عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 02-06-2013, 08:27 AM
أبا محمد أبا محمد غير متواجد حالياً
مدير عام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
المشاركات: 479
افتراضي أحكام عدم الدستورية

قضية رقم232لسنة26 قضائية المحكمة الدستوريةالعليا"دستورية"
نصالحكم
------------------

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 15 من ابريل سنة 2007 م، الموافق 27 ربيع الأول سنة 1428ه.
برئاسة السيد المستشار/ ماهر عبدالواحد رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين :ماهر البحيرى وإلهام نجيب نوار وماهر سامى يوسف ومحمد خيرى طه وسعيد مرعى عمرو والدكتور عادل عمر شريف .
وحضور السيد المستشار / نجيب جمال الدين علما رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 232 لسنة 26 قضائية "دستورية"
المقامة من
السيد / جيرار د جميس بصفته الممثل القانونى لشركة دون للغطس
ضد
1السيد رئيس الجمهورية .
2 السيد رئيس الوزراء .
3 السيد وزير المالية .
4 السيد رئيس مصلحة الضرائب على المبيعات .

الإجراءات
بتاريخ 15 ديسمبر سنة 2004 أودع المدعى قلم كتاب المحكمة صحيفة الدعوى الماثلة ، طالباً الحكم بعدم دستورية نص المادة (3) من القانون رقم 2 لسنة 1997 بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 ، فيما تضمنه من فرض الضريبة على الخدمات الواردة بالجدول رقم ( ه ) المرافق لهذا القانون ، الواردة به تحت مسلسل رقم (11) " خدمات التشغيل للغير " ، وكذا جميع نصوص القانون رقم 11 لسنة 2002 بتفسير بعض أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات المشار إليه .
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى .
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها .
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق تتحصل فى أن المدعى بصفته مدير شركة دون للتدريب على الغوص وممارسته ، والممثل القانونى لها ، كان قد أقام ضد المدعى عليه الثالث الدعوى رقم 1031 لسنة 2004 مدنى كلى أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية ، بطلب الحكم بإلغاء تسجيل الشركة لدى مصلحة الضرائب على المبيعات ، وأحقيتها فى استرداد مبلغ مقداره ثلاثون ألف جنيه قيمة ضريبة المبيعات التى قامت بسدادها ، على سند من أن المصلحة قامت بعد صدور القانون رقم 11 لسنة 2002 المشار إليه بإلزام الشركة بالتسجيل لديها ، وتقديم الإقرارات الضريبية ، وسداد الضريبة بفئة ( 10% ) من قيمة الخدمة ، عن نشاط الشركة فى التدريب على الغوص وممارسته فى الفترة من عام 2000 حتى عام 2002 ، السابقة على تسجيل الشركة لدى المصلحة ، وأثناء نظر الدعوى دفع المدعى بعدم دستورية نص المادة (3) من القانون رقم 2 لسنة 1997 فيما تضمنه من إضافة " خدمات التشغيل للغير " الواردة بالجدول ( ه ) المرفق بهذا القانون ، إلى الجدول رقم (2) المرافق للقانون رقم 11 لسنة 1991 ، قرين المسلسل رقم (11) ، وكذلك كامل نصوص القانون رقم 11 لسنة 2002 سالف الذكر ، وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع ، وصرحت للمدعى برفع الدعوى الدستورية ، فقد أقام الدعوى الماثلة ، خلال الأجل الذى حددته محكمة الموضوع ، وبجلسة 30/1/2005 قضت محكمة الموضوع برفض الدعوى .

وحيث إن المقرر فى قضاء هذه المحكمة ، أن اتصال الخصومة الدستورية بها وفقاً للأوضاع المنصوص عليها فى قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 ، يعنى دخولها فى حوزتها لتهيمن عليها وحدها ، فلا يجوز بعد انعقادها ، أن تتخذ محكمة الموضوع إجراءً أو تصدر حكماً يحول دون الفصل فى المسائل الدستورية التى قدرت جدية ما أثاره ذوو الشأن بخصوصها ، بما مؤداه أنه فيما عدا الأحوال التى تنتفى فيها المصلحة فى الدعوى الدستورية بقضاء من هذه المحكمة ، أو التى ينزل فيها خصم عن الحق فى دعواه الموضوعية من خلال ترك الخصومة فيها ، أو انتهاء الدعوى الموضوعية صلحاً ، وفقاً للقواعد المنصوص عليها فى قانون المرافعات ، أو التى يتخلى فيها عن دفع بعدم الدستورية سبق لمحكمة الموضوع تقدير جديته ، أو التى يكون عدولها عن تقدير الجدية مبناه إعمالها للآثار المترتبة على قضاء المحكمة الدستورية العليا فى شأن ذات النصوص التى كانت محلاً للدفع بعدم الدستورية ، وفيما عدا الحالات المتقدمة فإن على محكمة الموضوع أن تلتزم قضاءها بتقدير جدية الدفع فلا تنحيه ، وأن تتربص قضاء المحكمة الدستورية العليا فى الدعوى الدعوى الدستورية ، فإذا ما خالفت ذلك وقضت فى الدعوى المطرحة عليها كما هو الشأن فى الدعوى الراهنة فإن قضاءها يقع بالمخالفة لنصوص المواد ( 65 ، 68 ، 175 ) من الدستور ، الأمر الذى ينحدر به إلى مرتبة الانعدام ، بما يقتضى إسباغ الولاية من جديد على محكمة الموضوع لتفصل فى النزاع المطروح عليها فى ضوء قضاء المحكمة الدستورية العليا ، دون التقيد بالحكم الصادر عنها فى النزاع الموضوعى .

وحيث إن المادة (3) من القانون رقم 2 لسنة 1997 المشار إليه تنص على أنه " اعتباراً من 5/3/1992 : أولاً : ................................. ثانياً : تعدل فئة الضريبة الواردة قرين المسلسل رقم (3) من الجدول رقم (2) المرافق للقانون رقم 11 لسنة 1991 المشار إليه ، لتكون 10% ، وتضاف إلى هذا الجدول الخدمات الواردة بالجدول ( ه ) المرفق بهذا القانون " .

وقد ورد بالمسلسل رقم (11) من الجدول آنف الذكر تحت عبارة نوع الخدمة " خدمات التشغيل للغير " ، ووحدة تحصيلها قيمة الخدمة ، وفئة الضريبة المستحقة عليها ( 10% ) .

وتنص المادة (1) من القانون رقم 11 لسنة 2002 آنف الذكر على أن : تفسر عبارة " خدمات التشغيل للغير " الواردة قرين المسلسل رقم (11) من الجدول رقم (2) المرافق لقانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 بأنها الخدمات التى تؤدى للغير باستخدام أصول أو معدات مورد الخدمة المملوكة له أو للغير ويتم تشغيلها بمعرفة مورد الخدمة أو قوة العمل التابعة له أو تحت إشرافه ، وهى جميع أعمال التصنيع بما فى ذلك تشغيل المعادن ، وأعمال تغيير حجم أو شكل أو طبيعة أو مكونات المواد ، وأعمال تأجير واستغلال الآلات والمعدات والأجهزة ، وأعمال مقاولات التشييد والبناء وإنشاء وإدارة شبكات البنية الأساسية وشبكات المعلومات ، وخدمات نقل البضائع والمواد ، وأعمال الشحن والتفريغ والتحميل والتستيف والتعتيق والوزن ، وخدمات التخزين وخدمات الحفظ بالتبريد ، وخدمات الإصلاح والصيانة وضمان ما بعد البيع ، وخدمات التركيب وخدمات إنتاج وإعداد مواد الدعاية والإعلان ، وخدمات استإلال الأماكن المجهزة " .

وتنص المادة (2) من هذا القانون على أنه " مع مراعاة الأثر الكاشف لهذا القانون ، ينشر هذا القانون فى الجريدة الرسمية ، ويعمل به من اليوم التالى لتاريخ نشره ... " وقد نشر هذا القانون فى الجريدة الرسمية العدد رقم (16) مكرر بتاريخ 21/4/2002 .

وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة فى الدعوى الموضوعية ، وذلك بأن يكون الفصل فى المسألة الدستورية لازماً للفصل فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة أمام محكمة الموضوع ، وكان النزاع الموضوعى يدور حول مدى خضوع مركز الغوص التابع للشركة المدعية والمتمثل نشاطه فى التدريب على الغوص وممارسته ( رحلات غوص سفارى سنوركل ) طبقاً للترخيص رقم 204 الصادر بتاريخ 8/7/2003 من وزارة السياحة والمرفق صورته بالأوراق للضريبة العامة على المبيعات ، والتزام الشركة بالتسجيل لدى مصلحة الضرائب على المبيعات عن هذا النشاط ، وأحقيتها فى استرداد قيمة الضريبة المسددة للمصلحة عن مزاولته فى الفترة من عام 2000 حتى عام 2002 ، ومن ثم فإن المصلحة الشخصية المباشرة فى الدعوى الماثلة تكون متحققة فى الطعن على عجز البند ثانياً من المادة (3) من القانون رقم 2 لسنة 1997 المعمول به بأثر فورى مباشر من اليوم التالى لتاريخ نشره ، وذلك فيما تضمنه من إضافة عبارة " خدمات التشغيل للغير " إلى الجدول رقم (2) المرافق للقانون رقم 11 لسنة 1991 ، قرين المسلسل رقم (11) ، وتحديد وعاء الضريبة وسعرها بفئة مقدارها (10%) من قيمة الخدمة ، ونص المادة (1) من القانون رقم 11 لسنة 2002 فيما تضمنه من تحديد المقصود بخدمات التشغيل للغير ، ومن بينها أعمال تأجير واستغلال الآلات والمعدات والأجهزة ، وكذا نص المادة (2) من القانون رقم 11 لسنة 2002 المشار إليه ، وهى النصوص التى طبقت على نشاط مركز الغوص التابع للشركة المدعية ، وأضيرت منها ، وذلك لما للفصل فى دستوريتها من أثر على الفصل فى الدعوى الموضوعية .

وحيث إن المدعى ينعى على النصوص المطعون فيها مخالفتها للمواد (12 ، 38 ، 86 ، 119 ، 120 ) من الدستور ، على سند من أن عبارة " خدمات التشغيل للغير " الواردة بالمسلسل رقم (11) من الجدول رقم (2) المشار إليه جاءت عامة وغير محددة ، بما يتضمن تفويضاً من السلطة التشريعية للسلطة التنفيذية بإضافة خدمات جديدة وإخضاعها للضريبة ، فضلاً عن عدم تحديد سعر عادل للضريبة على نشاط مراكز الغوص كنشاط سياحى ، إذ أخضعه المشرع لفئة ضريبة مقدارها (10%) من قيمة الخدمة ، خلافاً للأنشطة السياحية الأخرى كخدمات الفنادق والمطاعم السياحية وخدمات شركات النقل السياحى التى حدد لها فئة ضريبة مقدارها (5%) من قيمة الفاتورة ، وكذا خروج القانون رقم 11 لسنة 2002 فى تفسيره لعبارة " خدمات التشغيل للغير " وحصره للأنشطة التى تندرج تحتها عن إرادة المشرع وما مقصده منها .

وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن السلطة التشريعية طبقاً لنصوص المواد ( 61 ، 119 ، 120 ) من الدستور هى التى تقبض بيدها على زمام الضريبة العامة ، إذ تتولى بنفسها تنظيم أوضاعها بقانون يصدر عنها ، متضمناً تحديد وعائها وأسس تقديره ، وبيان مبلغها والملتزمين أصلاً بأدائها ، والمسئولين عنها ، وقواعد ربطها وتحصيلها وتوريدها ، وكيفية أدائها ، وضوابط تقادمها ، وغير ذلك مما يتصل ببنيان الضريبة ، عدا الإعفاء منها ، إذ يجوز أن يتقرر فى الأحوال التى يبينها القانون ، وإلى هذه العناصر جميعها يمتد النظام الضريبى فى جمهورية مصر العربية ليحيط بها فى إطار من قواعد القانون العام ، متخذاً من العدالة الاجتماعية على ما تنص عليه المادة (38) من الدستور مضموناً وإطاراً ، بما مؤداه أن حق الدولة فى اقتضاء الضريبة لتنمية مواردها ، ولإجراء ما يتصل بها من آثار عرضية ، ينبغى أن يقابل بحق الملتزمين بها والمسئولين عنها ، فى تحصيلها وفق القوالب الشكلية والأسس الموضوعية التى ينبغى أن تكون قواماً لها من زاوية دستورية ، وبغيرها تنحل الضريبة عدماً .

وحيث إن المقرر أن تحديد دين الضريبة يفترض التوصل إلى تحديد حقيقى للمال الخاضع لها ، باعتبار أن ذلك يعد شرطاً لازماً لسلامة بنيان الضريبة ، ولصون مصلحة كل من الممول والخزانة العامة ، وبالتالى يتعين أن يكون وعاء الضريبة ممثلاً فى المال المحمل بعبئها ، محققاً ومحدداً على أسس واقعية واضحة لا تثير لبساً أو غموضاً ، بما يمكن معها الوقوف على حقيقته على أكمل وجه ، ولا يكون الوعاء محققاً إلا إذا كان ثابتاً بعيداً عن شبهة الاحتمال ، ذلك أن مقدار الضريبة أو مبلغها أو دينها ، إنما يتحدد مرتبطاً بوعائها ، وباعتباره منسوبا ً إليه ومحمولاً عليه ، وفق الشروط التى يقدر المشرع معها واقعية الضريبة وعدالتها بما لا مخالفة فيه لأحكام الدستور ، وبغير ذلك لا يكون لتحديد وعاء الضريبة من معنى ، ذلك أن وعاء الضريبة هو مادتها ، والغاية من تقرير الضريبة هو أن يكون هذا الوعاء مصرفها ، إذ كان ذلك ، وكان المشرع قد حدد النشاط الخاضع للضريبة العامة على المبيعات فى الحالة المعروضة قرين المسلسل رقم (11) من الجدول رقم (2) المرافق للقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 2 لسنة 1997 ، بأنه خدمات التشغيل للغير ، وعين وعاء هذه الضريبة فى قيمة تلك الخدمة ، وحدد سعرها بفئة مقدارها (10%) من تلك القيمة ، وكانت عبارة " خدمات التشغيل للغير " المشار إليها قد وردت عامة ، يشوبها الغموض وعدم التحديد ، ولم تأت واضحة صريحة ، مما أثار ظلالاً من الشك حول تحديد مضمونها ومحتواها ، وخلافاً حول تطبيقها ، وحال بين المكلفين بأدائها والإحاطة بالعناصر التى تقيم البناء القانونى لهذه الضريبة على نحو يقينى جلى ، استحال معه عليهم بوجه عام توقعها عند مزاولتهم للنشاط وأدائهم للخدمة ، وهو ما يناقض الأسس الموضوعية والإجرائية للضريبة ، ويجافى العدالة الاجتماعية التى يقوم عليها النظام الضريبى طبقاً لنص المادة (38) من الدستور ، فوق كونه يعد إعراضاً من جانب السلطة التشريعية عن مباشرة ولايتها الأصلية فى تحديد النشاط الخاضع للضريبة ووعائها ، ونقل مسئوليتها إلى السلطة التنفيذية ، وتفويضها فى ذلك ، الأمر الذى يمس بنيان الضريبة التى فرضها القانون ، ويشرك تلك السلطة فى المجال المحجوز للسلطة التشريعية دون غيرها بصريح نص المادة (119) من الدستور ، ليغدو النص الطعين مصادماً لأحكام الدستور .

وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن سلطة تفسير النصوص التشريع سواء تولتها السلطة التشريعية أم باشرتها الجهة التى عُهد إليها بهذا الاختصاص ، لا يجوز أن تكون موطئاً إلى تعديل هذه النصوص ذاتها بما يخرجها عن معناها أو يجاوز الأغراض المقصودة منها ، ذلك أن المجال الطبيعى لهذا التفسير ، لا يعدو أن يكون وقوفاً عند المقاصد الحقيقية التى توختها السلطة التشريعية من وراء إقرارها للنصوص القانونية ، وهى مقاصد لا يجوز توهمها أو افتراضها كى لا تحمل هذه النصوص على غير المعنى المقصود منها ابتداء ، بل مناطها ما تغياه المشرع حقاً حين صاغها ، وتلك هى الإرادة الحقيقية التى لا يجوز الالتواء بها ، ويفترض فى النصوص القانونية أن تكون كاشفة عنها مبلورة لها ، وهى بعد إرادة لا يجوز انتحالها بما يناقض عبارة النص ذاتها ، أو يعتبر مسخاً أو تشويهاً لها ، أو نكولاً عن حقيقة مراميها أو انتزاعاً لبعض ألفاظها من سياقها ، كذلك لا يجوز أن يتخذ التفسير التشريعى ذريعة لتصويب أخطاء وقع المشرع فيها ، أو لمواجهة نتائج لم يكن قد قدر عواقبها حق قدرها حين أقر النصوص القانونية المتصلة بها ، إذ يؤول ذلك إلى تحريفها ، ويتمخص عن تعديل لها .

وحيث إن القانون رقم 11 لسنة 2002 ، وإن صدر بدعوى تفسير المقصود من عبارة " خدمات التشغيل للغير " الواردة قرين المسلسل رقم (11) من الجدول رقم (2) المرافق للقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 2 لسنة 1997 ، إلا أن نصوصه تقطع بعزوف المشرع عن التعريف العام المجرد وغير المحدد للخدمات والأعمال التى ارتأى إخضاعها للضريبة ، وتعداده لخدمات بعينها أضافها على سبيل الحصر والتعيين إلى الجدول رقم (2) المشار إليه ، رامياً بذلك إلى تصحيح الخطأ الذى وقع فيه عند تحديد النشاط الخاضع للضريبة ووعائها بالمسلسل رقم (11) آنف الذكر ، وتقنين ما صدر عن مصلحة الضرائب على المبيعات من قرارات ومنشورات فى هذا الشأن ، وذلك لتحقيق مصلحة مالية تتمثل فى الحفاظ على موارد الخزانة العامة من حصيلة تلك الضريبة ، ليغدو هذا القانون فى حقيقته تعديلاً لأحكام القانون رقم (11) لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 2 لسنة 1997 ، وليس تفسيراً له ، يؤكد ذلك أن مشروع القانون لم يقدم من الحكومة تفسيراً تشريعياً ، وإنما تم هذا التعديل بواسطة مجلس الشورى كما أشار وزير العدل بمضبطة مجلس الشعب بالجلسة السابعة والخمسين المعقودة فى 13/4/2002 إذ كان ذلك ، وكان القانون رقم 11 لسنة 2002 المشار إليه قد جرى إنفاذه على الوقائع السابقة على تاريخ العمل به ، باعتباره تفسيراً تشريعياً ذا أثر كاشف ، حال كونه فى حقيقته الأثر الرجعى بعينه ، وعلى الرغم من أنه قد توافرت لهذا القانون على ما يبين من مضبطة مجلس الشعب الجلسة الستين المعقودة فى 15/4/2002 الأوضاع الشكلية التى تطلبها الدستور فى المادة (187) منه لإقرار القوانين رجعية الأثر ، وهى موافقة أغلبية أعضاء مجلس الشعب ، غير أن ذلك لا يعصمه على ما جرى به قضاء هذه المحكمة من الرقابة التى تباشرها المحكمة الدستورية العليا ، إذ لا يكفى لتقرير دستورية نص تشريعى أن يكون من الناحية الإجرائية موافقاً للأوضاع الشكلية التى يتطلبها الدستور ، بل يتعين فوق هذا أن يكون فى محتواه الموضوعى غير منطوٍ على إهدار لحق من الحقوق التى كفلها الدستور ، أو متضمناً فرض قيود عليه تؤدى إلى الانتقاص منه ، وأن يكون ملتئماً مع القواعد الموضوعية فى الدستور ، وهو ما يتقيد به المشرع عند تقرير الرجعية خاصة فى مجال الضريبة ، والتى يتعين أن يلجأ إليها إلا إذا أملتها مصلحة عامة جوهرية ، وذلك بالنظر للآثار الخطيرة التى تحدثها الرجعية فى محيط العلاقات القانونية ، وهو ما لم يراعه المشرع بالنسبة للأثر الرجعى الذى تضمنه القانون الطعين ، الذى استهدف كما تقدم تصحيح الأوضاع التشريعية السابقة عليه وما شابها من أخطاء ، متخذاً من جباية الأموال فى ذاتها منهجاً ، بما لا يعد مصلحة جوهرية مشروعة تبرره ، كما لا يعتبر هدفاً يحميه الدستور ، فضلاً عن مصادمته للتوقع المشروع من جانب المكلفين بأداء هذه الضريبة ، والذى ينافيه غموض عبارة " خدمات التشغيل للغير " وعدم تحديدها للبناء القانونى للضريبة على نحو يتحقق به علم المكلفين بها بالأداة التى حددها الدستور بالعناصر التى يقوم عليها على نحو يقينى واضح ، بحيث لا يكون عبؤها ماثلاً فى أذهانهم ، بما يجعل تقرير الأثر الرجعى فى هذه الحالة ، نوعاً من المداهمة والمباغتة تفتقر لمبرراتها ، ليصير تقريره على هذا النحو بعيداً عن الموازين الدستورية لفرض الضريبة ، ومناقضاً لمفهوم العدالة الاجتماعية ، كما يعد عدواناً على الملكية الخاصة من خلال اقتطاع بعض عناصرها دون مسوغ ، الأمر الذى يضحى معه صدر المادة (2) من القانون رقم 11 لسنة 2002 فى نصها على أنه " مع مراعاة الأثر الكاشف لهذا القانون " مخالفاً لأحكام المواد ( 32 ، 34 ، 38 ، 61 ، 119 ) من الدستور .

وحيث إنه متى كان ما تقدم ، وكان القانون رقم 11 لسنة 2002 المشار إليه يسرى بأثر فورى مباشر من تاريخ العمل به فى 22/4/2002 ، وكان المشرع فى تحديده للنشاط الخاضع للضريبة ، وهو فى خصوصية الدعوى الراهنة أعمال تأجير واستغلال الآلات والمعدات والأجهزة التى يدخل ضمنها نشاط مراكز الغوص وهو النشاط الذى تمارسه الشركة المدعية وكذا وعاء الضريبة ، وسعرها المحدد بفئة مقدارها (10%) من قيمة الخدمة ، قد التزم القوالب الشكلية والأسس الموضوعية التى ينبغى أن تكون قواماً لها من زاوية دستورية ، فإن فرضها فى هذا الإطار وحده يكون متفقاً مع أحكام الدستور ، ولا ينال من ذلك ما نعاه المدعى على هذه النصوص مخالفتها للعدالة الاجتماعية ، لعدم تحديدها سعراً عادلاً للضريبة على نشاط مراكز الغوص ، إذ أخضع المشرع هذا النشاط لفئة ضريبة مقدارها (10%) من قيمة الخدمة ، على الرغم من كونه نشاطاً سياحياً مثله فى ذلك مثل خدمات الفنادق والمطاعم السياحية وخدمات شركات النقل السياحى التى حدد لها فئة ضريبة مقدارها (5%) من قيمة الفاتورة ، فإن ذلك مردود بأن المشرع يتوخى بالضريبة التى يفرضها أمرين ، يكون أحدهماً أصلاً مقصوداً منها ابتداء ، ويتمثل فى الحصول على غلتها لتعود إلى الدولة وحدها ، تصبها فى خزانتها العامة لتعينها على مواجهة نفقاتها . ويكون ثانيهما مطلوباً منها بصفة عرضية جانبية أو غير مباشرة كاشفاً عن طبيعتها التنظيمية ، دالاً على التدخل بها لتغيير بعض الأوضاع القائمة ، وبوجه خاص من خلال تشجيع مزاولة بعض الأنشطة أو تقييد مباشرتها أو حمل المكلفين بها عن طريق عبئها على التخلى عن نشاطهم ، وذلك كله فى إطار أحكام الدستور الضابطة لها ، وهو ما لم تخرج عليه النصوص المطعون فيها فى حدود نطاقها المتقدم ، إذ التزمت فى تحديد سعر الضريبة المعايير والضوابط والمقاصد الدستورية الحاكمة لها ، غير منافية فى ذلك للعدالة الاجتماعية ، هذا فضلاً عن أنه قد صدر القانون رقم 89 لسنة 2004 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 11 لسنة 1991 المشار إليه ، وقضى فى المادة (1) منه بتعديل فئة الضريبة العامة على المبيعات المستحقة على خدمات الفنادق والمطاعم السياحية وخدمات شركات النقل السياحى ، لتصير (10%) من قيمة الفاتورة ، ليضحى سعر الضريبة بالنسبة لها مماثلاً فى فئته لما هو مقرر فى خصوص النشاط الذى تمارسه الشركة المدعية ، والمتمثل فى الخدمات التى تقدمها مراكز الغوص ، الأمر الذى يضحى معه ما ينعاه المدعى فى هذا الشأن فى غير محله حقيقاً بالرفض .

وحيث إنه وقد انتهت المحكمة إلى ما تقدم جميعه ، فإن ذلك يقتضيها إسباغ الولاية من جديد على محكمة الموضوع ، لتفصل فى النزاع المطروح عليها على ضوء قضاء المحكمة الدستورية العليا ، دون التقيد بحكمها السابق صدوره فى النزاع الموضوعى .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة :
أولاً : بعدم دستورية عبارة " خدمات التشغيل للغير " الواردة قرين المسلسل رقم (11) من الجدول رقم (2) المرافق لقانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 2 لسنة 1997 .
ثانياً : بعدم دستورية صدر المادة (2) من القانون رقم 11 لسنة 2002 بتفسير بعض أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 والذى ينص على أنه " مع مراعاة الأثر الكاشف لهذا القانون " .
ثالثاً : رفض ما عدا ذلك من الطلبات ، مع إلزام الحكومة المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة .



قضية رقم178لسنة19 قضائية المحكمة الدستوريةالعليا"دستورية"
نصالحكم
------------------

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 15 أبريل سنة 2007م، الموافق 27 ربيع الأول سنة 1428ه.
برئاسة السيد المستشار/ ماهر عبد الواحد رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين :ماهر البحيرى وعدلى محمود منصور وعلى عوض محمد صالح والدكتور حنفى على جبالى وماهر سامى يوسف والدكتور عادل عمر شريف
وحضور السيد المستشار / نجيب جمال الدين علما رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 178 لسنة 19 قضائية "دستورية"
المقامة من
السيد/ حمدى محمد محمد الشرقاوى
ضد
1– السيد وزير المالية بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الضرائب
2- السيد رئيس مجلس الوزراء

الإجراءات
بتاريخ السادس عشر من سبتمر سنة 1997، أودع المدعى صحيفة الدعوى الماثلة قلم كتاب المحكمة ، طالباً الحكم بعدم دستورية نص المادتين 96 و172 من قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981 المعدل بالقانونين رقمى 87 لسنة 1983 و187 لسنة 1993، وكذا نص البند (1) أولاً من المادة الأولى من القانون رقم 147 لسنة 1984 بفرض رسم تنمية الموارد المالية للدولة.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرتان طلبت فيهما الحكم أولاً:- بعدم قبول الدعوى بالنسبة للطعن على المادة (172) من القانون رقم 157 لسنة 1981 تأسيساً على سبق صدور حكم من المحكمة الدستورية العليا برفض الطعن على هذه المادة، وثانياً رفض الدعوى، ثم قدمت مذكرة أخيرة طلبت فيها الحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى برمتها واحتياطياً برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع -على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- تتحصل فى أنه سبق أن ثار خلاف بين المدعى وبين مصلحة الضرائب حول تقدير أرباحه عن نشاطه فى تجارة الحديد عن السنوات من 1980 حتى 1987 تم حسمه بالحكم الصادر من محكمة بنها الابتدائية فى الدعوى رقم 536 لسنة 1993 ضرائب بنها، والمؤيد استئنافياً بالاستئناف رقم 267 لسنة 27 قضائية، قامت على أثره مصلحة الضرائب بتقدير ضرائب أرباح تجارية، وإيراد عام ورسم تنمية الموارد المالية للدولة المستحقة عليه عن السنوات من 1980 حتى 1986، إلا أن المدعى اعترض على هذا التقدير وما أضيف إليه من غرامات تأخير، ومن ثم فقد أقام الدعوى رقم 362 لسنة 1997 مدنى كلى ضرائب بنها ضد وزير المالية طالباً الحكم بإعادة حساب الضرائب المستحقة بعد استنزال جميع المبالغ التى لم تستنزل وقصر المطالبة على المبلغ الذى يسفر عنه الحساب النهائى وإلغاء مقابل التأخير، واحتياطياً ندب مكتب خبراء وزارة العدل لتحقيق أوجه اعتراضاته وإعادة حساب الضرائب المستحقة على التفصيل الوارد بصحيفة دعواه. وأثناء نظر الدعوى دفع بعدم دستورية نص المادتين 96 و172 من القانون رقم 157 لسنة 1981 المعدل بالقانونين رقمى 87 لسنة 1983 و187 لسنة 1993 وكذا نص البند (1) أولاً من القانون رقم 147 لسنة 1984، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية دفعه وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية، فقد أقام الدعوى الماثلة.

وحيث يبين من الوقائع أن الضرائب محل النزاع فى الدعوى الموضوعية مستحقة عن السنوات من سنة 1980 حتى سنة 1986، كما أن مصلحة الضرائب تطالب المدعى بفوائد تأخير عن قيمة الضرائب التى لم يسددها حتى سنة 1997، ومن ثم فإن نطاق الدعوى الماثلة يتحدد فى المادة (96) من القانون رقم 157 لسنة 1981 قبل تعديلها بالقانون رقم 87 لسنة 1983 وبعد تعديلها بالقانون المذكور، وكذا نص المادة (172) من القانون رقم 157 لسنة 1981 قبل تعديلها بالقانون رقم 187 لسنة 1993 وبعد تعديلها بالقانون المذكور، بالاضافة إلى نص البند (1) أولاً من المادة الأولى من القانون رقم 147 لسنة 1984.

ولا ينال من ذلك إلغاء النصوص المذكورة بالمادة الثانية من قانون إصدار قانون الضريبة على الدخل رقم 91 لسنة 2005، وذلك فى ضوء ما هو مقرر من أن إلغاء المشرع لقاعدة قانونية بذاتها لا يحول دون الطعن عليها من قبل ممن طبقت عليه خلال فترة نفاذها، وترتبت بمقتضاها آثار قانونية بالنسبة إليه تتحقق بإبطالها مصلحته الشخصية المباشرة فى الطعن عليها.

وحيث إن المحكمة الدستورية العليا سبق لها أن حسمت المسألة الدستورية المثارة فى الدعوى الماثلة بالنسبة لنص المادة (172) من القانون رقم 157 لسنة 1981 قبل تعديلها بالقانون رقم 187 لسنة 1993، وذلك بحكمها الصادر فى الدعوى رقم 26 لسنة 16 قضائية "دستورية" بجلسة 16/11/1996، والقاضى برفض الدعوى. وقد نشر هذا الحكم فى الجريدة الرسمية، العدد رقم 47 بتاريخ 28/11/1996. وإذ كان مقتضى المادتين (48، 49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 أن يكون لقضاء هذه المحكمة فى الدعاوى الدستورية حجية مطلقة فى مواجهة الكافة، وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة، باعتباره قولاً فصلاً فى المسألة المقضى فيها، وهى حجية تحول دون المجادلة فيه أو إعادة طرحه عليها من جديد لمراجعته، الأمر الذى يتعين معه عدم قبول هذا الشق من الدعوى.

وحيث إنه عن الدفع المقدم من هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى برمتها على سند من أن تقدير الضرائب المستحقة على المدعى عن السنوات من سنة 1980 حتى سنة 1986 صار نهائياً بموجب الحكم الصادر فى الدعوى رقم 536 لسنة 1993 ضرائب كلى بنها والمؤيد استئنافياً فى الدعوى رقم 267 لسنة 27 قضائية، بما تنتفى معه مصلحة المدعى فى الطعن على النصوص المتعلقة بفرض هذه الضرائب، فإن هذا الدفع مردود بأن ما قضى به الحكمان المذكوران يقتصر على تحديد الأرباح التى حققها المذكور خلال السنوات المشار إليها، أما تقدير الضرائب المختلفة المستحقة على هذه الأرباح فمازال محل نزاع متداول أمام محكمة الموضوع والتى ثار أمامها الدفع بعدم دستورية النصوص المقررة لهذه الضرائب على النحو سالف البيان.

وحيث إن المادة (96) من قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981 قبل تعديلها بالقانون رقم 87 لسنة 1983 تنص على أن "يحدد سعر الضريبة سنوياً على الوجه الآتى:-

الشريحة الأولى: حتى 2000 جنيه معفاه.

الشريحة الثانية: أكثر من 2000 جنيه حتى 10000 يكون السعر 8% عن الألف جنيه الأولى ويزاد بواقع 1% عن كل ألف جنيه تالية.

الشريحة الثالثة: أكثر من 10 آلاف جنيه حتى 50 ألف جنيه يكون السعر 8% عن العشرة آلاف جنيه الأولى ويزاد بواقع 2% عن كل خمسة آلاف جنيه تالية.

الشريحة الرابعة: أكثر من 50 ألف جنيه يكون السعر 22% عن العشرة آلاف جنيه الأولى ويزاد بواقع 5% عن كل خمسة آلاف جنيه تالية.

الشريحة الخامسة: أكثر من 75 ألف جنيه يكون السعر 50%

وتنص المادة المذكورة بعد تعديلها بالقانون رقم 87 لسنة 1983 بشأن تعديل قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981 على أن: "يحدد سعر الضريبة سنوياً على الوجه الآتى:

الشريحة الأولى: حتى 2000 جنيه معفاه.
الشريحة الثانية: أكثر من 2000 – 3000 جنيه 8%.
الشريحة الثالثة: أكثر من 3000 – 4000 جنيه 9%.
الشريحة الرابعة: أكثر من 4000 – 5000 جنيه 10%.
الشريحة الخامسة: أكثر من 5000 – 6000 جنيه 11%.
الشريحة السادسة: أكثر من 6000 – 7000 جنيه 12%.
الشريحة السابعة: أكثر من 7000 – 8000 جنيه 13%.
الشريحة الثامنة: أكثر من 8000 – 9000 جنيه 14%.
الشريحة التاسعة: أكثر من 9000 – 10000 جنيه 15%.
الشريحة العاشرة: أكثر من 10000 – 20000 جنيه 18%.
الشريحة الحادية عشر: أكثر من 20000 – 25000 جنيه 22%.
الشريحة الثانية عشر: أكثر من 25000 – 30000 جنيه 24%.
الشريحة الثالثة عشر: أكثر من 30000 – 35000 جنيه 26%
الشريحة الرابعة عشر: أكثر من 35000 – 40000 جنيه 28%.
الشريحة الخامسة عشر: أكثر من 40000 – 45000 جنيه 30%.
الشريحة السادسة عشر: أكثر من 45000– 50000 جنيه 32%.
الشريحة السابعة عشر: أكثر من 50000 – 60000 جنيه 35%.
الشريحة الثامنة عشر: أكثر من 60000 – 65000 جنيه 40%.
الشريحة التاسعة عشر: أكثر من 65000 – 70000 جنيه 45%.
الشريحة العشرون: أكثر من 70000 جنيه – 75000 جنيه 50%.
الشريحة الواحد والعشرون: أكثر من 75000 جنيه – 100000 جنيه 55%
الشريحة الثانية والعشرون: أكثر من 100000 جنيه – 200000 جنيه 60%
الشريحة الثالثة والعشرون: أكثر من 200000 جنيه 65%".

وتنص المادة (172) من القانون رقم 157 لسنة 1981 بعد تعديلها بالقانون رقم 187 لسنة 1993 على أن "يستحق مقابل تأخير على:

1- ما يجاوز مائتى جنيه ما لم يورد من الضرائب الواجبة الأداء من واقع الإقرار أو الربط حتى لو صدر قرار بتقسيطها.

ويسرى مقابل التأخير إعتباراً من الشهر التالى لإنتهاء مدة شهر على تاريخ إخطار الممول بالتنبيه بصدور الورد أو من نهاية الميعاد المحدد لأداء الضريبة من واقع الإقرار.

2- ما لم يورد من المبالغ أو الضرائب التى ينص القانون على حجزها من المنبع............

وفى جميع الأحوال المبينة فى هذه المادة يحسب مقابل التأحير بواقع 1% عن كل شهر تأخير حتى تاريخ السداد مع جبر كسور الشهر والجنيه إلى شهر أو جنيه كامل".

وتنص المادة الأولى من القانون رقم 147 لسنة 1984 بفرض رسم تنمية الموارد المالية للدولة على أن " يفرض رسم يسمى" رسم تنمية الموارد المالية للدولة " على ما يأتى:

1 – الإيرادات التى تزيد على 18000 جنيه سنوياً:

أولاً : 2 % على ما يزيد على 18000 جنيه من صافى الأرباح الخاضعة لضريبة الأرباح التجارية والصناعية.

2 % على ما يزيد على ....."

وينعى المدعى على النصوص الطعينة فيما تضمنته من فرض ضريبة على الإيراد العام فضلاً عن الضريبة المقررة أصلاً على الأرباح التجارية وحساب مقابل تأخير عما لم يسدد منها، ثم إضافة ضريبة أخرى تحت مسمى "رسم تنمية الموارد المالية للدولة" بما يجاوز مجموعها – على حد قوله – صافى أرباحه المحققة عن نشاطه التجارى بالمخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية وقواعد العدالة ويشكل إعتداءً صارخاً على ملكيته الخاصة، وهو ما يتعارض مع المادتين (2 و 34 ) من الدستور.

وحيث إن هذا النعى مردود فيما يتعلق بنص المادة (172) من القانون رقم 157 لسنة 1981 معدلاً بالقانون رقم 187 لسنة 1993، ذلك أن النص المذكور لايناقض حكماً شرعياً قطعى الثبوت والدلالة، وإنما يقع فى إطار الأحكام الظنية غير المقطوع بثبوتها أو بدلالتها أو بهما معاً وهى التى يجوز الإجتهاد فيها لأنها بطبيعتها متطورة تتغير بتغير الزمان والمكان لضمان مرونتها وحيويتها ولمواجهة النوازل على اختلافها تنظيماً لشئون العباد بما يكفل مصالحهم المعتبرة شرعاً ولا يعطل بالتالى حركتهم فى الحياة. كما أن مقابل التأخير الوارد بالنص المذكور لا يعتبر من قبيل ربا الديون المحرم شرعاً فى صورته المتفق عليها، والتى تفترض اتفاق طرفيه على زيادة فى الأجل يمنحها الدائن للمدين لتقابلها وتعوضه عنها زيادة فى أصل الدين يقبلها المدين، وإنما يعتبر المقابل المذكور جزاءً يتمثل فى تعويض مقدر وفق الأسس التى بينها، بقصد حمل الملتزمين بدين الضريبة على الوفاء بها فى الآجال المحددة قانوناً ضماناً لحصول الدولة على الموارد اللازمة لمواجهة نفقاتها، فلا يعنيها غير استئدائها فى المواعيد المقررة لها، وكان ايقاع هذا الجزاء غير مرتبط بمهلة جديدة تمنحها الدولة لمدينها بالضريبة، لتحصل مقابل هذا الأجل على زيادة فى مبلغها، بل متوخياً ردع المدين إذا ماطل فى أدائها، فلا يكون متباطئاً أو متخاذلاً، بل مبادراً إلى إيفائها تلافياً للجزاء المقرر للتراخى فى دفعها، فإن النص المطعون فيه لا يكون منطوياً على ربا بالمعنى المتقدم، يؤيد ذلك أن الجزاء المقرر بهذا النص ليس وليد الإرادة بل يرتد فى مصدره المباشر إلى نص القانون، باعتباره محدداً – فى نطاق علائق القانون العام، وعلى ضوء قواعد آمرة لايجوز الاتفاق على خلافها- لخصائص الضريبة ومقوماتها وقواعد تحصيلها.

وحيث إنه فيما يتعلق بنص البند (1) أولاً من المادة الأولى من القانون رقم 147 لسنة 1984 سالف الإشارة إليه بفرض رسم مقداره 2% على ما يزيد على 18000 ج من صافى الأرباح الخاضعة لضريبة الأرباح التجارية والصناعية، فإن هذا الرسم، وإن كان فى حقيقته ضريبة جديدة تضاف إلى الضرائب المفروضة على صافى الأرباح التجارية والصناعية، إلا أنه ورد بنسبة معقولة لا تصادر فرص رأس المال فى النمو ولا ترهق بأعبائها المكلفين بها فتصدهم عن مباشرة نشاطهم المشروع، أو تبهظ هذا النشاط بقيود لا مبرر لها، كما أنها جاءت موائمة للهدف من تقريرها – حسبما أفصحت الأعمال التحضيرية للنص المطعون عليه – والمتمثل فى تحقيق العدالة الاجتماعية والتضامن الاجتماعى وتدعيم المقومات الاقتصادية بإنماء الموارد المالية للدولة حتى تتمكن من تنفيذ خطة التنمية الشاملة دون زيادة أعباء القاعدة العريضة عن الشعب وذوى الدخول المحدودة أو الانتقاص من الاعتمادات المالية المخصصة لهذه الفئات، ومن ثم فإن النص المذكور لايخالف حكماً شرعياً ولا يشكل اعتداءً على حق الملكية.

وحيث إن إقرار السلطة التشريعية لقانون الضريبة العامة، لا يحول دون مباشرة هذه المحكمة لرقابتها فى شأن توافر الشروط الموضوعية لعناصر بنيانها، وذلك بالنظر إلى خطورة الآثار التى تحدثها هذه الضريبة، وعلى الأخص من زاوية اتصالها بمظاهر الانكماش أو الانتعاش، وتأثيرها على فرص الاستثمار والإدخار والعمل وحدود الانفاق، فلا تنحسر رقابتها بالتالى فى شأن الضريبة التى فرضها المشرع عن الواقعة القانونية التى أنشأتها، وقوامها صلة منطقية بين شخص محدد يعتبر ملتزماً بها، والمال المتخذ وعاء لها متحملاً بعبئها. وهذه الصلة هى التى لاتنهض الضريبة بتخلفها سوية على قدميها، وتتحراها هذه المحكمة لضمان أن يظل إطارها مرتبطاً بما ينبغى أن يقيمها على حقائق العدل الاجتماعى محِّدد مضمونها وغاياتها على ضوء القيم التى احتضنها الدستور، ويندرج تحتها أن تكون صور الدخل على اختلافها- أيا كان مصدرها- وباعتباره إيراداً مضافاً إلى رؤوس الأموال التى أنتجتها، وعاءً أساسياً للضريبة، كافلاً عدالتها وموضوعيتها، ومرتبطاً بالمقدرة التكليفية لمموليها، فلا ينال اتخاذ الدخل قاعدة لها، من رؤوس الأموال فى ذاتها بما يؤول إلى تآكلها أو يحول دون تراكمها، بل تظل قدراتها فى مجال التنمية، باقية مصادرها، متجددة روافدها.

كذلك فإن المشرع وإن توخى أصلاً بالضريبة التى يفرضها، أن يدبر من خلالها موارد مالية لأشخاص القانون العام يقتضيها لنفقاتها، إلا أن تحديده لهذه الموارد لا يجوز أن يكون توجهاً نهماً مؤثراً فى بنيان الضريبة، عاصفاً بحقوق الملكية التى تتصل بها بما ينال من أصلها، أو يفقدها مقوماتها، أو يفصل عنها بعض أجزائها، أو يقيد من نطاق الحقوق التى تتفرع عنها فى غير ضرورة تقتضيها وظيفتها الاجتماعية. وهو ما يعنى أن أغراض الجباية وحدها لا تعتبر هدفاً يحدد للضريبة مسارها، ولايجوز أن تهيمن على تشكيل ملامحها، فذلك مما لا يحميه الدستور، وعلى الأخص كلما كان عبؤها فادحاً يحيل أمرها عسراً.

وحيث إن الضريبة العامة على الدخل المفروضة بنص المادة (96) من القانون رقم 157 لسنة 1981 محل الطعن الماثل يبين أنها فرضت – سواء قبل تعديلها بالقانون رقم 87 لسنة 1983 أو بعد تعديلها بالقانون المذكور– بنسب عالية رغم أن وعاءها المتمثل فى الأرباح الناتجة عن نشاط تجارى أو صناعى أوغيره من مصادر الدخل الأخرى سبق أن فرضت عليه ضرائب مباشرة فى ذات القانون، الأمر الذى يشكل عبئاً ثقيلاً على الممول يتعارض من زاوية مع الحماية الدستورية المقررة لحق الملكية، ويؤدى من زاوية أخرى إلى احجامه عن التوسع فى نشاطه طالما لن يجنى من الأرباح الاضافية التى يحققها إلا الفتات بما يؤثر بالسلب على فرص الاستثمار والادخار والعمل، ومن ثم يكون النص الطعين مخالفاً لأحكام المواد (13 و 23 و 34) من الدستور.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية نص المادة (96) من قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981 قبل تعديلها بالقانون رقم 87 لسنة 1983 وبعد تعديلها بالقانون المذكور، ورفض ماعدا ذلك من طلبات، وألزمت المدعى والحكومة المصروفات مناصفة ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.



قضية رقم9لسنة28 قضائية المحكمة الدستوريةالعليا"دستورية"
نصالحكم
------------------

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 4 من نوفمبر سنة 2007 م ، الموافق 23 من شوال سنة 1428 ه .
برئاسة السيد المستشار /ماهر البحيرى نائب رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين : محمد على سيف الدين وعدلى محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وعلى عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصى وإلهام نجيب نوار
وحضور السيد المستشار / رجب عبد الحكيم سليم رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 9 لسنة 28 قضائية " دستورية " .
المقامة من
السيد / عمرو أمين حسن تاج الدين أبو الدهب
ضد
1 السيد رئيس مجلس الوزارء
2 السيد وزير المالية
الإجراءات
بتاريخ الثامن عشر من يناير سنة 2006 ، أقام المدعى هذه الدعوى بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة ، طالباً الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (43) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 91 لسنة 1996 .
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرتين طلبت فى ختامهما الحكم برفض الدعوى .
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها .
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة .
حيث إن الوقائع حسبما يتبين من صحيفة الدعوى ، وسائر الأوراق تتحصل فى أن النيابة العامة كانت قد قدمت المدعى إلى المحاكمة الجنائية أمام محكمة جنح فى القضية رقم 52 لسنة 2005 جنح – تهرب ضريبى – لأنه فى غضون الفترة من شهر يناير سنة 1994 حتى شهر ديسمبر سنة 2000 بدائرة قسم الدقى محافظة الجيزة بصفته مسجلاً وخاضعاً لأحكام الضريبة العامة على المبيعات تهرب من أداء الضريبة المستحقة ، عن نشاطه فى بيع وتجارة مستلزمات الحاسب الآلى خلال الفترة المشار إليها وذلك بأن باع السلعة دون الإقرار عنها أو سداد الضريبة المستحقة عليها ، وطلبت عقابه بالمواد 2/1 ، 3/1 ، 5 ، 43/1 و2 ، 44/2 من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 ، المعدل بالقانون رقم 91 لسنة 1996 ، وأثناء نظر الدعوى بجلسة 8/11/2005 ، دفع المدعى بعدم دستورية المادة (43) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 ، المعدل بالقانون رقم 91 لسنة 1996 ، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع ، وصرحت له برفع الدعوى الدستورية فقد أقام الدعوى الماثلة .
وحيث إن الفقرة الأولى من المادة (43) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 91 لسنة 1996 تنص على أنه " مع عدم الإخلال بأى عقوبة أشد يقضى بها قانون آخر ، يعاقب على التهرب من الضريبة بالحبس مدة لا تقل عن شهر وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تجاوز خمسة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين ، ويحكم على الفاعلين متضامنين بالضريبة والضريبة الإضافية وتعويض لا يجاوز مثل الضريبة " .
وحيث إن نطاق الدعوى وفقاً لطلبات المدعى وما دفع به أمام محكمة الموضوع وصرحت به يكون مقصوراً على العقوبات الواردة بالنص المطعون عليه ومداها دون أن يتعداه إلى غيره من أحكام خاصة بتجريم الفعل المعاقب عليه إذ بهذا النطاق وحده تتحقق المصلحة الشخصية المباشرة للمدعى فى الدعوى الراهنة .
وحيث إن الطاعن ينعى على النص المطعون عليه مخالفته لنص المادة (38) من الدستور لأسباب حاصلها أن العقوبات المتعددة التى وردت به قد جاءت مفرطة ومبالغاً فيها ، ومناهضة لروح العدالة التى يقوم عليها النظام الضريبى ، كما يؤدى إلى الانتقاص من العناصر الإيجابية للذمة المالية للممول مما قد يترتب عليه مصادرة وعاء الضريبة بالكامل بالمخالفة لنص المادة (34) من الدستور .
وحيث إن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن السلطة التشريعية هى التى تقبض بيدها على زمام الضريبة العامة ، إذ تتولى بنفسها تنظيم أوضاعها بقانون يصدر عنها متضمناً تحديد وعائها وأسس تقديره ، وبيان مبلغها ، والملتزمين بأدائها ، وقواعد ربطها وتحصيلها وتوريدها ، وكيفية أدائها ، وضوابط تقادمها ، وما يجوز أن يتناولها من الطعون اعتراضاً عليها ، ونظم خصم بعض المبالغ أو إضافتها لحسابها ، وغير ذلك مما يتصل ببنيان هذه الضريبة عدا الإعفاء منها إذ يجوز أن يتقرر فى الأحوال التى يبينها القانون . وإلى هذه العناصر جميعها يمتد النظام الضريبى فى جمهورية مصر العربية ، ليحيط بها فى إطار من قواعد القانون العام ، متخذاً من العدالة الاجتماعية وعلى ما تنص عليه المادة (38) من الدستور مضموناً وإطاراً ، وهو ما يعنى بالضرورة أن حق الدولة فى اقتضاء الضريبة لتنمية مواردها ، ولإجراء ما يتصل بها من آثار عرضية ، ينبغى أن يقابل بحق الملتزمين بها وفق أسس موضوعية ، يكون إنصافها نافياً لتحقيقها ، وحيدتها ضماناً لاعتدالها ، بما مؤداه أن قانون الضريبة العامة ، وإن توخى حماية المصلحة الضريبية للدولة باعتبار أن الحصول على إيرادها هدف مقصود منه ابتداء ، إلا أن مصلحتها هذه ينبغى موازنتها بالعدالة الاجتماعية بوصفها مفهوماً وإطاراً مقيداً لنصوص هذا القانون فلا يكون دين الضريبة بالنسبة إلى من يلزمون بها متمخضاً عقاباً بما يخرجها عن بواعثها الأصلية والعرضية ، ويفقدها مقوماتها . ولا يجوز أن تعمد الدولة كذلك استيفاء لمصلحتها فى اقتضاء دين الضريبة إلى تقرير جزاء على الإخلال بها ، يكون مجاوزاً بمداه أو تعدده الحدود المنطقية التى يقتضيها صون مصلحتها الضريبية وإلا كان هذا الجزاء غلواً وإفراطاً ، منافياً بصورة ظاهرة لضوابط الاعتدال ، واقعاً عملاً وبالضرورة وراء نطاق العدالة الاجتماعية ، ليختل مضمونها بما ينافى القيود التى فرضها الدستور فى مجال النظام الضريبى .
وحيث إن الدستور قرن العدل بكثير من النصوص التى تضمنها ، ليكون قيداً على السلطة التشريعية فى المسائل التى تناولتها هذه النصوص ، وإنه وإن خلا من تحديد لمعنى العدالة فى تلك النصوص إلا أن المقصود بها ينبغى أن يتمثل فيما يكون حقاً وواجباً سواء فى علائق الأفراد فيما بينهم ، أم فى نطاق صلاتهم بمجتمعهم ، بحيث يتم دوماً تحديدها من منظور اجتماعى ، ذلك أن العدالة تتوخى بمضمونها التعبير عن القيم الاجتماعية السائدة فى مجتمع معين خلال فترة زمنية محددة .
وحيث إنه من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن النصوص القانونية لا تؤخذ إلا على ضوء ما يتحقق فيه معناها ويكفل ربط مقوماتها بنتائجها ، وكان الأصل فى صور الجزاء ألا تتزاحم جميعها على محل واحد بما يخرجها عن موازين الاعتدال ، وألا يتعلق جزاء منها بغير الأفعال التى تتحد خواصها وصفاتها ، بما يلائمها ، فلا يكون من أثره العدوان دون مقتض على حقوق الملكية الثابتة لأصحابها مما يتعين معه أن يوازن المشرع قبل تقريره للجزاء بين الأفعال التى يجوز أن يتصل بها ، وأن يقدر لكل حال لبوسها ، فلا يتخذ من النصوص القانونية ما تظهر فيه مكامن مثالبها ، بل يبتغيها أسلوباً لتقويم أوضاع خاطئة.
وحيث إنه بالبناء على ما تقدم وإذ كانت الجزاءات الواردة فى النص المطعون عليه تنقسم إلى قسمين رئيسيين فى ضوء الأغراض التى توخاها المشرع من تقريرها أولهما : 1 عقوبات جنائية بحتة هى الحبس والغرامة وقد استهدف المشرع من تقريرها تحقيق الردع العام والخاص ، والأخير يتحقق بحرمان الجانى من حريته أو من جزء من ملكه ، وهو الإيلام المقصود من العقوبة بوجه عام ، فهما عقوبتان جاءت كل عقوبة منها ذات حدين أدنى وأقصى يعمل القاضى سلطته فى إيقاع القدر المناسب منها فى كل حالة على
حدة ، ومن ثم تكون هاتان العقوبتان قد جاءتا متناسبتين مع الفعل المنهى عنه، وفقاً لما رآه المشرع محققاً للفائدة الاجتماعية المبتغاة ، وفى إطار سلطته التقديرية فى مجال تنظيم الحقوق ، كما جاءت العقوبتان بالقدر اللازم لحمل المدين بدين الضريبة على الإقرار عن مبيعاته والوفاء بالضريبة المستحقة فى مواعيدها ، من غير غلو أو إسراف ، ومن ثم فإن هاتين العقوبتين لا مخالفة فيهما لحكم المادة (38) من الدستور .
وثانى تلك الجزاءات التى أوردها النص المطعون عليه هى العقوبات التى تجمع بين فكرتى الجزاء والتعويض ، وهى التى أوجب النص المطعون عليه الحكم بها وتتمثل فى إلزام المحكوم عليه بأداء الضريبة والضريبة الإضافية وتعويض لا يجاوز مثل الضريبة .
وحيث إن الشق الأول من العقوبة والمتعلق بأداء الضريبة أمر لا مطعن عليه إذ إن هذه الضريبة هى محور النزاع وأساسه وهى أصل جريمة التهرب وبنيانها ، لذا كان الإلزام بأدائها واجباً فى كل الأحوال باعتباره من قبيل الرد العينى ، ذلك أن الأصل فى الالتزام أن ينفذ عيناً ، فإذا صار ذلك مستحيلاً بخطأ المدين آل الأمر إلى التنفيذ بطريق التعويض ، ولما كان أداء الضريبة المتهرب منها هو أمر ممكن عملاً ودائماً فإن النص على وجوب الحكم بها لا يشكل مخالفة لأحكام الدستور .
أما الضريبة الإضافية فقد استهدف بها المشرع أمرين " أولهما " تعويض الخزانة العامة عن التأخير فى تحصيل الضريبة عن الآجال المحددة لها قانوناً ، و" ثانيهما " ردع المكلفين بتحصيل الضريبة عن التقاعس فى توريدها للمصلحة، وحثهم على المبادرة إلى إيفائها ، ومن ثم فإن هذا الجزاء يكون قد برئ من شبهة العسف والغلو ، وجاء متناسباً مع جسامة الفعل المنهى عنه وبعد منح الممول مهلة سداد كافية وأن مناط استحقاق ضريبة المبيعات هو بيع السلعة أو أداء الخدمة بما مؤداه أن تلك الضريبة تندمج فى ثمن السلعة وتعد جزءاً منه، ولا يتصور بالتالى بيع هذه أو أداء تلك دون تحصيل الضريبة من مشترى السلعة أو متلقى الخدمة ، وإلا كان المكلف متراخياً فى أدائها بمحض إرادته واختياره وسواء أكانت الأولى أم الثانية فإنه يلتزم بتوريد الضريبة فى الميعاد ، وإلا كان عدلاً ومنطقياً تحمله بالجزاء المقرر على عدم توريدها فى الميعاد المحدد قانوناً وبما لا مخالفة فيه لحكم المادتين (13 ، 38) من الدستور .
وإذ كانت هذه المحكمة قد سبق لها القضاء برفض الدعوى طعناً على الضريبة الإضافية حال التراخى فى توريد الضريبة الأصلية فى المواعيد المقررة فى المادة (16) من قانون الضريبة العامة على المبيعات وهى أعمال لا ترقى إلى جريمة التهرب من الضريبة فإن الوصول إلى النتيجة ذاتها فى حال التهرب منها النص المطعون عليه يكون أوجب .
وحيث إن المشرع أوجب بالنص المطعون فيه الحكم على الممول المتهرب بتعويض لا يجاوز مثل الضريبة إذ ورد النص بعبارة " ويحكم على الفاعلين متضامنين " ولا يملك القاضى إزاء هذا الوجوب إلا أن يقضى بهذا التعويض فى جميع الحالات بالإضافة إلى الجزاءات الجنائية المحددة بالنص المطعون عليه والتى تتمثل فى الحبس أو الغرامة أو هما معاً لتتعامد هذه الجزاءات جميعها على فعل واحد هو مخالفة أى بند من البنود الواردة بنص المادة (44) من قانون الضريبة العامة على المبيعات رقم 11 لسنة 1991 ، والتى ورد من بينها نص البند (2) والمنسوب للمدعى مخالفته والذى يتمثل فى بيع السلعة أو تقديم الخدمة دون الإقرار عنها وسداد الضريبة المستحقة عنها ، وكان مبدأ خضوع الدولة للقانون مؤداه ألا تُخل تشريعاتها بالحقوق التى يعتبر التسليم بها فى الدول الديمقراطية مفترضاً أولياً لقيام الدولة القانونية ، وضمانة أساسية لصون حقوق الإنسان وكرامته ، ويندرج تحتها طائفة الحقوق الوثيقة الصلة بالحرية الشخصية ومن بينها ألا تكون العقوبة متضمنة معاقبة الشخص أكثر من مرة عن فعل واحد ، وألا يكون الجزاء مدنياً كان أو جنائياً مفرطاً بل يتعين أن يكون متناسباً مع الفعل المؤثم ومتدرجاً بقدر خطورته .
متى كان ذلك ، وكان التعويض المقرر بالنص المطعون فيه على سبيل الوجوب ، إضافة إلى تعامده مع الجزاءات الجنائية التى تضمنها النص ذاته على فعل واحد وهو التهرب من أداء الضريبة العامة على المبيعات سواء كان هذا التهرب ناتجاً عن سلوك إيجابى أم سلبى ، ناشئاً عن عمد أم إهمال ، متصلاً بغش أم تحايل ، أم مجرداً منهما ، فإنه يعد منافياً لضوابط العدالة الاجتماعية التى يقوم عليها النظام الضريبى فى الدولة ومنتقصاً بالتالى دون مقتض من العناصر الإيجابية للذمة المالية للممول الخاضع لأحكام القانون المشار إليه مما يعد مخالفة لحكم المادتين (34 و38) من الدستور .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة (43) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 91 لسنة 1996 فيما تضمنه من وجوب الحكم على الفاعلين متضامنين بتعويض لا يجاوز مثل الضريبة وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة .



قضية رقم116لسنة27 قضائية المحكمة الدستوريةالعليا"دستورية"
نصالحكم
------------------
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد الرابع من مايو سنة 2008م، الموافق الثامن والعشرين من ربيع الآخر سنة 1429ه.
برئاسة السيد المستشار / ماهر عبد الواحد رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: ماهر البحيرى ومحمد عبد القادر عبد الله وأنور رشاد العاصى والسيد عبد المنعم حشيش وسعيد مرعى عمرو وتهانى محمد الجبالى
وحضور السيد المستشار الدكتور / حمدان حسن فهمى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 116 لسنة 27 قضائية "دستورية".
المقامة من
السيد/ سامى محمد عبدالوهاب ندا

ضد
1 – السيد رئيس الجمهورية
2 – السيد رئيس مجلس الوزراء
3 – السيد وزير العدل
4 – السيد / أسامه محمد حسنى حماد
5 – السيدة/ نوال محمد إبراهيم شتا
الإجراءات
بتاريخ الثامن عشر من مايو سنة 2005، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا طالباً الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة (19) من القانون رقم 136 لسنة 1981 فى شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.

ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

حيث إن الوقائع -على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- تتحصل فى أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم 747 لسنة 2004 مدنى أمام محكمة طنطا الابتدائية ضد المدعى عليهما الرابع والخامس، بطلب الحكم بطرد المدعى عليه الرابع من الشقة المؤجرة له وتسليمها له خالية، وقال بياناً لذلك، أنه اشترى العقار المبين بالأوراق من المدعى عليها الخامسة، وكان المدعى عليه الرابع يستأجر إحدى وحداته لاستعمالها سكناً خاصاً، وإذ تبين له ان المستأجر قام بتغيير جزئى للاستعمال إلى غير أغراض السكنى دون موافقة المالك، فقد أقام الدعوى للحكم بطلباته السالفة.

وأثناء نظر الدعوى، دفع المدعى بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة (19) من القانون رقم 136 لسنة 1981 المشار إليه – وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية دفعه وصرحت له بإقامة دعواه الدستورية فقد أقام الدعوى الماثلة.
وحيث إن المادة (19) من القانون رقم 136 لسنة 1981 فى شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر تنص على أنه "وفى الأحوال التى يتم فيها تغيير استعمال العين إلى غير أغراض السكنى تزاد الأجرة القانونية بنسبة 1-................ 2-................... 3-................ 4-................

ونصت الفقرة الثانية فيها محل الطعن الماثل على أنه:-
"وفى حالة التغير الجزئى للاستعمال يستحق المالك نصف النسب المشار إليها. ويشترط ألا يترتب على تغيير الاستعمال كلياً أو جزئياً إلحاق ضرر بالمبنى أو بشاغليه وتلغى المادة 23 من القانون رقم 49 لسنة 1977 وذلك اعتباراً من تاريخ العمل بهذا القانون".

ومؤدى هذا النص أن تغيير استعمال العين المؤجرة سكناً إلى غير غرض السكنى غدا رخصة للمستأجر يجوز له أن يستعملها –دون توقف على إرادة مالكها-وذلك بعد إلغائه صراحة المادة (23) المشار إليها التى كانت تشترط موافقة المالك على هذا التغيير، وهو ما أكدته أعماله التحضيرية على ما يبين من مضبطة الجلسة رقم (69) لمجلس الشعب المعقودة بتاريخ 22 يونيه سنة 1981 والتقارير الملحقة به.

وحيث إن المدعى ينعى على النص المطعون فيه إنه إذ منح المستأجر حرية تغيير استعمال جزء من العين المؤجرة سكناً إلى غرض آخر دون موافقة المالك، فقد تمخض عدواناً على الملكية التى يحميها الدستور، منشئاً بذلك حقوقاً مبتدأة للمستأجر لا يتوازن بها مركزه القانونى مع المؤجر، ولا يقيم علاقتهما ببعض على أساس من التضامن الاجتماعى، مخالفاً بذلك أحكام الشرعية الإسلامية ومهدراً مبدأ حرية التعاقد الذى هو فرع من الحرية الشخصية المكفولة بنص المادة 41 من الدستور.

وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن حرية التعاقد قاعدة أساسية يقتضيها الدستور صوناً للحرية الشخصية التى لا يقتصر ضمانها على تأمينها ضد صور العدوان على البدن، بل تمتد حمايتها إلى أشكال متعددة من إرادة الاختيار وسلطة التقرير التى ينبغى أن يملكها كل شخص، فلا يكون بها كائناً يحمل على ما لا يرضاه.

وحيث إن حرية التعاقد – بهذه المثابة - فوق كونها من الخصائص الجوهرية للحرية الشخصية، فهى كذلك وثيقة الصلة بالحق فى الملكية، وذلك بالنظر إلى الحقوق التى ترتبها العقود – المبنية على الإرادة الحرة - فيما بين أطرافها، بيد أن هذه الحرية – التى لا يكفلها انسيابها دون عائق، ولا جرفها لكل قيد عليها، ولا علوها على مصالح ترجحها، وإنما يدنيها من أهدافها قدر من التوازن بين جموحها وتنظيمها – لا تعطلها تلك القيود التى تفرضها السلطة التشريعية عليها بما يحول دون انفلاتها من كوابحها، ويندرج تحتها أن يكون تنظيمها لأنواع من العقود محدداً بقواعد آمرة تحيط ببعض جوانبها، غير أن هذه القيود لا يسعها أن تدهم الدائرة التى تباشر فيها الإرادة سلطانها، ولا أن تخلط بين المنفعة الشخصية التى يجنيها المستأجر من عقد الإيجار – والتى انصرفت إليها إرادة المالك عند التأجير – وبين حق الانتفاع كأحد الحقوق المتفرغة عن الملكية.

وحيث إن النص المطعون فيه خول المستأجر تغيير استعمال جزء من عين كان قد استأجرها مسكناً إلى غير غرض السكنى، وكان هذا النص – وباعتباره واقعاً فى إطار القيود الاستثنائية التى نظم بها المشرع العلائق الإيجارية، قد استهدف إسقاط شرط موافقة المالك على قيام المستأجر بهذا التغير، وكان حق المستأجر لا زال حقاً شخصياً مقصوراً على استعمال عين بذاتها فيما لا يجاوز الغرض الذى أجُرت من أجله، فلا يمتد إلى سلطة تغير جزء من استعمالها بغير موافقة مالكها، وبالمخالفة لشرط اتصل بإجارة أبرماها معاً، صريحاً كان هذا الشرط أم ضمنياً، فإن هذا النص يكون متضمناً عدواناً على الحدود المنطقية التى تعمل الإرادة الحرة فى نطاقها، والتى لا تستقيم الحرية الشخصية – فى صحيح بنيانها بفواتها – فلا تكون الإجارة إلا إملاء يناقض أساسها.

وحيث إن من المقرر – فى قضاء هذه المحكمة – أن صون الدستور للملكية الخاصة مؤداه أن المشرع لا يجوز أن يجردها من لوازمها، ولا أن يفصل عنها بعض أجزائها، ولا أن ينتقص من أصلها أو يغير من طبيعتها دون ما ضرورة تقتضيها وظيفتها الاجتماعية، وكان ضمان وظيفتها هذه يفترض ألا ترهق القيود التى يفرضها المشرع عليها جوهر مقوماتها، ولا أن يكون من شأنها حرمان أصحابها من تقرير صور الانتفاع بها، وكان صون الملكية وإعاقتها لا يجتمعان، فإن هدمها أو تقويض أسسها من خلال قيود تنال منها، ينحل عصفاً بها منافياً للحق فيها.

وحيث إن مكنة استغلال الأعيان ممن يملكونها من خلال عقود إجارة إنما تعنى حقهم فى اختيار من يستأجرونها من ناحية، والغرض من استعمالها من ناحية أخرى، وكانت حريتهم فى هذا الاختيار جزءا لايتجزأ من حق الاستغلال الذى يباشرونه أصلاً عليها، وكان من المقرر أن لحقوق الملكية –بكامل عناصرها- قيما مالية يجوز التعامل فيها، وكان الأصل أن يظل مؤجر العين متصلاً بها، فلا يعزل عنها من خلال سلطة مباشرة يمارسها آخرون عليها بناء على نص فى القانون، بيد أن النص المطعون فيه أجاز للمتسأجر بإرادته المنفردة الحق فى تغيير استعمال جزء من العين إلى غير غرض السكنى، فى إطار علائق إيجارية شخصية بطبيعتها، مهدراً كل إرادة لمؤجرها فى مجال القبول بهذا التغيير أو الاعتراض عليه.

وحيث إن مقتضى ما نص عليه الدستور فى المادة (7) من قيام المجتمع على أساس من التضامن الاجتماعى، يعنى وحدة الجماعة فى بنيانها، وتداخل مصالحها لا تصادمها، وإمكان التوفيق بينها ومزاوجتها ببعض عند تزاحمها، وترابط أفرادها فيما بينهم فلا يكون بعضهم لبعض إلا ظهيراً، ولا يتناحرون طمعا، وهم بذلك شركاء فى مسئوليتهم عن حماية تلك المصالح، لا يملكون التنصل منها أو التخلى عنها، وليس لفريق منهم أن يتقدم على غيره انتهازاً، ولا أن ينال قدراً من الحقوق يكون بها –عدواناً- أكثر علواً، وإنما تتضافر جهودهم وتتوافق توجهاتهم، لتكون لهم الفرص ذاتها التى تقيم لمجتمعاتهم بنيانها الحق وتتهيأ منها تلك الحماية التى ينبغى أن يلوذ بها ضعفاؤهم، ليجدوا فى كنفها الأمن والاستقرار.

وحيث إن النص المطعون فيه، ليس إلا حلقة فى اتجاه عام تبناه المشرع أمداً طويلاً فى إطار من مفاهيم تمثل ظلماً لمؤجرين ما برح المستأجرون يرجحون عليهم مصالحهم. متدثرين فى ذلك بعباءة قوانين استثنائية جاوز واضعوها بها حدود الاعتدال فلا يكون مجتمعهم معها إلا متحيفاً حقوقاً ما كان يجوز الإضرار بها، نائياً بالإجارة عن حدود متطلباتها، وعلى الأخص ما تعلق منها بتعاون طرفيها اقتصادياً واجتماعياً، حتى لا يكون صراعهما – بعد الدخول فى الإجارة- إطاراً لها.
وحيث إنه لما تقدم، يكون النص المطعون فيه مخالفاً للمواد 7، 32، 34، 41 من الدستور.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة (19) من القانون رقم 136 لسنة 1981 فى شأن بعض الأماكن الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، فيما تضمنه من عدم اشتراط موافقة المؤجر عند تغيير المستأجر استعمال جزء من العين المؤجرة إلى غير غرض السكنى، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتى جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة.




قضية رقم131لسنة21 قضائية المحكمة الدستوريةالعليا"دستورية"
نصالحكم
------------------

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 1 يوليه سنة 2007م ، الموافق 16 من جمادى الآخرة سنة 1428ه ،
برئاسة السيد المستشار/ ماهر عبد الواحد رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين : ماهر البحيرى وعدلى محمود منصور وعلى عوض محمد صالح والدكتور حنفى على جبالى ومحمد خيرى طه والدكتور عادل عمر شريف.
وحضور السيد المستشار / رجب عبد الحكيم سليم رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 131 لسنة 21 قضائية "دستورية"
المقامة من
السيد/ عادل عطية محمد شريف
ضد
1 – السيد رئيس الجمهورية
2 - السيد رئيس مجلس الوزراء
3 – السيد وزير العدل
4 – السيد وزير المالية
5 – الممثل القانونى لبنك ناصر الاجتماعى

الإجراءات
بتاريخ السابع عشر من يوليو سنة 1999، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالباً الحكم بعدم دستورية المادتين (12) و (80) من قانون ضريبة الدمغة الصادر بالقانون رقم 111 لسنة 1980 معدلاً بالمادة الأولى من القانون رقم 224 لسنة 1989
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فى ختامها الحكم؛ أولاً: بعدم قبول الدعوى بالنسبة لما جاوز الفقرة الثانية من المادة (12) من قانون ضريبة الدمغة المشار إليه، ثانياً: برفض الدعوى. كما قدم المدعى عليه الخامس مذكرة طلب فى ختامها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع – على ما يتبيَّن من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم 3653 لسنة 1998 أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية ضد كل من المدعى عليه الرابع، ومدير عام مأمورية ضرائب الدمغة فى مواجهة المدعى عليه الخامس؛ بطلب الحكم برد مبلغ 14335.381 جنيهاً مضافاً إليه الفوائد القانونية، وذلك على سند من القول أنه بتاريخ 14/10/1987 تم إبرام عقد اتفاق بين المدعى والمدعى عليه الخامس؛ موضوعه التزام الأول بأعمال (الإصلاح والسمكرة والدوكو) لبعض سيارات مشروع (ليموزين) التابع للآخر، فى مقابل استحاق المدعى ما يعادل نسبة 63% من قيمة هذه الأعمال. وخلال الفترة من تاريخ إبرام العقد المشار إليه حتى 30/6/1997 قام المدعى عليه الخامس بخصم قيمة ضريبة الدمغة محسوبة بنسبة 100% من قيمة الأعمال التى أنجزها المدعى؛ إعمالاً لنص المادة (12) من قانون ضريبة الدمغة المشار إليه، وقام بتوريدها إلى المدعى عليه الرابع مع تحميله كامل قيمة ضريبة الدمغة المستحقة على تلك الأعمال التى أنجزها، بما فيها حصة المدعى عليه الخامس التى تعادل نسبة 37% من قيمة تلك الأعمال، ومن ثم فقد أقام دعواه الموضوعية السالفة الذكر. وبجلسة 19/4/1998 دفع المدعى بعدم دستورية المادتين (12) و (80) من قانون ضريبة الدمغة المشار إليه؛ معدلاً بالمادة الأولى من القانون رقم 224 لسنة 1989، بيد أن المحكمة ارتأت عدم جدية هذا الدفع، وقضت فى موضوع الدعوى برفضها، فطعن المدعى على هذا الحكم بالاستئناف رقم 12634 لسنة 115 قضائية أمام محكمة استئناف القاهرة. وبجلسة 25/5/1999 دفع المدعى مجدداً بعدم دستورية المادتين المشار إليهما، وإذ قدرت محكمة الموضوع (جدية الدفع) وصرحت للمدعى برفع الدعوى الدستورية، فقد أقام الدعوى الماثلة

وحيث إن المادة (12) من قانون ضريبة الدمغة الصادر بالقانون رقم 111 لسنة 1980 تنص على أنه " لا تسرى الضريبة على المعاملات التى تجرى بين الجهات الحكومية أو بينها وبين شخص معفى من الضريبة

وإذا كان التعامل بين جهة حكومية وشخص غير معفى من الضريبة، فيتحمل هذا الشخص كامل الضريبة المستحقة على التعامل

على أنه فى حالة تعدد النسخ أو الصور التى تحتفظ بها الجهة الحكومية لدواعى العمل بها، فلا يتحمل المتعامل معها سوى الضريبة المستحقة على نسخة أو صورة واحدة من تلك النسخ أو الصور.

وتعفى من الضريبة أوراق حركة النقود المملوكة للحكومة

وتنص المادة (80) من القانون ذاته على أنه "فيما عدا المرتبات والأجور والمكافآت، وما فى حكمها والإعانات، تُستحق على كل مبلغ تصرفه الجهات الحكومية من الأموال المملوكة لها، وسواء أتم الصرف مباشرة أم بطريق الإنابة، علاوة على الضريبة المبينة فى المادة السابقة، ضريبة إضافية مقدارها ثلاثة أمثال الضريبة المشار إليها.

ويُقصد بالصرف عن طريق الإنابة أن تعهد الجهة الحكومية إلى أى شخص بمبلغ مملوك لها ليتولى الصرف منه نيابة عنها".

وتنص المادة الأولى من القانون رقم 224 لسنة 1989 المشار إليه على أن "تُزاد بمقدار المثل ضريبة الدمغة المنصوص عليها فى قانون ضريبة الدمغة الصادر بالقانون رقم 111 لسنة 1980 المعدل بالقانون رقم 104 لسنة 1987، وذلك عدا الأوعية المبينة فى الجدول المرفق فتكون الضريبة عليها، وفقاً لما هو مبين قرين كل منها".

وقد تضمن الجدول المذكور زيادة الضريبة التى فرضها نص المادة (79) من قانون ضريبة الدمغة المشار إليه على ما تصرفه الجهات الحكومية وشركات القطاع العام والجمعيات التعاونية من المرتبات والأجور والمكافآت وما فى حكمها والإعانات؛ وذلك بالنسب المئوية المقررة لكل شريحة منها

وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة – وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية – مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة فى الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل فى المسألة الدستورية لازماً للفصل فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها، والمطروحة أمام محكمة الموضوع. فإذا لم يكن النص التشريعى المطعون عليه قد طُبق على المدعى أصلاً أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان قد أفاد من مزاياه أو كان الإخلال بالحقوق التى يدعيها لا يعود إليه؛ فإن المصلحة الشخصية المباشرة تكون منتفية، ذلك أن إبطال النص فى هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعى أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانونى بعد الفصل فى الدعوى الدستورية عما كان عليه عند رفعها.

وحيث إن المدعى كان قد أقام دعواه الموضوعية السالفة الذكر بطلب الحكم برد قيمة ضريبة الدمغة المستحقة على حصة المدعى عليه الخامس التى تعادل نسبة 37% من قيمة الأعمال وفقاً للعقد المبرم بينهما، وكان نص الفقرة الثانية من المادة (12) من قانون ضريبة الدمغة المشار إليه يحمل الشخص غير المعفى من الضريبة بكامل الضريبة المستحقة على تعامله مع جهة حكومية، مما يحول بين المدعى وبين استرداد قيمة الضريبة المخصومة منه سداداً لحصة المدعى عليه الخامس، الأمر الذى تتوافر معه للمدعى المصلحة فى الدعوى الدستورية طعناً على هذا النص فى ذلك النطاق فقط، لما للحكم بعدم دستوريته فى هذه الحالة من انعكاس على طلباته فى الدعوى الموضوعية، ومن ثم تنتفى مصلحته فى سائر النصوص القانونية المطعون عليها فى الدعوى الدستورية الماثلة

وحيث إن المدعى عليه الخامس قد دفع – فى مذكرته المشار إليها – بسقوط حق المدعى فى استرداد الضريبة؛ إعمالاً لما تنص عليه المادة (26) من قانون ضريبة الدمغة المشار إليه من سقوط حق الممول فى المطالبة برد المبالغ المسددة كضرائب بدون وجه حق بمضى خمس سنوات من يوم أدائها، مما يترتب عليه انتفاء مصلحة المدعى فى دعواه الدستورية الماثلة، وكانت الفترة التى يطالب المدعى باسترداد الضريبة عنها تبدأ من 14/10/1987 حتى 30/6/1997 وأقام دعواه الموضوعية بتاريخ 16/3/1998 مما تنقطع معه مدة سقوط الحق المشار إليها، وكان من المقرر – وفقاً لقضاء هذه المحكمة – أن الدفع بالتقادم المسقط للحق يقتضى ابتداءً تحديد ما إذا كانت المدة التى عينّها المشرع لسقوطه قد اكتمل مداها بدءاً من التاريخ المحدد لسريانها، أم أن عارضاً اعتراها مستوجباً وقفها أو انقطاع جريانها؛ وجميعها من الشروط التى تنفرد محكمة الموضوع بتحقيقها والفصل فيها، ولا شأن لها بالتالى بالخصومة الدستورية التى تنفصل فى موضوعها وبواعثها عنها، ومن ثم يضحى الدفع المشار إليه وارداً على غير أساس؛ متعيناً الالتفات عنه 0

وحيث إن المدعى ينعى على النص المطعون عليه – فى النطاق السالف البيان – أنه بنقله عبء الضريبة من شخص معفى منها إلى شخص آخر، فإنه يكون قد أخل بمبدأى تكافؤ الفرص والمساواة، وأهدر العدالة الاجتماعية التى يقوم النظام الضريبى عليها، وانتقص من الحماية المقررة للملكية الخاصة فضلاً عن مصادرة حرية الفرد فى اختيار طريقة استثمار أمواله؛ مما يخالف أحكام المواد 4 و 23 و32 و 34 و 38 و 40 و 61 و 119 من الدستور.

وحيث إن مبدأ تكافؤ الفرص الذى تكفله الدولة للمواطنين كافة؛ وفقاً لنص المادة (8) من الدستور – وفقاً لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – يتصل فى مضمونه بالفرص التى تتعهد الدولة بتقديمها، فلا يثور إعماله إلا عند التزاحم عليها، كما أن الحماية الدستورية لتلك الفرص غايتها تقرير أولوية – فى مجال الانتفاع بها – لبعض المتزاحمين على بعض، وهى أولوية تتحدد وفقاً لأسس موضوعية يقتضيها الصالح العام. لما كان ذلك، وكان النص المطعون فيه لا يتصل بفرص قائمة تتعهد الدولة بتقديمها، بما مؤداه انتفاء إعمال مبدأ تكافؤ الفرص فى نطاق تطبيق هذا النص الطعين، وبالتالى يكون النعى عليه بمخالفته نص المادة (8) من الدستور وارداً على غير أساس؛ جديراً بالالتفات عنه

وحيث إنه من المقرر – وفقاً لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة أن لكل ضريبة وعاء – يُعبر عنه أحياناً بقاعدة الضريبة – ويتمثل فى المال الذى تُفرض عليه، وكان تحديد دين الضريبة يفترض التوصل إلى تقدير حقيقى لقيمة المال الخاضع لها، باعتبار أن ذلك يُعد شرطاً لازماً لعدالة الضريبة ولصون مصلحة كل من الممول والخزانة العامة، ويتعين – فى هذا الإطار – أن يكون وعاء الضريبة ممثلاً فى المال المحمل بعبئها، محققاً ومحدداً على أسس واقعية يكون ممكناً معها الوقوف على حقيقته على أكمل وجه، ولا يكون الوعاء محققاً إلا إذا كان ثابتاً بعيداً عن شبهة الاحتمال أو الترخص؛ ذلك أن مقدار الضريبة أو مبلغها أو دينها، إنما يتحدد مرتبطاً بوعائها، وباعتباره منسوباً إليه ومحمولاً عليه، وفق الشروط التى يقدر معها المشرع واقعية الضريبة وعدالتها بما لا مخالفة فيه للدستور، وبغير ذلك لا يكون لتحديد وعاء الضريبة من معنى، ذلك أن وعاء الضريبة هو مادتها، والغاية من تقرير الضريبة هو أن يكون هذا الوعاء مصرفها. والأعباء التى يجوز فرضها على المواطنين بقانون أو فى الحدود التى يبينها – وسواء أكان ضريبة أم رسماً هى التى نظمها الدستور بنص المادة (119) منه، وكان الدستور كذلك، وإن خصَّ النظام الضريبى بالمادة (38) منه؛ متطلباً أن تكون العدالة الاجتماعية مضموناً لمحتواه وغاية يتوخاها، فلا تنفصل عنها النصوص القانونية التى يقيم المشرع عليها النظم الضريبة على اختلافها، إلا أن الضريبة بكل صورها تمثل فى جوهرها عبئاً مالياً على المكلفين بها؛ شأنها فى ذلك شأن غيرها من الأعباء التى انتظمتها المادة (119) من الدستور، ويتعين بالتالى – وبالنظر إلى وطأتها وخطورة تكلفتها – أن يكون العدل من منظور اجتماعى مهيمناً عليها بمختلف صورها، محدداً الشروط الموضوعية لاقتضائها، نائياً عن التمييز بينها دون مسوغ، فذلك وحده ضمان خضوعها لشرط الحماية القانونية المتكافئة التى كفلها الدستور للمواطنين جميعاً فى شأن الحقوق عينها، فلا تحكمها إلا مقاييس موحدة لا تتفرق بها ضوابطها.

وحيث إن الحماية التى أظلَّ بها الدستور الملكية الخاصة لضمان صونها من العدوان، لا تقتصر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – على الصور التى تظهر الملكية فيها بوصفها الأصل الذى تتفرع عنه الحقوق الأصلية جميعها، وإنما تمتد هذه الحماية إلى الأموال كلها دون تمييز؛ باعتبار أن المال حق ذو قيمة مالية، سواء أكان هذا الحق شخصياً أم عينياً أم من حقوق الملكية الأدبية أم الفنية أم الصناعية، وإلى هذه الأموال كلها تنبسط الحماية التى كفلها الدستور لحق الملكية، فلا تخلص لغير أصحابها، ولم يعد جائزاً بالتالى أن ينال المشرع عناصرها، ولا أن يغير من طبيعتها أو يجردها من لوازمها، ولا أن يفصلها عن أجزائها أو يدمر أصلها، أو يقيد من مباشرة الحقوق التى تتفرع عنها فى غير ضرورة تقتضيها وظيفتها الاجتماعية، ودون ذلك تفقد الملكية ضماناتها الجوهرية، ويكون العدوان عليها غصباً، وافتئاتاً على كيانها، أدخل إلى مصادرتها

وحيث إنه لما كان ما تقدم، وكان نص الفقرة الثانية من المادة (12) من قانون ضريبة الدمغة المشار إليه قد حمَّل المدعى، باعتباره غير معفى من الضريبة، كامل قيمتها المستحقة عن تعامله مع المدعى عليه الخامس "بنك ناصر الاجتماعى" كونه جهة حكومية وفقاً لنص المادة (14) من القانون ذاته؛ إذ يعد هيئة عامة ذات شخصية اعتبارية طبقاً لنص المادة (1) من قانون إنشائه الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 66 لسنة 1971، وكان تحديد مقدار الضريبة أو دينها يتعين أن يكون مرتبطاً بوعائها، دائراً فى إطارها، من أجل أن يظل العدل من منظور اجتماعى مهيمناً عليها بمختلف صورها، مقيماً فى شأنها مقاييس موحدة لا تتفرق بها ضوابطها، باعتبار أن الضريبة بكل صورها تمثل فى جوهرها عبئاً مالياً على المكلفين بها، شأنها فى ذلك شأن غيرها من الأعباء التى انتظمتها المادة (119) من الدستور، وهو ما يرتبط كذلك بالحماية الدستورية لحق الملكية التى لا يجوز للمشرع أن ينال من عناصرها أو ينتقص منها، أو يقيد من مباشرة الحقوق التى تتفرع عنها فى غير ضرورة تقتضيها وظيفتها الاجتماعية، فإن النص الطعين يكون قد أنشأ رابطة غير منطقية بين دين الضريبة ووعائها؛ فجعل هذا الدين مجاوزاً فى تحديد مقداره إطار ذلك الوعاء، مفضياً إلى التحكم فى فرض ضريبة لا ترتبط بأى وعاء، مما مؤداه الانتقاص من أموال المدعى الخاضع لهذه الضريبة، والنيل بالتالى من حماية حقه فى الملكية، ومن ثم يكون هذا النص الطعين مخالفاً لأحكام المواد (32) و (34) و (38) و (119) من الدستور.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة (12) من قانون ضريبة الدمغة الصادرة بالقانون رقم 111 لسنة 1980 فيما تضمنه من تحميل الشخص غير المعفى من الضريبة كامل الضريبة المستحقة على تعامله مع جهة حكومية، مع إلزام الحكومة المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماه

نسألكم الدعاء وعلى الله القبول .. آمين

ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك

رد مع اقتباس