدة تقادم الالتزامات التجارية عشر سنوات - بدلا من خمس عشرة سنة المقررة للتقادم المدني - وقد روعى في تخفيض مدة التقادم ان التجار ينشطون عادة الى المطالبة بحقوقهم ويواصلون السعي في تحصيلها لحاجتهم الدائمة الى المال - وهو ما اتجهت اليه كثير من التشريعات كالقانون السوري واللبناني والعراقي.
ثانيا - : البيوع بالتقسيط والبيوع البحرية
أ - البيوع بالتقسيط
عالج المشروع البيوع بالتقسيط وهي من البيوع الهامة في مجال التجارة، فاستكمل بذلك نقصا في التقنين التجاري القائم الذي خلا من تنظيمها رغم انها من البيوع الذائعة في العمل.
وقد راعى المشروع في تنظيمه لها التوفيق بين مصلحة المشتري ومصلحة البائع. فكفل حماية المشتري مما قد يفرضه عليه البائع من شروط مرهقة قد يرضى بها تحت ضغط الحاجة الى السلعة. وأمن البائع ضد خطر تصرف المشتري في المبيع قبل اتمام الوفاء بالاقساط بأكملها.
فأهدرت المادة (136) شرط الفسخ عند تخلف المشتري عن دفع احد الاقساط اذا تبين انه قام بدفع الجز الاكبر منها.
ونظمت المادة (137) شرط احتفاظ البائع بملكية المنقول المبيع حتى تمام السداد. فملكت المشتري المبيع بمجرد الانتهاء من دفع الاقساط، وخلصت البائع من تبعة هلاك المبيع بمجرد تسليمه الى المشتري. كما استلزم المشروع لنفاذ - شرط الاحتفاظ بالملكية - في حق الغير تدوينه في ورقة ذات تاريخ ثابت وسابق على حق الغير او على اجراءات التنفيذ التي يتخذها الدائن على المبيع، مراعيا مع ذلك عدم الاخلال بالاحكام المنصوص عليها في باب الافلاس والتي تقضي في الفقرة الثانية من المادة 620 منها بعدم جواز الاحتجاج على جماعة الدائنين بهذا الشرط. ومن ثم اذا افلس المشتري قبل دفع الاقساط فلا سبيل للبائع - على الرغم من وجود الشرط - الا الدخول في التفليسة بوصفه دائنا عاديا بالثمن لا مالكا مستردا.
وحظـرت المادة (138) على المشتري التصرف في المبيع قبل اداء الاقساط بأكملها الا اذا وافق البائع على ذلك كتابة. وحرمت الاحتجاج بالتصرف على البائع اذا تمكن من اثبات علم المتصرف اليه وقت التصرف بتقسيط الثمن.
وغنى عن الذكر ان النص لم يشترط ان تكون موافقة البائع سابقة على التصرف، ومن ثم تجوز موافقته اللاحقة عليه، او قبوله للضمانات التي قدمها له المشتري للوفاء بالثمن، ويعتبر ذلك موافقة منه على التصرف فيسري في حقه.
وجعلت المادة (139) جزاء تصرف المشتري في المبيع قبل الوفاء بثمنه وبغير موافقة البائع حلول الاقساط الباقية فورا.
وعرضت المادة (140) للحالة التي يعمد فيها البائع الى اخفاء البيع بالتقسيط تحت ستار عقد الايجار فيسمى البيع ايجارا، ويصف اقساط الثمن بأنها أجــرة مقسطة، ثم يتفق مع المشتري على انه اذا وفى بهذه الاقساط انقلب الايجار بيعا، وانتقلت ملكية المبيع باتة الى المشتري. ويهدف البائع بذلك الى تحصين نفسه وضمان حقه، اذ هو يستوفي الاقساط اجرة لا ثمنا، واذا تصرف المشتري في المبيع عد هذا منه تبديدا - ولهذا رأى المشروع ان يقر الامور في نصابها، ويعتد بحقيقة قصد المتعاقدين وقت التعاقد، فنص على ان احكام البيع بالتقسيط تسري على العقد - ولو سمى المتعاقدان البيع ايجارا - - وهو الحل الذي اخذت به الفقرة الاخيرة من المادة 396 من القانون القائم وحسمت به خلافا ثار في هذه المسألة.
وغنى عن الاشارة انه فيما عدا هذه الاحكام الخاصة التي املتها طبيعة هذا النوع من البيوع التجارية، ورأى المشروع ان يخصها بالذكر، فان الاحكام العامة في البيوع المدنية تكون هي المرجع والاساس، وتعتبر متممة لها فيما لم يرد فيه حكم خاص.
ب - البيوع البحرية
ونظرا لاهمية البيوع البحرية في تجارة الاستيراد والتصدير، وما تثيره من مشكلات بسبب تداخل تنفيذ عقد البيع مع تنفيذ عقد النقل البحري. ولما كانت هذه البيوع ذات طابع دولي، فقد عنى المشروع باعادة تنظيمها بما يتفق والقواعد الدولية التي وضعتها الغرفة التجارية الدولية بباريس سنة 1953، وقننتها بعض التشريعات الحديثة، ودرج عليها العمل في معظم الدول.
والبيوع البحرية قسمان : بيوع القيام وبيوع الوصول.
وقد اهتم المشروع بوجه خاص بعلاج بيوع القيام علاجا مفصلا نظرا لاهميتها وذيوعها في التجارة الدولية. اما بيوع الوصول فقد اكتفى المشروع بايراد العناصر المميزة لها تاركا امر تنظيمها لاتفاقات الطرفين نظرا لندرتها في العمل.
ولبيوع القيام صورتان اساسيتان : البيع سيف والبيع فوب.
وقد آثر المشروع ان يقتصر على معالجة هذين البيعين اذ فضلا عن ذيوعهما في العمل، فانهما الاصل الذي يتفرع عنه عديد من البيوع الاخرى. كالبيع مع الزام البائع بأداء المصروفات وابرام عقد النقل دون عقد التأمين (البيع C.F.) وهو من صور البيع سيف، والبيع مع التسليم على رصيف ميناء الشحن (البيع F.A.S ) وهو من صور البيع فوب.
البيع سيف
وقد عنى المشروع في المادة 141 بتعريف البيع سيف تعريفا يبرز سبب تسميته المستمدة من العناصر المكونة للثمن وهو مبلغ اجمالي يضم ثمن البضاعة (cost) وتكلفة التأمين عليها (Insurance)، واجرة نقلها بحرا الى مكان المشتري ( Freight ). وقد اشتهر هذا البيع بالحروف الاولى من هذه الكلمات الثلاث، وانتشرت التسمية حتى في البلاد التي لا تتكلم الانجليزية. ولم ير المشروع بأسا من تبني هذه التسمية المستقرة في التجارة الدولية والتي أخذ بها التشريع القائم.
كما حرص المشروع في تعريف هذا البيع على بيان ان الثمن بالرغم من شموله للعناصر الثلاثة السالفة، فانه بدل مقطوع اي مقدر جزافا بحيث لا يقبل اي عنصر من عناصره اي تعديل بعد ابرامه. فلو تمكن البائع من شحن البضاعة بأجرة تقل عما توقعه طرفا العقد، او لو ارتفعت اجور النقل في الفترة ما بين ابرام البيع وشحن البضاعة، او لو طرأ اي تغيير في اسعار التأمين، فلا يقبل من اي من طرفي العقد تعديل الثمن المتفق عليه بسبب التعديل الذي حدث في احد عناصره.
ثم عرض المشروع بعد ذلك لالتزامات البائع، واولها التزامه بابرام عقد نقل البضاعة المبيعة - على نفقته - الى ميناء الوصول بطريق الرحلة المعتاد (م 1/142) اي الطريق المتبع عادة بين ميناء الشحن وميناء الوصول. فاذا كان هناك طريق مباشر فانه يجب اتباعه، والا يؤذن للناقل في تغيير السفينة الناقلة في الطريق ما لم يكن ذلك مما تجري به العادة في الظروف المماثلة.
ولم يعرض النص الا للنقل البحري وهو الصورة الغالبة. ولكن اذا كان البيع منصبا على بضاعة من مصنعها او من مكان انتاجها، كان على البائع ان يتحمل نقلها من هذا المكان الى ميناء الشحن.
واشارت الفقرة الثانية من المادة 142 الى التزام البائع بدفع اجرة النقل ونفقات التفريغ. وهو امر طبيعي لانها تدخل في تقدير ثمن البضاعة. ولا يلتزم البائع من نفقات التفريغ الا بالقدر الذي يحدد عند شحن البضاعة في ميناء الشحن، ويتقاضاه الناقل عادة مع اجرة النقل. فاذا زادت النفقات الفعلية للتفريغ عن هذا القدر تحملها المشتري.
وعرضت المادة 143 لالتزام البائع بشحن البضاعة فقضت - في فقرتها الاولى - بأن على البائع ان يشحن البضاعة على نفقته على السفينة في ميناء الشحن في التاريخ المتفق عليه في عقد البيع. او في وقت معقول اذا لم يحدد الطرفان وقتا للشحن.
ولموعد الشحن اهمية بالغة في البيع البحري، اذ يستطيع المشتري على اساسه ان يقدر موعد وصول البضاعة، ويرتب معاملاته بشأنها على اساس هذا الموعد المرتقب.
والغالب ان يتفق الطرفان في عقد البيع على موعد يتم فيه الشحن، او على مدة يتم خلالها. فاذا اتفق الطرفان على موعد او مهلة للشحن التزم بها البائع. واذا لم يكن ثمة اتفاق على ذلك وجب تنفيذ الشحن خلال وقت معقول، وهو ما يحدده القضاء بالنظر الى ظروف البيع وظروف الميناء.
والمقصود بالشحن الذي ينبغي ان يتم في الميعاد المقرر هو الشحن على السفينة ذاتها، فلا يكفي ان تشحن البضاعة في الميعاد على -صنادل- او عائمات بقصد توصيلها للسفينة الراسية في عرض البحر ولو كانت هذه -الصنادل- او العائمات تابعة للسفينة، بل يلزم الشحن الفعلي على السفينة ذاتها في الموعد او المدة المقررة.
اما ميناء الشحن الذي يجب ان تشحن البضاعة منه، فيتحدد عادة باتفاق الطرفين فاذا لم يتحدد كان للبائع ان يشحن البضاعة من اقرب ميناء الى موطنه.
وكما يلتزم البائع بنفقات شحن البضاعة، فانه يلتزم كذلك بنفقات اعدادها للتصدير وتهيئتها للشحن، والقيام بجميع الاجراءات اللازمة لذلك، فيقع على عاتقه استخراج التراخيص الخاصة بتصدير البضاعة، كما يتحمل نفقات الحزم ومصروفات قياس البضاعة او وزنها او عدها او التأكد من نوعيتها متى كانت هذه العمليات لازمة للشحن. كما يلتزم بالضرائب والرسوم المستحقة على البضاعة بسبب تصديرها وشحنها (م 2/143).
ونظرا لاهمية تاريخ الشحن لتقدير موعد وصول البضاعة اوجبت الفقرة الثالثة من المادة 143 على البائع ان يخطر المشتري دون تأخير بتاريخ الشحن واسم السفينة. ولم يجد المشروع حاجة لتقرير جزاء على اخلال البائع بهذا الالتزام، اكتفاء بالقواعد العامة في هذا الشأن.
وواجهت المادة 144 مسألة هامة هي تبعة ما قد يلحق البضاعة من ضرر اثناء تنفيذ النقل البحري، فقضت بأن يتحمل البائع هذه التبعة حتى يتم شحن البضاعة، ثم تنتقل هذه التبعة بعد ذلك الى المشتري. وحسم النص كل خلاف حول تحديد الوقت الذي يتم فيه الشحن وتنتقل فيه التبعة الى المشتري، فجعل الفيصل في ذلك هو اجتياز البضاعة اثناء شحنها حاجز السفينة. فمنذ تلك اللحظة تقع على كاهل المشتري تبعة ما قد يصيب البضاعة من ضرر. وهو الحل الذي استقر في العرف الدولي، واخذت به قواعد غرفة التجارة الدولية سنة 1953.
وتشمل الاضرار التي يتحمل المشتري تبعتها بعد الشحن كل هلاك او نقص او تلف يصيب البضاعة اثناء نقلها بسبب الحوادث البحرية كالغرق او الحريق او بسبب اخطاء الناقل او تابعيه.
واحتياطا من هذه المخاطر اللاحقة للشحن والتي يتحمل المشتري تبعتها، فان البيع سيف يلقى على عاتق البائع الالتزام بالتأمين على البضاعة من جميع مخاطر الرحلة، وهو التزام يتلقى البائع مقابلا له اذ ان اقساط التأمين تدخل عنصرا في تحديد الثمن على ما سلف البيان.
وقد نصت على هذا الالتزام الهام المادة 145 من المشروع التي تقضى في فقرتها الاولى بأن يبرم البائع - على نفقته - مع مؤمن حسن السمعة عقد تأمين بحري على البضاعة يغطى مخاطر الرحلة فاذا شحن المبيع على دفعات وجب التأمين على كل دفعة على حدة. والعلة في تعدد التأمين بتعدد الدفعات هو ان المشتري قد يبيع بعض دفعات من البضاعة اثناء الرحلة الى مشترين مختلفين ويتطلب تسليم كل دفعة الى مشتريها تقديم وثيقة التأمين الخاصة بها، وهو حل متعذر في حالة ما اذا كانت الدفعات كلها تغطيها وثيقة تأمين واحدة.
ولكي يكون التأمين ضمانا حقيقيا للمشتري اوجب المشروع الا يقيم البائع نفسه مؤمنا تجاه المشتري. اذ الغرض في التأمين ان يقدم للمشتري ضمانا اضافيا الى جانب الضمانات الناشئة عن عقد البيع.
ولما كان المشتري في البيع سيف كثيرا ما يتصرف في البضاعة اثناء نقلها، اما ببيعها واما برهنها الى البنك الذي يتعامل معه، فضلا عن انه قد يحتاج الى توكيل غيره في استلامها عند وصولها او الى احلال شركة التأمين محله في حقوقه قبل الناقل اذا تقاضى منها مبلغ التأمين في حالة اصابة البضاعة باي ضرر، وحتى يتسنى للمشتري في امثال هذه الصور تحويل وثيقة التأمين الى الغير نص المشروع على ان يكون التأمين الذي يعقده البائع بوثيقة قابلة للتداول.
كما نص على الا يقل مبلغ التأمين عن الثمن المذكور في عقد البيع مضافا اليه عشرة في المائة (م 2/145). وهي نسبة قدرها المشروع لما يطرأ من زيادة على قيمة البضاعة في ميناء الوصول باضافة الربح المتوقع.
وعرضت الفقرة الثالثة من المادة 145 للاخطار التي يغطيها التأمين. فقضت بأن البائع لا يلتزم الا بالتأمين ضد اخطار النقل العادية. اما الاخطار الاضافية او الاستثنائية كالاخطار الخاصة بتجارة معينة او الاخطار الناشئة عن الحرب فلا يلتزم البائع بالتأمين عليها الا اذا اتفق الطرفان على غير ذلك.
ولما كان البيع سيف يتم بين طرفين في جهتين مختلفتين، وكانت البضاعة تنتقل منذ شحنها الى يد الناقل، فان تسليم هذه البضاعة يكون بتسليم المستندات التي تمثل حيازتها، ويقوم سند الشحن بهذا الدور. ومن اجل ذلك نصت المادة 1/146 على ان يرسل البائع الى المشتري دون تأخير سند شحن نظيفا وقابلا للتداول وخاصا بالبضاعة المبيعة. ويجب ان يكون هذا السند مشتملا على ما يثبت ان البضاعة شحنت على السفينة في التاريخ او خلال المهلة المحددة للشحن، وان يخول المشتري او من يمثله الحق في استلام البضاعة بتظهيره اليه او نقل هذا الحق اليه بالطريق القانوني المناسب. فاذا كان السند برسم الشحن ( وهو السند الذي تصدره شركات الملاحة في بعض الاحيان قبل شحن البضاعة) وجب ان يكون مؤشرا عليه من الشركة الناقلة في تاريخ الشحن بما يفيد اتمام الشحن على السفينة.
وحسما- لما أثير من جدل حول المقصود بسند الشحن النظيف، عنى المشروع في الفقرة الثانية من المادة 146 بتحديد مدلوله بما يتفق وما اوردته القواعد الدولية التي وضعتها الغرفة التجارية الدولية سنة 1953 فنص على ان يعتبر السند نظيفا اذا لم يشتمل على شروط اضافية صريحة تؤكد وجود عيوب في المبيع او في كيفية حزمه. ولا يدخل في هذه الشروط الاشارة في سند الشحن الى سبق استخدام الاوعية او الاغلقة او الى عدم المسئولية عما يحدث من ضرر بسبب طبيعة المبيع او جهل الناقل بمحتويات الطرود او وزنها.
ولما كان البائع ملزما بأن يسلم مع البضاعة الحق الناشىء من التأمين عليها بحيث يتمكن المشتري من الحصول على مبلغ التأمين عند هلاك البضاعة او تلفها، فقد اوجبت الفقرة الثالثة من المادة 146 ان يرفق البائع بسند الشحن عند ارساله للمشتري وثيقة التأمين او شهادة تقوم مقامها وتشتمل على شروطها الاساسية ـ وتخول لحاملها ذات الحقوق الثابتة بالوثيقة. كما اوجبت عليه كذلك ان يرفق بالسند قائمة بالبضاعة والوثائق التي قد يطلبها المشتري لاثبات مطابقة البضاعة لما ينص عليه العقد.
وتمكينا للمشتري من الاحاطة بشروط النقل، والتعرف على حقوقه في مواجهة الناقل البحري المسئول عن تسليم البضاعة اليه في ميناء الوصول قضى المشروع بوجوب ارفاق عقد ايجار السفينة اذا كان سند الشحن يحيل الى ما تضمنه من شروط.
ولما كان تسليم المبيع في البيع سيف يتم بطريق نقل المستندات من البائع الى المشتري فقد خولت المادة 147 للمشتري الحق في عدم قبول تلك المستندات اذا كانت ناقصة او غير مطابقة للشروط المنصوص عليها في العقد كما لو كان سند الشحن لا يغطي كامل الرحلة الى ميناء الوصول، او كان التأمين معقودا بمبلغ يقل عن قيمة البضاعة، او كانت الاوراق تكشف بذاتها عن تخلف البائع عن تنفيذ بعض التزاماته الاخرى.
وحتى لا يتراخى المشتري في اعلان عدم قبوله لتلك المستندات او اعتراضه عليها لمدة طويلة مما قد يضر بصالح البائع قضى المشروع باعتبار المشتري قابلا لتلك المستندات اذا لم يعترض عليها خلال سبعة ايام من تاريخ تسلمها. ويتم الاعتراض باخطار البائع بارسال مستندات مطابقة للشروط خلال فترة مناسبة. وللمشتري بعد انقضاء تلك الفترة طلب فسخ البيع مع التعويض ان كان له مقتض.
واذا رد المشتري المستندات لاسباب معينة او قبلها بقيود فليس له بعد ذلك ان يبدي اي اعتراض غير الاسباب والقيود التي سبق ايرادها، وذلك حتى لا يلجأ المشتري الى المماطلة في قبول المستندات بالتعلل باسباب جديدة وهو ما قد يلجأ اليه المشتري في بعض الاحيان للتخلص من الصفقة اذا انخفضت اسعار البضاعة قبل وصولها اليه.
ومتى قدرت المحكمة ان رد المشتري للمستندات لم يكن له ما يبرره، كان مسئولا عن تعويض البائع عما ينجم عن ذلك من ضرر.
ولما كان لوصول المستندات الى المشتري قبل وصول السفينة اهمية بالغة اذ هي التي تمكنه من استلام البضاعة عند وصولها، وتجنبه نفقات ومخاطر ايداعها احد المخازن او افراغها على رصيف الميناء، فانه ينبغي على البائع ارسال تلك المستندات الى المشتري دون تأخير حتى تصل اليه قبل وصول السفينة. فاذا وصلت السفينة قبل وصول المستندات وجب على البائع فور اخطاره بذلك القيام بكل ما يلزم لتمكين المشتري من الحصول على نسخة من المستندات التي لم تصل او استكمال المستندات الناقصة (م148) ومن الطبيعي ان يتحمل البائع المصروفات اللازمة لذلك مع تعويض ما قد يصيب المشتري من ضرر بسبب ذلك.
وعرضت المادة 149 للاستلام الفعلي للبضاعة. فألزمت المشتري الذي قبل المستندات التي قدمها البائع باستلام البضاعة عند وصولها على السفينة الناقلة بعد فحصها والتحقق من مطابقتها لما جاء بالاوراق. فاذا لم تكن البضاعة موافقة لما ورد بالمستندات فان للمشتري رفضها رغم سبق قبول المستندات، ذلك لان المستندات لا تكشف الا عن الحالة الظاهرة للبضاعة، وقد يكشف الاستلام الفعلي والتحقق من البضاعة على الطبيعة ان بها ما يخالف بيانات المستندات.
كما تضمنت المادة 149 حكما مستمدا من طبيعة البيع سيف وهو تحمل المشتري المصروفات التي تستحق على البضاعة اثناء الرحلة البحرية حتى وصولها الى ميناء الوصول ما لم يكن متفقا على دخول هذه المصروفات في اجرة النقل فعندئذ يتحملها البائع لانها تدخل في تقدير الثمن الذي يدفعه المشتري. كما يتحمل المشتري ما قد يستحق على المبيع من رسوم استيراد او رسوم جمركية.
وبالرغم من حق المشتري في فحص البضاعة ورفضها اذا كانت مخالفة لما ورد في الاوراق، فقد قدر المشروع ان من غير الملائم فسخ البيع بعد وصول البضاعة متى كانت المخالفة لا تجاوز القدر المسموح به عرفا فألزم المشتري بقبول البضاعة مع تنزيل في الثمن يقدره الخبراء وفقا للعرف المعمول به في ميناء الوصول (م 150 ).

البيع فوب :
وبعد ان فرغ المشروع من علاج البيع سيف، تناول البيع -فوب-. وهو الصورة الثانية من بيوع القيام. ويختلف عن البيع -سيف- في ان البائع لا يلتزم فيه بابرام عقد النقل او عقد التأمين، لذلك فان ثمن المبيع الا يتضمن نفقات النقل او عقد التأمين، لذلك فأن ثمن المبيع لا يتضمن نفقات النقل والتأمين وانما يقوم المشتري بأدائها مباشرة الى الناقل والمؤمن اللذين يتعاقد معهما. كما يختلف عنه كذلك في ان المستندات ليس لها دور فيه كما في البيع -سيف- لان النقل والتأمين يعقدهما المشترى مباشرة مع النقال والمؤمن ويتسلم منهما سندى الشحن والتأمين دون تدخل من البائع.

ويتميز البيع فوب بأنه ينفذ كله في ميناء الشحن الذي يتفق عليه في العقد. وما على البائع الا احضار البضاعة الى مبناء الشحن وتسليمها الى الناقل البحري الذي تعاقد معه المشتري. وابرازا لهذه الخصيصة الجوهرية عرفت المادة 151 البيع -فوب- بأنه البيع الذي يتم فيه تسليم البضاعة في ميناء الشحن على ظهر السفينة التي يعنيها المشترى لنقلها.

وعرضت المادة 152 لالتزام المشتري بنقل البضاعة اذ هو الوسيلة لتمكين البائع من تنفيذ التزامه بتسليمها اليه على ظهر السفينة. فقضت بأن على المشترى ابرام عقد نقل البضاعة واداء اجرته، واخطار البائع في وقت مناسب باسم السفينة التي اختارها للنقل ومكان الشحن وتاريخه او المهلة المعينة للقيام به.
ومتى اخطر المشتري البائع البيانات السالفة، التزم البائع بشحن البضاعة على السفينة التي عينها المشتري في التاريخ او خلال المدة المعينة للشحن. ويتحمل نفقات عملية الشحن وكذلك النفقات اللازمة لاعداد البضاعة للشحن كنفقات حزمها او فحصها او قياسها او عدها.
وعلى البائع ان يخطر المشتري دون ابطاء بشحن البضاعة، وان يرسل اليه الاوراق المالية على ذلك، على ان يتحمل المشتري مصروفات الاخطار وارسال الاوراق (م153).
ولما كان التسليم لا يتم الا باعطاء البضاعة للناقل البحري على ظهر السفينةن فان البائع يتحمل نفقات استخراج اذن تصدير البضاعة وجميع الاجراءات الخاصة بالشحن (م154).
واذ طلب المشترى تقديم شهادة دالة على مصدر البضاعة التزم البائع بالحصول عليها وتقديمها له (م155) لانها مما يدخل في ادلة الاثبات التي يلزمه تقديمها للدلالة على تنفيذ التزامه الخاص بالبضاعة المسلمة.

ولما كان البائع هو الذي يقوم بشحن البضاعة وتسليمها للناقل، فان الناقل كثيرا ما يصدر سند الشحن ويسلمه للبائع، بل قد يشترط عليه البائع ذلك قبل تسليمه البضاعة لذلك اوجبت المادة 156 على البائع تقديم كل معاونة لتمكين المشتري من الحصول على سند الشحن وغيره من المستندات الصادرة في بلد الشحن والتي قد يطلبها المشتري ليتمكن من استيراد البضاعة الى بلد الوصول، او مرورها عبر دولة اخرى عند الاتقضاء. ويتحمل النفقات اللازمة للحصول على هذه الاوراق اذ ان مسؤولية البائع تقف عند اتمام عملية الشحن.

ويشبه البيع -فوب- البيع -سيف- في ان البائع في كل منهما يتحمل تبعة ما يلحق البضاعة حتى تمام شحنها اي حتى اللحظة التي تجتاز فيها حاجز السفينة التي تتولى النقل. ثم تنتقل التبعة بعد ذلك الى المشتري. وهو ما نصت عليه المادة 157 بالنسبة للبيع -فوب-.

وواجهت المادة 158 حالة ما اذا لم يخطر المشتري البائع باسم السفينة الناقلة في الميعاد المناسب، او كان قد احتفظ بحق تعيين مدة لتسلمه البضاعة او لتحديد ميناء الشحن ولم تصدر عنه تعليمات محددة خلال تلك المدة. فالزمته بالمصروفات الاضافية التي تنجم عن ذلك، كما حملته تبعة ما قد يلحق البضاعة من ضرر من تاريخ انقضاء المدة المتفق عليها للتسليم بشرط ان تكون البضاعة قد تعينت بذاتها بعقد البيع او بأي وسيلة اخرى، لانه وان كان الاصل في البيع -فوب- ان المشترى لا يتحمل تبعة ما قد يلحق البضاعة من ضرر الا من تاريخ تسلمها وانتقال ملكيتها اليه بشحنها على السفينة، الا انه متى تسبب بخطئه في عدم تمكين البائع من تسليمها، فان من الطبيعي ان يتحمل تبعة ما يصيبها من ضرر، فضلا عن المصروفات الناجمة عن تقصيره.

واجرت المادة 159 ذات الحكم على حالة ما اذا تأخرت السفينة الى ما بعد انتهاء المدة المعينة للشحن او اذا لم تستطع شحن البضاعة خلال تلك المدة، فحملت المشترى ما ينجم عن ذلك من مصروفات اضافية او ضرر البضاعة لانه ليس من العدالة تحميل البائع تعة امور لا يد له فيها. والمشتري وشأنه في الرجوع على الناقل الذي تعاقد معه اذا كان التأخير راجعا الى تقصيره.

بيوع الوصول :
وعالجت المادة 160 بيوع الوصول. ولما كان هذا النوع من البيوع اصبح نادرا في العمل فقد اكتفى المشروع بايراد الخصائص التي تميزها عن البيع -فوب- والبيع -سيف-. واعتبرها بيوعا بشرط التسليم فتخضع لاحكام هذه البيوع.

ثالثا - النقل الجوي

اختتم المشروع احكام عقد النقل بمعالجة النقل الجوي فاستدرك بذلك نقصا في القانون التجاري القائم الذي اغفل تنظيمه اغفالا تاما رغم اهميته البالغة وانفراده ببعض احكام خاصة تتفق وطبيعته وتغير تلك التي تحكم عقد النقل البري، فضلا عن وجود اتفاقية دولية تنظم بعض لواحيه - هي اتفاقية وارسو المبرمة في 12 من اكتوبر سنة 1929 والمعدلة ببروتوكول لاهاي بتاريخ 28 من سبتمبر سنة 1955 والمعاهدة المكملة لها الموقعة في -جوادا لاجارا- بالمكسيك بتاريخ 18 من سبتمبر سنة 1961 - والتي انضمت اليها الكويت القانون رقم 20 لسنة 1975.

واذا كان تطبيق اتفاقية وارسو الخاصة بتوحيد بعض قواعد النقل الجوي مقصورا على النقل الدولي - حسبما عرفته المادة الاولى منها - فقد رأى المشروع الاستعانة بأحكامها لتنظيم ما عساه ان يكون من نقل جوي داخلي في الكويت، والنقل الذي تقع فيه نقطة القيام او نقطة الوصول في اقليم دولة غير طرف في الاتفاقية وتطبق في شأنه احكام القانون الكويتي وفقا لقواعد الاسناد - وكلاهما نقل لا يخضع لاحكام الاتفاقية، وذلك توحيدا لاحكام النقل الجوي وتفاديا من ازدواج القواعد والاحكام بين القانون الوطني والاتفاقية - وهو ما سارت عليه غالبية الدول التي انضمت اليها.

وبالرغم من ان اتفاقية وارسو قد عدلت بمقتضي بروتوكول -جواتيمالات سيتي- بالمكسيك الموقع بتاريخ 8 من مارس سنة 1971 الا ان المشروع لم يشأن ان يتعجل ويتبنى ما جاء به من تعديلات، وذلك نظرا لان هذا البروتوكول لم يدخل بعد حيز التنفيذ ولان الكويت لم تنضم اليه حتى الان.
وقد استهل المشروع احكامه بايضاح مدلول بعض العبارات والالفاظ التي اوردها تحديدا لمعناها ورفعا لكل لبس وقد يثور بشأنها.
فبين في المادة 205 ان المقصود بعبارة (النقل الجوي) هو نقل الاشخاص او الامتعة او البضائع بالطائرات في مقابل اجر. والمقابل قد يكون نقدا او عينا او التزاما بأداء عمل. ولكن لا يكفي لتحقق معنى المقابل بمجرد الاسهام الرمزي من جانب المسافر او مرسل البضاعة في تكاليف الرحلة، بل يجب ان يكون المقابل حقيقيا بغية الحصول على ربح. وتوافر المقابل وقصد الربح مسألة واقع تخضع لتقدير قاضي الموضوع.
كما عرف النص المراد بلفط (الامتعة) وهي الاشياء التي يجوز للراكب حملها معه في الطائرة وتسلم للناقل لتكون في حراسته اثناء النقل، مستبعدا من هذا التعريف الاشياء الصغيرة الشخصية التي تبقى في حراسة الراكب اثناء السفر ولا يتخلى للناقل عنها - وهو ما يتسق واحكام الاتفاقية.
وغنى عن البيان ان اصطلاح _(الناقل الجوي) ينصرف الى -الناقل المتعاقد- والى -الناقل الفعلي- وفقا لحكم المادة الاولى من اتفاقية جوادا لاجارا سنة 1961. كما ان النقل الذي يتولاه عدد من الناقلين بطريق الجو على التتابع يعتبر عملية نقل واحدة ما دامت نية الاطراف قد اتجهت الى اعتباره كذلك (م 1/3 من اتفاقية وارسو).
ونظرا لاهمية مسؤولية الناقل الجوي وتفردها بأحكام خاصة وما تثيره في العمل من مصاعب قانونية، فقد عنى المشروع بتنظيمها تنظيما مفصلا وفقا لاحكام الاتفاقية، على ان تسري على عقد النقل الجوي فيما عداها الاحكام العامة لعقد النقل بشأن نقل الاشياء ونقل الاشخاص (م206).
اما الاحكام المتعلقة بوثائق السفر وبياناتها التي تناولتها الاتفاقية الى جانب مسؤولية الناقل الجوي، فقد آثر المشروع ان يغفلها اكتفاء بما درج عليه العمل من اتباع النماذج التي وضعها الاتحاد الدولي للنقل الجوي (الاياتا) - ومع ذلك فقد حرص المشروع على ذكر الحكم الخاص بضرورة الاشارة في الوثيقة الى ان النقل يقع وفقا لاحكام المسؤولية المحدودة المنصوص عليها في المادة (214) والا امتنع على الناقل التمسك بهذه الاحكام (م207) وذلك نظرا لاهمية هذا الحكم ولانه يتضمن جزاء يستلزم حتما وجود نص يقرره.
وقد بدأ المشروع تنظيمه لاحكام مسؤولية النقال الجوي بالكلام في شروط انعقادها سواء اكانت عن الاضرار التي تصيب الراكب، ام البضاعة، ام الاضرار التي تنجم عن التأخير.
فنص في المادة 208 على ان يسأل الناقل الجوي عن الضرر الذي يحدث في حالة وفاة الراكب او اصابته بجروج او بأي ضرر بدنى اخرى اذا وقع الحادث الذي ادى الى الضرر على متن الطائرة او في اثناء اية عملية من عمليات صعود الركاب ونزولهم. ويشترط في الحادي الذي يسأل عنه الناقل ان يقع نتيجة للنقل فلا يكفى ان يحدث اثناء النقل كأن يتعدى راكب على آخر لضغينة بينهما اذ لا صلة البتة بين هذا الحادث وعقد النقل.
وتعنى عبارة -او اصابة الراكب بأي ضرر بدنى آخر- الواردة بالنص ان النقال الجوي يكون مسؤولا عن اي اذى جسماني آخر ولو لم يترك اثرا ماديا على جسد الراكب كاصابته بصدمة عصبية او حالة اكتئاب نفسي. كما ان المقصود بلفظ -الحادث- الواقعة بمعناها الشامل.

اما الفترة الزمنية التي تبدأ فيها مسؤولية الناقل عن الاشخاص ونتنتهي - والتي اشار اليها النص - فقط استهدى المشروع في تحديدها بأحكام الاتفاقية. وهو في هذا التحديد قد راعى معيارين هما مخاطر الطيران ورعاية النقال للمسافرين - بمعنى ان التزام الناقل يبدأ في المكان والزمان الذي يتواجد فيه المسافر في مجال مخاطر الطيران وينتهي باختفاء تلك المخاطر. كما ان التزامه يرتبط ايضا بالزمان والمكان الذي يتولى فيه الناقل رعاية المسافر تمهيدا لعملية النقل. ومن ثم تسري مسؤولية النقال الجوي منذ ان يغادر الراكب قاعة الانتظار بالمطار ويدخل ارض المطار قاصدا الى الطائرة، ثم يصعد اليها ويستقر بها، والى ان ينزل منها متجها الى مباني المطار ويدخل هذه المباني بالفعل.

وتقوم هذه المسؤولية سواء كانت الطائرة لا تزال رابضة في ارض المطار، او كانت تحلق في الجو، او في اثناء اقلاعها او هبوطها. وساء هبطت في مطار الوصول او في أي مكان اخر اثناء الطريق. وسواء كان هبوط الطائرة عاديا او اضطراريا في غير الاماكن المخصصة لهبوط الطائرات.
اما النقل من مكتب شركة الطيران الى المطار او من المطار الى مكتب الشركة فلا يدخل في نطاق النقل الجوي ولا يعدو ان يكون مجرد نقل عادي من نوع ما يقوم به الناقل البري.
وعرضت المادة 209 لمسؤولية الناقل الجوي عن نقل الامتعة والبضائع ومداها الزماني والمكاني مستهدية في ذلك بفكرة الحراسة وحدها. فنصت في فقرتها الاولى على ان يسأل الناقل الجوي عن الضرر الذي يحدث في حالة هلاك او ضياع الامتعة او البضائع او تلفها اذا وقع الحادث الذي ادى الى الضرر اثناء النقل الجوي. وحددت في فقرتها الثانية مرحلة النقل الجوي بأنها الفترة التي تكون فيها الامتعة او البضائع في حراسة الناقل سواء كان ذلك في مطار كمطار القيام او الوصول او محطة اثناء الطريق، او اثناء الطيران او في اي جهة في حالة هبوط الطائرة هبوطا اضطراريا خارج المطار. ومن ثم يشمل النقل الجوي الفترة التي تمتد منذ استلام الناقل البضاعة في مطار القيام الى حين تلسيمها الى المرسل اليه في مطار الوصول. ولا تشمل مرحلة النقل الجوي اي نقل بري او بحري او نهري (في بعض البلاد) يقع خارج المطار. وهو ما اشارت اليه الفقرة الثالثة من النص. ومع ذلك اذا تم هذا النقل بمناسبة تنفيذ عقد النقل الجوي بقصد شحن البضاعة، او تسليمها، او نقلها من طائرة الى اخرى، فان كل ضرر يحدث للبضاعة يفترض انه قد نجم عن واقعة حدثت خلال النقل الجوي ما لم يقم الدليل على العكس. ومثال النقل الذي يتم بقصد الشحن او التسليم النقل من مقر شركة الطيران بالمدينة الى المطار وبالعكس.

وتحدثت المادة 210 عن مسؤولية الناقل الجوي عن اضرار التأخير في وصول الراكب او البضائع والامتعة فاشترطت لانعقاد مسؤوليته شرطين اساسيين هما التأخير والضرر. ذلك ان عقد النقل الجوي يرتب التزامات معينة على عاتق الناقل الجوي اهمها التزامه بضمان تنفيذ النقل في الميعاد. فاذا اتفق الطرفان على ميعاد معين للنقل التزم الناقل باحترامه سواء ذكر الميعاد في العقد على عدة او كان واردا في جدول المواعيد اما اذا لم يتفق على ميعاد او رفض الناقل ضمان المواعيد المذكورة في الجدول فيسري الميعاد المعقول اي الميعاد المعتاد لنفس الرحلة في مثل الظروف الجوية المحيطة. وهو امر متروك تقديره لقاضي الموضوع.

ولا يسأل الناقل الجوي عن مجرد التأخير في الوصول وانما يلزم ان يترتب على هذا التأخير اضرارا تلحق بالمسافر او بمرسل البضاعة. كان يحرف المسافر مثلا من الاشتراك في محفل علمي دعى اليه بصفته لتقديم خدماته او ان يضار المريض بسبب تأخره عو الوصول لاجراء جراحة عاجلة او يترتب على تأخير وصول البضاعة هلاكها او تلفها او بوارها او خفض قيمتها.

وتناول المشروع بعد ذلك طبيعة مسؤولية الناقل الجوي ووسائل دفعها. فنص في المادة 211 على ان يعفى الناقل الجوي من المسؤولية اذا اثبت انه وتابعيه قد اتخذوا كل التدابير اللازمة لتفادي الضرر او كان من المستحيل عليهم اتخاذها. وبذلك اعتبر المشروع مسؤولية النقال الجوي مسؤولية تعاقدية تضع على كاهل الناقل التزاما بوسيلة موضوعه بذلك العناية الضرورية لسلامة المسافر او البضاعة فرينة على خطئه. وهي قرينة يستطيع النقال تفويضها باثبات احد امرين :

اولا - انه وتابعيه قد اتخذوا كل التدابير اللازمة لتفادي وقوع الضرر.
ثانيا - او انه كان من المستحيل عليهم القيام بتلك التدابير لمنع وقوع الضرر.

وهو الحل الذي اخذت به الاتفاقية اقامة للتوازن بين مصالح الناقلين ومصالح المسافرين وارباب البضاعة، وتوفيقا لوجهات النظر المتضاربة في تشريعات الدول المشتركة في المؤتمر.
ويقصد بالتدابير اللازمة التي يتحتم على الناقل الجوي اتخاذها لدفع مسؤولية كافة الاحتياطات المعقولة التي يقوم بها عادة النقال الجوي الحريص وتابعوه وذلك بصرف النظر عما اعتاده النقال المدعى عليه في رعاية شؤونه. فالمعيار موضوعي لا شخصي.

وقضت المادة 212 باعفاء النقال الجوي من المسؤولية اذا اثبت ان خطأ المضرور هو السبب الوحيد لما لحق به من ضرر، وبتخفيض مسؤوليته اذا كان الخطأ مشاعا بين النقال والمضرور. وتوزع المسؤولية بينهما في هذه الحالة بسبة اسهما فعل كل منهما في احداث الضرر. وتلك مسألة تقدرها محكمة الموضوع.

ويتشرط في فعل المضرور لكي يؤدي الى اعفاء النقال من المسؤولية كلية او التخفيف منها ان يتوافر فيه العنصران المكونان لكل سبب اجنبي اي عدم امكان التوقع وعدم امكان التلافي.
واذ كانت اتفاقية وارسو لم تتعرض لطبيعة مسؤولية النقال عن الاشياء الصغيرة الشخصية التي يحتفظ بها الراكب في حراسته، ولا لشروط انعقادها واكتفت بايراد حدود التعويض المستحق عنها، فقد اتجه المشروع في المادة 214 الى اعتبار مسؤولية الناقل بصددها مسؤولية تقصيرية لا تقوم الا اذا اثبت الراكب خطأ النقال او تابعيه. ذلك ان نقل هذه الاشياء لا يعتبر عقدا لان الناقل لم يتعهد بنقلها وقد لا يعلم شيئا عن وجودها، ولان المسافر قد ىثر ان تكون في حراسته لو يتخل عنها للناقل. ومن ثم لا يعدو الامر ان يكون مجرد مكنة للراكب بحملها معه فحسب، وتكون مسؤولية الناقل عن تلفها او هلاكها مسؤولية تقصيرية - وهو ما اتجه اليه القانون الفرنسي والامريكي.

وغنى عن البيان ان امتعة المسافر التي يسلمها الى الناقل مقابل ايصال ويستلمها منه في مكان الوصول، وهو النظام المعروف بنقل الامتعة المسجلة لا يختلف في الحكم عن نقل البضائع فتكون مسؤولية الناقل فيه عقدية.

وحرصا من المشروع على اقامة التوازن بين مختلف المصالح المتعارضة لتعمل متضافرة على تحقيق النفع العام، سار في تنظيمه لمسؤولية الناقل الجوي على نهج وسط من شأنه رعاية مصالح النقال والمسافر والشاحن على حد سواء فلم يجز للناقل التحصن وراء شروط الاعفاء من المسؤولية، ولم يلزمه بالتعويض الكامل وانما حدد مسؤوليته بمبالغ معينة يراعى فيها ترضية المضرور بجبر جزء معقول من الضرر وارضاء الناقل بتخفيف اعباء مسؤوليته حتى لا ترهقه فيعجز عن مواصلة الاستغلال. وهو الحل الذي اخذت به الاتفاقية وتبناء المشروع.

فتناولت المادة 214 تعيين الحد الاقصى للتعويض الذي يستحق على الناقل سواء في حالة نقل الاشخاص او الامتعة والبضائع. ونصت في فقرتها الاولى على تحديد مسؤوليته بمبلغ ستة آلاف دينار بالنسبة الى كل راكب في حالة نقل الاشخاص ما لم يتفق صراحة على تجاوز هذا المقدار. وقضت في فقرتها الثانية بتحديد مسؤوليته بمبلغ 6 دينار عن كل كيلو جرام في حالة نقل البضائع او الامتعة. على انه اذا قدم المرسل عند تلسيمها الى الناقل اقرار خاصا بما يعلقه من اهمية على تسليمها في مكان الوصول ودفع ما قد يطلبه النقال من اجرة اضافية نظير ذلك - كما في حالة نقل السبائك والمجوهرات والتحف النادرة وما اليها - فان الناقل يتلزم في هذه الحالة بتعويض الضرر في حدود المبلغ الذي ذكره المسرل - الا اذا اثبت الناقل ان هذا المبلغ يتجاوز القيمة الحقيقية للضرر الذي وقع. اما الفقرة الثالثة فقد عالجت طريقة حساب الاحد الاقصى للتعويض في حالة الفقد او التلف الجزئي للبضاعة او الامتعة المشحونة فقضت بالاعتداد بالوزن الاجمالي للطرد كله في حالة فقد او تلف بعض محتوياته. على انه اذا تعلق الامر برسالة تشتمل على عدة طرود وكان فقد او تلف حدها يؤثر على قيمة طرود اخرى فيراعى ايضا وزن هذه الطرود في حساب الحد الاقصى للتعويض. كأن تحتوي الرسالة على مجموعة من القطع الفنية او الاثرية يكمل بعضها بعضا، او على اجزاء من -ماكينة- واحدة مسحونة في عدة طرود، ففي هذه الحالة يدخل في حساب لتعويض ايضا وزن الطرود التي لم تمس بسوء. اما الفقرة الرابعة فقد حددت مسؤولية الناقل بمبلغ 120 دينار لكل راكب بالنسبة الى الاشياء الصغيرة الشخصية التي تبقى في حراسة الراكب اثناء السفر.
هذا وقد استهدى المشروع بأحكام الاتفاقية في شأن المبالغ التي حدد بها الحد الاقصى للتعويض - والتي اوردتها بالفرنك الذهب بونكاريه - بعد ان اجرى تحويلها الى العملة الوطنية.
وجدير بالذكر ان هذه المبالغ تعتبر حدودا قصوى للتعويض لا مبالغ جزافية. فلا يستحق المضرور تعويضا سوى عن الضرر الذي لحقه بالعفل.
ورغم ان التحديد القانوني لمسؤولية النقال الجوي ميزة تقررت لمصلحته حتى لا ينوء كاهلة بالمسؤولية المطلقة، فان المشروع رأى ان المصلحة تقتضي ان لا يتمتع الناقل بهذه الميزة بغير حدود لا يكون ذلك سببا في اهماله وتراخيه في اداء واجبه وعدم مراعاته الحيطة والتبصر في القيام بعمله. ومن ثم اتجه المشروع الى حرمانه منها وحجب تحديد المسؤولية عنه اذا اخطأ، بأن كان الضرر قد نشأ من فعل او امتناع من جانبه او تابعيه وذلك اما بقصد احداث ضرر، واما برعونة مقرونة بادراك ان ضررا قد يترتب على ذلك (م215) - وهو ما يتسق واحكام الاتفاقية في صياغتها المعدلة بمقتضي بروتوكول لاهاي سنة 1955.

والخطأ الذي قصدته المادة 215 من نوعين :

الاول - ان يكون الخطأ عبارة عن فعل او امتناع بقصد احداث ضرر. وهو الخطأ الذي يتوافر فيه معنى العمد. فلم يتطلب النص توافر الغش وانما اكتفى بتعمد وقوع الفعل او الامتناع بالرغم من انه يرتب حتما نتيجة ضارة.

والثاني - ان يكون الخطأ عبارة عن عدم اكتراث مع العلم او الوعي بأن ضررا ما من المحتمل ان يحدث. فالضرر ليس حتميا ولكن احتمالع لم يمنع الشخص من اتيان الفعل غير مكترث بنتائجه المحتملة.

ومكن المشروع في المادة 216 تابعي الناقل من الافادة من تحديد المسؤولية اذا حدث واقيمت دعوى المسؤولية عليهم. واشترط لذلك اثبات وقوع العقل اثناء تأدية وظافئهم. وحرص على النص على انه اذا اقيمت دعوى المسؤولية على الناقل والتابع معا فلا يجوز ان يزيد مكجموع التعويض الذي يحكم به عليهما عن الحدود القصوى المقررة في المادة 214. كما عنى بالاشارة الى عدم افادة التابع بعفل او امتناع من جانبه اما بقصد احداث ضرر وما برعونة مقرونة بادراك ان ضررا ما من المحتمل ان يحدث - وبذلك سوى المشروع - في تبيانه لنوع الخطأ الذي يحجب المسؤولية المحدودة - بين الناقل والتابع.

وقدر المشروع ان تحديد المسؤولية بالمبالغ التي عينها تكفل للناقل قدرا كافيا في الحماية والرعاية، فأبطل شروط الاعفاء من السؤولية او تحديدها بأقل من المبالغ المبينة فيه (م1/217) اما الاتفاق على تشديد المسؤولية فلا يكون باطلا لانه يهدف الى تقرير المزيد من الحماية للمسافر او الشاحن وهي الحماية التي حرص المشروع على عدم النزول بها عن حد معين.

ومع ذلك فلا يشمل البطلان الشرط الذي يقضي باعفاء النقال من المسؤولية او بتحديدها في حالة هلاك او تلف البضاعة بسبب طبيعتها او عيوبها الذاتية (م2/217)) فيستطيع الناقل بمقتضى شروط اتفاقية يضمنها عقد النقل ان يتحلل من مسؤوليته عن الاضرار الناجمة عن تلف البضاعة او هلاكها متى كانت طبيعتها هي السبب في ذلك، كنقل السوائل التي يتبخر جزء منها بعفل الحرارة او تعرضها للجوء، او كان بها عيب ذاتي تسبب في التلف او الهلاك كمرض الحيوانات المنقولة. وعلى الناقل يقع عبء اثبات ان الاضرار التي لحقت بالبضاعة كان سببها هو العيب الذاتي او طبيعتها وانه تابعيه لم يرتكبوا خطأ بهذا الصدد.

وحسما للانزعة التي قد تثار بشأن نقل البضائع جوا - بطريقة لا تهدر حقوق ارباب البضاعة والمسافرين من ناحية، ولا ترهق الناقل الجوي من ناحية اخرى - اقام المشروع قي المادة 218 قرينة على ان استلام الامتعة او البضائع قد تسلمها في حالة جيدة ووفقا لمستندات النقل - الا اذا اثبت المرسل اليه انه رغم عدم اعتراضه فان البضاعة وصلت هالكة او تالفه.

اما اذا وصلت البضاعة او الامتعة تالفة او متأخرة فقد اوجب المشروع على المرسل اليه ان يسارع بالاحتجاج لدى الناقل في المواعيد التي حددتها المادة 219 والا تعرض للدفع بعدم قبول دعوى المسؤولية من جانب الناقل.
وتختلف مواعيد الاحتجاج باختلاف اسباب الضرر في دعوى المسؤولية. ففي حالة التلف يتعين على المرسل اليه ان يوجه الاحتجاج الى الناقل بمجرد اكتشافه له على ان يكون ذلك خلال سبعة ايام على الاكثر اذا تعلق الامر بالامتعة، واربعة عشر يوما اذا تعلق الامر بتلف البضاعة وذلك من تاريخ تسلمه اياها. اما في حالة التأخير فيجب توجيه الاحتجاج الى الناقل خلال واحد وعشرين يوما على الاكثر من تاريخ وضع البضاعة تحت تصرف المرسل اليه.

ويترتب على عدم توجيه الاحتجاج اى الناقل في المواعيد السابقة الحكم بعدم قبول دعوى المسؤولية الا اذا اثبت المدعى ان الناقل او تابعيه ارتكبوا تدليسا لتفويت مواعيد الاحتجاج على المرسل اليه او لاخفاء حقيقة الضرر (م3/219) - وهو ما نحا اليه المشرع الفرنسي في قانون 2 مارس 1957.
وغنى عن البيان انه اذا لم يحصل تسليم للبضاعة على الاطلاق كما اذا هلكت هلاكا كليا فلا يسري الدفع بعدم قبول دعوى المسؤولية.
والعبرة بالتسليم الحقيقي للبضاعة وليس بالتسليم الحكمى لها. ذلك ان مناط تقرير الدفع بعدم القبول هو التحقق من حالة البضاعة مما يستوجب تمكن المرسل اليه من حفصها ومعرفة احوالها. اما التسليم الحكمى الذي يقتصر على مجرد تسليم مستندات الشحن فلا يعتد به في هذا الصدد.
وعملا على سرعة تصفية المنازعات الناشئة عن عقد الناقل الجوي حتى تستقر المراكز القانونية لاطرافه، ولا تتراخى المطالبة بالحقوق الناشئة عنه لاجال طويلة يظل فيها الناقل مهددا بدعاوى قد يتعذر عليه استجماع ادلتها اوجب المشروع رفع دعوى المسؤولية خلال سنتين اعتبارا من تاريخ بلوغ الطائرة جهة الوصول او من اليوم الذي كان يتعين وصول الطائرة فيه او من تاريخ وقف النقل والا سقط الحق في رفعها (المادة 220).
وعالجت المادة 221 المسؤولية الناشئة عن النقل المجاني فلم تجر عليها احكام المسؤولية العقدية وانما اخضعتها لاحكام المسؤولية التقصيرية، ذلك ان هذا النوع من النقل لا يتم تنفيذا لعقد نقل - ومع ذلك فقد قيدتها بالتحديد المنصوص عليه في المادة 214 رعاية للناقل وحتى لا تكون حقوق الراكب بالمجان اكثر من حقوق الراكب بمقابل.
واشترط المشروع لاعتبار النقل مجانا انتفاء امرين المقال والاحتراف. فاذا كان النقل دون مقابل ولكن الناقل محترف سرت احكام المسؤولية العقدية وما يتبعها من افتراض الخطأ (م2/221) ذلك ان الناقل المحترف في مثل هذه الصورة وان كان لا يتقاضى مقابلا نقديا او عينيا عن النقل الا انه يفيد من ورائه. ومن امثلة ذلك التذاكر المجانية التي تمنحها شركات الطيران للمجدين من موظفيها ولا تتقاضى منهم اجرا ولكن تفيد من ورائها تشجيع سائر الموظفين وحثهم على العمل. وكذلك التذاكر التي تتطوع بعض شركات الطيران بتقديمها مجانا لكبار الفنانين ونجوم السينما وتفيد من وارئها الدعاية لنشاطها. فهذا النوع من النقل يعتبر من قبيل النقل المأجور لما يفيده الناقل من وارئه. اما النقل بلا قبيل النقل المأجور لما يفيده الناقل من وارئه. اما النقل بلا مقابل الذي يقوم به الناقل غير المحترف فلا يبغى من ورائه فائدة وانما يتم على اساس من المودة البحتة لصلات القربى او الصداقة او المجاملة المجردة.

ويقصد بالناقل المحترف كل شخص طبيعي او معنوي يتخذ من النقل الجوي حرفة له.
وامعانا في الايضاح اشارت المادة 222 الى ضرورة مراعاة الحدود القصوى للتعويض المبينة في المادة 214 ايا كانت صفة الخصوم وايا كان عددهم او مقدار التعويض المستحق. فاذا اقام الورثة الدعوى وكان عددهم خمسة مثلا فان اقصى تعويض يستحقونه هو المبلغ المنصوص عليه في المادة 214.

رابعا : وكالة العقود وعقد التوزيع.
وجه المشروع عناية خاصة لتنظيم وكالة العقود التي اصبحت تحتل مكانا ملحوظا في مجال التجارة الحديثة لاسيما بعد ان اتسع نطاق الصناعة العالمية، واصبحت المصانع الكبرى تتخذ العديد من الوكلاء لترويج وتسويق منتجاتها في مختلف بقاع العالم. ولوكالة العقود اهمية خاصة بالنسبة للحياة التجارية في الكويت، اذ انها تمثل الجانب الغالب من اساليب التعامل التجاري في البلاد. ومن اجل ذلك اهتم المشروع باعادة تنظيمها على نحو يكفل تحقيق التوازن بين طرفي العقد، ويوفر لطائفة الوكلاء الضمانات اللازمة لحماية حقوقهم مسترشدا في ذلك بأحدث الاتجاهات التشريعية والقضائية.
وقد بدأ المشروع في المادة 271 بتعريف عقد وكالة العقود مبرزا ان العمل موضوع الوكالة قد يقتصر على مجرد الحض والتفاوض على ابرام الصفقات لمصلحة الموكل. وقد يمتد ليشمل ابرام هذه الصفقات وتوقيع العقود وتنفيذها باسم الموكل ولحسابه، وهي الصورة الغالية في العمل. وفي ذلك تختلف وكالة العقود عن الوكالة بالعمولة التي يعمل فيها الوكيل باسمه الخاص لا باسم موكله.
واشارت المادة 272 الى خصيصة من اهم الخصائص المميزة لوكالة العقود وهي استقلال الوكيل في ممارسة نشاطه عن المنشأة التي يمثلها. فله الحرية الكاملة في تنظيم هذا النشاط وادارته على الوجه الذي يراه دون رقابة او اشراف من جانب الموكل. وتقع على عاتقه وحده جميع الاعباء والمصروفات اللازمة لمباشرة نشاطه كاقامة المعارض والمخازن ونفقات الدعاية وأجور العمال وغيرها من النفقات. وهذا الاستقلال الذي يتمتع به وكيل العقود هو الذي يضفي عليه صفة التاجر. ويميزه عن سائر الوسطاء التجاريين التابعين.
وهذا ولاعبرة في تكييف العقد بالتسمية التي تطلق عليه - والتسميات في العمل كثيرة وقد تبعت على الخلط - وانما العبرة بتوافر العناصر الاساسية المميز لوكالة العقود، وهو امر تتولاه محكمة الموضوع وتخضع فيه لرقابة محكمة التمييز.
وعملا على محاربة الاحتكار اجازت المادة 273 للموكل ان يستعين باكثر من وكيل عقود واحد في ذات المنطقة ولذات الفرع من النشاط، ولكنها حظرت على الوكيل ان يمثل في ذات المنطقة اكثر من منشأة تتنافس في ذات النشاط الا وفقا للاوضاع والشروط التي يقررها وزير التجارة بالاتفاق مع الجهات المعنية الاخرى.
وأوجبت المادة 274 ان يثبت عقد وكالة العقود بالكتابة نظرا لاهمية الاثار المترتبة عليه وحتى تتحدد التزامات الطرفيه فيه تحديدا واضحا. كما عددت المادة اهم البيانات التي ينبغي ان يشتمل عليها العقد، ولم تبين ما يترتب على عدم ذكرها من آثار تاركة ذلك للقواعد العامة، ولكن العقد لا يستطيع على اية حال ان يقوم بدوره في الاثبات الا في نطاق البيانات التي يتضمنها.
ولما كان الموكل قد يشترط في بعض الاحيان ان يقيم الوكيل مباني للعرض او مخازن للسلع، او منشأت للصيانة او الاصلاح مما بتكلف نفقات كبيرة قد لا يتسنى للوكيل تعويضها اذا كان العقد قصير المدة، فقد اوجبت المادة 275 الا تقل مدة العقد في هذه الحالات عن خمس سنوات.
وحظرت المادة 276 على وكيل العقود ان يقبض حقوق الموكل او يمنح تخفيضا او اجلا للوفاء الا اذا كان مفوضا في ذلك من الموكل. وعلة ذلك ان وكيل العقود لا يبرم العقد باسمه حتى تكون له صفة في قبض ما ينشأ عنه من حقوق، او التصرف في الحق بتخفيض قيمته او تأجيل ميعاد الوفاء به، وانما يثبت ذلك لصاحب الحق وهو الموكل، ان شاء استخدم الحق بنفسه، وان شاء فوض الوكيل في استخدامه.

وعملا على التيسير على اصحاب الشأن في العقود التي يبرمها الوكيل في منطقة نشاطه، وعدم تحميلهم مشقة اللجوء الى الموكلين لابلاغهم الطلبات والشكاوي الخاضعة بتنفيذ هذه العقود. او اتخاذ اجراءات التقاضى قبلهم في مواطنهم بالخارج في حالة قيام النزاع، اجازت الفقرة الثانية من المادة 276 توجيه هذه الطلبات والشكاوى الى وكيل العقود. كما اعتبرته ممثلا لموكله في الدعاوي التي تقام منه او عليه في منطقة التوكيل.
واشارت المادة 277 الى اهم التزامات الموكل، وهو التزامه بدفع الاجر المتفق عليه للوكيل. واجازت ان يكون هذا الاجر نسبة مئوية من قيمة الصفقة، وهو الوضع الغالب في العمل. وفي حالة عدم اتفاق الطرفين على تحديد القيمة التي تحتسب على اساسها هذه النسبة، فانها تحتسب على اساس سعر البيع للعملاء. وهو حكم استقاه المشروع عن القانون الالماني حسما للمنازعات التي اكثرا ما تثور في هذا الشأن.
ويستحق وكيل العقود الاجر عن جميع الصفقات التي تتم او التي يرجع عدم اتمامها غالى فعل الموكل. كما يستحق الاجر كذلك عن الصفقات التي يعقدها الموكل بنفسه او بوساطة غيره في منطقة نشاط الوكيل. وذلك ما لم يتفق الطرفان صراحة على عدم استحقاق الوكيل للاجر في هذه الحالة (المادة 278).
واذ كانت وكالة العقود ضربا من الوكالة التجارية فانه يسري عليها فيما يتصل بتأمين حقوق الوكيل قبل الموكل الضمانات المقررة للوكيل التجاري وفقا للاحكام العاملة للوكالة التجارية.
وتتعلق المادة 280 بالتزام الوكيل بالمحافظة على حقوق الموكل وتزويده بالبيانات الخاصة بحالة السوق في منطقته، وعدم اذاة ما يصل الى عمله من اسرار الموكل بمناسبة تنفيذ الوكالة ولو بعد انتهاء العلاقة العقدية.
ولما كانت وكالة العقود تنعقد في الغالب بين طرفين لا يتكافآن في القوة الاقتصادية حيث تنعقد بين الوكلاء بين طائفة من المنشآت الصناعية الكبرى التي تتمتع بمراكز اقتصادية راسخة وكثيرا ما تلجأ هذه المنشآت الى فرض عقود محددة المدة، حتى اذا شقت منتجاتها طريقها الى العملاء ورسخت المدة، حتى اذا شقت منتجاتها طريقها الى العملاء ورسخت قدمها في الاسواق نتيجة نشاط الوكيل وجهوده، عمدت الى عزله او استبدلت به غيره ممن هو ادنى اجرا، او امتنعت عن تجديد عقده حتى تنفرد وحدها بثمرة جهوده، متعللة في ذلك جميعه بأعذار لا تتصل في أغلب الاحيان بتقصير الوكيل او خطئه كتخفيض الانتاج او تغيير نوعه او اندماج المنشأة في غيرها، الامر الذي ينزل ابلغ الضرر بالوكلاء نظر لما يتكدونه من نفقات كبيرة في ادارة نشاطهم، فضلا عن نفقات الدعاية والاعلان والترويج ولما كانت القواعد العامة في الوكالة لا تكفي لحماية الوكلاء في امثال هذه الحالات وتعويضهم عما يصيبهم من اضرار، فقد اتجهت كثير من التشريعات الى اسباغ لون من الحماية القانونية على وكلاء العقود لتأمينهم في حالة العزل دون خطأ من جانبهم، او في حالة عدم تجديد عقودهم برغم نجاحهم الظاهر في ترويج السلعة وزيادة العملاء. وفي مقدمة هذه التشريعات التشريع الالماني الصادر سنة 1953 بتعديل الجزء السابع من الكتاب الاول من القانون التجاري. والقانون اللبناني الصادر في 5 يوليه سنة 1967. والقانون الصادر في جمهورية بنما في 21 اكتوبر سنة 1969 في شأن الوكلاء والموزعين التجاريين. وقانون جمهورية دومينيكا الصادر في 31 ديسمبر سنة 1971، والقانون الاردني الصادر سنة 1972.
واذا كانت حماية وكلاء العقود واحاطتهم ببعض الضمانات قد اصبحت ضرورة لازمة في كثير من التشريعات - سواء في البلاد المتقدمة او البلاد النامية - فان هذه الحماية تبدو اكثر ضرورة ولزوما في بلد تعتمد اسواقه على تجارة الاستيراد التي يضطلع وكلاء العقود بدور بارز في نجاحها وازدهارها. لذلك حرص المشروع على احاطتهم بذات الضمانات المقررة في التشريعات الاخرى - وبوجه خاص في التشريعين الالماني واللبناني - فاعتبر هذه الوكالة من عقود المصلحة المشتركة ولم يجز للموكل عزل الوكيل وانهاء عقده الا اذا وقع خطأ من جانبه والا التزم الموكل بتعويضه عن الضرر الذي لحقه من جراء عزله (مادة 281). وبذلك اصبح من حق الوكيل الحصول على التعويض في جميع الاحوال التي يقع فيها العزل دون خطأ من جانبه، وذلك على خلاف التشريع القائم الذي لا يجوز للوكيل في ظله الحصول على التعويض الا اذا وقع العزل في وقت غير مناسب وبغير عذر مقبول ولو اتصل هذا العذر بالموكل ولم يكن للوكيل يد فيه.
اما اعتزال الوكيل - وهو فرض نادر في العمل - فلم يخرج فيه المشروع عن القواعد العامة المقررة في الوكالة.
ولما كان عقد وكالة العقود عقدا ممتد الاثر بطبيعته، اذ يظل اثره في رواج السلعة وديوعها واستقرارها في الاسواق ممتدا حتى بعد انتهائه نتيجة جهود الوكيل في هذا الشأن. وحتى لا يحرم الوكيل من ثمرة جهوده ليستأثر بها الموكل وحده في حالة امتناعه عن تجديد العقد بعد انتهائه، فيثرى بذلك على حساب الوكيل - فقد اوجب المشروع في المادة 282 على الموكل ان يؤدي للوكيل - في حالة عدم تحديد عقده - تعويضا عادلا يقدره القاضي، ولو وجد اتفاق يخالف ذلك. بيد انه اشترط لاستحقاق هذا التعويض شرطين اولهما : الا يكون قد وقع خطأ او تقصير من الوكيل اثناء تنفيذ العقد. وثانيهما : ان يكون نشاطه قد ادى الى نجاح ظاهر في ترويج السلعة او زيادة عدد العملاء. فاذا اجتمع هذان الشرطان كان للوكيل الحق في الحصول على تعويض عادل يراعى في تقديره ما لحقه من ضرر، وما افاده الموكل من جهود في ترويج السلعة او زيادة العملاء.
وحتى ولا يظل الموكل مهددا بدعوى التعويض عن عدم تجديد العقد لمدة طويلة نصت المادة 283 على سقوط هذه الدعوى بمضى تسعين يوما من وقت انتهاء العقد. كما وضعت تقادما قصيرا مدته ثلاث سنوات لسقوط جميع الدعاوى الاخرى الناشئة عن عقد وكالة العقود وذلك لسرعة حسم المنازعات التي قد تنشأ بين الطرفين.
وقضت المادة 284 بأنه اذا استبدل الموكل بوكيل العقود وكيلا جديدا، كان الوكيل الجديد مسؤولا بالتضامن مع الموكل عن الوفاء بالتعويضات المحكوم بها للوكيل السابق وفقا للمادتين 281 و 282، وذلك متى ثبت ان عزل الوكيل السابق كان نتيجة توطؤ بين الموكل والوكيل الجديد.
وتيسيرا على وكلاء العقود في المطالبة بحقوبهم، وعدم تحميلهم مشقة اللجوء للقضاء خارج البلاد حيث يقع في الغالب موطن المنشأت التي يمثلونها، نصت المادة 285 على اختصاص المحكمة التي يقع في دائرتها محل تنفيذ عقد وكالة العقود بنظر جميع المنازعات المتعلقة بها، وهو ما اخذت به بعض القوانين الحديثة كالقانون اللبناني.
واعتبرت المادة 286 عقد توزيع منتجات المنشآت الصناعية والتجارية في حكم وكالة العقود وأجرت عليه ذات الضمانات المقررة لوكلاء العقود في المواد 275 و281 و282 و283 و284و285.
خامسا : عمليات البنوك
تضطلع البنوك بدور بالغ الاهمية في الحياة التجارية والاقتصادية، فهي المصدر الاول لتمويل التجارة الداخلية والخارجية، وهي المحور الاساسي الذي تدور عليه عمليات الائتمان التجاري. وتمارس البنوك نشاطها الضخم عن طريق العديد من العمليات المصرفية التي ترتبط فيها بعملائها بطائفة من العقود التجارية اضفت عليها العادات والاعراف المصرفية طبيعة خاصة.
ونظرا لاهمية هذه العقود، واثرها في الحياة التجارية، فقد عنى المشروع بعلاج احكامها علاجا مفعلا، مفردا لهذه الاحكام فصلا مستقلا يشتمل على تسعة فروع :
الاول - في وديعة النقود.
والثاني - في وديعة الاوراق المالية.
والثالث - في ايجار الخزائن.
والرابع - في النقل المصرفي.
والخامس - في فتح الاعتماد.
والسادس - في الاعتمادات المستندية.
والسابع - في الخصم.
والثامن - في خطاب الضمان.
والتاسع - في الحساب الجاري.

1 - وديعة النقود
لوديعة النقود أهمية خاصة في مجال النشاط المصرفي فهي التي تغذى البنك بالاموال اللازمة لتنفيذ مشروعاته، وهي التي توفر له ما يتمتع به من ثقة وائتمان لدى العملاء. وقد عنى المشروع في تعريفها بابراز اهم خصائصها وهي حق البنك في تملك النقود المودعة والتصرف فيها بما يتفق ونشاطه المهنى مع التزامه برد مثلها للمود (م329)، وهو ما يسبغ على الوديعة النقدية طبيعة خاصة تجعلها اقرب الى القرض منها الى الوديعة العادية التي يلتزم فيها المودع لديه بالمحافظة على الشىء محل الوديعة ورده بذاته الى المودع.
على انه، وان كان من حق البنك تملك المبالغ المودعة، والترخص في استخدامها والتصرف فيها وفقا لاغراضه مع التزامه برد ما يماثلها من حيث المقدار، الا انه مقيد في الرد بنوع العملة التي تم بها الابداع، فاذا كان الايداع بعملة اجنبية معينة التزم في الرد بقدر مماثل من ذات نوع العملة المودعة دون ان يكون له حق ابدالها او تحويلها الى نوع آخر.
ةتقنيا لما جرى عليه العمل مع اقتران الودائع النقدية بفتح حساب لتيسير استرداد العميل لما يحتاجه منها، قضت المادة 330 أن يفتح البنك حسابا للمود لقيد العمليات التي تتم بينهما او العمليات التي تتم بين البنك والغير لذمة المودع، على الا تقيد في هذا الحساب العمليات التي يتفق الطرفان صراحة على قضائها عنه.
وأضفت المادة 331 على هذا الحساب طابعا خاصا يتفق وطبيعة الوديعة، فحرمت السحب منه الا اذا كان رصيد المودع دائنا. وأوجبت على البنك اخطاره كلما جرت عمليات يترتب عليها ان يصبح هذا الرصيد مدينا حتى يبدار المودع بتغذيته بودائع ترده دائنا.
وتناولت المادة 332 موعد رد الوديعة، فجعلت الاصل وجوب ردها بمجرد الطلب، وخولت المودع في اي وقت حق التصرف في رصيده الدائن او في جزء منه. واجازت ان يتفق الطرفان على تعليق الرد على اخطار سابق او على حلول اجل معين، وفي هذه الحالة لا يجوز للمودع ان يطالب باسترداد الوديعة او التصرف في رصيده الدائن قبل انقضائ مهلة الاخطار او حلول الاجل المتفق عليه الرد.
وعرضت المادة 334 لصورة من صور الودائع اصبحت ذائعة في العمل لتشجيع صغار المدخرين، وهي صورة ودائع التوفير. وتتم عن طريق تسليم العميل دفترا تسجل فيه عمليات الايداع والسحب. ولما كانت عملية التوفير ذات طابع شخصي اذ الهدف الاساسي منها هو الادخار لا الاستثمار، فقد اوجب المشروع ان يكون الدفتر اسميا ومن ثم فلا يجوز تحويله او السحب منه لغير صاحبه، وبالتالي لا يجوز التصرف في الرصيد عن طريق الشيك.
كما حرص المشروع على ان يفصل في مسألة هامة هي حجية القيود الثابتة بالدفتر، فجعل للبيانات الموقعة من موظف البنك حجية كاملة في العلاقة بين البنك والعميل. وأبطل كل اتفاق يخالف ذلك.
وأوجبت المادة 335 ان تكون عمليات الايداع والسحب في الودائع النقدية في ذات مقر البنك الذي فتح فيه حساب الوديعة - سواء اكان المركز الرئيسي للبنك ام احد فروعه - لانه الجهة التي تحتفظ بحسابات الوديعة. وذلك ما لم يتفق الطرفان على خلاف ذلك.
وعملا بمبدأ استقلال الحسابات نصت المادة 336 على انه اذا تعددت حسابات المودع في البنك الواحد، اعتبر كل حساب مستقلا عن الاخر، ومن ثم فلا تكمل الحسابات بعضها البعض، ولا تشترك في استخراج رصيد واحد الا اذا اتفق الطرفان على غير ذلك.
وتناولت المادة 337 صورة الحساب المشترك للودائع كالحساب المفتوح من الشريكين او الزجين او الورثة، فأوجتب ان يكون فتح الحساب من قبل اصحابه جميعا او من قبل شخص يحمل توكيلا صادرا من اصحاب الحساب مصدقا عليه من الجهة المختصة. اما السحب من الحساب فيراعى فيه ما يتفق عليه اصحاب الحساب فقد يتفقون على ان يكون السحب منه بمعرفتهم جميعا، وقد يتفقون على توكيل احدهم في ادارته، وقد يتفقون مع البنك على ان يكون بينهم تضامن ايجابي يسمح لاي منهم بالتصرف الحساب كله منفردا كما لو كان مفتوحا باسمه وحده.
وعالجت الفقرة الثانية من المادة 337 حالة توقيع الحجز على رصيد احد اصحاب الحساب المشترك، فنصت على ان الحجز يسرى على حصة المحجوز عليه من رصيد الحساب من يوم اعلان البنك بالحجز. وأوجبت على البنك ان يوقف السحب من الحساب المشترك بما يوازى الحصة المحجوزة مع اخطار الشركاء او من يمثلهم بالحجز خلال خمسة ايام.
كما حرمت الفقرة الثالثة على البنك عند اجراء المقاصة بين الحسابات المختلفة الخاصة بأحد اصحاب الحساب المشترك ادخال هذه الحسابات في المقاصة الا بموافقة كتابية من باقي الشركاء.
وأخيرا عرضت الفقرة الرابعة لحالة وفاءة احد اصحاب الحاسب المشترك او فقده الاهلية القانونية، وهي صورة مألوفة في العمل، فأوجبت على باقي الشركاء اخطار البنك بذلك وبرغبتهم في استمرار الحساب خلال مدة لا تتجاوز عشرة ايام من تاريخ الوفاة او فقد الاهلية، كما اوجبت على البنك ايقاف السحب من الحساب المشترك حتى يتم تعيين الخلفاء قانونا.
2 - وديعة الاوراق المالية
وعالج المشروع في الفرع الثاني لونا اخر من الودائع المصرفية الذائعة في العمل، وهي وديعة الاوراق المالية، وفيها يعهد العميل الى البنك بأوراقه المالية لحفظها وادارة حقوقه الناشئة عنها لحاسبه نظرا لما تتطلبه ادارة هذه القيم المنقولة من خبرة ودراية قد لا تتوافر لدى الكثيرين من الافراد. وقد اهتم المشروع بوجه خاص بابراز التزامات البنك في هذا اللون من الودائع الذي يلقى على عاتقه، الى جانب الالتزامات الاساسية في الوديعة التامة، بعض التزامات تبعية تحكمها قواعد الوكالة. فأشارت المادة 338 الى التزام البنك بموجب استخدام الحقوق المتصلة بالاوراق المالية المودعة لمنفعة المودع الا اذا طلب منه المودع توجيه المنفعة لشخص اخر.
وغنى عن الذكر انه لا يجوز للبنك استخدام هذه الاوراق لصالحه كرهنها او اتخاذها ضمانا لدين عليه.
وتناولت المادة 339 التزام البنك بالمحافظة على الاوراق المودعة، واوجبت عليه ان يبذل في ذلك عناية الوديع بأجر، وأبطلت كل شرط يعفى البنك من بذل هذه العناية لما في ذلك من اهدار للغرض الاساسي من الوديعة. كما حرمت عليه التخلى عن حيازة الاوراق المودعة الا لسبب يستلزم ذلك كما لو استهدفت هذه الاوراق المودعة الا لسبب يسلتزم ذلك ما لو استهدفت هذه الاوراق لاخطار مفاجئة واقتضت صيانتها ان يحل البنك غيره محله في حفظها.
ولما كان الغرض من وديعة الاوراق المالية لا يقتصر على مجرد حفظها وصيانتها، وانما يتقضي القيام ببعض الاعمال اللازمة لخدمتها والمحافظة على الحقوق الناشئة عنها لاسيما ان بعض هذه الحقوق يستلزم الحرض في مراعاة المواعيد، فقد نصت المادة 340 على التزام البنك بقبض فوائد الورقة وأرباحها وقيمتها (في حالة استهلاكاها) وكل مبلغ آخر يستحق بسببها مالم يتفق على غير ذلك. كما القت على كاهله واجب المحافظة على الحقوق الاخرى المتصلة بالورقة كتسلم الصكوك التي يتم منحها لها مجانا وتقديمها للاستبدال او اضافة ارباح جديدة اليها، وهي جميعها التزمات تبعية يقتضيها الالتزام بالحفظ، ويعتبر البنك فيها في مركز الوكيل عن العميل.
وأوجبت المادة 341 على البنك اخطار المودع بكل حق يتطلب استعماله موافقته كالاكتتاب في اسهم جديدة لزيادة رأس المال مع حق الاولوية للمساهمين القدامى او غير ذلك من الحقوق التي تتوقف على اختيار العمل. فاذا لم تصل تعليمات العميل في الوقت المناسب، وجب على البنك ان يتصرف بما يعود بالنفع على العميل كي لا يضع عليه حقا، او يفوت كسبا كان في الوسع الحصول عليه.
وعرضت المادة 342 للالتزام بالرد فألزمت البنك برد الورقة المودعة للعميل بمجرد ان يطلب منه ذلك مع تاحة الوقت المعقول للمراجعة واعداد الاوراق للرد.
ولما كانت وديعة الاوراق المالية من نوع الوديعة الكاملة، فأنه يجب على البنك ان يرد الاوراق المودعة بذاتها الا اذا اتفق الطرفان او اجاز القانون رد المثل، ويكون الرد لمودع الورقة او وكيله بوكالة خاصة او لخلفه ولو تضمنت الورقة ما يفيد ملكية الغير لها كما اذا اودع الزوج باسمه اوراقا مملوكة لزوجته او اولاده، فالرد واجب له بوصفه المودع الذي يلتزم البنك قبله بالرد (م343).
وعالجت المادة 344 حالة ما اذا اقيمت دعوى باستحقاق الاوارق المودعة، فأوجبت على البنك اخطار المودع والامتناع عن رد الاوراق حتى يفصل القضاء في الدعوى.
3 - ايجار الخزائن
وبعد ان فرغ المشروع من علاج الودائع المصرفية بنوعيها، تناول عقد ايجار الخزائن التي تعدها البنوك لخدمة عملائها بحيث تحقق لهم الامن والسلامة في حفظ اشيائهم ومقتنياتهم الثمينة، وتوفر لهم سرية حيازتهم لها. ولم يشأ المشروع ان يفصل في الجدل المحتدم في الفقة حول طبيعة هذا العقد. وهل يعتبر عقد وديعة ام عقد ايجار. وهو جدل اثاره غياب التنظيم القانوني لهذا العقد. لذلك حرص المشروع على تنظيمه بما يلائم طبيعته الخاصة، ويتفق والاعراف المصرفية السائدة في هذا الشأن. وعنى بوجه خاص بعلاج بعض المشاكل التي يثيرها في العمل كمسؤولية البنك، وتنظيم الحجز على الخزانة.
وقد بدأت المادة 345 بتعريف العقد. وعالجت المادة 346 مسؤولية البنك عن سلامة الخزانة وحراستها وصلاحيتها للاستعمال واعتبرت التزام البنك بالحراسة وضمان الامن والسلامة التزاما بتحقيق نتيجة بحيث اذا هلكت محتوات الخزانة او تلفت كان مسؤولا عنها، ولا يبرأ من هذه المسؤولية الا باثبات السبب الاجنبي. وهو الحل الذي جرى عليه القضائ، وقننته بعض التشريعات الحديثة كالتشريع الايطالي (م1839 ايطالي).
وتمكينا للعميل من الانتفاع وحده بالخزانة وأوجبت المادة 347 على البنك ان يسلمه مفتاجها، والا يأذن لغيره بفتحها الا ان يكون وكيلا عنه. كما جازت للنك ان يحتفظ بنسخة من المفتاح تحوطا لحالات الطوارىء العاجلة كما اذا تعرضت الخزانة لخطر مفاجىء كحريق او انفجار لا يتسع معه الوقت للاتصال بالعميل لانقاذ محتوياتها.
ولما كان عقد ايجار الخزائن ملحوظا فيه الاعتبار الشخصي اذ يراعى البنك عادة في عميله قدرا من العناية والحرص على سلامة المكان، فقد حرمت المادة 348 على المستأجر ان يؤجر الخزانة من الباطن ان يتنازل عن الايجار الا اذا كان مرخصا له في ذلك من البنك.
كما حرمت المادة 350 على المستأجر ان يضع في الخزانة اشياء تهدد سلامتها او سلامة المكان الذي توجد فيه.
واذ كان الالتزام يدفع الاجرة من اهم التزامات المستأجر فقد رتبت المادة 351 على عدم الوفاء بها بعد خمسة عشر يوما من انذار المستأجر بالوفاء اعتبار العقد مفسوخا من تلقاء ذاته وهو ما درج عليه العرف المصرفي في عقود ايجاد الخزائن.
وواجهت المادة 352 حالة عدم حضور المستأجر رغم اخطاره لرد الخزانة وافراغ محتوياتها عند انتهاء العقد او اعتباره مفسوخا، فوضعت لذلك اجراءات راعت فيها تمكين البنك من استرداد الخزانة للانتفاع بها مع الحرص على صيانة محتوياتها والمحافظة عليها لمصلحة المستأجر، فأوجبت ان يكون فتح الخزانة باذن من رئيس المحكمة الكلية وبحضور احد مأموري التنفيذ الذي يحرر محضرا بجرد محتوياتها وتسليمها للبنك للمحافظة عليها. فاذا لم يحضر المستأجر لتسلمها خلال ستة شهور كان للبنك ان يطلب من رئيس المحكمة ان يأذن ببيعها وايداع الثمن خزانة المحكمة او يأمر باتخاذ اي اجراء مناسب اخر.
وضمانا لحق البنك في استيفاء مايكون مستحقا له من اجرة او مصروفات قررت له الفقرة الاخيرة من المادة 352 امتيازا على المبالغ المودعة في الخزانة المؤجرة او الثمن الناتج عن بيع محتوياتها.
وحسمت المادة 353 ما ثار من خلاف حول جواز توقيع الحجز تحت يد البنك على محتويات الخزانة، فأجازت توقيع هذا الحجز محافظة على حقوق دائني المستأجر، ورست له اجراءات خاصة تتفق وطبيعة مركز البنك. فأوجبت تكليف البنك ببيان ما اذا كان يؤجر خزانة للمحجوز عليه. فاذا اقر بذلك وجب عليه منع المحجوز عليه من الدخول الى مكان الخزانة. وتترك للبنك صورة من محضر الحجز مشتملة على بيان السند الذي تم الحجز بمقتضاه. كما يعلن مستأجر الخزانة بمحضر الحجز.
واذا كان الحجز تنفيذيا وجب على مأمور التنفيذ بعد انذار المستأجر ان يقوم بفتح الخزانة جبرا بعد ان يودع الحاجز مصاريف فتحها واعادتها الى حالتها. وتباع محتويات الخزانة وفقا للاجراءات المبينة في قانون المرافعات.
4 - النقل المصرفي
وفي الفرع الرابع عالج المشروع النقل المصرفي او التحويل الحسابي. وهو من ابرز صور الوفاء عن طريق القيود الحسابية دون حاجة لنقل النفود. ويتم عن طريق قيد مبلغ معين في الجانب المدين من حساب الامر بالنقل وفي الجانب الدائن من حاسب اخر لدى ذات البنك او لدى بنك اخر. وقد عرفته المادة 354 من المشروع مبرزة انه يجب ان يتم بأمر كتابي من العميل نظرا لخطورة الاثر المترتب عليه.
ولما كان النقل المصرفي يقع عادة كطريق للوفاء وتسوية الحقوق المالية، فان صورته الغالبة ان يقع بين حسابين لشخص واحد كما لو كان العميل يحتفظ بحسابين احدهما لشؤونه الشخصية، والاخر لشؤونه التجارية، ويريد ان يغذى احد الحسابين بأموال من الحساب الاخر.
وتمشيا مع ما استقر عليه العرف المصرفي من عدم جواز ان يكون امر النقل لحامله لانه يسمح لمصدره ان ينقله الى الغير بمجرد المناولة دون اخطار البنك فضلا عن تعرضه لمخاطر الضياع او السرقة، فقد حظرت الفقرة الثانية من المادة 354 ان يكون امر النقل لحامله، وهو ما قننته بعض التشريعات الحديثة كالتشريع التونسي (م678) والتشريع العراقي (م368).
وعملا على تركيز جميع المنازعات الخاصة بالنقل المصرفي في جهة واحدة، أوجبت المادة 355 توجيه كل منازعة صادرة من الغير بشأن القيمة محل النقل الى البنك او فرع البنك الذي يوجد به حساب المستفيد بوصفه الجهة التي تتم فيها عملية النقل.
واجازت المادة 356 ان يرد امر النقل على مبالغ مقيدة فعلا في حساب الامر بالنقل، او على مبالغ يجري قيدها في هذا الحساب خلال مدة يتفق الامر بالنقل على تعيينها مقدما مع البنك. وفي هذه الحالة اذا قام البنك بتنفيذ امر النقل، ولم يكن الامر بالنقل قد اودع في حسابه ما يغطي قيمة امر النقل، اعتبر البنك في مركز المقرض، وكان له حق الرجوع على الامر بالنقل بقيمة المبالغ المحولة.
وفصلت المادة 358 في مسألة هامة هي تحديد الوقت الذي يتملك فيه المستفيد القيمة محل النقل، فحددته بالوقت الذي تقيد فيه هذه القيمة في حساب المستفيد - وهو ما استقر عليه الفقه، ودرج عليه العرف المصرفي - اذا بهذا القيد تتم عملية النقل المصرفي بانتقاص القيمة من حساب الامر واضافتها الى حساب المسفيد. ورتب المشروع على ذلك جواز رجوع الامر في امر النقل الى ان يتم هذا القيد. ولم يستثن من ذلك الا حالة ما اذا تسلم المستفيد امر النقل بنفسه لتقديمه للنك، ففي هذه الحالة لا يجوز للامر الرجوع فيه بعد ان تسلمه المستفيد وتعلق حقه به. ومع ذلك يجوز للامر ان يوقف تنفيذ الامر ولو تسلمه المستفيد في حالة افلاس هذا الاخير (م363) وذلك حتى لا تتعرض عملية الوفاء للبطلان.
وحماية لحقوق المستفيد من النقل قضت المادة 359 بأن يظل الدين الذي صدر امر النقل وفاء له قائما بضماناته وملحقاته الى ان تقيد القيمة فعلا في الجانب الدائن من حساب المستفيد اذ بهذا القيد يتملك المستفيد المبلغ محل النقل، وينقضى الدين بالوفاء.
ولما كان تنفيذ عملية النقل رهينا بودود رصيد للامر بالنقل، فقد اجازت المادة 360 للبنك ان يرفض تنفيذ امر النقل اذا لم يكن للامر رصيد كاف، وكان امر النقل موجبا مباشرة الى البنك. اما اذا كان امر النقل مقدما من المستفيد كان على البنك تنفيذه في حدود الرصيد الجزئي ما لم يرفض المستفيد ذلك. وعلى البنك في الحاين التأشير على امر النقل بما يفيد تنفيذه جزئيا او رفض المستفيد ذلك.
وواجهت المادة 361 حالة ما اذا تقدم للبنك عدة مستفيدين جملة واحدة، وكانت قيمة اوامر النقل التي يحملونها تجاوز رصيد الامر فجعلت من حقهم اقتسام هذا الرصيد وتوزيعه بنسبة حقوقهم، على الا يتم هذا التوزيع الا في اول يوم عمل تال ليوم التقديم حتى يشمل التوزيع جميع الاوامر المقدمة في ذات اليوم حتى نهاية ميعاد العمل (م362).
وعنيت المادة 363 ببيان اثر افلاس كل من المستفيد والامر على تنفيذ امر النقل، فقضت بأنه اذا اشهر افلاس المستفيد جاز للامر ان يوقف تنفيذ امر النقل ولو تسلمه المستفيد. ومن الطبيعي ان حق الامر في وقت تنفيذ النقل لا يكون الا قبل قيد القيمة في حساب المستفيد، فاذا كان قد تم قيدها، فان امر النقل يكون قد تم تنفيذه واستقرت القيمة في ذمة المستفيد مما لا سبيل معه لوقف تنفيذ الامر.
اما اذا كان المفلس هو الامر بالنقل فلا يحول الافلاس دون تنفيذ الامر اذا قدم البك قبل صدور حكم الافلاس، وذلك ما لم تقرر المحكمة غير ذلك كما لو وقع الوفاء في فترة الريبة وتوفرت شروط البطلان وفقا لاحكام الافلاس.

تابع المذكرة
5 - فتح الاعتماد
وفي الفرع الخامس تناول المشروع عقد فتح الاعتماد المصرفي، وهو عقد يضع البنك بمقتضاه تحت تصرف المستفيد وسائل للدفع في حدود مبلغ معين (م364) - واذا كان الاعتماد بالقرض هو الصورة الغالبة في عقود فتح الاعتماد، الا انه ليس ما يمنع من ان يضع البنك رهن تصرف العميل وسائل اخرى للدفع او الائتمان كالخصم او الضمان - ويعتبر عقد فتح الاعتماد من عقود المدة فيفتح لمدة معينة او غير معينة، وهو ما يميزه عن القرض العادي، فلا يلزم فيه المستفيد بقبض المبلغ بأكمله فورا، وانما يضعه البنك تحت تصرفه خلال مدة معينة ليستفيد منه متى شاء وبجسب حاجته، وقد لا تدعو الحاجة اليه فلا يقبضه ولا يلتزم بفوائده.
وقد عنى المشروع في مجال انهاء العقد بالتفرقة بين الاعتماد غير محدد المدة والاعتماد المفتوح لمدة معينة، ووضع لكل منهما الاحكام المناسبة له. فقضت المادة 365 بأنه اذا فتح الاعتماد لمدة غير محددة، جاز للبنك الغاؤه في كل وقت بشرط اخطار المستفيد قبل الالغاء بعشرة ايام على الاقل ليتأهب للامر، ويدبر اوضاعه المالية. وأبطلت كل اتفاق يجيز الالغاء دون اخطار او باخطار في ميعاد اقل.
اما الاعتماد المفتوح لمدة معينة فالاصل انه لا يجوز الغاؤه قبل انتهاء المدة المتفق عليها، الا انه لما كان فتح الاعتماد من العقود التي تقوم على الاعتبار الشخصي وعلى ثقة البنك في شخص العميل، وجدارته بائتمانه فقد اجازت المادة 366 للبنك الغاء الاعتماد قبل انتهاء المدة المتفق عليها في حالة وفاة المستفيد او الحجر عليه او وقوفه عن الدفع - ولو لم يصدر حكم باشهار افلاسه - او وقوع خطأ جسيم منه في استخدام الاعتماد المفتوح لصالحه. وهي جميعها حالات تتصل بشخص المستفيد، وتهتز معها اعتبارات الثقة التي راعاها البنك عند التعاقد.

6 - الاعتماد المستندي
وخصص المشروع الفرع السادس لصورة هامة من صور الاعتمادات المصرفية وهو الاعتماد المستندي الذي يقطلع بدون بالغ الاهمية في التجارة الخارجية. وقد استهدى المشروع في تنظيمه (بمجموعة القواعد والاعراف الموحدة للاعتمادات المستندية) التي وضعتها الغرفة التجارية الدولية في (فينا) سنة 1933، وتم تعديلها اخيرا سنة 1974. وهي قواعد درج العرف الدولي على اتباعها، واخذت بها معظم التشريعات الحديثة، وجرى العمل في مصارف الكويت على الاحالة اليها في عقود فتح الاعتمادات المستندية.
وقد استهل المشروع احكام هذا الفرع بتعريف الاعتماد المستندي مبرزا استقلاله تماما عن العقد الذي فتح الاعتماد بسببه (م 367) وغالبا ما يكون عقد بيع. فالبنك الذي يفتح الاعتماد لا يتقيد الا بشروط الاعتماد ذاته، ولا شأن له بشروط عقد هذا البيع الذي يربط بين المشترى والبائع، فهو اجنبي عن هذا العقد، ويفترض انه لا يعلم بشروطه. وينبني على ذلك انه لا يجوز للبنك ان يمتنع عن الوفاء بقيمة الاعتماد استنادا الى ان البائع لم يقم بتنفيذ الالتزامات التي يرتبها عقد البيع. ذلك ان حق البائع قبل البنك ليس رهينا بتنفيذ هذه الالتزامات، وانما العبرة بقيام البائع بتنفيذ الشروط الورادة في خطاب الاعتماد، فمتى نفذها البائع اصبح له قبل البنك حق مباشر ومستقل تماما عن عقد البيع الذي يربطه بالمشتري. وبهذا وحده يستطيع الاعتماد المستندي ان يؤدي دوره الاساسي في التجارة الخارجية بتوفير الثقة لدى البائع، وتأمين حقه في الحصول على الثمن.
ولما كان للمستندات المشترطة في عقد فتح الاعتماد المستندي اهمية قصوى، اذ يتوقف تنفيذ التزام البنك قبل المستفيد - سواء بالوفاء او قبل او خصم الاوراق التجارية - على مطابقة هذه المستندات لما ورد في العقد من بيانات وشروط، فقد نصت المادة 368 على وجوب تحديد هذه المستندات بدقة في الاوراق الخاصة بطلب فتح الاعتماد او تأييده. وكذلك في اخطار المستفيد به حتى يكون على بينة تامة من المستندات المطلوبة فيقوم باعدادها.
وأشارة المادة 370 الى نوعي الاعتمادات المستندية من حيث قابليتها للالغاء، فأجازت ان يكون الاعتماد باتا او قابلا للنقض. وأوجبت ان ينص في عقد الاعتماد صراحة على بيان نوعه. فاذا لم ينص على ذلك اعتبر الاعتماد قابلا للنقض. وهو ما استقر عليه العرف المصرفي، وتضمنته مجموعة القواعد الموحدة للاعتمادات المستندية.
وتناولت المادة 371 الاعتماد القابل للنقض، فلم ترتب عليه التزاما على البنك قبل المستفيد. وأجازت للبنك تعديله او الغاءه في كل وقت من تلقاء ذاته او بناء على طلب الامر دون حاجة الى اخطار المستفيد بشرط ان يقع التعديل او الالغاء بحسن نية وفي وقت مناسب.
اما الاعتماد البات فقد رتبت عليه المادة 372 التزامه قطعيا ومباشرا على البنك قبل المستفيد، فلا يجوز للبنك الغاؤه او تعديله الا باتفاق جميع ذوي الشأن. وتعتبر علاقة البنك بالمستفيد - على ما سلف البيان - مستقلة تماما عن العلاقة بين الامر بفتح الاعتماد والمستفيد، وكذلك العلاقة بين الامر والبنك، وينبنى على ذلك انه لا يجوز للبنك التمسك قبل المستفيد بالدفوع المستمدة من العلاقات الاخرى.
واشارت الفقرة الثالثة من المادة 372 الى تأييد الاعتماد البات من جانب بنك آخر، وألقت على عاتق البنك الذي يصدر عنه هذا التأييد بدوره التزاما قعطيعا يضيف ضمانا جديدا لحق المستفيد. ونظرا لخطورة الاثر المترتب على هذا التأييد، فانه لا يجوز استخلاصه من وقائع لاتجزم بوقوعه كمجرد قيام البنك باخطار المستفيد بفتح الاعتماد لصالحه (م4/372).
وعرضت المادة 373 لمدة صلاحية الاعتماد فأوجبت ان يكون لكل اعتماد بات تاريخ اقصى لصلاحيته. فاذا صادف التاريخ المعين لانتهاء الاعتماد يوم عطلة للبنوك امتدت هذه الصلاحية الى أول يوم عمل تال للعطلة. اما فيما عدا أيام العطلات فلا تمتد هذه الصلاحية ولو صادف تاريخ انتهائها انقطاع اعمال البنك بسبب ظروف قاهرة. كأعمال الشغب او الفتنة او الثورات او غير ذلك من الظروف الخارجة عن ارادته مالم يكن هناك تفويض صريح من الامر بمد هذه الصلاحية.
وأوجبت المادة 374 على البنك التحقق من مطابقة المستندات لتعليمات الامر بفتح الاعتماد وهي مطابقة ينبغي ان تكون كاملة وحرفية بحيث لا يكون للبنك بصددها ادنى سلطة في التقدير او التفسير. فاذا تبين للبنك عدم مطابقة هذه المستندات لتعليمات الامر، فعليه ان يرفضها مع اخطار الامر فورا بأسباب الرفض.
ولا يقع على عاتق البنك التمعن في بحث المستندات والتعمق في تحرى صحتها، وانما يكتفي في ذلك بالفحص العادي الذي يتفق وطبيعة العمل المصرفي، لذلك فقد اعفته المادة 375 من المسؤولية متى كانت المستندات المقدمة مطابقة في ظاهرها لتعليمات الامر لان الفحص فيما يجاوز ظاهر الاشياء يستغرق وقتا طويلا، ويحمل البنك عبئا ثقيلا لا يتفق وما يقتضيه العمل المصرفي من سرعة الانجاز والبت.
ولما كانت مهمة البنك مقصورة على فحص المستندات فحسب دون فحص البضاعة ذاتها لانها تكون غالبا في الطريق، فقد اعفت الفقرة الثانية من المادة 375 البنك من اية مسؤولية فيما يتعلق بمواصفات البضاعة التي فتح بسببها الاعتماد او كميتها او وزنها او تغليفها او تنفيذ البائعين والمؤمنين لالتزاماتهم بشأنها.
واذا كان فتح الاعتماد المستندي ملحوظا فيه الاعتبار الشخصي، فقد حرمت المادة 376 التنازل عنه او تجزئته او تحويله لغير المستفيد الا اذا كان البنك مأذونا في ذلك صراحة من الامر بفتح الاعتماد ولا يجوز التنازل الا مرة واحدة مالم يتفق على غير ذلك. وهو حكم استقاه المشروع من المادة 39 من مجموعة القواعد والاعراف الموحدة للاعتمادات المستندية.
وواجهت المادة 377 حالة ما اذا امتنع الامر عن دفع قيمة الاعتماد للبنك مقابل مستندات الشحن المطابقة لشروط فتح الاعتماد، فأجازت للبنك، اذا ما تخلف الامر عن الدفع خلال ثلاث اشهر من تاريخ اخطاره بوصول المستندات، ان يبيع البضاعة ويستوفي حقه من ثمنها وذلك باتباع الاحكام الخاصة بالتنفيذ على الاشياء المرهونة رهنا تجاريا.

7 - الخصم
وعالج المشروع في الفرع السابع عقد الخصم. وهو العقد الذي يعجل للبنك بمقضتاه لحامل ورقة تجارية لم يحل اجل استحقاقها قيمة هذه الورقة مخصوما منها مبلغ يسير يمثل عمولة البنك وقدر الفائدة الواجبة حتى ميعاد الاستحقاق، وذلك مقابل ان ينقل له الحامل ملكية الورقة ليحصل على قيمتها من المدين الاصلي عند حلول اجل استحقاقها، مع التزام الحامل برد هذه القيمة للبنك اذا لم يدفعها المدين الاصلي.
اذا كان الاصل في الخصم انه يقع على الاوراق التجارية الا انه ليس ثمة ما يمنع من ان يقع على اي صك اخر قابل للتداول كالمستندات المالية وان كان ذلك قليل الوقوع في العمل لطول آجال استحقاقها.
وقد عنى المشروع في المادة 378 بتعريف العقد بما يبرز الالتزامات المتقابلة لكل من طرفيه. ثم بينت المادة 379 اسس تقدير كل من الفائدة والعمولة، فنصت على ان تحتسب الفائدة على اساس المدة التي تنقضي من يوم الخصم حتى تاريخ استحقاق الورقة المخصومة. اما العمولة وتقابل الخدمة والمصروفات التي ينفقها البنك فتقدر على اساس قيمة الورقة.
والزمت المادة 380 المستفيد من الخصم بأن يرد للبنك القيمة الاسمية للورقة اذا لم تدفع في ميعاد الاستحقاق. والمقصود بالقيمة الاسمية القيمة الثابتة في الورقة ذاتها، لا القيمة التي عجلها البنك للمستفيد، لان المستفيد انما يضمن للبنك استيفاء كامل الحق الثابت بالورقة عند حلول اجل الاستحقاق.
وخولت المادة 381 للبنك في سبيل استرداد قيمة الورقة المخصومة - في حالة تخلف المدين عن اداء قيمتها في ميعاد الاستحقاق - الحق في احدى دعويين الاولى : دعوى الصرف التي تستند الى تظهير الورقة اليه تظهيرا ناقلا للملكية وبمقتضاها يكون له الحق في الرجوع على المستفيد من الخصم وغيره من الملتزمين الاخرين بقيمة الورقة طبقا للاجراءات والاوضاع المقررة في الاوراق التجارية. والثانية : دعوى ضمان الخصم التي تستند الى عقد الخصم ذاته، وبمقتضاه يكون للبنك قبل المستفيد استيفاء قيمتها في ميعاد الاستحقاق. وللبنك الخيار في استخدام اي من الدعويين. ولا يحول سقوط حقه في دعوى الصرف لعدم مراعاة الاجراءات والمواعيد الخاصة بها جون استخدام حقه في الرجوع بالدعوى الاخرى المستندة لعقد الخصم.
فاذا كانت حصيلة الخصم مقيدة في الحساب الجاري، كان للبنك - بدلا من الرجوع على المستفيد بأي من الدعويين السالفتين - اجراء قيد عكسي بقيمة الورقة في الجانب المدين من حساب المستفيد وفقا للاحكام المقررة في الحاسب الجاري (م403) مع اخطار المستفيد من الخصم بهذا القيد.

8 - خطاب الضمان
وأفرد المشروع الفرع الثامن لخطابات الضمان، وهي صورة من صور الضمان المصرفي ذاع استخدامها في السنين الاخيرة، وكثر الاقبال على طلبها من البنوك كبديل للتأمين النقدي الذي قد يترط تقديمه في بعض العقود، وبوجه خاص في عقود التوريد والاشغال العامة لضمان حسن تنفيذها. ونظرا لاهمية هذا اللون من الضمان، وكثرة ما يثيره من منازعات في العمل، فقد استصوب المشروع تنظيمه وتقنين احكامه بما يحسم كل خلاف حول طبيعته القانونية، مستنيرا في ذلك بأحدث الحلول الفقهية والقضائية.
وقد عرفته المادة 382 بأنه تعهد يصدر من بك بناء على طلب عميل له (الامر) بدفع مبلغ معين او قابل للتعيين لشخص اخر (المستفيد) دون قيد او شرط اذا طلب منه ذلك خلال المدة المعينة في الخطاب.
وضمانا لحقوق البنك قبل عميله الامر باصدار الخطاب فيما لو اضطر البنك الى تنفيذ تعهده للمستفيد وأداء قيمة الخطاب اليه، اجازت المادة 383 ان يطلب البنك من عميله تقديم تأمين عند اصدار الخطاب، وهو ما درج العرف على تسميته -بغطاء الخطاب-. ويأخذ هذا الغطاء في العمل صورا متعددة، فقد يكون تأمينا نقديا، وقد يكون بتقرير رهن على اوراق مالية للعميل مودعة لدى البنك. وقد يكون - وهو الغالب في العمل - بتنازل الامر للبنك في حقه قبل المستفيد (م2/383) وهو لون من حوالة الحق على سبيل الرهن، ومن ثم يتبع فيه الاجراءات المقررة لحوالة الحق ونفاذها قبل المدين او الغير.
ولما كان الاعتبار الشخصي من الامور التي يضعها البنك في تقديره عند اصدار الخطاب، فقد حظرت المادة 384 على المستفيد التنازل للغير عن حقه الناشىء عن الخطاب الا بموافقة البنك.
وتناولت المادة 385 السمة البارزة لخطاب الضمان، وهي استقلال التزام البنك قبل المستفيد عن غيره من العلاقات الاخرى كالعلاقة بين البنك والامر بالخطاب او بين الامر والمستفيد، اذ ينشىء الخطاب بذاته في ذمة البنك التزاما اصليا ومباشرا بأداء قيمته للمسفتيد متى طلب ذلك خلال المدة المعينة في الخطاب وهو ما يميزه عن الكفالة التي يعتبر فيها التزام الكفيل التزاما تابعا لالتزام المدين المكفول ومرتبطا به من حيث صحته وبطلانه. وينبني على ذلك انه لا يجوز للبنك ان يرفض الوفاء للمستفيد لسبب يرجع الى العلاقة بين الامر والمستفيد او العلاقة بين الامر والبنك، ولا ان يتمسك قبل المستفيد بأي دفع ناشىء عن هذه العلاقات الجانبية. كما انه لا حاجة للبنك الى اخطار الامر قبل الوفاء للمستفيد.
ولما كان التزام البنك قبل المستفيد مقيدا بمدة معينة هي مدة سريان الخطاب، فان ضمان البنك يسقط تلقائيا وتبرأ ذمته قبل المستفيد اذا لم تصله مطالبة منه خلال هذه المدة الا اذا اتفق صراحة قبل انتهائها على تجديدها المدة اخرى (م386).
وواجهت المادة 387 حالة وفاء البنك للمستفيد بالمبلغ المتفق عليه في خطاب الضمان، فأحلته محل المستفيد في الرجوع على الامر. وهو حلول قانوني يهىء للبنك الافادة من التأمينات التي عساها ان تكون مقررة لضمان حق المستفيد لدى الامر.

9 - الحساب الجاري
وفي الفرع التاسع والاخير عالج المشروع احكام الحساب الجاري. وقد اثر المشروع ارجاءه الى نهاية هذا الفصل لان معظم العمليات المصرفية التي تتم بين البنك وعميله تفرغ في نهاية الامر في هذا الحساب لتشملها تسوية عامة واحدة.
وقد بدأت المادة 388 بتعريف الحساب الجاري مبرزة اهم الخصائص التي تميزه عن غيره من الحسابات وهي تبادل وتداخل مدفوعات كل من الطرفين في الحساب. والمقصود بتبادل المدفوعات ان يقوم كل من طرفي الحساب بدور القابض احيانا والدافع احيانا اخرى. ولا يشترط ان يتحقق هذا التبادل بالفعل خلال سير الحساب، وانما يكفي ان يكون ذلك ممكنا بحسب اتفاق الطرفين بحيث تكون فرصة القبض والدفع متاحة لكل منهما، فاذا اتفق الطرفان على ان يظل احدهما قابضا دائما او دافعا دائما لم يكن الجساب جاريا. اما تداخل المدفوعات او تشابكها فيقصد به ان يتخلل مدفوعات احد الطرفين مدفوعات من الطرف الاخر. ومن ثم فلا تتوفر صفة الحساب الجاري في الحساب الذي يشترط طرفاه الا تبدأ مدفوعات احدهما الا بعد انتهاء مدفوعات الطرف الاخر بحيث يمكن ان تتخذ المدفوعات الاخيرة طابع الوفاء للمدفوعات الاولى.
وأجازت المادة 389 ان يكون الحساب الجاري مكشوفا لجهة الطرفين او مكشوفا لجهة طرف واحد. ويكون الحساب مكشوفا لجهة الطرفين اذا كان من الممكن ان يسفر عن رصيد دائن او رصيد مدين لا من الطرفين. اما الحساب المكشوف لجهة طرف واحد فهو الذي يجب ان يسفر عن رصيد مدين لاحد الطرفين بالذات دون الاخر وذلك كالحساب الجاري للوديعة حيث يكون البنك مدينا دائما بقيمة الوديعة، ولا يجوز للمودع ان يسحب من الحساب ما يزيد على رصيد الوديعة.
وأشارت المادة 390 الى قاعدة وجوب تماثل المدفوعات في الحساب ليتسنى اجراء المقاصة بينها. وواجهت القرض الذي تكون فيه المدفوعات مقومة بعملات مختلفة او بأشياء غير متمامثلة، فأجازت ادخالها في الحساب الجاري بشرط ان تجمع في اقسام مستقلة يراعي فيها التماثل وان تكون ارصدتها قابلة للتحويل حتى يتسنى تحويلها الى عملة الحساب لتشترك في استخراج رصيد نهائي واحد.
كما اشارت المادة 391 الى شرط اخر من شروط المدفوعات في الحساب وهو تسليمها للقابض على سبيل التمليك. وتبدوا اهمية هذا الشرط في الحالات التي يكون فيها المدفوع في الحساب ورقة تجارية يسلمها العميل للبنك اذ ينبغي ان تظهر اليه تظهيرا ناقلا للملكية. ام الاوراق التجارية التي تسلم للبنك على سبيل الرهن او الوكالة في التحصيل فلا تصلح كمدفوعات في الحاسب الجاري.
وتمشيا مع ما استقر عليه العرف المصرفي من جواز اجراء ميزان مؤقت اثناء سير الحساب للتعرف على مركز الطرفين، والسماح لمن يكون الرصيد في صالحه بالتصرف فيه عن طريق الشيك او الكمبيالة، فقد اجازت الفقرة الثانية من المادة 391 لكل من طرفي الحساب ان يتصرف في اي وقت اثناء سريان الحساب في رصيده الدائن ما لم يتفق على غير ذلك.
وأجازت المادة 392 قيد الاوراق التجارية في الحساب الجاري، الا ان هذا القيد لا يعتبر قيدا نهائيا، وانما هو قيد مؤقت بشرط الوفاء. فاذا لم تدفع الورقة في ميعاد الاستحقاق فلا تحتسب قيمتها في الحساب. ويجوز اعادتها لصاحبها مع الغاء قيدها عن طريق القيد العكسي على الوجه المبين في المادة 403.
وأشارت المادة 393 الى مبدأ هام هو عمومية الجساب الجاري، وشموله بحكم القانون لجميع الديون الناشئة عن علاقات الاعمال التي تتم بين الطرفين. ولم تستثن من ذلك الا الديون المضمونة بتأمينات قانونية او اتفاقية، لان الاثر التجديدي للحساب من شأنه ان يزيل هذه الديون بتأميناتها، ليحل محلها دين جديد. هو دين الرصيد. لذلك لم يجز المشروع قيد الديون المضمونة بتأمينات اتفاقية (كالرهن) في الحساب الجاري الا اذا اتفق جميع ذوي الشأن صراحة على ذلك. وفي هذه الحالة تنتقل التأمينات لضمان رصيد الحساب في حدود الدين المضمون (م394).
وعالجت المادة 395 الاثار المترتبة على دخول الدين في الحساب الجاري وتقوم في مجموعها على فكرة تجديد الدين، ووحدة الحساب وتماسك مفرداته. فيفقد الدين بدخوله في الحساب الجاري كيانه الذاتي وصفاته الخاصة، ويندمج في الحساب كمفرد من مفرداته، فلا يكون قابلا على استقلال للوفاء او المقاصة، ولا يخضع للسقوط بالتقادم الذي كان يحكمه قبل دخوله الحساب، بل يخضع للتقادم المقرر لدين الرصيد عند استخراجه.
على انه وان كانت القاعدة ان الحساب الجاري يستغرق جميع الحقوق التي تدخله ويحيلها الى مفردات فيه، الا ان ذلك لا يقطع صلتها تمام بمصدرها، ولا يسقط ما للطرفين من لا يقطع صلتها تمام بمصدرها، ولا يسقط ما للطرفين من دعاوي بشأن العقود التي ترتبت عليها هذه الحقوق، وهو ما قررته المادة 396. فاذا حكم بعد قيد المدفوع في الحساب الجاري ببطلان العقد الذي نشأ عنه الدين او فسخه او خفض مقدار الدين وجب الغاء قيده او تخفيضه وتعديل الجساب تبعا لذلك (م402). وقد ساير المشروع في ذلك الاتجاهات القضائية الحديثة التي تهدف الى التخفيف من نتائج الاثر التجديدي للحساب الجاري بابقاء شىء من الصلة بين الدين الاصلي والمفرد الذي يقابله في الحساب لاسيما في الحالات التي يحكم فيها ببطلان الدين الاصلي او خفض مقداره وذلك حتى لا يضار المدين بدخول الدين في الحساب الجاري.
ونصت المادة 397 على الا تنتج المدفوعات في الحساب الجاري فوائد الا اذا اتفق على غير ذلك، فاذا لم يعين الاتفاق سعر الفائدة احتسبت على اساس ما يجري به العرف. كما اجازت تقاضى فوائد على متجمد الفوائد في الحسابات الجارية المفتوحة لدى البنوك تمشيا مع ما يجري عليه العرف المصرفي في هذا الشأن.
وأكدت المادة 398 مبدأ عدم تجزئة الجساب الجاري. اذ تعتبر مفرداته اثناء سيره كلا لا يقبل التجزئة، بحيث تنعدم فيه قبل افقاله واستخارج رصيده النهائي صفة الدائن والمدين. ومع ذلك فقد استثنى المشروع حالة توقيع الحجز اثناء سير الحساب - وهي مسألة كثر فيها الجدل الفقهي ورأى المشروع ان يفصل فيها بحل حاسم - فأجاز لدائني احد طرفي الحساب توقيع الحجز اثناء سير الحساب على الرصيد الدائن لمدينه وقت توقيع الحجز وذلك بعد اجراء ميزان مؤقت لمعرفة ما اذا كان للمحجوز عليه رصيد دائن وقت توقيع الحجز، ومقدار هذا الرصيد. وهو حل اقره القضاء في كثير من الدول - على سبيل الاستثناء من مبدأ تجزئة الحساب الجاري - رعاية لحقوق الدائنين.
وواجه المشروع في الفقرة الاخيرة من ذات المادة حالة ما اذا كان متفقا في عقد الجساب الجاري على عدم جواز التصرف في الرصيد الدائن اثناء سير الجساب. فنصت على عدم نفاذ الحجز في هذه الجالة الا بالنسبة للرصيد النهائي الذي يظهر لمصلجة المحجوز عليه عند اقفال الحساب.
وتناولت المادة 399 اسباب اقفال الجساب الجاري. وفرقت في هذا الصدد بين ما اذا كان الحساب محدد المدة، فيقفل بانتهاء مدته، مالم يتفق الطرفان على تعجيل اقفاله. وبين ما اذا كان الحساب مفتوحا لمدة غير محددة - وهو الغالب في العمل - فيجوز لكل من الطرفين، في هذه الحالة طلب اقفاله بعد اخطار الطرف الاخر في المدة المتفق عليها او التي يجري بها العرف. ولما كان فتح الجساب الجاري من العقود الملحوظ فيها الاعتبار الشخصي والثقة المتبادلة بين الطرفين - كما هو الشأن في اغلب العمليات المصرفية - فأنه يقفل في جمع الاحوال بوفاة احد الطرفين او بفقدانه الاهلية او افلاسه.
على انه ينبغي التفرقة في هذا المجال بين اقفال الحساب الذي تتم به تصفية مراكز الطرفين واستخراج الرصيد النهائي، وبين ما تقتضيه الضرورات العملية من قطعة او وقفه مؤقتا لاجراء ميزان يكشف عن مركز كل من الطرفين فيه، او لاضافة الفوائد الى الاصل او لغير ذلك من الاغراض. وقد اجازت الفقرة الاخيرة من المادة 399 اجراء هذا الوقف المؤقت اثناء جريان الجساب في المواعيد التي يتفق عليها الطرفان او يحددها العرف المحلي، والا ففي نهاية كل ثلاثة شهور.
وعالجت المادتان 400و 401 آثار اقفال الحساب وهي استخراج الرصيد النهائي الذي يعتبر دينا حالات مستحق الاداء من جانب الطرف المدين الا اذا اتفق الطرفان على غير ذلك، او كانت بعض العمليات الواجب ادخالها في الحساب لم تتم، وكان من شأن قيدها تعديل مقدار الرضيد. كما لو تعلق الامر بفتح اعتماد في الحساب الجاري او بخصم اوراق تجارية ولم تكن العمليات قد تمت عند اقفال الحساب.ويعتبر دين الرصيد عاديا فلا تجري عليه قواعد الحساب الجاري، وانما تجري عليه القواعد العامة فيخضع للتقادم العادي وتسري عليه الفوائد القانونية من تاريخ قفل الحساب (م401)، ولا يجوز للدائن به تقاضي فوائد على متجمد الفوائد كما هو الشأن اثناء سير الحساب.
وتتعلق المادة 403 بالقيد العكسي للاوراق التجارية التي تقيد حصيلة خصمها في الحساب الجاري ثم لا تدفع قيمتها في ميعاد الاستحقاق. فأجازت الغاء قيدها باجراء قيد عكسي ولو بعد افلاس من قدمها للخصم وما يترتب على ذلك من اقفال الحساب. وهي قاعدة جرى بها العرف واقرها القضاء محافظة على حقوق البنك، لان تقدم البنك في تفليسه العميل لن يمكنه في الغالب من الحصول الا على نصيب من حقه، في حين ان القيد العكسي سوف يتيح له الحصول على حقه كاملا بانتفاصه من الرصيد الدائن للعميل.
ولما كان القيد العكسي هو احدى وسائل الرجوع بالضمان على من قدم الورقة للخصم، فانه لا يجوز اجراؤه الا اذا كان الرجوع بالضمان جائزا اي عند عدم الوفاء بقيمة الورقة التجارية في ميعاد الاستحقاق. ومن هنا قضت الفقرة الثالثة من المادة 403 بعدم جواز اجراء هذا القيد الا بالنسبة للاوراق التي حل ميعاد استحقاقها ولم تدفع قيمتها. وأبطلت كل اتفاق يجيز اجراء القيد العكسي قبل ميعاد الاستحقاق.
وأخيرا قضت المادة 404 بعدم قبول الدعاوي الخاصة بتصحيح الحساب الجاري بعد انقضاء ستة شهور من تاريخ استلام العميل لكشف تصفية الحساب وذلك منعا للاضطراب الذي عساه يشيع في حسابات المصارف اذا ظلت معرضة للتصحيح لمدد طويلة. كما وضعت تقادما قصيرا قدره خمس سنوات بالنسبة لجميع الدعاوي الاخرى المتعلقة بالحساب الجاري حتى تستقر الحقوق الناشئة عنه.

سادسا : احكام متفرقة
اقتضى تطوير التشريع القائم، والتنسيق بين احكامه في صورته الجديدة، وعلاج ما كشف عنه التطبيق العملي من نقص او قصور في بعض هذه الاحكام، ادخال تعديلات متفرقة على بعض نصوصه. وفيما يلي بيان لاهم هذه التعديلات :

في اكتساب صفة التاجر :
1 - اسبغت الفقرة الاولى من المادة 17 من القانون القائم صفة التاجر على الشخص الذي اتخذ مظهرا خارجيا واضفى على نفسه صفة التاجر حتى ولو لم يمارس بالفعل الاعمال التجارية، فاعتبرت تاجرا -كل من اعلن للجمهور بطريق الصحف او النشرات او بأية طريقة اخرى عن محل اسسه للتجارة... وان لم يتخذ التجارة حرفة مألوفة له-.
واذا كان الجدل قد ثار في شأن القرينة التي اقامها المشرع بمقتضى المادة 17 سالفة الذكر وهل هي قرينة قانونية بسيطة او قرينة قانونية لا تقبل اثبات العكس. فقد رأى المشروع حسما لهذا الجدل ان يعدل صياغة هذه المادة ويبرز صراحة في المادة 1/14 منه ان هذه القرينة التي اقامها على ثبوت صفة التاجر لمن ينتحلها هي قرينة بسيطة يجوز نقضها، ذلك ان صفة التاجر تقوم على شرائط قانونية فلا تثبت الا بتوافرها.

في حجية الدفاتر التجارية في الاثبات
2 - ولما كان الرأي قد اتجه الى تجميع قواعد الاثبات الموضوعية وأحكامه الاجرائية في تقنين مستقل للاثبات في المواد المدنية والتجارية فقد اقصى المشروع عن احكامه القواعد التي تنظم حجية الدفاتر التجارية في الاثبات والتي عالجتها المواد من 37 الى 40 من القانون القائم.

في الوكالة التجارية
3 - تقرر المادة 583 من القانون القائم للوكيل بالعمولة دون غيره من الوكلاء التجاريين حق امتياز يضمن له الحصول على اجره وغيره من المبالغ المستحقة بسبب الوكالة. وقد رأى المشروع ان يعمم هذا الضمان على سائر الوكلاء التجاريين. ولم يقصد بذلك رعاية حقوق الوكيل فحسب، وانما هدف ايضا الى تعزيز الائتمان التجاري اذ متى اطمأن الوكيل الى استرداد المبالغ التي قد يدفعها عن الموكل فانه لا يتوانى في ادائها وفي هذا مصلحة محققة للموكل الذي يستطيع بفضل وجود هذا الضمان الحوصل على ائتمان وكيله بسهولة ويسر (المادة 266 من المشروع).

في البورصات
4 - وبالنسبة للبورصات التجارية اضفى المشروع الشخصية الاعتبارية عليها لتكون قادرة على التصرف في أموالها وادارتها والتقاضى بشأنها - وهو ما اغفله التشريع القائم (المادة 323 من المشروع).

في الاوراق التجارية
5 - تقضى المادة 705 من القانون القائم بتقادم التزام الكفيل الذي ينبغي تقديمه في حالة ضياع الكمبيالة بمضى ثلاث سنوات. وهو ما يتسق مع مدة التقادم المقررة لتقادم الدعاوي الناشئة عن الكمبيالة تجاه قابلها، اذ تتقادم هذه الدعاوي بمضي ثلاث سنوات من تاريخ الاستحقاق (م 736).
ولما كان القانون القائم لم ينظم حالة ضياع الشيك للامر اكتفاء بالاحالة العامة الى احكام الكمبيالة، فانه بترتب على ذلك ان التزام الكفيل الذي يقدم في حالة ضياع الشيك للامر لا ينقضي الا بمضي ثلاث سنوات، في حين ان مدة التقادم في الدعاوي الناشئة عن الشيك هي ستة شهور وفقا للمادة 389 من القانون القائم.
لذلك رؤى اضافة حكم جديد الى الاحكام المنظمة للشيك يقضي بأن تكون مدة تقادم التزام الكفيل الذي يقدم في حالة ضياع الشيك هي ستة شهور حتى تنسق مع المدة المقررة لانقضاء الدعاوي الناشئة عن الشيك (م 539 من المشروع).
6 - تقضي المادة 781 من القانون القائم بأنه اذا انقضت ستة شهور من تاريخ المعارضة في الوفاء في حالة ضياع الشيك لحامله، جاز للمعارض ان يطلب من المحكمة الاذن له في قبض الشيك.
ولم يحدد النص ميعادا لتقديم هذا الطلب، مع انه رتب في الفقرة الثانية على عدم تقديمه وجوب اعادة قيد مقابل الوفاء في جانب الاصول من حساب الساحب.
وتداركا لهذا النقص أوجب المشروع على المعارض ان يقدم هذا الطلب في خلال الشهرين التاليين لانقضاء الشهور الستة المقررة لتقدم حائز الشيك للمطالبة بالوفاء (م542 من المشروع).

7 - لوحظ ان الجرائم الخاصة بالشيك قد توزعت في التشريعات القائمة بين قانون التجارة وقانون الجزاء. لذلك اغفل المشروع جرائم الشيك الورادة في قانون التجارة القائم لتأخذ مكانها في قانون الجزاء مع باقي الجرائم الخاصة بالشيك.

في الافلاس والصلح الواقي
8 - ولما كانت المادة 801 من القانون القائم تعقد الاختصاص بنظر دعاوي الافلاس للمحكمة الكلية، وكان من الجائز ان تتعدد هذه المحاكم مع الاتساع المطرد في العمران، فقد واجه المشروع هذا الفرض باسناد الاختصاص الى المحكمة الكلية التي يقع في دائرتها موطن المدين التجاري فاذا لم يكن له موطن تجاري كانت المحكمة المختصة هي التي وقف عن الدفع في دائرتها (م 563 من المشروع).

9 - ولما كانت المحكمة التي تقضي بالافلاس هي التي تعين مدير التفليسة فقد كان منطقيا انها هي التي تتولى عزله وهو ما اتجه اليه المشروع خلافا لما عليه الحال في المادة 876 من القانون القائم التي تخول سلطة عزل لقاضي التفليسة رغم ان المحكمة هي التي تعينه (م628 من المشروع).
وتمشيا مع هذا الاتجاه عهد المشروع الى المحكمة سلطة تعيين مدير الاتحاد اذا قررت اغلبية الدائنين تغيير المدين السابق (م718 من المشروع).

10 - ولما كان القانون القائم، وان نظم في المادة 802 الطعن في الاحكام الصادرة في دعاوي الافلاس، الا انه اغفل تنظيم الطعن في القرارات التي يصدرها قاضي التفليسة. ولهذا فقد عنى المشروع بالنص على عدم جواز الطعن في هذه القرارات الا اذا نص القانون على جواز ذلك او كان القرار مما يجاوز اختصاص قاضي التفليسة. ويكون الطعن في حالة جوازه امام محكمة الاستئناف العليا خلال عشرة ايام من تاريخ تبليغ القرار (م639 من المشروع). كما نظم المشروع - بالمثل - الطعن في القرارات التي يصدرها القاضي المشرف على الصلح الواقي (م756 من المشروع).

11 - ولما كانت المادة 916 من القانون القائم قد وضعت تنظيما خاصا للتفليسات الصغيرة راعت فيه اختصار الاجراءات وتبسيطها ومن ذلك تخفيض مواعيد الاجراءات تاركة الامر لمطلق تقدير القاضي، فقد اثر المشروع ان يعين حدود هذا التخفيض بالنص على ان يكون خفض مواعيد الاجراءات الى النصف على انه اذا كان الميعاد خمسة عشر يوما فيخفض الى ثمانية ايام (م669 من المشروع).

12 - وعملا على التيسير على المفلس الذي صدر عليه حكم في احدى جرائم الافلاس بالتدليس في استرداد اعتباره حتى يشتطيع ان يبدأ حياة جديدة شريفة الغى المشروع ما اشترطه القانون القائم (مادة 980) من وجوب وفاء المفلس بكل المطلوب منه من اصل وفوائد ومصروفات مكتفيا بانقضاء المدة المقررة لرد الاعتبار (مادة 733 من المشروع).

13 - رأى المشروع جمع جرائم الافلاس والصلح الواقي في باب واحد اختتم به الكتاب الرابع الخاص بالافلاس والصلح الواقي. وقد كانت هذه الجرائم مفرقة في القانون القائم بين الباب الاول والباب الرابع من الكتاب الخامس. كما استبدل المشروع الدينار بالرويية في عقوبة الغرامة مع رفع مقدارها بما يتمشى وتغير سعر العملة.

ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك

رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
content

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Facebook Comments by: ABDU_GO - شركة الإبداع الرقمية
كافة الحقوق محفوظة لـ منتدى المراجع المصرى/المحاسب القانونى محمد صفوت