الموضوع: التأميــن
عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 02-02-2013, 06:32 AM
ميكانو ميكانو غير متواجد حالياً
مدير عام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
المشاركات: 1,387
افتراضي

أطراف عقد التأمين :



أ- المسـتأمـن :
وهو الذي يدفع قسط التأمين وقد يسمى أحيانا المؤمن له. ويفرق أرباب التأمين بين المستأمن والمستفيد إذ ربما يدفع الأقساط طرف ويستفيد من التعويض طرف آخر بشكل كلي أو جزئي. فمثلاً في التأمين على الحياة المستفيد ليس هو المستأمن فالمستأمن هو منشئ البوليصة ودافع الأقساط والمستفيد من يحصل على التعويض عند موت المستأمن. والمستأمن في التأمين ضد الحريق هو مالك البيت أو المستودع ولكن يكون جاره مستفيداً إذا كان هو الذي تسبب خطأه في إحداث الحريق إذ لو لم يكن المصاب مؤمناً لالتزم الجار بالتعويض. وفي التأمين ضد المسؤولية يستفيد المستأمن ولكن يستفيد أيضاً من وقع عليه الضرر بالحصول على التعويض إذ لو لم يكن محدث الضرر مؤمناً ربما لم يحصل المتضرر على تعويض.
ب- المؤمـن :
وهي الجهة التي تقدم خدمات التأمين وتحصل على الرسوم عن طريق بيع البوليصات التي تتضمن التغطية التأمينية، وتكون مؤسسات تجارية لغرض الربح، أو تعاونية لنفع المشتركين في البرنامج أو حكومية.
محل عقـد التأمـين:

اتجهت الآراء الفقهية المعاصرة إلى إن عقد التأمين عقد معاوضة فيه ثمن (هو رسوم التأمين) ومثمن (هو التعويض الذي يدفع عند وقوع المكروه) وبائع (هو الشركة) ومشترٍ (وهو المستأمن).

لكن التصور الصحيح لعقد التأمين هو أنه عقد معاوضة المحل المتعاقد عليه فيه هو الالتزام بالتعويض وليس المبلغ المحدد للتعويض، فالمستأمن يدفع مبلغاً محدداً (رسوم التأمين) مقابل التزام الشركة بتعويضه عن الضرر في حال وقوع المكروه الموصوف في العقد، تعويضاً متفقاً عليه. ولذلك فان المحل المتعاقد عليه –وهو الالتزام- موجود في عقد التأمين سواء انتهى بدفع التعويض عن الخسارة، أم تحققت السلامة للمستأمن.

وعلى ذلك فان الالتزام الذي تلتزم به الشركة للتعويض ليس أمراً إحتمالياً بل هو واضح يحصل عليه المستأمن بمجرد إنعقاد العقد ويحصل معه الشعور بالأمان الذي اشتق منه اسم التأمين، سواء انتهى العقد بوقوع المكروه ودفع التعويض انتهى بالسلامة وعدم الحاجة إلى دفع التعويض.

ورب قائل لا يكون بين التصور الأول والتصور الثاني فرق إلا في حالة كون الالتزام من قبل الشركة هو التزام بتعاقد جديد يكون فيه ثمن ومثمن. أما وقد التزمت الشركة بتعويضه عن الضرر فهي إما إنها ستدفع مبلغاً للتعويض وإما إنها لن تدفع مع قبضها في كلا الحالين للرسم الذي هو ثمن الالتزام (إذا تصورناه كذلك) والجواب إن ما ذكر صحيح لو كان هذا عقداً واحداً منفرداً ولكن الشركة القائمة على التأمين تطبق قانون الأعداد الكبيرة. ولذلك فهي تجمع من كل المستأمنين رسوماً تكفي لتغطية مخاطرهم المتوقعة فالتزام الشركة بالتعويض عن الضرر إنما هو التزام منها بان تدفع لمن تعرض للمكروه جزءاً من الأموال التي بيد الشركة والتي جمعتها من المستأمنين.

صفة المكروه الذي يمكن التأمين ضده :
ليس كل ما يتعرض له الإنسان من المخاطر قابل للتأمين ضده إذ أن بعض المخاطر التي يتعرض لها الإنسان غير قابلة للحساب ولا التوقع. ولا بد إن تتوافر على المكروه الذي يمكن إن يكون موضوعاً للتأمين صفات معينة يمكن عند و جودها حساب المخاطرة وتقدير أقساط التأمين اللازمة للتعويض عنها وهذه الشروط هي :

أ- وجود عدد كافٍ من المستأمنين يمكن من إعمال قانون الأعداد الكبيرة. فإذا كان العدد قليلاً لا يمكن لشركة التأمين حساب المخاطرة ومن ثم لا تستطيع تقدير قسط التأمين.

ب- إن تكون الخسارة الناتجة عن المكروه واضحة لا لبس فيها. والموت هو أكثر المكروهات وضوحاً، ولذلك فان أيسر عمليات التأمين من ناحية الحساب هي التأمين على الحياة لأن التعويض فيه مرتبط بواقعة لا يختلف عليها. وليست كل أنواع المكروهات بهذا الوضوح فالتأمين الصحي مرتبط بالمرض لكن المرض لا يمكن دائماً التأكد من وقوعه (مثل آلام الظهر لا يوجد حتى الآن جهاز يستطيع أن يثبت عدم وجود هذه الآلام التي قد يحس بها الإنسان مع كون جميع أجزاء جسده في أحسن حال).

ج- إن يكون وقوع المكروه غير متعمد وان لا يكون للمستأمن يد في وقوعه. فإذا احترق مستودع التاجر بفعله لم تدفع الشركة التعويض له.

د- يجب إن لا يقع الأعداد الكبيرة دفعة واحدة. ولذلك لا يوجد تأمين ربحي ضد البطالة لأنها تحدث لأعداد غفيرة في وقت واحد تسبب الإفلاس للشركة، أو ضد الحروب والانقلابات....الخ. فالتأمين ضد البطالة تختص به الحكومة لأن عملها ليس معتمد على حساب الربح والخسارة.

هـ- إن يكون احتمال وقوع المكروه قابلاً للحساب، أي يكون لدى المؤمن القدرة على تقدير الخطر.

و- إن يكون للمستأمن مصلحة فيما وقع التأمين عليه، فلا يمكن لفرد أن يدفع قسط التأمين ضد الحريق على منزل جاره بحيث لو وقع المكروه تسلم هو التعويض، لأنه لا مصلحة له في منزل جاره فهو لم يخسر شيئاً بسبب وقوع الحريق .

هل التأمين نوع من القمار؟
يشبه التأمين القمار في حقيقة إن المقامر والمستأمن كليهما يدفع مبلغاً محدداً من المال ثم يستقبل المقدار، فربما كسب أضعاف ذلك المبلغ وربما خسر جميع ما دفع لشركة التأمين. ولا زال الناس يقارنون بين عقد التأمين والقمار منذ نشأ التأمين. بل ورد إن بعض القضاة في المحاكم البريطانية في القرن الثامن عشر لم يكونوا يرون فرقاً بين القمار والتأمين. ولذلك ما كانوا يحكمون بضرورة إن يكون الأصل المؤمن عليه ملكاً للمستأمن لأنهم يقيسونه على القمار ويحكمون فيه بالقوانين المنظمة للخطر والمراهنة (ولم يكن القمار عندهم محرماً). حتى صدر قانون التأمين البحري سنة 1745م فمنع مثل ذلك.

يرى أرباب التأمين إن الفروق جوهرية بين التأمين والقمار وان هذا التشابه لا يخفي حقيقة اختلاف العقدين عن بعضهما البعض للأسباب التالية:

أ- إن المقامر يدفع مبلغاً من المال لتوليد خطر مصطنع ينبني عليه خسارة ما دفع من مال، أو الفوز بأضعاف ذلك، وان هذا الخطر غير موجود في الطبيعة وإنما هو من صنع المقامرين يتولد عندما يدفع كل مشترك حصته في القمار (كاليانصيب وما شابه ذلك). وفي نهاية اللعبة يربح الرابح ويخسر الخاسر. أما التأمين فهو يتعلق بأمر خارج عن إرادة كل الأطراف وهو خطر حقيقي ناتج عن ما قدر الله عليهم من المصائب والمكاره التي تصيب الأموال والأولاد. ومن ثم فان غرض دفع القسط التأميني ليس الاسترباح من ذلك الخطر بل والاحتماء منه والتعويض عن أضراره.

ولذلك فإنهم يفرقون بين الخطر القماري (Speculative Risk) لأنه يحتمل الربح والخسارة، والخطر في التأمين فيسمونه الخطر المحض (Pure Risk) لأنه لا يحتمل إلا الخسارة أو بقاء الأمور على ما هي عليه. مثال ذلك لو إن رجلاً اشترى أسهم شركة لغرض الاستثمار فإنه يتعرض للربح والخسارة ولذلك لا يمكن لشركة تأمين أن تقبل أن تؤمن على تلك الأسهم ضد الخسارة لأن هذا من النوع الأول من المخاطر، ولو فعلت لصار عملها قماراً وليس تأميناً.

ب- إن القمار وسيلة للإثراء، لأن المقامر إذا استفاد في العملية أصبح أغنى مما كان عليه قبل المقامرة، وإذا خسر صار أقل ثراء مما كان عليه. أما التأمين فليس وسيلة للإثراء إذ يقتصر على التعويض عن الضرر الواقع فحسب بمثل ثمنه أو أقل من ذلك. وتمنع أعراف وقوانين التأمين أن يحصل المستأمن على أكثر من ذلك حتى لا ينقلب العقد إلى وسيلة للإثراء غير المشروع.

وسائل إبعاد التأمين عن القمار:

صار جلياً إن التأمين في نظر أربابه مختلف عن القمار. ومع ذلك فان هذه الفروق إنما هي نتيجة تقيد نشاط التأمين بقواعد وشروط تبعده عن القمار. ولا ريب إن المنطق الذي اعتمد عليه التأمين يفسده استخدام الناس لهذه الوسيلة النافعة لغرض المقامرة. ولذلك تحرص القوانين المنظمة لعمل التأمين وتسعى الشركات المتخصصة في ذلك إلى تبني الطرق والقيود والإجراءات التي تضمن عدم انقلاب عقد التأمين إلى وسيلة للقمار. من ذلك مثلاً :

أ- لا تقبل هذه الشركات التأمين ضد أي خطر بل لا بد إن يكون ضمن ما يسمى "الخطر القابل للتأمين" (Insurable Interest)، ومن شروطه أن يكون للمستأمن مصلحة مباشرة فيما أمن عليه مثل أن يكون الأصل المؤمن عليه مملوكاً له أو يكون مرهوناً عنده بدين، ويشترط أن تكون هذه المصلحة موجودة عند وقوع المكروه. فإن وجدت عند إنشاء بوليصة التأمين (مثل إن يؤمن على بيت مملوك له) ثم لم توجد عند وقوع الحريق (كأن يكون باع ذلك المنزل) لم يستحق التعويض. والغرض من هذا الشرط إن لا يكون التأمين وسيلة للإثراء غير المشروع.

ب- لا تقع التغطية في التأمين إلا بمقدار الضرر الواقع حتى لا يكون سبيلاً للإثراء ولا توليد الحوافز على المجازفة بإحداث المكروه للحصول على التعويض. فإذا أمن على بيته ضد الحريق بمبلغ مليون ليرة وهي قيمة البيت عند إصدار البوليصة، ثم لما وقع المكروه كانت قيمته لا تتعدى 750 ألفاُ، لم يحصل إلا على المبلغ الثاني لأن هذا هو مقدار الضرر الذي وقع عليه عند وقوع المكروه.

ج- وتنص أكثر القوانين على ضرورة أن يتنازل المستأمن لشركة التأمين عن كل ما يمكن أن يحصل عليه من تعويض عن الضرر من محدث الضرر. وإذا كان مؤمناً فوقع المكروه بفعل فاعل واستحق التعويض ليس له إن يقوم هو بمقاضاة الفاعل والحصول منه على تعويض زيادة على ما حصل عليه من شركة التأمين إذ لا يستحق من ذلك شيئاً إلا إذا كان ما يحصل عليه من الشركة المؤمنة أقل من مقدار الضرر الحقيقي فيحصل عندئذٍ من الفاعل (أو من الشركة المؤمنة) على الفرق بينهما. وتعطي القوانين الشركة المؤمنة الحق في إن تقوم هي بملاحقة المتسببين في حصول الضرر إن كان بفعل فاعل.

د- كما لا تسمح القوانين، وكذا يشترط في وثائق التأمين إن لا يؤمن على نفس الأصل لدى أكثر من شركة وإذا فعل لم يستحق إلا على مقدار ما وقع من ضرر يشترك فيه المؤمنون.

هـ- لا يكون التأمين على الأصول إلا بأقل من قيمتها الحقيقية، بحيث يشترك المؤمن والمستأمن في تحمل الخطر، لتقليل ما يسمى المخاطرة الأخلاقية في العقود تلزم شركة التأمين المستأمن بدفع جزء من مبلغ التعويض ويسمى (Deductible) لغرض إبعاد عقد التأمين عن القمار.
رد مع اقتباس