طارق حلمى:سياسات صندوق النقد مرآة للتوجهات الأمريكية وسنحصل على القرض.. وأتوقع ضربة قاصمة للمضاربين على الدولار قريباً

[عمرو احمد]

انا : عمرو احمد

طارق حلمي أكد طارق حلمى نائب رئيس مجلس إدارة بنك التنمية والائتمان الزراعى فى أول حوار له مع الصحف ووسائل الإعلام اختص به «الوطن»، أن ما تمر به البلاد من أزمة اقتصادية وتراجع فى سعر العملة المحلية يحتاج إلى عودة منظومة الأمن وتكاتف جهود الحكومة متضامنة وتهيئة المناخ للاستثمار فى المقام الأول، وأشاد بجهود هشام رامز محافظ البنك المركزى، فى الحفاظ على العملة المحلية، متوقعاً توجيه ضربة قاصمة للمضاربين على العملة الأمريكية قريباً.
* ما رد فعلك عندما علمت بقرار تعيينك بمنصبك الجديد فى البنك، رغم ما يثار حول موقفه المالى الصعب ومشكلاته المتعددة؟
- كان الاختيار مفاجأة بالنسبة لى، ولم يكن فى خطتى أن أعمل فى بنك متخصص، وأنا على علم بأن البنك يواجه مشكلات مالية وفنية وإدارية ويحتاج إلى إعادة هيكلة وأعلم أيضاً أن على شاكر رئيس مجلس الإدارة السابق، اتخذ بعض الخطوات فى الاتجاه الصحيح لإصلاح البنك، لكنى أعتبره إرثاً ثقيلاً عمره 80 سنة، ولإصلاحه فإننا نحتاج إلى وقت وتجاوب، سواء من موظفيه أو من الدولة.
* كيف ستتعاملون مع البنك ومشكلاته؟
طارق حلمي يتحدث لـ "الوطن"
- سنتعامل من خلال طريقتين، الأولى مصرفية محترفة لتطوير الأداء وتعظيم الربحية والقيام بدوره الأساسى فى مساندة الفلاح، والثانية من خلال وجهة نظر اجتماعية وتبرز أهمية الثانية لأن الكيان به أكثر من 21 ألف موظف يجب مراعاتهم والنظر فى مطالبهم بشكل جدى، وفى حدود المعقول وأى مطالب زيادة تفوق طاقة المؤسسة لن نستطيع تلبيتها.

ليست لدينا توجهات للاستثمار فى السودان وهدفنا الأول الفلاح المصرى

* هل هناك خطة لإعادة هيكلة البنك من الناحية الإدارية؟
- لا شك أن أول اهتماماتنا بوضع العمالة، وسنبدأ بوضع خطة لتدريب جميع موظفى البنك فى إطار عملية الهيكلة التى سنبدأ فيها قريباً بعد الاطلاع على جوهر البنك بالكامل، انطلاقاً من قناعتنا بأهمية العنصر البشرى فى تطوير أى مؤسسة، وهى مسألة ليست سهلة، لأنه البنك الأكبر من حيث الفروع والانتشار وعدد الموظفين.
* هناك آراء تقول إن البنك الزراعى حائر بين النشاط الزراعى والتجارى، وإن مشكلات البنك تأتى بسبب ارتفاع مخاطر الزراعة، فهل هناك اتجاه لتغيير الوضع القائم؟
- لا توجد أى توجّهات لتغيير نشاط البنك أو توجيه دفته نحو النشاط التجارى فقط، وأن البنوك التجارية فى السوق تتخوّف من النشاط الزراعى لأنها لا تمتلك الخبرة، ولدينا إيمان راسخ بأهمية البنوك المتخصصة، وتحديداً فى الدول النامية، وهى أنشطة مصرفية موجودة فى الدول الأوروبية، وسنبنى استراتيجيتنا للبنك خلال السنوات المقبلة للتركيز على تمويل النشاط الزراعى بشكل أساسى، وبكل ما يدور حوله من صناعات تحويلية، مثل الألبان والماشية والتسمين واللحوم ومنتجات الأسمدة العضوية، فهناك صناعات تحويلية مرافقة للقطاع سيزيد الاهتمام بها فى الفترة المقبلة، نظراً لأن مصر بلد زراعى، ولدينا أكثر من ثلث المجتمع يعملون فى النشاط بما يزيد على 20 مليون فلاح، فيما نمتلك الانتشار الواسع فى كل المحافظات، بما فيها من مراكز ونجوع وقرى بأكثر من 1200 فرع، وهى أبرز مقوّمات تمويل النشاط.
وأؤكد أن 90% من أنشطة البنك ستركز على تمويل القطاع الزراعى وما حوله من صناعات تحويلية، وفى ظل ذلك سنخصص جزءاً من نشاط البنك للنشاط التجارى لخلق نوع من التوازن فى الربحية لأننا لا نريد تحقيق أرباح من الفلاح ونحصل على دعم من وزارة المالية فى فرق سعر الفائدة، لأننا نمنح القروض للفلاحين بفائدة 6% فقط.
* من واقع الانتشار الضخم للبنك ووجودكم فى كل المناطق، لماذا لا تخصصون فروعاً لشرائح مختلفة من العملاء؟
- لدينا نحو 60% من إجمالى أرصدة الودائع بالبنك تخص عملاء غير المزارعين، وأريد أن أوضح أننا نتعامل مع شرائح العملاء المختلفة، ولدينا أسعار منافسة جداً وتخدم جميع فروعنا كل العملاء، لكننا لا نريد أن نكون مثل باقى البنوك، فلدينا شريحة من المتعاملين نريد أن نهتم بها أكثر وننمى تعاملاتها المصرفية.
* ممارسة عمل البنوك التجارية ستعوّض التكلفة التى يتحمّلها البنك ووزارة المالية فى خدمة القطاع الزراعى؟
- لدينا ميزة تنافسية عن البنوك الأخرى، وهى تمويل القطاع الزراعى وما يحيط به من صناعات، وهذا التخصُّص فرصة، خصوصاً أننا نختص بشريحة كبيرة جداً من العملاء لا تستطيع البنوك الأخرى التعامل معهم، وهدفنا الأول هو أن نجتذبهم جميعاً إلى المنظومة المصرفية من خلال بنك التنمية والائتمان الزراعى لكن هذا لا يعنى أننا لن نقدم منتجات أخرى للعملاء بشكل عام.
* هل هناك اتجاه للتعاون مع البنوك العالمية المتخصصة فى الزراعة؟
- بالفعل قام على شاكر رئيس البنك السابق بعمل دراسة مع البنك الهولندى المتخصص فى تمويل النشاط الزراعى، وسنطلع عليها ونرى ما تحقق منها حتى الآن، وسننظر إلى تجارب دولية أخرى، وأعتقد أننا أقرب إلى التجربة الصينية من الهولندية، لأنه لديها عدد سكان كبير وقطاع زراعى كان بدائياً ودخل فى مراحل متقدمة حالياً، وبالتالى أعتقد أن البنك الصينى هو الأقرب إلينا من حيث الظروف، وعموماً سننظر إليها كلها، وسنأخذ من الأفضل.

سنوجه 90% من تركيزنا للنشاط الزراعى والصناعات المرتبطة وندرس التجربة الهولندية لتطوير البنك ونتجه إلى التعاون مع الصين

* ما حجم الديون المتعثرة بالبنك والمخصصات؟
- لم أطلع حتى الآن على ملف الديون المتعثرة، فلم يمر على وجودى بالبنك سوى عدة أيام، لكن أول ملف سألت عنه هو المخصصات وشعرت بالطمأنينة عندما علمت أن الديون المتعثرة مغطاة بمخصصات بنسبة 100%.
* هل هناك اتجاه لاستقطاب خبرات من البنوك الأخرى لتطوير البنك؟
- لا توجد اتجاهات لاستقطاب خبرات من الخارج، وذلك لسببين؛ الأول لأن من سنستقطبهم يعملون فى مصارف تجارية وخبراتهم تجارية وإدارية وليست متخصصة، وإذا أردنا الاستعانة فإنه سيكون من وزارة الزراعة وكليات الزراعة وغيرها ممن سيفيدوننا فى مجال البنك، وإن كنا سنستعين ببعض الخبرات المصرفية فى المسائل التنظيمية فإننا سنواجه مشكلة مستوى الأجور المنخفضة لدينا، وهو محور السبب الثانى، حيث الأجور المنخفضة وصعوبة استقطاب الخبرات، خصوصاً بعد إغلاق صندوق تطوير البنوك.
* ملف العاملين بالبنك كان محور الصدام خلال الفترة الماضية مع الإدارة الرئيسية، فما خطتكم له خلال الفترة المقبلة؟
- لا بد أن يكون هناك توازن وتعقُّل فى الطلبات، وأؤكد أن أى شىء فى استطاعة البنك سنقوم به ولن نتأخر عليهم وأرى أن هناك تحسناً فى وضع العمالة خلال الفترة الماضية، وبالطبع لابد أن تكون هناك شفافية مع العاملين وتوضيح لإمكانات البنك لهم، ونأمل أن يعمل الجميع ويتطور أداء المؤسسة ليرتفع مستوى الدخل والأجور.
* إجمالى القروض المصرفية للقطاع الزراعى يقدر بنحو 6 مليارات جنيه فقط، فكيف يمكن ترقية تلك الأرصدة خلال الفترة المقبلة؟
- هناك صعوبة فى الوقت الحالى تواجه التوسُّعات الزراعية، وذلك بسبب التخوّف من إنشاء سد النهضة فى إثيوبيا الذى يُهدد بانخفاض حجم المياه فى مصر بما يتراوح بين 2 و6 مليارات متر مكعب، بالإضافة إلى أن الأراضى الزراعية فى مصر محدودة، وهناك مشكلة تواجه الدولة فى استصلاح الأراضى بالساحل الشمالى الغربى نتيجة مشكلة ألغام الحرب العالمية، فيما يوجد بها مخزون مياه جوفية كبير جداً لا نستطيع الاستفادة منه، فالأمر يحتاج إلى استراتيجية متكاملة من الدولة تدخل فيها المؤسسات، كما أن إعلان الحكومة مؤخراً عن استصلاح 500 ألف فدان خلال 3 سنوات مقبلة فى منخفض القطارة ووادى النطرون سيدعم ارتفاع حجم التمويل الموجّه إلى القطاع.

الديون المتعثرة مغطاة بـ100% مخصصات

* هل تفكرون فى الدخول كمستثمر فى تلك المشروعات؟
- أساس نشاطنا هو التمويل، وهو ما سنقوم به فى تلك المشروعات، لكننا لن ندخل فيها كمستثمرين.
* البنك الأهلى بدأ يتجه إلى الاستثمار فى السودان بـ5 آلاف فدان، فهل توجد لديكم نفس التوجُّهات؟
- ليست لدينا أى نية للتوسُّع الخارجى، وهدفنا هو تمويل النشاط الزراعى والاهتمام بالفلاح المصرى وليست الدول المجاورة.
* ما تأثيرات ارتفاع سعر الصرف على القطاع الزراعى ونشاط البنك؟
- تعاملاتنا فى تمويلات عمليات الاستيراد ليست كبيرة، وبالتالى لا توجد تأثيرات كبيرة على تعاملات البنك، بينما يواجه النشاط الزراعى ارتفاعاً فى تكلفة الإنتاج، نظراً لارتفاع أسعار المعدات وبعض الأسمدة والأدوية فى الفترة الأخيرة، بسبب فارق سعر العملة.
* هل تتوقع حصول مصر على موافقة صندوق النقد الدولى؟
- السياسة تلعب دوراً كبيراً فى الأمور المماثلة، وأمريكا قالت إننا سنحصل على القرض، وكل تلك المؤسسات الدولية مسيّسة وسيحدث استقرار كبير فى الأسواق وسعر الدولار بعد الحصول على القرض، كما أن البنك المركزى برئاسة هشام رامز، يلعب دوراً قوياً فى إدارة الملف، وأعتقد أن يوجّه ضربة قاصمة للمضاربين على الدولار والسوق السوداء، لكن لابد أن تكون هناك ظروف مساعدة، لأن البنك المركزى لن يستطيع حماية السوق منفرداً.

ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك