أهلا وسهلا بكم في منتدى المراجع المصرى/المحاسب القانونى محمد صفوت نتمنى لكم اجمل الاوقات برفقتنا
ضع وصفاً للصورة الأولى الصغيره هنا1 ضع وصفاً للصورة الثانية الصغيره هنا2 ضع وصفاً للصورة الثالثه الصغيره هنا3 ضع وصفاً للصورة الرابعه الصغيره هنا4
العودة   منتدى المراجع المصرى/المحاسب القانونى محمد صفوت > منتدى المحاماه والقوانين والتشريعات > الشريعة الإسلامية
« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: مفهوم الدعم والمقاومة (آخر رد :دعاء يوسف علي)       :: أفضل أنواع التداول (آخر رد :دعاء يوسف علي)       :: خطوات التسجيل في فرنسي تداول (آخر رد :دعاء يوسف علي)       :: شروط تسجيل عضوية بموقع حراج (آخر رد :دعاء يوسف علي)       :: رسوم الحساب الاستثماري في تداول الراجحي (آخر رد :دعاء يوسف علي)       :: اعتماد العزل (آخر رد :مروة مصطفي)       :: شركة امتلاك (آخر رد :مروة مصطفي)       :: كيفية شراء الاسهم الامريكية الحلال (آخر رد :سلمي علي)       :: طريقة تحويل العملات المختلفة (آخر رد :سلمي علي)       :: حجابات شيفون (آخر رد :سلمي علي)      

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 08-25-2013, 03:33 PM
مصطفى احمد مصطفى احمد غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2013
المشاركات: 1,100
افتراضي الخلع في القانون الكويتي



الخلع في القانون الكويتي
الفصل الثاني

الخلع

المادة (111):
إذا اختلف الزوجان، وظن كل واحد منهما بنفسه أنه لا يقيم لصاحبه ما تقتضيه الزوجية من حقوق والتزامات مادية وأدبية، فقد شرع للزوجة أن تفتدي نفسها من عصمة زوجها بعوض تبذله له ويخلعها به، ولا حرج عليها فيما أعطت، ولا حرج عليه أن يأخذ، قال تعالى: ولا يحل لكم أن تأخذوا مما أتيتموهن شيئًا ألا أن يخافا ألا يقيما حدود الله، فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به، فسمي في الله الخلع افتداء، والافتداء يحتاج إلى تراضٍ بين الطرفين، فالخلع طلاق يقوم على أساس تعاقدي، وبسبب العوض الذي تبذله المرأة لتخليص نفسها من العصمة يقع به الطلاق البائن، فلا يستطيع الرجل مراجعتها، ولا تعود إليه إلا في زواج جديد بجميع شرائطه.
وكون الخلع طلاقًا بائنًا هو مذهب جمهور العلماء، ومنهم: عمر، وعثمان، وعلي، وابن مسعود، وزيد بن علي، وبه قال أبو حنيفة، وأصحابه، ومالك، والثوري، والأوزاعي، والقاسمية، وأبن أبي ليلى، والشافعي في قوله الجديد.
ولا يختص الخلع بلفظ معين، وقواعد الفقه وأصوله تقضي بأن المرعي في العقود حقائقها ومعانيها، ولا صورها وألفاظها، ولهذا أخذ المشروع بأن الخلع هو الطلاق نظير عوض، ليتناول المبارأة، والطلاق على مال، ويقول القاضي أحمد وغيره: أن المبارئة، والمختلعة، والمفتدية، والمصالحة هي ألفاظ تعود إلى معنى واحد.
وترتيبًا على ذلك، وعلى ما تقدم بالمادة السابقة، فإن الخلع لا يعتبر خلعًا بأي لفظ وقع إلا إذا وقع باتفاق الطرفين على عوض، وإذا استعمل الزوج لفظ الخلع أو ما في معناه بإرادته المنفردة دون اتفاق مع زوجته على عوض من جانبها، فإنه يعتبر طلاقًا مجردًا، ولا يقع به إلا الطلاق الرجعي وفق المادة السابقة.


المادة (112):
لما كان الخلع طلاقًا على عوض، فإنه يشترط لصحته توافر جميع الشرائط الشرعية المقررة لإيقاع الطلاق حسب الفصل السابق، فيملك الزوج أو الزوجة التصرفات التي تترتب على الطلاق نظير عوض من آثار مالية وغيرها، وإن لم يبلغ أحدهما سن الرشد المالي.


المادة (113):
يذهب الحنفية في تكييف الخلع إلى أنه من جانب الزوج يمين، ومن جانب الزوجة معاوضة فيها شبه التبرع، فهو يقصد تعليق طلاقها على قبولها إعطاءه العوض، والتعليق يمين، وهي تبذل العوض لتفدي نفسها منه ورتبوا على ذلك أن الزوج إذا ابتدأ بالخلع لم يملك الرجوع عن إيجابه قبل قبولها، لأن اليمين تلزمه بمجرد صدورها، أما الزوجة فلها أن ترجع عن إيجابها قبل قبولها كسائر المعارضات.
وقد أخذ بعدم صحة تعليق الطلاق، فتعين تطبيق حكم المعاوضات في الإيجاب والقبول بالنسبة إلى الزوجين، فيكون للزوج أيضًا حق الرجوع عن الإيجاب قبل قبول الزوجة.
هذا – وجواز الرجوع في الإيجاب قبل القبول، لكل من الرجل والمرأة، وقد نص عليه الحنابلة، كما جاء في فقه الزيدية بإطلاق القول بجواز الرجوع من الموجب قبل القبول.


المادة (114):
يصح بدل الخلع من كل ما جاز أن يكون مهرًا، وهو ما صح التزامه شرعًا، وليست له نهاية صغرى، ولا حد لأعلاه، فتلزم به الزوجة بالغًا ما بلغ، لأنها التزمته برضاها في مقابل إسقاط حق الزوج ومن أدلة ذلك قوله تعالى: ولا جناح عليهما فيما افتدت به. وجواز الخلع بأكثر مما أعطاها الزوج هو مذهب الجمهور، فقد قال به مالك، وأبو حنيفة، والشافعي، وأصحابهم، وأبو ثور، وروي عن عمر، وعثمان، وابن عمر، وقبيصة، والنخعي.


المادة (115):
يرى أبو حنيفة أن الخلع والمبارأة يسقطان كل حق لأحد الزوجين على الآخر مما يتعلق بالزواج الذي تم الخلع منه، كالمهر والنفقة المفروضة المتجمدة، وإن لم ينص في العقد على سقوط ذلك، فاعتبر السقوط هنا تبعيًا.
وذهب المالكية، والشافعية ومحمد بن الحسن من الحنفية إلى أن الخلع لا يسقط إلا ما اتفق عليه، سواء أكان بلفظ المخالعة أم المبارأة، مثل الطلاق على مال، لأن أثر المعاوضة ليس إلا في وجوب المسمى لا في إسقاط غيره، وقد ثبتت الحقوق المالية بالزواج الصحيح، فلا تسقط بمجرد ألفاظ تحتمل الإسقاط كالخلع، لأن الثابت بيقين لا يزول بالشك، وجاء في الفتاوى الصغرى: الخلع عقد معاوضة، فلا يزداد على ما تراضيا عليه، واللفظ وإن كان ينبئ عن الفصل فالفصل وجد على مقدار رضيا به، فكيف يسقط غيره.
وقد رأت اللجنة أن هذا الرأي يجري عليه العمل، وهو أعدل وأجرى مع النظر القانوني، فأخذت به..
المادة (116):
بعض الرجال يتنكبون عن حسن العشرة وكرم الصحبة حتى تفتدي زوجاتهم أنفسهن، وعلاج هذا الأمر إنما يكون بإمضاء الخلع عليهم طلقة بائنة، وبإلزامهم رد العوض المالي، وبإسقاط ما التزمته المرأة مثل رضاع ولدها، أو نفقة حملها، وهنا عنى المالكية ببيان أمرين:
أولهما: أن الضرر هو الذي تطلق به الزوجة مما لا يجوز شرعًا.
وثانيهما: تيسير إثباته، فتقبل فيه شهادة السماع من الثقات أو غيرهم ممن لا تقبل شهادتهم، كالخدم ونحوهم، كما يكفي فيه شاهد واحد ويمينها، أو شهادة امرأتين ويمينها، وإن بينتها تقبل ولو كان الزوج أشهد أنها خالعته عن ضرر، وأسقطت هي البينة الشاهدة لها بالضرر، فإنه لا يلزمها ذلك الإشهاد، والإسقاط، وتقوم ببينتها.
قال مالك رحمه الله: لم أزل اسمع ذلك من أهل العلم وهو الأمر المجتمع عليه عندنا، وهو أن الرجل إذا لم يضر بالمرأة، ولم يسيء إليها، ولم تؤمن من قبله، وأحبت فراقه، فإنه يحل له أن يأخذ منها كل ما افتدت به، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في امرأة ثابت بن قيس، وإن كان النشوز من قبله بأن يضيق عليها ويضرها، رد عليها ما أخذ منها .
وجاء في الفواكه الدواني على الرسالة أن للمرأة أن تفتدي من زوجها بصداقها أو أكثر إذا لم يكن الافتداء ناشئًا عن ضرر بها غير شرعي، فإن كان مسببًا عن ضرر أوقعه بها فلا يفوز به، ورجعت عليه بما أعطته له، ولزمه الخلع بعد إثباتها الضرر، قال خليل: ورد المال بشهادة سماع على الضرر ولا يشترط في هذا السماع كونه من الثقات وحدهم، بل لو ذكرت البينة أنها سمعت ممن لا تقل شهادته كالخدم ونحوهم عمل بشهادتهما، أو امرأتين، ورد المال بيمينها مع شاهد أو امرأتين، ولا يضرها إسقاط بينة الضرر.


المادة (117):
بينت هذه المادة أحكام الخلع على أجرة رضاع الولد أو حضانته، أو الإنفاق عليه، فيصح أن يكون بدل الخلع أو بعضه أن ترضع الأم المخالعة طفلها بلا أجر، أو تحضنه كذلك، أو تنفق عليه مدة معلومة، لأن الرضاعة والحضانة من المنافع المتقومة التي يستحق في مقابلها المال، والجهالة في مقدار النفقة يسيرة، فتتحمل في المخالعة وقد رضيت الأم بتحمل عبء مالي كان يلزم الأب فلا مانع شرعًا من ذلك، فتلزم هي به.
فإذا تركت الولد، جاز للأب أن يرجع بما يعادل أجر الرضاعة أو الحضانة أو النفقة عن المدة الباقية من حين الترك إلا إذا كلنا قد اتفقا على أنها لا تلتزم بشيء في هذا الحال.
وإذا كانت معسرة وقت المخالعة على الإنفاق، أو أعسرت فيما بعد، ولا مال للصغير، فطالبت الأب بالإنفاق عليه، فإنه يجبر على ذلك، ثم يرجع عليها بعد يسارها بما أنفق، لأنه لم يمكن تنفيذ ما التزمته الأم، والنفقة حق الولد، وهي في الأصل على أبيه، فيجبر عليها صيانة للولد، ما دامت الأم معسرة، إذ لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها.
فإن كان للصغير مال فنفقته حينئذ في ماله، كما سيأتي في نفقة الأقارب، ولا يجبر الأب على الإنفاق.


المادة (118):
إذ تخالعا على إمساك الولد عند أبيه في مدة الحضانة صحت المخالعة وبطل الشرط، لأن بقاءه عند الأم حق للصغير أيضًا، فلها أن تأخذه، وعلى أبيه نفقته، وأجرة حضانته إن كان الولد فقيرًا، قال المفتي أبو السعود: لها الرجوع بأخذ الولد، فإن أقوى الحقين في الحضانة للصغير، ولئن أسقطت الزوجة حقها فلا تقدر على إسقاط حق الصغير أبدً.
والمراد بالإمساك في هذه المادة هو مجرد حق ضم الولد والاحتفاظ به، لا الإنفاق عليه، لأن شرط الإنفاق يعمل فيه باتفاق الأبوين المخالعين، فهو مسألة مالية محضة، لا مانع من تنفيذ اتفاقهما فيها، لأنها لا تمس حقوق الولد ومصلحته.


المادة (119):
خلع المريضة مرض الموت صحيح يقع به الطلاق البائن، ويثبت به العوض إلا أنه لا ينفذ إلا من ثلث مالها عند عدم إجازة الورثة، لأنه تبرع، والتبرع في مرض الموت وصية.
والعوض المتفق عليه في الخلع لا يكون هو الواجب في كل حال، فإن ماتت الزوجة وهي في العدة، فليس للزوج عند الحنفية، سوى الأقل من أمور ثلاثة: مقدار نصيبه في الميراث والعوض وثلث المال.
وذلك لأنه يحتمل أن يكون الزوجان متفقين على الخلع في مرض الموت، ليحصل الزوج من مال زوجته أكثر مما يستحق من الميراث، فمعاملة للزوجين بنقيض مقصودهما كان للزوج الأقل من الأمور الثلاثة.
وإن ماتت الزوجة بعد انتهاء العدة، أو كان الخلع قبل الدخول، حيث لا عدة، فللزوج الأقل من الأمرين: العوض، وثلث المال، ولا يلتفت إلى نصيبه هنا في الميراث، لأنه بعد العدة، أو حيث لا تكون عدة.
ومصدر هذه المادة مذهب الحنفية.
الباب الثالث: الفرقة بالقضاء

الفصل الأول: التطليق لعدم الإنفاق:

المادة (120):
يرى جمهور العلماء تطليق الزوجة على زوجها لعدم إنفاقه عليها، ولهم أدلتهم من الكتاب، والسنة، والقياس، وممن جاء عنهم ذلك من الصحابة فمن بعدهم: عمر، وعلي، وأبو هريرة، وابن السيب، والحسن البصري، وعمر بن عبد العزيز، وربيعة، وهماد، ومالك، والشافعي، وأحمد، ويحيى، وإسحق، وأبو عبيد، وأبو ثور.
وقد أفادت هذه المادة أن الزوج الممتنع عن الإنفاق بغير حق إذا كان له مال ظاهر يمكن تنفيذ النفقة فيه لم يجز لزوجته أن تطلب تطليقها عليه، سواء أكان حاضرًا أم غائبًا، لأن حصولها على نفقتها ممكن، وبالتنفيذ يندفع ما وقع عليها من ظلم.
فإذا كان الزوج حاضرًا، وليس له مال ظاهر، ولم يثبت إعساره، طلق عليه القاضي في الحال، فإن أثبت إعساره، أو كان غائبًا في مكان معلوم، أمهله القاضي مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر، ليؤدي نفقتها منذ رفع الدعوى، فإن لم ينفق، ولم يحضر نفقة هذه المدة في نهايتها طلق عليه القاضي.
وفقه مالك يجري على التلوم والانتظار للمعسر باجتهاد القاضي، وأن يضرب القاضي الأجل للغائب حسب تقديره. وروي عن عمر بن عبد العزيز أنه قال: أضربوا له شهرًا أو شهرين . والشافعي في أحد قوليه يوجب تأجيل المعسر ثلاثة أيام. ويرى حماد بن أبي سليمان تأجيله سنة، وقد اختير الحد الوسط، وهو المدة المبينة في المادة، وأضيفت مدد المسافات إلى فترة الأجل، تحقيقًا للمساواة بين الخصوم.
وروعي أن الزوجة من يوم رفع الدعوى تستحق نفقة حاضرة، فلا أقل من أن تتسلم نفقتها منذ هذا اليوم، ولا تضار بطول الإجراءات.
والغائب في مكان مجهول، والمفقود يتعذر أعذارهما، وإمهالهما لا ينتج غير أضرار الزوجة، فيطلق عليهما بلا إمهال.
أما المحبوس فهو معلوم المحل، كالزوج الغائب في مكان معلوم، فلا يطلق عليه إلا بعد الأعذار، وضرب الأجل.


المادة (121):
التطليق لعدم الإنفاق يقع رجعيًا، إلا أن يوجد سبب آخر للبينونة، مثل أن يكون طلاقًا ثالثًا، أو قبل الدخول، وهذا فقه المالكية المتبع الآن، ومن المقرر فيه أن الزوج إنما يملك الرجعة إذا وجد في العدة يسارًا، فإن لم يجد فلا رجعة له، وفي تحديد اليسار روعي ما صرح به ابن عبد السلام، بأن يكون بحيث يظن أنه يقدر على مداومة نفقة مثلها في المستقبل، وطلاق القاضي كان لضرر الفقر، فلا يمكن الزوج من الرجعة إلا إذا زال موجب الطلقة، وهو الإعسار.


المادة (122):
إذا تكرر من الزوج الامتناع عن الإنفاق على زوجته ثلاث مرات فأكثر، ورفعت الأمر إلى القاضي، طالبة الطلاق لعدم الإنفاق، فتوقى الزوج الطلاق بدفع النفقة الحاضرة، يكون مضرًا، فإذا طلبت الزوجة التطليق للضرر في هذه الحالة، طلقها القاضي عليه طلقة بائنة.



الفصل الثاني: التطليق للإيلاء:
الفصل الثاني: التطليق للإيلاء:

المواد (123، 124، 125 ):
الإيلاء معناه أن يحلف الزوج يمينًا يفيد امتناعه عن مسيس زوجته، وكان أهل الجاهلية يولون السنة والسنتين وأكثر من ذلك، يقصدون إيذاء المرأة، فجاء الإسلام باعتبار هذا الحلف من الرجل ظلمًا لها، ينافي حقوقها المشروعة التي لا يجوز للزوج أن يؤذيها فيها، يقول الله تعالى: للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم، وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم.
وقد اختلف الأئمة في وقوع هذا الطلاق: زمنًا، وكيفيةً ونوعًا:
- فقال الحنفية: أنه يقع بائنًا، بصورة عقوبة، بمجرد مضي المدة دون أن يحنث الزوج في يمينه، فإن لم يفيء حتى انقضت الأشهر الأربعة بانت منه زوجته، ولا حاجة إلى القضاء بالتطليق، ولا إلى تلفظ الزوج به.
- وذهب الجمهور إلى غير ذلك:
( أ ) فمنهم من اشترط تلفظ الرجل بالتطليق، فإن لم يفعل جهد القاضي إلى أن يطلق، وهو مذهب الشافعي في القديم، والظاهرية، وطاووس، وعكرمة، وجماعة من أهل الحديث واختاره الشيخ ابن تيمية.
(ب) وقال آخرون: أنه يؤمر بالتطليق أو الفيء، فإن لم يفعل طلق القاضي عليه بمقتضي ولايته العامة. وبهذا قال مالك، والشافعي في الجديد، وأحمد، والليث، وإسحق، وأبو ثور، واختاره ابن المنذر، ورواه سليمان بن يسار عن تسعة رجال من الصحابة، وواضح أن هذا الرأي أجرى مع حكمة التشريع، وفي غيره محاذير ظاهرة، فقد يفاجأ الزوجان بطلاق بائن يكون الحالف غافلاً عن المدة فيه. وحجب القاضي عن سلطة التطليق الجبري على المولى الممتنع ينافي الأصول، والقواعد الشرعية والقانونية.
أما نوع الطلاق فقد ذهب الحنفية، والزيدية، وأبو ثور، وآخرون إلى أنه بائن، لأن المقصود منه دفع الضرر. وذهب الأكثرون، ومنهم مالك، والشافعي، والأوزاعي، وأحمد في إحدى الروايتين عنه، إلى أن التطليق بسبب الإيلاء رجعي، إذ الأصل أن كل طلاق يقع رجعيًا وضرر المرأة يزول بمراجعتها في العدة، والرجعة آية الرغبة فيها، والإقلاع عن الإضرار بها.
والفيء إنما هو المسيس لمن لا عذر له، فإنه متى كان التطليق جبريًا على الزوج قضاء لسبب، فلا تجوز الرجعة منه إلا بزوال السبب، كيلا ينقض برجعته قضاء القاضي، مع قيام السبب الذي من أجله صدر الحكم، فإن كان للولي عذر من مرض جعله غير قادر على المسيس، أو حبس أو شبه ذلك صحت رجعته بالقول، قال ابن المنذر: إن هذا قد أجمع عليه كل من يحفظ عنه من أهل العلم، وقاله مالك في المدونة والمبسوط، وفي هدي ما سلف صيغت أحكام هذا الفصل.
الفصل الثالث: التفريق للضرر


المواد (126 - 135 ):

التفريق القضائي بين الزوجين عن طريق التحكيم، أخذ به الفقه المالكي المتبع الآن، وهو أصح القولين عند الحنابلة، وأصبح السائد في قوانين الأحوال الشخصية بالبلاد الإسلامية، ولكن تطبيقه أظهر كثيرًا من العيوب والقصور، فعدلت أحكامه تعديلاً يتلافى العيوب التي تشوبه، ويمد أوجه النقص، ويحقق الغرض منه، وذلك على الوجه التالي:
1- أن يكون طلب التفريق غير مقصور على الزوجة، بل للزوج أيضًا أن يطلبه وإن كان يملك الطلاق، حتى لا تتخذ الزوجة المشاكسة إساءتها وسيلة إلى تطليقها من زوجها دون مقابل، فتحمله خسارًا كبيرًا من نفقة العدة، وباقي المهر والمتعة، فضلاً عن متجمد نفقة الزوجية، وخسارة الزوجية نفسها، ففي فتح باب المحكمة أمامه لطلب التفريق عن طريقها إمكان إعفائه من هذه التبعات، وتعويضه عن طلاق تضطره إليه إساءة الزوجة، وهذا الإعفاء، وذلك التعويض مما يحول بين الزوجة وتعمد الإساءة، لتتوصل بها إلى الطلاق.
2- وصرحت المادة (126) بأن التفريق يجوز أن يطلب قبل الدخول حتى لا يبقى مجال للخلاف حينئذ بين المحاكم، ولأن المضارة قد تتحقق قبل الدخول في صور عديدة، ومن المصلحة أن تزول هذه الزوجية التي بدأت معتلة قبل أن يمتد الإضرار إلى غير الزوجين من أهل، أو أطفال أبرياء.
3- وتعين المحكمة، إذا تعذر عليها الإصلاح، حكمين للتوفيق، أو التفريق حسب المادة (127)، فلا يشترط في بعث الحكمين تكرر الشكوى، فإنه شرط ليس في كتاب الله، فلا وجه لتغيير نظام التحكيم به، قال تعالى: وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها........ وفي بعث الحكمين ابتداء اختصار للإجراءات، وهو لا يضيع شيئًا لازمًا، لتحقيق العدالة، وهو ظاهر عبارة الشامل من كتب المالكية.
4- وبينت المادتان: (129)، (130) مهمة الحكمين، وما يتبعانه عند العجز عن الإصلاح، من التفريق ونتائجه المالية، أو اقتراحها رفض الدعوى، حسب الإساءة، ومصدرها، وأيًا كان طالب التفريق من الزوجين.
5- ودلت الحوادث على أن كل حكم يميل إلى صاحبه غالبًا، وقلما يتفقان، فإذا أمرهما القاضي بمعاودة البحث عن الاختلاف أصر كل واحد منها على موقفه، وإن ندب غيرهما اتبع الحكمان الجديدان سبيل الأولين، وهكذا يطول التحكيم، وأمد الخصومة، دون الوصول إلى نتيجة، فرُئي أن الخير في أن تختار المحكمة حكمًا ثالثًا مرجحًا من غير أهل الزوجين، تبعثه مع الحكمين عند اختلافهما، وتقضي بما يتفقون عليه، أو برأي الأكثر.
وتنظيم التحكيم على هذا الوجه لا يخالف أصلاً من أصول الشريعة، فإن الآية الكريمة لم تنهِ عن الزيادة في عدد الحكمين فمتى تبين أنها لازمة في هذا العصر لإمكان الحسم، وإظهار الحق من الباطل، ورفع الضرر، تعين الأخذ بها، وهذا ما سلكه قرار حقوق العائلة العثماني منذ عام 1917، واتبعه القانونان السوري والأردني، على أن المالكية لم يلتزموا تحكيم اثنين، فمنهم من ذهب إلى أنه يجزي إرسال حكم واحد، قال ذلك عبد الله في المدونة، وقاله اللخمي أيضًا.
فإذا ذهب كل واحد من المحكمين الثلاثة إلى رأي مخالف للآخرين قضت المحكمة بالتفريق على الوجه الذي تراه في الالتزامات المالية.
على أساس أنهم يعتبرون حينئذ كشهود أطلعوا على تفاصيل الشقاق وأسبابه، فتستنير المحكمة بأقوالهم في تقدير ما تراه الأعدل.
ويعزز هذا الاتجاه أن بعض فقهاء السلف، ومنهم الحسن، يرون أن الحكمين شاهدان، يرفعان الأمر إلى السلطان، ويشهدان بما ظهر إليهما، وروي ذلك عن ابن عباس، فإن لم تنتج أقوالهم رأيًا، أو لم يقدموا تقريرًا، سارت المحكمة بالإجراءات العادية.
6- والضرر الزوجي يكثر وقوعه في حالات خاصة، من النادر أن يحضرها من تقبل شهادتهم عند جمهور الفقهاء، فيصعب إثباته مع أنه يكون ملموسًا مشهورًا لدى الكثيرين، فتيسيرًا للعدل، وإظهار حقيقة الواقع بين الزوجين، استندت المادة (134) إلى فقه المالكية الذي استمد منه أحكام الموضوع، فقبل الشهادة على الضرر بالتسامع، وقصد به الشهرة في محيط الزوجين، ومن الواضح أن ذلك يختلف باختلاف الأوقات والملابسات، وأن تحديد محيط حياة الزوجين متروك للمحكمة.
أما الشهادة بالتسامع على نفي الضرر فإنها غير مقبولة.
وقد تقرر أن درجة القرابة أو الصلة بين الشاهد والمشهود له، أيًا كانت، لا تمنع وحدها من قبول الشهادة متى توافرت شروطها الأخرى، كالإسلام في الشهادة على المسلم، دفعًا للعسر والحرج، وصيانة للحقوق، أخذًا بقول عمر بن الخطاب، وجميع الصحابة، وشريح، ومن وافقهم.
الفصل الرابع

التفريق للغيبة أو الحبس

المواد (136، 137، 138 ):
ذهب المالكية والحنابلة إلى جواز التفريق للغيبة إذا طالت، وتضررت الزوجة منها، ولو ترك لها زوجها مالاً تستطيع الإنفاق منه مدة غيبته.
وأجاز المالكية التفريق لغيبة الزوج مطلقًا، سواء أكانت بعذر أم بغير عذر، وجعلوا حد الغيبة الطويلة سنة فأكثر على القول المعتد عندهم، لأن إقامة المرأة بعيدة عن زوجها مدة طويلة أمر لا تحتمله في الأعم الأغلب.
فإذا غاب الزوج عن زوجته سنة فأكثر، وطلبت الزوجة التفريق لغيبته عنها، فإن كان الزوج في مكان معلوم يمكن، وصول الإعلان إليه فلا يحكم القاضي بالتفريق في الحال، بل يعلن الزوج: إما أن يحضر للإقامة مع زوجته، أو ينقلها إليه، أو يطلقها، ويحدد له مدة بحسب ما يرى، فإن لم يحضر، ولم ينقلها، ولم يطلقها حتى انقضت المدة التي حددها له القاضي طلقها عليه طلقة بائنة، وإن كان الزوج في مكان مجهول، فإن القاضي يطلقها عليه بلا ضرب أجل ولا أعذار.
والمراد بغيبة الزوج هنا، غيبته عن زوجته، بالإقامة في بلد آخر، أما الغيبة عن بيت الزوجة مع الإقامة في بلد واحد فهي من الأحوال التي يتناولها التفريق للضرر.
واشترط في الغياب المجيز للتفريق أن يكون بغير عذر مقبول، أما إذا كان بعذر مقبول، كغيابه في بعثة علمية، لا يمكن أن تكون الزوجة معه فيها، فلا يجوز التفريق، لعدم قصده الأذى بالغياب.
وهذا الشرط مأخوذ من مذهب الإمام أحمد.
وبينت المادة (138) حكم التفريق لحبس الزوج، تنفيذًا لحكم نهائي بعقوبته، فإذا صدر حكم على الزوج بالحبس ثلاث سنين فأكثر يجوز لزوجته بعد مضي سنة من تنفيذ الحكم عليه أن تطلب التفريق بينها وبين زوجها، لأن المناط في ذلك تضرر الزوجة من بعد الزوج عنها، ولا دخل لكون البعد باختيار، أو قهرًا عنه، ويجيبها القاضي إلى طلبها، ويحكم بالتفريق بطلقة بائنة، بدون كتابة إلى الزوج، أو انتظار، كما يفعل مع الغائب الذي يمكن الكتابة إليه، لأن المحبوس لا يستطيع أن يخرج على تنفيذ الحكم، والضرر يستحكم إذا بقيت في عصمته إلى نهاية هذه المدة الطويلة، فهي كزوجة الغائب في فقه المالكية.
هذا – ولا فرق بين ما إذا كانت مدة حبس الزوج ثلاث سنين فأكثر بحكم واحد، أو بأكثر من حكم.
الفصل الخامس: الفسخ للعيب:
المواد (139، 140، 141، 142 ):
إذا وجد أحد الزوجين في الآخر علة جسمية، كالجذام، والبرص، أو جنسية، كالعنة، والجب في الرجل، والقرن والرتق في المرأة، أو عقلية، كالجنون – فقد اختلف الفقهاء في جواز فسخ الزواج:
فأهل الظاهر لم يقبلوا فسخه بعلة ما.
والجمهور قالوا بالفسخ في الجملة، واختلفوا في التفصيل:
فالحنفية لا يفسخون الزواج بعيب في المرأة، لأن للرجل حق التطليق، ويجيزون للمرأة الفسخ بعيوب في الرجل، اختلف في بيانها الشيخان ومحمد والأئمة: مالك، والشافعي، وأحمد، وغيرهم لهم تفصيلات: هل الفسخ حق للطرفين؟
وهل العيوب التي يفسخ بسببها محصورة أو غير محصورة؟ وإذا كانت محصورة فما عددها؟ ويعنينا هنا الأخذ بأوسع المذاهب، دفعًا لضرر الزوجين.
فقد أجاز لكل واحد من الزوجين أن يطلب فسخ الزواج للعيب، وذهب في معيار العيوب مذهب ابن قيم تبعًا للمأثور عن فريق من فقهاء السلف، فبين أن العيوب المقصودة هنا هي كل عيب ينفر الزوج الآخر منه، أو يتضرر، أو يمنع الاستمتاع لأنه حينئذ لا يحصل به مقصود الزواج من المودة والرحمة، والصحابة، والسلف لم يخصوا ذلك بعيب دون عيب:
فهذا عمر يأمر بتخيير زوجة العقيم، وأجل مجنونًا سنة ليفيق، أو يفرق بينه وبين امرأته:
والزهري يرد النكاح من كل داء عضال.
وشريح يقول لمن تزوج عمياء وهو لا يعرفها عمياء: إن كان دلس عليك بعيب لم يجز.
وعمر، وابنه، وابن عباس، وجابر بن زيد، وأحمد، والشافعي، وإسحق، قد أثبتوا خيار الفسخ لمن يجد من الزوجين في الآخر عيبًا في الجملة.
وفي زاد المعاد: أما الاقتصار على عيبين، أو ستة، أو سبعة، أو ثمانية دون ما هو أولى منها، أو مساوٍ لها فلا وجه له، فالعمي، والخرس، وكونها مقطوعة اليدين، أو الرجلين، أو إحداهما أو كون الرجل كذلك، من أعظم المنفرات، والسكوت عنه من أقبح التدليس والغش، وهو منافٍ للدين....... وما ألزم الله ورسوله مغرورًا قط، ولا مغبونًا بما غز به ومن تدبر مقاصد الشرع في مصادره وموارده، وعدله وحكمته وما اشتمل عليه من المصالح لم يخفَ عليه رجحان هذا القول، وقربه من قواعد الشريعة.
وقد أخذ بأن علم أحد الزوجين بعيب الآخر حين العقد أو رضاه به بعد العقد، مسقط لحقه في طلب الفسخ، إلا العيب ****** (العنة) المانع في الرجل، فقد قرر فيه للزوجة حق الفسخ مطلقًا، ولو كانت عالمة راضية، أو كانت علة الزوج الجنسية طارئة بعد الدخول، وهذا مذهب الإمام أبي ثور، وتخريج أبي الحسن اللخمي من المالكية، منعًا لإحراجها، وصيانة لها، فقد تكون رضيت على أمل شفائه، أو أمل قدرتها على الصبر، ثم يخيب ظنها.
وتؤجل القضية بعد الإثبات في جميع العيوب القابلة للشفاء، مدة مناسبة، فإذا انقضى الأجل، ولم تزل العلة وأصر طالب التفريق، فرق بين الزوجين.
وتشمل المدة المناسبة ما قل وما كثر، حسب تقدير أهل الخبرة أخذًا من مجموع ما ورد عن عمر ومن معه من تأجيل السنة، وعن الحرث بن عبد الله من تأجيل عشرة أشهر وعن عثمان، ومعاوية وعمرة بن جندب الذين لم يؤجلوا العنين أصلاً، وعن إبراهيم النخعي الذي قال بتأجيل العنين، ولم يبين أجلاً قل أو كثر، فكان معني ذلك أنه يتركه لتقدير القاضي.
ومن الملحوظ أن المحكمة لها أن تستعين بأهل الخبرة في العيوب التي يطلب فسخ الزواج من أجلها، وفي تقدير المدة المناسبة للشفاء، مع مراعاة إسلام الطبيب لتوافر الثقات المسلمين ذوي الاختصاص، عملاً بمذهب مالك، وجمهور المجتهدين.
وقد رُئي من التيسير والعدل أن يكون التفريق للعيب فسخًا محضًا لا طلاقًا، طبقًا لمذهب الشافعي وأحمد، فلا ينقص به عدد الطلقات، ولا يترتب عليه من الآثار المالية إلا ما يترتب على الفسخ مما تقدم بيانه في الأحكام العامة.
الفصل السادس: الفسخ لاختلاف الدين:


المادتان (143، 144 ):

أحكام إباء أحد الزوجين عن الإسلام إذا أسلم الزوج الآخر بالمادتين: (143)، (144) مصدرها الراجح من الفقه الحنفي باستثناء أمرين:

الأول:
اعتبار الفرقة بسبب إباء الزوج فسخًا، أخذًا برأي أبي يوسف، لأنه لا وجه للتفرقة بين إباء الزوجة وإباء الزوج، ولأنه لا إكراه في الدين وحتى لا يتوهم أن الالتزامات المالية المترتبة على أن هذه الفرقة طلاق هي وسيلة لإجبار الزوج على الإسلام.

الثاني:
فسخ الزواج دون أن تعرض المحكمة الإسلام على من يمثل الزوج إن كان غير أهل للعرض، فإنه لا جدوى من العرض غير الملزم على أبويه، أو إقامة وصي خصومة، وهو عمل شكلي محض، ويعارض في مظهره الآية الكريمة السابقة، وقد أمرنا أن نترك غير المسلمين وما يدينون، وعدم عرض الإسلام هو مذهب مالك، والشافعي، وأحمد، وأئمة الزيدية.
ويلحظ أن السكوت بعد عرض الإسلام يأخذ حكم الأباء، وإنه إذا وجد سبب من أسباب الحرمة بين الزوجين فسخت المحكمة الزواج على كل حال، وفرقت بين الزوجين إن لم يتفرقا.
وصرحت الفقرة/ ب من المادة (144) بأنه لا يجوز البحث في صدق من يعلن إسلامه ولا في الباعث له على الإسلام هل هو يريد الإبقاء على الزوجية، أو الخلاص منها أو التوصل إليها، أو غير ذلك لأن هذا الأمر متروك شرعًا، لما بينه وبين الله تعالى الذي يتولى السرائر، أما في هذه الدنيا فهو يعامل بالظاهر، دل على ذلك قول الله سبحانه: ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنًا... وما سمعه ابن القاسم عن مالك في سبب نزول هذه الآية.
وما رواه مسلم والأئمة عمن كان في سرية فأدرك رجلاً قال لا إله إلا الله، فطعنه، وقال: يا رسول الله، إنما قالها خوفًا من السلاح، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا؟.......
وفي حديث آخر عن جندب بن عبد الله: فكيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة؟.
والقضاء يجري على أن الاعتقاد الديني مسألة نفسانية، فلا يمكن لأي جهة قضائية البحث فيها إلا عن طريق المظاهر الخارجية الرسمية فقط، ومتى توافرت هذه المظاهر قصر القضاء بحثه على النتائج المترتبة على تغيير الدين، طبقًا لأحكام الدين الجديد، وواضح أنه الإسلام في هذا الموضوع، فلا يصح أن يزعم أحد الزوجين أن له استبقاء الزوجية حسب الشريعة التي عقد الزواج في ظلها.

المادة (145):
قال ابن الماجشون وابن أبي أويس من المالكية، إن ردة أحد الزوجين فسخ مجرد للزواج بغير طلاق، وروي علي بن زياد عن مالك رحمة الله أن المرأة إذا ارتدت تريد بذلك فسخ الزواج لا يكون ذلك طلاقًا وتبقى على عصمته. ونقل هذه الرواية ابن يونس، وابن رشد وغيرهما، وفي الشامل أنها لو قصدت بردتها فسخ زواجها لم يفسخ، وفي الفقه الحنفي ذهب الشيخان أبو حنيفة وأبو يوسف إلى أن ردة الزوج تفسخ الزواج في الحال دون توقف على القضاء واتفق الثلاثة على أن الفرقة بارتداد الزوجة فسخ، وأفتى الدبوسي، والصفار وبعض أئمة بلخ، ومشايخ سمر قند بأن ردتها لا توجب الفسخ، ورجح ذلك صاحب النهر ردًا لقصدها السيئ عليها وحسمًا لاحتيالها على الخلاص بأكبر الكبائر.
وقد أخذ بأن ردة الزوج فسخ، مع مراعاة المصلحة الزمنية في العدول إلى توقف الفسخ على القضاء، لما ورد عن المادة (100)، وأخذًا أيضًا بفقه الشافعي وأحمد في أن استقرار الفرقة بعد الدخول لهذا السبب يتوقف على انقضاء العدة، كما لوحظت مواطن الشكوى في تزيين الشيطان للزوجة المسلمة طريق الردة للتوصل إلى الخلاص من زوجية لا ترتضيها، فاختير أن ردتها لا توجب الفسخ، سدًا لهذا الباب الخطير، طردًا لما جاء في الفقه المالكي، وأفتى به في الفقه الحنفي سدًا لهذا الباب من أصله، سواء تعمدت الحيلة أم لا.
الفصل السابع: المفقود:

المواد (146، 147، 148 ):

بنيت أحكام هذه المواد: 146، 147، 148 على أن من فقد، وانقطع خبره، ولم يعلم له موضع، فإما أن تكون غيبته ظاهرها الهلاك، كالذي يفقد بين أهله ليلاً أو نهارًا، أو يخرج للصلاة فلا يرجع، أو يمضي إلى مكان قريب ليقضي حاجته ويرجع، فلا يظهر له خبر، أو يفقد في ميدان القتال أو في بادية مهلكة، أو في طائرة نكبت، أو باخرة أصيبت، وإما أن يكون ظاهر غيبته السلامة، مثل السياحة، وطلب العلم، والتجارة في غير مهلكة، فرُئي الأخذ بمذهب الإمام أحمد في الحالة الأولى، فينتظر إلى تمام أربع سنين قمرية من حين فقده، فإذا لم يعد وبحث عنه، فلم يوجد اعتدت زوجته عدة الوفاة وحلت للأزواج بعدها، ففي هذه المدة يتكرر تردد المسافرين، والتجار فانقطاع خبره على هذا الوجه يغلب فيه ظن الهلاك إذ لو كان باقيًا لم ينقطع خبره إلى هذه الغية.
وفي الحالة الثانية أخذ بقول صحيح في مذهب الإمام أحمد ومذهب أبي حنيفة، ففوض أمر تقدير المدة التي يعيش بعدها المفقود إلى القاضي، فإذا بحث في نطاق وجوده بكل الطرق الممكنة وتحرى عنه بما يوصل إلى معرفة حاله فلم يجده، وتبين أن مثله لا يعيش إلى هذا الوقت – حكم بموته.
والمالكية والحنفية يرون إن موت المفقود يكون من وقت حكم القاضي، وهو السبب، فيسري من وقته، فتعتد زوجته عدة الوفاة من وقت صدور الحكم، ويستحق تركته ورثته الموجودون حينئذ، وهذا أضبط لنظام العمل في القضاء.
وصيغت المادة (148) حسب مذهب مالك المتبع الآن.
الباب الرابع: آثار فرق الزواج
الفصل الأول: آثارها في الزوجية:
المواد (149، 154 ):
مر بيان قسم من هذه الأحكام عند التعليق على المادة (98) ويكفي أن تقرر هنا ما يلي:
1- المراجعة هي استدامة الزوجية بالقائمة بعد أن كان الطلاق الرجعي قد حددها بانتهاء العدة، أخذًا بقوله تعالى:........ إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن.... فإذا بلغن أجلهن فامسكوهن بمعروف........
والمراد ببلوغ الأجل هو قرب انقضاء العدة، للإجماع على أنه لا رجعة بعد الانقضاء.
2- وللمراجعة عند الفقهاء طريقان: طريق مجمع عليه، وهو القول.
وطريق مختلف فيه وهو الفعل:
( أ ) أما المراجعة بالقول فتكون بكل قول يصدر من المطلق دالاً على معناها: ومنه الصريح الذي يصير مراجعًا به بلا نية، مثل أن يقول، راجعت امرأتي، أو يخاطبها بقوله: راجعتك، أو أمسكتك.
ومنه الكنايات التي تتوقف على النية، مثل، أنتِ عندي كما كنتِ، أو أنتِ امرأتي.
ويشترط أن تكون الرجعة القولية منجزة، فلا تصح إضافتها إلى المستقبل، ولا تعليقها بالشرط، كما لو قال: إذا جاء رمضان فقد راجعتك، أو إن دخلت الدار، فقد راجعت زوجتي.
ويشترط فيها أيضًا الإشهاد عليها برجلين، أو رجل وامرأتين، ووجوب الإشهاد هو قول سعيد بن المسيب، والحسن والشافعي في القديم، وأهل الظاهر، وقد روعي في الأخذ به أنه كثيرًا ما يطلق الرجل بإشهاد رسمي، ويداوم العشرة ولو علمت الزوجة بالطلاق، على أساس استدامة الزواج بالرجعة الفعلية، ثم يدب النزاع بينهما فينكر الرجعة، أو يتوفى وينكر الورثة استمرار زوجيتهما، أو نسب الولد الذي جاءت به بعد الطلاق، واستغلت هذه الأحكام من الجانب الآخر في ادعاءات باطلة بالزوجية والأنساب، فاقتضت المصلحة تدبير ما يضمن صيانة الحقوق وروابط الأسرة ويسد أبواب الاحتيال والزور، ويساير الإعلان والوضوح في بدء الزواج، وفي الطلاق، فاختير أن تكون الرجعة بحضرة شاهدين: رجلين أو رجل وامرأتين، أو بإشهاد رسمي وأن تعلم بها الزوجة، وقد روعي هنا أن الرجعة بالكتابة من الرجعة القولية.
(ب) وأما المراجعة بالفعل فتكون بالمسيس، وهذا مذهب أبي حنيفة ومن وافقه، قال ابن المنذر: إنها رجعة عند ابن المسيب، والحسن البصري، وابن سيرين، وطاووس، وعطاء، والزهري، والأوزاعي، والثوري، وابن أبي ليلى، وجابر، والشعبي، وسليمان التيمي.
ويلحق بالمسيس في إنشاء الرجعة مقدماته التي توجب حرمة المصاهرة في الفقه الحنفي، ولو حصلت اختلاسًا منه، أو بإكراه، لأن المتعة حلال من الجانبين لبقاء الزوجية من كل وجه، وقد رُئي أن هذا المذهب أوفق وأقرب إلى استدامة الزوجية، فلم يؤخذ بمذهب يحتم الرجعة بالتعبير القولي.
2- للزوج الحق في أن يراجع زوجته في عدتها بمحض إرادته سواء أرضيت أم أبت لقول الله تعالى وبعولتهن أحق بردهن، ولا يسقط حقه هذا بالإسقاط، فلو قال: أبطلت رجعتي، أو أسقطتها أو لا رجعة لي، لم يسقط حقه في المراجعة، كما جاء في شرح الطحاوي وغيره، لأن قوله هذا تغيير لشرع الله، وليس ذلك إليه.
الفصل الثاني: العدة:

الفرع الأول: أحكامها العامة:

المادتان (155، 156 ):

العدة أجل ضربه الشارع لانقضاء ما بقي من آثار الزواج أو شبهته، وركنها حرمات تثبت عند الفرقة حتى ينقضي هذا الأجل، مثل حرمة تزوج المرأة من غير مطلقها، وحرمة خروج معتدة الرجعي من مسكن الزوجية الذي طلقت وهي فيه.
وهي من النظام العام في الإسلام، وقد شرعت لغايتين أساسيتين:
الأولى: تهيئة الفرصة لإعادة بناء الزوجية الذي تداعى للانهيار، وفي ذلك يقول الله تعالى: لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرً.
الثانية: صيانة الأنساب، إذ تتربص المرأة حتى تضع حملها مقطوعًا بنسبه من أبيه، أو يحصل الاطمئنان إلى عدم وجود الحمل.
وفي العدة معانٍ أخرى أدبية، كحفظ ذكرى الزوجية إلى أمد تظهر فيه المرأة الأسف لزوال نعمة الزواج في فرقة الوفاة أو الطلاق، نظرًا لأن نعمة الزواج بالنسبة إلى المرأة أعظم أثرًا، وأكبر موقعًا في اطمئنان حياتها.
واصطلح الفقهاء على أن العدة خاصة بتربص المرأة، مع أن الرجل يجب عليه أن ينتظر حتى يزول المانع إذا أراد أن يتزوج من امرأة يمنع من زواجه بها مانع مؤقت، مثل زواجه بأخت امرأته، أو معتدة الغير، وقد بين الفقيه أبو الليث في خزانة الفقه أن صور تربص الرجل عشرون، ونقلها عنه ابن نجيم في البحر الرائق، وابن عابدين في رد المحتار ولكن هذا التربص من الرجل لا يسمى عدة في إصلاح الفقهاء.
وقد أخذ المشروع في أسباب العدة بالفقه الحنفي، فهي تجنيب بالفرقة بين الزوجين بعد الدخول، أو الخلوة الصحيحة، أو الخلوة الفاسدة من جهة أمر شرعي كصوم رمضان – إذا كانت الفرقة في زواج صحيح كما تجب بالفرقة بعد الدخول في الزواج الفاسد، أما وفاة الزوج، حقيقية أو حكمية، فإن العدة تجب بها ولو لم تكن خلوة أو دخول، لإطلاق قول الله عز وجل: والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجًا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشر، والرجل يسمى زوجًا بمجرد العقد الصحيح، والمرأة زوجة حينئذ ولو قبل الدخول، ولأن من المعاني الموجبة لعدة الوفاة الوفاء الزوجي، والتأسف على فوات الزوجية بموت الرجل، وهذا يستوي فيه ما إذا كانت الوفاة قبل الخلوة أو الدخول أو بعدها.
وقد صرح الحنفية بأنه إذا حكم بموت المفقود اعتدت امرأته عدة الوفاة من قوت الحكم بالوفاة، كأنه مات في ذلك الوقت معاينة، لأن الموت الحكمي معتبر بالحقيقي، كما جاء في الهداية وفتح القدير، وفي الدخول بشبهة دون عقد، كمن زفت إليه غير امرأته وهو لا يعلم، يقول ابن عابدين: أنه لم ير من صرح ببدء العدة، وينبغي أن يكون من آخر دخول عند زوال الشبهة، بأن علم أنها غير زوجته، وإنها لا تحل له، إذ لا عقد هنا، فلم يبقَ سبب للعدة سوى الدخول.
المادة (157):
( أ ) مستند انقضاء عدة الحامل بوضع الحمل في جميع الأحوال هو العموم المستفاد من قول الله تعالى: وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن، وقد وردت السنة موافقة لذلك ومقررة له، وبه قال جمهور الصحابة والتابعين ومن بعدهم، والأئمة الأربعة، فشمل هذا العموم جميع الحالات وبجميع الأسباب التي يثبت فيها نسب الحمل، فهو يتناول الحامل في حالتي الوفاة والفرقة في الزواج الصحيح وغيره، والدخول بشبهة، ولو كان الوضع بعد الفرقة بلحظة، قال عمر: لو وضعت وزوجها على سريره لم يدفن بعد لانقضت عدتها وحل لها أن تتزوج.
(ب) المرجع في عدة من تحيض إلى النص القرآني: والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء . والقرء هو الحيض في قول الخلفاء الراشدين، وبقية أكابر الصحابة، وأصحاب ابن عباس وأصحاب ابن مسعود، وأئمة الحديث، وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه، واستقر عليه مذهب أحمد، وبه قال الزيدية.
واختير رأي أبي حنيفة في أن أقل مدة لانقضاء العدة بالحيض هي ستون يومًا، وهذا التقرير ظاهر في تخريج محمد بن الحسن لقول إمامه، وفي تخريج الحسن له أيضًا، وتقييد الحيضات بالكوامل، لإفادة أن الحيضة لا تحتسب إذا وقعت الفرقة في أثنائها، لأنها ليست حيضة كاملة، فلا بد من ثلاث حيض كوامل بعدها.
(ج) الأصل في العدة بالأشهر أن يعتبر الشهر من الهلال إلى الهلال، سواء أكان ثلاثين يومًا أم تسعة وعشرين يومًا، ولكن هذا لا يمكن في جميع مدة العدة إلا إذا وقع الطلاق مع إهلال الهلال في لحظة واحدة، ولا يتأتى ذلك إلا إذا كان الطلاق معلقًا على إهلال الهلال، أو مضافًا إلى أول الشهر.
فإذا وقع الطلاق في أثناء الشهر حسبت العدة في رأي أبي حنيفة بالأيام تسعين يومًا، كل شهر ثلاثون، وبعد إلغاء التعليق والإضافة في الطلاق أصبح من المتعذر تحقق وقوع الطلاق لحظة الإهلال، فأخذ برأي أبي حنيفة في الحالتين (2)، (3) من الفقرة (ج)، على أن ابن نجيم نقل في البحر الرائق أن اعتبار الشهور في العدة بالأيام دون الأهلة عندما تبدأ العدة خلال الشهر هو إجماع بين أئمة المذهب وأن الخلاف بين أبي حنيفة وصاحبيه في الإجارة فقط.
(د) في الفقه الحنفي رأيان في عدة المرأة المستمرة الدم التي لا تعرف لها عادة في الطمث:
أولهما:
أن عدتها تنقضي بسبعة أشهر من وقت وقوع الفرقة، بحساب ستة أشهر لثلاثة أطهار، وشهر لثلاث حيض، وهذا هو المختار للعمل به، ومبناه على الاحتياط المبالغ فيه.
وثانيهما:
انقضاء عدتها بثلاثة أشهر، لأن الغالب في النساء رؤية الحيض مرة كل شهر، وهذا الرأي أقرب إلى الواقع وإلى العدل، فأخذ به، وهو إحدى الروايتين عن الإمام أحمد، وقال به عكرمة، وقتادة، وأبو عبيد، ويوافق حكم الرسول عليه الصلاة والسلام، إذ أمر حمنة بنت جحش أن تجلس في كل شهر ستة أيام أو سبعة تثبت فيها سائر أحكام الحيض.
(هـ) حكم الحالة (4) من الفقرة (ج) سنده فقه الحنفية فيما عدا إحلال السنة محل بلوغ سن اليأس، وهو يوافق في ذلك تقدير أقصى مدة الحمل حسب المقرر في هذا المشروع، والمتبع في قوانين الأحوال الشخصية، وألفه الناس، فأي الفترتين: الحيضات الثلاث وفترة السنة – انقضت فقد انتهت العدة، وينظر ما كتب عن المادة (160) في هذا الفرع.
(و) الشرائط التي يعتبر معها الطلاق طلاق فرار موضحة في أحكام المواريث الآتية: فمتى تحققت، بحيث ترث مبانة الفار من مطلقها، فإنها تعتد عدة الوفاة إن كانت أطول، وعدة الطلاق إن كانت أطول، وهذا معنى أبعد الأجلين، ذلك أنه بالنظر إلى أنها مبانة تكون زوجيتها غير قائمة مما يوجب عدة الطلاق، وبالنظر إلى أنها وارثه يظهر فيها معنى الزوجية مما يوجب عليها عدة الوفاة، فتقرر أن تعتد العدتين عملاً بالوجهتين، على أن تندمج أقلهما في أطولهما، وعلى أن يعتبر الحيض من وقت الطلاق لا من وقت الوفاة، وهذا مذهب الطرفين: أبي حنيفة ومحمد.
المادة (158):
عدة من يتوفى عنها زوجها في زواج صحيح أربعة أشهر وعشرة أيام بموجب قوله تعالى: والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجًا يتربص بأنفسهن أربعة أشهر وعشرً.
ومعتدة الرجعي زوجيتها قائمة من جميع الوجوه، فإذا توفى مطلقها خلال العدة يصدق عليها أنها متوفى عنها زوجها، فتخضع في عدتها لحكم من توفي عنها زوجها في زواج صحيح، فتنهدم عدة الطلاق، وتعتد عدة الوفاة من تاريخ الوفاة، وتنقضي عدتها الجديدة بمضي أربعة أشهر قمرية وعشرة أيام بلياليها منذ الوفاة إذا صادفت الوفاة غرة الشهر، وإلا فبانقضاء مائة وثلاثين يومًا على رأي أبي حنيفة المتقدم بيانه.
وفي غير حالة الفرار تكون الزوجية بعد البينونة أو الفسخ منقطعة من كل وجه، فلا يشمل النص القرآني الفار الحالة (ب) من هذه المادة، فلا تتحول العدة إلى عدة الوفاة.
وعدة الوفاة ملاحظ فيها غايات ومعانٍ سبق بيانها في مقدمة مذكرة هذا الفصل، وهي لا تنطبق على الدخول بها في الزواج الفاسد أو الشبهة، فلم تلزم بغير عدة الفرقة لمعرفة فراغ رحمها من الحمل، فإن كانت حاملاً حين الفرقة، فإن عدتها تكون بوضع الحمل، كما تقدم في مذكرة المادة (157).
المادة (159):
اختلف أئمة الحنفية فيمن أبان مدخولته بينونة صغرى ثم تزوجها في العدة، ثم طلقها قبل الدخول:
- فذهب أبو حنيفة وأبو يوسف إلى أن عليها عدة مبتدأة، لأن مجرد تجديد العقد، وهي معتدة بعد دخول سابق يعتبر دخولاً جديدًا، فإذا طلقها وجبت عليها عدة مبتدأة لا يحتسب منها ما مضى.
- ورأى محمد أن عليها إتمام العدة الأولى.
- وقال زفر: لا عدة عليها أصلاً.
واتفق فقهاء الحنفية على فساد قول زفر لأنه يؤدي إلى تفويت العدة، واختلاط الأنساب، أما رأي الشيخين ففيه مشقة على المرأة بنيت على افتراض بعيد عن الواقع، ولكن مذهب محمد بن الحسن أقرب إلى العدل، ويتفق مع الواقع، لأن الطلاق الأخير صدر قبل الدخول فلا عدة، وعدة الطلاق الأول يجب أن تستمر حتى تنقضي، وعلى أساس ذلك صيغت هذه المادة.
المادة (160):
مأخذ هذه المادة ما تقرر في أقصى مدة الحمل، لأن المقصود الأهم في العدة هو تعرف براءة الرحم، ومن مستنداتها أيضًا أنه ليس في الكتاب ولا السنة تحديد سن اليأس بوقت معين، وقد صح عن عمر فيمن طلقت فحاضت حيضة أو حيضتين ثم ارتفع حيضها لا تدري ما رفعه أنها تنتظر تسعة أشهر، فإن لم يستبن بها حمل تعتد بثلاثة أشهر، وقضى بذلك بين المهاجرين والأنصار، ولم ينكره منكر، قال ابن القيم في زاد المعاد: وقد وافقه الأكثرون على هذا، منهم: مالك وأحمد، والشافعي في القديم، قالوا: تتربص غالب مدة الحمل، ثم تعتد عدة الآيسة، ثم تحل للأزواج ولو كانت بنت ثلاثين سنة أو أربعين.
وهذا يقتضي أنه عند عمر بن الخطاب ومن وافقه من السلف والخلف تكون المرأة آيسة قبل الخمسين وقبل الأربعين، وإن اليأس عندهم ليس وقتًا محدودًا للنساء.
وقد ساق ابن القيم كلامًا طويلاً، ونصوصًا كثيرة، وأدلة واضحة في معنى اليأس والارتياب الواردين في قوله تعالى: واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر ثم قال: يجب ألا يكون للكبر الموجب للاعتداد بالشهور حد، وهو ظاهر، ولله الحمد .
وفي تحديد السنة الواحدة احتياط شامل لجميع الحالات، كما قرر الأطباء، وهو أضبط وأصلح لنظام العمل في القضاء، وأدفع للكذب في هذه المسألة الخطيرة.
المواد (161، 164 ):
روعي ما تعارفه الجميع، واقتضته المصلحة الزمنية، فلم تلزم المبانة، ولا المتوفى عنها زوجها بالاعتداد في مسكن الزوجية، بل رُئي بأن لكل منهما أن تعتد حيث شاءت، وجعلت حكم الفقرتين أ، ب من المادة (161) مقصورًا على معتدة الرجعي لا غير.
وهذا ما يفيده ظاهر النص القرآني في أول سورة الطلاق، وتؤيده السنة الثابتة، وقد قال به جمع من فقهاء الصحابة والتابعين ومن بعدهم، منهم: أم المؤمنين عائشة، والإمام علي، وابن عباس، وجابر بن عبد الله، وأبو الشعثاء، وعمر بن عبد العزيز، وسالم بن عبد الله بن عمر، وطاووس، وعطاء اللذان قالا: المبتوتة والمتوفى عنها تحجان، وتعتمران، وتنتقلان، وتبيتان، وهو مذهب أهل الظاهر، وغيرهم.
ومن الملحوظ في الفقرة (ب) من المادة (161) أن العمل الدوري المشروع يعتبر مسوغًا لخروج المعتدة، كما لو كانت مدرسة في مدارس الإناث.
وأطلق الفسخ بالمادة (162) ليشمل ما إذا كان بسبب هو معصية من جهة المرأة فإنه في هذا المشروع أصبح محصورًا في حالة إباء الزوجة غير الكتابية الإسلام، وقد رُئي أن تكون لها نفقة العدة، إذ هي محتبسة لحق الزوج ما دامت في عدته، والشرع لا يجبرها على الإسلام، لقول الله سبحانه: لا إكراه في الدين.
وقد تقدم ما يتعلق بالمادة (163) عند الكلام على المادة (76)، والفقرة ( أ ) من المادة (78).
وصيغت المادة (164) وفق مذهب أبي حنيفة وأصحابه الذين يرون أن معتدة الوفاة لا تستحق السكنى ولا غيرها من أنواع النفقة، سواء أكانت حاملاً أم غير حامل، لا على زوجها ولا على غيره، فإن ملك زوجها انتهى بموته، فلا مال له بعد الوفاة، ولا وجه لإيجاب النفقة على الورثة، أو غيرهم من مستحقي التركة، لأنها من آثار الزوجية وعقد الزواج بينها وبين المتوفى، فلا يجب شيء من آثار هذا العقد الشخصي على غير العاقد الملتزم.
الفصل الثالث: التعويض بسبب الفرقة:

المادة (165):

أوجب المتعة لكل مطلقة علي – كرم الله وجهه -، والزهري، وسعيد بن جبير، وأبو قلابة، وعطاء، والنخعي، والحسن، والثوري، وابن حزم.
ويقول الإمام ابن جرير الطبري: المتعة حق للمرأة واجب على مطلقها، لا يبرئه منها إلا أداؤه إليها، أو ببراءة منها له، وأرى أن يحبس إن طلقها في المتعة، لأن الله أمر بالمتعة، وأمره تعالى فرض.
ويرى الشافعية، والمالكية أن المتعة شرعت لجبر قلب المرأة من فجيعة الطلاق، وتطبيب نفسها عن الألم الذي لحقها، بسبب الفراق.
ومن ثم جاء في الجديد من مذهب الشافعي أن المتعة تجب للمطلقة بعد الدخول، واعتبر الشافعية أن الفرقة بغير سبب من الزوجة هي كالطلاق مثل ردة الزوج، ولعانه، فإن كانت الفرقة منها أو بسببها، كإسلامها، ولو تبعًا، أو فسخ الزواج بعيبها، فلا متعة لها، لا قبل الدخول ولا بعده ولا متعة أيضًا لو ماتت، أو ماتا معًا، أو توفي الزوج وحده، لأن الإيحاش، وهو سبب الوجوب، قد انتفى في هذه الحالات.
وفي كتب المالكية أنه لا متعة لمختلعة، ولا مصالحة، ولا من قامت بعيب، وروي ابن وهب عن مالك أن المخيرة، والمملكة، لهما المتعة.
وفي هذا الزمان تراخت عرى المروءات، وأصبحت المطلقة في حاجة إلى معونة أكثر من نفقة العدة، تساعدها على تخفيف نتائج الطلاق من الناحية المادية، وفي المتعة ما يحقق المعونة، وهو في الوقت نفسه يمنع كثيرًا من التسرع في الطلاق.
ولما كان الأصل في تشريع المتعة هو جبر إيحاش الزوج لمن فارقها، ومواساتها من المروءة التي تتطلبها الشريعة، والله تعالى يقول: ومتعوهن على الموسع قدره، وعلى المقتر قدره ، ولكن لا إيحاش، ولا ألم في طلاق تم برضاها، ولا موضع لمواساتها إذا كانت الفرقة بطلبها، أو بسبب منها، أو عند إعسار الزوج، أو مصيبة الموت، فقد حددت الفقرة (ب) من المادة (165) الحالات الاستثنائية التي لا يجب فيها المتعة، كما وضعت فقرتها ( أ ) المعيار المعتدل المقبول في تقدير المتعة، وأدائها إلا إذا كان الطرفان قد تراضيا على سواه، فيتبع ما اتفقا عليه.
الكتاب الثالث

الولادة وآثارها

الباب الأول - ثبوت النسب


الفصل الأول: أحكام عامة:

المادة (166):

لا خلاف بين أئمة الدين في أن أقل مدة الحمل ستة أشهر قمرية، حسب تأويل ابن عباس، لقول الله تعالى: وحمله وفصاله ثلاثون شهرً، مع قوله عز وجل وفصاله في عامين.
وأجمع فقهاء المالكية على أنه في حكم الستة ما نقص عنها بيسير، كأربعة، أو خمسة أيام، لأنه لا يتوالى أربعة أشهر على النقص، فيمكن أن تتوالى ثلاثة ناقصة، والشهران الباقيان بعد الرابع التام ناقصان، أما إن كان النقص ستة أيام فالذي عليه الأكثر، وهو الصحيح، أنه لا يكون حكمه حكم الستة.
وقد اختلف الأئمة اختلافًا كثيرًا في أقصى مدة الحمل:
فمذهب أبي حنيفة والثوري أنه سنتان.
ومذهب الشافعي وظاهر مذهب أحمد: أربع سنين.
وفي فقه مالك: قيل أربع سنين، وقيل خمس.
وقال الليث: ثلاث سنين.
وقال عبادة بن العوام: خمس سنين.
وعن الزهري روايتان: ست سنين، وسبع.
وقال ربيعة بن أبى عبد الرحمن، وبعض أصحاب مالك: ست سنين.
وقال أبو عبيد: لا حد لأقصاه.
وذهب الظاهرية إلى أنه تسعة أشهر.
وقال محمد بن الحكم: أنه سنة.
ومعظم هذه المذاهب مبني على الاستقراء الناقص من أخبار آحاد الناس، ومهدأ الحمل لا تتيسر معرفته بالضبط، فقد تسبقه فترة طويلة أو قصيرة ينقطع فيها الحيض، فيظن أن المدة كلها للحمل، ويقع الخطأ والاشتباه في حساب مدته.
ويستند الحنفية إلى أثر موقوف روي عن أم المؤمنين عائشة، أعرض عنه مالك لخبر جارته امرأة محمد بن عجلان، كما أعرض الشافعي وأحمد، وهم أئمة الحديث، كما أنهم أئمة في الفقه كبار، وركنوا إلى أقوال غير عائشة، فوضح أن المسألة ليس فيها كتاب ولا سنة، وإن الأولى هو اعتبار رأي الأطباء الشرعيين بجعل أقصى مدة الحمل سنة، فإنه تقدير سليم، ألفه الناس، ويقرب منه رأي محمد بن الحكم، وفيه احتياط كافٍ للحالات النادرة.


المادة (167):
التبني يشمل استحقاق مجهول النسب مع التصريح بأن النسب غير حقيقي، كما يتناول اتخاذ معروف النسب بمثابة الولد.
وقد عرفه أهل الجاهلية، فكان الرجل منهم إذا راقه غلام ضمه إلى نفسه، وأجرى عليه أحكام البنوة النسبية، وجعل له حظ الابن من ميراثه، واستمر ذلك في صدر الإسلام، حتى أبطله تعالى بقوله: وما جعل أدعياءكم أبناءكم ذلكم قولكم بأفواهكم، والله يقول الحق، وهو يهدي السبيل، أدعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله...، وقررت هذا الإبطال السنة الصحيحة، ومنها: حادثة زيد بن حارثة، وقول النبي صلى الله عليه وسلم لما نزلت آية الملاعنة: أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم، فليست من الله في شيء، ولن يدخلها الله الجنة، وأيما رجل جحد ولده، وهو ينظر إليه، احتجب الله عنه يوم القيامة وفضحه على رؤوس الأولين والآخرين.
وبهذا لا يساير الإسلام أي ممارسات للتبني، ولا يقر ولا، بعمل أي حالة منه، فهو لا يتمشى ورغبة من يريدون أن يخلقوا لأنفسهم أبوة أو أمومة مصنوعة، وأن يتزينوا بشعور مستعارة، إذ يقرون بنسب أطفال يعلمون يقينًا أنهم ليسوا أولادهم، بينما نصوص القرآن والسُنَّة لا تستجيب لعلاقات صورية ومدنية محضة، من أبوة أو بنوة أو أمومة مفترضة فعنى المشروع بإبراز حكم التبني، محافظة على الأنساب، وحماية للورثة، ودرءًا لمفاسده الجمة، وقطعًا لما فشا من الدعوة إليه، والافتنان في وسائله بالعالم الإسلامي.
وهو لا يثبت النسب، فلا يلزم التبني بالإنفاق على الولد المتبنى، ولا يتوارثان، ولا يترتب عليه أي حق من الحقوق النسبية.


المادة (168):
قد يكون بالرجل ما لا يمكن بسببه إنجاب الولد منه، مثل: بعض حالات التعقيم، أو قطع أعضائه الجنسية، أو تهتكها، وإثبات النسب في هذه الحال لمجرد الفراش وإمكانه هو أمر مستحيل في العادة، وقد أدى فساد الذمم، وسوء الأخلاق، إلى الجرأة على إلحاق نسب أولاد غير شرعيين بأزواج هذه حالهم، والإسلام في تشوفه لثبوت النسب إنما حرص على الأنساب الصحيحة النقية، كما حرص على تطهير الأسرة من الدخلاء، فبينت هذه المادة عدم ثبوت النسب إذا ما ثبت أن الرجل غير مخصب، أو لا يمكن أن يأتي منه الولد، لمانع خلقي أو مرضي، وعند النزاع في ذلك أجاز للمحكمة أن تستعين بأهل الخبرة من المسلمين، ومصدر ذلك مذهبًا الإمامين: مالك وأحمد.
وينظر ما كتب عن المادة (142).
الصورة الرمزية امانى احمد امانى احمد امانى احمد غير متواجد حالياً
مشرفة منتدي التنمية البشرية


تاريخ التسجيل
Aug 2007
الدولة
بورسعيد مصر
المشاركات
16,168
الفصل الثاني: النسب في الزواج الصحيح:

المادتان (169، 170 ):

في الحديث الصحيح أن الولد للفراش وفسر الكرخي الفراش بالعقد، ويفسره غيره من الحنفية يكون المرأة بحيث يثبت نسب الولد منها إذا جاءت به، ويقررون في العقد الصحيح ثبوت نسبه من الزوج إذا ولدته بعد ستة أشهر فأكثر من تاريخ العقد، ولو لم يثبت التقاء الزوجين، ولم تقم قرينة على اجتماعها، وافترض المتأخرون منهم فروضًا بعيدة، وغريبة في العادة المطردة، ليجعلوا المستحيل ممكنًا، تبريرًا لما قالوا به فزادوا موقف مذهبهم في هذا الموضوع حرجًا.
وفي مذهب مالك، والشافعي، وأحمد، وجمهور الفقهاء أن الفراش يكون بالعقد مع إمكان الدخول، وروى حرب عن أحمد أن الفراش هو العقد مع الدخول المحقق، وهذا ما تقتضيه قواعد وأصول مذهبه، وقد اختاره ابن تيمية.
واختار المشروع المذاهب التي تشترط للنسب إمكان التلاقي بين الزوجين، وظاهرًا أن هذا أعدل الأقوال، وهو المتبع الآن، ويمنع الجرأة على إلحاق نسب أولاد بأزواج لم يلتقوا بالأمهات، فإذا مضى على عقد الزواج الصحيح أقل مدة الحمل، وأمكن التلاقي ثبت نسب الولد، وإذا ثبت انتفاء إمكان التلاقي بين الزوجين بمانع حسي لم يثبت النسب.
ومن أمثلة المانع الحسي حبس أحد الزوجين في مكان بحيث يمتنع عليهما الاجتماع فيه أو في غيره، وكذلك من تزوج امرأة ثم طلقها في مجلس العقد، أو مات قبل غيبته عن أهل المجلس، إذ ثبت حسًا ونظرًا أن الولد لن يكون منه.
والموانع الشرعية: كصوم رمضان، والإحرام بالحج فرضًا أو نفلاً، والحيض، ليست من المانع الحسي.
ونص المادة (16) أخرج الحالات الآتية من ثبوت النسب:
( أ ) إذا لم يمضي بين عقد الزواج والولادة أقل مدة الحمل، وإن تلاقي الزوجان وتم الدخول، لأنه لم يمضي زمن كافٍ لتكوين الولد من هذا الزوج.
(ب) إذا ثبت عدم تلاقي الزوجين لقيام مانع حسي مستمر من وقت العقد إلى حين الولادة، مهما طالت المدة بين الزواج والولادة، لأن السبب هنا هو قيام المانع، وليس قصر المدة.
(ج) إذا حدث المانع بعد إمكان التلاقي أو بعد تحققه، ثم استمر المانع أكثر من خمسة وستين وثلاثمائة يوم، كما لو سجن الزوج بعد الدخول، فجاءت الزوجة بولد بعد سنة من السجن، وقيام المانع.
(د) إذا زال المانع، ولم يمضِ بين زواله والولادة أقل مدة الحمل، كما لو سجن الزوج سنتين، ثم خرج فولدت الزوجة بعد أربعة أشهر من تاريخ خروجه.
وفي جميع هذه الصور انتفى شرط لا بد منه في ثبوت النسب، فلا يثبت من الزوج، لكن إذا ادعاه الزوج، ولم يقل أنه من الزنى، يثبت النسب منه، مراعاة لمصلحة الولد، وتصحيحًا لكلام العاقل ما أمكن، بحمل إقراره على أسباب مشروعة للنسب، وهو أدرى بواقع أمره وسر حياته.
والمقصود بانقضاء العقد بالمدة في المادة (170) هو أن يمضي على الطلاق، دون رجعة، إما سنة، أو ثلاثة أشهر، أو تسعون يومًا، حسب حال المرأة في الاعتداد بالحيض أو بالأشهر، كما هو مبين بالمادة.
وانقضاء العدة بالإقرار هو أن تكون المعتدة قد أقرت بانقضاء عدتها بالحيض في مدة تحتمل ذلك.
والمعتدة من طلاق رجعي إذا اعتبرت منقضية العدة بمضي المدة، أو بالإقرار، ثم جاءت بولد بعد ذلك بأقل من ستة أشهر ثبت نسب هذا الولد من المطلق، ولو كانت الولادة بعد أن مضى أكثر من سنة على تاريخ الطلاق، وتعتبر الولادة دليل الرجعة، وتستمر الزوجية، لأن هذه المعتدة في حكم الزوجات، ويملك الزوج منها ما يملكه ممن لم يطلقها، ومعاشرتها تدل على ارتجاعها دلالة ظاهرة، ويستند ذلك مذهب الإمام أحمد.
المادة (171):
المراد بمعتدة: البينونة ما يشمل معتدة البائن بينونة صغرى أو بينونة كبرى، والمعتدة من فسخ الزواج، باعتبار أن نتيجة الفسخ فرقة بائنة، وإن لم ينقص ما يملكه الزوج من طلقات.
ومعتدة البائن أو الفسخ لا تحل معاشرتها ممن فارقها في خلال العدة، فلا يقدر بينهما معاشرة إلا قبل الفرقة، وقد انقطع إمكان هذه المعاشرة حسًا بالنسبة إلى المعتدة الوفاة، ومن ثم افترقتا عن معتدة الرجعي، فلا بد لثبوت نسب مولودها من أن يولد قبل مضي أقصى مدة الحمل من تاريخ الفرقة أو الوفاة.
فالمعتدة من بائن أو فسخ أو وفاة، إذا لم تقر بانقضاء العدة، يثبت نسب ولدها، متى أتت به في أثناء هذه العدة، ولو ولدته بعدها لا يثبت نسبه بالفراش، ولكن إذا ادعاه الزوج أو ورثة المتوفى، وتوافرت شروط ثبوت النسب بالإقرار، فإنه يثبت النسب.
وإن أقرت بانقضاء العدة في مدة تحتمل الانقضاء يثبت النسب، إذا أتت بالولد لأقل من ستة أشهر قمرية من وقت الإقرار، ولأقل من خمسة وستين وثلاثمائة يوم من وقت الفرقة أو الوفاة.
الفصل الثالث: النسب في الزواج الفاسد، والدخول بشبهة:

المادة (172):

الفراش في الزواج الفاسد إنما يثبت من حين الدخول الحقيقي، ولا عبرة بتاريخ الزواج، بالمتزوجة زواجًا فاسدًا لا يثبت نسب ولدها ممن تزوجها إلا إذا جاءت به لستة أشهر قمرية فأكثر من وقت دخوله بها، لا من حين العقد، وجميع أولادها بعد هذه المدة ينسبون إليه ما دام يعاشرها بدون حاجة إلى أن يدعيه الرجل، ولا ينتهي: الفراش إلا إذا تفارقا من تلقاء أنفسهما، أو فرقت بينهما المحكمة، وبعد المفارقة أو التفريق تطبق أحكام نسب ولد المعتدة من بينونة.
والشبهة ما يشبه الثابت وليس بثابت في نفس الأمر، وللفقهاء في تقاسيمها، وتسميتها اصطلاحات عديدة، والصحيح عند الحنابلة أن من باشر امرأة لا زوج لها بشبهة فأتت بولد لحقه نسبه، وصرحوا بأنه لو تزوج رجلان امرأتين، فزفت كل واحدة منهما إلى زوج الأخرى غلطًا، فدخل بها وحملت، يلحق الولد بمن دخل بها، لأنه اعتقد الحل فيلحق النسب، كالدخول في الزواج الفاسد، وكما لو لم تكن ذات زوج، أو تزوجت امرأة المفقود الذي حكم بوفاته ثم بان حيًا.
وقالوا: إذا بوشرت المرأة بشبهة في طهر لم يباشرها فيه زوجها، فاعتزلها حتى تأتي بولد لستة أشهر من حين تلك المباشرة لحق الولد بالذي دخل بها، انتفى نسبه من الزوج من غير لعان، وإن أتت بالولد قبل ستة أشهر لحق الزوج بكل حال، للعلم بأنه ليس من الدخول بشبهة.
وفرقوا بين الدخول بشبهة والزنى بأنه لا يعتقد الحل في الزنى.
وقال الإمام أحمد: كل من درأت عنه الحد ألحقت به الولد.
وقد أخذ المشروع في هذا الموضوع بالاجتهاد الحنبلي، لأنه أقرب إلى المصلحة في ثبوت الأنساب.
الباب الثاني - نفي النسب (اللعان)

المواد (176 - 180 ):

حرص فقهاء المالكية على بيان أن اللعان شعيرة من شعائر الإسلام، وهو مشروع لحفظ الأنساب، ودفع المعرة عن الأزواج، وثبت بالكتاب، والسنة، والقياس، والإجماع.
وكيفيته نزلت بها هذه الآيات: والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله أنه لمن الصادقين، والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله أنه لمن الكاذبين، والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين.
وذهب مالك، والشافعي، وإسحق، وسعيد بن السيب، والحسن وربيعة، وسليمان بن يسار، والزيدية، وأهل الظاهر إلى أن اللعان من قبيل اليمين، فيصح من كل زوجين.
وصرح المالكية بأن اللعان يكون من شبهة الزواج وإن لم تثبت الزوجية، ويكون في الزواج الفاسد الذي لا يقر الزوجان عليه بحال، وبين الفاسقين، وبين المسلم والكتابية، ولو مات الولد الذي اتهمها به.
وقال الشافعية، إن اللعان يصح من الزوج ولو باعتبار ما كان، أو باعتبار الصورة، فينتفي النسب به في حالات البينونة، والدخول في الزواج غير الصحيح، أو الشبهة.
وروى إسحق بن منصور عن أحمد أن جميع الأزواج، يتلاعنون، ونص الجماعة من أصحابه على هذه الرواية، وإن ما يخالفها شاذ في النقل، وبينوا جواز نفي الولد باللعان بعد البينونة.
وأخذ الحنفية بتغليب حكم الشهادة في اللعان، وبنوا على أصلهم أنه لا لعان إلا في الزواج الصحيح القائم، فلا يمكن نفي الولد في الزواج الفاسد إذا ولد في تمام ستة أشهر من تاريخ الدخول، واشترطوا أن يكون كل من الزوجين أهلاً لأداء الشهادة بالإسلام، والبلوغ، والعقل، والنطق، وعدم الحد في قذف، وعفة الزوجة وقت اللعان ببرائتها ولو من التهمة بالدخول في زواج فاسد أو بشبهة.
وحاجة الزوج الذي لا تصح منه الشهادة إلى اللعان، ونفي الولد كحاجة من تصح شهادته سواء، والأمر الذي ينزل به مما يدعو إلى اللعان كالذي ينزل بالعدل، والشريعة لا ترفع ضرر أحد النوعين، وتجعل له فرجًا ومخرجًا مما نزل به، وتدع الآخر في الآصار والأغلال، يستغيث فلا يغاث، ويستجير فلا يجار، إن تكلم تكلم بأمر عظيم، وإن سكت سكت على مثله، قد ضاقت عنه الرحمة التي وسعت من تصح شهادته، وهذا ما تأباه الشريعة الواسعة السمحة.
ومن أجل ذلك اختار المشروع فقه مالك ومن وافقوه في شرائط اللعان، وعدل من مذهب الحنفية الذي شدد في هذه الشرائط تشديدًا يكاد يصادر على الرجل حقه المشروع في اللعان ونفي النسب، ومن ثم، يجوز اللعان في سائر الأحوال التي يثبت فيها النسب بغير ادعاء، نتيجة لفراش في زواج صحيح، أو دخول فاسد أو بشبهة، ولو كانت المرأة غير مسلمة أو غير عفيفة، أو كان الرجل غير أهل للشهادة أو أخرس، ويكفي أن يكون مكلفًا.
ولخطورة موضوع الأنساب نظم المشروع الطريق الجاد السريع إلى استقرارها، فاختار أن يتم نفي نسب الولد خلال سبعة أيام من وقت الولادة أو العلم بها، وأوجب اتخاذ إجراءات دعوى اللعان في خلال خمسة عشر يومًا اعتبارًا من هذا التاريخ، ومدة النفي هي رواية الحسن عن الإمام أبي حنيفة.
والمراد بالاعتراف الضمني أن يصدر من الرجل شيء فعله يدل على الاعتراف بالنسب، كشراء لوازم الولادة، وقبول التهنئة.
وأخذ في جواز اجتماع المتلاعنين في زوجية جديدة بمذهب أبي حنيفة ومحمد بن الحسن، لأن في عودة الزوجية توسعة، وهو قول ابن المسيب، وابن جبير، والثوري، والنخعي، والهادي.
وقد لوحظ أن اللعان ليس صريحًا في الطلاق، ولا ينوي به الزوج الطلاق، والفرقة فيه بغير اختياره بل بحكم الشرع، والمصلحة في إبقاء ما يملكه من طلقات، فقررت المادة (178) أن الفرقة باللعان فسخ، وإلى هذا ذهب الشافعي، وأحمد، والهادوية، والناصر، والمؤيد بالله، وآخرون.
وبقية أحكام المادتين (178)، (179) جارية على المذهب الحنفي، وهي واضحة.
الفصل الرابع: الإقرار بالنسب:

المواد (173 - 175 ):

الإقرار بالنسب على النفس بنيت أحكامه في الفقه الحنفي على كثير من حسن الظن بالناس، وحمل حالهم على الصلاح فكان وسيلة لمضارة الورثة، وللوصول إلى أغراض غير مشروعة، وفي مذهب الإمام مالك ما يقطع أسباب ذلك، ويكفل العلاج الصحيح لمواطن الشكوى، ويبقى على مزايا هذا الإقرار لصالح الأسرة والمجتمع، فاستمد المشروع منه، ومن بقية المذاهب الأربعة، ما يلي:
1- في إقرار الرجل بالبنوة، صحيحًا كان أو مريضًا وسواء أكان الولد صغيرًا أو كبيرًا، حيًا أم ميتًا، يثبت نسبه من الرجل المقر متى توافرت الشروط الآتية:
( أ ) أن يكون المقر له مجهول النسب، فلو كان معلوم النسب من أب معين بطل الإقرار، لأنه مكذب شرعًا، ومن هذا القبيل ما إذا ثبت أن أم هذا الولد لم تزل زوجة لغير المقر حتى ماتت.
(ب) ألا يكذبه العقل، مثل كون المقر ليس أسن ممن ادعى أنه ولده، بحيث يكون فرق السن بينه وبين الولد لا يحتمل هذه البنوة، لأنه كذبه الحس، فلم يصح الإقرار لاستحالته.
(ج) ألا تكذبه العادة، كإقرار من علم أنه لم يقع منه زواج أصلاً، وبمثل أن يستلحق من ولد في بلد بعيد علم أنه لم يدخله قط.
(د) ألا يصرح بأن الولد من الزنى، فإن صرح بهذا السبب غير المشروع لم يثبت النسب، لأنه نفى الفراش.
(هـ) أن يصدقه الولد المقر له إذا كان بالغًا مكلفًا، وهذا على خلاف المذهب الحنفي الذي يشترط التصديق من المميز أيضًا، ولكنه مذهب الإمامين: الشافعي وأحمد، وقد راعى المشروع في ذلك أن طور التمييز لا يتأتى فيه البصر العميق بالأمور من جميع جوانبها، فالتمييز فيه غير تام ولا مستوعب للنتائج، والوعي فيه ينبعث عن عقل فض لم ينضج، ولم تكمل استنارته، ومن مصلحة الذي لم يبلغ حد التكليف الشرعي أن يثبت نسبه دون توقف على التصديق حتى يستفيد بوجود من يتعهده، ويباعد بينه وبين منابع المرارة والنقمة على المجتمع، ويصان من الضياع المادي والأدبي.
2- وفي إقرار مجهول النسب بالأبوة يجب توافر الشروط السابقة.
3- وفي إقرار الأم بنسب الولد تراعى شروط إقرار الرجل بالولد أيضًا، وألا تكون ذات زوج، ولا معتدة وقت إن ولد، فيثبت النسب منها حينئذ بإقرارها، لأن فيه إلزامًا على نفسها دون غيرها.
4- وفي إقرار الولد بالأم يشترط ما شرط في إقرارها به، فإذا تحقق ذلك صح إقراره، لأنه أقر بما يلزمه، وليس فيه تحميل النسب على الغير.
وواضح أن النسب الثابت بالإقرار على هذا الوجه لا يقبل النفي، ولا يتحول من شخص إلى غيره، كما هو مقرر
الباب الثالث - دعوى النسب

المواد (181 - 185 ):

المقصود بالمادة (181) هو سد باب الاحتيال، والدعاوى المزورة، وهذا لا يتحقق إلا بتقييد قبول دعوى الإقرار، بأن يكون الإقرار بالنسب ثابتًا بورقة رسمية، أو بورقة عرفية، تكون مكتوبة كلها بخط المقر، وعليها توقيعه، أو مصدقًا على توقيعه عليها.
ودعوى النسب لا تكون دعوى صحيحة يجب على القاضي سماعها، إلا إذا كانت مشتملة على سببه، من زواج صحيح أو فاسد، أو دخول بشبهة، أو إقرار مما يثبت به النسب، طبقًا لأحكام هذا القانون.
وبينت الفقرة ( أ ) من المادة (184) أن التناقض يغتفر في دعوى البنوة والأبوة، لحرص الشارع على إثبات النسب، ولا يغتفر فيما عداهما، وقد سبق ما يتعلق بالتناقض عامة في المادة (96).
ولم يحترم المشروع الأحكام النهائية في النسب إلا بالنسبة لطرفي الخصومة، رعاية للعدل، وصيانة للحقوق، وهذا ما يجري عليه قضاؤنا العالي في الكويت، إذ لم يلتفت إلى أحكام نهائية بأنساب مكذوبة صنعت لأدعياء (محكمة التمييز - طعن رقم (14) لسنة 1979 - أحوال شخصية - جلسة 5/ 1/ 1980 ). محكمة الاستئناف العليا في الاستئناف رقم (160) لسنة 1978 جلسة 21/ 8/ 1979 وقد سارت عليه المحكمة العليا الشرعية بمصر ولم تخالفها أي محكمة شرعية، ولو أن أحكام النسب اعتبرت حجة على الكافة لوجب على وزارة الداخلية تنفيذها في مسائل الجنسية، وضاعت المصلحة العامة، فالالتزام بحجة الأمر المقضي بين الخصوم أنفسهم هو السبيل الأعدل بعد شيوع دعاوى النسب المزورة.




الباب الرابع - الرضاع


المادة (186):

وضع المشروع ضابطًا عامًا للحالات التي يلزم فيها القضاء الأم بإرضاع ولدها، هو تعذر تغذيته بغير لبنها بأي سبب كان، ورُئي أنه إذا تيسر تغذيته بغير الرضاعة الطبيعية تغذية لا ضرر فيها عليه، فإن الأم لا تتعين لإرضاعه في حالة عدم قبوله ثدي غيرها، ولا في حالة عدم وجود مرضعة أخرى، وهذا متفق مع رأي الحلواني في ظاهر الرواية عند الحنفية من عدم الإجبار، وفيه صيانة الرضيع عن المرض أو الهلاك أولاً، واحترام إرادة الأم ثانيًا، عند تحقق هذه الصيانة.
المادة (187):
أجرة الإرضاع تعتبر من نفقة الصغير، ونفقته واجبة في ماله إن كان له مال، كسائر نفقته من طعام، وكسوة، وإن لم يكن له مال، فنفقته واجبة على أبيه لا يشاركه فيها أحد، فتجب عليه أجرة إرضاعه إذا كان قادرًا بيساره أو بكسبه، وإذا كان فقيرًا عاجزًا عن الكسب، أو كان الأب متوفى فأجرة إرضاع الصغير واجبة على من تجب نفقته عليه إذا لم يكن الأب موجودًا، وتستحق من وقت الإرضاع.
وتعتبر دينًا صحيحًا لا يسقط إلا بالأداء أو الإبراء، فلو ماتت الأم قبل قبضه، كان لورثتها المطالبة به، باعتباره من تركتها، ولو مات الأب قبل أن تقبضه الأم أخذ من تركته كغيره من الديون، أسوة بسائر الغرماء.
المادة (188):
إذا قامت الأم بالرضاع حال قيام الزوجية، أو في عدة الطلاق الرجعي أو البائن، فلا تستحق أجرة على الإرضاع، لأن الزوج مكلف بالإنفاق عليها في حال الزوجية، وفي حال العدة من الطلاق الرجعي أو البائن واجتماع نفقتين في وقت واحد لا يجوز، لكفاية النفقة الواجبة لها على الزوج للقيام بهذا الحق، وهذا مذهب الحنفية.
وإذا قامت الأم بالإرضاع بعد انتهاء الزوجية، وانقضاء العدة أو في عدة الوفاة، فإنها تستحق الأجر على الإرضاع من غير خلاف بين الفقهاء، لقوله تعالى: فإن أرضعن لكم فأتوهن أجورهن، فأوجب الله على الأزواج أن يعطوا مطلقاتهم أجرة الإرضاع إذا قمن به، ولأن الأم في هذه الحالة لا تجب لها النفقة على الأب لانفصام عرى الزوجية، وانقطاع آثارها بانقضاء العدة أو الوفاة.
وإذا كانت المرضعة ليست أمًا، فإنها تستحق الأجرة على الإرضاع في كل حال.
ووضحت الفقرة (ب) أن أجرة الإرضاع لا تستحق لأكثر من حولين من وقت الولادة، وذلك باتفاق الفقهاء، فمتى بلغ الصغير حولين كاملين لم يكن للمرضع الحق في المطالبة بأجرة الرضاع، ولا يتوقف سقوط حقها في الأجرة على التراضي أو القضاء

ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك

رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Facebook Comments by: ABDU_GO - شركة الإبداع الرقمية
كافة الحقوق محفوظة لـ منتدى المراجع المصرى/المحاسب القانونى محمد صفوت