عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 02-06-2013, 08:29 AM
أبا محمد أبا محمد غير متواجد حالياً
مدير عام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
المشاركات: 479
افتراضي

قضية رقم 152 لسنة 18 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"
مبادئ الحكم: جنائي - جنائي - دستور - دستور - دعوى دستورية - سلطة المشرع - ضرائب - ضرائب - ضرائب - ضرائب - ضرائب - عدالة اجتماعية - قانون - قانون - قانون نص الحكم
------------------
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت 6 يونيو سنة 1998 الموافق 11 صفر سنة 1419 ه.
برئاسة السيد المستشار الدكتور عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: حمدى محمد على وسامى فرج يوسف والدكتورعبدالمجيد فياض وماهر البحيرى وعدلى محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله.
وحضور السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / حمدى أنور صابر أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 152 لسنة 18 قضائية "دستورية"
المقامة من
السيد/ يوسف نصر الدين الحسينى بصفته مدير عام فندق ميركيور رومانس إيجويل
ضد
1 - السيد/ رئيس الجمهورية
2 - السيد/ رئيس مجلس الشعب
3 - السيد/ رئيس مجلس الوزراء
4 - السيد/ وزير المالية
5 - السيد/ رئيس مصلحة الضرائب
6 - السيد مدير عام إدارة ضريبة الملاهى والفنادق
7 - السيد/ مدير قلم ضريبة الملاهي بحي شرق الإسكندرية
الإجراءات
بتاريخ 26 ديسمبر سنة 1996، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طالبا الحكم بعدم دستورية نص المادة 14 من القانون رقم 221 لسنة 1951 بشأن فرض ضريبة على المسارح وغيرها من محال الفرجة والملاهى.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل فى أن السيدة / بهيرة مدحت خورشيد، كانت قد تعاقدت مع فندق ميركيور رومانس بالإسكندرية على استغلال إحدى قاعاته لإقامة حفل عيد ميلاد لستين طفلا • وقد فوجئ مدير عام الفندق- المدعى - بتحرير إدارة ضرائب الملاهى محضرا ضده لعدم قيامه بدفع الضريبة المقدرة قانوناً فى هذا الشأن؛ وقدم إلى محكمة جنح الرمل بالدعوى رقم 5471 لسنة 1995 م • ق الرمل التى قضت بتغريمه مائة جنيه والمصاريف، فطعن على حكمها بالاستئناف رقم 13596 لسنة 1996 مستأنف شرق، ثم دفع أثناء نظره بعدم دستورية نص المادة 14 من القانون رقم 221 لسنة 1951 بشأن فرض ضريبة على المسارح وغيرها من مجال الفرجة والملاهى. وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع، فقد أجلت الدعوى المنظورة أمامها إلي حين رفع الدعوى الدستورية، فأقام المدعى الدعوى الماثلة.
وحيث إن المادة 11 من القانون رقم 221 لسنة 1951 بفرض ضريبة على المسارح وغيرها من محال الفرجة والملاهى تنص على مايأتى :
<< على صاحب المحل أو المستغل، وكذلك على كل من يتفق مع شخص طبيعى أو معنوى على إقامة حفلة أو سلسلة حفلات أن يخطر إدارة ضريبة الملاهى بذلك وفقا للشروط والأوضاع التى تعين بقرار وزارى • وفى حالة عدم الإخطار، وكذلك إذا كانت الحفلة مقامة فى مكان غير مخصص الدرجات، تحسب الضريبة على أساس عدد المقاعد بالكامل وبأعلى فئاتها >> •
وتقضى المادة 14 من هذا القانون :
<< كل من امتنع عن تقديم الإخطار المنصوص عليه فى المادة 11، أو لم يقدمه فى الميعاد المقرر، أو امتنع عن إعطاء البيانات التى يطلبها الموظفون المختصون، أو أعطى بيانات غير صحيحة، أو قاوم أو منع أو حاول منع الموظفين من القيام بعملهم، وكذلك كل من وزع أو باع تذاكر غير مختومة بخاتم الضريبة، أو استعمل طرقا قصد بها أو نشأ عنها التخلص من أداء الضريبة، أو الانتقاص منها، أو التأخر عن أدائها، أو خالف أى حكم من أحكام هذا القانون، عوقب بغرامة لاتجاوز خمسين جنيها، فضلا عن جواز الحكم بإغلاق المحل مدة لاتتجاوز خمسة عشر يوما، وذلك مع عدم الإخلال بأى عقوبة أشد ينص عليها قانون العقوبات أو أى قانون آخر.
وفى جميع الأحوال يلزم المخالف أداء باقى الضريبة مع زيادة تساوى ثلاثة أمثالها تضاعف فى حالة العود >>.
وحيث إن المدعى ينعى على المادة 14 المطعون عليها، مخالفتها للدستور من النواحى الآتية :
1- أن ضريبة الملاهى تقع أصلا على الجمهور، وتتعلق بأجرة الدخول التى يدفعونها، ومن ثم يكون دين الضريبة مترتبا فى ذمتهم ابتداء، بوصفهم ملتزمين أصلا بدفعها حال استحقاقها •ولكن المشرع اختص المسئولين عن توريد الضريبة بالجزاءات التى فرضها النص المطعون فيه•
2- لايجوز أن تقرن الدولة حقها فى اقتضاء دين الضريبة بجزاء على الإخلال بدفعها يكون مجاوزا بمداه أو بتعدده، الحدود المنطقية التى يقتضيها صون مصلحتها الضريبية، وإلا كان هذا الجزاء غلوا منافيا لضوابط الاعتدال ، بما يُخْرِج الضريبة عن بواعثها الأصلية والعرضية، ويفقدها مقوماتها.
3- أن المسئولين عن دين ضريبة الملاهى التى فرضها المشرع على الحفلات التى تقام فى فنادقهم، ولايقومون بالإخطار عنها خلال الميعاد المنصوص عليه فى المادة 11 من قانون هذه الضريبة، يتحملون عددا من الجزاءات التى تنصب جميعها على محل واحد، هى تلك التى عددتها المادة 14 المطعون عليها، وأخصها أنهم يدفعون الضريبة مقدرة بأعلى فئاتها، وعلى أساس عدد المقاعد بالكامل • ويلزمون معها بزيادة تعادل ثلاثة أمثالها، مع جواز الحكم بغلق المحل، ودون إخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها قانون العقوبات، بما ينافى ضوابط العدالة الاجتماعية التى يقوم عليها النظام الضريبى.
وحيث إن هيئة قضايا الدولة دفعت بعدم قبول الدعوى الماثلة لرفعها بعد الميعاد، مستندة فى ذلك إلى أن محكمة الموضوع قررت بجلسة 27/10/1996 تأجيل نظر الدعوى لجلسة 1/12/1996 كطلب المتهم لرفع الدعوى الدستورية أمام هذه المحكمة • بيد أن المدعى أقام دعواه هذه فى 26/12/1996؛ فلا يجوز قبولها.
وحيث إن هذا الدفع مردود بأن من المقرر فى قضاء هذه المحكمة - وعملاً بنص البند (ب) من المادة 29 من قانونها - أن المهلة التى تمنحها محكمة الموضوع لرفع الدعوى الدستورية، لاتجوز زيادتها إلا من خلال مدة جديدة تضيفها إلى المدة الأصلية قبل انقضائها، بما يكفل تداخلها معها، وبشرط ألا تزيد المدتان معاً - قديمتها وجديدتها- على الأشهر الثلاثة التى فرضها المشرع كحد أقصى لرفع الدعوى الدستورية، فلا يجاوزه من يقيمها، ولا محكمة الموضوع التى ترخص برفعها؛ وكان ثابتاً كذلك - وعملاً بالفقرة الثانية من المادة 15 من قانون المرافعات المدنية والتجارية - أن الميعاد - وكلما كان ظرفاً يجب أن يحصل فيه الإجراء - لايعتبر منقضياً إلا بانقضاء اليوم الأخير منه؛ وكان المدعى فى الدعوى الماثلة قد أقامها خلال المهلة الجديدة التى أضافتها محكمة الموضوع إلى المدة الأصلية قبل انقضاء يومها الأخير، فإن الدفع بعدم قبول دعواه هذه، يكون غير سديد.
وحيث إن المدين بالضريبة • إما أن يكون ملتزماً أصلياً بها أو مسئولاً عنها • ذلك أن المشرع يتخذ دوماً من المال المحمل بالضريبة، وعاء لها باعتباره عنصراً موضوعياً فى الواقعة التى أنشأتها • بيد أن وجود علاقة بين هذا المال والمدين بالضريبة، يبلور شخصيتها، ويقيم هذا المدين مكلفاً أصلاً بأدائها.
وشرط اعتبار غيره مسئولاًعنها، أن تنتفى علاقته بالمال المتخذ وعاءً لها، وألا يعتبر ملزماً بها إلا مع المدين أصلاً بأدائها، فهو مدين مع غيره بكل الدين، فإذا وفاه ، رجع به عليه، بعد أن حل فيه محل الدائن حلولاً قانونياً.
وحيث إن المادة 6 من القانون رقم 221 لسنة 1951 بفرض ضريبة على المسارح وغيرها من محال الفرجة، تنص على أن تحصل الضريبة من الجمهور بواسطة شاغلى الدور والمحال الخاضعة للضريبة • وعملاً بالمادة 7 من هذا القانون يجب على أصحاب المحال والمستغلين لها، أن يؤدوا الضريبة إما مقدماً أو فى ذات اليوم أو فى اليوم التالى لإقامة الحفلة على الأكثر، وذلك بالطرق والأوضاع التى يصدر بها قرار وزارى.
وحيث إن ذلك مؤداه أن من يقيمون حفلات فى المحال الخاضعة لقانون هذه الضريبة، ملزمون أصلاً بإيفائها • وقد أقام هذا القانون - وإلى جانبهم - من عينتهم مادته السابعة بوصفهم مسئولين عنها، ضماناً لتحصيلها وخفضاً لتكلفة جبايتها وتوقياً للتحايل عليها.
والمدعى بهذا المعنى يعتبر مسئولاً عن الضريبة، وعلى ضوء صفته هذه، تتحدد دستورية المطاعن التى نسبها إلى المادة 14 من ذلك القانون.
وحيث إن السلطة التى يباشرها المشرع فى موضوع تنظيم الحقوق، لاتقيدها إلا الضوابط التى فرضها الدستور عليها لتحد من إطلاقها وترسم تخومها التى لايجوز أن يتعداها، سواء بإغراق هذه الحقوق من خلال تنظيمها، أو عن طريق تقييدها بما يرهقها ويحول دون اكتمال مجالاتها الحيوية التى تمثل لبها ونواتها.
وحيث إن الضريبة التى فرضها المشرع فى شأن الملاهى وغيرها من المحال التى أخضعها القانون لحكمه، لاتعتبر ضريبة محلية ينحصر سريانها فى رقعة إقليمية بذاتها لاتجاوزها، وإنما هى ضريبة عامة تسع الحدود الإقليمية للدولة جميعها، بما يبسطها - وكلما تحقق مناطها ممثلاً فى الواقعة التى أنشأتها - على كل الأجزاء التى يشتمل عليها إقليمها • وهو مايعنى أن مموليها متماثلون فى الخضوع لها جغرافياً، وإن كان تعادلهم فيما يلتزمون به من مبلغها، منتفياً.
وحيث إن اختيار المشرع لوعاء ضريبة ما ممثلاً فى المال المحمل بعبئها، وإن كان مما يدخل فى سلطته التقديرية كلما كان هذا التقدير موضوعياً؛ وكانت دستورية الضريبة لاترتبط بعظم حصيلتها، ولاتنفيها ضآلتها، ولا يحول دونها أن يكون للضريبة - فضلاً عن مقاصدها الأصلية التى يعكسها اتجاه الدولة إلى الحصول على مبلغها إنماء منها لموارد ترصدها على مصارفها - آثاراً عرضية من شأنها فرض أعباء على صور من النشاط التى يأتيها المكلفون بها -والتى تقع الضريبة عليها - بما يحد منها؛ وكان الملتزمون أصلاً بضريبة الملاهى يتحملون بمبلغها إسهاماً من جانبهم فى تمويل الخزانة العامة مع تنظيم نشاطهم عرضاً باعتباره استهلاكاً ترفيا ممثلاً فى حفلاتهم التى يقيمونها فى المحال التى أخضعها القانون لحكمه، بعد الاتفاق عليها مع أصحابها أو مستغليها، فإن المدينين أصلاً بالضريبة، وكذلك المسئولين عنها، لايتحملون بسببها - منظوراً إليها فى ذاتها - عبئاً مخالفاً للدستور.
وحيث إن حق الدولة فى اقتضاء الضريبة لتنمية مواردها، ولإجراء ما يتصل بها من آثار عرضية، ينبغى أن يقابل بحق الملتزمين أصلاً بها، والمسئولين عنها فى تحصيلها وفق أسس موضوعية، يكون إنصافها نافياً لتحيفها، وحيدتها ضمان لموضوعيتها؛ وكان قانون ضريبة الملاهى، وإن توخى ابتداء حماية المصلحة الضريبية للدولة باعتبار أن غلتها تُعِينها على مواجهة نفقاتها، إلا أن مصلحتها هذه ينبغى موازنتها بالعدالة الاجتماعية بوصفها مفهوماً مقيداً لنصوص هذا القانون،يتغيا - بين مايشتمل عليه - أن يكون جزاء الإخلال بها موازناً أثقالها بموجباتها، لامنتهياً إلى تعميق وطأتها.
وحيث إن العدل - وباعتباره قيمة مثلى - لايعدو أن يكون مفهوما مجردا • بيد أن العدل من منظور اجتماعى، إنما يتحدد على ضوء القيم التى ارتضتها الجماعة خلال زمن معين، وكان تقيدها بها مهيمنا على مظاهر سلوكها تعبيرا من جانبها عن أكثر المصالح توافقا مع بيئتها، فلايكون قبول أفرادها بها، إلا حلا ملائما لتنازع توجهاتهم وتعارضها • ولئن جاز القول بأن تلك القيم لاتعنى شيئا ثابتا باطراد، وأن معانيها وغاياتها تتباين تبعا لمعايير الضمير الاجتماعى ومستوياتها؛ وكان لايجوز بالنظر إلى مخاطر التعارض فى مجال العدالة الاجتماعية بين مفترضاتها النظرية ومتطلباتها العملية، أن يكون تصورها ذاتيا، ولا أن تكون دائرة تطبيقها منغلقة على نفسها، إلا أن القيم التى يحتضنها العدل - محددا من منظور اجتماعى - تظل نتاج الخبرة التى صهرها العقل الجمعى، فلايلتمس المشرع طريقها بعيدا عما يراه الأفراد فى مجموعهم حقا وإنصافا.
وحيث إن فكرة الجزاء - جنائياً كان أم تأديبياً أو مدنياً - تعنى مجاوزة الحدود التى يجوز التسامح فيها • وكلما كان الجزاء مقرراً لضرورة، ومتناسباً مع الأفعال التى أثمها المشرع أو منعها، متصاعدا مع خطورتها In ascending order of severity كان موافقاً للدستور.
وحيث إن مستغلى المحال الخاضعة لقانون ضريبة الملاهى، وكذلك أصحابها، مقيدون وفقاً لنص المادة الحادية عشرة من هذا القانون، بإخطار إدارة ضريبة الملاهى - وخلال المواعيد المقررة قانوناً - بالحفلات التى تقام فى هذه المحال.
وحيث إن المشرع عدد بنص المادة 14 المطعون عليها صور الجزاء التى قررتوقيعها بكاملها على المخالفين لحكمها، فلم يقصرها على الغرامة التى فرضها، ولاعلى أداء باقى الضريبة مع زيادة تعادل ثلاثة أمثالها، و مضاعفتها فى حالة العود • وإنما ضم إلى هذين الجزاءين عقوبة غلق المحل، وكذلك أية عقوبة أشد ينص عليها قانون العقوبات أو أى قانون آخر؛ وكانت صور الجزاء هذه - مع تعددها وتفاوتها فيما بينها فى مداها - قد فرضها جميعاً قانون ضريبة الملاهى فى شأن أفعال يأتيها المخالفون لأحكامه، ولاتتحد فيما بينها سواء فى عناصرها أو قدر خطورتها، أو الآثار التى ترتبها؛ بل يتصل الجزاء بهذه الأفعال جميعها ليسمها بوطأته، سواء كان التورط فيها ناشئاً عن عمد أو إهمال أو عن فعل لايقترن بأيهما؛ متوخياً التدليس على القائمين على تنفيذ قانون الضريبة عن طريق إخفاء بياناتها، أو عرض ماهو غير صحيح منها، بقصد التخلص منها كلها أو بعضها واقتناص مبلغها؛ أو منتهياً إلى مجرد التأخير فى توريدها؛ وسواء كان هذا التأخير عرضياً أو مقصوداً؛ محدوداً بفترة زمنية ضيقة، أو مترامياً؛ مستنداً إلى قوة قاهرة، أو مجرداً مما يعد ظرفاً مفاجئاً أو طارئاً؛ فلا يظهر نص المادة 14 المطعون عليها - ومن خلال تعدد صور الجزاء التى فرضتها، وتعلقها بأفعال تتنافر خصائصها وعواقبها - إلا مجاوزاً بمداه حقائق هذه الأفعال ومكوناتها، نابذاً تحديد جزاء لكل منها بما يناسبها، فلا يزنها بالقسط، بل يقيس أقلها خطراً على أسوئها مقصداً، ويعاملها جميعاً بافتراض وحدة مضونها وآثارها • وليس ذلك إلا غلوا منافياً لضوابط العدالة الاجتماعية التى أرستها المادة 38 من الدستور، لتقيم عليها النظم الضريبية جميعها، ومايُلْحَق بها من الأعباء المالية التى عددتها المادة 119 من الدستور.
وحيث إن النصوص القانونية لاتؤخذ إلا على ضوء مايتحقق فيه معناها، ويكفل ربط مقدماتها بنتائجها؛ وكان الأصل فى صور الجزاء ألا تتزاحم جميعها على محل واحد بما ينبو بها عن موازين الاعتدال؛ وألا يتعلق جزاء منها بغير الأفعال التى تتحد خواصها وصفاتها، وبما يلائمها، فلا يكون من أثره العدوان دون مقتض على حقوق الملكية الثابتة لأصحابها؛ وكان ذلك مؤداه أن الجزاء لايجوز أن يكون خطلاً، ولا فاسداً مغبة • بل ينبغى أن يوازن المشرع قبل تقريره، بين الأفعال التى يجوز أن يتصل بها، وأن يقدر لكل حال لبوسها، فلا يتخذ من النصوص القانونية ماتظهر فيه مكامن مثالبها، بل يبتغيها أسلوباً لتقويم أوضاع خاطئة وتصحيحها.
وحيث إن ضوابط الجزاء هذه، هى التى غض المشرع بصره عنها بنص المادة 14 المطعون عليها، والتى مزج بها - وفى إطار صور الجزاء التى عددتها - بين أفعال غشيها التنافر مضموناً وأثراً، مصطنعاً أو مفترضاً تماثل عناصرها ووحدة نتائجها، فضمها إلى بعضها، مقدراً تساويها فيما بينها، وكأن دواءً واحداً يُْصْلِحها ويرد عنها أسقامها، فأنزل على كل منها - بعد أن جمعها فى صعيد واحد - صور الجزاء عينها.
وحيث إن غلو صور الجزاء التى عددتها المادة 14 المطعون عليها، يبدو واضحاً من إخضاعها المكلفين بها الذين لايقدمون فى الميعاد، الإخطار المنصوص عليه فى المادة الحادية عشر من قانون الضريبة، لصور الجزاء ذاتها التى تطبقها فى شأن من يعمدون إلى التخلص من الضريبة كلها أو بعضها، احتيالاً عليها، وتهرباً منها • بل إن هؤلاء شأنهم شأن من يدفعون الضريبة بأقل من مبلغها، ولا يبادرون خلال مهلة لاتجاوز يوماً واحداً، برد مانقص منها بعد طلبه، على ماتقضى به المادة العاشرة من القانون.
كذلك، فإن من يمنعون القائمين بتنفيذ القانون عن أداء عملهم فى مجال هذه الضريبة، شأنهم شأن من يتراخون فى توريدها -ولو يوماً واحداً - لعوامل قد لايكون لإراداتهم دخل فيها.
ومن يخفون بياناتها تدليساً، شأنهم شأن من يخطئون فيها، فلا يقدمون لإدارة الضريبة على الملاهى صحيحها.
فهؤلاء وهؤلاء قدر النص المطعون أنهم نظراء بعضهم لبعض، فأحاطهم بصور الجزاء ذاتها مع تنوعها • وماكذلك تصاغ النصوص القانونية التى تتحدد دستوريتها على ضوء ارتباطها عقلاً بأهدافها، وبوصفها وسائل ملائمة لتحقيق أغراض مبررة.
ولا كذلك يكفل المشرع لضريبة الملاهى ضوابط عدالتها الاجتماعية، وهى بعد ضريبة أنشأ المشرع من أجل تحصيلها - هى والزيادة المنصوص عليها فى القانون - حق امتياز على أموال الخاضعين لها جميعها.
وحيث إن الضريبة التى يكون أداؤها وفقاً لنص المادة 61 من الدستور، واجباً قانوناً، هى تلك التى تتوافر لها قوالبها الشكلية وأسسها الموضوعية - وعدالتها الاجتماعية جوهرها ومسراها - وكان مبدأ الخضوع للقانون محدداً على ضوء أسس ديمقراطية، مؤداه أن تكون للملكية حرمتها وفقاً للمعايير التى تبنتها الدول الديمقراطية فى تشريعاتها، والتزمتها قاعدة ترد إليها مختلف مظاهر سلوكها؛ وألا يكون جزاء الأفعال منفصلاً عن تدرجها فيما بينها؛ ولا متمحضاً غلوا منافيها لطبيعتها؛ ولا متعدداً متعامداً على أموال المدين فى مجموعها؛ وكان الأصل فى السلطة التقديرية التى يملكها المشرع فى موضوع تنظيم الحقوق، هو إطلاقها مالم يفرض الدستور عليها ضوابط تقيم لها أسواراً لايجوز تخطيها؛ وكانت المادة 14 المطعون عليها تناقض أحكام المواد 34، 38، 61، 65 من الدستور؛ فإن المشرع يكون قد جاوز بحكمها نطاق سلطته التقديرية.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية نص المادة 14 من القانون رقم 221 لسنة 1951 بفرض ضريبة على المسارح وغيرها من محال الفرجة والملاهى، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
رد مع اقتباس