عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 03-31-2013, 10:28 PM
ميمو ميمو غير متواجد حالياً
مدير عام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
المشاركات: 7,194
افتراضي

المطلب الأول: صعوبات إعمال المعايير التقليدية للاختصاص التحكيمي والقضائي في مجال عقود التجارة الإلكترونية
يقول الأستاذ الفرنسي (louis locas) أن منهج مالا يعدو أن يكون نظرية توقفت عن التطور فهو أكثر طريقة عمياء(1).
وبداية كل تطور هو الانتقاد وبيان أوجه الصور فلن يمكن لأحد أن يتطور إلا لو وضع يده على الخطأ والقصور وحاول تقديم العلاج(2).وبتطبيق ذلك على حديثنا نجد أننا لجعل المعايير التقليدية للتجارة الدولية تتلائم مع التجارة الألكترونية فيما يتعلق بتحديد الاختصاص القضائي والتحكيمي فإنه لابد من التطرق لمعرفة الصعوبات التى تحول دون عمل هذا التلائم.
فكما سبق وأن أشرنا في المبحث السابق أن كل دولة تقوم بعمل قواعد للاختصاص التحكيمي والقضائي تطبق على إقليمها تتماشى مع الحفاظ على سيادتها تمثلت في إعمال مبدأ قانون الإدارة المنفردة في حالة إتفاق الأطراف وإن لم يوجد ذلك فقد وضع قواعد بعضها شخصى مثل ضابط الجنسية، ضابط الموطن أو محل الإقامة للمدعى عليه، والبعض الأخر موضوعى مثل محل نشأة الإلتزام، موقع المال، محل تنفيذ الالتزام. من هذا المنطلق كان هناك تساؤلاً يطرح نفسه ألا وهو، هل هناك صعوبات تحول دون تطبيق تلك المعايير التقليدية على المجال الافتراضى للتجارة الألكترونية ؟ ولو كان هناك فما هى هذه الصعوبات ؟ ومن هنا فأننا لإزالة إبهام هذا التساؤل سنتناول بالعرض في هذا المطلب صعوبات إعمال تلك المعايير التقليدية السابق عرضها تفصيلاً في المبحث السابق على عقود التجارة الألكترونية. ومن الجدير بالذكر فإننا سنقوم بالربط بين الاختصاص التحكيمي والقضائي نظراً لاتفاقهما في الصعوبات والمعايير.
أولاً: الخضوع الإرادى أو قبول ولاية القضاء والتحكيم:
من الثابت قانوناً أن إرادة الأنسان حرة بطبيعتها، ولايمكن أن تقيد الانسان إلا بإرادته، فالإرادة هى أساس التصرف القانوني فهى التى تنشئة وهى التى تحدد آثاره وهذا ماعبر عنه الفقه.
مبدأ سلطان الإرادة l'autonomie de la volonte (1) ويسمى في مجال الاختصاص القضائي والتحكيمي فيما يتعلق بالاختيار للمحكمة المختصة أو المحكم بالنزاعات الدولية الناشئة عن العقود (شرط الاختصاص القضائي)(2) أو (الشرط المانح للاختصاص).
وقد أشرنا في المبحث الأول من هذا البحث إلى معنى هذا الضابط، ولكننا نجد أن إعمال هذا الضابط في مجال المعاملات الإلكترونية يواجه عدة صعوبات منها، مايتعلق بالأختيارالصريح ومنها مايتعلق بالأختيار الضمنى فقد وجدنا أنه قد يكون اختيار الأطراف للمحكمة المختصة أو المحكم اختياراً صريحاً وقد يكون ضمنياً(3).
فيما يتعلق بالاختيار أو الخضوع الصريح الذى يتم فيه الاتفاق على المحكمة أو المحكم المختارين بموجب اتفاق شفهى أو مكتوب بين طرفى العقد، ظاهرياً لايبدو أن هناك مشكلة في حالة أن يقوم الأطراف بالتعبير عن إرادتهما إيجابياً وقبولاً عبر شاشات الحواسيب الآلية طالما أن لكل منهما صلاحية إصدارها ولم يتم إنكارها من إحداهما(4).
ولكن عند روية الأمر من جانب أوضح نجد أن، هناك العديد من المشكلات أهمها هو صعوبة التحقق من وجود هذه الإرادة أصلاً خاصة في الحالات التى يتم فيها التعاقد من خلال الوكلاء الإلكترونيون حيث يتم التعاقد من خلال أجهزة ووسائط إلكترونية لاتملك إرادة أصلاً(5)، وبصفة خاصة عندما يقوم الحاسوب المبرمج ببث رسائل مشوبة بالخطأ بشكل يستحيل توقعه من الشخص الذى يعمل الحاسوب لحسابه(6).
وحتى في حالة التعاقد بين الأطراف ذاتهم دون استخدام الوكلاء الإلكترونية فإن التعاقد يتم بين غائبين لايرى كل منهما الآخر، وبالتالى قد يتم التعاقد من قبل شخص ليس له صلاحية التصرف نيابة عن المتعاقد الأصلى، أويصدر التعبير عن الإرادة من شخص ليس له الأهلية الكاملة لإبرام التصرفات، أويتم أصـلاً التغير في محتوى الرسالة أو مضمونها خاصة إذا علمنا أن الشبكة معرضة للإختراق من جانب الغير في أى وقت(1).
سبق الإشارة إلى أن الاختيار الصريح للمحكمة المختصة أو المحكم المختص يتم بتضمين الأطراف عقدهم شرطاً يحددون فيه المحكمة التى تفصل في المنازعات التى تثور فيما بينهم(2). ولكن في مجال العقود الإلكترونية قد تبرز صعوبة التحقق من جدية هذا التعاقد وإثباته، حيث يغيب في ظل هذا العالم الإفتراضى الأدلة المادية والتوقيعات الخطية فيتحدد موضوع المعاملة وكيفية تنفيذها دون دعامة مادية مكتوبة(3). وبالتالى يصعب التحقق من وجود هذا الشرط خاصة عندما يحدث عطل داخل الأجهزة الإلكترونية يؤدى لضياع البيانات المخزنة داخلها أو إنتهاء فترة الصلاحية المقررة لتخزينها أو صعوبة إسترجاعها إذا تم تحميل الأجهزة بشكل غير سليم أوغيرها من الوسائل التى قد يصعب مع وجودها التحقق من وجود هذا الشرط(4).
ماسبق كانت مشكلات الاختيار الصريح أما الصورة الثانية من اختيار المحكمة المختصة أو المحكم هى الاختيار الضمنى للمحكمة أو المحكم والذى سبق الإشارة لحقيقته في المبحث الأول سواء من قبل المدعى أو المدعى عليه. ولكن تبرز صعوبة إعماله في المجال الإلكترونى حيث يصعب على القاضى التحقق من وجودها لأنها قد تستنتج من خضوع المدعى عليه لهذه المحكمة عن طريق ترافعه أمامها دون إبداء أى دفع بعدم اختصاصها أو إقامة المدعى الدعوى أمام هذه المحكمة التى قد يكون موقعها موجوداً على الشبكة من خلال موقع او عنوان الكترونى لاينتمى لدولة بعينها (القاضى الأفتراضى). وكذلك بالنسبة للخضوع لمحكم معين.
القاعدة أنه يتم إعمال ضابط الخضوع الإرادى لولاية القضاء أو التحكيم عندما يتفق الأطراف على اختيار المحكمة المختصة أو المحكم المختص بنظر النزاع حتى ولو لم تكن مختصة طبقاً للضوابط العامة للاختصاص القضائي ولكن في حالة عدم وجود مثل هذا الاتفاق فأننا نرجع إلى القواعد العامة التى لا تخلو من الصعوبات التى تواجه إعمالها في المجال الإلكترونى والتى سنقوم بعرضها في السياق التالى.
رد مع اقتباس