ماذا لو توقفت الولايات المتحدة عن سداد التزاماتها؟

[الصحفى المحترف]

انا : الصحفى المحترف

مرت الولايات المتحدة بعدد من الأزمات المالية، وكانت قاب قوسين أو ادنى من التوقف عن الوفاء بالتزاماتها المالية، خاصة في الازمة الاخيرة، حيث اضطرت الحكومة الفدرالية الى اغلاق بعض خدماتها وارسال بعض العاملين الى بيوتهم. لذلك فإنه ليس من ضرب الخيال ان نتصور احتمال توقف أميركا عن السداد. وقد قامت احدى مؤسسات (igm) بتوجيه سؤال الى 36 من أبرز رجال الاقتصاد في اميركا، عن آثار توقف الحكومة الفدرالية عن السداد، حيث كانت اجاباتهم بان الآثار ستكون خطرة، عدا واحدا منهم اجاب ان الازمة لن تكون لها آثار كبيرة اذا تمت معالجة الوضع خلال اسبوع.بحسب جريدة القبس

ونحن نسلط الضوء على هذا الموضوع لان الازمة ان حدثت فستتعدى حدود الولايات المتحدة لتصل تأثيراتها اقاصي الارض، حيث اننا في عصر العولمة والبنوك والشركات متعددة الجنسيات والعلاقات الاستثمارية المتداخلة والمعقدة بين المؤسسات العامة والخاصة.



الأضرار العالمية

ومع انه من الصعب حصر الاضرار التي قد تصيب اقتصاديات اميركا والعالم نتيجة التوقف عن السداد وان كان بصورة مؤقتة، فإنه يمكن القاء الضوء على أهم الاثار الاقتصادية للتوقف عن السداد.

ومن ابرز هذه التداعيات، التراجع في سعر الدولار الاميركي حيث حذر رؤساء بعض البنوك العالمية من ذلك، وكلما طالت فترة التوقف عن السداد اثر ذلك سلبيا في هذه العملة، كذلك فإن العالم قد ينجر الى ركود اقتصادي آخر يصعب تقدير حدته الآن، وهذا الركود قد يحدث بسبب شح السيولة وايضا بسبب حالة القلق التي تصيب اصحاب الأموال عند حدوث هذه الأزمة، حيث قد يتوقفون عن العديد من عمليات الاستثمار، ومع نقص السيولة وتراجع المشاريع الاستثمارية تزداد البطالة ويقل الطلب على السلع والخدمات ويحدث الركود الاقتصادي.

بالاضافة الى ما تقدم فإن توقف الحكومة الفدرالية عن السداد قد ينتج عنه انهيار لبنوك، وذلك وفقا للمحلل الاقتصادي شارلز كيني في مقالة له في مجلة بزنس ويك بتاريخ 14اكتوبر 2013.

ولا شك ان انهيار المؤسسات المصرفية له تبعاته الخطرة على الاقتصاد، كما حذر تقرير حديث لــ cnn من ان التوقف عن السداد سيتبعه تراجع حاد في اسعار الاسهم في البورصات العالمية واضطراب في اوضاع صناديق الاستثمار.

وحذر كل من رئيس البنك الدولي ورئيس صندوق النقد الدولي من الآثار الكارثية لتوقف اميركا عن السداد وما يتبعه من اضطراب في الاقتصاد العالمي.



الكويت والمنطقة

وبعد تطرقنا الى آثار توقف الحكومة الفدرالية عن السداد نتناول فيما يلي تأثير هذا التوقف على اقتصادياتنا في الكويت ودول الخليج.

وفقا لتقديرات المحللين الاقتصاديين فإن حوالي %57 من الاستثمارات الخارجية لدول الخليج تتمثل في ادوات استثمار اميركية وودائع في البنوك وتبلغ استثمارات الصناديق السيادية لدول الخليج حوالي تريليونا وستمائة مليار دولار مما يعني ان دول الخليج العربية لديها حوالي 900 مليار دولار في ادوات استثمارية او بنوك اميركية، هذا عدا استثمارات القطاع الخاص لهذه الدول، لذلك فإن اي اضطرابات في الاقتصاد الاميركي نتيجة التوقف عن السداد ستكون لها انعكاسات سلبية على كل من القطاعين العام والخاص في دول المنطقة.

لذا على دول الخليج ان تدرس بعناية الآثار الاقتصادية لأي هزات اقتصادية قد تحدث مستقبلا، وعلى الرغم من ان هذه الدول لا تستطيع ان تحصن اقتصادياتها ضد اي ازمات اقتصادية قادمة، فإنها لا شك تستطيع ان تخفف من آثار هذه الازمات ان حدثت وذلك من خلال المزيد من التنوع في استثماراتها جغرافيا بهدف الحد من المخاطر وتوزيعها.

ان الاهتمام بعنصر المخاطرة، خاصة في عصرنا الحالي الذي يشهد المزيد من الازمات الاقتصادية والاضطرابات السياسية، اصبح امراً ملحاً، لذلك فإن المطلوب ان تقوم دول المنطقة بدراسة هذه المخاطر بعناية وتطبيق المعايير المتعارف عليها عالميا للوصول الى محفظة استثمارية متوازنة تأخذ في الاعتبار مخاطر العملات الاستثمارية ومخاطر الدول حتى لا تجد نفسها في مواجهة هزات اقتصادية في دولة ما تؤثر فيها تأثيرا مباشرا وتؤدي الى هبوط قيمة استثماراتها، اضافة الى تراجع قيمة العملة، وقد حازت ادوات الاستثمار الاسلامية على اهتمام دولي مؤخراً بعد ان انتشرت في العالم الاسلامي، خصوصا انها توفر درجة اعلى من الامان، مما يستدعي من الصناديق السيادية لدول الخليج ان تدرس التوسع في هذه الادوات والبدائل الشرعية.
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك