الموضوع: التأميــن
عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 02-02-2013, 06:31 AM
ميكانو ميكانو غير متواجد حالياً
مدير عام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
المشاركات: 1,387
افتراضي


ب- كانت جميع النشاطات التي يقوم بها الأفراد تتم بصفة مباشرة ضمن شبكة العلاقات الاجتماعية القائمة. ففي مجال التعلم، كان العلم يتلقاه التابع عن الشيخ، والمهنة يأخذها المتدرب عن الحرفي الماهر..الخ، ولكن لما تطورت المجتمعات صار الناس يتعلمون في مؤسسة متخصصة تسمى الجامعة أو الكلية أو المعهد الصناعي.

وكذلك حال التكافل إذ كان يتم ضمن علاقات النسب بين أفراد القبيلة الواحدة أو الجوار في الحي أو المهنة الواحدة أو أهل السوق الواحد...الخ. ثم لما جاء عصر التخصص وتقسيم العمل ظهرت المؤسسات التي تخصصت في تلك النشاطات التي كان يقوم بها الأفراد في القديم. المهن الصناعية التي ظهرت لها المعاهد المتخصصة والكليات. وليس حال التكافل استثناء من ذلك. فقد كان تعاون الناس ومساعدة بعضهم البعض يتم من خلال علاقات القرابة والجوار والرحم...الخ. فأحتاج الأمر إلى إن تتخصص فيه مؤسسة فظهرت مؤسسات التأمين تماماً كما ظهرت البنوك مؤسسات للوساطة المالية والشركات المساهمة والجامعات والمعاهد والمنظمات الدولية...الخ.

قانون الأعداد الكبيرة:
ما كان للتأمين بصورته المعاصرة إن يظهر لولا اكتشاف ما سمي في علم الإحصاء قانون الأعداد الكبيرة. ذلك إن سر التأمين ينكشف في الإجابة عن السؤال: كيف يمكن من خلال تجميع المخاطر على مستوى مجموعة من الأفراد (وهو عمل شركة التأمين) إلى تقليل المخاطر التي يواجهها كل فرد من تلك المجموعة (وهو غرض المستفيد من التأمين) إنه قانون الأعداد الكبيرة (أو قانون المتوسطات).

يعود إكتشاف هذا القانون إلى عدة قرون مضت عندما لاحظ الرياضيون في القرن السابع عشر في أوروبا عند أعدادهم لقوائم الوفيات إن عدد الموتى من الذكور والإناث من كل بلد يميل إلى التساوي كلما زاد عدد المسجلين في القائمة. وقد أصبحت دراسة هذه الظاهرة جزءاً من علم الإحصاء عندما كتب عنها سيمون بواسان وسماها قانون الأعداد الكبيرة لما بدا له من إنها تشبه نواميس الطبيعة. وقانون الأعداد الكبيرة يتعلق باستقرار تكرار بعض الحوادث عند وجود عدد كافٍ منها، مع أنها تبدو عشوائية لا ينتظمها قانون إذا نظر إليها كل واحدة على حدة. مثال ذلك مصيبة الموت فهي تبدو خبط عشواء لا يمكن التنبؤ بوقوعها على فرد بعينه، ولكننا لو تحدثنا عن عدد الوفيات التي ستقع خلال العام الحالي في مدينة جدة على سبيل المثال لأمكن – بناءاً على الخبرة السابقة- إن نتوقع عدد الوفيات بشكل دقيق (إذا سارت الأمور على طبيعتها). نحن نعلم إن القول بأن أحداً لن يموت خلال العام في مدينة يسكنها أكثر من مليون أمر لا يقبل. وإذا استثنينا الكوارث والمصائب العامة والتغير الكبير في عدد السكان فان الاحتمال الأكبر إن عدد الوفيات هذا العام لن يختلف كثيراً عن الأعوام السابقة. فإذا كان لدينا عدداً كافياً من أعوام سابقة نستخرج منه متوسط فربما استطعنا توقيع عدد الوفيات لهذا العام بكل يسر وسهولة وبمستوى عالٍ من الدقة. هذا القانون الإحصائي هو الأساس الذي يقوم عليه التأمين.

إن الاستحالة التي تبدو قطعية عند محاولة توقع حادثة معينة تنقلب إلى ما يشبه اليقين إذا كان ما نحاول توقعه هو عدد كافٍ من الحوادث المشابهة. فنحن لا نستطيع إن نعرف إن كان زيد أو عمرو سيتعرض لحادث اصطدام في سيارته خلال العام الحالي لأن ذلك في علم الغيب. ولكننا نستطيع إن نعرف بشكل بالغ الدقة كم عدد الناس الذين سيتعرضون لحوادث السيارات في مدينة جدة خلال هذه السنة، اعتماداً على وجود عدد كافٍ من السنوات التي نستطيع منها إن نستنتج ما نريد بناء على قانون الأعداد الكبيرة.
رد مع اقتباس